لحظة مؤثرة.. ملكة جمال تايلاند تقبل قدم والدتها جامعة القمامة

العربية ـ ترجمة - غادة شكري
اعترافاً منها بالجميل، جثت ملكة جمال تايلاندية على ركبتيها لتقبل قدم والدتها "جامعة القمامة" شكراً وتقديراً لها على جهودها المضنية في رعاية أسرتها بأمانة وشرف لسنوات حتى وصلت بابنتها لمسابقة ملكات الجمال.
الشابة كانيثا فاسينج البالغة من العمر 17 عاماً والحائزة على لقب ملكة جمال الأخبار غير المراقبة بتايلاند الشهر الماضي، عادت إلى مسقط رأسها لتنحني أمام والدتها مرتدية وشاحها وتاجها المتألق.

صورة تلك اللحظة المؤثرة التي نشرتها صحيفة"ديلي ميل"، أسرت قلوب الكثيرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت امتناناً لهذه الأم التي كافحت بشرف لكسب العيش عن طريق جمع القمامة وإعادة تدويرها.
وأظهرت صور أخرى انتشرت عبر الإنترنت فاسينج وهي تساعد والدتها على جمع القمامة.
وأكدت فاسينج لموقع "دراما فيفر" المعني بالأخبار الفنية أنها لم تشعر بالخزي مطلقاً من مهنة والدتها، قائلة: الفضل فيما وصلت إليه الآن يعود لوالدتي، فنحن نعمل بشرف لكسب الرزق فلم الخجل إذا؟".

فوز فاسينج الذي لم تكن تتوقعه يوماً منحها فرصة عمل بمجال الإعلانات والتلفزيون، ما أعطاها الأمل في تحسين وضع أسرتها المادي.
جدير بالذكر أن الركوع أمام أي شخص يمثل أعلى درجات التقدير والاحترام لكثير من الآسيويين.

عيون القدس تتوهّجُ في ثنائيّات مُتلازمة

كتبت آمال عوّاد رضوان
احتفاء بعيون القدس للكاتبة نبيهة جبارين، أقام نادي حيفا الثقافي والمجلس المِلّي الأرثوذكسيّ الوطنيّ- حيفا، وجمعيّة الأفق للثقافة والفنون أمسية أدبيّة، وذلك بتاريخ 22-10-2015 في قاعة كنيسة ماريوحنا للروم الأرثوذكس في حيفا، ووسط حضور من أدباء وشعراء وأصدقاء وأقرباء وقرّاء، وباسم نادي حيفا الثقافي رحبّت كوليت حدّاد بالضيوف، ومن ثمّ تولّى عرافة الأمسية الممثل الفنان محمود صبح، لتتلوها مداخلات كلّ من الأدباء: عفيف شليوط، د. مروان أبو غزالة، ود. محمّد حمد، والمحامي حسن عبادي. وفي نهاية الأمسية ألقت الشاعرة نبيهة جبّارين أربعة نصوص شعريّة، ثمّ شكرت الحضور والمتحدّثين والمُنظمين لهذه الأمسية، وتمّ التقاط الصور التذكاريّة!
مداخلة عفيف شليوط: البكاء على الأطلال والمُدن والممالك له دوْرٌ في الشعر العربيّ، ومثال على ذلك (معلقة طرفة بن العبد)، ومطلعها :لخولة أطلالٌ ببرقة ثهمد/ تَلوحُ كباقي الوشم في ظاهر اليد.  
الحديث عن عادة البكاء والوقوف على الأطلال في الشعر العربي طويل، فقد عرف شعراء المشرق العربيّ بكاءَ المدن، لكنّهم لم يبلغوا فيه شأن المغاربة والأندلسيّين الذين برعوا فيه، لكثرة سقوط المدن والممالك في المغرب العربيّ وخاصّة الأندلس، ومن شعراء المشرق الذين بكوْا مدينة بغداد، أثناء الفتنة بين الأمين والمأمون سنة (197 هـ- 812 م). أمّا الشاعر عمرو بن عبد الملك الوراق فيقول :من ذا أصابك يا بغداد بالعين/ ألم تكوني زمانا قرّة العين/ ألم يكن فيك قوم كان قربهم/ وكان مسكنهم زينا من الزين/ صاح الغراب فيهم بالبين فافترقوا/ ماذا لقيت لهم من لوعة البين. 
ويقول الخزيميّ إسحاق بن حسان الفارسيّ :يا بؤس بغداد دار مملكة/ دارت على أهلها دوائرها  وحينما اقتحم الزنج البصرة سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة (255 هـ)، وهدّدوا كيان الدولة العباسيّة، واعتدوا على الأموال والحرمات والأعراض، قال ابن الروميّ :أي نوم من بعد ما حلّ بالبصرة/ ما حلّ من هنّات عِظام/ أيّ نوم من بعد ما انتهك/ الزنج جهارًا مَحارم الإسلام/ كم أخ قد رأى أخاه صريعًا 
رأى البعضُ أنّ الوقوف على الأطلال هو رمز لحبّ الوطن عند الإنسان العربيّ، لكن حبّ الوطن وصدق العاطفة أكثر وضوحًا في البكاء على المدن والممالك، لأنّهم يبكون أرضًا سُلبت ووطنا ضاع، بل هم يَبكون حضارة وتاريخًا، كما أنّ القارئ لقصائد البكاء بنوعيه في النماذج الرائعة، يجد المتعة الفنيّة والأدبيّة التي يبحث عنها، لكنّه يهتزّ ويطربُ وهو يقرأ القصيدة الطلليّة، وهو هادئ النفس لا يكدر صفوه شيء، أمّا وهو يقرأ قصائد البكاء على المدن والممالك، فإنّه يشعر بشيء غير يسير من الألم والحسرة وربّما الفتور. 
في ديوان "عيون القدس" للشاعرة نبيهة جبارين، يبرز البكاء على المواقع والمدن الفلسطينيّة والتغني بجَمالها، فتخصّص لمدينة القدس 4 قصائد؛ (عيون القدس، أيّ العواصم أنتِ يا قدسُ، أنتِ أقصى غايتي، وزهرة المدائن)، ويبرز تأثير الموروث الدينيّ بشكل واضح في قصائد هذا الديوان، فمثلاً في قصيدة عيون القدس، تذكر الإسراء والمعراج، والملائكة، البُراق، القيامة، والموروث التاريخي: الفاروق؛ عمرو بن الخطاب، وصلاح الدين. 
وفي قصيدة (أيّ العواصم أنت يا قدسُ)، يبرز مرّة أخرى تأثير الموروث الدينيّ من نفح الطيوب، وهنا إشارة الى رائحة الطيوب التي وضعت على جثمان السيّد المسيح بعد موته على الصليب شهيدًا ومُخَلصًا وفاديًا للبشريّة، ونداء المآذن الله أكبر، وأجراس تآخت في النداء وقرع الأجراس، تستقبل العيون التي عشقت، وهنا تتلاحم حاسّة السمع مع النظر، كما تتلاحم رموز الديانتيْن المسيحيّة والإسلاميّة، في تناغم يُثير فينا الاعتزاز والفخر. 
وفي قصيدة "عروس الجليل" التي تخصّ بها مدينة البشارة- الناصرة، يَبرز أيضًا تأثير الموروث الدينيّ، بشارة الميلاد، ثغر المسيح، راهبة تقيّة، عليك يا مريمُ السلام. 
وفي قصيدة "ابنةُ يَعرُب" تناجي مدينة يافا، وتخصّ مدينة حيفا بقصيدة "حيفا.. يا عروسَ الكرمل"، ولا تنسى طبريّا في قصيدة طبريّا، وعكّا في قصيدة "أميرة البحر"، وتكتب عدّة قصائد عن مدينة غزّة، ورغم أنّ الديوان مُخصّص لفلسطين بمواقعها ومدنها، إلّا أنّها ونظرًا لعشقها لمصر، حيّتْ مصرَ بقصيدة "الصمت والهدير" فقالت: سلامًا/ يا مصرَ العروبة والحضارة/ ومصرَ النيل والأهرام والمنارة
إدوارد سعيد ربط بين المكان والهُويّة، فيقول ثمّة أهمّيّة بالغة للمكان دون شكّ في تشكيل وعي الفرد، والتأثير على مزاجه وميوله، خاصّة إذا ارتبط هذا المكان بالخطوات الأولى في الطفولة، ونسج جانبًا مُهمًّا من أحلام الصّبا والشباب، وهنا لا يبقى المكان مجرّد فضاء محايد، أو أرضيّة جامدة تؤطر الانسان، بل يغدو كيانًا حيويًّا مُتفاعلا مع رؤى الإنسان وأحلامه. ولدى نبيهة جبارين نجد هذه العلاقة الوثيقة مع المكان الفلسطينيّ خاصّة، والعربيّ عامّة، حيث تقف أمام المدن والمواقع الفلسطينيّة؛ القدس، يافا، حيفا والناصرة، بخشوع المتعبّد الزاهد، ويصبح عندها شعرها أشبه بطقوس ليتورجيّة، تكشف عن عظمة المكان، وعن العلاقة الخاصّة للفلسطينيّ والعربيّ مع المكان.   
مداخلة د. مروان أبو غزالة: ديوان عيون القدس للشاعرة نبيهة جبارين يَكتنز في حناياه الميزات اللغويّة، الأسلوبيّة وأيضًا المضمونيّة، وأرتئي في هذه المداخلة معاينة خاصّيّة واحدة من الميّزات اللغويّة، الأسلوبيّة والمضمونيّة: 
1: الميزات المضمونيّة: خاصيّة اليوتوبيّة أنموذجًا: بوّابة قصر الأمير وكلّهم أولادي!
اليوتوبيّة هي كلمة أعجميّة منحوتة؛ تعني لا مكان، وهي المدينة الفاضلة التي تجلب السعادة والحبور والطمأنينة، وتدرأ العناء والوعثاء والكآبة والرتابة، فقد تأتّت اليوتوبية في ديوان "عيون القدس" في أربع حلقات: 
الحلقة الأولى: عام العام، فقد أومأت الشاعرة إلى كونها إنسانة شرقيّة وغربيّة، وإنسانة مِن جميع الحقب التاريخيّة والأماكن الجغرافيّة. 
الحلقة الثانية: هي العام، فقد تبدّت في الوطن العربيّ، وقد اكتنز الديوان قصيدة عن مصر. الحلقة الثالثة: هي الخاصّ، فقد تأتى ذلك في وصف البلاد: طبريّة، حيفا، عكّا، يافا، الناصرة وغزة. 
الحلقة الرابعة: هي خاص الخاصّ: من خلال معاينة القدس والأقصى أيّما معاينة. 
وبناءً على تلكم الحلقات، يتأتّى لنا أنّ الحلقات تعاين اليوتوبية، لأنّ الوطن العربيّ والبلاد والقدس هي واحدة من الإنسانيّة، فقد احتوت هذه الحلقات الثقافات والحضارات والديانات، فمن خلال القراءات المتعدّدة، هي أيضًا أماكن جغرافيّة بدون حدود وثغور، لذا نُعرّج إلى القول، أنّ معاينة هذه الحلقات ارتأى الحديث عن التاريخ الإنسانيّ عند الشعوب التي سكنت فيها، لذا القدس هي اليوتوبيّة والحياة السعيدة، على الرغم من الأسى والحزن اللذان يضفوان عليها، بيْدَ أنّ المستقبل يُلوّح بأفق جميل. 
2- الميّزات الأسلوبيّة: تداخل الأجناس الأدبيّة- الكتابة النوعيّة:  "آه لو أستطيع":  
الشاعرة استخدمت الشعر النثريّ أو ما يسمّى قصيدة النثر، فقد احتوت قصيدتا: "آه لو أستطيع" خمس خصائص قصصيّة: 
الخاصّة الأولى خاصّة الحوار: والذي تبدّى في الحوار الداخليّ عند الشخصيّة الطفلة، والتي تكبّدت العناء. 
الخاصّة الثانيّة هي خاصّة الخطاب: فقد خاطبت الشاعرة القارئ الضمنيّ والحقيقيّ على حدّ سواء. 
الحلقة الثالثة هي الحبكة: التي تصِفُ الأحداث التي مرّت بها الشّخصيّة. 
والحلقة الرابعة هي الراوي الخارجيّ: وهو المُشرف الكلّيّ، والذي وصَفَ الشخصيّة ظاهرًا وباطنًا. 
فيما الحلقة الخامسة هي زمان ومكان الحدث الذي عايش الشخصيّة. 
3: الميّزات اللغويّة: التأثيل اللغوي من خلال اليوتوبيّة:
وظّفت الشاعرة  الأنوموتوبيا Onomatopoeia:؛ وهي محاكاة الكلمة للصوت في الطبيعة، وذلك لأن اللغة تتكون من الأصوات الطبيعيّة، وخاصّة في الكلمات المُضعّفة، كما نجدها في كلمات واردة في صيغ مختلفة، لذا، كلمات كثيرة تشتقّ من الأصوات، مثل: 
عقعق؛ هو صوت طائر طويل الذنب. وصرصر؛ هو صوت الريح الشديدة، وذلك لأنّ الكلمة تتكوّن من حروف لها أجراس صوتيّة تدلّ على الكلمة، وأيضًا صرَّ الجندُب، فتضعيف الرّاء سبب استطالة صوته، لكن نقول صرصَر البازي، وذلك لأنّ صوته متقطع، فقد تبدّى من خلال الكلمات الآتية رفرف؛ (ابنة يعرب)- يلملم (حيفا يا عروس الكرمل)، وذلك من أجل شدّ آزار القارئ ولفت انتباهه. 
نافلة القول؛ ديوان "عيون القدس" هو ديوان طلائعيّ في وصف المدينة اليوتوبيّة، بأسلوب شعريّ نثريّ يحوي في حناياه السرد القصصيّ، كما يحوي أيضًا المهارة اللغويّة، من خلال استخدام الأنوموتوبيّة، سعيًا إلى شد القارئ إلى الولوج في حنايا النّص.
مداخلة د. محمد حمد: ثنائيّات متلازمة في "عيون القدس"!
في المجموعة الشعريّة "عيون القدس" ثنائيّات متلازمة لافتة للانتباه، سواء كانت بوعي أو بدون وعي، تتعلّق بالعنوان، بعلاقة المكان بالزمان، بالأرضيّ والسماويّ، بالهُويّة الثنائيّة، ولا بدّ من التعقيب على الغلاف الخارجيّ، للانطلاق للمتلازمة الأولى الخاصّة بالعنوان.
الغلاف الخارجيّ: الشفق الأحمر ودلالة الغروب والنهايات. الأحمر لون الدم وتجسيد الواقع. رومانسية حالمة لفتاة تنظر وتراقب، وتغييب الفعل باستثناء فعل الرؤية. العناوين كلها أسماء باستثناء وجود فعل واحد (أستطيع)، وجاء بصيغة التوجّع والتمني (آه لو أستطيع)، والطريف أنّ هذا الفعل تلازمَ مع العيون بسياق الحديث عن أطفال غزة: آه لو أستطيع/ أن أجعل في عيونكم صبحا جميلة أنواره/ ألوانه ربيع. (ص75).
هنالك عيون القدس ومقابلها عيون غير ظاهرة لفتاة تنظر، كما نظر حنظلة في كاريكاتير ناجي العلي، لكن عيون القدس ظاهرة في العنوان وقد تمّ تشكيل الضمّات فيها للفت الانتباه، والضمّة تعبير عن الارتفاع، لا ندري مَن ينظر إلى مَن، هل الفتاة أم القدس هي التي تنظر وتعاتب. وحضور الأقصى في الصورة ومسجد قبّة الصخرة. كلمة قصائد كتبت على يسار القبّة، لم تكتب كلمة شعر أو مجموعة شعريّة، وإنما كلمة قصائد، ولا ننسى أنه يمكن بسهولة تكوين كلمة أقصى من كلمة قصائد، بحذف الدال ونقل الهمزة إلى البداية.
رمزيّة العيون: العيون تنظر وتراقب وترصد حركة ما يجري، والعيون تبكي وتعبّر عن المشاعر، ولهذا هنالك حضور للعنصر المائي في القصائد من خلال: حيفا، طبريا، أميرة البحر، جنّة الشاطئ، غزّة، الغيث. 10 عناوين من أصل 21 تجسّد هذه الثنائيّة. العدد 21 قد يشير إلى 21 رصاصة تطلقها الشاعرة في احتفاليّة الموت.
ثنائيّة العنوان: عيون القدس. العينان على الإطلاق تأتيان زوجًا والزوج دليل التثنية، وثنائيّة الناظر والمنظور إليه كما يظهر جليّا في الغلاف.
ثنائيّة المكان والزمان: تتمظهر دلالة المكان بمجموعة من الألفاظ والأماكن منها: عيون القدس، زهرة المدائن، عروس الجليل، حيفا، طبريّا، غزّة، يافا ابنة يعرب، عكا أميرة البحر. وفيها وحدة وطن واحد لا يقبل التجزئة. وتتمظهر من خلال مواضع أكثر تحديدًا، كما يظهر في قصيدة "عروس الجليل" قاصدة مدينة الناصرة: حاراتك القديمة/ والسوق لا تنام/ كنيسة البشارة/ المسجد الأبيض والسلام/ ترفع إلى السماء أنظارها وتبتهل/ عليك يا مريم السلام.            وفي المقابل هنالك حضور زمانيّ يمتدّ عبر التاريخ، يمتزج بالمكان ويعطيه المرجعيّة التراثيّة دينيًّا كما في: ثقافة الإسراء والمعراج، اسألوا القيامة عن ثقافة العذراء والمسيح والتكليم واصغوا إلى الأقصى (ص17).
وفي قصيدة "أنت أقصى غايتي"، يمكن اعتبار كلمة أقصى تورية لطيفة: لكِ يا صخرةَ المعراج والأقصى حنيني/ ونخلات وفيّاتٍ وزيتونٍ وتينِ/سلامًا للقبلة الأولى وثالث الحرمينِ/ أنتَ أقصى غايتي وعنوان يقيني. (ص22) تلاعب لغويّ بين أقصى بمعنى أبعد وبين الأقصى المسجد.
أو المرجعيّة التاريخيّة كما في عكّا أميرة البحر: وفرّ نابليون يجرّ أذيال الهزيمة. (ص49) أو عمر بن الخطّاب وصلاح الدين في قصيدة عيون القدس. 
أو الحاضر المأساويّ: قسمًا يا غزة/ عبثًا تهدمون الديار/ وتقلّعون الأشجار/ عبثًا في غزّة/ تزرعون الموت/ وتمطرون النار.
تتقن الشاعرة الحركة التلازميّة بين المكان والزمان، دامجة بين التاريخيّ والدينيّ، كما في قصيدة طبريا: هنا من طهر مائك توضّأ صلاح الدين/ وتبارك الجهاد والنصر ثمّ في حطّين/ تعمّد في نمير بحرك الناصريّ الأمين/ عيسى بن مريم سلام عليهما في الآخرين. (ص44)
ثنائيّة الأرضيّ والسماويّ: حاولت الشاعرة القيام بحركة موازية لتنظيم العلاقة بين الأرضي والسماويّ، للتأكيد على روحانيّة المكان والاحتفاء بقداسته. واستخدمت عدّة ألفاظ خاصّة لهذا الغرض أذكر منها: السماء، الملائك، الإسراء والمعراج، البراق، السبع الطباق وسدرة المنتهى والحجاب، آية البشارة. ما أهمّيّة السماويّ؟ هل هو التعبير عن الارتقاء عن الطين والمادّة الأرضيّة؟ هل تعني الخلاص القادم من هناك؟ أليست آية البشارة إشارة إلى المسيح المخلّص؟
ثنائيّة الهويّة: تتلازم الهويّة العربيّة الفلسطينيّة مع الهويّة الإنسانيّة المتجاوزة للعِرق والدين واللون، فمن جهة تأكيد على الهُويّة الفلسطينيّة من خلال علاقة الأنا بالمكان، والعلاقة مع القوميّة العربيّة، كما في قصيدة الصمت والهدير التي تنتصر فيها للربيع العربيّ في مصر. وبالمقابل هنالك الهُويّة الإنسانيّة التي تخصّص لها قصيدتين: كلّهم أولادي، وقراءة في هويّتي: لا تسألوني من أنا؟/ أنا الأمّ لكلّ طفل/ دون القراءة في الهُويّة/ لا أحسب للعِرق حسابًا/ وأحبّ ألوان الأطفال والبراءة الفطريّة/ فالأمّ يا سائلي/ لا تعرف للحنان هُويّة/ للأمّ قلب واحد/ في حنايا العربيّة والأعجميّة. (ص86)
إجمال: تظهر الثنائيّات التي وردت في حديثنا السابق بشكل منظومة دلاليّة، للتعبير عن قصديّة الشاعرة، فهي تؤمن بالمكان الّذي هو الهُويّة، وبعلاقته التاريخيّة والدينيّة، من خلال التلازم مع الزمان، والتلازم مع السماويّ والهويّة الإنسانيّة. تعبّر هذه الثنائيّات عن تشبيك العلاقات وتداخلاتها، داخل النسيج الشعريّ وفي ذهنيّة الشاعرة، وهذا التشبيك ليس مجرّد بنية ومنهجيّة تأليف معتمدة، بقدر ما هي ترجمة للمشاعر والأفكار والرسالة التي تقصّدتها الشاعرة. بوركت "نبيهة جبارين" على هذا العمل الطلائعيّ، وأتمنّى لها المزيد من العطاء في الأعمال القادمة.
مداخلة حسن عبادي: القدس حالة فريدة من نوعها في الشعر العربيّ عامّة والفلسطينيّ خاصّة.
ليلى الأطرش قالت في قدسها في رواية ترانيم الغواية (ص52) "حين تنظرين الآن في المرآة، سترين فقط ظلال رجال عبروا يومًا على طريقك").
 ومحمود درويش نقد الذين لا يَكترثون بمصير وطنهم نقدًا لاذعًا، وشّن عليهم حملة  قويّة، ناحيًا بذلك منحًى جديدًا، مُركّزًا فيه على مَن يجعلون من القدس سبيلا للوصول إلى السلطة، ففي قصيدته "سرحان يشرب القهوة في الكافتيريا" يقول: وما القدس والمدن الضائعة سوى ناقة تمتطيها البداوة إلى السلطة الجائعة/ وما القدس والمدن الضائعة سوى منبر للخطابة ومستودع للكآبة/ وما القدس إلا زجاجة خمر أو صندوق تبغ/ ولكنها وطني
يجذب النصّ الشعري ويلفت الأنظار لما يختزن من دالة، راحت تنحى منحًى جديدًا في كشف الحقائق وفضح المستور، وأعتبرها نجاحًا لدرويش في قدرته على توظيف صورة متميّزة، يفضح من خلالها أولئك الذين يُتاجرون بجراح أمّتهم، كما يُسخّرها شاهدًا على الحكّام الذين يجعلون من القدس ناقة يمتطونها، وكلما أرادوا اعتلاء سدّة الحكم يَرفعونها شعارًا. 
قضيّة تحوّل القدس عند درويش "إلى ناقة تمتطيها البداوة"، لتغدو هي وغيرها "منبرًا للخطابة" و"مستودعا للكآبة"، لكنها تبقى في الوقت ذاته وطن الشاعر. إنّ المتلقي للنصّ الشعريّ يجده يغصّ بالدالات التي تعزف سيمفونيتها على وتر حسّاس يُحرّك العقول، ويكشف زيف النفوس التي تجعل من القدس سلمًا للوصول إلى هدف، مع الاحتفاظ بها هدفا أمام أنظار الناس، فتنقلب الموازين ويعمّ التضليل، وتحشد الجنود ويقدّم الشهداء، وترمّل النساء تحت راية عنوانها تحرير القدس، ويُفجع الجميع بذهاب القدس وثبات الحكومة مُكشّرة عن أنيابها، تجتث ما بقي في القلوب من أمن وسلم. ثمّ يتجانس النصّ برمزيّة تكشف خيوطا نسجتها أيدي مُضللة تتساوى في ميزانها، القدس وزجاجة الخمر أو صندوق التبغ، ثمّ يَستدرك درويش أبياته بـ "لكنها وطني". 
هناك كمّ هائل من القصائد الشعريّة التي تختصّ بالقدس مكانًا ومكانة؛ يُوظف الشعراء الفلسطينيّون القدس بما يخدم قصيدتهم ويحمي مدينتهم، فيأتي الاسم ليُزيل ضبابيّة عن أعين الناس، فقد حملت الدلالات أبعادًا دينيّة وتاريخيّة وسياسيّة، استغلها الشاعر في خدمة قضيّته والدفاع عنها؛ المسجد الأقصى، وقبة الصخرة المشرفة، وكنيسة القيامة، حاملة بعدًا دينيّا خاصّا، فجاءت النصوص في هذا النوع كثيرة والصور متكرّرة، وتمّ استخدام دلالات المكان الخاصّة بأسوار القدس، والأبراج، والأبواب (باب الخليل/ باب العمود) والأماكن عامّة، مثل أسواق المدينة وشوارعها وأزقتها، لتدلّ على البُعد الاجتماعيّ الداخليّ في المدينة، وقد حملت هذه الدلالات حركة داخليّة، تمثلت في رائحة البخور وزحام الشوارع، وأزمة الأسواق والأزقة.
شكلت القدس المرأة الحسناء الجميلة العذراء العروس البكر، ولكنّها في قصائد الفلسطينيّين مُتقلبة الأحوال، بسبب وجودها تحت الاحتلال، فهي امرأة عذراء تُسبى، عروس أسيرة، حسناء مُغتصَبة. يُوظف الشعراء هذا التحوّل دالا على الحركة التي تمرّ بها القدس وسرعة تحوّلها، فوظف الشعراء الأسماء الدينيّة والتاريخيّة من أنبياء- عليهم السلام، وصحابة رسول الله- صلى الله عليه وسلم، وصلاح الدين الأيّوبي، وعبد الملك بن مروان وغيرهم، فحملت الأسماء بُعدًا دينيّا وتاريخيّا، استغله الشعراء في إثبات الحقّ العربيّ في القدس وتفنيد المزاعم الصهيونيّة، متمثلة بوجود الهيكل والتاريخ اليهودي.
 نحت القصائد الخاصّة بالقدس في غالبيّتها نهجٌ سياسيّ، فكانت القصائد وليدة المناسبات الدينيّة أو الأحداث السياسيّة التي تأثر بها الشعراء، وقوْلبوها مُدافعين مُحرّضين، فخرجت قصائدهم ملتهبة تغصّ بدلالات ثوريّة تحثّ على الجهاد والثورة، تشكّل نوعًا من الشعر الخاصّ بالقدس، اهتمّ بالثورة والجهاد والتحريض على الصهيونيّة، وقد نتج هذا النوع كردّ فعل على العنف الصهيونيّ المستخدم ضدّ الفلسطينيّين. وهناك ابتذال وتكرار فيما يخصّ الكتابة عن القدس، وكثير من الشعراء الفلسطينيّين عاشوا القدس، ورسموها بأشعار نابعة عن وجع عامّ، وهناك من امتطاها كـautoestopista (يعني بالعربي"ترمبست")، واستغلها واستهلكها كبطاقة دخول أو تأشيرة مرور.
من أشهر ما كتب عن القدس من الشعر الفلسطيني: 1- يا أمة القدس (سليم الزعنون). 2- هل يسقط بيت المقدس (فوزي البكري). 3- أردنية فلسطينية / أمام الباب المغلق (فدوى طوقان). 4- يوميات عائد بتصريح (محيي الدين عبد الرحمن). 5- رغوة السؤال (المتوكل طه). 6- على حاجز القدس (ليانه بدر). 7- الى أورشليم (راشد حسين). 8- لا تتدحرج (علي الخليلي). 9- هنا .... هناك (احمد دحبور). 10- بالأخضر كفناه / يا عنب الخليل (عز الدين المناصره). 11- فسيفساء على قبة الصخره (سميح القاسم). 12- المزمور الحادي والخمسون / حادثه غامضه (محمود درويش). 13- وأخيرا- تهليلة الموت والشهاده لتوفيق زياد: "اه يا فهد المحمود.. استشهد في عمان.. وهو يعد العده.. ليعود.. ويحرر.. باب العمود"
 أما عند الشعراء العرب فالموضة؛ (بالعربي: "المين ستريم") أن تكتب عن القدس: 1- أصلي خلف ظلي (بهيجة الأدلبي- سوريا). 2- سأهيئ الحقائب للسفر (محمود سليمان- مصر). 3- نصف الحقيقه (نصر بدوان- الأردن). 4- امرأة (عبد الباسط أبو بكر- ليبيا). 5- قصائد لا يفهمها أحد (علي أحمد جاحز- اليمن). 6- سقوط (ادريس علوش- المغرب). 7- لك وحدك  (مها الخطيب- العراق). 8- فنجان قهوة وفتنة أنثى (ليلى ابراهيم- السعودية)+ لأجلك (عائشة محمد). 9- حالات (صالح سويسي- تونس)+ الموؤدة (فاطمة الحمزاوي). 10- شارع رئيسي (لميس سعيدي- الجزائر). 11- انشغالات الصمت (علي الستراوي- البحرين). 12- الأنثى (نصار الحاج- السودان). 13- أسطورة مظفر النواب: "القدس عروس عروبتكم". 14- نزار قباني: هوامش على دفتر النكسة، طريق واحد، منشورات فدائيّة على جدران إسرائيل، ورائعته- القدس:بكيت حتى انتهت الدموع/ صليت حتى ذابت الشموع/ركعت حتى ملني الركوع وأجمل ما كتب عن ومن والى القدس مغناة الشاعر تميم البرغوثي "القدس" وينهيها: "لا تبك عينك أيّها المنسيّ من متن الكتاب/ لا تبك عينك أيها العربي واعلم أنّهُ في القدس من في القدس/ لكن لا أرى في القدس إلا أنت "
فهنيئا لك يا نبيهه بقدسك وهنيئا لنا بك وب"عيون القدس"
مداخلة الكاتبة نبيهة جبارين: السلام عليكم وطاب مساؤكم. "ربي أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي، وأن أعمل صالحًا ترضاه". صدق الله العظيم.
أيها الحفل الكريم! بحضوركم تزدان أمسيتنا أيها الأخوة والأخوات، الأدباء والكتاب والشعراء والمهتمّون بلغتنا العربية الجميلة وآدابها، أرحّب بكم أجمل ترحيب، وأشكر لكم حضوركم كل باسمه وشخصه مع حفظ الألقاب والمناصب. أرحّب بكلّ مَن حضر وأشكر حضوره. هذا الاجتماع والجمع الكريم إن دلّ، إنّما يدلّ على أنّ هذه الكوكبة من مُحبّي لغتنا وأدبنا العربيّ، والتي يَطيب لي أن أدعوها "ثلة العاشقين للغة العربيّة وآدابها".
أهلا وسهلا بكم جميعًا، أسعدني وشرّفني حضوركم هذه الأمسية كرامة "لعيون القدس"، التي تبادل المجلس الملّي الأرثوذكسيّ نادي حيفا الثقافي في حيفا نظرات المَحبّة والفخار والاحترام، مُمثّلاً بالأخ الكريم السيد فؤاد نقارة، الذي مزج عطر الأدب بمسك الدين والإيمان، وبمبادراته الثقافيّة التي تنتمي أيّما انتماء للأرض والأمّة والوطن.
"عيون القدس" لا تفتأ تشرئبّ إلى الأفق، أفق المّحبّة والسكينة والوئام، عبرَ مؤسّسة الأفق للثقافة والفنون في حيفا، ممثلة بالأخ الكريم الكاتب والفنان عفيف شليوط، فتقدّم الأدب والفنون على مسرح الإبداع والانتماء، بنيّة حثّ الخطى نحو الأفق الذي نصبو إليه جميعًا. وأود أن أنثر الكثير من باقات الشكر والتقدير والاعتزاز للأخوة المشاركين في مداخلاتهم القيّمة.
د. مروان أبو غزالة محاجنة- الباحث والأكاديمي في جامعة نوتنجهام، هذا الفارس الذهبيّ لأبحاث اللغة وخصائصها، وميزاتها التي لا تنضب، وكشف جماليّات التركيب والترغيب والتحبيب والتصويب، وإصابة الأهداف بدقة متناهية، لا تجاريها في ذلك أيّة لغة من لغات الأرض. دمت دكتور مروان فخرًا للغتك وأمّتك ووطنك، وزادك الله عِلمًا، وأعانك على العمل به. أشكر لك حضورك وعطاءك، وأفخر بك في هذا الميدان. 
د. محمد حمد المحاضر في كليّة القاسمي في باقة الغربيّة، هو ممّن لا تغفل عيونه عن القراءة والبحث والنقد، والتأليف في حقول الأدب، والتربية والتعليم، ومؤلفاته في مثل هذه المجالات تشهد له بالتمكن والعطاء وطول الباع. أشكر لك حضورك وعطاءك وأفخر بك في هذا الميدان. 
أخي الأستاذ الكاتب والفنان عفيف شليوط أبو شادي غنيّ عن التعريف، فالإبداع يكاتفك في كلّ مجال تطرقه، كاتب مبدع وفنان قدير، ومدير ناجح، رؤياه لا تقصّر ولا تنثني عن الأفق، أفق الإبداع والعطاء والانتماء .
الأخ محمود صبح الفنان والمسرحيّ القدير، فإنّ كلّ ما قدّمته في هذه الأمسية، نجاحه متناغم مع عرافتك المميّزة التي جذبت الأنظار والأسماع بحسن تقديمك وحضورك، جزاك الله خيرًا، وزادك قدرًا. 
أنا مدينة لكم بوقتكم الثمين الذي قضيتموه معنا، أرجو أن أسدّده لكم بدفعة من المتعة، نقضيها معًا في قراءات شعريّة من عيون القدس ولعيون القدس، راجية أن تنال إعجابكم. وقبل قراءاتي اقول: (بنفسي هذه الأرض ما أطيبَ الرّبى/ وما أجملَ المصطاف والمتربعا)  
جنة الشاطئ/ نبيهة جبارين:
لا تستصرخي يا غزة المعتصما/ هو في عصرنا/ أضحى أصمًّا أبكما/ لا يهزه الشرف الرفيع ولا الأذى/ ويهزه عرش إليه قد انتمى/ ألا من ظلمة الليل/ يبتسم الصباح/ ومن أقسى الصخور/ ينبجس القراح/ وبلون الدم القاني/ يصطبغ الوشاح/ ومن إرادة الأحرار/ ينكسر السلاح
يا غزة هاشم/ يا عرين الرجال الرجال/ يا غزة العزة لا تقولي الليل طال/ يا غزة صبرًا/ كصبر الليمون والبرتقال/ اقتلعوه شامخًا مثلك/ فما أنّ وما مال/ فاستحلت يا غزة العزة قارورة لشذاه/ وتعالى صوتك الثائر وامتدّ مداه/ وصارت الحريّة لحنًا داميًا لصداه/ وظلّ قلبك ثابتًا خافقًا بهداه
هدية العيد لأطفالك/ ألقتها الطائرات/ لم تكن أثوابًا ولا ألعابًا/ ولا حلويات/ أهدتهم الموت الزؤام/ والحزن والآهات/ رجمتهم بالنار/ وحجارة البيوت والحارات/ سيظل عطر الكرامة/ من ثراك يفوح/ ونصر صادق/ على أفق الجراح يلوح/ وشمسك الحرة/ لا تغدو ولا تروح/ أحبك يا غزة/ والقلب بالحب يبوح
أزهارك لو قطّفوها/ وحرّقوا البرتقال/ ميدانك لو فجروه/ سيبقى صهوة الخيّال/ مياهك إن لوّثوها/ ستظل أمواه الزلال/ ستبقين غزة الحق/ جنة الشاطئ والرمال
حيفا .. يا عروس الكرمل/ نبيهه راشد جبارين
منك كم تغار النوارس/ وتحط عند قدميك/ وتغار الموجات منك/ فتطرح أكاليلها البيضاءَ/ وتغسل قدميك/ ويبقى الكرمل الولهان/ يداعب الليل في عينيكِ/ ويمسح الحزن من مقلتيك/ وقلبه مُتَحَرِّقٌ/ وجدًّا عليكِ/ وغضبًا على مَن سباكِ/ وكشف الطرحةَ عن وجنتيك/ ويبقى الكرمل الولهان يضمّك/ يُلملم شعرك/ من أيدي الغزاة/ وممّن يُراود طهرك/ وينبئ جازمًا ألّا تكوني/ إلَّا لَه، وألَّا يكون إلّا لكِ/ فمهما تمرّ الأيّام/ لن يرتضي بيْنَك/ سيبقى حارسًا/ لقلبك.. لشعرك.. لعطرك/ كيف له أن يغمض عينيه/ عن جمال سحرك/ عن البحر الذي/ يحاول أن يسرق/ أسرار وُدّكِ/ عن الميناء الذي يحمل الهدايا/ من كلّ لونٍ/ ليُغري كبرياءك/ ولكن هيهات/ يا حيفا.. يا عروس الكرمل/ أن ينال الزمان والغزاة/ من مجدك/ ستبقى الذكريات ترفل/ في حرير عزك/ فهذي بيوتك الشمّاء/ والشوارع والمساجد والكنائس/ والسكّة والساعة والأسواق/ وقبّة الجَمَال/ واللون والأسماء/ لا تنتمي إلّا لك/ ويبقى الكرمل يا حيفا/ يَمتطي جواده ويبذل وداده/ ويشهر بأسه/ في وجه كلّ مَن/ يراود عن نفسك
عروس الجليل: نبيهة راشد جبارين/ إهداء إلى المدينة الساحرة (الناصرة) وإلى أهلها الكرام بمناسبة الأعياد المجيدة والمباركة.
أميطي اللثام عروس الجليل/ أميطي اللثامم عن مُحيّاك الوضيء الجميل/ فيحلو الوسام/ واسمعي أنغام تمجيد وتهليل/ تعمّ الأنام/ حين أشرقت أرضك بالنور/ وتباركت/ وسماؤك لبشارة الميلاد هللت/ وتزخرفت/ ومياه طهرك من عين عذراك جرَت وتدفقت/ والقلوب بدفق المحبّة ارتوت وتعانقت/ أتذكرين كم مَرّ الجُند عنك كم مرّوا/ ومن خلف الجبال قد فرّوا/ وأنت العصيّة وجبالك عالية أبيّة/ راسخة وفيّة/ تصدّ الريح/ وتحمي وجهك باسمًا/ كثغر المسيح/ وأنت بينها/ آمنة.. راهبة.. تقيّة/ نقيّة كصوت التسابيح/ تُردّدين في المقام الترانيم العاطرة/ صلوات سيّدة النساء الطاهرة/ دعيني!/ دعيني أقتفي آثار أقدامها/ من المقام إلى صحن دارها/ وأشمّ في أجوائه طيب مسكها/ وشذى العطر من إكليل غارها/ أودّ لو أقبّل عينها والحجارة/ وأستقي من مائها التقى والطهارة/ وأناديك!/ تباهَيْ.. اختالي وتيهي.. وحقّتْ لك الخيلاء/ يا مدينة الأنبياء/ يا مهد الصفيّة العذراء/ حاراتك القديمة/ والسوق لا تنام/ كنيسة البشارة/ المسجد الأبيض والسلام/ ترفع إلى السماء أنظارها/ وتبتهل.. "عليك يا مريم السلام"/ فها هنا/ على ثراك مشت أقدام الطهارة/ ومن سمائك/ تنزّلت آية البشارة/ فاعتلتْ أرضَك نحو السماء/ وسهرتْ نجومُك خاشعة الضياء/ وتفتّحت جنانك الزاهرة/ وصرتِ يا سيدة المدائن/ ويا عذراء الدنيا/ لقلوب الناس أجمل ساحرة/  يا ناصرة!/ يا ناصرة!
عيون القدس: نبيهة راشد جبارين
السماء فوق القدس فتّحت أبوابا/ والملائك فيها هلّلت/ فرحًا وترحابا/ للمصطفى خير البريّة كلها/ لمّا أتاها زاهدًا أوّابا/ فأنارها الأمّيّ في إسرائه/ ومعراجه أزمانا وأحقابا/ وفي مكة "اقرأ" لا زالت تردّدها/ شمُّ الجبال تلالاً و هضابا/ أسرى به ربُّ العباد عشيةً/ وما فتر الفراش قبل أن آبا/ أسرى به من المسجد الحرام في/ قلب الليالي والنهار قد غابا/ حمل البراق خير الأنام دجىً/ فضاءت الأرض نورًا/ من نوره مُذابا/ ورحّب الأقصى به وقد اعتلى/ صهوة السماء فزاد قربًا واقترابا/ وبورك للاميّ إسراءٌ ومعراجٌ/ تجاوز فيه سبعًا طِباقا/ وسدرةً وحجابا/ وتجاور البيتان في القدس معًا/ يمجدان الله وأصفياءً وأحبابا/ تشهد القيامة بالتسامح والرّضى/ لفاروقِ حقٍّ فلم يبغ احترابا/ أعاد للقدس عزًّا ومجدًا قد خبا/ بجيشٍ إيمانه كان الخطابا/ وبعده صلاح الدين مقدامًا أتى/ لا ينثني عن النصر ارتيابا/ وتجمّلت عيون القدس له لمّا أتى/ فاستقبلته وكحّلت أهدابا/ وما زالت عيونها/ بشوقٍ ترتجي/ ناصرًا يأتي ويفتح للنصر/ أقفالاً وأبوابا  

قراءة تحليليّة لديوان الشَّاعرة أسماء غريب 99 قصيدة عنك الصّادر عن دار الفرات للثقافة والإعلام

كتب صبري يوسف ــ ستوكهولم
من خلالِ قراءتي لتجربة الشّاعرة أسماء غريب، تلمَّستُ وكأنَّ حرفها مندلقٌ من خاصرةِ نيزكٍ، مشبَّعٌ بإشراقةِ وهجِ الرُّوح. حرفٌ يستنهضُ أحلاماً غافية بين وهادِ النِّسيان، منتشِلاً إيَّاها نحو ظلالِ القصيدة البكر. تكتبُ نصَّها من وحي تراكمات مشارب ثقافيّة فكريّة أدبيّة حياتيّة غزيرة، كأنَّها في رحلةِ استكشافٍ حلميّة لاستشرافِ أنقى ما في تجاعيد الذَّاكرة، وتجسيدها في رحابِ خيالٍ فسيح متعانق مع تهاطلاتِ إشراقة الحرف على مرامي أسرارِ اللَّيل. حرفُها من طينِ المحبَّة، من مذاقِ قبلةِ الشَّمسِ لنسيمِ الصَّباح، من وهجِ عشقٍ معرَّشٍ في أدغالِ البساتين، من هدوءِ اللَّيلِ الهائم في عناقِ بهجة إندهاشِ القصائد! 
تتدفَّقُ بإنسيابيّة شفيفة بأفكارٍ ورؤى مجنّحة بأجنحةٍ مماثلة لطيورِ الجّنَّة، تتناثرُ رؤاها على مسارِ بهاءِ الشِّعرِ، كأنّ عوالمها محبوكة بنغماتِ موسيقى متماهية مع تراقصاتِ خيالٍ متدفِّقٍ على إيقاعِ شلالٍ منسابٍ مع شهقةِ الفرح. تداعبُ عرشَ الحروفِ، وتغوصُ في أعماقِ دهشةِ الإشتعالِ، ثمّ ترسمُ بإنتعاشٍ عارم رغبات مكتنزة في ظلالِ الرُّوحِ منذُ أمدٍ بعيد، حرفُها ينبعثُ من أشجارِ الحنين، ينسابُ خيالها بين شغافِ الحروفِ كرذاذاتِ مطرٍ ناعم، فتولدُ انبعاثات وميض البوح من أعماقِ أحلامٍ متوارية في متاهاتِ الزّمن، فتنسجُ ألقاً شعريَّاً متجدِّداً فوقَ سموِّ الإبتهال.   
كيفَ تلملمُ هذه الدَّهشة فوقَ هلالاتِ الحروفِ؟ هل تشكَّلت مزاميرها من حليب السَّنابل أم تبرعمت من مساحاتِ الخيال عبر انبلاجِ خيوطِ الشَّوقِ إلى هالاتِ قداسةِ الكلمة منذ أن انبثقت من قبَّةِ السّماء فوقَ سديم البحار، وإنسابت مسترخيةً فوقَ ينابيع منارةِ الرّوح؟! كيف تموسقُ منارة البوح مع تيجان القصيدة، في أتون إنشراخات هذا الزَّمان؟! زمنٌ تائهٌ في مهبِّ الإنحدار، تنجو القصيدة من شفير الإنزلاقِ في شراهاتِ العبورِ في فخاخِ الشُّرور، وحدُها القصيدة تناغي أبهى ما في ثمارِ الرّوح!
أسمعُ هدهداتِ اليمامِ في حنايا حرفها، تبتهلُ لحنينِ السّماءِ وتغدقُ أطيبَ الثِّمارِ فوقَ طراوةِ الأرضِ، تمتازُ بذاكرة مشبوبة بالصَّفاء كأنّها مصطفية من عذوبة البحر، فأرى شاعرة مشرئبّة برحيقِ حرفٍ مزدانٍ بأنوارِ شموعٍ حالمة بالضِّياء، شاعرة مفعمة بشذى بخورِ القناديل، تنثرُ بهاءَ القصيدِ على مساحاتِ حلمٍ مجدولٍ من ينابيعِ الرُّوحِ المبلَّلة بحبقِ الحياة. هل تستمدُّ بوحَها من إشراقةِ الشّمسِ، على إيقاعِ رفرفاتِ أجنحةِ العصافير في صباحٍ مندَّى بهبوبِ النَّسيمِ، أم من تراقصاتِ موجاتِ البحرِ، أو من بسمةِ الأطفالِ وهم يغفونَ فوقَ أبهى مآقي الزُّهورِ؟!   
نصُّها يشبه طفلة مسكونة بعصافير النَّعيم، كأنّه متجذِّرٌ بأشجارٍ باسقة مخضَّلة بشهوةِ الإخضرار،  وشامخة شموخَ جبالٍ مسروجة بحنينِ البحار، يبدو نصُّها في بعضِ تجلِّياته كأنّه طنين نحلة تحومُ حول بهاء فراشاتٍ مسترخية فوقَ بتلاتِ زهرةٍ مكسوَّة بزغبِ القصيدِ، تلتقطُ صوراً هاربة من واحاتِ الخيال، مندهشة من قدرةِ الحرفِ على عبورِ أهازيجِ الرُّؤى المتناثرة فوق تيجانِ العمر. تموجُ حروفُها في ثنايا البوحِ فرحاً متماهياً معَ بهجةِ الطّبيعةِ، وتهمسُ لروحِها بكلِّ إنتعاشٍ، نِعمةُ النِّعَمِ أن نعانقَ روعةَ الغاباتِ، ونتمتّعَ بجمالِ الكونِ ونستوحي عبيرَ الحرفِ من خميرةِ الحياةِ. 
عندما أقرؤها، أشعرُ وكأنَّ طاقة فرحٍ تغمر صباحي، تنعشُ ليلي الغافي على وشوشات البحر، شعرها مصحوبٌ بتغريدِ الأملِ، مزدانٌ بتلاوين سموِّ الرّوحِ، حرفُها رسالةٌ ممهورةٌ بحفاوةِ العشقِ، هل تستلهمُ حرفَها من بخورِ الوفاء، من نورِ القداساتِ، من ابتهالاتِ شموخِ القلبِ؟! هل تكتبُ القصيدة من وحي تجلِّياتِ الرّوحِ وهي تحلِّقُ بين هلالاتِ زرقةِ السّماءِ، أم أنَّها تستلهمُ حرفَها من تلألؤاتِ النُّجوم الغافية بين منعرجاتِ أحلامِ الطُّفولة؟! .. طموحُها جانحٌ نحوَ الأعالي، مسربلٌ بهلالاتِ غيمة تهطلُ بهاءً فوقَ قبابِ سديمِ الرّوحِ، بحثاً عن نورانيّة قداسةِ الحرفِ، كأنَّها شاعرة مجبولة بأسرارِ الطّينِ الأوَّل، جانحة نحوَ خصوبةِ الرّوحِ المخضّلة بيراعِ الإخضرارِ، تنقشُ هواجس الحنين فوقَ نضارةِ مويجات البحر، مستلهمةً من شهوةِ الغابات، مسارات العبور إلى مذاقِ الحروفِ ودهشةِ الإنبهار، تسرجُ حفاوةَ الحرفِ من نكهةِ التّينِ المتدلّى فوقَ عناقيدَ العنب، بحثاً عن مساحاتِ بوحٍ شعري متآلف مع آفاقِ الخيال، ورغبةً في العبورِ في مرامي أحلامِها المجدولة بأريجِ أبهى الأزاهير. 
تستنهضُ مخيّلتها طاقاتٍ دفينة، تستعيدُها من الأغوارِ السَّحيقة وتفرشها فوقَ أوجاعِ الأمّهاتِ الهاربات من ضجرِ اللَّيلِ الطَّويل، تبلسمُ حروفُها الجّراحَ النّازفة من شراهةِ نيرانِ الحروبِ المندلقة من رؤى بليدة، غارقة في الإنشراخ. تمتلكُ وئاماً بهيَّاً معَ قلقِ الرُّوحِ، وتزرعُ حرفها فوقَ قلوبٍ عطشى للمطر، يتهادى حرفها مثل نوارسِ البحرِ فوقَ رشقةِ الأمواجِ، راسماً فوقَ أجنحةِ النَّوارسِ صفاءَ البحرِ وشوقَ القصيدة إلى أشجارِ البيتِ العتيق، تطفحُ عيناها ألقاً إلى كتابة نصٍّ من خصوباتِ دهشةِ الإنبهار! ..        
حرفُها مكتنزٌ بثمارٍ شهيّة، تتهاطلُ رفرفاتُه من أجنحةِ قلبٍ معرَّشٍ بنسغِ المحبّة، فتنقشعُ خلال انبعاثات شهوة الحرفِ، كلُّ الأحزانِ والمراراتِ العالقة في سراديبِ الرُّوح، وتصفو الرُّوح من الشَّوائب العالقة في هلالاتها على مدى هبوب الغبارِ على وجه الدُّنيا، تسمو روحُها الشَّفيفة عاليةً، متطهّرة من أدرانِ الحياةِ، شوقاً إلى معانقة سموِّ السَّماءِ في ليلةٍ مكلَّلةٍ بأغصانِ الزَّيتونِ على خفقةِ رفرفاتِ حمائم السَّلام، محلِّقةً فوقَ مآقي المدائن، قاصدةً ملاذ الرّوح في عرشِ الأزل كي تنعمَ في مروجِ النَّعيمِ على مدى بهجاتِ الإنبعاث، تهفو إلى عناقِ حرفٍ مصفّى كالماءِ الزُّلال! .. بهجةٌ غامرة تسربلني كلّما أتوغَّل في تجاويفِ الخيال المنساب من حبورِ بوحِها المنبلج من لجين الأفكار المنسوجة من شراعِ الأفراح المرفرفة فوقَ مآقي الحنين إلى شموخِ تيجانِ المدائن. تبدو أحياناً مكفهرّة الحرفِ من تصادمات بعض البشر وابتعادهم المخيف عن جوهر الحياة. حبرُها يناجي الحيارى، حاملاً بين ثغرِه مهاميز السُّؤال. 
ألامسُ زغبَ الحرفِ، يبدو في الكثير من وهادِهِ، كأنّه مجبول من رعشة طيرٍ يلهو معَ نسائم الصَّباح، يمنحنُي حرفُها أجنحةً وارفة بألقِ السُّموِّ، فأشعرُ أنّي أحلِّقُ عالياً وأداعبُ ضياءَ القمر، تضيءُ القصيدة معالم الطَّريق، وتخفِّفُ من سماكاتِ السَّديمِ فوقَ أحداقِ العيون. 
لا تكتبُ القصيدةَ كلمةً كلمةً، تغمرها الرُّؤى كشلَّالِ فرحٍ منبعثٍ من إشراقةِ الشّمسِ، وتسربلُها حتَّى الإمتلاء خلال توهُّجات شهقة العبور في حنايا تجلِّيات خصوبة الإبداع؟!
د***
أسماء غريب قامة أدبيّة باسقة، شاعرة مخضّلة بتوهّجاتِ حرفٍ مكوَّرٍ بألقِ الإنبهار، مشبّعة بينابيع شعريّة صافية كنسيم اللَّيل العليل، تسعى منذ أن غاصت في أسرار الحرف، أن تغدق ألقَ الإنبعاث نحو أقصى مسارات وهجِ الإشتعال، كي تطهِّرَ الرّوح من شوائب الحياة، عبر ابتهالات بوحِ القصيدة.               
كلَّما أعبر معالم حرفها، أراهُ مبلَّلاً بأعشابِ الطُّفولة، لما فيه من أصالة مترعرعة في أنساغِ حنينها إلى البيوت العتيقة، العالقة في أخاديدِ الذَّاكرة، متوجِّهةً نحو التِّلالِ البعيدة، بحثاً عن أسراب الحمام كي تنسجَ قصيدتها على أنغام هديلها الطَّافح بالوئام بين شهيقِ الكائنات.                                         
شاعرة منشرحة القلب، تسمو عالياً على إيقاعِ خيالٍ جانحٍ نحو قِبابِ الوئام، تهفو أن تزرعَ هدهدات بهجة الرّوح في لجينِ السَّديمِ المتناثرِ فوقَ مآقي الغمام. تنسج أحلامها الوارفة فوق جبينِ الصَّباح، مسترسلة في حفاوة عناقٍ متدفِّقٍ مع حبّاتِ المطر، راسمة بسمة الحرف بطراوةٍ منعشة فوقَ مسارِ تجلِّياتِ الخيال، مستلهمةً من وهجِ الشَّمسِ جموحَ شهوةِ الإنبعاث!                                                     
الشّاعرة أسماء غريب، حالة شعريّة نقديّة ثقافيّة فريدة في تمايزها في بناءِ رحابةِ شعرها، وانفراجِ مسارات نقدها، ودقّة غوصها في معالم النُّصوص الَّتي تعكف على ترجماتها، حيث تتوغَّل في فضاءاتِ الشَّاعر وتقرأ بشغفٍ عميق مسارات شاهقة من تجربته، وكأنّها إزاء بحثٍ تحليلي عميق عن أسرارِ بهاء الحرفِ، إلى أن تبني صورة عميقة عن إبداع الشّاعر الَّذي تنوي ترجمة نصوصه، ثمَّ تبدأ بترجمة قصائد الشّاعر، فيسهل عليها العبور عميقاً في الظِّلال الخفيّة للشاعر، ولهذا عندما أقرأُ نصوصها الَّتي ترجمتْها، تبدو لي وكأنّني أقرأ نصَّاً أصيلاً وليس مترجماً، فهي تمتلكُ مهارات وتقنيات نقل الوهج الشِّعري، والألق الأدبي، عبر الصُّورة المماثلة للغة المنقولة إليها بهاءات النُّصوص المترجَمة، وكلّ هذه الرُّؤى السَّديدة، ساهمت في تعميق تجلِّيات آفاقها الشِّعريّة عندما تسبغ فوق حرفها خيوطَ الإنبعاث!                                   
***
توقَّفتُ مليِّاً عند ديوان الشّاعرة أسماء غريب، "99 قصيدة عنكَ"، بعد أن تمعَّنتُ في لوحة الغلاف كمفتتح للولوج إلى فضاءات الدِّيوان، لوحة معبِّرة عن فحوى القصائد، يتسبَّحُ إسم الله في قرص الشَّمس الوهّاج وفي ضياءِ القمر وتلألؤات النّجوم في قبّةِ السّماء القمراء. يتوسَّط اللَّوحة شموخ كائن له جناحان سامقان، اخضرار الزُّهور في قبّة السّماء. يبدو واضحاً أنّها كتبت 99 قصيدة لتمجيد وتسبيح الله في الأعالي، هذه القصائد هي ترميزات قداسة الله كما جسّدتها الشَّاعرة في متون قصائدها الَّتي استلهمتها من جلالة مجد الله، فتراه ممجَّداً وساطعاً هذا الإله القدُّوس في الأرض والسَّماء، وفي كلِّ مكان، لأنّه نور الحياة، فترسم الفنّانة الشّاعرة لوحة غلافها من وحي فضاءات ديوانها المستلهم من تجلِّيات سموّ الله في فضاءات الأرض والسَّماء الرَّحبة. أسماء غريب شاعرة رهيفة عبر اللَّون، وفنّانة جامحة عبر الكلمة الممراحة. تنسج الشَّاعرة "قصيدة ذهبيّة" عبر تدفُّقات سامية في بحار قداسة الله وفضاءات الأنبياء والقدِّيسين الّذين أرسلهم للعالم لتمجيد اسمه في الأرض والسَّماء!                                                                     
إنّها فردوسٌ من الشّمُوس والأقمَار والكواكبِ                                                             
إنّهَا محيطٌ أخضر ونوارسٌ بيضٌ
بلْ قلبٌ صبٌّ متيّم / وأشجارٌ مِنَ المنّ والسّلوى
إنّها أنتَ يا إلهي
قالتِ الطّفلة بلسانٍ ألثغ
ثم غاصَتْ في محيطِي الأخضَر
أنا القصيدة الذَّهبيّة.
تجنحُ الشّاعرة نحو ذاتها الصَّافية صفاء الرّوح المنبعثة من سموِّ إله أزلي في بهاء السَّماء، كما تهفو عبر نصَّها إلى إله يصفِّي الرّوح من الجَّشاعةِ والشَّراهةِ، بحثاً عن حنوِّ دَمعةٍ منسابةٍ من مآقي السَّماء.
حِينمَا فَتَحْتُهَا وَجَدْتُ فيهَا دَمْعَتَكَ العَظِيمَة يَا إلهِي
فشَرِبْتُهَا وَجَلسْنَا مَعاً؛ أنْتَ وَأنَا نَبْكِي وَنَبْكِي
إلى أنْ سَمِعَنَا العِيدُ فطرقَ بَابنَا وقال حِطّة 
ثمّ جلس إلى مَائدَتِنا يبْكِي هُو الآخر
فوقفتُ وطَفِقْتُ أمسحُ بيدِي دَمْعَكَ ودَمْعَهُ يا إلهِي.
تنسجُ عبر نصّها ليالٍ مخصَّبة بنِعَمِ السّماء المتهاطلة على الأرض، من خلال إتّحاد اللَّاهوت بالنّاسوت لإنقاذ العالم من تبعات الخطيئة الأولى، وهجٌ شعري ينبعثُ من أعماقِ تجلِّياتِ بوحِ الرُّوح!
ثمَّ بعدَ الصَّحوِ بقيتَ فصرْتَ الجَّمعَ وصرْتُ الكثرة
وظهرتَ لي وظهرتُ لكَ وحبلتُ في الختام بكَ مِنكَ
فصرتَ ابني وصرتُ ابنتكَ وقام فيكَ عيسايَ وقامتْ فيّ مريمُكَ
وعُدنا على بدء نبكِي بدل الدّمع دماً
لا أنت تعرف لبكائنا سبباً ولا أنا أدري لِمَ!
ترى الشّاعرة أنَّ الحبّ المقدّس طريقنا إلى أسمى حبورِ الفراديس، تستلهمُ مزار العشق من وحي رحاب الحبِّ الأزلي المنبعث من روح الإله. 
أعرفُهُ جيّدا: / إنّهُ أبي الموشومُ بصُلبانِ المحبّة
تمتلكُ رؤية جانحة نحو أغصان المحبّة المبلَّلة بالسَّلام. وفي نصِّ "حديث النّواعير العشر"، تزهو الشّاعرة بابتهالات النّواعير المزدانة بماء الحياة، عبر لغة متناغمة مع بهجةِ روحٍ مرفرفة فوقَ بهاء روعةِ الغسق!
عرُوسَتي صاحبةُ التّاجِ والهوْدَج الأزرق
....  أنا اليدُ الَّتي تمْسَحُ دموعكَ ساعة الحنينِ
وتغسلُ جراحَك عنْد الغسَق
تنسجُ حرفها بليونةٍ كأنّها تناجي السَّماء عن أسرارِ بوحِ القصائد، وتستوحي من أريجِ الحياة ألقَ القصيدة، فتزهرُ الأبديّة عبر حرفها من خلال مذاق الموت، فهو بوّابة العبور إلى معراج النّعيم في روضِ السّماء! 
ألمْ أقُلْ لك يوما يا صديقي دعك قريباً من باب الموت
فهو باب الحياة وبابُ شجرة العسل الأزرق
تترجم تساؤلات عديدة، مفتوحة على شساعة خيالٍ مجنّح نحوَ مرامي الإيمان. 
سُؤالكَ ألسنةٌ من نارٍ / وسِيَاطٌ منْ لهبٍ أزرق
وجوابِي بحارٌ ومحيطاتٌ / لا تطفئُ عطشَ ظمآنٍ أبداً
تطرح الشّاعرة أزليّة الحي الدَّائم الَّذي لا يموت، وفناء الإنسان الجَّسد. وكأنّها تنادي بسموِّ ونقاء الرُّوح، للوصول إلى فراديسِ الأزل، المعدَّة للبشر الأنقياء من قبل الإله في نعيمِ السّماء. 
أنتِ يا ذاتَ العَرْش البَالي المُبْتلى
والرَّأس الغَافلَةِ عن أبدِيّتي، أنا الحيُّ القيّومُ
الدّائمُ الَّذي لا يفْنى ولا يمُوتُ.
تسعى الشّاعرة عشقياً عبر بنائها الشِّعري نحو مملكة العشق الأزلي، لأنّها ترى العشق الحقيقي في الملكوت السَّماوي وكل ما عداه عشقٌ مؤقّت وزائل لا محال!
أريدُ أن أقبّلكِ / أن أرقصَ معكِ
فوقَ حبْلِ الفرحِ والسّعادةِ
وأركضُ خلفكِ / إلى ما وراء سدرة المُنتهى
يجسُّ حرفها نبض مادّيات هذه الحياة، فتبدو النّار رغم أجيجها كتلة من رماد، وكل ما يدبُّ على الأرض، كائنات عابرة وآنيّة، فلا تصعد إلى أمجاد الأعالي إلا الرّوح الصّافية! .. تكتب حرفها من وحي رحاب المبدعين، بحثاً عن تجديد روح القصيدة.
لا تنمْ يا شمسَ تبريز اللَّيلة
فبيكاسو ما زال يبحثُ عن نقطة الجَّمال الحقيقيّ
عن تلكَ الأنثى الَّتي يتغنّى بِها الشُّعراءُ
ويقعُ في حبّها الرّسامون والنّحاتون
تلك العذراءُ الَّتي تُطهّر القلوبَ والأجسادَ
منْ عبثِ الزَّمَان وسطوةِ الأيّام
تغوصُ في نصوصٍ جذورها معرّشة في زرقة السّماء، نصُّها أغصانُ عشقٍ مبرعمة في بحارِ العناقِ. تبدو في حالةِ بحثٍ دائم عن جرار الطّين المشويّة بألقِ القصيدة، وتجلّيات الذَّات إلى أقاصي المحبّة. تتوّج حالة الإنصهار في الحبِّ والعشق إلى درجة التّماهي في هذه الحالات. وترسم الشَّاعرة شموخ سومر فوق قباب السَّلام، مجسِّدةً مرامي أولى الحضارات! 
سومر يا هُو يا أنتَ يا أنا، / يا هديلَ الحمام فوق القباب 
ترفع راية المسرّة عبر حروفها الَّتي تدفَّقت نوراً فوقَ مرامي الكائنات، فوقَ أحلامِ البشر. نصٌّ محبوك على مهجةِ العبور إلى تيجانِ المحبّة. تكتب بغزارة وتجنح رؤاها أحياناً عبر تدفُّقاتها الشِّعرية نحو عوالم سورياليّة حلميّة شفيفة، تتميّز برحابة آفاق الخيال المكتنز بصورٍ تصدحُ بالجّمال.  
حينمَا أكلتُ الشَّمسَ / أنا طائرَ الحُلم الزّبرجدي
تحوّل وَجهي إلى عَيْن من اللُّؤلؤ / وقلبِي إلى قزحيّة مِن الزّمُردِ
وجِذعي إلى بُؤبؤ من اليَاقوت الأزرَقِ
تغوص الشَّاعرة في أعماق النَّفس، لتزرع الثّقة النَّاصعة في النّفس، مستفيدةً من كلِّ لحظة في الحياة، بحثاً عن جوهر الحياة عبر رحلة حواريّة بديعة حول الحبِّ وما يعترضه في الحياة من صعوبات ومشقَّات ولكن الوصول إلى الهدف ممكن عبر المحبّة. بناءٌ شعريٌّ متين في بساطته وآفاقه وتهويماته البديعة. 
آلو، هلْ مَازلتَ مَعِي عَلى الخَطّ؟
لا تنسَ أنْ تُعَانقَ أهلكَ / وأنْ تحْمِلَ مَعكَ رفيقَ الطّريقِ:
كتابَكَ الذَّهبيّ وزهْرتكَ الحَمْراء / وامشِ إلى أنْ تصِل إلى جَبَلِ النّار
ستجدُني فِي انتظارِكَ هُناكَ / كيْ نمْشي مَعاً فوقَ أخْدودِ الجَّمْرِ
هناك تجسيد عميق في قصائدها لمساحات الوئام وأجنحة الحمام في ضياء الكون!
قصيدتي الخفيّة طائرٌ صغيرٌ جدّاً / لهُ خمسةُ عيون وعشرة أجنحة.
عند كلّ فجر حينما يعودُ إلى جسدي / يبدأ في اللّعب بالطّين والماء
كيْ يصنع لي في كلّ يوم / اثنتي عشرة حمامة
تحلِّق الشّاعرة في فضاءات الحكمة، مستلهمةً ألق القصائد من ألوانِ الحياة. تنسج نصَّها من كنهِ الميتافيزيق، كأنّها في حالة تحليق نحو نضارة الأعالي. 
عجبي كيفَ أقيمُ بينَ جوانحكَ ولا ترانِي  
وكيف أنّي بيْنَ بُطَيْنِ قلبكَ وأُذَيْنهِ ولا ترانِي
فمَتى تنزعُ عنكَ حِجابَ الزّرقة / كيْ يقع التّجلّي فترانِي؟!
تتواصل مع قوى البشر من خلال مناجاة الله وتجسيد رؤى حكيمة في غدنا الآتي. تترك الشَّاعرة تساؤلات مفتوحة على آفاق الخيال، عبر مهاميز بوح القصيدة.
إلهي، لِمَ جعلتنِي حمامةً تطيرُ وتغنّي أعذبَ الألحان
تطيرُ وتُغنّي فوقَ الأنهار والأشجار
فوق الصّحاري وفوق البحَار
وفَوقَ قمَم أحرام الجَّامعات وساحاتِ المطارات؟
تتوقّف الشَّاعرة عند حالات ارتباك المرء من تنافرات وتناقضات الكثير من مواقف الحياة، وتكتب عن الأمل والبحث عن معاني الأمل عبر تراميز القصائد. تشبِّه الحبيب، الصَّديق، بكلِّ ما هو متألِّق وفتّان، ولديها إنصهار عميق في الذَّات الإلهيّة والجّمال والسُّمو نحو الأعالي.
كلّ ما أريدُه، نظرةَ عشقٍ حارقةٍ مِنكَ
كلّما سجدتُ لكَ عند السّحَر،
تتحدَّث عن عاشق من روعةِ بساتين الخميلة. وتطرح تساؤلات مفتوحة عن منائر العلوم، ومسار الحرف في منعرجات الحياة! تستخدم الشَّاعرة ترميزات عبر نصِّها حول علاقة الرُّوح بالجَّسد وعلاقة الأرض بالسَّماء بأسلوب يتماهى مع معراج العشق الإلهي. تتألَّقُ في مناجاة البحار والرُّوح الصَّافية، عشق في رحاب الزّمن. وترى أنَّ مرامي الحياة تنبع من لبِّ الحرف وجوهر رؤانا، إنّه طريقنا إلى أقاصى التَّجلِّي.  تبحث عن الحرّية، فلا تجد إلا أصفاداً تحاصر ليلها الغارق في أوتادِ السُؤال. وتنسج طموحات مزهوّة بألقِ النَّعيمِ من خلالِ مناجاةِ ينابيع صفوة الإيمان.
تجنح الشّاعرة نحو بناءِ نصٍّ شعريٍّ واضح، تهدف إيصال الصّورة الشِّعريّة بليونةٍ فريدة، بعيداً عن أيّةِ ترميزات ضبابيّة، مركّزةً على ثقافتها العميقة وموروثها الثَّقافي المنفتح على آفاق تطلُّعاتها الَّتي تصبُّ في رحابِ الينابيع الصّافية. ونجدُ لدى الشَّاعرة روحاً ثوريّة على كلِّ ما هو متحجِّر، فترى الشَّاعرة أنَّ للحرف للنقطة للشعر قوّة وتأثير على آفاق حياتنا على مدى تاريخ الحضارات، وصولاً إلى الوقت الرّاهن! 
سأثور عليكَ كيْ أعِيدَ ترتيبَ حُرُوفِ الأبْجَدِيّة
وأعِيدَ إلى العُشّاق نُقْطَةَ رَبِيعِهِمُ المَفْقُود
ونُقْطَةَ شَمْسِهِم الدّامية وَسَط القُلوب
وأضَعَ نُقطَة نِظَامٍ جَديدَة وَسَط مُجَلّدِ التَّارِيخِ
المُطَرّز بالتّرّهَاتِ وَالأكَاذِيبِ.
وترى أنَّ تطهير كلّ شوائب الحياة، يتمُّ عبر نار المحبّة والصَّفاء والحكمة والنّزوع نحو سموِّ السَّماء! فتناجي المشاعر الدَّفينة، المعشَّشة في أعماق القلوب، ثمَّ تغوص عميقاً في مرامي العلوم عبر تساؤلات لأسرار السّماء! تتماهى مع روعة الحياة كأنّها جزء من روحانيّة الشّاعرة ومبرعمة في عوالمها الخاصّة. تصف الشَّاعرة صبيّة متوغِّلة في صفاء اللَّيل، كأنّها زهرة مبرعمة في جفون القصيدة. هناك حالة انصهار مع الحبيب، كما تتواصل مع أبجديات الجُّذور، فترى رحاب الأجداد من منظورٍ شعريٍّ أخّاذ. 
تفتح آفاق جديدة في لغتها الشِّعريّة، لما تقدّمه من التماعات شعريّة تفرشها على فرادة حضارات الشَّرق.
حيث نتلمّس في قصيدة "رأيتُ صليبي"، كيف تجسّد الحق والعدالة المشعّة إلى نورٍ عبر شعاعَين! 
رأيتُ بالأمسِ صليبي
كان أمامي لا فوقَ ظهري
كان شمساً انشطرت إلى شعاعَين 
ثمَّ تكتب عن البئر والبحر، كأنّها معادلتان متكاملتان، لتصفية شوائب الحياة. وفي قصيدة "الآن تذكَّرتُ"، تضع الشَّاعرة يدها على دروب النِّفاق المتفاقمة عند بعضهم، يبحثون عن الضّلال، مع أنّها تريدهم أن يسيروا في طريق الصَّواب ويكونوا أباطرة زمانهم وفي قمّة القمم، لهذا نراها تسلّط قلمها على المغرورين والمتعالين والتَّائهين خلف مجدٍ من سراب، وتنظر الشَّاعرة  نظرة فسيحة في تحليل مبدعي الآداب الرَّفيعة، أمثال باخ وكانت وبودلير حيث تقول: 
سألتُ الأوّلَ عن العَلاقةِ بين المُوسِيقى والرّياضِيات
والثاّني عن العَلاقة بين الله والعقلِ المَحض والسّعادة
والثَّالثَ عن علاقة كُلّ هذا بالشّعر
فقَام "شارل" وسَقانِي مِن كأسِه حرْفاً 
لا شيءَ فيه سِوى القلب
وقام "إيمانويل" وأعْطانِي صحْناً 
لا شيءَ فيه سوى نسغ العقلِ
لكن حينما قَام "سيبستيان" عَزفَ لي مَقْطوعة 
رقصَ لهَا قلْبي وعقْلي
وفي قصيدة "كافكَا تحتَ السّرير"، لا تتوانى الشَّاعرة من التّشكُّك ونقد الآخر حتّى ولو كان كافكا، وتغوص في لبِّ الفلسفة ومتاهاتها وأعماقها وبديلها كما في قصيدة "صديقي فرويد".  
أسماء غريب شاعرة حروفيّة رصينة، ففي قصيدة "مكتبةُ النّقْطَةِ الذّهبيّة"، تناجي الله على نعمة السّماء المتهاطلة علينا. وفي قصيدة "مُحَاكَمَة النُقْطَةِ"، نرى هجوماً على النّقطة، على الأشرار والطُّغاة والقساة. وفي قصيدة "السَّيف الذَهبي"، نجدُها تتواصلُ مع عرين المدائن المعتّقة بألق العطاء، حيث تقول: 
إلهي، / مُنذ ذلك الحين ورَسُولتك الزّينبيّةُ النُّقطة والحرفِ 
تزورني تارةً من دمشق / وتارة من بغداد وتارات أخرى من البتراء
كي تذيبَ كالحدّاد بالنّار تراب المَوْتِ الجَّسديّ 
ثمَّ تجنحُ في قصيدة "غُصنٌ من اليُشب الأحمر"، نحوَ صورٍ عشقيّة متماهية مع المحبوب برهافةٍ شاعريّة. وفي "رسولُ العشق"، تنسابُ تدفُّقات عشقيّة بإيقاع رومانسي شفيف، .. وفي "ساعي البريد"، تنسج الشَّاعرة تواصلاً رهيفاً بين الجَّماد والكائنات والأجرام السَّماويّة كالنّيازك وتلألؤاتِ النُّجوم. 
ولا تتوانى الشَّاعرة أن تنتقد واقع الشَّرق المرير عبر نصوصها، وتضع يدها على الجِّراح المستولدة من شراهات الدّمار المتفاقم على شعوبٍ بريئة. وفي قصيدة "زَمْزَمْ"، نقرأ نصَّاً مستوحى من صفاء الرُّوح، وفي "صباحُ الخيرِ سَاكورا"، تبثُّ رسالة عتاب شعريّة، ونقرأ نصوصاً مفعمة بفضاءاتِ السُّؤال! ولا يفوتها الإحتفاء بشعراء لهم قاماتهم الإبداعيّة، وإستلهام العديد من القصائد من عوالم الأنبياء وسموِّ عشقهم وصفائهم الرّوحي، فتناجي بابتهالٍ عميق سموَّ الله والأنبياء والرُّسل والقدِّيسين والقدِّيسات. 
الشَّاعرة أسماء غريب تجسِّدُ عبر فضاءاتها الشِّعريّة وعبر هذا الدِّيوان، تجربةً شفيفة كنسمةِ الصَّباح، تحبُكُ شِعرها عبر تأمُّلات وتجلِّيات روحيّة مفعمة بالوئام ومتشرِّبة بكنوزِ المعرفة الإنسانيّة الخلَّاقة! 

صبري يوسف
أديب وتشكيلي سوري مقيم في ستوكهولم

خبر ثقافي من إيطاليا: 99 قصيدةً عنكَ، ديوان شعري جديد للدكتورة أسماء غريب

ضمن منشورات دار الفرات للثقافة والإعلام، صدرَ حديثا (تشرين الأول 2015) باللغة العربية في العراق (بابل) وبطباعة أنيقة، ديوان شعري جديد للشاعرة الناقدة والمترجمة الدكتورة أسماء غريب، تحت عنوان ((99 قصيدةً عنكَ)). يقعُ الديوان في (380 صفحة) من القياس الوزيري، ويتكون من 125 قصيدة ذات طابع صوفي عرفاني حديث، حرصتِ الشاعرة على أن يكونَ صوتُها فيه صوتا تجديديا، يُسائلُ حَرف التصوف وتاريخه، وينفضُ عنهُ غبار التقليد، ويحرره بلغة أصيلة وأسلوب سلس من تكلّسات الإيديولوجيا والفكر المُوجَّه. تتصدّرُ الديوان كلمة بقلم الشاعرة، جاءت كتمهيدٍ حاولت من خلاله إرشاد القارئ إلى الأرضية التي انطلق منهَا حرفُها الصوفي، وإلى مدى تأثير المدينة التي رأتْ فيها النور على بعض من قصائدها، لا كلّها، ذلك أنّ حرفَها يتجاوزُ حدودَ الإقليمية أو الوطنية ليعانقَ حدود العالمية والكونية، مما يعني أنّها هي نفسُها قصيدةٌ ذات ثقافة غزيرة جمعتِ الشّرقَ بالغرب وصهرتْ بين أسماء مختلفة من أعلام الإبداع والحضارة الإنسانية وجعلتْها تتحدثُ بلسانِ اللاهوت تارة، وبلسانِ العلوم الحقة تارات أخرى، وبلسان أهل الفلسفة والخيمياء تارات ثالثة.
لوحةُ الغلافِ هي من إنجاز أسماء غريب، وقدْ أطلقتْ عليها اسمَ (شجرة المُلْكِ)، وهيَ تُشْبِهُ طائرا ذهبيّا، يُجَسِّدُ حسبَ وصْفِ الشّاعرةِ لهُ، قلْبَ الإنسانِ المُجنّحِ والمُتوهّج، والمُعَافى من كلِّ علّةٍ وداءٍ. وهو ما يعني مرحلةً شفائيةً أشارتْ إليها أسماء في لوحتِها بالشريان الأبهر والوريد الأجوف، الملتفّيْن على جسد الشجرة الشِعريّة الواقفة المتجرّدة منْ كُلّ قيْدٍ ورَسْمٍ، مُشكّلةً بوقْفَتِهَا هذه أيقونةَ الطبّ العظيمة، والتي بمُوجِبِها يتحوَّلُ الديوان برُمّته إلى عيادة شفاء الإنسان مِنْ أمراضه وقلقه، وخروجِه منْ حالة الظّلام إلى حالة النور، ومن حالة الحربِ إلى حالة السّلام.
الديوان هو مِن تقديم الأديب والفنان التشكيلي السوري صبري يوسف، وقد كتبَ عنهُ أيضا ستّة من النقاد والباحثين العراقيين. وهو الرابعُ بين دواوينها الشعرية التى صدرتْ لها إلى اليوم، ويتميّزُ كما سبقه من الدواوين بطول النصّ الشعري، وهذه سمة تتأتّى من طول نفَس الشاعرة في كتابة المؤلفات والدراسات النقدية التي تعتمدُ البحث العلمي وتقتضي مِن الدّارس الصّبر والتّأني حتّى يأتيَ العملُ مُميّزا جديدا وتجديديا، يخاطبُ الروح والعقل أكثر من العاطفة، ويحفّزُ القلبَ على التّفْكير واختراق حُجب الكلمة والغوص في رموزها القديمة الجديدة. 

زياد جيوسي يكتب عن بلدته: جيوس في القلب

بقلم وعدسة: زياد جيوسي

   من بلدية جيوس واصلت المسيرة في دروب البلدة، شاعراً بأرواح الأجداد ترافقني، ومررت في البداية قرب مغارة تاريخية واسعة عرفت باسم (مغارة الكفاوي)، وهي مغارة واسعة وتمتد لمسافة كبيرة تحت البلدة من تحت المدرسة، هي تعود تاريخياً إلى المرحلة البيزنطية، وبكل أسف لم أجد في البلدة من يعرف سر التسمية، وإن فسرها البعض نسبة إلى الكفن الذي يلف به الموتى المسلمين، وهو تفسير ضعيف جداً، فالمدافن التي وجدت بها هي مدافن بيزنطية ولا علاقة لتقاليد المسلمين بها، ومن الواضح أنها كانت البدايات لسكن الناس في جيوس في الأزمان الغابرة، وهي مغلقة حالياً، وأعتقد أن الكثير من أساطير الخيال الشعبي التي تحدثت عنها في الهمسات الأولى والثانية تعود لهذه المغارة الضخمة، ومنها اتجهت إلى مغارة الناجي، والتي أذكرها في زيارتي الأولى لجيوس، فقد كان العم أبو العبد (رحمه الله) مالكاً وراعياً للأغنام، وحين كان يعود في المساء بعد رعي الأغنام، يجعل من المغارة مكانا لمبيتها، ومن هناك اتجهت إلى منطقة جنينية ومغارة عثمان القحوش (رحمه الله)، ومغارة عائشة، والتقطت لها الصور، فجيوس عرفت بكمٍ كبير من الكهوف سمعت بها، والكثير منها خلف الجدار، والبعض سمعت بها ولم أعرفها، ولم أجد أحداً اهتم أن يرافقني إليها لتوثيقها، كما لم أجد من يجول معي ويعرفني على تاريخ ما تبقى من الأبنية التراثية، ومن هذه الكهوف والمغائر مغارة حميدة في منطقة الكشاش، ومغارة الزطي أو مغارة الطحناني وهي مغارة ضخمة ولها مدخلين في وادي الشيد وعلى مدخلها صخرة ضخمة، وهذه المغارة أيضاً حيكت حولها الحكايات والأساطير.
   كان في البلدة في الزمن الماضي مقام عرف باسم مقام الحاجة، وقد تمت إزالة هذا المقام بالكامل، ويقال إنه كان مدفون به حاجة وزوجها وكان الناس يتبركون بزيارة المقام ويشعلون فيهما سراجات الزيت، ويعتبرونهما من أولياء الله الصالحين، وفي الزمن الماضي كانت هناك الكثير من الحكايات الشعبية حول الكثير من الأمكنة ومنها على سبيل المثال لا الحصر منطقة السحيلة، وهو مرتفع مائل غرب البلدة خلف الجدار، ويقال إنه كان يقطن به ضبع أثيرت حوله حكايات تتجاوز قدرات قطيع من الضباع.
  إنه الخيال الشعبي المتوارث تختلط فيه الحقائق مع الخيال والأساطير، لكن بالتأكيد أن هذه الحكايات تبقى بعضاً من تاريخ المناطق، ويندر أن تخلو منطقة من مثل هذه الحكايات مع اختلافها، لكن بكل أسف نجد أن معظم هذه الروايات الشعبية ضاعت ولم تجد من يوثقها، ومعظم كبار السن أعلنوا رحلة الرحيل فذهبت الحكايات معهم، ولم يتبق منها إلا شذرات بالكاد يتذكرها أو يعرف تفاصيلها أحد.

   واصلت المسيرة لا ترافقني إلا عدستي وحجم المشاعر الكبيرة تجاه بلدتي، فاتجهت إلى أطراف البلدة حيث الهواء البكر وحقول الزيتون، ومررت بشارع يلتف حول البلدة بعد أن تجولت في المنطار، ووقفت على تلة في المنطار تمكن الجدار من شطب نصفها، ومن أعلى التلة ومن أرض ابن العمة مصطفى (أبو ضياء) كنت التقط الصور للأرض المصادرة خلف الجدار، وللبلدة من الجهة الغربية، حيث كان البيدر وبئر الماء كما هو مرسوم المشهد في الذاكرة، وكانت دوريات الاحتلال لا تتوقف عن المرور على الشارع خلف الجدار مباشرة، لأتجه من هناك عبر شارع التفافي حول البلدة باتجاه الواد والبركة.


 وهذه البركة والتي أصبحت مسقوفة الآن، كانت من مصادر المياه المهمة لأهل البلدة، وكان المسير جميلاً مع الأشجار المتنوعة وإن غلب عليها الزيتون وفي منطقة من الشارع تغلب نباتات الصبار، وكنت أتنشق الهواء البكر والنقي بقوة، لأتجه إلى مبنى النادي والجمعية، وبكل أسف وجدت على مدخل النادي علمين من أعلام فلسطين لم يتبق منهما إلا العصي التي تحملهما ومزقاً من القماش، ورغم أني لفت انتباه أحد المسؤولين بالنادي لذلك، إلا أن شيئاً لم يتغير بعد مرور فترة زمنية طويلة من تلك الزيارة.
                         

  مررت من جوار المسجد القديم والذي تحدثت عنه في مقالة سابقة ودخلت للصلاة، وحين خرجت وقفت اتذكر الأعمدة الجرانتية الأثرية التي اذكرها في طفولتي ولم يتبقى منها الا عمودين من أربعة في بوابة المسجد، فتسائلت بنفسي: أين ذهب العمودين المختفيين وأين ذهبت الأعمدة الصغيرة وتيجان الأعمدة الأثرية التي تعود لمئات من السنين وبعضها أذكره كالخيال في زيارتي الأولى للبلدة طفلا عام 1965م والبعض سمعت عنه من كبار السن ومن والدي اطال الله بعمره، وخاصة أني رأيت احد الأعمدة الصغيرة وقد وضع بدلا من الطوب بأحد الأرصفة القريبة من المسجد، وسمعت أن تيجان الأعمدة سرقت وبيعت وهي تعود لفترة الرومان، فهمست لنفسي: أهكذا نتعامل مع التراث والتاريخ في بلدتنا الخضراء؟

   ومن هناك إلى مدخل البلدة متجهاً باتجاه مفرق بلدة صير، متمتعاً بالسير والجلوس وتنشق الهواء بين أشجار الزيتون، وبعدها قفلت راجعاً باتجاه مدخل البلدة لأواصل الطريق الخارجي حول البلدة، فوقفت على المنعطف الحاد وتذكرت شجرة الزيتون الشهيرة التي عرفت باسم (الزيتونة العوجه) كونها نبتت أفقياً وليس رأسياً، وفي مرحلة لاحقة قررت جهة ما في البلدة، ربما تكون المجلس وربما غير المجلس، قطعها حتى لا تؤثر على السير، لأكمل الطريق تجاه منطقة قصر عبيد المواجهة للبلدة وهي من أراضيها، حيث بدأت أبنية حديثة تبرز هناك، وفيما رواه بعض ممن عرفوا المنطقة من كبار السن قالوا أن المنطقة كانت تضم أثرا تاريخيا عبارة عن قصر ضخم بني بحجارة ضخمة عرف تحت إسم قصر عبيد، وإن لم أجد أحدا لديه فكرة عن تاريخ القصر وسبب التسمية، لأواصل الطريق حتى واد عويضة حيث كانت الجيوش العثمانية تقيم معسكرات لها على حفاف هذا الوادي وتمتد إلى خربة (يوبك) والمنسوب اسمها للقائد المملوكي (أيبك) والتي سيكون لها زيارة لاحقة وخاصة بعد أن اصبحت خارج الجدار البشع بعد عملية قضائية معقدة مع الاحتلال، ومنها أعود عبر طريق العقبة إلى جيوس، وأجلس مع الأستاذ العزيز والعم أبو سامح السمحة (الاستاذ شوكت)، وأستمع منه لبعض ما في ذاكرته من أحاديث ترتبط بذاكرة جيوس، والجلسة دوماً معه لها نكهتها الجميلة بما يحتفظ من أحاديث وذكريات وهو قد خرّج أجيالاً من أبناء البلدة، وترأس المجلس البلدي لفترة قصيرة، وفي المساء كنت بعد أن فاجأتني الأمطار الغزيرة، أسهر عند الأخ عودة (أبو نائل) وولده نائل، وهما من أصدقائي القريبين، لأستمع من (أبو نائل) لحكايات عن البلدة وخاصة أنه ترأس المجلس البلدي لفترة جيدة، وترك بصمات بيضاء جميلة على جيوس أثناء رئاسته للمجلس.

   في الصباح كنت أغادر جيوس لطولكرم، فأمارس طقوسي المعتادة فيها كما العادة، وأعود إلى رام الله بفرح وشوق، فليس مثل رام الله من أنيس يؤانس وحدتي وخاصة حين أعانقها وأجول معها وفيها جولات المساء، فأصحو من نومي مبكراً كالعادة على صوت هديل الحمام على نافذتي، فأبتسم لطيفي البعيد القريب، وأتأمل رام الله عبر جولة سريعة صباحية، لأحتسي قهوتي وأستمع لشدو فيروز وهي تشدو: (بيقولوا زغير بلدي بالغضب مسور بلدي، وبيقولوا قلال، ونكون قلال، بلدنا خير وجمال، وبيقولو يقولو، شو هم يقولو، شوية صخر وتلال يا صخرة الفجر وقصر الندي يا بلدي).
   فأهمس: صباحك أجمل يا وطني، صباحكم أجمل أحبتي، وإلى لقاء قريب في بلدة جميلة أخرى من بلدات الوطن التي تروي الحكايات.

حارسة البحر صخرة الروشة صخرة الحب والموت

الغربة ـ بيروت \تقرير -غفران حداد

أول ما يشاهده السائح في الطائرة قبل نزوله بدقائق على أرض مطار رفيق الحريري الدولي في العاصمة بيروت ،صخرة الروشة أو كما يحلو للبنانيين تسميتها "حارسة البحر" التي تعد معلما سياحيا طبيعيا يطل على واجهة لبنان البحرية، وتشاهد أعداد كبيرة من طيور النورس تحط رحالها على أمواج شاطيء الروشة ويستقطب شاطىء الصخرة العوائل والاصدقاء والعشاق الذين ينشدون الاستجمام والترويح عن النفس بأقل كلفة ممكنة، كما يتجول هناك وهناك بائعي الورد الذين يبيعون الوردة الواحدة بألفين ليرة واذا رؤا سائحا فالسعر مضاعف ايضا يتلاقفك مصورو الصور الفورية لأخذ صورة لك مقابل الفين ليرة ثم ينادي السائح صاحب الحصانين من بعيد هل تريد ان تعتلي صهوة الجواد وتقوم برحلة على الشاطئ بالف ليرة فقط؟ ويتمتع الناس بالمشي والركض على الرصيف قبالة شاطئ البحر، كما يوجد بها عدد من المطاعم والمقاهي التي تقدم المأكولات المحلية والأجنبية ومجموعة متنوعة من الوجبات الخفيفة والسريعة اضافة الى وجود عدد من الفنادق من خلالها يمكن رؤية الصخرة من نوافذها وقد شكلت الصخرة ميدانًا تنافسيًا للسباحين الماهرين الذين يتنافسون على تسجيل الأرقام القياسية في قفزهم من أعلى نقطة منها ، حيث تحدى أحد الشبان اعاقته وهو مصاب بشلل نصفي وتسلقها بمعاونة الجيش اللبناني ويتمتع الزائر عند زيارته لصخرة الروشة بركوب القوارب بجانب الصخرة لروعة مظهرها وارتفاعها من على البحروحين تنظر للصخرة عن قرب ثم تأخذك الذاكرة إلى افلام الستينات والسبعينات،أفلام لعبد الحليم حافظ وناديا لطفي وصباح وفريد الأطرش وغيرهم ممن اختار مخرجوهم أن يصوروا لقطات قرب الروشة، افلام صارت من التراث المصري بانتاج لبناني مصري مشترك إضافة إلى ذلك هناك أفلام تم تصوير معظم مشاهدها على امواج الروشة وكانت من إنتاج لبناني فرنسي أو لبناني بريطاني، وهذا يدل على ازدهار بيروت في مدة ما قبل حرب

صخرة الموت

يقول وائل أحمد الذي يعد الدخان في الأراكيل للسياح الذين يأنسون في الطريق المحاذي للبحر في حديثه : صخرة الروشة نسميها نحن اللبنانيون ب"حارسة البحر" وايضا صخرة الموت لأنها شهدت عشرات حالات الانتحار من الشباب الذي ن يعيشون فشلا عاطفيا فيرمون انفسهم في الماء لتطوف جثثهم في الايام اللاحقة والبعض منهم يتم انقاذهم من قبل السياح وسائقي القوارب القريبين من الشاطيء "

الربح الوفير

أما السيد جوي الخوري عمره 69 سنة صاحب احد المطاعم لشواء السمك البحري المطل على شاطيء الروشة يقول في حديثه  : لا ننكر بان لصخرة الروشة فضل كبير في جذب السياح العرب والاجانب ومجيئهم للبنان يدر علينا بالربح الوفير وموسم السياحة الحقيقي بدأ في شهر رمضان وشهر تموز وآب خاصة بعد انتهاء العام الدراسي للطلبة ولكن الان يعتبر عدد السياح قد قلّ كثيرا مع بدء العام الدراسي..

وعن حقيقة حالات الانتحار على شاطيء صخرة الروشة اضاف جوي" نعم هنالك العديد من حالات الانتحار ولكن بقيت عالقة في ذاكرتي قصة الفتاة اللبنانية التي قضت انتحارًا يوم رمت بنفسها عن شاطيء الروشة بعد إعلان وفاة المطربة والممثلة أسمهان لأنها لم تتقبل فكرة رحيلها بكل بساطة " .

نشوء صخرة الروشة

 وصخرة الروشة عبارة عن صخرتين كبيرتين وسط البحر الأبيض المتوسط وقريبة من شاطئ منطقة الروشة في بحر بيروت الغربي، وتتكون من كتلة صخرية كبيرة هائلة مجوفة في الوسط وتبلغ قمة الصخرة ما يقارب ال 70 مترًا ومتوسط ارتفاع 25 مترًا، وفي الاتجاه المقابل توجد صخرة مدببة مرتفعة متأثرة بعوامل التعرية الجوفية. وقد عثر علماء الآثار في الصخرة على الصوان وأدوات أساسية تم عرضها في المتحف الأثري بالجامعة الأمريكية في بيروت، والتي تدل على انه قد سكنها الانسان قديما. ويفترض بعض علماء الجيولوجيا أن صخرة الروشة ظهرت بسبب عدة زلازل قوية ضربت بحر بيروت الغربي في القرن الثالث عشر الميلادي، ما أدى إلى القضاء على العديد من الجزر المأهولة في ذلك الوقت وظهر في محلها صخور كثيرة منها صخرة الروشة وهي تكوينات طبيعية ضخمة، وتبرز مثل الحراس في البحر. 

لبناني قتل آخر واعتقلوه يفر من مطار سيدني إلى بيروت

العربية ـ لندن - كمال قبيسي
كان اللبناني بلال علوش ينتظر موعد إقلاع طائرته في مطار سيدني الدولي بأستراليا، ليغادره يوم الجمعة الماضي إلى بيروت، حين داهمه رجال الشرطة وأحبطوا مخططه بالفرار إلى لبنان، وهو خبر اطلعت "العربية.نت" عليه في وسائل إعلام أسترالية عدة، وبارزاً بطريقة تثير الاستغراب.
اعتقلوا علوش في المطار، واقتادوه مقيداً بالأصفاد إلى حيث وضعوا أمامه في اليوم التالي ما يثبت مشاركته مع لبنانيين آخرين، بإطلاق رصاص بالجملة على هادي أيوب، المهاجر مثلهم من لبنان بأستراليا، والبطل المحلي بكمال الأجسام في سيدني، فأردوه على مرأى من بعض الأطفال في جريمة من الأبشع، وأبرزتها وسائل الإعلام الأسترالية بطريقة قد يظنها المتابع لأخبارها مبالغات.
قصة حب انتهت بالزواج واعتناق الإسلام
لكن يبدو أن المعلومات عن أيوب، ساهمت بتغطية واسعة لما حدث له، خصوصاً طريقة قتله الشبيهة بما يرتكبه المافياويون بالأفلام حين يمطرون ضحيتهم بعشرات الطلقات، كما وشهرته كرياضي ناجح بعمله أيضاً، إضافة لما قرأت "العربية.نت" بوسائل الإعلام الأسترالية، عما يمكن وصفه بقصة حب مشهودة عاشها مع أسترالية، وكتب عنها في حسابات له بمواقع التواصل مع صور عاطفية، وانتهت بزواجه منها وتحجبها بعد اعتناقها الإسلام.
تكاتفوا عليه، وكانوا مجموعة شبان أعمارهم بالعشرينات، وقتلوه عصر يوم 29 يونيو الماضي تحت شجرة مقابل ملعب للأطفال في ضاحية "بانشبول" بسيدني، ولأسباب لم تتضح للآن، مع أن 4 أشهر مضت على الجريمة التي اعتقلوا في أغسطس الماضي مشاركاً آخر بارتكابها، هو عمر رجب، وعمره من عمر المعتقل الجديد علوش والقتيل أيوب أيضا، أي 22 سنة.
وكان لقبه "الشاب الذهبي" للجيران والأصدقاء
كان أيوب محبوباً من جيرانه في حي كان يقيم فيه بضاحية Greenacre مع زوجته جيسيكا التي اقترن بها قبل 15 شهراً، ويبدو أنها مصممة حقائب نسائية، بحسب ما استنتجته "العربية.نت" من تجولها في حساب "فيسبوكي" يخصها، وما زالت تذكر فيه بأنها متزوجة من أيوب، الذي كان ناشطاً بتجارة أدوات وتوابع رياضة كمال الأجسام، ومعروفاً للجيران والأصدقاء بلقب "الشاب الذهبي" وفق ما ورد عنه في صحيفة "سيدني مورنينغ هيرالد" الأسترالية، كما في غيرها.
ولم تذكر الشرطة للآن أيضاً، كم أطلق عليه قاتلوه من رصاص مسدساتهم، إلا أن وسائل إعلام محلية نقلت عن أطفال عاينوا بأنفسهم مقتله في وضح النهار، وفق الوارد عنه في موقع ABC التلفزيوني المحلي للأخبار، وهو ما أكد للشرطة أنه كان مستهدفاً من قاتليه للتخلص منه لسبب ما، وأنه يعرف بعضهم، واتفق على اللقاء بهم في مكان مقتله بالذات، ثم شوهدت سيارة زرقاء رباعية الدفع تغادر المكان بسرعة وتختفي، وما زالت بقية من كانوا فيها مختفين، هم والدافع المحيّر على قتله.

صدر للناقد علوان السلمان كتاب- استنطاق النص الشعري آمال عوّاد رضوان أنموذجًا

عن دار الجزيرة صدر للناقد العراقيّ علوان السلمان كتابًا نقديًّا تحت عنوان: 
استنطاق النص الشعري/ آمال عوّاد رضوان أنموذجًا
ورد الكتاب في 82 صفحة من الحجم المتوسّط، وتضمّن قراءاتٍ نقديّة في نصوص الشاعرة آمال عوّاد رضوان، احتوى عشرة عناوين: 
كلمة لا بد منها للمؤلف، مقدّمة عن مفهوم الشعر واللغة الشعريّة، قصيدة النثر.. مغامرة المفاجأة الصّوريّة، اعترافات، كم موجع ألّا تكوني أنا (نصّ شعريّ)، التصوّرات القيميّة في (كم موجعٌ ألّا تكوني أنا)، آتٍ على ناصية هوى (نصّ شعريّ)، المتكلم الدال في (آتٍ على ناصية هوى)، التقنيّة الشعريّة في سلامات مطريّة (ديوان شعريّ- سلامي لك مطرًا)، قراءة في تضاريس عنوان مفقود ( ديوان شِعريّ- رحلةٌ إلى عنوان مفقود)،  تجاوز المبنى والمعنى في عشقيات (أُدَمْوِزُكِ وَتتعَشتَرين)!  
وقال المؤلّف سلمان العلوان في كلمة لا بدّ منها:
أن يُلملمَ الفردُ بعضَ أفكارهِ وتأمُّلاتِهِ كي تتعانقَ بدفءٍ، هذا يَعني الخلود.. كوْنها تمتلكُ المَشاعرَ والأحاسيسَ التي أمْلتها ظروفُ الحياة، فكانت شواهدَ نقديّة في الثقافةِ الإنسانيّة ومُنتجِها الإبداعيّ.. آمِلا أن تُلاقي قبولا.. لا زهوًا.. مُعتبرًا أنّ صِلتي بالحياة ما تزال كما أردتها.. فالكاتب لا يطمحُ إلّا لإرضاء ذاتِهِ.. لأنّ الذاتَ جزءٌ مِن حركة الكون.
وفي الشعر واللغة الشعرية يقول المؤلف: الشعر كغيره من الفنون لا يختلف عنها إلّا بوسيلة التعبير، وهي الكلمة المقروءة أو المسموعة، فالشعر لغة موسيقيّة خاصّة لأغنية مكتوبة مزخرفة بالنغم والإيقاع، وللقصيدة الشعريّة أجنحة مرفرفة، يُحلق بها القارئ ويتكئ على وسادتها بخيال سحريّ حالم، فالشعر رسمٌ دون ألوان أو خطوط، بل يعتمد الألفاظ المثقلة بالإيحاء والتعبير.
علوان السلمان في سطور:
1ـ علوان السلمان من مواليد 1963/ بغداد. خريج كلية الآداب/ جامعة البصرة/ وما زال تلميذا في مدرسة الادب. دبلوم عالي في الشعر المسرحي. كتب في الصحف والمجلات العراقيّة والعربيّة، منذ عام 972 وفي مجالات مختلفة: شعر- قصة- مسرح- مقالة- موسيقى..
من مؤلفاته: 
1- سلاما نخل البصرة- شعر. 2- عيون بابلية- شعر. 3- تناسخ- شعر. 4- الغناء- شعر للأطفال. 5- حلم العيون- شعر شعبي. 6- كتابات على أسوار بغداد- شعر مشتركة. 7- في يقظة الحلم- قصص قصيرة جدّا مشتركة. 8- لوحات شيرين- قصص قصيرة جدّا. 9- الجسر- قصص قصيرة جدّا. 10- عاصفة الحبّ والتمرّد في شعر محمود درويش. 11- بريخت ومسرح التغريب. 12- إشارات في الأخلاق. 13- التبسيط في عروض الخليل. 14- مقالات في اللغة والشعر والفن. 15- إعراب وتفسير قصار الكتاب. 16- ألفريد سمعان وروح الإبداع.
17- فاضل ثامر وأسئلة النقد المعاصر. 18- الراوي- الزمان- المكان- الحوار في (المسرّات والأوجاع) و (النخلة والجيران). 19- القصّ القصير جدّا بين النظريّة والتطبيق. 20- ما أراه.. لا يراه الآخرون/ج1. 21- ما أراه.. لا يراه الآخرون/ج2. 22- ما أراه.. لا يراه الآخرون /ج3. 23- ما أراه.. لا يراه الآخرون/ج4. 24- ما أراه.. لا يراه الآخرون/ج5. 25- ما أراه.. لا يراه الآخرون/ج6. 26- ما أراه.. لا يراه الآخرون/ج7. 27- ما أراه.. لا يراه الآخرون /ج8. 28- ما أراه.. لا يراه الآخرون/ج9. 29- ما أراه.. لا يراه الآخرون/ج10.
مشارك في المؤلفات الاتية:
 *الدكتور عناد غزوان مواقف وشهادات. *الجواهري النهر الثالث. *الجواهري في بيت طفولته. *الدرويش في خبزه المُرّ. *عريس عشر سنوات (قصص كرديّة). *حكاية من زمن الفرسان وقصص أخرى(قصص كرديّة مُترجَمة). *قصص من بلاد الرافدين (عربيّ كورديّ). *ما يعتقده زوربا (مجموعة شعريّة). *مبتدأ الحروف (مجموعة شعريّة). *الأقاصي والتجلّيات- قراءة في تجربة الشاعر نوفل أبو رغيف. *انفتاح النصّ قراءات نقديّة في سرديّات الفرطوسي. *مدوّنات (الأثر الثقافيّ بعد التغيير) فهد الصكر. *جماليّات النصّ وتنوّع الخطاب/ حسن سليفاني. *هندسة اللغة في شعر عبدالهادي الفرطوسي. *(حتفي يترامى على حدود نزفي) قراءات نقديّة في شعر الشاعرة آمال عوّاد رضوان. *(في الطريق إلى الشاعر طيّب جبّار). *البريسم سادن الشعر وحارس بوّابة القصيدة. *اختلاف الرؤى والتلقي في الخطاب الشعريّ/ خالدة خليل. *دليل معلم النشيد والموسيقى للمرحلة الابتدائيّة. *سلة من ثمار/ عيسى حسن الياسري/ إعداد وتقديم فاطمة خليفة مؤذن. *مزامير ديموزا- سبتي الهيتي. *الجواهري في عيون معاصريه.
تحت الطبع: *محطات في الإبداع الشعريّ والسرديّ الكورديّ. *محطات بصريّة في الشعر والسرد. *محطات ميسانيّة في القصيدة الشعريّة والسرديّة. بعض الشعريّة والسرديّة في أدب الناصريّة. *حركة الأشياء/ قصص قصيرة جدّا. *إعراب وتفسير سورة البقرة. *ما أراه.. لا يراه الآخرون /ج11
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*عضو اتحاد الأدباء والكتاب في العراق. *عضو نقابة الصحفيين العراقيين . *عضو اتحاد الصحفيين العراقيين. *عضو نقابة المعلمين العراقيين. *عضو لجنة تأليف المناهج الدراسية. *عضو مؤسس رابطة النقاد العراقيين في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق وأمينها العام. *عضو مركز النورالإلكتروني. *الأمين العام لنادي القصة العراقية في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق. *عضو هيئة تحرير مجلة تراسيم (مجلة فصليّة متخصّصة في القصة القصيرة جدّا). *عضو هيئة تحرير مجلة رؤيا (مجلة فصليّة تُعنى بثقافة الحداثة وما بعد الحداثة). *عضو هيئة تحرير مجلة صوت ثقافتنا (الكورديّة- العربيّة).
**وردت ترجمة حياته في موسوعة أعلام وعلماء العراق للأستاذ حميد المطبعي بغداد/ ص101/ج2/2012
التكريم:
*وزارة التربية (مهرجان المربد التربوي الأول والثاني). *وزارة الشباب والرياضة (ملتقى الشباب الشعريّ في ضيافة الجواهري). *وزارة الشباب والرياضة (ملتقى القصة القصيرة). *وزارة الثقافة (تكريم المتميزين). *دار الشؤون الثقافية (تكريم المتميزين من المدرسين)
المشاركات:
*شارك في كافة المهرجانات والمؤتمرات الثقافية منها: مهرجان المربد الشعري/ مهرجان الجواهري/ مهرجان المتنبي/ مهرجان صدر العراق الأول/ مهرجان القصب الأول/ مهرجان طف العراق الأول/ مهرجان الثقافة الحرة المغيبة/ مؤتمر المثقفين العراقيين/ الملتقى الثقافي العراقي الأول/ الجواهري في بيت طفولته/ ملتقى الشباب الشعريّ في ضيافة الجواهري/ ملتقى القصة القصيرة ( وزارة الشباب والرياضة)/ ملتقى عالم الشعر في النجف/ مهرجان أدب الطفل الاول في النجف/ ملتقى قصيدة النثر في البصرة/ملتقى الرواية الاول في البصرة/ملتقى السياب في البصرة/ مهرجان الكميت في ميسان/ ملتقى الأدب السريانيّ/ المهرجان القومي للشعر الكورديّ في هه ولير/ملتقى الثقافة العربية الكردية في بغداد/2012. اليوم العالمي للغة العربية/ وزارة الشباب/2013/ ملتقى الشعراء والنقاد التربويّين الأوّل/2014/ مهرجان جماعة كركوك الثقافي الاول/2014. عمل في تحرير الصفحات الثقافيّة في عدد من الصحف والدوريّات العراقيّة وما يزال.                                                                                                            alwanalsalman5@ymail.com


اعتلال الاعصاب السكري

كتب الدكتور رافد علاء الخزاعي
ان مرض السكري يشكل تحديا كبيرا للمريض وعائلته والطبيب المعالج فهو مرض مزمن وعدم الاكتراث من قبل المريض او الطبيب المعالج سيودي الى عواقب وخيمة ومكابدات على المريض وعائلته 
مثلا حسن  عمره 45 سنة  مريض يعاني من السكر ولكنه مريض يخاف الفحص اليومي الذاتي والدوري للسكر في الدم وكذلك ليس لديه نظام حمية غذائية او الالتزام بالعلاج الدوائي اضافة الى انه كثير التدخين جائني للعيادة يشكو من حرقة شديدة في كلتا الساقين والقدمين تجعله بعض االليالي يجهش بالبكاء من شدة الالم وهكذا يصف حالته والمه.
حجي عباس مريض مصاب بالسكري منذ ثلاثون سنه مستمر على دواء تم وصفه له منذ عشرون سنه ولم يراجع طبيب ولم يفحص السكر وغير ملتزم بالحمية وفي المناسبات ياكل على راحته من ثريد ومرق وتمن وفاكهة وحلويات ولكنه يتذكر انه مصاب بالسكر في طلبه للشاي فيقول لساقي الشاي عمي بروح ابوك جيبلي الشاي بدون شكر(سكر) تره عمك بيه سكر وحجي عباس يوميا مضيع (فاقد) احدى نعليه بالشارع لفقدانه الاحساس في كلتا القدمين وفي هذا تموز احترق باطن قدم الحجي بدون ان يحس بها من اسفلت الشارع الملتهب ...........
علي شاب جميل تزوج حديثا مصاب بالسكري منذ كان عمره عشر سنوات ولكنه غير متابع لعلاجه وهوائي في اخذ الانسولين وكم مرة ادخل المستشفى بسبب السكري المرتفع وحموضة الدم  مرات عدة وصلت خطورتها بعض الاحيان علي لم يحس باهماله الا في يوم زواجه وشهر العسل ليعرف ان الاهمال في علاج السكر له ثمن هي دموع رجل في فراش الزوجية.
انه اعتلال الاعصاب السكري احدى المضاعفات المزعجة لمرض السكري الغير مسيطر عليه علاجيا وغذائيا وسلوكيا . 
اعتلال الاعصاب السكري هو احد مضاعفات مرض السكري على المدى البعيد و هو تلف في الاعصاب في مختلف أنحاء الجسم ، و هو شائع عند مرضى السكري حيث أنه قد يؤثر في ما يقارب 60 - 70 % من الحالات . و تتراوح الأعراض الناتجة عن الإصابة فقد لا يشعر المريض بأي أعراض أو قد يشعر بالألم ، الخدر و التنميل . اعتلال الأعصاب السكري شائع مع تقدم العمر ، و خاصة أولئك الذين تكون مستويات السكر مرتفعة و غير مسيطر عليها ، و الذين يعانون من السمنة ،  و ارتفاع دهنيات الدم . يُعد اعتلال العصب السكري من اهم اسباب التقرحات في ارجل مرضى السكري .
اعتلالات الأعصاب السكرية هي اضطرابات عصبية ترتبط بمرض السكري. ويعتقد أن هذه الاعتلالات تنجم عن إصابة الأوعية الدموية الدقيقة بتصلب الشرايين المبكر نتيجة لمرض السكري بما فيها الأوعية الدموية الصغيرة التي تغذي الأعصاب(أوعية الأعصاب)، بالإضافة إلى إصابات الأوعية الدموية الكبيرة التي تبلغ ذروتها مع اعتلال الأعصاب السكري. تشمل الحالات المرتبطة باعتلال الأعصاب السكري شلل العصب الثالث، اعتلال العصب الأحادي ؛ اعتلال أعصاب متعددة؛ الضمور العضلي السكري؛ اعتلال الأعصاب المتعددة المؤلم؛اعتلال الأعصاب اللاإرادية، واعتلال الأعصاب الباطنية والصدرية.
و تعتبر اعتلالات الأعصاب الطرفية أكثر الأعصاب تأثرا بمرض السكري خصوصا الأعصاب الطرفية الخاصة بالأطراف السفلية والقدمين ويمكن ان تكون الاعراض كما يلي:
قد تشمل الأعراض:
 خدر ووخز في الأطراف العلوية والسفلية
 عسر اللمس (انخفاض أو فقدان الإحساس في جزء من الجسم)
  الإسهال
  ضعف الانتصاب
  سلس البول (فقدان السيطرة على المثانة)
  عجز جنسي
 تدلى الوجه والفم والجفون
  تغييرات بصرية
  دوخة
  ضعف العضلات
 صعوبة في البلع
 ضعف النطق
  التحزم (تقلصات العضلات)
  انعدام النشوة
  ألم كالحرقان أو سريان الكهرباء
ان السبب الرئيسي هو نتيجة تغيير العملية الايضية نتيجة ارتفاع مستوى الجلوكوز في الخلايا إلى تكون رابطة تساهمية إنزيمية مع البروتينات مما يغير من هيكلها ويحول دون وظيفتها. وقد تورطت بعض هذه البروتينات الجليكوزيلاتية في التسبب في اعتلال الأعصاب السكري وغيرها من مضاعفات مرض السكري على المدى الطويل.
ان اعتلال الاعصاب المحيطية اما يكون ضررا على الالياف الحسية العصبية كما في حالة مريضنا حجي عباس او زيادة في فرط الاحساس بالالم مثل مريضنا حسن وعادة ما توصف باحساس الخدر وفقدان الإحساس وعسر اللمس (انخفاض أو فقدان الإحساس في جزء من الجسم) وألم ليلي فيما يشبه القفاز والجورب. ويمكن أن يكون الألم في هيئة حرقان أو وخز أو ألم غير محدد. ويكون الاحساس بوخز الدبابيس والإبر أمراً شائعاً.
 او الضرر بالاعصاب الا ارادية وهذا مايسبب العنة وضعف الانتصاب او عدم السيطرة على المسالك الخارجية للبول والبراز او على الاعصاب المجهزة للقلب فيودي لنوبات انخفاض الضغط او ضربات قلبية هاجرة او عدم الاحساس بالذبحة القلبية والاعصاب المجهزة للامعاء مما يسبب شلل الامعاء السكري والامساك او نوبات الاسهال.
وتشمل أعراض الجهاز البولي تكرار الرغبة في التبول وعدم إمكانية التحكم بالبول وسلس البول واحتباس البول. يسبب احتباس البول تكرار التهابات المسالك البولية. ويمكن أن يؤدي احتباس البول إلى حدوث رتج المثانةوالحصوات، والجزر الكلوي.
وان اغلب الاعراض الناجمة عن اعتلال الاعصاب السكري هي:
- يمكن ان يصيب مريض سكري او مريض ما قبل السكر او المعرضين لمرض السكر
- يبدأ غالبا في عصب واحد
- التاثير يكون اكثر من الناحية الحسية (الاحساس) اكثر عنها من الحركة.
- يبدا على شكل الام في عضلات الرجل ثم بعدها فقدان الاحساس بالعضلات
- فقدان الاحساس يكون على شكل قفازات والجواريب (الشربات) ( مناطق فضدان الاحساس هي اليد الى منتصف الذراع والقدم الى منتصف الساق تقريبا)
- اعراض اخرى مثل : العجز الجنسي، عدم التحكم في البول، الشعور برغبة التبول دون القدرة على ذلك، صعوبة في الهضم وفقدان الشعر وقرح على الجلد.
عندما تتأثر الأعصاب الدماغية، فإن اعتلالات العصب  القحفي الثالث المسئول عن حركة العينين تكون هي الأكثر شيوعا. يتحكم العصب الثالث في حركة عضلات العين ما عدا العضلة المستقيمة الجانبية والعضلة المائلة العلوية. وتعمل هذه العضلات أيضا على تقليص حدقة العين وفتح الجفون.
 تكون بداية شلل العصب القحفي  الثالث الناتج عن مرض السكري عادة بشكل مفاجئ، وتبدأ بآلام في الصدغ وحول العين ثم ازدواجية الرؤية. قد تتأثر كل عضلات العين التي يغذيها العصب القحفي الثالث، ولكن تلك التي تتحكم في حجم حدقة العين عادة ما تتأخر في التأثر. 
وذلك لأن الألياف العصبية بالجهاز السمبتاوي داخل العصب القحفي الثالث التي تؤثر في حجم الحدقة توجد على أطراف العصب (قطع عرضي)، مما يجعلها أقل عرضة للتضرر من نقص التغذية لأنها أقرب إلى الإمداد الدموي. وعادة ما يتأثر العصب القحفي السادس ، الذي يغذي العضلات المستقيمة الجانبية من عضلات العين (التي تحرك العين أفقيا)، ولكن تأثر العصب الرابع Trochlear nerve الذي يغذي العضلة المائلة العلوية لا يحدث عادة. تؤدي اعتلالات العصب الأحادية التي تحدث للأعصاب الشوكية الصدرية والقطنية إلى حدوث أعراض مؤلمة تشبه احتشاء عضلة القلب، أو التهاب المرارة أو التهاب الزائدة الدودية. مرضى السكري لديهم معدلات أعلى في الإصابة باعتلالات انحشار الأعصاب، مثل متلازمة النفق الرسغي.
يمكن ان نجمل اسباب اعتلال الاعصاب السكري:
اسباب التهاب الاعصاب لدى مرضى السكر :
1- تصلب الشرايين المغذية للاعصاب
2- قلة فيتامين ب 1و6و12 بسبب كثرة التبول او بسبب سؤ الامتصاص نتيجة المناعة او الحمية الغذائية.
3- نتيجة لزيادة افراز الاحماض الكيتونية التي تدمر الاعصاب ( الاحماض الكيتونية تنتج من الايض داخل خلايا مرضة السكري)
كما يقتضي العلاج الاهتمام بالأمور التالية:
ـ إبْقاء مستويات سُكّرِ الدمِّ عند الحدودالطبيعية لمرضى السكّري، يساعد في حِماية الأعصابِ من التلف حيث ان قياس السكر الصباحي قبل الفطور اقل من 110ملغ وقياس السكر ما بعد الاكل بساعتين اقل من 200ملغ وقياس السكر التراكمي اقل من 7 ولكن المحافظة على مستويات من السكر ضمن الحدود الطبيعية ليس الحل الاوحد والناجع ولكن يجب اخذ علاجات لترميم العصب واعادة نظارته وهذه المدة تستغرق اكثر من ستة اشهر الى تسع اشهر.
ـ تعديل مستوى الفيتامينِات في حالة نقصها، مثل فيتامين ب 12 وفيتامين د والفولك اسد يحسن الكثير من الحالات.
ـ وفي حالة فقر الدم الخبيث pernicious anemia، فإن حُقَنَ فيتامين بي ـ 12مع الدعم الإضافي لفيتامينات أخرى والتغذية الجيدة، تكون مفيدة.
ـ السَيْطَرَة على درجة استجابة جهاز المناعة في حالة اضطرابات المناعة الذاتية وخصوصا في حالة التهاب الاعصاب القريبة مع وهن العضلات القريبة.
ـ إزالة مصدر الضغط على العصب بعملية جراحية ثم علاج الالتهاب الناتج عنه.
ـ التوقّف فوراً عن أَخْذ المواد أَو الأدوية السامّة المسببة للاعتلال العصبي يمنع تَقَدُّم المرض، خصوصاً الأدوية التي تؤخذ لفتراتِ طويلةِ وبدون وصفة طبيةِ over-the-counter (OTC) products، ويكون لها آثار جانبية ومنها التهاب الأعصاب الطرفية، فيجب استشارة الطبيب حول فوائدها وأضرارها.
ـ تَحْفيز العصبِ بالوخز الجلدي Transcutaneous electrical nerve stimulation (TENS)، بالرغم من أنها طريقة آمنة وغير مؤلمة، فهي تفيد البعض وليس كل أنواع الألمِ.
أصبحت الأجهزة العلاجية التصويرية للطاقة Photo Energy Therapy devices مستخدمة على نطاق واسع في السنوات الأخيرة لعلاج الأعراض العصبية. تنبعث من هذه الأجهزة أشعة قريبة من الأشعة تحت الحمراء (العلاج بالأشعة القريبة من الأشعة تحت الحمراء NIR Therapy) بطول موجي 880 نانومتر. ويعتقد أن هذه الموجة تعمل على تحفيز إطلاق سراح اكسيد النيتريك Nitric Oxide إلى مجرى الدم وهو عامل مرخي مستمد من البطانة Endothelium-derived relaxing factor، وبالتالي يوسع الأوردة والشعيرات الدموية في جهاز الأوعية الدقيقة. وتظهر هذه الزيادة الدموية فعالية في الدراسات السريرية المختلفة في تقليل الألم عند مرضى السكري وغيرهم. يبدو أن الأجهزة العلاجية التصويرية للطاقة Photo Energy Therapy devices تعالج المشكلة الكامنة وراء الاعتلالات العصبية وهي سوء الدورة الدموية الدقيقة مما يسبب الألم وتنميل الأطراف
ـ التنويم المغناطيسي وطرق الاسترخاء تخفف من توتر العضلات.
ارتداء الأحذية ذات الدعامات أو استخدام أجهزة تقويم العظام تؤتي بنتائج فعالة لو كان فرط الحمل الميكانيكي هو سبب الإصابة بالقدم الحارقة أم لو السبب شيء آخر فهذه الوسائل لن تفلح ان لمرض السكري عليهم الاهتمام بالحذاء والقدمين منعا لحدوث تخدشات وتقرحات لاتحمد عقباها 
 ان الشروط الواجب توفرها في حذاء مريض السكري:
ـ أن يكون واسعا، مريحا، مرنا، وسميكا.
ـ أن يكون مبطنا من الداخل كالأحذية الرياضية وألا يحتوي على أي مواد قاسية في قاعدة (نعل) الحذاء ويمكن ان يحتوي على بطانات (دبانات ,دعامات)طبية خاصة.
ـ ألا يترك الحذاء أي آثار للضغط او الاحمرار على أطراف الأصابع أو عظام القدم.
ـ ألا يكون مدببا عند المقدمة، خاصة للنساء.
ـ تجنب لبس الأحذية ذات الكعب العالي والمفتوحة من الأمام والخلف.
ـ تفضل الأحذية التي تستخدم فيها الأربطة او الشريط اللاصق حتى يمكن توسعتها في حال تورم القدمين.
عند شراء الحذاء ـ تفضل الأحذية من محلات التفصيل،  وليس حذاء جاهز خاصة إذا كان المريض يعاني من تشوهات في عظام القدم أو المفاصل.
ـ شراء أو تفصيل الحذاء في وقت متأخر من النهار لأن القدمين تتورمان في نهاية اليوم.
ـ فحص القدمين بعد 10 دقائق من ارتداء الحذاء وذلك للتأكد من عدم وجود مناطق احمرار أو ضغط زائد.
ـ عدم لبس الشباشب أو الصنادل او النعل يمكن ان تخلع من رجل المريض دون ان يحس مثل حجي عباس ويصاب بتقرحات وحروق .
ـ يجب تليين الحذاء الجديد من قِبل أحد أفراد الأسرة وعدم لبسه لأكثر من ساعتين من قِبل المريض ثم خلعه حتى يتم تليينه وهكذا يمثل الحذاء والجواريب القطنية وغسل القدمين بماء  معتدل الحرارة وقص الاظافر  بطريقة صحيحة وصحية وتجفيفهما قبل اللبس سيقلل من اصابات القدم والالتهابات الفطرية.
ان العلاج للالتهاب الاعصاب السكري بحاجة الى تامل لان الالم يدعوا لوقفة لانه في بعض الاحيان يمنع المريض من النوم والعمل ويودي ان استمر لفترات طويلة الى نوبات من الخوف والاكتئاب والانسحاب من المجتمع ولهذا اجريت بحوث عديدة في مراكز متقدمة وعلى مرضى متعددين وفي دول مختلفة وكانت احسن النتائج هي على الرغم من التقدم في فهم الأسباب الأيضية للاعتلال العصبي، فإن محاولات وقف هذه العمليات لا زالت محدودة. وهكذا، باستثناء السيطرة المحكمة على مستويات الجلوكوز، فالعلاجات تستهدف الحد من الألم والأعراض الأخرى والشفاء التام واعادة المريض للحياة العملية والاجتماعية وتقليل المضاعفات والمكابدات.
تشمل العلاجات المتاحة للسيطرة على الألم مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات ومثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والعقاقير المضادة للصرع والتشنجات. وخلص استعراضا منظم إلى أن مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات والعقاقير التقليدية المضادة للصرع أفضل لتخفيف الآلام قصيرة المدى من الجيل الأحدث من العقاقير المضادة للتشنجات. والجمع بين هذه الأدوية (gabapentin + nortriptyline) او علاج  lyrica+Cymbalta) (((البريجبالين pregabalin+دولوكستين duloxetin( )او علاج (التكريتول  tegretol +amtriptalin الامترابتلين )قد يكون أفضل من دواء واحد وهكذا سيكون الالم اقل وعودة مساره الطبيعي وتعتمد الجرعة على استجابة المريض وظهور العوارض الجانبية للاستخدام.
هناك وصفة طبية شائعة في حالة أن يكون الاعتلال العصبي السكري عامل مساعد لزيادة الألم في حالات الألم المزمن المنهك وتشمل هذه الوصفة (دلوكستين Duloxetine + مورفين ممتد المفعول مورفين ± نابروكسين naproxen هيدروكسيزين hydroxyzine (خاصة مع أوكسيكودون oxycodone ± مورفين أو هيدرومورفين سريع المفعول hydromorphon)
ان اعتلال الاعصاب يحتاج الى فهم من قبل المريض ومناقشة مع الطبيب المعالج للحصول على نتائج  جيدة وقبول المريض بالعدد الاضافي من العلاجات الموصوفة لان بعض المرضى يعترضون على كثرة الادوية وهو خوف ازلي من المضاعفات والاعراض الجانبية ويكون جوابنا لماذا ناكل سيقولون من اجل ان عيش وهكذا نحن نصف لكم الدواء من اجل استمرارية العيش بدون الم او نكد وديمومة الحياة