زغرتا تكرم وزير الثقافة السابق ريمون عريجي




الغربة من فريد بو فرنسيس ـ
اكد وزير الثقافة السابق المحامي ريمون عريجي ان ورشةَ الإنماء الثقافي، عملٌ مُستدامْ لا يمكنُ ولا يجوزْ أن يتوقف، خدمةً للمبدعين ولدورِ الثقافة الرائد، سمةِ هذا الوطن الرائع.
كلام عريجي جاء خلال حفل التكريم الذي نظمته بلدية زغرتا اهدن  برئاسة الدكتور سيزار باسيم وذلك في حضور وزير الاشغال والنقل المحامي يوسف فنيانوس ،ممثل النائب اسطفان الدويهي السيد انطوان الدويهي،  النائبين السابقين قيصر معوض وجواد بولس، السيدة ريما سليمان فرنجيه ، رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض وعقيلته السيدة ماريال ، السيد اسعد كرم، المسؤول السياسي للقوات اللبنانية في زغرتا السيد سركيس الدويهي رئيس اتحاد بلديات قضاء زغرتا زعني مخايل خير، رئيسة مركز اجيال السيدة ماريان سركيس، الفنان مارسال خليفة الى عدد من المدراء العامين وحشد من رؤساء البلديات والفعاليات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والهيئات والجمعيات الاهلية الى عائلة الوزير المكرم وحشد من المواطنين.
في بداية الحفل النشيد الوطني اللبناني ثم كلمة عريف الاحتفال الاستاذ محسن يمين الذي اشار الى انجازات الوزير عريجي واخلاقه وتواضعه .
ثم عرض فيلم وثائقي عن عريجي من اعداد افلين سركيس حليس تلاه عزف على البيانو من السيدة جنان بارودي فكلمة للفنان مرسال خليفة عن الصديق ريمون عريجي الحيوي والذكي الذي لا يكف عن الشك في اليقين.
بعد ذلك تحدث رئيس بلدية زغرتا اهدن الدكتور سيزار باسيم الذي لفت الى انه لم يكن من المقبول ابدا ان يمر النجاح الباهر الذي حققه الوزير عريجي في ادارته لوزارة الثقافة دون ان يقابل بما يستحق من تكريم في البلدة التي انجبته.
وقال: سحابة سنتين ونصف ونحن نتابع باعجاب مع سائر اللبنانيين عمل عريجي في سبيل تعزيز الثقافة بين ابناء الوطن بما يعلي شأن لبنان ويرده الى الواجهة التي طالما تصدرها في هذا الجزء من العالم.
ولفت الى ان منح وسام الشرف الفرنسي لعريجي اشعرنا ان الوسام يعلق على صدر زغرتا ككل ، شاكرا له انجازاته في الوزارة واحتضانه افتتاح مركز للكونسرفاتوار الوطني في زغرتا وسعيه مع مؤسسة الوليد بن طلال من اجل تأهيل المركز البلدي في زغرتا قاعة بيار فرشخ .
ثم القت الانسة نادين عريجي ابنة الوزير عريجي كلمة العائلة لافتة الى انه مثلها الاعلى بالاحترام والثقة والعمل وانه الرجل القدوةليلي ذلك عزف على الكمان من طوني فنيانوس فغناء اوبرالي للاستاذ كميل حنا.
بعدها كانت كلمة الوزير عريجي معربا عن سروره لتكريمه في زغرتا بين الاهل والاحبة معربا عن اعتزازه لانتمائه الى هذه المنطقة التي اعطت من قامات كبيرة ولا تزال في الإيمان والقداسة وشهداء البطولة الأبرار والوطنية والفكر والآداب والفنون.
واذ شكر "الصديق الأعز سليمان بك فرنجية الذي اعتز بمنحي شرف تمثيله في الحكومة وبالثقة الكبيرة التي أولاني، وللدعم المطلق الذي أتاح لي القدرة على إنجاز ما فعلت في الثقافة والسياسة ... حيث عبرت عن صلابة الثوابت الوطنية التي نشأنا عليها في هذه المنطقة ووضوح الرؤية وشفافية الموقف سمة الوزير فرنجية. واليوم انتقلت الامانة الى الوزير الصديق يوسف فنيانوس الذي اتمنى له النجاح في مهامه وهو بلا شك على قدر المسؤولية ".
وتابع: انَّ ورشةَ الإنماء الثقافي، عملٌ مُستدامْ لا يمكنُ ولا يجوزْ أن يتوقف، خدمةً للمبدعين ولدورِ الثقافة الرائد، سمةِ هذا الوطن الرائع ومن هذا المنطلق، حفلت السنوات الثلاث الماضية بأيام مليئة بتحضير وتنفيذ مشاريع تحتضن الإبداعات الفنية والأدبية وتوفر لها أطر النمو والتطور، كما العمل على حماية وصيانة المواقع الاثرية والتراثية غنى لبنان التاريخي، وفي هذا الاطار حاز المتحف الوطني على حيًز كبير من اهتمامي لما يشكل من رمزية وقيمة انسانية وتاريخية فريدة.أن هذا العمل لم يكن ممكناً انجازه لولا تفاني ومهنية اخلاص فريق العمل الذي رافقني خلال مهمتي. لهم مني الشكر والعرفان. كما لولا دعم وتشجيع عائلتي وأصدقائي واهل مدينتي وشفاعة وحماية سيدة زغرتا" .
واضاف: لقد استأثرت زيارة المناطق، بعيداً عن العاصمة، بالكثير من اهتمامي لإيماني الراسخ بضرورة تحقيق وانعاش اللامركزية الثقافية إنفاذاً لإملاء الدستور اللبناني الواضح  في الإنماء الثقافي المتوازن لما للثقافة من دور محوري في بناء نسيج وطني متنور، ولتشجيع المناطق اللبنانية على اكتشاف وتطوير مواهب أبنائها وإدماجها بالحتمية الوطنية، في ثراء لبنان الثقافي ودوره الدائم الإشعاع، في الداخل والمحيط العربي وما وراء البحار...وفي هذه الإطار أشدد على ضرورة اضطلاع البلديات والجمعيات ومنتديات المجتمع الأهلي، بدور أكـبر في حثّ وتشجيع واستنهاض الطاقات الفكرية والفنية والتراثية، وإقامة المزيد من المناسبات الثقافية والمهرجانات الفنية على تنوعها ما يفيد المناطق على الصعد الثقافية والاقتصادية والانمائية.
كما أرى ان تنتج كل منطقة في لبنان خاصيّة تطبعها وتكوّن بصمة وعلامة فارقة في تنوّع الخريطة الثقافية الوطنية، على غرار دول العالم الراقي" .
وقال: إن الطاقاتِ الإبداعيةَ الهائلةْ التي يتمتعُ بها لبنانْ في المجالاتِ الثقافيةْ والفنونْ، لو أتاحتْ لها الدولةْ الظروفَ الموضوعيةَ الملائمةْ والتشجيعَ الضروريْ، لَكَوَّنتْ قطاعاً مُنتجاً للبنانْ على الصُّعدِ الثقافيةِ والاقتصاديةْ، يضافُ إلى القطاعاتِ التقليدية في الصناعةْ والزراعةْ والخدماتْ، على غِرارِ اقتصاداتِ دولِ العالمْ. ان الحاجةَ والضرورةْ، تُحتّم علينا في لبنان، التعويلَ على اقتصادِ المعرفةْ وتفعيلَه على كلِّ المستوياتْ والاستفادةَ منه إلى الحدودِ القصوى، لخيرِ لبنانَ الإبداع والمبدعينْ.

 وختم معربا عن سعادته بهذا الاحتضان  شاكرا البلدية ورئيسها ومجلسها متمنيا لهم النجاح في ورشة تطوير وعصرنة خدمات الإطار البلدي في الانماء الشامل للمنطقة.

القمر لوليتا في سيشن جديد


كتبت مراسلة المجلة بالقاهرة  : سماح السيد ـ
أطلقت المودل المصرية " لوليتا " أحدث جلسة تصوير لها ، عندما وضعت نفسها بايادي امينة مع فنانة التجميل خبيرة التجميل الاولى في السويس" دينا بسام " لتطل لوليتا كالقمر الجميل في سماء عالم الموديل وتواصل بثبات خوطاتها الى عالم الفن التي تتمنى ان تحقق فيه احلامها وتمارس هوايتها كموديل وممثلة ايضا .
لقت المودل المصرية " لوليتا " أحدث جلسة تصوير لها ، عندما وضعت نفسها بايادي امينة مع فنانة التجميل خبيرة التجميل الاولى في السويس" دينا بسام " لتطل لوليتا كالقمر الجميل في سماء الفن
استخدمت لوليتا نوعية جمالية تحبها لنفسها لتكون جمالية وتعطي الجمال لحولها من الاطلاله الهنديه وتم ذلك بوجود الفوتوجرافر المميز وبعدسته محمود طايع وبلمسات من مصفف الشعر سمير عبد المسيح  .


صدور ديوان شذرات ثلاثية الأبعاد للشاعر المغربي بن يونس ماجن


صدرت حديثاً المجموعة الشعرية "شذرات ثلاثية الأبعاد" للشاعر المغربي بن يونس ماجن عن "منشورات ألوان عربية " بالسويد. وقد ضمت المجموعة 26 قصيدة توزعت على 124 صفحة من الحجم المتوسط.
قصائد بن يونس ماجن في هذه المجموعة لا تتعرى بل تتجرد، وهي لا تأبه بالتفاصيل لأن الكتابة الشذرية لا تتحمل سيل التفاصيل لو تدفق، وبذلك هي تتجنب أن تفقد إحساسها بالومضة الصاعدة إلى رقي حضورها لتبتني في القصيدة توهجها وهي تكشف عن عوالمها الحميمية الذاهبة في كل الاتجاهات الوجودية. 
ولئن التعقيد بات سمة هذا الوجود، فأن قصيدة ماجن تحلل وتفكك الأبعاد المستعصية وتجعلها هينة ليّنة في إعادة الاعتبار لوظيفة القصيدة التي تضع الشعر عند ذائقته الجمالية.
لا تخفى عناية الشاعر بالتصوير، وأكثر دقة بالتصوير الثلاثي الأبعاد، حيث تحتل ذائقة الشاعر ورؤاه الجمالية مكان تقنيات العدسة، ليضعنا أمام مشهدية بالغة الدقة في دلالاتها التعبيرية، وزاخرة بالفتنة التي لا تخطئها عين أو إحساس يتلمس البلاغة في تكسير المألوف وصولا إلى ما هو فوق الواقع الذي يجعل الدهشة تتألق بقدر حيوي في القصيدة.
يستفيد الشاعر ماجن من قصيدة الهايكو اليابانية ويوظفها كشكل ويحافظ على هيئتها، ولكنه يحشد بها كل خصوصيات البيئة العربية. وحين يتوغل الشاعر بالمتجسد العربي يستحضر كل الهموم والتحديات التي تشغل الأنسان العربي، لتصبح القصيدة على يد الشاعر علامة مميزة تصبغ عمله الذي يحاول حفر طريقه بعيداً عن التأثر بتجارب الآخرين. فللشاعر ماجن بصمته في إنتاج قصيدة حيوية ومتفاعلة في قلب الحداثة التي ما عادت تتوقف عند حدود.
إنها شذرات مصفّاة ومكثفة، قالت وأسمعت، فوصلت شذية ورقراقة في قوالب شعرية تعرف الطريق إلى البهاء، وتعرف كيف تتغلغل في النفس ريحاناً حين النفس تود بشغف الخروج إلى إلفتها وطبيعتها المتجددة.
والجدير ذكره إن هذا الديوان هو المجموعة الخامسة عشر في مسيرة الشاعر الطويلة التي ابتدأت منذ عام 1988 مع صدور ديوانه الأول "أناشيد للضباب". بالإضافة إلى ديوانين باللغة الفرنسية وديوان باللغة الإنكليزية.     

اسماء المهدي مصممة الهاند ميد : اعمالي بنكهة فرعونية



القاهرة اشرف علي ـ
انا أسماء المهدى مصممه  هاند ميد اعشق الهاند ميد لأن وجدت فيه التميز والاختلاف
وانه يخرج  كل مابداخلى من طاقه وابداعات وأفكار جديده متميزه بدأت بعمل اكسسورات لعشاق الاناقه  وتخصصت فى النحاس ودمجته أيضا فى كتير من الخامات وبعد ذلك بدأت اصنع لنفسى قطع اكسسورات تراثيه  ولم اكتفى بااكسسورات وأناقة
 المراه فدخلت فى عالم الأزياء  لأن أحب أن اصنع قطع ازياء مميزه لتكون من فكرى  وخيالى الخاص  فبدأت بالفعل  لعمل لى  اول كلكشن فى الأزياء فى صيف 2016 وكنت حريصة كل الحرص لتكون افكارى جديده ومختلفة فى هذا الكولكشن

واستخدمت فى كتير من الخامات  وغيرت فى الاستايل المعتاد ودخلت فيه  فن  (الباتش ورك) وهو(رسم بالقماش) وقمت بعمل استيلات مختلفه جامعه مابين كذا تراث فلاحى وتراث بدوى وتراث هندى وتراث افريكى....والحمد الله نال هذا الكولكشن كثير من النجاح وإثبات لذاتى..

ومن هنا تشجعت  وبدأت  فى تجهيز وتصميم كلكشن شتاء 2017  وكنت حريصة فى هذا  الكلكشن انى انفرد بتصمياتى وافكارى ليكون ليا بصمة فى عالم الأزياء  وبعد تفكير عميق  قمت بصنع ازياء فرعونية بااستايل فرعونى ملىء بالعراق المصريه الاصيله بروح عصريه

وكنت حريصة  ايضا فى استخدامى للألوان حيث انى مليت للألوان الفرعونيه مثل النيتى والفيروزى ولم اكتفى بذلك فقمت أيضا  باستخدام (لفن الباتشورك) وهو )) (فن مصرى) أصيل وهو (رسم بالقماش )  ولحبى بالتميز  والانفراد قمت بالرسم بالجلد بجانب  القماش  وطعمت الرسومات بالكوينز والاحجار ودمجت بين ألوان غير معتاده لاعطاء الروح التراثيه العصريه المختلفه واستخدمت قماش القطيفه والجلد فى اغلب تصمياتى لتكون معاصرة لموضه شتاء 2017 وجمعت بين الاستايل التراثى الكاجول و وقمت بعمل اكسسورات لتكملة اناقه المرأة  المناسبه للديزين فقمت بدخول خامات جديده ومختلفة غير متعاده فى صنعى لقطعه الاكسسوارات لتكون مختلفه وجديده  مثل (عجينه القماش وقشور البيض  والجلد والفرو) وحاز هذا الكلكشن كتير من نجاح والحمد الله


فارسة الخير نانسي ذهني


القاهرة اشرف علي ـ

نانسي ذهني شابة حسناء ، و انسانة من بين 90 مليون انسانة وانسان مصري ، عشقت الخير ووهبت حياتها له فذات صباح  تراها مع مرضى مستشفى الصحة النفسية تشاكرهم افراحهم واحلامهم وسكانتهم ، وذات مساء ومرة تراها تمسح الام مرضى مستشفى ابو الريش،  ومرات تجدها بمريلة المطبخ ،، اللي هتاكل منها حته ،،وهي تعد بيدها ،،اللي تتلف في حرير،، طعام مائدة رمضان للغلابة ، و مؤخرا شاركت مريضات مستشفى الصحة النفسية يوم من حياتهم قدمت لهم الهدايا بصحبة دكتورة  التنمية  البشرية الانسانة نيرمين بسيوني ومجموعتها التى تهوى مثلها فعل الخير واللاتي قدمن الطعام وغنوا وفرحوا مع اناس اخرين كانوا بحاجة اليهم ، وتظل فارسة الخير نانسي ذهني رمزا اصيلا لبنت مصر الانسانة التي تواصل رحلاتها التي لا تتوقف مع الخير مطالبة كل الناس والبشر بالاقدام على فعل الخير وان يصابوا بغيرة الخير بدلا من الغيرة السلبية التي لا تبقي ولا تذر وتضاعف سيئات الانسان ، اما الغيرة الايجابية فهي التي تدفع التسعين مليون انسان الى فعل الخير ليس شرطا بالتبرع المادي والعيني فقط وانما قد تكون ابتسامة او ضحكة او التربيت على ظهر انسان او كفكفة دموعه او مشاركته افراحه واتراحه هي كل الخير، وتضيف نانسي املئوا الدنيا باغصان الخير والسلام ،ازرعوا اشجار الحب والتضحية والفداء تجنوا ثمار البركة والخير والنماء والحب الذي لولاه ما كان في الدنيا ولا انسان .

صدور ديوان جديد للشاعر سيمون عيلوطي

عن منشورات مكتبة "كل شيء" في حيفا؛ صدر حديثًا ديوان شعر جديد، بعنوان: «وَشْوشات غزال المِسْك» للشّاعر سيمون عيلوطي.
الديوان جاء بغلاف جميل وطباعة أنيقة، من تصميم ومونتاج: شربل إلياس. وقع في (136) صفحة من القطع المتوسط، وضمّ مجموعة قصائد متنوّعة، كتبها الشّاعر بالعاميّة الفلسطينيّة، استقاها من الموروث الشّعبيّ، ليغرّد بمفرداتها مثل طائر جريح بألحان شجيّة تتماثل مع هموم شعبه ونزيف وطنه، متغلغلة أيضًا في مأساة الشّعوب العربيّة التي تعاني من القمع والحصار والتّجويع والنّزوح، يقول في قصيدة "أشباح" ص، (10)
"جوع هُناك وْذُل
وَيْلات وْحُزُن
تِشْريد طال الكّل
يُبْطُش بِالمُدن..."
ويقول أيضًا في قصيدة " ألَم" ص (13) 
"الحَسْرَه على مَدّ المّدى
تِطْوي الهَنا ..
تِتْرِكْنا عَ حْدود الألم
يا بين نيران الحِمَم
في ساحِة البُغْض.. العّدَم!!"
غير أن هذا التّغريد الحزين نراه يخفت أمام تغريد الأمل الذي تطلقه "وَشْوشات غزال المِسْك" عبر قصائد أخرى، معلنة بزوغ الفجر. أنظر مثلا: قصيدة "حِلِم" ص (28)
"قَطْر النّدى لَلوردات
جايِب من غُزلان المِسْك
بوسِه أنعم مِ النّسمات
أحزان العَبْسِه بِتْفِك" 
أو بوحه في قصيدة "في وِجْهَك يْسوح النَظَر" ص (30)
"مِثْل النّسيم تْموج ...
عَ زْرار الزَّهِر
تْواعِد صَفانا ..
بْجَوْنا يْفيض العِطِر"
"الوَشوَشات" التي يطلقها "غزال المِسْك" بالأمل تارة وبالحب تارة أخرى، تبقى في حالة من التّضاد مع قسوة الوضع السياسيّ، الاجتماعيّ السّاخن فلسطينيًا وعربيًا، لتعود نغمة الشّعور بالحزن والضّياع والخيبة تطفو على السّطح مجدّدًا،  لكن ذلك لم يمنعه من مواصلة سعيه نحو استعادة حلمه ببلوغ شاطئ الأمان والسلام المنشودين. فاسمعه في قصيدة "أخت الكرمل.. حيفا" ص (121) يقول:    
"لَمْلِميني من شرودي...
إمْسَحي دَمْع الآلام..،
دُغّري فَزّت
 نَفْضَت سْتار الظّلام..،..  
دَقْ قلبي..
تْناوَلَتْني من الحُطام،..
عانقتني...
تْعافَت وْظلّت صَبيّه..
هيك حيفا...
أحلى من وَهْج السّلام!!"
من الملاحظ أن الشاعر سيمون عيلوطي لم يلتزم في العديد من قصائد هذا الديوان بأوزان الشّعر العاميّ المعروفة، لكنه ضمّنها إيقاعًا موسيقيّا يتجاوب مع صوره الشّعريّة بشكل يضيف إليها بعدًا جماليًا يأخذ القارئ إلى مناطق جديدة في فن البوح، مشكّلا بذلك قفزة عن إصداراته الشّعريّة السّابقة، وكانت كالتّالي: برقوق الجرمق: 1990، قريب من سما البروة: 1994، حريق في بحر القصيدة: 1997، فيض العطر: 2003، بنت القسطل- صفوية: 2016.
           

قلم ... رصاص - إصدار جديد للكاتبة شوقية عروق منصور


عن دار الوسط اليوم وشوقيات للإعلام والنشر: 
رام الله -الطيره- الوسط اليوم- جميل حامد 
قلم! جَسَّ الطّبيبُ خافقي وقالَ لي: هلْ هُنا الأَلَمْ؟/ قُلتُ له : نعمْ/ فَشَقَّ بالمِشرطِ جَيْبَ مِعطفي وأخرجَ القلمْ!!
بهذه العبارات من قصيدة الشاعر أحمد مطر استهلت الكاتبة والإعلاميّة الكبيرة شوقيّة عروق منصور إصدارها الجديد "قلم ... رصاص"، الذي تستعرضُ به الوجع الإنسانيّ والوطنيّ في مقالاتها الجريئة، والذي صدر عن دار الوسط اليوم للإعلام والنشر في رام الله، وشوقيّات للنشر في طيرة المثلث الفلسطينيّ المحتلّ.
تضمّن الكتاب 136 صفحة من الحجم المتوسّط، وما بين مقال "كلب السفير سفير" وبين مقال "كبريت أبو الشوارب" تعدّدت العناوين الجريئة في كتابات شوقيّة عروق، والمتمرّدة على واقعٍ تشوبه مُنغّصات السياسات العبثيّة، وتتوالى العناوين: لك يوم يا ظالم، وما أتعس الوطن حين نصبح أشجارًا للقطع، وطبّاخ الرئيس، طبّاخ النملة، من مؤخّرة الدجاجة يُخرجون قنابل مسيلة للدموع، ونتكلم من داخل برميل قمامة، ومقالات أخرى تحمل ذات الروحيّة المتهكّمة الساخرة، والرافضة لكافّة أشكال الفساد والتسلق والظلم.
الجزء الأوّل من سلسلة إصدارات "قلم ... رصاص" التي تعمل الإعلاميّة شوقيّة عروق منصور على إصدارها، يؤطّرهُ غلاف مكوّنٌ من جزءين؛ لوحة للفنان الشهيد ناجي العلي، بريشته التي وقفت ضدّ كافّة أشكال التخاذل والخنوع، وبتوظيف مضامين مقالاتها الجميلة الجريئة، بسيميائيّة رمزيّة موحِية وإخراج فنّيّ أكثر من رائع، للغة الحوار التي شدّدت عليها الكاتبة في نقدها اللاذع وعناوينها الصاخبة التي تستصرخ بها الضمير الإنسانيّ، وقد صمّم المخرج الفنّيّ بشار جمال صورة الغلاف، وأخرجه بدلالاته الصارخة.
لغة كتاب "قلم ... رصاص" رشيقة وواضحة وسلِسة، وطرح المواضيع مُشوّق للقارئ، يُبكيكَ ويُضحكك بلغته البسيطة المتهكّمة، وقد استندت في كثير منها على الأمثال الشعبيّة ومقولات تراثيّة، والكاتبة شوقيّة عروق جعلت مقالاتها المُواكبة للحياة اليوميّة وأحداثها حقلَ بحثٍ، يستحقّ القراءة والدراسة والمتابعة، والتوقّف للحظات، وكأن الكاتبة شوقيّة تصوّر الحاضرَ بعينِها، وتستشرفُ المستقبلَ برؤية مغايرة، فلا تُجمّلُ ولا تكابر ولا تتغاضى عن أيّة شاردة أو واردة، بل تلتقطها وهي طائرة، وتُجيّرها لقلمها السيّال.
أجزل التهاني والمباركات نوجّهها للكاتبة شوقية عروق منصور بهذا المنجز، ونبارك لأنفسنا معشر الكتاب والأدباء والمثقفين والقرّاء هذا الزخم في النقد المباشر، لكلّ ما يُهدّد مشروعنا الوطنيّ والثقافيّ والإنسانيّ في فلسطين، وفي كافة العواصم العربيّة بانتظار القادم  لكاتبة عربيّة، قادرة على زلزلة أوسع الفضائيّات العربيّة انتشارًا بقلم الرصاص الذي حقنه حنظلة بمورفين الوطن.  
الكاتبة شوقية عروق تضع النقاط فوق الحروف في "80 مليون إحساس" فتقول: "أعذب الشعر أكذبه، فالمبالغة أو الكذب المتواطئ مع المشاعر الجيّاشة لا بدّ أن يَمرَّ داخل قنوات الكلمات، ويصنع من حصى الخيال سدودًا من جماليّات الحروف، وتبقى القصائد الشعريّة مجالًا للمتعة عبر التاريخ، حتّى لو كان الحبّ والبطولة والكبرياء والعنفوان وغيرها من مفردات وأعمدة الشعر العربيّ منقوعة في ماء الذهب المزيّف".
 وتتابع: "الغناء العربيّ جزءٌ لا يتجزّأ من عالم المبالغة الشعريّة المندلقة على سطح اللغة العربيّة، والتي تيتّمت على أيدي المُندَسّين على كتابة الأغاني، في الوصف المُترهّل العاجز وتهَدُّل المشاعر المزيّفة المَقيتة، وإدخال المستمِع العربيّ إلى دوّامات من الرخص التعبيريّ الذي يمسح بلاط الحُبّ دائمًا بخِرَقٍ من آهاتٍ مُتوجّعة مريضة، لا ترقى إلى لمس حقيقة الأحاسيس العميقة، ونادرًا هي الأغاني الحديثة التي رفعت مستوى عُمق الحُبّ، فالكذب الأبيض بحسب ما يُقال، الذي وقعَ فيه كُتّاب كلمات الأغاني العربيّة، حوّلوا  المبالغة اللفظيّة إلى عالم من الكرتون ينهارُ بسرعة، وإلى مشروعٍ للكذب والتضليل الإعلاميّ، وإسقاط المواطن العربيّ في شبكاتٍ من الخداع الإحساسيّ، ومع تكاثر الفضائيّات العربيّة المُتخصّصة في الغناء، والتي تتناسل بشكل مثير، ولا نعرف مِن أين يأتون بالأموال، كأنّ هناك استراتيجيّة لتحويل شبابنا من درجات مناضلين وفدائيّين إلى درجات طبّالين وزمّارين".
ولا تسلم السياسة من طلقات مسدسها القلم فتقول: "إنّ الغناء السياسيّ في أيّ عصر هو وليد الواقع والنظام، هو ابن الحرمان والفقر والجوع والثورة والظلم وغياب العدالة، وهو ابن الشوارع والحارات والأزقّة، وابن الزنازين والسجون وساحات الإعدام، وهو الضوء الذي يكشف الفساد، ويرمي بجثث الزعماء إلى ما وراء النكات والمحاسبة والاستخفاف، قبل أن يحاسبهم التاريخ وأوراق المؤرّخين العمياء. الأغنية السياسيّة العربيّة التي تتربّع الآن على حنجرة شعبان عبد الرحيم (شعبولا)، وغيره من مطربي المواسم العابرين في كلام عابر ولحن عابر، عذرًا من فيروز ومرسيل خليفة، وماجدة الرّومي، وجوليا بطرس، لأنّ هؤلاء الّذين يُناطحون الأغنيات الوطنيّة بسذاجة، يُشوّهون المسيرة الغنائيّة السياسيّة، والأخطر من ذلك، هؤلاء الذين أصبحت الأغنية الوطنيّة عندهم التمجيد للحاكم والنظام، يستغلّها الحاكم في قمع شعبه أو تبرير سياسته، يَنشرها ويَبثها عبر فضائيّاته التي وظيفتها تقديس الحاكم، ولو بقوّة الأغاني والأهازيج والزغاريد".
وتسخر شوقيّة عروق من الذين: "دخلوا ميدان الأغنية الوطنيّة (هيفاء وهبي)، ليَصدق المَثل الشعبيّ القائل: (ما ضلّ غيرك يا ممعوط الذنب). هيفاء تُغنّي لمصر ردًّا على الجزائر التي (حاولت إهانة كرامة مصر حسب قوْل المصريّين)، وأيضًا على الذين يتطاولون على هذه الدولة العظيمة! هيفاء وهبي تصول وتجول في أغنيتها المرافقة لصور (من القاهرة اللي فوق) فيلات وشوارع عريضة نظيفة، وأناس في غاية الشياكة والفرح، حتّى بائع الخبز يضحك فرحًا بالهدوء والاستقرار، (بدون طوابير الخبز التي يذهب ضحيّتها يوميّا قتلى)؟ هيفاء تؤكّد في أغنيتها (80 مليون إحساس)، أي عدد سكان مصر، جميعهم يعيشون في رضا وسعادة، دون بطالة وعشوائيّات وفساد وهجرة الشباب وفقر.. الخ.. لم تخرج صورة واحدة تشير إلى الواقع المصريّ، حتّى ازدحام الشوارع اختفى، وحلّ محلّه هيفاء وهي تركض وتسير بخطوات مُثيرة في الشوارع شبه الخالية، و(80 مليون إحساس مصريّ) يبصمون مع هيفاء عبر تعاريج جسدها وتطاير شعرها ونظراتها الأنثويّة، أنّ جميعهم يغرقون في العسل (المْباركي)، وأنّ دولتهم هي الدولة الوحيدة التي تتمتّع بالرخاء في المنطقة والعالم! هيفاء وهبي تتجاسر وتدخل المنطقة المُحرّمة، ألا وهي (الأغنية الوطنيّة)، وتريد أن تقنعنا أنّ مصر أكبر من الجميع، فتقول: (انت حلوة  في كلّ حاجة/ مش محتاجة لرأي حدّ)! 80 مليون إحساس هو عنوان المرحلة التي تمرّ بها الأغنية السياسيّة، رحم الله (عبد الحليم حافظ) الذي غنّى زمن الزخم السياسيّ والفوران الثوريّ، مُوجّهًا أغنيته للزعيم جمال عبد الناصر، (طلب تلاقي 30 مليون فدائيّ)، هذا هو الفرق بين المدّ القوميّ الثوريّ الذي كان، وبين المدّ الإحباطيّ الذي نعيشه الآن". 
ونختتم بما قالته الكاتبة شوقية عروق في مقالها الاخير"الحذاء الذي لم يتمزق وعنق الصبيّ المذبوح": لقد رقصنا وخرجنا إلى الشوارع فرحين مُهلّلين لفشل الانقلاب التركيّ، وخروج أردوغان منتصرًا على معارضيه، وسجّلنا الكلمات المؤيّدة له بحروف من ذهب، ولكن منظر الصبيّ المذبوح لم يدفعنا للتحرّك، ولم نخرج إلى الشوارع عندما يُقتل المئات في انفجارات وأحزمة ناسفة وتفجير المساجد والأسواق والبيوت والمدارس، لم نخرج إلى التظاهر استنكارًا للحرب المسعورة على اليمن ومقتل أطفالها، كأنّ اليمن خارج الكرة الأرضيّة، وكذلك العراق الجريح، وليبيا المُستباحة، أمّا سوريا فقد كان النظام السوريّ هو شيطانهم، وتجاهلوا الشياطين الذين تزيّنوا بشعارات وأعلام وغطسوا في الدم والدمار حتى الرُّكَب! 

حيفا تُكرّمُ زيتونة فلسطين





كتبت آمال عوّاد رضوان ـ
غصّت قاعة كنيسة مار يوحنا المعمدان الأرثوذكسيّة في حيفا بحضور كبير من المُحتفين بشيخنا الأديب حنّا أبو حنّا، وذلك بتاريخ 19-1-2017، في حفل مميّز أقامه نادي حيفا الثقافي برعاية المجلس المِليّ الأرثوذكسيّ الوطنيّ في حيفا. كلمةً ترحيبيّة باسم المجلس الملي الوطنيّ الأرثوذكسيّ في حيفا وباسم نادي حيفا الثقافيّ، افتتح بها الأمسية الاحتفائيّة الأستاذ جريس خوري عضو المجلس المِلّيّ وأمين الصندوق، ، تلتها كلمة المحامي حسن عبادي حول نشاطات نادي حيفا الثقافي المستمرّة وأثرها في المشهد الثقافيّ المحليّ، ثمّ تولّى عرافة الأمسية المحامي فؤاد نقارة مؤسس ورئيس نادي حيفا الثقافيّ، وكانت مداخلات قيّمة لكلّ من د. راوية جرجورة بربارة بعنوان  التناصّ الدينيّ مرآة الشاعر حنّا أبو حنّا، ومداخلة الكاتب المُربّي حنّا نور الحاج حول إنتاجه الأدبي، وألقى الشاعر فرحات فرحات نصوص شعريّة من كتابه ريترو تخصّ شيخنا حنّا، وقراءات شعريّة من قصائد حنّا أبو حنّا ألقاها كلّ من: الشاعرة فردوس حبيب الله واليافع مروان محمود سرّيّة، ومداخلات زجلية للزجالين شحادة خوري وحسام برانسي، ثمّ قدّمت له درع تكريم أسرة نادي حيفا الثقافي المؤلفة من الأستاذ جريس خوري والمحامي كميل مويس عضو المجلس المِليّ، والمحامي حسن عبادي عضو نادي حيفا الثقافي والناشط الأدبي، والمحامي فؤاد نقارة، وكذلك أسرة ديوان العرب المؤلفة من الأدباء عادل سالم وآمال عوّاد رضوان قدّمت درع تكريم، والأديبتين د. جهينة خطيب ووالدتها عايدة الخطيب قدّمتا درع تكريم، وكبيرتنا الأديبة سعاد قرمان (أم الطاهر) باقة ورد مغموسة بتاريخ ثقافيّ لا يفنى، ثم ختم اللقاء شيخنا المحتفى به بكلمة متزنة تحمل رسالة للوطن وأمانة التجذّر بالهوية والوطن واللغة العربية، لننتقل إلى التقاط الصور التذكاريّة!
مداخلة الأستاذ جريس خوري: الأستاذ الكبير حنّا أبو حنّا (أبو الأمين) موسوعة أدبيّة تاريخيّة، وذخر يمشي بقدمين ثابتتيْن من يوم مولده عام 1928 في قرية الرينة الجليليّة وحتى يومنا هذا، أطال الله بعمره. حنّا أبو حنّا أديب وشاعر وباحث ينتمي الى الجيل الأوّل من شعراء المقاومة العرب في (إسرائيل)، تنقل بين الكثير من القرى والمدن الفلسطينيّة، بحكم عمل والده في دائرة مساحة فلسطين، ما بين القدس ورام الله، وجفنة وأسدود قرية نجد وحيفا، وقد عاش مناطق فلسطين بطولها وعرضها وجميعها عاشت في قلبه ووجدانه. 
أيّها الحضور الكريم، أرحّب بكم باسمي وباسم المجلس المِليّ الوطنيّ الأرثوذكسيّ في حيفا وباسم نادي حيفا الثقافيّ، وأدعوكم للتمتّع بهذه الأمسية التكريميّة لشخصيّة فلسطينيّة حيفاويّة أعني الأستاذ الكبير حنّا أبو حنّا، فأهلا بكم. عمل الأستاذ حنّا أبو حنّا مديرًا للكليّة الأرثوذكسيّة في حيفا، ومُحاضرًا في جامعة حيفا وكليّة إعداد المعلمين العرب، وحصل على الماجستير في الأدب، وشارك في تحرير وإعداد برامج الطلبة في إذاعتي القدس والشرق الأدنى، وشارك في إصدار الجديد والغد والمواكب والمواقف، في عمله في الجديد عمل مع توفيق طوبي، إميل حبيبي، صليبا خميس، جبر نقولا وعلي عاشور طيّب الله ذكراهم، ومع نبيل عويضه أطال الله بعمره، وقد امتاز الأستاذ حنّا أبو حنّا ببلاغته وسِعة آفاقه ونشاطه وتواضعه، وشارك في مهرجانات دوليّة في هنغاريا وبلغاريا وروسيا وأوكرانيا.
أصدر (21) مؤلفًا أدبيّا من دواوين للكبار وللأطفال وأبحاثًا لغويّة وأدبيّة، وبسبب عمله السياسيّ من قيادة مظاهراتٍ ودفاع عن العائدين إلى أوطانهم، فُصِل من عمله إثر قيادته لمظاهرة ضخمة في الناصرة، وفُصل معه يومها صديقه الأستاذ فؤاد خوري. وقد شرع في تأسيس "جوقة الطليعة"، يمدّها بالكلمات والأشعار، وصديقه الموسيقار ميشيل درملكنيان يُلحّنها، وعام 1958 وأثناء تواجده في بيت صديقه فؤاد خوري في الناصرة، داهمته الشرطة واعتقلته. في فترة عمله في قسم البرامج والمناهج التعليميه تمكّن من إدخال موضوع الأدب الفلسطينيّ في المنهاج، كي يتعرّف الطالب العربيّ على تراثه وتاريخه.
من أشعاره: يا إخوتي، كيف ننسى مُرَّ ماضينا/ وحاضرًا لم يزَلْ يَروي مآسينا/ ولم تزلْ حولنا الأغلال تخنقنا/ الغدر يَسعى إلى تشريد باقينا؟ 
مداخلة حسن عبادي: الأخوات والإخوة، مساؤكم خير. باسم نادي حيفا الثقافيّ وباسمي نُرحّب بكم وأهلا وسهلًا للمشاركةِ في هذه الامسيةِ الثقافيّةِ المميَّزةِ لتكريم الأديب الأستاذ حنّا أبو حنّا. بدايةً، نستنكرُ الهجومَ الشرسَ والاعتداءَ الغاشمَ على أمّ الحيران، وعمليّة التهجير المستمرّة لأهلنا في النقب، ونسألُ الرحمةَ للفقيد والسلامة للمُصابين.
لقد تأسّسَ نادي حيفا الثقافي قبل حوالي ستة أعوامٍ، برئاسةِ زميلي المحامي فؤاد حنّا نقارة، وبدأت الفكرة لمنتدى ثقافي لقراءةِ كتابٍ بالشهرِ،فقُمنا حتى اليوم بقراءةِ ما يقاربُ السبعين كتابًا،  وتطوّرت لعقدِ أمسياتٍ ثقافيّةٍ لإشهارِ كتابٍ بحضورِ الكاتبِ، وأقمنا عشراتِ الأمسياتِ وكذلك أمسياتِ تكريمِ أديبٍ ، بمشاركة العديد من المهتمّين وأصحاب القلم من حيفا وخارجها،  ومن ثَمّ  إحياء مِنبرٍ للشعرِ، ألا وهو أمسياتٌ عكاظيّة حيفاوية، تُشكّلُ مِنبرًا شعريًّا ومنصّةً لشعرائِنا. بكل فخرٍ واعتزاز أصبح هذا المنبرُ صَرْحًا أدبيًّا راقيًا ودفيئةً حاضنة لكُتّابنا وأدبائنا وشعرائنا ومُبدعينا، دون رقابة أو تمييز، رغم محاولات بعض المتسلّقين عرقلته، التطاول على هذا المشروع المُميَّز والمُتَميّز، ونفتخرُ أنّه أصبحَ قُدوةً يُحتذى بها في حيفا وخارجها في سبيل الحفاظ على لغتنا العربيّة، ويشرّفُنا اليوم استضافةُ مَن هوَ من أهل البيت الأديب حنّا أبو حنّا، وقد وافق أخيرًا بعد جهدٍ جهيد تشريفَنا بأمسيةٍ تكريميةٍ تليقُ به. وصفه النقادُ بزيتونة فلسطين، وأسمح لنفسي أن أصفَهُ  بأيقونةِ وبوصلةِ فلسطين الثقافيّة الأدبيّة.
في يناير 2005 دُعيتُ لأمسيةٍ ثقافية معَه في مقهى أدبي حيفاوي "الدارة"، فقبلتُ الدعوة متلهّفًا للقائِه (بالمناسبة، أُفتتح مؤخرًا مقهى أدبي حيفاويّ جديد في فتوش لصاحبه وديع شحبرات وبإدارة محمد خالد شامي وفيه مئات الكتب الجديدة، مع تخفيض لأعضاء وأصدقاء النادي)، وعند افتتاح المنتدى الثقافيّ الحيفاويّ في شهر يناير 2009 كان ليَ الشرف أن أكون تلميذَه، ليزيدَني قناعةً بفنّ القراءة المُغايرة ، فهو ميسّر وموجّه اللقاء الشهريّ مع كِتاب كلّ آخر أربعاء من كلّ شهر، ومنذ إقامة النادي قبل ستة أعوام بدأت ألقاه كلّ خميس، حيث يواظب على حضور كلّ الأمسيات، ويغضبُ حين يكون النادي في إجازة، وفي السنوات الأخيرة أصبحتُ محظوظًا أن أكونَ سائقَه بطريقنا من وإلى النادي، لأستغلّه في عصفٍ ذهنيٍ ثقافيّ، عدا عن لقاءاتِنا الأخرى التي سرعان ما تتحوّل إلى فستق أدبيّ.   
مداخلة فؤاد حنّا نقّارة عريف الأمسية: الأخوات والأخوة مساؤكم خير، الحضور الكريم مع حفظ الألقاب والمقامات، باسم المجلس المليّ الأرثوذكسيّ الوطنيّ في حيفا، وباسم نادي حيفا الثقافيّ وباسمي، نرحّبُ بكم في بيتكم نادي حيفا الثقافيّ الذي تُقام أمسياتُه في هذه القاعة المباركة بحضوركم، قاعة كنيسة مار يوحنا المعمدان الأرثوذكسيّة في حيفا، يشرّفنا أن نستضيف هذه الأمسية "زيتونة فلسطين" أديبنا وشاعرنا الباحث الأستاذ "حنّا أبو حنّا"، تقديرًا ووفاءً لمسيرته الأدبيّة والنضاليّة على مدى أكثر من 60 عامًا، في خدمة الثقافة والأدب والشعر وقضيّة شعبنا، ويَسرّنا أن يشاركنا هذه الأمسية كوكبة من مُفكّرين وأدباء ومُثقفين أصرّوا على مشاركة أستاذنا هذا التكريم الخاصّ، الذي انتظرناه طويلًا من أبو الأمين الذي عارض إقامته، لأنّه كُرّم أكثر من 50 مرّة بدروع وجوائز واحتفالات!
الأديب حنّا أبو حنّا أبو الأمين "زيتونة فلسطين"؛ هو عَلمٌ وشاعرٌ ومناضلٌ وكاتبٌ وباحثٌ وراعي الأدباء والشعراء ومُعلّمٌ مُرَبٍّ، مِن الرعيل الأوّل من شعراء فلسطين البارزين بعد النكبة، ممّن حملوا وزر النكبة، وانطلق في طول البلاد وعرضها يدعو ويُحرّض مَن تبقّى مِن شعبنا في وطنهم رغم النكبة، للوقوف مرفوعي الرؤؤس وللتشبّث بأرضهم ومقاومة سياسة الحكم العسكريّ، في حين آثرَ أغلبُ المثقفين والشعراء في ذلك الحين "التقية" والتقوقع وعدم المقاومة، وقد وقف شاعرنا حنّا من على مَنابر منصّات المهرجانات السياسيّة والشعريّة، وأعلن موقفه صراحة بوجه المحتلّ الغاصب دون وجلٍ ومُواربة. هو من نخبة رفاق ورجالات الحزب الشيوعيّ وأهمّ مُثقفّيه وكُتّابه وشعرائه، ضحّى بوظيفته لأجل مبدأ آمنَ به وسار عليه وأعلنه صراحة، حتى أنّه كان مُستعدًّا للخروج من حزبه والتخلّي عن الحوافز ومغريات المناصب، إخلاصًا لمبدئه مع الحفاظ على "الاختلاف وليس الخلاف" مع رفاق الأمس. كتب وحرّر في صحيفة الاتّحاد. مِن مؤسّسي مجلة الجديد الأدبيّة ومجلة الغد التي تتلمذ في مدرستهم وعلى يديّ أبو الأمين الرعيل الثاني بعد النكبة، من كُتّاب وشعراء وأدباء ممّن كان أبو الأمين مثالًا ومُعلّمًا ومُرشدًا لهم، وما زال بيته مفتوحًا لكلّ المثقفين والأدباء لكلّ استشارة أو مراجعة أو نصيحة. أنتم يا أبا الأمين نواة الخلية الثقافيّة في البلاد بعد النكبة، وما الخليّة بدون نواة؟ 
ولن ننسى السيّدة الفاضلة سامية فرح أبو حنا أم الأمين، الزوجة المثقفة بامتياز والمتذوّقة للأدب والشعر، وما زالت تقفُ بجانب رفيق دربها أبو الأمين، ونحن نعلم أنّ حياة المبدعين ليست بالسهلة، تحتاج إلى قوّة ومَحبّة كبيرتين، لا يستطيع كلّ إنسان أن يصمد ويعيش ويتعايش، ونشكر فضل الله مجدلاني لمرافقتنا الدائمة بتهيئة القاعة لاستقبال الأمسيات، والشكر الكبير للمجلس المِليّ الأرثوذكسيّ الوطنيّ في حيفا راعي الأدب والعِلم والمثقفين.      
مداخلة د. راوية بربارة بعنوان  التناصّ الدينيّ ومرآة الشاعر حنّا أبو حنّا: مساءٌ حَنّائيٌّ بامتياز إذا التعبيرُ جاز، فالمحتفى به حنّا أبو حنّا، والمتحدّثان حنّا الحاج وراوية بربارة "أمّ حنّا"، ويعتقد العرب بأنّه إذا اجتمع ثلاثةٌ ولهم نفس الاسم وُجدَ الكنزُ، وهذا صحيحٌ فأنتم كنزُ الأمسية وكلِّ الأماسي الأدبيّة الثقافيّة التي ترفع شأن مجتمعِنا وتحتفي بأدبائنا وتكرّمُهم.
عندما كنتُ صغيرةً كانتِ الأسماءُ الكبيرةُ تطنُّ في قلبي، وتجلجلُ في جنباتِ عينِ العذراءِ وبيتِ الصداقة، ويحتفي أبي وأصدقاؤه بكلِّ عددٍ يصدرُ من مجلّة "الجديدِ" و"الغد"، فتسكن معنا الأسماءُ ونتخيّلُ ملامحَ أولئكَ الذين يبثّون الحياة في الورق وفي المجتمع، واسم حنّا أبو حنّا يتردّد في البيت والسوقِ والشارعِ والجريدةِ واجتماعات الأصحابِ والرفاق، وأنا لم أره، أتخيّلهُ كبيرًا عملاقًا بقدرِ عطائِه وبقدرِ محبّةِ الناسِ له، ويومًا ما خرج الماردُ من قمقمه، فكان أجملَ من الأسطورةِ، وأكثر ريًّا من بعل، كان أستاذي في جامعة حيفا وعلّمني مساق "الشعر الحديث"، علّمني مدارسَ الشّعر من الكلاسيكيّة ونيو كلاسيك والرومانسيّة والواقعيّة الاشتراكيّة والرمزيّة، وأخذنا معه في تيّار الفن للحياة والفن للفنّ، وتركَنا هناك نتساءَلُ، لماذا ما زال شعراؤنا إلى اليوم يكتبون بكلّ مدارس الشعر، فلا تنقطع مدرسةٌ ولا يختفي نوعٌ، فنجد الجواهريَّ يسبَحُ على بحور الخليلِ وأدونيس يبحث عن الجديد، ونازك والسيّاب يدوْزنان تفعيلتيْهِما، وحنّا أبو حنّا يشقّ طريقتَه بحذرٍ وجرأة، فيواربُ وراءَ الرمز تاركًا لنا أن نستعينَ بثقافتنا المتنوّعة لنسبرَ أغوارَ قصائدِه، أو أن نحذفَ قافيةً منتظرةً ونعاودَ البحثَ، أو أن نستعينَ بالجمهورِ الذي بدأ يدرك أنّ حنّا عرف أنْ يختارَ وقرّر أن يتطوّرَ، لذا نجدُهُ يحاسبُ نفسَهُ، يضَعُ المرآةَ أمامَ قصائدِه ليرى انعكاساتِها، ويقرّرُ أن يغيّرَ هندامَ أوزانِها وتسريحةَ قوافيها ورائحةَ عطرِ صورِها كلَّ مرّة، فهو منذ عام 1949، قرّر بوعيِ المثقّفِ الدارسِ أن يكتبَ "أوّل تجربة له بإيقاعٍ متغيّر ينبع من "دراميّة" الموقف ويسايرها" ، فنراه يُعلن "طلاقَ الرومانسيّة"، مقرًّا بأنّه لم يكتب من أجل الفنّ، بل من أجل الناسِ، فهو لم يكن "فوق" الورى، ويعترف بجنون الشاعر مشبّهًا إيّاه بالبزّاق الذي ينزوي في أصدافه في الوحول معتقدًا بأنّه ربُّ السهول، مُحْدِثًا جلبةً بقصائده وإبداعِهِ، كالطفل الذي يمتطي عصًا ويظنّ بأنّه يحلّقُ بينما هو على رجليْه يعدو:
كنتُ بالأمسِ شاعرًا/ ينسجُ الشعرَ/ من سُدى الأحلامِ/ سارحًا بين النجوم/ هائمًا فوق الغيوم/ لم أعش "فوق" الورى/ غير أنّي/ مثلما ينزوي البزّاقُ في أصدافِهِ/ بين الوحولِ/ حالمــــًا/ واهمًا/ أنّه ربُّ السهول/ مثلما/ يركب الطفلُ العصا "فارسًا"/ وهو على رجليْه يعدو/ حافيًا.. طائفًا دون هدى/ هكذا "أهل الخيالْ"/ يركبونَ الخشبةْ/ واهمين بالمحالْ/ مُحدثينَ جلَبةْ..! 
وهذا الشاعر أحدثَ جلبةً، أتدرون لماذا؟ لأنّه أوّلًا وقبلَ كلّ شيء كتب بشاعريّته وطعّمها بالدراسةِ، فلم يفقد توازنَه من طغيانِ النظريّات على الشاعريّة أوِ العكس؛ وثانيًا لأنّه طوّرَ أدواتِه الشّعريّة على مدى سنواتٍ، لم يتقوقع في مدرسةٍ، ولا في أسلوبٍ، بل فتحَ الأبوابَ لقدرتِهِ لتقودَهُ ولتجربتِه الحياتيّة، المعيشة، المهنيّة لتوجّهَهُ؛ وحنّا أبو حنّا أحدثَ جلبةً لأنّه انتقل بسلاسةٍ، من الشعر التقريريّ، التوثيقيّ التأريخيّ، إلى الشعر الرمزيّ، الحداثيّ، وما بعد الحداثيّ؛ وحنّا أحدثَ جلبَةً لأنّه طرق موضوعاتٍ عدّةً فمن الأرضِ، إلى الطبيعة، إلى الهمّ الفلسطينيّ، إلى الهمّ الإنسانيّ، إلى الغزلِ والحبّ والمعشوقة والحياةِ اليوميّة البسيطةِ المعيشةِ، ولهذا الشاعر الجريءِ المجدّدِ، المنتقِدِ نفسَه وقصائدَه قبل حبرِ النقّاد، ستكون مداخلتي التي سأبدأها بما يتلاءَم مع الوضع الراهن، وكأنّ التاريخَ يأبى أن يمسحَ بصماتِهِ عن خدودِنا وأخاديدِنا، فكلّما تجاهلْنا أفعالَه معَنا، عادَ وصفعَنا على خدّنا الأيمن، ومهما كان إيمانُنا قويًّا لن نديرَ له الأيسر، بل سنديرَ له ترابيّاتِ أدبِنا وقصائدِنا، لنعلّمَه درسًا لن ينساه. فها هو محمود درويش يقول في حديث له: "الجديد الذي أعطانا إيّاه حنّا أبو حنّا هو ما أستطيع أن أسمّيَه بشكلٍ مجازيّ، أعطانا ترابيّةَ القصيدة، عندما جاء حنّا أبو حنّا وحوّل الأحداثَ اليوميّةَ والهمومَ اليوميّةَ والأخبارَ اليوميّة إلى قصائد، أعطانا وعيَ ترابيّةِ الشّعرِ ويوميّتِهِ "، وما أحوجَنا الآن الآنَ أن نستشعرَ عبقَ الترابِ، وأن نقرأ معًا مقطعًا من قصيدته "تقاسيمُ على سقسقات سرب القرابين":
كانت لنا وبنا/ في البدءِ/ فيها نَبَتُّ على جذورِ التين والزيتون/ وسريتُ في نبضِ الدوالي/ في اخضرار العلتِ والزعتر/ في نفحةِ الفيجن/ في تنفّسِ العبْهَر/ وجريتُ في القندولِ/ في السمّاقِ والعنبرْ/ نُسُغًا/ أنا والفصول/ أنا الفصول/ أنا والتراب/ أنا التراب:/ آدم والأديم/ أنا السمادُ/ والبذارُ والثمرْ/ ويراد لي أن لا أكون سوى السماد/ أن لا أكون سوى../ أن لا أكون!! 
وهل يمكن لشعبٍ عنده شعراؤه ألّا يكونَ؟ ألم يحيي الشعراءُ والأدباءُ الماضيَ والحاضرَ، يقول أبو حنّا مستذكرًا الماضي الجميلَ في الكرمل معَ محبوبته: وأعودُ في الذكرى إلى سفحِ العبيرْ/ المقعد المهجورُ في عينيْهِ طيفُ أسًى كسيرْ/ والجذعُ مالَ إليَّ يسألني عن العهدِ النضيرْ/ والزهر والدمعُ بالندى الشاجي تعزّيه العطورْ 
ومن هذا الماضي الشخصيّ القريب، نراه يستذكر مع الجدّة ماضي هافانا: "يا حفيدي../ قبل ما يقرُبُ من خمسينَ عام/ حينما كنتُ أنا ما زلتُ طفلة/ هتك الفجرُ الظلام/ ورعى النورُ شذى مليونِ فُلّة/ أحرق العبد صليبَ الرقِّ في ثورةْ/ وغدا حرّا .. وكان النير قد حدّبَ ظهره! 
ألم يكتبِ الشعراءُ نبوءةَ المستقبل؟ ألم يوثّقوا التاريخ؟  فهذه أبياتٌ لأبي حنّا تحيّي الوحدة بين سوريا ومصر: من الناصرةْ/ إلى القاهرةْ/ تحيّاتُ نشوتِنا العاطرةْ/ بطيبِ عروبتنا الظافرةْ. 
ألم يحفظوا لنا الجغرافيا؟ تلك الجغرافيا لوطنٍ وقد تغيّرت معالمُه، ومُحيَت لولا بقايا ديرٍ وكنيسة مهجورة تصلّي فيها الريح: نمر الصادق/ ذرّتْهُ العاصفةُ الهوجاء/ ولْمجيدل/ أطلالًا صارت/ ومعالمها تُمحى/ ومُحيتْ/ لولا ديرٌ وكنيسةْ/ تصلّي فيها الريح/ ترتّلُ فيها الغربان 
والطبيعة، والبيئةُ، والبشرُ والحجر، ألم يكن لهم النصيبُ الأكبر من شِعر أبي حنّا؟ ففي رثائه للشاعر راشد حسين يجلب معه إلى القبر من كلِّ بلدٍ ذكرى، ليؤكّدَ شموليّةَ التضحية والعطاء: على الضريح المؤرّق/ جئتُ أضع إكليلا/ مضفورًا فيه قَندولُ الكرمل/ وسَرّيسُ الشاغورِ/ وغارُ الجرمق/ عابقًا.. من بيّارات الرملة/ وحبقِ الناصرة/ وطيّونِ وادي عارة/ وسنابلَ مرجِ ابنِ عامرِ/ الجبينُ الذي تطاولَ فوقَ الدخان والغيوم/ ليحالفَ الضياء/ جئتُ أمسحُه بقطراتٍ من زيت الجليل/ وفي ركنٍ من الضريح المستعيدِ كنزُه/ جئتُ أخبّئ خابيةً من عصير عنب الخليل. 
في ظلّ كلّ هذا  الماضي والحاضر، والتوجّع والفقدِ كان لا بدّ للشاعر مِن مرجعيّة، فهل تعرفون إلامَ لجأ حنّا في قصائده؟ لقد اتّكأّ حنّا أبو حنّا على التناصّ الدينيّ، والتناصّ من أبرز سماتِ الشعر الحداثيّ، ومن أدقّ خصائص بنيتِه التركيبيّة والدلاليّة، إذ يمثّل التناصّ استحضارَ نصوص غائبة، سابقة في النصّ الحاضر، لوظيفة معنويّة، أو فنيّة أو أسلوبيّة؛  وقد حاولت تتبّع التناصّ في قصائد أبي حنّا، فإذ بأغلب القصائد تفاجئني باتّكائها على الرمز الدينيّ، ولعلّ القصائدَ على امتداد الشعر الفلسطينيّ من بداياته إلى يومنا لم تحفل بهذا الكمّ من التناصّ الدينيّ المسيحيّ والإسلاميّ، فلماذا فعل كذلك؟ ولماذا التجأ إلى الدين؟ أهي ثقافتُهُ، والإناءُ بما فيه ينضح؟ أم هي حاجةُ الإنسانِ إلى القوى الخارقة والمعجزات في زمنٍ تراكمت فيه النكباتُ والنكسات والمصائب والمصاعب فلم يكن للشاعر مخرجٌ إلّا البحث َ عن قوّة خارجيّة تساعده على الصمود والاستمرار؟
ففي رثاء عمر القاسم، قصيدةِ "في حاشيةِ العوسج" يعترف بحاجةِ الشعر إلى أسطورة: الشّعرُ يفتّشُ عن أسطورة/ أمّا أنتَ الأسطورة/ فأكبرُ/ أكبرُ من كلِّ الشّعرِ 
إذًا هو الألم سرُّ الوجودِ، فعلى خلاف: أنا أفكّر إذن أنا موجود، يقول حنّا أبو حنّا: أنا أشكو إذن أنا موجود، فالوجع هو سرّ وجودنا: نحن نحيا/ لأنّنا/ لم نزل نشكو/ فيا لوعةَ اكتشافِ الوجودِ/ **/ نتساقى الشكوى/ نسرّي/ ولكن/ نفتحُ الجرحَ للنزيفِ الجديدِ. 
وهذا الشاعر المتألّم يطفئ لهيبَ ألمِه بتعلّقه بتراب وطنه، بدغدغات اللوف والزعتر الممنوع، بأعشاب بلاده التي يبقّلها لتُقيتَهُ، لتلذعَهُ، لتبْرُدَ لسانَهُ؛ والشاعر يملأُ جرّته من عرق الجباه، من دموع الشريد، ودموع العروس يومَ زفّتها ومن شفَةِ الربيع التي تملأ البيّارات بالرعود: حملتُ سلّتي/ أبقّل العلّيقَ والمرّار/ واللوفَ- مِبرَدَ اللسانْ/ يلذعُهُ مدغدغًا/ والزعترَ الممنوع/ قرّبتُ جرّتي من عرقِ الجباه/ من مقلةِ الشريدْ/ من زفّةِ العروس/ من بيّارة الرعود/ من شَفَةِ الربيع. 
وهو مستعدّ أن يضحّي بدمه كما فعل المسيح في العشاء الأخير "خذوا اشربوا هذا هو دمي الذي يُسفَك عنكم وعن كثيرين لمغفرة الخطايا"، فماذا يقول شاعرنا بعد أن شبع وارتوى من آلام ودموع بلاده؟ يقول بأنّه سيضحّي بدمه لينفّضَ الرماد عن مجامر الإباء، ليُبعِدَ هذا الرمادَ الرابضَ على مجامرِ كرامتِنا، لتَهُبَّ النخوةُ والشهامةُ والعزّةُ فينا من جديد، ولنستيقظَ من خدَرِنا وغفوتِنا: "خذوا اشربوا/ هذا دمي/ يُنفِّضُ الرمادَ عن مجامرِ الإباءِ/ ويلغَمُ الخدَرْ" 
ولماذا يضحّي الشاعرُ بنفسه ليستيقظ النوَّمُ؟ لأنّ الأسماءَ اغتيلت، ولأنّ جبلَ الكرمل يعتري عورتَهُ بحّارةُ الأساطيل الحربيّة، ولأنّ مار الياس يطلّ من مغارته ويتساءَل هل قمّلت لحيةُ هذا الجبل؟ هذا الوطن؟ وما أجمله من تعبيرٍ استوحاه الشاعر من حياتِنا المعيشة، عندما نقول "قمّلت لحيتُه" كناية عن العفن والإرادة المسلوبة وقلّةِ العزيمةِ والفقرِ، فأيُّ تعبيرٍ فصيحٍ كان سيفي بالمعنى؟  وإنّما يستعين الشاعر بالتناصّ الدينيّ مع القرآن "ولا تعثَوْا في الأرض مفسدينَ" ليقول قولًا هامًّا؛ بأنّ مثلَ هذا الخراب ليس جديدًا، إنّما المفسِدون كانوا على مرِّ التاريخ، مشيرًا فيما وراءَ السطورِ إلى عقابِهم ونهايتِهم، ونراه يمزج ما بين الأسطورة والدين والواقعِ الكئيب ليشرحَ لنا مدى عدمِ وضوح هذا الحاضر الذي تعبث فيه كهنةُ الأساطير ويعيث فيه المفسدون، ويهاجَم فيه الكرمل: في "جادة الكرمل"/ حيثُ اغتيلتِ الأسماءْ/ تحت عيون "قبّة البهاءْ"/ حيثُ يقرفصُ الجبلْ/ يمدُّ ساقيهِ إلى الميناءْ/ ويعتري عورتَهُ بحّارةُ الأسطولِ/ السادسِ...السابعِ../ مهما شئتَ من أرقامْ/ وحيث "مار الياسْ"/ يُطلُّ من مغارة الدهشةِ في عينيه: - هل قمّلَتْ لحيتُهُ؟ - كهنةُ البعلِ يعيثون بها ويفتنون الناسْ 
لكنّه في خضّمِ انتقاده للوضع القائمِ، ودعوتِه للتحرّكِ والتيقّظ، يذكُرُ فرسانَ اليقظة، يذكُرُ من ناضلَ، وعملَ، ونسجَ، وحاكَ مستقبلًا وضفّرَ أحلامَهُ بالنارِ، والظبيةُ تحدّت قنّاصًا لتصيدَ الفجرَ، ما أجملها من مفارقةٍ بين صياد يلاحق الظبية ليصيدها، و ظبيةٍ تلاحقُ الفجرَ لتصيدَ يومًا جديدًا تحياه، ما أبدعَ أنْ يكونَ الشعرُ مكثّفًا، واضحًا، جميلًا، أصيلًا، بِكرًا، يرسِم في جملةٍ شعريّةٍ واحدةٍ لوحةً مذهلةً، مليئةً بالكناياتِ والاستعاراتِ، فقد اشتعلَ الفتيلُ ، لكنّه فتيلُ الطيبِ والرائحةِ الجميلةِ، فتيلُ الريحان، هذه الكلمات التي تبدّل المألوفَ تُدهِشُنا، تدعونا أن نصبحَ قرّاءً مشاركين، أن نُشعِلَ فتيلَ ثقافتِنا ومخزونِنا الأدبيِّ لنجاري الشاعرَ، لنشاركَهُ تناصَّه الدينيَّ حين يقول: تتحدّى الظبيةُ قنّاصًا لتصيدَ الفجرَ/ اشتعلَ فتيلُ الرّيحانِ/ تحرّكَ نوْلُ النَسّاجْ/ يُضفِرُ بالنارِ الحُلُمْ/ فرسانُ اليقظةِ فوق الأبراجْ/ لا تأخذهم سِنَةٌ/ لا يأخذُهم نوْمُ. 
هذا الشاعر مرّ بمراحلَ مختلفةٍ، فبعد طلاقه الأوّل مع الشعر التوثيقيّ الواقعيّ، طلّق الرومانسيّة، وامتطى جوادَ الرمز، فبعد أن كان توثيقيًّا، علّمته الدنيا أن يكون مراوغًا، لا يصرّحُ بحقيقة الأشخاصِ، ولا بحقيقةِ الحدث، إنّما يحتالُ على النصِّ بمفرداتٍ يستقيها من بيئته، من ثقافته، من أمكنةٍ لا يُعيّنها بالاسم، وأناسٍ لا يناديهم جهرًا، فمن هي الظبيةُ؟ أهيَ فلسطين؟ ومن هم فرسان اليقظة؟ الثوّار؟ المناضلون؟ من بقيَ في الوطن؟ وكيف تجرّأ وكنّاهم بكنية الحيّ القيّوم الذي لا تأخذه سِنةٌ ولا نَوْم؟ كلُّ الإجاباتِ متعلّقةٌ بمشاركةِ القارئ، فالرمز في القصيدة، وفي قصائد عَدّة في الديوان يرتقي من الإشارة sign، إلى الرمز  symbol، إلى الأليجوريا، المبنى الرمزي المتكامل الذي يوظّف فيه الشاعر عدّة إشارات وعدّة رموز، وهكذا بقدرِ محليّةِ القصيدةِ وخصوصيّتِها نرى انفتاحَها على العالَم العربيّ، على اللامكان واللازمان، لتصبحَ قصيدةَ كلِّ مكانٍ وكلِّ زمانٍ، فتضمنَ بالمراوغةِ الذكيّةِ خلودَها.
حتّى قصائدَ الغزل لم تخلُ من المراوغة حفاظًا على المحبوبة من كشفِ سرِّها، وربّما تحفّظًّا منفلِتًا، حفاظًا على هيبةِ هذا الشاعر الشقيّ، الذي عاج يسألُ عن النبيذ المشتهى في نهدَي محبوبتِهِ، راسِمًا صورًا شعريّة جميلةً مُطلِقًا أسرابَ الغزلان على الردفيْن، مطهّرًا نفسَه بالنار التي تشعلُه، بنار العيون، ولا بدّ للتناصّ الدينيّ أن يظهر ولكن أين؟ فلنستمع: مَنْ نسجَ الخمرَ وشاحًا/ للنهديْن؟/ مَنْ أطلقَ أسرابَ الغزلانِ/ على الردفيْن؟/ بالنارِ يطهّرني/ هذا السّحرُ الكامنُ/ في الجفنيْن/ لأرى خارطةَ الجنّةِ/ ما بينَ القرطيْن. 
وهذه المحبوبةُ التي تسكرُه بخمر نهديها، هي التي تُسكرُ الكؤوسَ وتكسرُ القدح، أو ربّما هي محبوبةٌ ثانيةٌ، لا أوسّع ذمّتي، ولا أقول إلّا على ذمّةِ الراوي: على شجر القلبِ/ باسمِكِ/ تشدو العصافيرُ تسبيحةً/ للفرح/ حضورُكِ نبعُ الذهولِ/ فأنتِ التي تُسكرين الكؤوسَ/ وأنتِ التي تكسرينَ القدحْ
وفي حواريّة بين المحبوبيْن، حين تتساءَل المحبوبةُ إذا كان الحبُّ يسلِبُ قلبَ المحبِّ؟ نرى الشاعرَ يُكذِّبُ دموعَ العاشقين الشعراء الذين يستمرئون البكاءَ ليصيدوا الهلال، لكنّ الحبّ بريءٌ، لم تثبت إدانتُه لأنّ بوصلةَ الروحِ هي التي تتوجّه نحو المحبوب، نحو الشمال: تساءلْتِ:/ هل يسلبُ الحبُّ قلبَ المحبِّ..؟/ إذا كان حقًّا فقلبُكَ عندي/ وقلبيَ عندكَ/ - تلك شَكاةٌ/ تناقلها العربُ في خيمةِ الغزوِ/ فاستمرأَ العاشقونَ البكاءَ/ لعلّ الدموعَ تصيدُ الهلال/ تبرّأَ من ذلكَ الحبُّ/ فهو الذي يوجّهُ بوصلةَ الروحِ/ نحو الشمال 
وفي عزّ الحبّ ولحظاتِ العشق يتّكئ بقوّةٍ على التناصّ الدينيّ، أظنّه يقدّسُ هذا الحبّ، يدرس الوصايا العشر من احتضان شفتي المحبوبة التي تجمعُ كلَّ الأقانيمِ في واحدة، وكأنّها الآبُ والابنُ والروح القدس، هذه المحبوبة مؤلّهةٌ سرًّا وتلميحًا، وهذا الشاعر لا ينفكّ الماضي يعلّمه ويعاوده، وهذا سرّ الحداثة في الشّعر وما بعد الحداثةِ، هذا الانفصالُ عن الماضي وهذا التواصلُ معَه، فها لهفةُ ذاكرةِ البدويّ إلى تمتمات الحليب ونجوى العسل، هي نفسُ لهفةِ الشاعر إلى شفتَي المحبوبة، وهذه المراوغاتُ الذكيّة، تأخذُنا إلى هناكَ عبرَ الزمان، وتحطُّنا هنا، من صحراء البدوي وطعمِ العسل إلى الغابة وفوح طيب نيسان، وتحاصرنا بالدين والوصايا، وتُفرِجُنا بالحبّ والغزلِ والشبق والعبقِ،  هذه المراوغاتُ إنّما تؤكّد الحديثَ القائلَ بأنّ الشعراء لا يتّبعهم إلّا الغاوون: أحضن بالشفتيْن الوصايا/ أرسِم هذا البهاءَ/ بلهفةِ ذاكرةِ البدويّ/ إلى تمتمات الحليبِ/ ونجوى العسلْ/ أيا غابةَ الطيبِ في حضنِ نيسانَ/ أنتِ الأقانيمُ/ في واحدةْ 
وهكذا نراه ينوّع في المبنى، فمن الموزون المقفّى إلى شعر التفعيلة، وينوّع في موضوعاته وثيماته، فمن الأرض والتراب وكلّ نبتةٍ تشارك الشاعرَ قصائدَه ومعانيه، وتتراسل الحواسُّ فيها فنشمُّ ما نرى، ونسمعُ ما نتذوّق،  إلى الأماكن والأحداث التي يعيّنها حينًا ويعمّمها أحيانًا، فيخلّدُ الفعلَ والحدثَ المحليَّ ويغورُ في أعماق الُهنا، وبذكاءٍ مراوغٍ يحمل الأماكنَ على الرموز، لتصبحَ صالحةً لكلّ الأماكن والأزمنة، وتصبحَ خالدةً؛ ومن الأماكن إلى التاريخ وما اجترحه، والجغرافية وما محت من معالم، وما تركت من ذاكرةٍ يحملها الشاعر ويوزّعها للقرّاء حزنًا وحثًّا، ويتّكئ على التناصّ الدينيّ بشكلٍ ملحوظٍ وبكثافةٍ غير ِمسبوقةٍ في الشعر الفلسطينيّ المحليّ وذلك لحاجةِ هذا المتبقّي في أرضه إلى الإيمان والأمان، والحمايةِ الإلهيّة والأسطورة الدينيّة التي ستحيي الموتى.
وهذا أستاذي الشاعر يحمل مسؤوليّة مجتمعٍ، مسؤوليّةَ جيلٍ قادمٍ يخاف عليه من عثَرات الزمان، لذلك كلّما رآني دعاني وقال لي تعالي لزيارتي عندي وصيّة لك، وتكرّرت دعوتُهُ والأيّامُ تسرقني، وفي يومٍ حلمتُ بأنّه يجب أن أزورَه اليوم، قمتُ مسرعةً اتّصلتُ وردّت أمُّ الأمين مرحّبةً، وكانت الزيارةُ التي لا تُنسى، هناك على قمّة الكرملِ، وفي بيتٍ مشرفٍ على كلّ ما في حيفا من جمالٍ، على البحر والميناء اللذيْن يشبهان الشاعرَ، باتّساعه، بعمقِه، بامتلائه، بمحبّته، بالرسوّ عندَه، كانا في الانتظار، وكان يومًا مميَّزًا لن أنساه أبدًا، قرأ الشعرَ، وحكى وروى وحمّلني وصيّته؛ قال لي: أولادنا واللغةُ العربيّةُ أمانةٌ عندكِ، فعليكِ الاهتمامَ بالمطالعةِ، لأنّنا بالمطالعةِ نبني الإنسان، نبني اللغة، نطوّر التفكير، ننمّي مجتمعَنا، نحافظ على مستقبلِنا، وأنا أقول لكَ أستاذي العزيز، بأنّني حملتُ وصيّتَكَ وعملتُ بها، وأعلنتها سنةَ القراءة والقارئ المميَّز، ونعمل على المطالعةِ من رياض الأطفالِ، من مكتبةِ الفانوسِ إلى المكتباتِ الصفيّةِ، إلى مسيرة ِالكتابِ، والمشاريعُ قادمة، والوصيةُ أمانةٌ في عنقي، وأخيرًا، ومن وحي اتّكاءاتكَ، ومن وحي عيد الغطاس الذي يصادف اليومَ، أقول لك إنّ المسيحَ تعمّد بالروح القدس، ونحن تعمّدْنا بطهرِ عطائكَ وشاعريّتكَ، فكلَّ عام وأنتَ وأم الأمين بألف خير.
 مداخلة حنا نور الحاج: مساؤكم خيرٌ وسلام. لقاءاتي بأبي الأمين وجهًا لوجهٍ حتّى اليوم لا أظنّ أنّ مجموعَها يتجاوزُ عددَ أصابع اليدين الِاثنتينِ بكثير. من بينها لقاءُ اليوم، ولقاءان في مدرسة مار الياس الثانويّة في عبلّين، في أحدهما استضفنا هناك الأديبَ العزيز، فالتقى بنحو ستّين من طلبة الصفوف العاشرة يحسنون الإصغاءَ ويحترمون الموقف، صاروا اليوم في الخامسة والعشرين. في ذاك اللقاء الجميل، شَرُفتُ بتقديم الأستاذ حنّا أبو حنّا وبمحاورته، واليوم هئنذا أحظى بشرف المشاركة في تكريم هذا الكريم النبيل. أقلّ ما يمكنني فعلُه أن أشكر من أعماق القلب مَن أتاحوا لي هذا الحضورَ وهذه المشارَكة في التكريم.
ولأنّ التكريم لا يَحتمل إفاضات الكلام، سأحاول أن أوجز قدْر المستطاع. وإن صدر منّي ما يشبه المديح، فعذري أنّي مقتنع بأنّ ذاك ليس بمديح. هو حبّ وتقديرٌ يرتدي ثوبًا كالمديح. وإن بدا في بعض ما أقوله تعظيم، ففي الأمر بعضُ توهُّم. العظيم لا يحتاج إلى تعظيم -وإن كان يستحقّه ويستحقُّ كلَّ خير. صحيحٌ أنّ لقاءاتي الِاعتياديّةَ به لم تكنْ كثيرةً بما يرضيني، بيدَ أنّي التقيت به كثيرًا من خلال أبنائه /مؤلّفاته –وإن كنت لا أزال أشعرُ بالتقصيرِ في هذا الصدد.
بتأخّر سنواتٍ قرأتُ سيرةَ أبي الأمين الذاتيّة. صدر الجزء الأوّلُ من ثلاثيّتِه الحلوةِ تلك ("ظلُّ الغيمة") عامَ ألفٍ وتسعِمئةٍ وسبعةٍ وتسعين، وأنا شرعتُ ألتهمُهُ في نهايةِ عامِ ألفين وسبعة. وحين انتهيت من قراءتِه، قلت في سرّي بتوبيخٍ معنِّف: "يا عيب الشوم عليك يا حنّا!" (وبالطبع لم يكن الموبَّخ حنّا هو أبا الأمين. بل كان الموبَّخُ هو سَمِيَّه المُعِزّ. كان الموبِّخُ نفسُه هو الموبَّخَ).
أمّا الجزآن الآخران ("مَهْرُ البومة" وَ "خميرةُ الرماد" الصادران عامَ ألفين وأربعةٍ)، فقد حظِيتُ بقراءتِهما بعدَ أيّامٍ قليلةٍ منَ انتهائي من قراءةِ الجزءِ الأوّل. بدأتْ رحلتي القرائيّةُ تلك في العشرينَ منْ كانونَ الأوّلِ عامَ ألفين وسبعةٍ، وانتهت في منتصفِ كانونَ الثاني عامَ ألفين وثمانية. هي أربعةُ أسابيعَ رافقتُ فيها حنّا أبو حنّا منَ المنبعِ إلى ما بَعدَهُ بكثير. لست أنسى مقاديرَ الإحساسِ بالِاغتناءِ والِامتلاءِ الذي رافقني خلال تلك الرحلة، أدبيًّا وفكريًّا وروحيًّا. وكعادتي حين أنفعلُ وأتفاعلُ معَ ما أقرأ، لم يستطعْ لساني إلّا أن يتحدّثَ ويتحدّثَ ويتحدّث... حدّثتُ الطلّاب، وحدّثتُ الزملاء، وحدّثتُ الأصدقاء. وكان منَ اللطيف جدًّا أنّ عددًا غيرَ قليلٍ من بينهم عبّروا عن رغبتِهِم في اقتناءِ كتب حنّا أبو حنّا تلك وغيرِها، فتمكّنّا بمساعدةٍ منَ المؤلّفِ نفسِه أن نوفّرَ لهُمُ المطلوبَ بأثمانٍ شديدةِ المعقوليّة؛ إذ كانت أبعدَ ما تكون عنِ التجاريّة. ولم يكتفوا بالِاقتناء، بل انضمّوا إلى فئة القرّاء.
يا أبا الأمين، لو نجحتُ في استذكار كلِّ ما قاله قرّاؤك المحبّون وما يقولون، ولو دوّنتُه وقلته، لطال الكلام. لكنْ دعني في هذا المقامِ أتخيّرْ لك ما لا أنساه ممّا قاله المرحوم صديقي الدكتور جبّور خوري، الذي عُرِفَ باهتماماتِهِ الكثيرة والمثيرة، ومن بينها شَغَفُه العظيمُ بالقراءة، ولا سيّما قراءةِ الروايات، وبأكثرَ من لغة (بالعربيّة والعبريّة والإنجليزيّة والإيطاليّة). صديقيَ المرحومُ الطبيبُ الطيّبُ جبّور، صاحبُ الذائقةِ الصعبةِ المتشدّدةِ التي لا يُعجبُها إلّا العَجَبُ العُجاب، حين أتمّ قراءةَ تلك الثلاثيّة، قال لي بحماسة المعجَب المنفعل: "يا رجل. صدّقني... لا أتردّد إطلاقًا في القول إنّ هذا حقًّا أدبٌ عالميّ، عالميٌّ بكلّ المقاييس". لست أنسى كم سُرَّ صديقي، كم سُرَّ وسَرَّ حين بادر إلى التحدّثِ هاتفيًّا معَ أبي الأمين على مَسمعٍ واشتراكٍ منّي، ونقل إليه رأيَهُ وانطباعاتِهِ بصدقٍ وحبٍّ وتقدير! 
كم حاولتُ (وأظنّ أنّه أحيانًا حالفني النجاح) أن أستثيرَ الطلبةَ والزملاءَ والأصدقاء، عبْرَ تعليقٍ على مؤلّفات الأستاذ حنّا أبو حنّا بقولي على مَسمعٍ منهم: "ما ألطَفَ أن تعرفَ وطنَك، تاريخًا ومكانًا، من خلالِ كتابٍ أدبيّ. في "ظلّ الغيمة"، وفي "مَهر البومة"، وفي "خميرة الرماد"، أنت تسافرُ في وطنِكَ الذي حرمَتْكَ مناهجُ التدريس أن تتعلّمَ تاريخَه كما يجدرُ وينبغي. بتلك الثلاثيّةِ تتعرّفُ وطنَكَ بعينِ أديبٍ وفؤادِ أديب وروحِ أديب وفِكرِ أديب. تتعرّفُ وطنَكَ فتحبُّهُ وتحبُّ مَن حبّبَكَ فيه بيـراعتِهِ البارعةِ الصادقةِ الحاذقة".
وكم حاولتُ أن أستميلَهُم إليك، وإلى الأدبِ بعامّة، حين علّقتُ على أناقتِكَ ومهارتِك في صياغةِ عناوينِ كتاباتِك (لستُ أنسى سحْرَ كتابِك "فستق أدبي" عنوانًا ومضمونًا). في العنوان الجميل "ظلّ الغيمة" تتعدّدُ الإيحاءاتُ والدلالات. وكم أشغلني هذا العنوانُ الأنيقُ العميق.  أتُراه عنوانًا ينطوي على إيحاءٍ بتواضعِ صاحبِ السيرة، إذ يعتبرُ عمرَهُ ظلًّا لغيمة، ظلًّا عابرًا سريعًا كسرعةِ سَهْمِ الوهم؟ أَمْ تُراه عنوانًا ينطوي على إيحاءٍ بحسرةٍ ما، حسرةٍ تسكنُ قلبَ الكاتبِ على انقضاءِ العمْرِ مهرولًا متعجّلًا؟ أَمْ هو يحملُ إيحاءً بتقديرٍ ما للنفسِ، باعتبارِ الغيمةِ رمزَ خيرٍ وعطاء؟ ولا تنتهي التساؤلات... غزيرةً تنثال، وفي ثنايا كلّ منها احتمالٌ لإجابة. وإن كان هنالك بَعدَ الإعجابِ مجالٌ لمخالفةٍ ما، فاسمح لي بذلك، أبا الأمين... هل سيرتُك الذاتيّةُ حقًّا ظلُّ غيمة؟ لو تُركَتِ التسميةُ لي، لكنت جعلتُها "ظلُّ الخـيمة". كتابُك كمثلِكَ هو؛ خيمةٌ تجمعُنا بك. أراه ظلَّ خيمة، في صحراءِ الخيبةِ الملتهبة. يحلو لي أن أراها على هذا النحو، وبخاصّةٍ الآن ونحن أمامك، معَكَ في مساءٍ مشرقٍ كهذا المساء، على الرغم من سواد الأرضِ واكفهرارِ السماء. وقبل أن أنسى... حين استضفنا الأستاذ حنّا أبو حنّا في مدرستنا، سُقْتُ تساؤلاتيَ السابقةَ كلَّها عليه، بشأنِ دلالاتِ العنوان "ظلُّ الغيمة"، وبأدبٍ جمٍّ -وتمامًا كما يليق حقًّا بفارسٍ مُجَلٍّ في مضمارِ الأدب- امتنعَ عن إعطاءِ إجابة. بلطفٍ شديد أصرّ أن يتركَ الأمرَ لتفسيراتِ القرّاء، نائيًا بنفسِهِ عن تقييدِ المخيِّلة والفهمِ وحصرِهما في زاويةٍ محدَّدة، أو محدِّدة. 
أمّا عنوانُ الجزءِ الأخيرِ منَ السيرة، "خميرة الرماد"، فلم أبخلْ على الطلبةِ بالتوضيح أنّ الخميرةَ والرمادَ مقترنانِ بالكهولةِ وما بعدَ الكهولة، وبما فيهما من نضْجِ واختمارٍ للتجربة.
 وأمّا الجزءُ الثاني، "مَهر البومة"، فلم أشرح لأيّ كانٍ سببَ اختيارِ الكاتبِ لهذا العنوان. اكتفيتُ بإشارةٍ عاجلةٍ أنَّ الإجابةَ تتكشّفُ للقارئِ في الكتابِ نفسِه، ولا تحتاجُ إلى إعمالِ التخيُّل. وهي إجابةٌ مفاجِئةٌ مذهلة. وأنتم، أيّها الحضورُ الكرام، لن أجودَ بتوضيحٍ على أيٍّ منكم ممّن لديه فضولٌ لمعرفةٍ دلالةِ ذاك العنوانِ المدهشِ الغامضِ ("مَهر البومة")، وليتَ مَن يعرفُ ينافسُني في البخلِ المتعمَّد! ليتنا نتابع تكريمنا لهذا الرجل المهمّ، حنّا أبو حنّا، من خلال قراءتِنا لأدبِه البديعِ الرفيع (ونحنُ من ذلك كاسبون). ودعوني أُسرُّ لكم بأمنيةٍ قرائيّةٍ شخصيّة: كم أشتاقُ وأرغبُ في قراءةِ تلك الثلاثيّةِ مرّة أخرى!
أستاذَنا أبا الأمين، إنّ وجودَكم -أنت وسائرِ القاماتِ العاليةِ من أهلِ الأدبِ والفنِّ عامّةً- نعمةٌ تُشكَرُ الأقدارُ عليها. وجودُكم -أنت وهُمْ- يزيلُ بعضَ الهمّ أوِ الكثيرَ منه، ويوفّرُ لنا متعًا وفوائدَ لا تُنكرُ إطلاقًا. وجودكم يهوّنُ على المرءِ بعضَ حَيرتِهِ وارتباكاتِه. منكَ وممّن هم كمثلِكَ من نبلاءِ حقولِ الأدب، نتعلّمُ الصبرَ والأناةَ والوطنيّةَ والإنسانيّة. منك ومنهم، نتعلّمُ كيف تكونُ المبادئُ والقِيمُ خبزًا يوميًّا. أنت ممّن تعلّمنا منهم -ولا زلنا نتعلّمُ- كيف يكونُ الحزنُ نبيلًا نقيًّا بهيًّا لا يُفقِدُ حاملَهُ البوصلةَ بالرغم منَ العواصفِ والأعاصير؛ فأنت الذي قلتَ في بوّابة حدائق صبرك: 
لم أخبزْ كعكًا في فـُرني/ بالدمع عجيني/ بالأحزانْ/ لكنّ خميرتَهُ الإيمانْ/ وجياعٌ أهلي/ لا مائدةَ/ ولا سكّينَ ولا شرشفْ/ في أرغفتي طعمُ المنفى/ نكهةُ أقمارٍ صَرعى/ وطعمُ ترابٍ مغدورْ/ ونبيذٌ من روحي ينزف

أنت ممّن تعلّمنا منهم -ولا زلنا نتعلّمُ- كيف نبكي ونتماسك، فنُحيل بكاءَنا أشرعةً من تفاؤلٍ عاقلٍ وأملٍ لا يحيا المرءُ بدونِه. فأنت الذي قلت قبل إحدى وأربعين سنة، في يوم الأرض الخالد: 
على جبين السحَرْ/ دماؤُهمْ/ تطلُّ من براعمِ الرمّانْ/ تُطلُّ من شقائقِ النعمانْ/ من مُهَجِ البِطّيخِ في البطّوفْ/ وفي تَوَهُّجِ الجذوعِ/ في مواقدِ الشتاءْ/ جمرًا يُشيع الدفءَ والحنانْ/ قبورُهُمْ في القلبْ/ في الميجنا../ في الأوفِ../ في العتابا/ يا قلبُ يا مقبرةَ الأحبابْ!/ سربُ العصافيرِ الذي بدمِهِ تضرّجَ الجليلْ/ سربُ العصافيرِ / القرابينِ الذي/ يَرِفُّ فوقَ هامةِ الجليلْ/ على سفوحِ الوجدْ/ على ذُرى العذابِ والأملْ/ قنطرةٌ جديدةٌ حتّى يَهِلَّ الفجرْ
وإلى مضمارٍ آخرَ وأخيرٍ أنتقل. أقرّ وأعترف... قلّما يستهويني ما يُكتبُ لدينا من شعرٍ وقصص على أنّه مكتوبٌ للأطفال. ومَرَدُّ هذا أنّي أستشعرُ أحيانًا في ما يُكتبُ باعتبارِهِ أدبًا للأطفال، أستشعرُ إهانةً للأطفالِ أنفسِهِمْ غيرَ مقصودةٍ أوِ استهانةً بهِمْ واحتمالَ تخريبٍ لذائقتِهِمُ الخاصّةِ الغضّة. وذلك أنّ تقديمَ المعلوماتِ والنصحِ والتوجيهِ في قالَبٍ منَ الوعظِ الفجِّ، والمباشَرةِ المزعجةِ، يهبطُ بالأدب إلى مزالق ومَهاوٍ تحرمُهُ أن يُدْرَج ضمن ما تصحّ تسميتُهُ بالأدب. 
في عُجالةٍ أشيرَ إلى لطفِ وظَرفِ ما كتبَهُ حنّا أبو حنّا في ديوانِ الأطفال "راعي البراعم"، ديوانِهِ الذي أعتقدُ أنَّه يحملُ طاقةً حقيقيّةً في أن يُعجَب به الصغارُ والكبارُ على حدٍّ سواء. لديّ اقتناع عميق أنَّ أجملَ أشعارِ الصغارِ هي تلك التي لا تتخطّى اهتمامَ وإعجابِ الكبار. في ما يلي بعض مقتطفات من تلك اللطائف التي يتضمّنها "راعي البراعم"، أسوقها دونما تعليق.
تقول قصيدته "بهدوء": لي أذُنٌ تسمعُ همسَ النسيمْ/ ولي بهذا الرأسِ عقلٌ سليمْ/ أفهمُ صوتًا ناعمًا دافئا/ يقولُ ما يريدُهُ هادئا/ لا أفهمُ الزعيقَ والزاعقينْ/ أفهمُكُمْ إنْ كنتمْ هادئينْ
وتقول قصيدته "لماذا؟": قل لي:/ لماذا الكبارْ/ لا يُكرمونَ الصغارْ؟/ مِنْ دونِ أنْ يسألوا/ يتّخذونَ القرارْ!/ نمشي على رأيِهِمْ/ في الليلِ أوْ في النهارْ/ أريدُ أنْ يعرفوا/ حقّيَ أنْ أُستشارْ!
وقصيدته القصيرة "أختي":/ هذهِ أختي سميرةْ/ أصبحَتْ حالًا كبيرةْ/ لبسَتْ كندرةَ الماما/ وسارَتْ كالأميرةْ
وفي المقابل تقول قصيدته "أخي":/ لَـمّا وُلدَ أخي/ أحسسْتُ بأنَّ الكلَّ يحبّونَهْ/ أمّي تحضنُهُ بحنانٍ/ وتُقبّلُ فمَهُ وجبينَهْ/ وأبي يتأمّلُهُ فرِحًا/ ويُقبّلُ خدَّهُ وعيونَهْ/ وأنا مثلُ الثوبِ البالي/ يُهملُهُ الناسُ ويرمونَهْ/ حِبّوهُ.. لكنْ لا أرضى/ أنْ أُصبحَ في حبّي دونَهْ/ إنّي أحببْتُ حلاوتَهُ/ لكنَّ الغَيْرةَ ملعونَهْ
أمّا قصيدته "محتار" فتقول:/ أمّي تَعجبُ/ وأبي يسألْ:/ "ماذا تصبحُ في المستقبلْ؟"/ لـَمّا مرضَتْ أمّي قلْتُ:/ "أتمنّى لوْ كنتُ طبيبا!"/ وقرأْتُ كتابًا أعجبَني:/ "ما أحلى لوْ صرْتُ أديبا!"/ نادتْني الطيّارةُ قالَتْ:/ "هيّا لتصيرَ الطيّارْ"/ لكنّ السفُنَ تناديني:/ "بلْ أحلى لوْ أنّكَ بحّارْ"/ أمّي تَعجبُ/ وأبي يسألْ:/ وأنا محتارٌ../ محتارْ!!
وبعد... ذاك الطفلُ المتحيّرُ الذي سكنَ في أعماقِ أبي الأمين، ذاك الطفلُ الذي دغدغتْهُ الأحلامُ وحيّرتْهُ، ذاك الطفلُ المتحيّرُ بشأنِ ما سيكون عليه حين يكبَر (هل سيكونُ طبيبًا أمْ أديبًا أمْ طيّارًا أمْ بحّارًا)... هذا الطفلُ الذي وُلِد بعدَ ولادةِ المرحوم أبي بسنة ونصف السنة، هذا الطفلُ أصبحَ كلَّ تلكَ وأكثر... أصبح طبيبًا وأديبًا وطيّارًا وبحّارًا... وأدبُهُ خير شاهد على ما أقول. تصبحون دومًا على أدب جميل... وشكرًا لكم
مداخلة الشاعر مجيد حسيس في رسالة تعذّر: الأستاذ الشاعر الأديب أبو الأمين حنّا أبو حنّا، جدير بتقدير واحترام المجتمع العربي بأسره، على ما قدّم وأعطى خلال سنوات طويلة، من العمل التربويَ والأدبيّ، وأنا كأحد طلابه في الكليّة العربيّة الأورثوذكسيّة وفي جامعة حيفا، أرفع قبّعتي منحنيًا أمام هذه القامة الأدبيّة الرفيعة، وأمام مُربٍّ أعطى من نفسه ليُثري ألباب طلّابه. وللأخ الصديق فؤاد نقاره تقديري واحترامي على لفتاته الكريمة بتكريمه كلّ الذين تركوا بصماتهم المشرّفةٓ على صفحات مجتمعنا. أرجو الاعتذار عن الحضور، بسبب نقص المناعة عندي، متمنّيًا لأستاذنا الحبيب العمر المديد ، صحةً سعادةً وهداة بال، ومزيدًا من عطاء لا ينضب معينه. فلا كانت سنينُ العمرِ تُحصى إذا خانت عهودًا للمُـربِّـــي
الصور المرافقة بعدسة الزميل الإعلاميّ رائف حجازي

بالصور خطوبة استرالية من أصول مصرية بالإسكندرية



عادت الإسترالية من أصول مصرية  الانسة فيرونيكا ميخائيل لعقد خطوبتها على الاستاذ أبانوب عادل أمس الاثنين فى منزل العائلة بالإسكندرية فى حضور وفرحة الأهل والاصدقاء من الاسكندرية وأستراليا .

وقد حضر خصيصاً من سيدنى القس عبد المسيح جرجس راعى كنيسة السيدة العذراء والشهيد مار مينا ببيكسلى لأتمام مراسم وصلوات الخطوبة بمباركة كل من  القمص بافلوس الانبا بيشوى والقس اليشع عبده راعى كنيسة مار مينا المندرة والقس سمعان اسعد راعى كنيسة أبيس وقد انتقل الجميع الى احد فنادق الاسكندرية للإحتفال بالعروسين .

رنا حتاملة.. بين جنونين

بقلم وعدسة: زياد جيوسي ـ 
   حين زرت محترف الفنانة رنا حتاملة أول مرة، وشاهدت حجم الفوضى التي تسود المحترف، قلت للفنانة: يظهر أن الفوضى جزء من عالمك الفني، فلوحاتك متناثرة بالأرجاء بشكل فوضوي إلا بعضها تتسلق على الجدران! فقالت: "إنها اللحظة التي أراها جميعاً من حولي، لوحة ولوحة ولوحة ولوحات كلها تطوّق فراشي الوحيد الذي أنا عليه، نسرد القصص المرعبة بثقافتنا المجنونة معاً، نجتمع لأن نتفق أن أصواتنا مهزومة أمام اللحن الذي اختاره لهن كل مساء، أشعر بفخر إنجابي وحسن تربيتي لهن، في الصباح أجد لوحة مستلقية على أخرى، ولوحة استيقظت لتسقي نبتتنا بجانب النافذة، وأخريات يقمن الصلاة بطقوس الحب...!!).
   التجوال في أفاق لوحات رنا ليس بالمسألة السهلة، فالفنانة لها طريقة مختلفة في أساليب الرسم، وكل لوحة لها بالكاد يتكرر أسلوبها مرة أخرى، فشعرت أني أجول في عالم مجنون وأنا أقف متأملاً لوحاتها، ولكن شعرت كم أن الفنانة تجول في ريشتها بين جنونين بشكل خاص؛ سريالية سلفادور دالي، "وتميزت بالتركيز على كل ما هو غريب ومتناقض ولا شعوري، وكانت السريالية تهدف إلى البعد عن الحقيقة، وإطلاق الأفكار المكبوتة والتصورات الخيالية وسيطرة الأحلام"، وتكعيبية بيكاسو، "ذلك الاتجاه الفني الذي اتخذ من الأشكال الهندسية أساساً لبناء العمل الفني، إذ قامت هذه المدرسة على الاعتقاد بنظرية التبلور التعدينية التي تعتبر الهندسة أصولاً للأجسام، حيث اعتمدت التكعيبية الخط الهندسي أساساً لكل شكل". فحجم التأثر بهذين الفنانين كبير، وإن تولّد لها جنونها الخاص والغريب في لوحاتها، لذا وجدت نفسي لأول مرة أجول في فضاءات لوحات أشعر أنها مجنونة، وليس من السهل أن تبوح بأسرارها لي، وما بين جولة وجولة، بدأت أشعر أن لوحات الفنانة بدأت تطمئن لي وتهمس بعضاً من أسرارها.
   رنا حتاملة، وعبر مسيرتها الفنية، احتفظت بكل أعمالها تقريباً، وهذه الأعمال تروي مسيرة موهبة امتدت سنوات عدة في إطار الفن، لتتواصل مع المجال الأكاديمي من خلال الدراسة الجامعية. هذه الموهبة التي رافقتها منذ الطفولة مع التمرد والخروج عن أساليب التعليم الفنية في المدرسة، وشهد بذلك أمامي مدرّستها للفن في المدرسة الفنانة هيلين مرجي التي درستها عشرة سنوات متتالية، والتقت بها بعد أن كبرت. ومن يتجول في أعمال الفنانة يجد درجة الحساسية الكبيرة والشعور الإنساني العالي، وفي تجوالي الطويل والمتكرر أكثر من مرة بإبداعات رنا حتاملة وجنونها الفني، وجدت أن أعمالها تضم مجموعة من أساليب الفن ومدارسة، فهي تجول بين مدارس وأساليب فنية: السريالية، والتكعيبية، والانطباعية، والكلاسيكية، وتعرج في بعض أعمالها على التراث، ولديها مجموعة خاصة ومتميزة تعتمد فيها على رسم الحيتان البحرية. 
 وحين نجول في لوحاتها السريالية والتكعيبية بشكل خاص، نكتشف أن الفن الذي تؤمن به الفنانة رنا، هو أن الفن عبارة عن لغة رمزية تتحدث من خلالها بالريشة واللون والرمز لإيصال الفكرة، وهذا ما نلمسه بمعظم لوحاتها، ففي لوحة سريالية من لوحاتها نجد أنها تأثرت بمشهد صيادين بأحد الدول العربية وهم يكومون نتاج صيدهم من الغزلان، حتى أنها بكت من المشهد، ولم تهدأ روحها قليلاً إلا حين أفرغت حزنها عبر ريشتها بلوحة تعكس مشاعرها في لوحة سريالية غريبة الشكل، فنجد اللوحة تظهر مجموعة من الغزلان عددها ستة غزلان تحلق في السماء كأنها ملائكة، ولكن رؤوسها إلى الأسفل وهي بدون قرون، لونها يتمازج بين البني الترابي والأبيض، تنظر إلى رأس غزال كبير كأنه يهبط من السماء إلى الأرض، ويمتلك قرنين كبيرين، ويحمل على القرنين إكليل من الزهور كأنه ملاك الغزلان هبط من السماء ليشارك قطعان الغزلان الأرض ألمها ومعاناتها من البشر، وفي يمين اللوحة عين زرقاء تنظر بألم، وأسفل منها عين أخرى تنظر كأنها تخترق جداراً أو صندوقاً، ومباشرة تحتها ساقين بشريتين، ومن زاوية الصندوق السفلية تخرج مجموعة من الأيادي وأنها أفاعي تمتد باتجاه شكل قد يكون رمزاً لغزال مقتول، ورمزاً لكمّ الأطفال الذين يقتلون في منطقتنا بسبب الكوارث التي سميت زوراً بالربيع العربي.
   ومن لوحاتها التكعيبية الكثيرة، اخترت لوحة رسمتها في العام 2003، وقد اعتمدت الفنانة في هذه اللوحة الخطوط الهندسية وأشكالها من مثلثات ومكعبات ومربعات، فجردت المكان بهذه الأشكال المختلفة، ومازجتها بعدد كبير من الأهلة القمرية في ممازجة رمزية بين المدرسة الانطباعية والتكعيبية، كما جردت الوجوه وحولتها إلى إشارات مبتسمة بداخل المربعات، مستخدمة الرمز من خلال الأهلة لتقريب الفكرة للواقع الشرقي وتقاليده، ورمزية الهلال في منطقتنا العربية وتقاليدها الإسلامية، من حيث رمزية الهلال وإشاراته إلى رمضان والأعياد الدينية، ومتابعة أحوال المناخ والطقس لدى الفلاحين، ونجد الفنانة جعلت جزءاً من الأشكال في الزاوية اليمنى من اللوحة بالنسبة للمشاهد، بينما جعلت غالبية الأشكال في الجزء الأسفل الذي أخذ ثلثي اللوحة، وجعلت السماء بين القسمين، وكأن الحلم المنتظر ما زال حلماً في السماء. وقد لجأت الفنانة للألوان الفرحة في غالبية اللوحة من الأبيض إلى الأزرق بتدرجاته، والأخضر والأصفر والبرتقالي والأحمر الأرجواني، فجعلت اللوحة كأنها عيد فرح، بخاصة أنها استخدمت الأهلة أيضاً للتعبير عن الوجوه حيناً وعن بوابات الأمكنة مرة أخرى، فكانت لوحة متميزة برمزيتها ومعانيها، وتجريد المكان من خلال الأشكال الهندسية كما المدرسة التكعيبية التي تصدرها بيكاسو.
   في لوحاتها الانطباعية، تنقّلت الفنانة رنا حتاملة بين عدد كبير من اللوحات، نقلت من خلال انطباعاتها الكثير من المشاهد؛ من قن الدجاج وصولاً إلى أوراق الخريف المتساقطة، مروراً بالأطفال الغرقى، والكثير من المشاهد التي تركت في روحها أثراً ما، فحولت هذا الأثر والانطباعات إلى إبداعات فنية، وهناك لوحتان صوّرتا أوراق الشجر، حيث تحولت الأرض من خلال الأوراق إلى سجادة منقوشة بالألوان وأشكال أوراق الشجر، بأشكال مختلفة وإن غلب عليها أسلوب بيكاسو بالمنحنيات والأشكال الهندسية برغم أن اللوحة انطباعية، وهذا ما نلمسه بلوحات الفنانة بغض النظر عن المدارس والأساليب التي استخدمتها، وعن تقسيمي إياها إلى ستّ مجموعات من أساليب الفن، فالفنانة، وكما أشرت في البدايات، متأثرة جداً بمدرستَي بيكاسو ودالي التكعيبية والسريالية، وبالكاد تخلو لوحة لها برغم تصنيفها من خلال مدارس أخرى من هذا التأثر، وفي هذه اللوحة كان هناك إبداع انطباعي حول أوراق الشجر وبقايا الأوراق إلى لوحة منقوشة بألوان مختلفة حملت ألوان الخريف، ولكن حولتها إلى زخرفة لونية باهرة الجمال تداخل بها الذهبي بالأصفر بالأخضر والأصفر الداكن، فكانت اللوحة فعلاً ذهب أيلول.
   لوحاتها التراثية  كانت محدودة، وهي تقليدية، فرسمت أدوات تراثية استُخدمت أو ما زالت رهن الاستخدام، مثل المكحلة التي استخدمتها الجدات وأواني تراثية، وعقد بيت تراثي يحيط بمئذنة بعيدة، وجرة وبساط تراثيين، وفنجاني القهوة العربية التي تقدم بالفرح والترح في الأردن، وإن خرجت برسم الفناجين إلى ممازجة جوانب سريالية في اللوحة، فظهرت عين من بخار القهوة، إضافة إلى كتابات باللغة الإنجليزية في زاوية اللوحة السفلية، وظهور رموز وأرقام في زاوية اللوحة اليسرى العليا وسهمين بشكلين مختلفين فوق الفنجان الفارغ والملقى على جانبه، وكأنها تشير إلى التغيرات التي اخترقت التقاليد الموروثة وغيرت فيها الكثير، بينما في لوحاتها الكلاسيكية نجدها اعتمدت اتجاهات المدرسة الكلاسيكية نفسها في القرنين الماضيين من لوحات الفاكهة والنوافذ والأزهار وغيرها.
   يتبقى مجموعة الحيتان، وهي تتكون من سبع لوحات كان الحوت الأبيض يشكل عماد اللوحات فيها، وإن أخذ أحياناً أحجاماً صغيرة كما الأسماك، إلا أن دهشتي زالت من هذا الاهتمام المتميز برسم الحيتان حين اكتشفت أن الفنانة من برج الحوت، وهي عكست أحاسيس تأثرها بهذا البرج من خلال مجموعة اللوحات السبعة. ولعل طيبة الفنانة انعكست بشكل غير مقصود في أن اللون الأبيض هو اللون الذي استخدمته للحيتان، ويلاحظ أن الفنانة لم تتمكن من أن تخرج من إطار تأثرها بالسريالية في لوحتين من هذه اللوحات، حيث ظهرت الحيتان تلعب بالطائرات الورقية كما الأطفال وتطلقها بالجو وتمسك بين أسنانها بالخيطان، وبشكل خاص لفتت نظري لوحة، وهي أول لوحة شاهدتها للفنانة في معرض تواصل في بيت نجم الدين في إربد، حيث الحوت الأبيض ينتقل بقوة من السطح إلى قاع المحيط، تاركاً السماء بلون أحمر داكن كأنها نيران مشتعلة، وسطح البحر داكن اللون ومضطرب، وكأنها إشارات رمزية إلى ما هو فوق الماء من مشكلات العالم واشتعالها حتى قرف منها الحوت، وانطلق نحو الأعماق عائداً إلى حيث راحته وسلامه، مقطعاً حبلاً كان يلتف حوله، فهل رمزت الفنانة لنفسها بهذه اللوحة ورغبتها بالتمرد على كل ما تراه غير جميل في مجتمع تعيش فيه؟ أظن ذلك لمعرفتي بحجم التمرد في روح الفنانة وطبيعتها.
   في النهاية، فالفنانة رنا من مواليد إربد ( 14 آذار للعام 1983) وخريجة جامعة اليرموك، كلية الفنون الجميلة/ قسم الفن التشكيلي- تخصص فنون الجرافيك  في العام 2005، ومنتمية إلى درجة الجنون لبلدتها الحصن بمحافظة إربد. وكما أشرت في البداية إلى أنها تحلّق بين جنونين، وخلقت لنفسها جنونها الخاص، وعاشت وتعيش فيه، معبرة من خلال الريشة واللون والخطوط عن تمردها وثورتها ورغباتها التي تضطرب بداخلها، تعيش في عالمها الخاص بين لوحاتها، ولا تتخلى عن أية لوحة منها، فهي ترى أن "الفن حالة منفردة بهذا العالم، الكل يحتاجه، الكل يبحث عن دهشة تجدد طاقاته، لا بد أن تتلامس الأرواح بالأجساد، حينها نكون قد ولدنا كل مرة...".

اطلالة العروس للموديل الساحرة سلمى النجار



كتبت:  سماح السيد ـ
باطلالة جذابة بلوك العروس ظهرت الموديل الحسناء سلمى النجار التي تتميز بالجاذبية والسحر والدلال ، حيث تالقت سلمى بمكياج الماكيرة الموهوبة سامية بلا ل ومصمم الازياء فاهمي مايا  ، والمصور عبد الرحمن بغدادي ، والمعروف ان سلمى موديل متميزة ونجمة اعلانات وتستعد ايضا لدخول في مشاريع تمثيبل تبرز مواهبها المتعددة كموديل وممثلة خفيفة الظل وجذابة تشعرنا كانها استعارت من الارض جاذبيتها ومن القمر نوره وبهاه ومن الشمس الضياء حيث ينتظرها مستقبل واعد في كل هذه المجالات .

شهربان معدي تكتب: لوحات على حافة الجّسر

  
هُناك وقف على حافّة الجّسر، وَحيدًا..
يتأمْل المدى.. 
غمس ريشته الحرير بعبق الألوان.. وعطّرها بماء الروح، وبدأ يرّسم لوحاته.. لوحة تنساب تلو الأُخرى، لوحات نُقِشَتْ ببلور البلاغة، وزُيْنت ببديع البيان، لوحات لم تُكتب بلُغة سريالية، ولم يكن أبطالها، أحدى آلهة ملحمة هوميروس! ولم تُرسم بريشة فان كوخ، ولكنها، رُسمت بجناحين لملاك الحُب، ملاك مُرهف الحسْ، صادق الوجدان، كريم الخُلق، مدّ جناحيه كبساط الريح، ربيعا، فوق الجّسر، ليُحلّق فوْق البيوت المهجورة، والمُهدّمة والمنسوفة، ليُعيد "وطنًا لزمن الغُرباء الذين ماتوا من العشق، والفُقراء الذين يحملون، أحلامهم إلى قبورهم"

هو الأمير الكرملي، الشاعر المُبدع "وهيب وهبة، الذي جَمَعَ كل زُجاجات الحُزن ورماها في البحر.. 
ما أنقى قلبه الذي يشبه قلب عصفور يحمل كل المواسم! وأسّمى رسالته التي تحدّى به الجفاف والقيظ وريح تشارين، وبرد كانون، ليُبشّر بفجرٍ جديد، تحظى به الأجيال القادمة..
كَتَب بلون البحر..
"والبحر كتاب الماء في لغة العناصر"
جمع غلال "أبو علي" وحوّلها لجسّرٍ من نور تمر عليه الأجيال القادمة.
"فرش فلسفة "ابن رشد" على مائدة البحر"، وهبط كالنسر فوق جُرن الفكر، "ليبسط جناح الريح قصيدة" ويشهر سيفه المزروع بالسنابل حينا المصطلي بالنار أحيانا ليكتب عن الظلم والعُنصرية ووطنه الذي أحبه أكثر من كُلَّ شيء..

أعاد لفاطمة يمامتها المصلوبة، بين الشعر والمطر و..
"ركضتْ حتى آخر الجسْر
علّقْتُ سبحة جَدّي
وكوفية أبي
وقميص أخي
والريح عبر الجسر"

أميرا كنعانيا تخطّى البوابات السبع، وحمَلَ وطنه، ورغيف التنّور، وحلم صِبْيَة الجوز واللوز 
والسّكر، وخابية الزّيت وبرتُقال يافا، واجتاز منافي الصّقيع والرّيح والغُربة، وكتب حكاية وطن..
"عروسٍ بلون الفرح
وهديل يمامة بالنشيد
عُلِّقَت فوق المُقل
صورة لوطنٍ.. ينهض في عز المحن"
ارتعشت اللوحة المُعلقة على الجدار، دُبت الحياة فيها.. بُعثت من جديد..
عاد الرّجل الكنعاني من غُربة المنافي.. ليسقي بيّارات يافا، وزيتون الجليل..
رَقَص صبية اللوْز والجوْز والسّكر، على الجّسر، لَمَعَ السيْف اليَمانيّ، وزغردت حوريات اليمامة، وما بين البحر والبحر، أشّرق ليْل كنعان في عزّ الظّهيرة..
أزهر اللوز، وعادت العصافير البرية، واينعت طلوق الزعتر..
عاد الوطن، وانتهت شريعة الغاب..
خرَجَت اللوحة من أبواب الحلم، لتنام تحت دفء القصيدة..

وأجمل ما سكَبت أنامله حسب ذائقتي المُتواضعة، قصيدته عن العُنصُرية:
"بالأبيض والأسود"
كان ليل وجهه الأسود
يضيء المكان
ابتسمت له..
ارتسمت الابتسامة فوق شفتيه
كالشّمس..
أشرقت بالعشق في العينين كالقمر
وسط السّواد
وحين خَرَجا..
توقّفا قليلاً ثم ابتعدا
تاركيْن حولهما رائحة العشق
تفوح في أرجاء المكان..
وكان الباب الشاهد الوحيد
أنّها إنسان وأنّه إنسان
وأن ريشة الخالق رسمت الطَّبيعة
بالألوان"

أديبنا الكبير، الأُستاذ وهيب، في هذا الزمن العصيب، والذي وإن توفرت فيه لبعضهم كل سُبْل الراحة والترفيه، بينما اشتهى آخرين لقمة العيش الكريم، ورائحة الوطن، واصبحت فيه الكتابة منفسنا الوحيد، لنحتوي كل هذه المُتناقضات، دمت لنا مُبدعًا ومصدر إلهام، للوحات، نفضْت عنها، بديباجتك الراقية السلسة، غُبار  النسيان، وعطّرٓتها بأريج الإنسانية، لتُبعث من جديد..



بدون أحزان أول رواية عربية عن عالم ذوي الإعاقة للروائي العربي عبدالواحد محمد

صدرت رواية (بدون أحزان)  عن دارنور للنشربألمانيا   في مطلع عام 2017  م للروائي العربي عبدالواحد محمد من جمهورية مصر العربية   وهي تجسد صفحات من عالم ذوي الإعاقة
ومدي قدرتهم علي مواجهة كل التحديات بإرادة عقل رغم إنهم حرموا من نعمة البصر ومنهم من حرم من نعمة السمع والسير علي كرسي متحرك
ومنهم يعاني من شلل في اطراف يديه  ومنهم أقزام ؟ لكن كانت تجربة  بطل  رواية ( بدون أحزان ) حلمي الادريسي  برصد عالم  ذوي الإعاقة من خلال اقترابه من  قضاياهم  في تونس عندما دعي لحضور أول مؤتمر للمكفوفيين في شهر أبريل من عام 2016 م   في العاصمة التونسية والتعرف علي عالمهم الإنساني والإبداعي ومدي حاجتهم الي دور حقيقي من إعلام عربي يساند قضيتهم  بعد تهميش يبدو متعمدا ؟
لكن من بين مبدعي ومبدعات ذوي الإعاقة في رحلة  كانت ملهمة  ومحفزة لصدور تلك الرواية  اسماء  فرضت نفسها علي بطل العمل الروائي ومنهم
الشابة المبدعة بلقيس دحمان بنت تونس والتي فقدت بصرها ذات صباح شتوي أثناء دراستها في كلية القانون  ولم تستلم لليأس بل استعادت قدرتها وقوتها بالعودة إلي مقاعد الدراسة بل السفرإلي فرنسا للتعرف علي أوجه الحياة الثقافية الباريسية ومن عجب إنها سافرت بمفردها من تونس إلي باريس بل تؤمن دوما إنها نصيرة كل ذوي إعاقة وغير ذوي إعاقة كمحامية تؤمن بحق من ظلمته الحياة فأستحقت إعجاب بطل العمل الروائي بدون أحزان 
بل كانت فوق كل الأحزان بأبتسامتها العذبة وملامحها الحسناء !
ومن بين مبدعي ذوي الإعاقة خالد النعيمي  الكيلاني بن حمودة  عبدالباسط عزب  الهادي الكامل سمير الاخضر  عربي بن غرود  وآخرون !
كان سلاحهم العقل في تخطي حواجز كثيرة ؟ بعقول مبدعة ومؤمنة أن الظلام ظلام القلوب لا البصر !
بل كانت معاناة ذوي الإعاقة  كما رصدها الروائي حلمي الإدريسي في رواية بدون أحزان  مؤلمة في  فصول من الرواية التي تقع في حوالي 125
صفحة من القطع المتوسط  وخاصة عندما لايجد الكفيف مرشد يعينه علي  التحرك إلي حيث يسعي لقضاء حاجاته الضرورية من مأكل ومشرب 
بل الذهاب به إلي المستشفي أو  الطبيب عندما يعاني من علة طارئة  ؟
بل  كان من بين فصول الرواية  قصص لنجاح ذوي الإعاقة ومنهم طبيب بيطري اتهم أنه يعالج  الحيوانات الأليفة بالجن من قبل أهل قريته  لكن اتضح لهم
العكس في قالب درامي مابين اليأس والرجاء  العلم والإبداع ؟
ليبقي عالم ذوي الإعاقة عالم إنساني في كل صوره المعروفة والمجهولة  من خلال شخصيات رواية بدون أحزان ؟ 
للروائي عبدالواحد محمد الذي صدرت له مؤخرا رواية جميلة التي تجسد عمق العلاقات المصرية الجزائرية 
كما صدرت له رواية حارس مرمي التي جسدت صفحات من النضال الفلسطيني العربي والعديد من الإعمال الروائية والقصصية التي ترجمت إلي لغات أجنبية ؟