شوقي دلال رئيس"جمعية محترف راشيا" يطلق المشروع الوطني العربي لِتَبَني كتاب تحت عنوان "التاريخ بتِتّمَنى .. كتاب تبَنّى"

أطلق رئيس "جمعية محترف الفن التشكيلي للثقافة والفنون" راشيا لبنان شوقي دلال اليوم في مقر الجمعية راشيا المشروع الوطني لِتَبَني كتاب تحت عنوان "التاريخ بتِتّمَنى .. كتاب تبَنّى"
  
وأشار دلال في حديثه أن مشروع تَبَني كتاب هي مبادرة وطنية وعربية تطلقها "جمعية محترف راشيا" بدعوة موجهة لجميع المتمولين ومحبي الثقافة وتشجيع الكِتابة لِتَبَني كتاب بعد أن رأينا تراجع في إصدار الكُتب وهذا مرده الى الأزمة الإقتصادية التي يعانيها الكاتب اللبناني والعربي وتراجع مبيعات الكتاب لتأتي هذه المبادرة عَلّها تُسهم في الوقوف الى جانب المبدعين من كُتّاب وشعراء وكافة أطياف النِتاج الفكري في شتى المجالات وعدم تكبدهم أي أعباء مادية لكتابهم، لهذا هي دعوة نوجهها لجميع المتمولين ومحبي الكتاب لنقول لهم ساهمو بطباعة كتاب لكاتب لا يستطيع طبع نتاجه وسنضع إسم حضرتكم على الكتاب ونعلنه في توقيع الكتاب وفي مؤتمر صحافي لهذه الغاية.
كما يهمنا إعلام الجميع أن أختيار الكتب التي سيتم طباعتها ستخضع للجنة ثقافية أكاديمية هي مَن تختار إذا كان النِتاج المُقَدّم على سوية ثقافية وجمالية.

ويهمنا في "جمعية محترف راشيا" إعلام الشخصيات المتمولة التي ستأخذ على عاتقها طباعة الكتاب أننا في الجمعية لا نستلم أي مبلغ مالي للطباعة بل نكون صلة وصل بينكم وبين المطبعة لأننا وكما عاهدنا اهلنا منذ تأسيس الجمعية عام 1992 اننا لا نتلقى ولا نستلم اي مبلغ مالي حرصاً منا على نهجنا الذي اعتمدناه

"التاريخ بتِتّمَنى .. كِتاب تبَنّى" بادر الآن :
للمعلومات التواصل مع "رئيس جمعية محترف راشيا" شوقي دلال على:
البريد الكتروني:
shawki.dalal@hotmail.com
او جميع وسائل التواصل الإجتماعي: Chawki Dalal
شوقي دلال
رئيس الجمعية
03892873
     
في الصورة شعار ومُلصق الحملة

خلوة أدبية ثقافيّة مع نادي حيفا الثقافي في الأردن

 
   في خلوة أدبية ثقافية أسريّة غمرها الودّ والثّقافة وعرض المشاريع الإبداعيّة التقت طائفة من الأدباء في العاصمة الأردنية عمان أسرة نادي حيفا الثقافي القادمة من مدينة حيفا الفلسطينية الصّامدة على،وقد زارت الأسرة  الأردن في زيارة ثقافيّة متعدّدة البرامج.
    وقد جمع هذا اللقاء الأدبي كلّ من:المحامي الأديب فؤاد مفيد نقارة،رئيس نادي حيفا الثقافي،وزوجته السيدة سوزي نقارة، والناشط الثقافي الأخ المحامي حسن عبادي وزوجته،والرّوائيّ الفلسطينيّ حسين ياسين،والأديب المناضل د.سمير أيوب وزوجته،والمناضل معين الطاهر زوجته،والروائي د.عبد العزيز اللبدي وزوجته،والأديبة د.سناء الشعلان وأسرتها،والفنانة التشكيليّة تمام الأكحل.
    وقد قّدم فؤاد مفيد نقارة عرضاً لنشاطات نادي حيفا الثقافي في سبيل خلق نافذة للمثقف والمبدع الفلسطيني في أرضه المحتلة في مواجهة الاحتلال،وذكر أنّ النادي يقدّم نشاطاته منذ 7 سنوات برعاية المجلس الملي الأرثوذكسي الوطني في حيفا وتقام الأمسيات في قاعة كنيسة يوحنا المعمدان الأرثوذكسية في حيفا،مشيراً إلى أّنّ الأمسيات تخدم مجانا الأدباء/الأديبات الشعراء/الشاعرات المبدعين/المبدعات من إشهار كتاب وتكريم كبار أدباءنا سناً وإنتاجاً أمسيات شعرية ،إذ يستضيف النادي مبدعينا من الداخل ومن مناطق السلطة الفلسطينية والشتات،كذلك يقيم النادي أمسية مناقشة كتاب شهريا لأعضاء النادي،إذ  أقام النادي إلى الآن أكثر من 250 أمسية وقرأ أعضاء النادي أكثر من 70 كتاباً. كما أشار إلى العمل بالنادي تطوعاً بالكامل دون أيّ مقابل وأعمدة النادي الآن هم الناشط الثقافي الأخ المحامي حسن عبادي الكاتبة خلود فوراني سرية والسيدة سوزي نقارة ،كما أكّد أنّ 
نادي حيفا الثقافي يرفض أيّ دعم مالي من أيّ جهة رسمية أو حكومية بعكس مؤسسات محلية أخرى تعتمد بالكامل إلى دعم حكومي.

    وقد دارت حوارات ثقافية في الجلسة في شتى المناحي الثقافية مع التوقّف عند ملامح المشاهد الثقافية العربية وغيرها في الوقت الحاضر،إلى جانب تبادل الأعمال الإبداعيّة والنقديّة والفنيّة،والتّشاور في وضع ملامح خطط ثقافيّة مشتركة بين الحاضرين،والتوقّف عند ملامح الإنتاجات الإبداعيّة والفكريّة والنقديّة والعلميّة عند الحاضرين للخلوة.إلى جانب مداخلات فنيّة تشكيليّة قدّمتها الفنانة التشكيليّة تمام الأكحل،وهي قد ولدت في يافا الفلسطينية،وتشرّدت مع أهلها الذين تشرّدوا من يافا،ولجأت إلى لبنان.منحتها كليــة المقاصــد في بيروت بعثة لدراسة الفن في المعهد العالي للفنون الجميلة بالقاهرة عام 1953؛ وحصلت على شهادة الفنون الجميلة وشهادة إجازة تدريس الفن من المعهد العالي لمعلمات الفنون بالقاهرة 1957 في القاهرة.شـاركت زوجها الفنان إسماعيل شموط في كافة المعارض التي أقيمت لأعمالهما في معظم البلاد العربية، وفي عدد كبير من بلاد العالم، حيث شاركت في عشرات المعارض المشتركة العربية والدولية في الدول العربية والأجنبية. لها أعمال مقتناه في عدد من متاحف الدول العـربية والأجنبية.
   ويُذكر أنّ الأديب حسين ياسين روائي فلسطيني، من القدس،  في قرية جليلية (عرابة البطوف) في شمال فلسطين،تخرّج من جامعة لنينغراد (سانت بيتر برغ) حيث حصل على شهادة ماجستير في الاقتصاد،يجيد اللغات الروسية والإنجليزية،يعيش منذ عقود في القدس،له من الأعمال الروائية المنشورة " مصابيح الدجى"،و "ضحى"،وعلي- قصة رجل مستقيم".
   أمّا المناضل معين الطاهر ،فهو أحد القادة العسكريين في حركة فتح ،وقد شارك وقاد ما بات يعرف بالكتيبة الطﻻبية في فتح،وكان قائداً لقلعة الشقيف في جنوب لبنان عند اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982 . أصيب منذ بدايات ذاك الغزو ،وهو كاتب وباحث ،وقد صدرت له عدة كتب أشهرها الكتيبة الطﻻبية ،وتبغ وزيتون .
  أمّا الروائي د.عبد العزيز اللبدي،فهو روائي أردني من أصول فلسطينيّة من اليامون،وهو طبيب جراحة،درس الطّب في بون/ألمانيا،وتخرّج منها عام 1974،تخصّص في الجراحة العامة،ثم حصل على شهادة الدكتوراة في الطبّ من أكاديميّة الدّراسات العلية من برلين عام 1984 ،مؤسس أكبر موقع طبيّ عربيّ،كان من كوادر العمل السياسيّ في حركة فتح الفلسطينيّة،وعمل في الهلال الفلسطينيّ منذ تخرّجه حيث عاش مأساة مجازر مخيم تل الزّعتر عام 1976،وعاش فصول صموده وكبريائه،وأُنتخب عضواً في المكتب التّنفيذي عام 1978 إلى عام 1994،حاز على جائزة الطّب العربيّة من اتّحاد الأطباء العرب والرّئيس الجزائريّ،عمل في جامعة القدس في فلسطين المحتلة.من مؤلفاته:أوراق تلّ الزعتر،الهلال الأحمر الفلسطيني،الأوضاع الصّحيّة والاجتماعيّة في فلسطين من 1982- 1986،تاريخ الجراحة عند العرب،القاموس الطّبي العربيّ،وردة كنعان.
  في حين أنّ الأديب المناضل د.سمير أيوب هو أستاذ جامعي، متقاعد، حاصل على شهادة الدكتوراة في علم الاجتماع الاقتصادي،وعلم الاجتماع السياسي بمرتبة الشرف الأولى . له 13 مؤلف مطبوع ومنشور في مواضيع عدة،وعضو في كثير من المحافل الأدبية والسياسية المحلية والعربية،له مشاركات واسعة رسمية وغير رسمية في مؤتمرات ومنتديات محلية وعربية ودولية في قضايا متعددة،وقد أسّس  لبنان عام 1973 ، الجهاز المركزي للإعلام والعلاقات العامة وشؤون المتطوعين في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني،كما أسّس ورأس تحرير مجلة بلسم في لبنان لعدة سنوات،إلى جانب أنّه رأس تحرير عدة مجلات وجرائد في الأردن منها ، مجلة المقاول الأردني ، وجريدة بناة الوطن وغرفة صناعة الأردن وبيارق أردنيّة،وهو عضو هيئة تحرير مجلة صامد الاقتصادي ، مجلة الحنونة،ومجلة إلى الإمام،وهو معدّ ومقدم برنامج تلفزيوني أسبوعي على قناة كيف في عمان ، بعنوان : بلسم الصحة والجمال .
   وقد شارك في فعاليات النقاش في هذه الخلوة الأدبية د.سناء الشعلان،وهي أديبة وناقدة أردنية وإعلامية ومراسلة صحفية لبعض المجلات العربية وناشطة في قضايا حقوق الإنسان والمرأة والطفولة والعدالة الاجتماعيّة، تعمل أستاذة في الجامعة الأردنية،حاصلة على درجة الدكتوراة في الأدب الحديث ونقده بدرجة امتياز،عضو في كثير من المحافل الأدبية مثل رابطة الكتّاب الأردنيّين،و اتّحاد الكتّاب،وجمعية النقاد الأردنيين،وجمعية المترجمين الدوليين وغيرها.حاصلة على نحو50 جائزة دولية وعربية ومحلية في حقول الرواية والقصة القصيرة والمسرح وأدب الأطفال والبحث العلمي،كما لها الكثير من المسرحيات المنشورة والممثّلة والحاصلة على جوائز.حاصلة على درع الأستاذ الجامعي المتميز في الجامعة الأردنية  للعامين 2007 و2008 على التوالي كما حصلت مسبقاً على درع الطالب المتميّز أكاديميّاً وإبداعيّاً للعام2005 .ولها 46 مؤلفاً منشوراً بين كتاب نقدي متخصص ورواية ومجموعة قصصية وقصة أطفال إلى جانب المئات من الدّراسات والمقالات والأبحاث المنشورة،فضلاً عن الكثير من الأعمدة الثابتة في كثير من الصحف والدوريات المحلية والعربية، كما لها مشاركات واسعة في مؤتمرات محلّية وعربيّة وعالميّة في قضايا الأدب والنقد والتراث وحقوق الإنسان والبيئة إلى جانب عضوية لجانها العلميّة والتحكيميّة والإعلاميّة،وممثّلة لكثير من المؤسسات والجهات الثقافيّة والحقوقيّة،وشريكةٌ في كثير من المشاريع العربية الثقافية.تُرجمت أعمالها إلى الكثير من اللغات،ونالت الكثير من التكريمات والدّروع والألقاب الفخريّة والتمثيلات الثقافيّة والمجتمعيّة والحقوقيّة.وكان مشروعها الإبداعي حقلاً لكثير من الدّراسات النقدية ورسائل الدكتوراة والماجستير في الأردن والوطن العربي.
   ويُذكر أنّ زيارة نادي حيفا الثقافي إلى الأردن قد اشتملت على نشاطات وفعاليات ثقافيّة كثيرة فضلاً عن لقاء عدد كبير من المثقفين والمبدعين والأكاديميين والمؤسسات الثقافية وحضور معرض عمان للكتاب في دورته للعام 2017،إلى جانب تكريمهم في رابطة الأدباء الأردنيين في العاصمة الأردنية عمان من قبل دار فضاءات للنشر والتوزيع.


شوقي دلال رئيس"جمعية محترف راشيا" يناشد وزير الداخلية والبلديات إستثناء القرى التراثية كراشيا الوادي من قرار الإيجازة للبلديات والقائمقامين منح رخص بناء بلدية حفاظاً على المنازل التراثية والأثرية.

ناشد رئيس "جمعية محترف الفن التشكيلي للثقافة والفنون" في راشيا ورئيس "الحملة الوطنية للحفاظ على المواقع التراثية في لبنان"  شوقي دلال وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق إستثناء القرى التراثية كراشيا الوادي وغيرها من قرار الإيجاز للبلديات والقائمقامين منح رخص بناء بلدية حفاظاً على المنازل التراثية والأثرية.
كلام دلال أتى من خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر الجمعية راشيا الوادي وجاء فيه:
"إن ما تعانية البلدات التراثية في لبنان من هدم مستمر لمعالمها التراثية تحت مسميات عديدة منها الحاجة عند المواطن وبموافقة من بلديات جعلت من هذه البلدات تفقد تدريجياً معالمها التراثية كمنازل الحجر والقرميد والأسواق القديمة ليأتي اليوم قرار وزارة الداخلية بالإيجاز للبلديات والقائمقامين إصدار رخص بناء دون الرجوع للمديرية العامة للآثار ووزارة الثقافة ولتنظيم المدني أمر سيقضي على ما تبقى من هذه المنازل لا بل سوف يُحّدث القرار الجديد تشويه للعمارة التراثية في لبنان بسبب تراكم طوابق الإسمنت العشوائية الى جانبها دون أي معيار لجماليات التراث خاصة كبلدة إستقلال لبنان راشيا الوادي ومحيط قلعتها والسوق التراثي ومنازل الحجر والقرميد التي يعود بنائها لبدايات القرن الماضي ناهيك عن عشرات القرى اللبنانية المماثلة المُنتشرة على طول مساحة الوطن
لهذا نناشد معالي وزير الداخلية والبلديات الاستاذ نهاد المشنوق ونحن نعلم مدى حرصه بالحفاظ على تراث لبنان وعمارته وقف هذا القرار في البلدات التراثية كلياً إلا في حالات إستثنائية إذا كانت العمارة القائمة ستراعي المعايير التراثية كتلبيس الحجر والقرميد وتصميم المنزل ضمن هندسة البناء القديم الموجود في البلدة وإشراف التنظيم المدني على ذلك ووضع معاقبات وغرامات لكل بلدية تخالف هذه المعايير ، "....

شوقي دلال
رئيس الجمعية
03892873

صدور مجلة الجوبة العدد 57 مكللا برحلة السديري إلى قمة كليمنجارو

صدر العدد الجديد 57 من مجلة الجوبة ، متضمنا عديدا من المواد الثقافية والدراسات والحوارات. 
ويستهل العدد بمقال للدكتور زياد بن عبدالرحمن السديري تضمن رحلته إلى قمة الحرية: جبل كليمنجارو   الذي يأتي متمما لأدب الرحلات الذي دأب أسلافنا على تدوينها، حيث جاء مليئا بالأحداث والمغامرات بطريقة مشوقة ممتعة، أعادتنا إلى رائعة الأديب العالمي هيمنجواي " ثلوج كليمنجارو " .
ويتحدث رئيس التحرير الأستاذ إبراهيم موسى الحميد في  افتتاحيته عن الجوبة في حرصها الدائم على التواصل مع كتابها ومبدعيها ، تجدد التأكيد على اهتمامها بما يرد إليها من مقترحات ومواد ابداعية ، حيث تحرص قدر الامكان على نشر الابداعات المختلفة و الدراسات والمقالات ، ويتابع قوله بأن المجلة تستمر في التواصل مع كافة المبدعين في المملكة والعالم العربي ، وتحرص على نشر نتاجهم الابداعي في القصة والشعر و مختلف الفنون الثقافية . 
و تنشر الجوبة حوارا مع الدكتورة هتون أجواد الفاسي الباحثة والأستاذة الجامعية السعودية المرموقة، ، والتي تحدثت عن ملكات دومة الجندل أو ملكات الجوف السبعة في القرنين السابع والثامن قبل الميلاد. كما تحاور الأديب السيناوي المصري عبدالله السلايمة الذي يرى أن الشيء الوحيد الذي يحقق قدرا من السعادة هو إنجازه عملا روائيا أو مجموعة قصصية أو حتى قصة واحدة قصيرة. 
كما تحاور الجوبة الأديبة التونسية وئام غداس الفائزة بجائزة الشارقة للأبداع العربي  و التي تحولت من السرد إلى الشعر .
كما تحاور مجلة الجوبة الأستاذة هناء عبدالله العمير المخرجة والناقدة السينمائية السعودية الفائزة بعدد من الجوائز السينمائية ، و المحكمة في عدد من المهرجانات ، وهي مؤلفة كتاب " ساموراي السينما اليابانية أكيرا كوروساوا " . 
وتلتقي الجوبة الشاعر الأردني  نايف أبو عبيد وتسلط الضوء على تجربته الشعرية وسيرته، كما تلتقي الشاعر والروائي المصري صبحي موسى الذي صدر له عدد من الدواوين الشعرية، ثم تَحول إلى الكتابة الروائية  ، ويطرح عددا من الآراء حول الرواية والشعر وقصيدة النثر . 
وفي باب نوافذ  تكتب غادة هيكل وراكان الرويلي  ،و  صلاح القرشي و  فيصل أبو الطفيل .
وفي مجال سيرة وإنجاز تقدم الجوبة سيرة الدكتور نايف  صالح الطراد وفي مجال القصة القصيرة  يشارك :  محمد الرياني، خالدة خان، زينب هداجي، هدية حسين، محمد محقق،  حليمة الفرجي،  محمد صوانه.
وفي مجال الشعر  شارك كل من: ابراهيم مدخلي،  هنده محمد،   حنان بيروتي،   سماح بن معيز،  لقمان لحفاوي،  خالد بهكلي، طاهر لكنيزي،   سما يوسف ،  عبدالعزيز الحكمي.
وفي باب الترجمة قدم  عبدالله ناصر ترجمة لقصة (سم) لكارين بليكسن و جاءت  لوحة الغلاف   للفنانة ساره حسين .  
والجدير ذكره أن الجوبة مجلة ثقافية  تصدر كل ثلاثة أشهر ضمن برنامج  النشر ودعم الأبحاث  بمركز   عبد الرحمن السديري الثقافي  بمنطقة الجوف  السعودية ويمكن التواصل معها عبر بريدها الالكتروني :
 Aljoubah@gmail.com
ويمكن تصفح مجلة  الجوبة من هذه المواقع : 
http://www.alsudairy.org.sa/ar/publication-programme/periodicals
Http://issuu.com/aljoubah
http://www.calameo.com/accounts/2852118

صدور كتاب ملامح من السرد المعاصر

صدر مؤخرا عن مكتبة كل شيء في حيفا كتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، ويقع الكتاب في (248) صفحة في أربعة فصول. يبحث الكتاب عبر مقالاته المتنوعة في الرواية الفلسطينية والعربية والمترجمة، لستة وعشرين روائيا. ويأتي الكتاب استكمالا لبحث ظاهرة السرد المعاصر، بعد كتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا".
ناقش الكتاب مجموعة من القضايا النقدية الروائية منها: التخييل الذاتي في الرواية الفلسطينية، والنص الفوقي والنص المحيط، واللغة في الرواية، وعملية النقد التي تتجه إلى تفكيك الأعمال الروائية. ويركز الكتاب على البعد التطبيقي لنقد الرواية دون أن يهمل الناحية النظرية التي حضرت خلال الفصل الأول.
ومن بين الروايات التي تمت قراءتها في الفصل الثاني من الكتاب، والمخصص للرواية الفلسطينية رواية صيادون في شارع ضيق لجبرا إبراهيم جبرا ورواية أرواح كليمنجاروا لإبراهيم نصر الله، بالإضافة إلى روايات الجيل الجديد من الروائيين الفلسطينيين. ورواية "كلام مريم" للكاتب محمود شقير، وهي رواية موجهة للفتيان والفتيات.
ويبحث الفصل الثالث في مجموعة من الروايات العربية؛ فكان هناك وقفة مع روايات لنبيل سليمان وواسيني الأعرج، وربيع جابر والطيب صالح وهاني أبو انعيم، ومن الروايات المترجمة توقف الكتاب في فصله الرابع عند بول سوسمان وجوستيان غاردر وتشارلز بوكوفسكي. 
ومن الأصوات الروائية النسائية، حضرت كل من: الروائية ليلى الأطرش وأحلام مستغانمي وأنعام كه جه جي وصونيا عامر وكانديل بوشنيل.

فاطمة ذياب في بيت ساحور



كتبت آمال عواد رضوان ـ
الصالون الفني في بيت ساحور استضاف الكاتبة والروائية فاطمة ذياب، للاحتفاء بروايتها "مدينة الريح"، وذلك بتاريخ 12-10-2017، ووسط حضور من المثقفين والفنانين والمهتمين بالثقافة، وقد رحبت الفنانة ريهام إسحق مديرة الصالون الفني بالحضور وبالضيوف، وتحدثت عن فكرة الدوافع لإقامة الصالون الفني في (بيت ستي العتيق- العقد) بعد ترميمه، وما تحلم وتطمح أن يقدمه في خدمة الفن والثقافة، وقد تولت عرافة الأمسية الأديبة الشاعرة آمال عوّاد رضوان، فرحبت بالحضور والمضيفين والمنظمين، ثمّ تحدثت عن منجز فاطمة ذياب الأدبي منذ سنوات السبعين ثم التحاقها بسلك الصحافة، لتستمرّ في كتابة قصص الأطفال، وقصص للكبار(الخيط والطزيز- وجدار الذكريات)، ومسرحية (سرك في بير)، وكتاب مقالات (الضحك المر) ورواية (مدينة الريح)، وكتابها الأخير توثيق لمسيرة والدها (المختار يوسف عبدالله ذياب)، ثمّ كانت مداخلة الشاعرة روز شوملي حول رواية مدينة الريح، وتحدثت المحتفى بها فاطمة ذياب عن أهم وأبرز المحطات في مسيرتها الأدبية، ثم كانت مداخلات وتساؤلات من الحضور، وقد عرض د. قسطندي شوملي مقارنة سريعة حول الرواية المعاصرة وما تطرحه من مواضيع تضم الماضي والحاضر باسلوب شيق، وفي نهاية اللقاء تم التقاط الصور التذكارية.
مداخلة روز شوملي بعنوان: مراجعة رواية مدينة الريح للروائية فاطمة ذياب: منذ السطور الأولى للرواية، تعبّر الكاتبة عن غربتها واغترابها في المدينة التي تسكن فيها، وتقارنها بالمدينة التي تريد. منذ البداية نعرف أن فاطمة ذياب تبحث عن مدينة أخرى، مدينة فاضلة، يكون فيها الجميع متساويين في الحقوق والواجبات؛ فاطمة تريد مدينة تحبها؛ تزرعها في بؤبؤ العينين".، وتنزرع فيها بالمقابل. وفي بحثها عن المدينة الفاضلة، تبحث فاطمة ذياب عن ذاتها لتحقق انسانيتها وكينونتها. وتقول في ذلك: "أحاول أن أرسم صورة لمدينة أخرى في ذاكرتي، أحاول أن أتذكر ملامحها. أحاول أن أراها بعين عذراء تماما كما كانت أيام كنت ومدينتي أقرب من حبل الوريد". تتشكل الرواية في طبعتها الثالثة من مدخل و 22 فصلا. أما المدخل فهو كلمة وفاء وامتنان. ومن أول فصل حتى آخر فصل، نجدنا مشدودين للرواية. وما يشدنا فيها هذا القلق الذي تعاني منه بطلة الرواية، وهذا الرفض لمدينة يسودها الخراب كما لو أنها المدينة التي تحدث عنها ت. س. اليوت، أو توفيق صايغ في مقدمته لمجموعة جبرا القصصية "عرق وبدايات من حرف الياء". لا أدري إن كانت الكاتبة قد قرأت عن مدينة اليباب، وإن لم تقرأ، فقد اكتشفت في المدينة، كما تشير الرواية، إلى انحدار في القيم، وتدهور في المعايير، وتشويه لما هو جميل. ومن خلال الرواية، نكتشف أن للاحتلال دور في هذا التشويه.
منذ الفصل الأول للرواية، نتعرف على الشخصية الأساسية في الرواية، فهي امرأة في الستينات من العمر، وهي ابنة المختار، رغم ذلك، تشعر بالاغتراب في مدينتها التي بدأ ينبش فيها الخراب، المحكومة بعادات وتقاليد تشدها للخلف. تبحث عن نفسها وعن مدينة أخرى، لا يوجد فيها سيد ومسود، مدينة تسمع صرختها، مدينة تزرعها في بؤبؤ العينين وتحبها هي في المقابل. وبطلة الرواية وساردتها هي ابنة المختار، السيد، الذي له السلطة المطلقة، تماما كصورة السيد في ثلاثية نجيب محفوظ... سيد كل شيء. سيد بيته وعشيرته ومدينته. وهو الذي يقرر كل شيء بما فيه الكتاب الذي تقرؤه ابنته. ومن تحكم السيد الأول تبدأ الحكاية، ومن التمييز بين الولد والبنت تسير الحكاية، وهذا ينطبق على كل بيت في مدينة الكاتبة. المتنفس الوحيد الذي أعطاها هامش حرية هو الكتابة. في الكتابة خلاصها.

والسيد ليس فقط رب المنزل، فهناك سيد آخر هو رب العمل . كلاهما يتحكمان بالمرأة في فضاء البيت وفي مجال العمل. وفي الحالتين مطلوب من المرأة أن تقدم الولاء والطاعة. لكن بطلة الرواية انسانة تعي ذاتها، كما أنها صحفية وكاتبة، ولها شخصيتها المستقلة، ولفترة عملها في الصحافة، كانت تسكن في مدينة أخرى غير مدينتها، وهذا ما أعطاها نوعا من الحرية. وضمن عملها في الجريدة، زاد احساسها بمعاناة النساء. لذلك نجد الكاتبة تفتح ملفات الميراث، والاغتصاب، وتعدد الزوجات، والطلاق، لأنها تؤمن بأن للمرأة حق في حياة كريمة. ومن الطبيعي أن تدخلها هذه الموضوعات في تناقض مع السيدين (رب البيت ورب العمل)، كما تدخلها في تناقض مع العادات والتقاليد السائدة. وفي حديث لها مع زميلها في العمل وصديقها تقول: ""كانت غاية أحلامي أن أحتل ولو ربع مقعد في قصر السيد. ولم أكن أعرف يومها أنني كي أُقبل قطروزه (خادمة) في هذا القصر عليّ أن أفعل ثلاثة، أن أرى بعين السيد، أن أسمع بأذنيه، أن أتكلم بلسانه."[1]

وأحيانا يتم تغيير التقاليد والعادات لتكون في مصلحة السيد، أو لمصلحة الرجل على حساب المرأة. وكمثال على ذلك مسألة الميراث. فقد كانت المرأة تأخذ حصتها من الميراث مثلها مثل الرجل، لكن بعد النكبة، "جاء اليهود واحتلوا البلاد وشلحوا العباد أراضيهم، اتفق الرجال أن يورثوا الذكور كي يحفظوا الأملاك داخل العائلة"[2]. لذلك يمكن القول بأن "البنت هي الضحية الأولى للاحتلال والمجتمع"[3]. كما كان شائعا في تلك الفترة تعدد الزوجات حيث كان الرجل يتزوج أكثر من امرأة طمعا في المال والأرض.

ومنذ البداية نكتشف أن الرواية لها حكايتان: حكاية المرأة وحكاية المدينة. يتقاطعان ويفترقان. فالرواية مكتوبة بحس نسوي واضح. تبيّن فيه وضع المرأة في المدينة اليباب. المرأة التي تعيش مع وحدتها، في مجتمع لا يرحم.

الرواية تتكشف عبر المونولوغ الداخلي الذي يعطي بعدا سيكولوجيا للنص، وشخصية دبدوبة تمثل الجانب الفطري العفوي لبطلة الرواية، نراها تطلّ من وقت لآخر لتقول ما تتحفظ الكاتبة عن قوله صراحة. دبدوبة تمثّل "الهو" بحسب التحليل الفرويدي، طفولية من جهة، ومتطرفة من جهة أخرى.  وما يجعل الرواية مشوقة، هو الأسلوب الذي استخدمته الكاتبة للرواية. فهي من جهة، تستخدم المونولوغ للتعبير عن ذاتها، ومن جهة أخرى، تستخدم الرسائل في مخاطبة صديقها في العمل، ولمخاطبة المرأة بشكل عام في مقدمة رسائلها التي تبدأها ب "أيتها الأنثى"؛ وهنا، نراها تخاطب جميع النساء بدءا من نفسها. تقول: "أيتها الأنثى المائية الابتهالات والكلمات، من ضجيج عنادك وأريج تواضعك... وسكرة مفرداتك، أحاول أن التقيَك في رسالة فوق طاولة ريح المدينة[4]. كما تستخدم الكاتبة اللهجة العامية حينما تتحدث الجدة عن النكبة، وما عرفته ورأته وهذا يعطي النص مصداقية عالية.

وتتميز الرواية بالتناص الذي يتكرر في كل الفصول. فتستخدم الكاتبة أمثلة شعبية أو مقاطع شعرية لآخرين تضمنها نصها دون أن يشعر القارىء بافتعال أو تكلف في النص. وعلى سبيل المثال، تقول لزميلها في العمل: "أنا أعرف وأنت تعرف أننا هنا في حقل السيد الجديد والمقاول الجديد (نحرث وندرس لبطرس) من أجل لقمة عيش لا أكثر ولا أقل".[5] وهذا التناص يتكرر بشكل لافت في النص الروائي.

وتتفاعل الكاتبة مع الوضع في العراق متأثرة بما حدث لأطفال العراق في زمن الرئيس الأمريكي بوش، فتكتب رسالة  لزميلها بمرارة: "صوت أطرافه المبتورة ما زالت تصرخ... انتزعني من أمام الشاشة الصغيرة المحنطة...يا ناس أعيدوني لطفل عراقي يبحث عن أطرافه لينهض ليأكل ليشرب ليعيش مثل خلق الله".[6]

وفي مكان آخر تستخدم التناص: "خذوا ما شئتم من أوراق التين والتوت لتستروا عوراتكم ان استطعتم. نحن هنا كما الأرض منزرعون في يومنا وأمسنا في شمسنا وظلنا وأقدارنا نكتب التاريخ وندونه كما تعلمنا "دولة الظلم ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة". وتستمر الكاتبة في التعبير عما يعتلج في صدرها من قهر وشعور بالظلم وتنهي كلامها بمقتطف "ولا بد أن يستجيب القدر"[7] من قصيدة "إذا الشعب يوما أراد الحياة". وهنا تعني فلسطين والعراق.

ويتميز نص فاطمة الروائي بالسخرية والدعابة. وهذا ما يجعل النص خفيفا للقراءة، لكنه عميق من حيث معانية المخفية والمتوارية خلف الكلمات. وفي كثير من الأحيان، تتضمن المواقف سخرية مرّة من قبل الكاتبة، إما بسبب انتهاك هذه المواقف لكرامة المرأة، أو بسبب سطحيتها التي ترد عليها بسخرية مرّة. وكثير من هذه المواقف تأتي ضمن الموروث الاجتماعي الذي يعتبر، لدى المجتمع مقدسا ولا يجوز تغييره.

 وعن المدينة تقول الكاتبة: "مليون وجع أحمله داخلي وعلى كتفي من مدينتي التي فقدت بكارتها في ليل اغتصاب...وظللت من محاولة إلى محاولة أعالج قسوة المدينة التي أحبها وأبحث عنها"[8]. وفي مكان آخر تقول: "أنا في رحلة بحث عني وعن فكرة تخصني وتحضنني، تلمني كي تجمعني انسانة أخرى في مدينة أخرى، في زمن آخر".[9]

تتميز الرواية بنثر جميل، بتداعيات ومونولوجات، بصور شعرية تجعل القارىء يحلق في عالم الرواية الشعري. فكأننا أمام لوحات جميلة ترسمها بخفة الشعر وعبقه. وبصورها، وألوانها وحسّيتها. ولا تخلو صفحة من هذه الصور الشعرية التي تشد القارىء للوصول إلى الخاتمة. 


[1] فاطمة ذياب، مدينة الريح ط.3.، دار الوسط اليوم للاعلام والنشر، رام الله، 2013، ص.28. 

[2]فاطمة ذياب، مدينة الريح، ط.3.، دار الوسط اليوم للاعلام والنشر، رام الله، 2013ص.28.

[3] المصدر نفسه

[4]  ص. 29

[5] ص. 38

[6] ص. 40

[7] ص. 43.

[8] ص. 38

[9] ص.39 

حفل تابين لراهب كنعان الشاعر والمفكر الفلسطيني أحمد حسين


تقرير : شاكر فريد حسن ـ
اقيم يوم السبت ١٤ تشرين اول ٢٠١٧ في قاعة السرايا بحي عين ابراهيم ، حفل تأبين للشاعر والكاتب والمثقف والمفكر الراحل أحمد حسين ، ابن قرية مصمص في المثلث الفلسطيني ، حضره العديد من اهالي القرية والقرى المجاورة واسرة الشاعر واحبته وزملائة واصدقائة من مختلف انحاء البلاد .
افتتح الحفل بتلاوة من القرآن الكريم ، ثم بنشيد " موطن " ودقيقة صمت حداداً على الفقيد وتلاوة الفاتحة على روحه الطاهرة .
تولى عرافة الحفل الدكتور أحمد اغبارية عضو لجنة التأبين، فحيا الحضور ، وتحدث عن أحمد حسين الكنعاني الحالم ، فقال : " حين يروضه الشاعر ، ويسحبه الى حديقة شعره ، يتوقف الموت عن كونه غرفة مظلمة ومخيفة أو قدراً أخرس ، بل يغدو خياراً يلتقي به الشاعر بعد ان قال كلمته كاملة ، فيدنو منه واثقاً ومردداً " سأعبر الجسر بملابسي العادية بدون خوف سيكون المجبول أقل ألماً من جمال الحياة وقبحها . العدم هو الوجود الآخر في الفناء المجاور " . هذا أحمد حسبن ، وقصيدته تشبهه كثيراً ، فهي صلبة ومتمنعة كالقلاع ، ولا تفتح خزائنها لكل طارق أو عابر ، على أي منهما أن يتسلق السور العالي قبل أن يحظى بنشوة جمال واحدة . هذا أحمد حسين ، يأخذ نصوصه ، ولكنه لا يلقي بها في البحر هذه المرة ، بل يفرشها وينام في ظلالها الوارفة . ها هو في عناق ملحمي ينظم معلقته الكنعانية ويعيشها بكافة رموزها واستعاراتها دون أن يفسدها أي تأويل كثيرون من قبله عبروا الجسر ، لكن عبوره كان خاصاً ولافتاً . فمنذ أن أطل من شرفته الشعرية على المشهد الثقافي المحلي وهو المتميز والمتألق لم يغازل المرحلة ولم تغازله ، وعاش معها في نفي متبادل . عزف عن الأضواء المخاتلة ، واتخذ من الالتزام جرساٌ يقرعه للتائهين والضالين ، فغاب شخصه وحضر نصه الذي دشن فيه هويته " .
وكان أول المتكلمين  الأستاذ رجاء اغبارية القيادي في حركة " ابناء البلد " فتحدث عن أحمد حسين النص وليس الشخص ، وقدم قراءة في فكر وفلسفة المرحوم في القومية والوطنية والسياسة ، أو في الأدب السياسي من خلال اللقاءات والمقابلات وليس بعيداً عن  الشعر والشاعر أحمد حسين ، فقال : " لقد خاف أحمد حسين على القضية الفلسطينية ومصير الشعب الفلسطيني ...خاف من المشروع النقيض ، "مشروع الاسقاط " ( الصهيوني ) وخاف من مشروع " المتعاقدين " معه من أصحاب " المشروع الطفيلي " كما أسماه .
لقد خاف أحمد حسين على العروبة والقومية العربية الخالصة التي اعتبرها مصدر تطورنا الحضاري الذي تعرض الى عملية انحراف تاريخية من قبل ثقافة الهجريين .
ويضيف قائلاً : " مثل أحمد حسين مشروعاً دعوياً ، أدبياً ، سياسياً وشعرياً يتمحور حول القومية العربية والاشتراكية الماركسية ، فأقرأوه ثم اقرأوه ثم اقرأوه بالكامل ، فقد اكتشفت من جديد أحمد حسين المفكر والمنظر والكاتب والشاعر - الناقد المتمرد الذي لا يرحم !
ثم كانت الكلمة للمناضل والمفكر الفلسطيني عادل سمارة ، الذي تعذر عليه المشاركة في الحفل بسبب اجراءات الاحتلال ، فهرب كلمته بصوته عبر الشاشة وبدأ التأثر عليه وهو يتلو كلمته ، ويتحدث عن رفيق القلم والفكر ، فقال : "  عروبي أنت في عولمة الحروب على العرب ، زمن الطوابير التي باعت في زمن البيع والتطبيع ، فليس أحد من سيف قولك ، سيف وعيك .
ثمانون عاماً ولم يهتز ثمانون عاماً وهم يطمسون ما أتيت به . ليظهروا أدب البكاء ، أدب النحيب ، أدب النقود ، أدب التخارج والتغرين ، أدب رفع اليدين مقروناً بعري الكلام وعري الجسد .
أتذكر يوم قلت لك الصورة التي قلت لي ، ما إشقى عقلك ! 
متى غادرت حيفا ؟ بل لم تغادر ، أراك تغازل عينيها تقبل شفتيها ، التي واصل الله بعد اليوم السابع ابداعها ولم ينته بعد منها ، هي ثغر فلسطين على البحار العميقة والعميقة .
تضاحكها وتهزأ واياها بثغاء بيروت الذي يشوه أرض المقاومة ، باسم المقاومة ، يستجلب التطبيع استجلاباً أشد فحشاً من الاستيطان . 
أما الأب د. فوزي خوري من فسوطة فألقى كلمة مؤثرة ، تطرق خلالها الى علاقته الفكرية والشخصية بالراحل أحمد حسين ، ومما قاله : " ببالغ الحزن تلقيت نبأ وفاة الأستاذ العلم والشاعر الغاضب والأديب الصادق والمبدع أحمد حسين . لم أكن هنا لأشارك في وداعه وألقي النظرة الأخيرة على جسده الفاني ، فتبقى صورته الوحيدة في عيني وهو حي لأن امثاله لا يموتون الا في أجسادهم ويحيون دائماً  في مواقفهم .
هو ابن لهذه الأرض الحزينة وهذا الوطن الجريح وهذه الأمة التي فقدت بوصلتها . عاش حياته رافضاً الظلم لا يعرف المساومة ، ولا الحلول الجزئية فالوطن والحق ليسا موضع مساومة .
أتذكره في كل مواقف الشرف التي وقفها وحارب  لأجلها مقتنعاً أن الخسارة في هذا الميدان لا يمكن أن تكون الا مرحلية مهما طالت . تمتع بقوة ابداعية نادرة وبثقافة أصيلة وأصلية تنبع من القلوب الصادقة ولا تنتظر استجدائها من اي غريب .
ودعا عريف الحفل شقيق المرحوم أحمد حسين ، الاستاذ الشاعر كمال حسين لتجديد العهد بالسير على خطى شقيقيه أحمد وراشد ، فقرأ قصيدته " أحمد : الفارس اليتيم يترجل " نقطف منها : 
سقط أول الفرسان 
قبل أربعين عام 
احتضن الراية شامخة 
صاح : " أنا من رحمك يا كنعان " 
قبلها بين عينيها وقال : 
" أنت لي ! 
ترتعين من دمي 
تزهرين في فؤادي 
تثمرين على لساني 
سأكون سوط عذاب 
ستكونين لهفة 
ونبضة  
وعهدي لأول الفرسان 
لن أكون فارساً عادياً 
فأنا كما تعرفين 
لا يتسع للسعات غضبي 
أي ميدان 
لن أكون على منابر الفرسان 
أنا لا أحب الثرثرة 
ولا أجيد القعقعة 
ولا مناكفة الجوف من الزعران 
لن أكون على شاشات الأرجوان 
أنا أكره ما عندي
خرير منعم في ساحة السلطان 
سأكون دبوراً 
يقيم الطعن في مسامع العربان 
سأكون نمروداً يقض مضاجع السلطان .
وألقى الشاعر الكبير الاستاذ سعود الأسدي رثائيته  في أحمد حسين ، الصديق والأخ والأديب الأريب المبدع : 
نأيت عن الأهل يا أحمد 
                فهل دهرنا بعدكم يحمد 
وكنت المفكر كنت الأديب 
               وأنت لنا الشاعر الأوحد 
سليل العروبة وابن الذين 
              لهم كل امتنا تشهد 
فمن للعروبة من للشام 
               ومن للحمى بعدكم يولد 
أصابك ما قد أصبت به 
              ومن كان ناراً لا يحمد 
ومن كان عقلاً فلا يستكين 
              ومن كان صحواً فلا يرقد 
ومن كان بحراً فلا يستقر 
               ومن كان موجاً فلا يركد 
وثورة فكرك كانت لنا 
               مناراً عليها الورى تحسد 
وأنت المجلي بكل مجال 
              وأنت المعلم والمرشد .
أما رئيس اتحاد كتاب " الكرمل " الأستاذ الأديب فتحي فوراني ، فتكلم عن أحمد حسين الانسان المشاكس ، فاستحضر ذكرياته معه أيام الدراسة الثانوية في الناصرة ، ومما جاء في كلمته : " أحمد حسين كان أكثرنا تمرداً ، وأكثرنا عشقاً للمشاكسة ، وأكثرنا شغفاً لخوض البحار الهائجة . 
ومنذ البدايات المدرسية تظهر عبقرية أحمد في التمرد والمشاغبة والمشاكسة وروحه الصدامية . 
أحمد مشاكس متمرد عنيد لا يخشى في ما يراه حقاً لومة لائم . كان نطاحاً في الدفاع عن قناعاته ، ولم يأبه ، في التعبير عن رأيه ، في تأثير ذلك على علاقاته الاجتماعية بالآخرين وحتى بالمقربين من الاصدقاء . ولهذا قال أحد الأصدقاء على سبيل الدعابة : ان أحمد مبدع في خسارة الاصدقاء ، فقد تخندق في صومعته الأدبية على تلة من تلال مصمص ، وراح يطلق رصاص الكلمات على الأصنام وغيرهم من الكتاب والمبدعين وغيرهم من حملة الأقلام .خ كان يقول كلمته ويمشي ولم يكترث لما يقوله الآخرون ، ولسان حاله يقول : " أقول كلمتي ومن بعدي الطوفان " ، وذلك على عكس أخيه راشد الذي أبدع في تحويل الأعداء الى أصدقاء .
وكانت ايضاً كلمة للمحامي علي رافع ، فقال : 
" كان وفياً مخلصاً لمبادئه ، معتقداته وقناعاته التي لم يتراجع عنها يوماً ، بل ازدادت تلك القناعات أنه محق ومصيب ولو عارضه كثيرون واعتقدوا أن عليه أن يخفف من حدة هذه المواقف وأن يغير ويبدل في مبادئه وقناعاته . عرفناه شاعراً فذاً مبدعاً كتب أروع القصائد وأعمقها وأجرأها على الاطلاق ، احترم قلمه واحترم قارئه . فكتب ما يليق به وبنا ، شعراً قوياً جميلاً يحملنا الى فضاءات الابداع والتدبر والتفكير في  هذا ، وتحدث في الحفل كذلك المحامي وليد الفاهوم عن أحمد حسين الصديق والمفكر والشاعر والقصصي المميز ، فخاطبه قائلاً : " أيها الأديب الشاعر المربي لا أقول وداعاً كما لم أقل ذلك في الماضي لنواف عبد حسن جارك في الحياة والممات ، لا أقول ذلك لأنك باق في مصمص والمثلث وفلسطين وهذا العالم ولأنك كنت  وما زلت صافي الذهن في التزامك الوطني والقومي ، وكنت صريحاً عنيداً لا تساوم في القضايا الكبرى كحد السيف الدمشقي المشحوذ ، والقاطع الصارم ، صرامة الموقف الذي لا يتزحزح عن حقه والقلم الذي لا ينفذ حبره ! والذي مهما حملته يقول ازدني .
يا أيها الكنعاني الأصيل .. ما اصدقك ! 
وأنت تذوب بجسدك النحيل ، بشعرك المسترسل الطويل ووجهك الأسمر في سمرة أرض كنعان ، ما اجملك في قساوة ملامحك وطبعك الحاد كحد السيف ..! 
كما تحدث المناضل محمد كناعنة " أبو اسعد " أحد قيادات حركة " أبناء البلد " قائلاً في مستهل كلمته : " أيها العروبي المسجى هناك ، يا نبي الرفض السائر في لجة معركة المعاني غير آبه بضوضائهم ، ومن حولك سنابك خيولهم ترسم ملامح طريق آخر للمعركة ، هناك حيث " الفلاشا يحرثون الأرض " وأبناء عمومتهم يروون زرعهم عند مصب الوادي الذي ما عاد يتسع حتى لحجارته . هناك وهنا أنت تحمل بارودة الفكرة ووجع الالتزام يلازم مداد دواتك ، وفي سماء المغتصبة تحوم ألوان قوس قزج من غير أوان ، فتكفر بالألوان ولا تبهرك عناوين السياسة ، ولا فذلكات القادة ، ولا حملة ال" دال " في صدارة صفحات الجرائد الصفراء والحمراء والخضراء منها . ولا هرولة المطبلين " لعيون ريتا ".
أما المستشار التربوي مجدي محمد اغبارية فوصف علاقته الشخصية بالمرحوم أحمد حسين ، الذي كان معلماً له في البداية ثم جمعته به صداقة خاصة ، وكان يطلعه على كتاباته القصصية والأدبية .
هذا وتخلل الحفل تقديم عرض مسرحي للمثل الفحماوي قرمان قرمان مأخوذ عن قصة للمرحوم  أحمد حسين من مجموعته القصصية " الوجه والعجيرة " ، وقراءات شعرية من قصائد الشاعر الراحل قدمها ابن أخيه رأفت آمنه جمال ، بالاضافة الى كلمة شكر وقراءة تحيات وصلت حفل التأبين  ، منها كلمة علي احمد جبارين صاحب مكتبة الغفاري في ام الفحم ، الذي ربطته بالفقيد علاقة حميمية .
وتم ايضاً توزيع كتاب " راهب كنعان : السيرة والنص " وهو كلمات في تأبين فقيد الثقافة العربية أحمد حسين . 

لوحة "شذرات أمل" للفنانة فجر إدريس



كتب زياد جيوسي ـ
نادراً ما ألجأ في مقالاتي النقدية إلى الدخول في تفاصيل لوحة تشكيلية واحدة لفنان أو فنانة، فالتعامل مع لوحة واحدة يحتاج لقراءة تفكيكية للوحة، بينما التعامل مع قراءة مجموعة لوحات تشكيلية يأخذ في غالبيته القراءة الوصفية التحليلية. وأذكر أني كنت أهتم بمنهاج قراءة لوحة واحدة لفترة معينة، فكتبت قراءات عن لوحات لفنانين وفنانات عديدين، لكن تأثير القراءة الأكاديمية كنت أشعر به أنه قد يكون مسبباً للضجر، بعكس القراءة الوصفية التحليلية التي تجول أكثر في العلاقة بين الإنسان وواقعه، كون الفن ناتجاً عن تمازج الثقافة والشعور والإحساس والقدرات العقلية مع مشاعر وجدانية وممارسة يدوية، فالفنان التشكيلي بحالة مستمرة في البحث والتحليق تبدأ من لحظة إشراقة الفكرة حتى اللمسات الأخيرة من اللوحة.
ولهذا نجد أن هناك مناهج عدة لقراءة اللوحات قراءات نقدية، فنرى "بودلير" تحدث في كتاباته عن النقد الفني أنه يقرأ بطريقتين: الأفقية، وهي تدرس وتقرأ ظاهر اللوحة من خلال ما تراه العين في اللوحة، والعمودية، وهي تدخل في أعماق اللوحة وتقرأ ماذا يمكن أن يكون في روح ونفسية الفنان حين رسم لوحته. بينما نرى أن "رولان باث" اعتبر أن أساس كل القراءات هو التقرير، ويبحث في الظاهر والإيحاء، ويبحث في الباطن، فالفن التشكيلي أراه كما يراه كل المهتمين به، عبارة عن عملية تفاعلية بين الفنان من خلال لوحته، وبين المتلقي كمتأمل أو متمتع أو قارئ لما يرى في اللوحة التشكيلية، فكما تحدث عبد الله أبو راشد في كتابه" نظرية التلقي في الفنون التشكيلية/ نحو خلق نظرية عربية": "أن قراءة النص البصري تعد قراءة مُتجددة محكومة بعوامل بحث ذاتية خارجة عن نمطية التأليف والتوصيف، وهي نوع مُبتكر للرسم بوسائط تعبيرية متنوعة".
الفنانة فجر إدريس، عضو جمعية الفن التشكيلي والناطقة الإعلامية ومدير العلاقات العامة فيها. رئيسة قسم الرسم لدى "أرابينو". عملت في مجال التجميل، وقامت بتدريسه في دولة الإمارات العربية المتحدة. بدأت الرسم منذ الطفولة، وانقطعت عنه فترة طويلة. بدأت بدورات تعلم الرسم في العام 2013 في الجمعية. شاركت بعدد كبير من المعارض المحلية في الأردن. حصلت على أكثر من تكريم وشهادة تقدير. من أهم معارضها التي حظيت باهتمام واسع هو معرض "أسياد الأرض"، ويعتبر المعرض الأول من حيث الموضوع والتقنية والعدد وتأريخ فلسطين العربية من العام 1800/1970، وتركيزاً على نكبة العام 1948، من خلال إعادة ترميم الصور عبر هذه المرحلة وتوثيقها بأسلوب تقني جديد من حيث التلوين والإعداد.
لوحة الفنانة التشكيلية فجر إدريس "شذرات أمل" من اللوحات التي شاهدتها وتأملتها وقتاً طويلاً وأنا أقف أمامها، وبرغم وجود أكثر من عمل فني للفنانة إلا أن هذه اللوحة شدتني بشكل خاص، وحين نبدأ بتأمل اللوحة لا بد من التحليق بعدة مسائل منها: 
موضوع اللوحة، الجانب الوصفي العام: نلاحظ في لوحة الفنانة أن موضوعها يتركز على فكرة الأمل، أو بالدقة على شذرات الأمل كما اسم اللوحة، وهي عملية تقوم على الحلم، أو حتى أن يتحقق بعض من الحلم ولو كان على شكل شذرات، ولذا نرى على يمين اللوحة تجريداً لخمسة أشخاص منهم طفلين، ويلاحظ أن الرؤوس منحنية لدى الأشخاص الكبار، ونرى الواقع المحيط بهم يتميز بالدكنة والعتمة والقضبان الفولاذية التي تحيط بالأشخاص وكأنها قضبان زنزانة أو سجن، لكنها مفتوحة من الأمام، ونجد الشمس وهي تبزغ بقوة، وكانت هي بؤرة اللوحة في الدوامة الحلزونية، وهي تشرق من قلب العتمة محاطة بهالة ضوئية قوية، إضافة لتناثرات ضوئية على مدى اللوحة.
الخصائص التقنية المستخدمة: ألوان ومواد الزيت (الأكليرك) على الخشب الرقيق الخفيف المضغوط (موزنايت)، وكون هذا النوع من الخشب معالجاً بطريقة جيدة، فهو يحافظ على نقاء الألوان ويشكل قاعدة جيدة لها، وفي الوقت نفسه يعطي لألوان (الأكليرك) الزيتية المعالجة وسريعة الجفاف إمكانية أن لا يتم امتصاصها من الخشب، فتحتاج إلى جهود مضاعفة وكميات أكبر من الألوان، ويلاحظ بشكل عام التوجه لدى الفنانين لهذا النوع من الألوان بسبب توفرها ورخص أسعارها مقارنة بالألوان الزيتية المستخرجة من المواد العضوية، لكن بالتأكيد أن قدرات اللون الزيتي العضوي على التعبير والبقاء أكبر بكثير من المواد الغير عضوية، والتي تدخل الكيماويات في تركيبها.
فضاء اللوحة: أعطت الفنانة اهتماماً كبيراً لفضاء اللوحة، فنلاحظ أن أفق اللوحة كان حيزاً كبيراً مازج السماء والفضاء الخارجي الممتد بالكون، مع الفضاء الضيق المحصور بالمكان الذي يقف به الأشخاص الخمسة في اللوحة، فكان الفضاء يعطي مساحة كبيرة لاستخدام الرمز، وعدم حصر المكان بإطار ضيق من التفكير، فهذا الفضاء المتسع كان الوجهة التي ينظر إليها الأشخاص من حيزهم الضيق المعتم إلى الفضاء الواسع الذي يمكن أن يضم الآمال والأحلام.
الدلالات النفسية: يلاحظ أن الرؤوس منحنية عند الأشخاص الكبار وكأنهم يعانون معاناة كبيرة، وبالتأكيد ليست أزمة شخصية مجردة بمقدار ما يمكن أن تكون معاناة عامة، ولكن لو نظرنا للأطفال سنجد طفلاً في الخلف ينظر باستقامة تقريباً وطفلاً آخر في الأمام يقف أمام أحد الشخوص وهو يرفع رأسه وكأنه ينظر إلى وجهه ويخاطبه، وهذه مسائل رمزية ذات دلالات نفسية على الحالة النفسية التي يمر بها الكبار من طول المعاناة وحجمها، وتوحي لنا اللوحة بدلالات نفسية تقوم على فكرة أن الأمل للانفراجة قائم على الجيل القادم، والذي سيكبر ويغير الواقع المحاط بالدكنة والعتمة والقضبان الفولاذية التي تحيط بالأشخاص وكأنها قضبان زنزانة أو سجن، إلى إشراقة وفرح.
البنية والتكوين العام: يلاحظ أن الفنانة في لوحتها استغلت الفراغات والامتداد الفضائي بشكل جيد ومتميز، فلم تترك المجال لأن تكون هناك مساحات فارغة تشكل قطعاً في فضاء اللوحة وتماسكها، فنجد أن الرمزيات المستخدمة في اللوحة مثل: الأشخاص، والشمس، وحيز العتمة، والفضاء الكوني، كانت متوازنة بشكل جيد، فلم تظهر حركات تهز مكانة تموضع الأشكال المستخدمة، وكان التمازج بين الفضاء الخارجي والفضاء المعتم متواصلاً بدون انقطاع مريب، يمكن أن يحدث النفور لدى العين وهي تتحرك من يمين اللوحة إلى يسارها (بالنسبة للمشاهد)، فكان المنظور العام جيداً بشكل عام، وكان قلب اللوحة بين الشمس وبين الزنزانة المفترضة يمثل قلب اللوحة الذي يتحرك بشكل حلزوني، فكان التركيز على بؤرة اللوحة حيث قوة الإشراق ورمزية اللون، وبين التغير اللوني بشكل حلزوني نحو عتمة الأطراف حسب الجهة، فيسار اللوحة بالنسبة للمشاهد أكثر إنارة من يمينها بالنسبة للمشاهد حيث العتمة، وهذه الحركة من قلب وسط اللوحة تعطي انطباعاً مريحاً لعين المشاهد بدون صدمة التشتت التكويني.
الألوان والإنارة: لجأت الفنانة إلى الحائط الخلفي خلف الأشخاص إلى استخدام ألوان مختلفة من الأزرق الداكن بالجانب الأيمن من اللوحة، وبتدرج ما بين الأخضر والأصفر والأبيض، وهي تدرجات لونية داكنة، ولكن الرمزية بها واضحة نحو التوجه لألوان الفرح رغم العتمة، ويلاحظ أيضاً وجود انعكاس لظل على الجدار يكاد يندمج بالنور في الجانب الأيسر من اللوحة، ويمكن أن يكون فكرة الشخص الذي يشرق نوراً، ولكنه لم يتجسد تماماًـ وهو من سيحمل إشارة التغيير وفتح الأبواب للغد المشرق، والإنارة كانت مستخدمة بشكل جيد حسب التدرج بالفكرة من العتمة إلى النور إلى العتمة الأقل.
الرمزيات في اللوحة: استخدام القضبان المعدنية المفتوحة من الأمام رمزية واضحة تشير إلى أن الواقع هو السجن وليس سجناً بالمفهوم التقليدي، لكن مع ضرورة الانتباه إلى أن القضبان العرضية تمتد كما الرماح في مواجهة الغد، وهي إشارة يفهم منها أن قوى الظلام والعتمة في الحاضر تقف بقوة تجاه الغد وترفض إشراقة الشمس، ووجود أجيال مختلفة من خلال الأشخاص الخمسة إشارة إلى تعاقب الأجيال، ويلاحظ أن يمين اللوحة اعتمد الألوان الداكنة من حول الأشخاص، وهي رمزية للواقع الذي يحياه الشعب الفلسطيني، ولكن نلاحظ أن هناك لوناً أبيض متناثراً على شكل نقاط وكأنها بداية للتغيير القادم، وحين ندقق بها نجدها تتناثر من محيط رؤوس الأشخاص بإشارة إلى أن قرار التغيير يأتي من خلال الفكرة والتفكير وصولاً للعمل الذي جرى الإشارة إليه بالأجيال التي ستكبر وتحمل الراية.
الجانب الأيسر من اللوحة وهو يتجاوز النصف في اللوحة ويكاد يصل إلى ثلثيها، ونجد أن الفنانة لجأت إلى الأسلوب الحلزوني بالرسم وإيصال الفكرة بقوة، وكانت بؤرة اللوحة كما أشرت في قلب اللوحة حيث تبدأ الدوامة الحلزونية بين القضبان وبين الشمس، ونجد الشمس وهي تبزغ وتشرق من قلب العتمة محاطة بهالة ضوئية قوية وألوان فرح، هذه العتمة التي تحيط بها من خلال رمزية وجود النجوم التي تشير إلى الليل قد طال، فيتمازج شعاعها مع خيوط وكأنها خيوط منثالة من ماء يصنع الحياة من جديد، "وجعلنا من الماء كل شيء حي"، متجهة نحو العتمة ومتمازجة من حبيبات النور المتناثرة وكأنها كما سمت الفنانة اللوحة "شذرات أمل" لا بد أن تأتي من خلال حلم الطفل وألم الناس وثورة ستغير الواقع المظلم وتكسر رماح العتمة، مبشرة بحلم الغد وإشراقة شمس.
وهكذا نجد بعد هذا التجوال في اللوحة أن الفنانة قد تمكنت باحترافية معقولة من التعبير عن آلام وظروف الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، العتمة التي تحيط به من خلال الظرف العام عربياً وتحت الاحتلال، وبرغم أنها تعيش في خارج الوطن منذ تهجير أهلها من يافا، إلا أنها مرتبطة نفسياً وروحياً بوطنها فلسطين وشعبها، وهذا يظهر في العديد من لوحاتها ومشروعها الفني والمطبوع "أسياد الأرض"، وقد تمكنت من استخدام اللون بشكل جيد للتعبير عن الفكرة، إضافة إلى الرمزيات سواء المرسومة أو الرمزيات التقنية اللونية.

"أبجديات أنثى حائرة" للشاعرة الفلسطينية سماح خليفة

صدر عن مكتبة كل شيء حيفا ديوان "أبجديات أنثى حائرة" للشاعرة الفلسطينية سماح خليفة، حيث يشارك الديوان في معرض عمان الدولي للعام 2017، وجاء الديوان في 160 صفحة من الحجم المتوسط.

الديوان تقديم الأستاذ الدكتور عمر عتيق، ولوحة الغلاف للفنانة الفلسطينية العالمية منال الديب، تصميم ومونتاج شربل إلياس.

تناولت نصوص الديوان كما أشارت "سماح خليفة" الأنثى التي تتحدث بلسان المرأة، بلسان الوطن، بلسان الرجل، بلسان الإنسان الحالم، بلسان الوجع المعتق في كؤووس النفوس الحائرة لضبابية هذا الزمن.

وأما الإهداء الذي شكل العتبة الثانية في الديوان فقد اختزل الخلايا الدلالية للنصوص بواسطة أربعة علامات سيميائية موزعة على المرأة والرجل والحلم والوطن. وتجسد العلامات الأربعة العصب الدلالي والتوهج الوجداني في الديوان كله واستئناسا بدلالة الإهداء تكون سماح خليفة كما أشار د.عتيق قد ابتكرت أسلوبا لافتا في صياغة الإهداء بعيدا عن مضامين الإهداء المعروفة وكأنها تنقل الافق الدلالي المتوقع من العنوان إلى الإهداء وفي هذا التحول الأسلوبي يكمن التجديد والابتكار والتفرد.

يذكر بأن هذا الديوان هو الأول للكاتبة سماح خليفة، وقد عبرت عن سعادتها لأنها تصدر عن دار نشر فلسطينية عربية هي مكتبة كل شيء حيفا والتي تأسست في العام 1970

لقاء تجاوز الاسبوعي يستضيف الاديب نزار حنا الديراني





مراسل عينكاوة – بيروت ـ

افتتحت جمعية تجاوز الثقافية موسمها الثقافي 2017-2018 بأستضافة الأديب نزار حنا الديراني من خلال محاضرته المعنونة : الشعر اللبناني المحكي بين أوزان الخليل ، واوزان التراث اللبناني (السرياني) وتطوره ، الشعراء ( ألياس زغيب ، سعيد ظاهر ، شربل بعيني ، حسين شعيب ، عناية زغيب ) نموذجا وفي قاعة مركز نقابة المعلمين في بيروت مساء يوم الخميس المصادف 12/10/2017 .
في البداية عرفت مديرة الجلسة الآنسة ماري تريز سلامة الباحث ومن ثم دعته ليعتلي المنصة ليتحدث عن تاريخ الشعر واوزانه اولا مستشهدا بمقطع شعري سومري وآخر سرياني ( الشاعر وفا) وعلى ضوء ذالك طالب الباحث الدارسين للشعر المحكي والزجل في إعادة النظر فيما يقال بأن الموشحات والزجل والشعر المحكي في العربية جاءت كنتيجة مزاوجة بين أوزان الخليل والاغاني الشعبية الاسبانية ( الفلامنكو) والبروفنسانية اللاتينية التي كانت تعرف بالرومانسية من خلال جماعة الرواة والمغنين المعروفين في فرنسا بالتروبادور وجنكلر لأن هذا الفن موجود في الشعر السرياني قبل أن يولد الخليل وجماعة الفلامنكو وما شابه ذلك ، لأن هذا اللون من الوزن موجود قبل جميع هذه الشعوب بآلاف السنين في بلداننا هذه .  ومن ثم تحدث عن الشعر اللبناني المحكي مستشهدا بطروحات الدارسين الذين أكدوا في دراساتهم بتأثر هذا اللون من الشعر بالشعر والموسيقى السريانية ومن ثم أستشهد المحاضر بنماذج من الشعر اللبناني المحكي بدءً من الشاعر المطران جبرائيل القلاعي اللحفدي (1440-1516م) باعتباره هو أول من وصلت إلينا أشعاره وكما في قصيدته التي يتحدث فيها عن أجتماع المطارنة في وادي الشوف قال فيها : 
كيف الدهور / بتتغير / وفيه العقول / بتتحير 
ولوما توجد / في الاسطر / ما كان يخبر / عن انسان 
ولكن التواريخ / بتخبرنا / عل ما جرا / بمواطننا 
مرورا بالعديد من الشعراء والاستشهاد بما يشابهها من التراث السرياني بدءً بمار أفرام .
بعد ذلك تحدث عن الشعراء المعاصرين قائلا :
فيما مضى كان الشاعر اللبناني (المحكي) يبني قصيدته على البيت الشعري المكون من عدة دعامات (سلم موسيقي) متشابهة او مختلفة وكان أيقاعه يأتي من خلال الوزن المعتمد على الدعامة بدلا من التفعيلة الخليلية ، وقوافيه تكون خارجية لكل بيتين وأحيانا غير منتطمة وقد تأتي داخلية غير محددة ، إلا ان الشاعر المعاصر طور هذا الاسلوب متجها نحو قصيدة الشعر الحر من خلال بناء القصيدة على الدعامة بدلا من البيت رغم إن البعض الآخر بنى قصيدته على البيت الشعري والدعامة بالتزاوج فيما بينهم... 
شعراء المجموعة فجروا البيت الشعري ليعيدوا بناءه من جديد مستندا على الدعامة فأفرزوا لأنفسهم خطا جديدا يمكن ان نسميه ( الشعر المحكي الحر ) .
وحتى المسافة التي يتحرك بها الشاعر تختلف بين شاعر واخر وهذا يعتمد على مدى أنتظام أنتقاله من بيت لآخر ، عند البعض منهم تجد هناك ما يشبه الأنتظام في الأنتقال من وزن للآخر وعند الاخرين لا ... وعلى هذا الاساس صنف شعراء المجموعة الى :   
1- بناء القصيدة على التزاوج بين البيت والدعامة ومن بين شعراء المجموعة الشاعر شربل بعيني ، وحسين شعيب مستشهدا بشعرهم واستخلص قائلا رغم ان القصائد تتجه نحو الشعر المحكي الحر الا انها لا تزال محافظة بعض الشئ على التراث .  
2- بناء القصيدة على الدعامة وحدها ومن بين شعراء المجموعة  سعيد ظاهر ، عناية زغيب ، الياس زغيب مستشهدا بقصائدهم وقال ان شعراء المجموعة حطوا كليا في ساحة الشعر المحكي الحر 
واختتم محاضرته قائلا : ما اريد أن أقوله عندما نتحدث عن بلاد النهرين وبلاد الشام هذا يعني اننا نتحدث عن شعب عريق له من الفنون الادبية تمتد لالاف السنين وكانت هناك الكثير من الوشائج التي تجمعهم من اللغة والتراث لذا من المنطق ان يكون هناك تشابهاً في الاداء فجدودنا كانوا يكتبون أشعارهم وأغانيهم وترانيمهم بطريقة فطرية هذا يعني كانوا يعتمدون على اللحن ، الشاعر المحكي أو الزجال ربما لم يسمع بأوزان الخليل ولا باوزان أنطون التكريتي ولم يكن متفرغا أن يجلس لساعات ليوزن قصيدته بل كان يستحضر ذاكرته المملوءة بنماذج قديمة كالتي تنشد في المعابد أو التي ترتل أثناء الحصاد وأمام المهود معتمدا على تجربته وذوقه ، وحتى اللغة تجده يستخدم لهجته بمفرداتها الخفيفة واحيانا بلكنتها السريانية بدلا من البحث في القواميس والاعراب ،  

أكبر مبادرة الكترونية في العالم لحقوق الإنسان والسلام الدولي

كتب مفيد نبزو ـ

أطلقت ولأول مرة في تاريخ حقوق الإنسان والسلام الدولي الصديقة الشهيرة الدكتورة هناء الشلول رئيس قسم اللغة العربية في جامعة الحياة الجديدة ، وعضو في هيئة البورد العربي الأوربي الأميركي ، والمدربة الدولية المعتمدة للسلام العالمي من كندا ،  أطلقت مبادرتها التي قامت فيها  بتجربة جديدة في نشر مفاهيم السلام من خلال منصة تعليمية الكترونية ، وتدريسها للعالم باللغتين العربية والإنجليزية ، وبالتعاون مع مؤسسة البشرية من أجل السلام في كندا ، ومما يعرض على المنصة فيديوهات تعليمية ، وملفات تقريرية إضافة لامتحان الكتروني ثم شهادة تمنح للطلبة المتفوقين مجانا ً دون أي تعامل مادي ، وقد قامت الدكتورة هناء بتدريس المساقات التالية :
 مساق حقوق الإنسان والسلام الدولي ، والذي يدرس من خلال فيديوهات ومقالات مترجمة لأهم بنود حقوق الإنسان ، ومساق حقوق الطفل الذي يدرس أهم قضايا الطفل ويعرض التقارير العالمية حول زواج القاصرات التي تعاني منها عض الدول العربية مثل اليمن ، ومساق حقوق المرأة الذي يدرس فيديوهات وتقارير عالمية حول القضايا التي تتعرض لها المرأة مثل العنف الجسدي واللفظي والتحرش الجنسي ، ومساق تدريب المدربين حول الاستفادة وفهم مصطلحات حقوق الإنسان وكيفية تطبيقها ، ومساق كيفية كتابة التقارير الدولية بشرح أهم تقارير منظمات السلام والعفو الدولية ، ومساق الصحافة وحرية الرأي الذي يدرس أهم حريات التعبير الدولي ، وقد لاقت تجربتها قبولا ً عالميا ً مما يجعل لهذه المبادرة السبق العالمي في تدريس مساقات السلام الالكتروني  والتعليم عن بعد ، لأن السلام ينحصر بحدود جغرافية أو مكانية ، وميزة هذه التجربة أنها مساقات كاملة الأركان والشروط ، وليست دورات لمواضيع متفرقة ، وقد حظيت بإعجاب الإعلام العالمي ، أما الصعوبات فكانت قليلة لأن هناك رغبة مذهلة من قبل الطلبة للاستفادة من منح مؤسسة البشرية من أجل السلام ، وهي مجانية دون أي مقابل مادي ، وكان بالفعل فريق رائع
وتجربة فريدة جديدة منذ عام 2016  م حتى الآن .
بطاقة شكر وتحية تقدير وعرفان بالجميل للإنسانة العظيمة بفكرها وثقافتها المعرفية وتمايزها بتأثيرها مما أهلها لتحصل على لقب : المرأة الأردنية الأكثر ثقافة، وأفضل شخصية إنسانية مؤثرة على مستوى الوطن العربي ، شكرا ً جزيلا ً دكتورة هناء الشلول على كل ما تقومين به من مساع جليلة ورائدة  بأفكار تنويرية متفردة تحولت إلى واقع حقيقي شمولي يتطلع إلى السلام العالمي عسى أن يعم البشرية جمعاء .

نظير شمالي في حيفا




كتبت آمال عوّاد رضوان ـ
برعاية المجلس الملي الأرثوذكسي الوطني/ حيفا، أقام نادي حيفا الثقافي أمسية في قاعة كنيسة مار يوحنا الأرثوذكسية في حيفا، بتاريخ 5-10-2017،  وسط حضور مميز من مثقفين وأدباء وأصدقاء ومهتمّين بالأدب، احتفاءً بالأديب الباحث العكّي نظير شمالي وكتابه (رقاعٍ إلى صلاحِ الدينِ)، وبعد أن رحّب بالحضور المحامي فؤاد نقارة رئيس ومؤسس نادي حيفا الثقافي، عُرض فيلم قصير بعنوان  لمسة وفاء"، لطيّبة الذكر ابنة عكا الأديبة سميرة عزام، ثمّ تولت عرافة الأمسية سلمى جبران، ، وكانت مداخلات نقدية جادّة لكلّ من: د. فهد أبو خضرة ود. صالح عبود، تخللتها مداخلة فنية الفنان نزار بغدادي من فِرقة الغَجَر، وقراءات شعريّة مميزة مع المحتفى به نظير شمالي وابنتِهِ غُفران شمالي يونس، كما ازدانت أرجاء القاعة بلوحات معروضة تدمج بين الصورة ونصوصِ نظير شمالي الشعريّة، ثم قدم شيخنا الأديب حنا أبو حنا ود. فهد أبو خضرة والمحامي فؤاد نقارة درع تكريم للمحتفى به، وتمّ التقاط الصور التذكاريّة!
مداخلة العريفة سلمى جبران: مساؤكم مَحبَّةٌ وعِطْرٌ وَوَفاء، وشُكرًا للحضور الجميل والشُّكْر أوَّلًا لنادي حيفا الثّقافي مُمَثَّلًا برئيسِهِ المُحامي فؤاد نقّارة والناشط الثّقافي المحامي حسن عبّادي اللَّذَيْنِ يعملانِ فيُبدِعانِ بلا حدود وبمحبّةٍ وعطاء. وشكرًا لكلِّ من يعملُ على إحياءِ هذا الصَّرحِ الرّائد تحتَ رعاية المجلس المِلّي الأورثوذُكسي برئاسة السيّد المربّي جريس خوري، وشكرًا للسيِّد فضل الله مجدلاني القائم على كل الترتيبات التِّقَنِيَّة..
بعيدًا عن متاهات التاريخ وعنِ التِواءات الحُكْم والحُكّام، نُسافرُ معًا في بحْرِ عكّا وفي زواريبِها وأقْبِيَتِها، ونُخْرِجُ لُؤلُؤَها ونُقوشَها، ونُحَلِّقُ معَ روحِها التي رفْرَفَتْ في سماءِ الشمال والجنوب والغرب والشرق، وكانت فَنارًا لحضارةٍ لا تموت مُنذُ آلافِ السِّنين. وها هو ابنُ عكّا الأصيل الباحث نظير شَمالي يأتينا شاهِدًا على مجدِها، وحاميًا لكل ما تبقّى من تراثِ عكا العِمرانيّ والمدَنيّ والشّعبيّ، شاهرًا الكَلِمة والصورة لتقولَ لكلِّ العالم: نحْنُ كُنّا هُنا ونحْنُ الآن لا زِلْنا هنا، أَلَمْ تَقُلْ: "أنا أُحبُّ عكّا.. أعشقُها.. أعشقُها حتى النُّخاعْ.. على ترابِها وُلِدتُ.. وفيها أتمنّى أن أموت، وما دامت عكا حبيبتي فلن أموتَ أبدًا، لأنَّ هذه المدينة الصابرة الرائعة المدهشة الغالية، تغذي الروح وتبعثُ في النفسِ الحياة والأمل". إليكَ منّي هذه الكلمات التي كتبْتُها عندما عِشْتُ عكّا مع مسرحيد "في زاروبِ عكّا" للفنّانة ابنة عكّا الأصيلة سامية قزموز بَكْري: 
أَعيشُـها كـَما يعيشُ لاجئٌ في "أرضِهِ"، فلا أَرضَ لهُ فيها ولا سَما/ وعِشْتُ غُربتـي أَبحَثُ عنْ غربتِهِمْ فصارَ كَأسي عَلقَما/ هل تقبلينَنِي يا أُختُ في  "زاروبِ" عـكّا في الحِمى؟/ أَعيشُ غربـةً ثانيةً أَجني بها محبَّةَ الأوطانِ موسمًا فموسِما
أمّا عن الكِتاب "رِقاع صلاح الدّين" فقد قَرَاْتُهُ وعذَّبَتْني بُكائيّاتُهُ على الشّرْقِ العَرَبيّ، حتى أَنشَدْتُ مع أحمد شَوْقي:  نَصَحتُ وَنَحنُ مُختَلِفونَ دارًا/ وَلَكِنْ كُلُّنا في الهَمِّ شَرقُ
د. فهد أبو خضرة: الآن أترك الحديث عن الكِتاب لروّاد هذا المِنبَر ونبدأ بشخصيّة الشاعر الأكاديميّ ابن قرية الرينة الجليليَّة الذي عَمِلَ في التدريس، ثم عَمِلَ مُحاضرًا في جامعة حيفا، وفي كليَّة إعداد المعلمين العرب في حيفا، وهو صاحب عدّة دواوين شعرية ورواية بالإضافة إلى العديد من الأبحاث اللغوية والكتب التدريسيّة. من أعمالِهِ الشعريّة: الزنبق والحروف، البحث عن أجنحة، النسور، كتابات على طريق الوصول، مسارات عبر الزوايا الحادّة وحلم ليلة ربيعية. ورواية الليل والحدود. 
د. صالح عبود: ولد في حيفا وترعرع في قرية عيلوط. حصل على لقب دكتوراة في اللغة العربية من جامعة حيفا عام 2013. يعمل مدرِّسًا للغة العربيّة في مدرسة عيلوط الاعداديّة ومحاضرًا في كليّة "عيمق يزراعيل" الأكاديميّة. له مجموعة "ديمة ربيع"، هي باكورة إنتاجِهِ الأدبي، وهو كاتب مهتمّ بالأدب والفِكر والنّقد.
مداخلة د. صالح عبود: رقاعٌ إلى صلاح الدّين: يا صلاحَ الدينِ عكّا/ قدْ وَفَتْ عَهدًا وَصَكَّا/ أَنجَبَتْ في السّورِ صَبرًا/ دَكَّتِ الضّغناءَ دَكَّا/ سَاحِلًا فيها أرَاهُ/ قَدْ غَدَا للسّورِ وِرْكا/ سُورُها بَأسٌ وَأنْفٌ/ في ذُرَى الأمجادِ حكَّا/ علَّمَ الأعداءَ دَرسًا/ مزَّقَ الأنواءَ فَكَّا/ حُسْنُكِ الجَذَّابُ غَضٌّ/ لَم يُصبْهُ الدَّهرُ وَعْكا/ قَدْ كُفِلتِ في رِجالٍ/ كُلُّهمْ ضَحَّى وَزَكَّى/ كَيْ تَدومي في صُدورٍ/ أَمنَ حَقٍّ ليسَ شَكَّا/ قَدْ كُفيتِ في نَظيرٍ/ ذِمَّةً حُبًّا وَنُسْكَا/ فالنَّظيرُ في هواكِ/ صَنَّفَ الأقوالَ سَبكَا/ مُدرِكًا أنَّ الحياةَ/ في هَناءِ العيشِ عكَّا/ في هَوى عكَّا نَظيرٌ      قانتٌ قدْ كَفَّ شِرْكَا (مجزوء بحرِ الرمَل).
السيّدات والسادة، مجموعةُ رقاعٍ إلى صلاحِ الدينِ، توليفةٌ شعريّةٌ عكّيّةٌ سورُها وجعٌ وساحلُها تأوُّهُ ومِدادُها الدّماءُ السائلةُ من دواةِ الرزايا، تَشرأِبُّ حروفُها رغمَ غرقِها في سحابِ البلايا، تَعزفُ نشيدًا سُباعيًّا وَموتًا وَغَصبًا إيقَاعيًّا يُكفِّنُ الواقعَ في بلادِ صلاحِ الدينِ الخصبةِ بكفّارِها ومنافقيها وطوابيرِ الخونةِ والمارقينَ والمرتزقةِ من علوجِ التاريخِ الذي عجَّلَ بِهمْ إليها، حتّى غدتْ مثوًى لهم وَمُقامًا.. تقعُ مجموعةُ أخي وصديقي الشاعرِ والبَحّاثةِ الأصيلِ المتأصِّلِ نظير أحمد شمالي ضمن ستّينَ صَحيفةً تضمُّ سبعَ قصائدَ هي على الترتيبِ الذي كسر فيه الشاعرُ التتابع الزمانيّ لنظمِها وتأليفها: القصيدةُ الأولى بعنوان: "لفاطمةَ أغنيةٌ موقوتةٌ في مخدعِ السلطانِ"، وهيَ مخاضُ عامٍ وأشهرٍ ثلاثةٍ على وجهِ التقريبِ، تترامى في أربعةَ عشرَ مقطعًا، كلُّ قطعةٍ منها تتناولُ صورةً شعريّةً دقيقةً تُفصحُ عن الحالِ العسيرِ المُتوعِّرِ والواقعِ الكؤودِ العُضالِ الذي بَلَغهُ الوطنُ العربيُّ، ورزحَ تحتَ سلطانهِ الصّفيقِ المَوْبوءِ.. يستهلُّ شاعرُنا العكّيُّ المتسوِّرُ قصيدَتَهُ ومجموعتَهُ بالصورةِ الشعريّةِ القاتمةِ الآتيةِ، فيقولُ: "يا فاطمة! أيُّ ليلٍ داهمٍ نَحنُ فيهْ؟! والعُمرُ منَّا قد تهاوى قبلَ إطلالِ الصباحْ! مِزَقًا مِزَقًا تَشَتَّتْنَا مِنْ بعدِ بأسٍ شديدْ! أيَا وطنًا تناوشتهُ أنيابُ الذئاب! مَنْ عاثَ في الوطنِ "المفدَّى" الفسادْ! مَنْ مزَّقَ الوطنَ الممتدَّ كالبحرِ تحتَ شمسٍ لا تغيبْ؟! مُستَضعَفينَ أصْبحنا، نِعاجًا لا تُقاتلْ!! أشدَّاءُ أمسَينا إذا قاتلَ بعضُنا بَعضًا، وفي سيوفِنا حلَّتْ حُمَيَّا الدماءْ، رُحماءُ إذا طلَّ التتارْ! وسيوفُنا بوجهِ التتارِ قدْ غدَتْ لعبةً منْ خَشَبْ! كَغُثاءِ السيلِ صِرنا بعدَ عِزٍّ واقتدارْ، نَعامًا ندسُّ الرأسَ في الرملِ جُبنًا في وَضَحِ النّهارْ!"..                                                                                                                
يصوّرُ شاعرُنا العكّيُّ في نصّهِ الفاتحِ دُجْنةَ الواقعِ العربيِّ وإسوادَدَهُ، فيأتي على تشيّعِ العربِ وتفرّقِهمْ، ويذكرُ نزفَ الوطنِ المستديمِ في ليلٍ نجومُهُ العلوجُ وكواكبُهُ الكُرَبُ المتهاويةُ، في وطنٍ يُطيلُ لَيلَهُ هديرٌ من دماءِ المواطنينَ الفئرانِ، الذين سامَتهُمْ محاكمُ التفتيشِ العربيّةِ الوطنيّةِ نارَ الهزائمِ والانكساراتِ النفسيّةِ الغالبةِ/ والمواطنُ الذي يصهلُ مُهرًا وقهرًا عربيًّا أصيلًا، يُفَدْفِدُ فوقَ مروجِ تاريخِهِ حالمًا بزمانٍ لمْ يُغادرْ ذاكرَتَهُ المتحصّنةَ بالنسيانِ، والوطنُ يَئِنُّ وَيَستَعبرُ من حالِ الفُرقَةِ وقيودِ الشوكِ وعرباتِ الجنودِ.                     
يصوِّرُ الشاعرُ في سياقِ قصيدتِهِ الاستهلاليّةِ في مجموعتهِ "رقاعٌ إلى صلاحِ الدينِ" صورةَ العربيّ المنفيِّ المطرودِ من وطنهِ الذي لم يبقَ منهُ إلّا نشيدٌ وعلمٌ وطاغيةْ، فيستعيدُ ضمنَ مجالاتِ ذاكرتهِ الصّدئةِ المحترقةِ ببرودِ الوطنِ، ومن خلالِ بصيرةِ شاعرٍ  يتألّمُ ورقُهُ من وجعِ الكلماتِ، وتبكي حروفُهُ من حُرقةِ البداياتِ وفَجعةِ النهاياتِ، وهوَ يخاطبُ نفسَهُ أكثرَ من مرَّةٍ واحدةٍ، وذلكَ شأنٌّ جليلٌ فيهِ، فيقولُ: "أُدعى عليَّ بنَ عُصفورْ"، ثمَّ يُردفُ: "أجلْ أُدعى عليَّ بنَ عُصفورْ"، وتراهُ يعلّلُ اسمَهُ ونعتَهُ ونسبَهُ تعليلًا يقتحمُ القضيّةَ ويُجملُ البيّنةَ أيَّما إجمالٍ، فتسمَعُ مِنهُ زقزقةً رقيقةً يقولُ فيها: "أجلْ، أُدعى عليَّ بنَ عُصفورْ، - لا، لم تَخُنّي الذّاكرةْ-، كالعصافيرِ كنتُ أجوبُ البلادَ بلادي بطولٍ وعرضْ، وأهلي أَسْمَوْني عَلِيًّا كما النفوسُ الأبيّةُ في المعالي"، فيجتمعُ في قناعِ الشاعرِ رجلٌ علويٌّ يستعلي في معالي الوطنِ والسماءِ، ولا تكتملُ عَلَوِيَّتُهُ إلّا بفاطمةَ التي نُحرَتْ مرَّتين: مرّةً بسكّينِ غدرٍ، بَعدَ أنْ قرَّبَها أهلُها قُربانًا دونَ أنْ تدمعَ لهمْ عينٌ! فتبّتْ يدُ قومٍ قتلوا فاطمةَ ولم يَرْعَوْا فيها ذمّةً ولا إلًّا.. فاطمةُ البغداديّة العربيّة الشاميّة، يستبيحها مع كلِّ عصرٍ جحفلٌ من مُغُلٍ جُدُدٍ، يظهرونَ بأسماءَ وَبِزَّاتٍ عسكريّةٍ حاقدةٍ تَحشْرجَتْ مِن سُمومِها وَكُرهِها شرايينُ دِجلةَ والفراتْ.. تُقتلُ فاطمةُ وَزُناةُ العربِ كلُّهمْ يصفّقونَ في حفلِ اغتصابِها قُربانًا للوطنِ، والحياءُ الذي اُقتُلِعَ منهم غابَ في سديمِ العبوديّةِ المعاصرةِ المُخدِّرَةِ، هُمُ السُكارى الّذينَ استباحوا نَخْبَ الخيانةِ العربيّةِ الوسيمةِ واستمرأوا العربدةَ المتأصّلةَ في غرائِزِهمِ الموقَّرَةِ الساقطةِ، همُ الدُمى الخرساءُ كأهلِ الكهفِ، كمسمارٍ قعيدٍ، أبدًا لا ينطقونْ!                                                                                                                   
يستنهضُ الشاعرُ فروسيّةً غائبةً في زحمةِ العُهرِ العربيِّ المُذَقَّنِ بِذقونِ الخديعةِ والضلاليّةِ الإِفْكِيَّةِ، طالبًا منْ فارِسِ الغضبِ القادمِ أن يُحرقَ بِجَمرةِ غضَبِهِ الحقِّ لصوصَ الغدرِ الغاصبينَ، وأنْ يدوسَ بِنعلَيهِ تيجانَهُمُ الكاذبةَ.. ينتهي الشاعرُ في قصيدتِهِ الاستهلاليّةِ في مجموعتهِ المُحبَّرَةِ رِقاعًا إلى صلاحِ الدينِ بنداءٍ بعيدِ المدى لفاطمةَ التي ما ماتتْ رغمَ زَعمِهمْ، مُذكِّرًا إيّاها ونَفسَهُ أنّهُ لمَّا يَمُتْ، أنَّ عليًّا حيٌّ يا فاطمةْ!                            
كانتْ تلكَ حَسوةُ طائرٍ في صَخَبِ مخاضِ قصيدةٍ استغرقَتْ صاحِبَها عامًا وأكثرَ، ولو أردتُ الوقوفَ عندَ ما فيها من صورٍ ودلالاتٍ وتوظيفاتٍ تراثيّةٍ مُحكمةٍ، تنضحُ جميعًا عن شاعريّةِ نظيرٍ العكّيّةِ الوسيمةِ السّمراءِ، لو أزمعتُ ذلكَ، لَطفِقتُ أُلَملمُ وقتيَ إلى وَقتِكمُ جميعًا لَعلِّي أصيبُ الذي أُرجِّيهِ وَلعلِّي لا أدركُهُ!                              
لي معَ عنونةِ قصائدهِ وِقفةٌ تختزلُ كثيرًا منَ الكلامِ والإبهامِ المُبَيِّنِ، وبعضُ الإبهامِ في مذهبي ومذهبِ شيوخِنا، وقدْ تمنبرتُ المنبرَ الحيفاويَّ السّاعةَ في حضرَةِ كوكبةٍ منهمُ.. أقولُ: بعضُ الإبهامِ أوضحُ سبيلٍ للبيانِ والتبيينِ، وهوَ ما فطِنَ إليهِ شاعرُنا النظيرُ في كثيرٍ من سياقاتِ نصوصهِ السبعةِ في مجموعتهِ "رقاعٌ إلى صلاحِ الدينِ"، إذ يقعُ عنوانُ القصيدةِ الأولى: "لفاطمةَ أغنيةٌ موقوتةٌ في مخدعِ السلطانِ" ضمن العناوين المختزلَةِ للنصّ، رغمَ أنّ العنوانَ في بِنيَتهِ الاسميّةِ الإسناديّةِ لا يكفلُ للقارئَ من خلالِ عتبةِ النصِّ الأولى إحاطةً بما وردَ في مجملِ النصِّ، لكنّهُ يفعلُ ذلكَ على وجهٍ سليمٍ لدى القارئِ الواعي الذي أحاطَ بعد قراءَتهِ النصَّ قراءةً سياسيّةً وتاريخيّةً مشفوعةً بمنظومةٍ منَ التِقَنيّاتِ التفكيكيّةِ لعناصرِ النصِّ، ولا سيّما الموتيڤاتُ التراثيّةُ المحوريّةُ في سياقِهِ، إذ يُحيلُ العنوانُ المختارُ للقصيدةِ الأمِّ القارئَ إلى فهمٍ لدورِ فاطمةَ المحوريَّ في النصِّ، وهو ما قد يغفلُ عنهُ فيما لو التفتَ إلى موتيڤاتٍ أخرى مجاورةٍ لموتيڤِ فاطمةَ في القصيدةِ. هذا التعالقُ النصّيّ المكينُ ينسحبُ في رأينا على عناوينِ القصائدِ المتمِّمةِ لنصوصِ المجموعةِ الشعريّةِ، وَلكمْ معشرَ السيّداتِ والسادةِ أن تُخضِعوا ذلكَ لقراءاتكمُ التي أثقُ بها أكثرَ من ثقتي بِقراءَتي في الأمورِ، فانظروا إلى أيْنُ تؤولُ بكمُ قراءاتكمْ وتمحيصكمْ.                                                                                            
عرَضَ شاعرنا النظيرُ من خلالِ توظيفاتٍ تراثيّةٍ موزّعةٍ وموظَّفةٍ في نصوصهِ كثيرًا منَ الصورِ الشعريّةِ والدلالاتِ المنسولةِ من حدودِ الواقعِ، فأدّى ذلكَ بحرفيَّةٍ مقنعةٍ تعكسُ انتماءَهُ وتقديسَهُ لتراثِه العربيِّ المجيدِ، ويكادُ القارئُ يلحظُ ذلكَ عنْ وعيٍ منهُ من خلالِ الألفاظِ والمستوى اللّغويِّ والضبطِ الاصطلاحيِّ لكثيرٍ من المصطلحاتِ التاريخيّةِ المرهونةِ بالتراثِ العربيِّ وحضارةِ المسلمينَ في العصورِ الوسيطةِ، ويشهدُ على إشباعِ قصائدِ المجموعةِ بالتراثِ العربيِّ والإسلاميِّ ما يردُ فيها من مجالاتٍ للتعالقِ النصِّيِّ أوِ التناصِّ الأدبيِّ الذي يُحيلُ القارئَ لدى تسكِّعهِ بينها، يُحيلُهُ إلى وقائعَ وشخصيّاتٍ ومحطّاتٍ تاريخيّةٍ تدخلُ في صميمِ التاريخِ والتراثِ..                                                                                                                  
نأتي الآن إلى قصيدةٍ حيّرتني وَشيّبت وجداني حتّى خالَطني منها ما يُخالطُ العليلَ من داءٍ ودواءٍ، تلكَ كانتْ قصيدتُكَ التي اخترتَ لها عنوانَ المجموعةِ برمَّتها: "رقاعٌ إلى صلاحِ الدين"، وهي قصيدةٌ تثيرُ جدلًا سأضربُ صَفحًا عنهُ، إزاءَ شخصيّةِ صلاحِ الدينِ، الذي باتَ أسطورةً وحُلُمًا يستمدُّ طوباويَّتهُ وعِرفانَهُ من التأريخِ وسراديبهِ المتضاربةِ، هوَ رجلٌ وقائدٌ وعابدٌ وماجدٌ حاكَ التاريخُ والنقدُ التاريخيُّ لهُ هيئَةً قشيبةً ساميةً وأخرى أصغرَ وَأهونَ، والناسُ فيهِ بينَ رجلينِ كما هوَ حالُ أعظمِ العظماءِ دَومًا!                                     
قصيدةُ "رقاعٌ إلى صلاحِ الدينِ" تتألّفُ من مقاطعَ ثلاثةٍ غيرَ تزامنيّةٍ، إذ كُتبَ مقطعها الأوّل والأقصرُ في مطلعِ عامِ 2011 بعنوان: "عهد"، وهي لوحةٌ شعريّةٌ تتعهّدُ الصمودَ أمام الجلّادِ، يتعهّد فيها الشاعرُ بالوقوفِ أمامَ المكارهِ وهوَ قائمٌ لا يجثو لأحدٍ ولا يركع! أمّا المقطع الثاني في القصيدةِ ذاتِها، فقد أُلِّفَ عام 2000 وهو بعنوان: "حرائق الذاكرة"، وفيه نشهدُ نداءً شعريًّا ينتهي بالشاعرِ إلى دعوةِ صلاحِ الدينِ إلى حطّينَ جديدةٍ، وهوَ يركبُ لهيبَ ذاكرتهِ الجماعيّةِ، يَرقبُ البحرَ مُخاطبًا إيّاهُ وهوَ يصفُ حالَهُما، فيُبصرُ ذاتَهُ في حالِ البحرِ الحزينةِ بعدَ أن هجرَتهُ نوارسُ الحياةِ، فرحَلَتْ معها حقيقةُ البحرِ منَ البحرِ، وَخلَّفتِ البحرَ دونَ بحرٍ، شأنهُ شأنُ الإنسانِ، الذي رحلَ من ذاتهِ، ومن إنسانيّتهِ، فَخلَّفَ الإنسانَ دونَ إنسانٍ!                                 
تكتملُ القصيدةُ معَ المقطعِ الثالثِ فيها، وهو بعنوانِ "من هنا مرّوا"، وقد كُتبَ هذا المقطعُ عام 2017، ورهَنَ الشاعرُ في تراخيهِ الزمنيِّ دورةَ التاريخِ الذي يُعيدُ نفسَهُ أحيانًا، والشرقُ يا سادتي، حافلٌ بعودتهِ وَرجعتهِ المكروهةِ، بَيدَ أنَّ عودتهُ تلكَ لا تخرجُ عن كونها قدَرًا مُقدَّرا وقضاءً مُبرَمًا أبرمتهُ السماءُ لحكمةٍ طُوِيَتْ عنْ أهلِ الأرضِ، إذ مرَّ التتارُ من البلادِ، وعاثوا فيها خرابًا وفسادًا في كلِّ مرّةٍ اجتاحوها فيها، ثمَّ تراهم يغيبونَ ويعودونَ من جديدٍ، بأسماءٍ أخرى وأعوانٍ آخرينَ، وصلاحُ الدينِ المُنتظرُ مُنتظَرٌ! الانتظارُ والقعودُ سيّداتي وسادتي، عقيدةٌ وطريقةٌ تشكّلُ في ذاتها معركةَ الشرقِ الحقيقيّةِ، التي يخوضها قَومُها وهمْ يُسلمونَ قِيادَهم للسماءِ! وقدْ رأيتكَ في قصيدتكَ هذهِ وغيرِها، متمرِّدًا ثائِرًا وصوتُكَ المكتوبُ في رُقاعٍ إلى صلاحِ الدينِ، يقولُ مدَويًّا: كفانا كفانا! فصلاح الدينِ فينا نحنُ، والنصرُ والهزيمةُ من عندِ أنفسنا نحنُ! والأمرُ للهِ من قبلُ ومن بعدُ! بذلك يُنهي الشاعرُ قصيدتَهُ المُحيّرةَ التي وَقفتُ وَاسْتوقَفتُكم عندها، إذ تراهُ يَختمها بِإشارةٍ تناصّيّةٍ يُقلِّدُها وسامَ التسليمِ لأمرِ من لا يُردُّ لهُ الأمرُ، للهِ الواحدِ القادرِ دونَ خلقهِ على أنْ يُغيّرَ ما يصعبُ تغييرهُ في حالٍ دامتْ طويلًا، هكذا يُغلقُ الشاعرُ بابَ القصيدةِ إذ يقولُ: "دارَ الزمانُ دَورَتهُ، أيْ بُنَيّْ، فَلِسيِّدِ الأزمانِ كُلِّها الأمرُ من قبلُ ومن بعدُ"، تناصٌّ مع آيةٍ قرآنيّةٍ وردت في سورةِ الروم في قولهِ تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم: "ألم، غُلبتِ الرومْ، في أدنى الأرضِ وهمْ مِنْ بَعدِ غَلَبِهمْ سَيغلِبونْ، في بضعِ سِنين، للهِ الأمرُ مِنْ قبلُ ومنْ بعدُ، ويومئذٍ يفرحُ المؤمنون" صدق الله العظيم، وقد وظّفَ شاعرُنا النصَّ القرآنيَّ والنصَّ التراثيَّ بأسلوبٍ مُقنعٍ وجادٍّ يخدمُ المعنى والإيحاءَ في كثيرٍ منم سياقاتِ قصائدهِ في مجموعتهِ رقاعٌ إلى صلاحِ الدينِ...                                                                                        ينصرفُ شاعرنا للتناصِّ في شواهدَ شعريّةٍ عديدةٍ في مجموعتهِ، ولعلَّ من أبرزِ حقولِ التناصّ الشعريِّ عندهُ الحقلُ التراثيُّ الدينيُّ، وذلكَ جليٌّ في التناصِّ الدينيِّ الكتابيِّ، ومثالُهُ قولُهُ في قصيدتِهِ: "مراثٍ على عتباتِ القادسيّةِ": "واستعبدَتْنَا أمَّةٌ تزني وترمي بالحجرْ!!"، وتناصّهُ القرآنيُّ الجدليُّ في قصيدتهِ: "صلاحُ الدين: المراثي والأهازيج"، إذ يقول: "أَسْرِجي الخيلَ، أمُّ الشهيدِ، أعدِّي مِنْ رباطِ الخيلِ، كَفكفي عن عينيكِ دمعةً، دَعي البكا، زَغردي.. فما قتلوهُ وما صلبوهْ"، وتناصُّهُ الحديثيُّ المنسولِ من تراثِ أدبِ الحديثِ النبويِّ المتواترِ الصحيحِ، وذلكَ في قصيدتهِ "لفاطمةَ أغنيةٌ موقوتةٌ في مخدع السلطان"، إذ يقول: "كغثاءِ السيلِ صِرنا بعدَ عزٍّ واقتدارٍ، نعامًا ندسُّ الرأسَ في الرملِ جُبنًا في وضحِ النهارْ!!"، ولشواهدِ التناصِّ بنوعيه: الدينيِّ والسياسيّ شواهدُ أخرى من اليسير على القارئِ التعرّضُ إليها..                                           
استوقفَتني قطعةٌ رَدَّت إليَّ سعادتي التي بدَّدَتْها قصائدُكَ المثخنةُ جِراحًا ونواحًا وَتَهافتًا أخي النظير، تلكَ القطعةُ المقتبسةُ مِن قصيدَتكَ الفاتنةِ "ترانيمُ رماديّةٌ في الولَهِ الوحشيِّ الأوّلِ"،  إذ تقولُ فيها مخاطبًا الراعيةَ: "وأنا أُحبُّكِ، يا ابنةَ الغاباتِ، كما الحبُّ في البدءِ كانْ، بشوقِ الأرضِ لِترياقِ المطرْ، الحبُّ قاموسُ اللغاتِ، حيٌّ لا يموتْ، الحبُّ بدءُ اللغاتْ، هوَ رُخُّ البعثِ يصحو من رمادْ، هوَ بعثُ البعثِ، وهوَ حيٌّ لا يموتْ، الحبُّ يبقى لا يموتْ، الحبُّ يبقى.. لا يموتْ"..                                                                               
ختامًا، أشكرُ لكَ أخي النظيرَ، أن جمعتَ شملَ تلكَ القصائدِ في مجموعتكَ رقاعٌ إلى صلاحِ الدينِ، وقدْ كانت قبلها ضمنَ أوراقكَ المتراكمةِ التي لم تجدْ لها سبيلًا لغيركَ، فاصنعْ خيرًا بِأنْ تنشرَ مخطوطاتِكَ المكنوزةِ في خُطاطاتِ تراثكَ العكّيِّ والإنسانيِّ الخليقِ بالقراءَةِ والكشفِ والتجرُّدِ منْ وعثاءِ الانتظارِ.. شكرًا لكم..

نظرات.. كاظم ابراهيم مواسي

 كتب شاكر فريد حسن ـ 
" نظرات " هو العنوان الذي اختاره الصديق الشاعر والكاتب كاظم ابراهيم مواسي لكتابه الصادر في العام الماضي ٢٠١٦، عن دار الهدى كريم للنشر ، في كفر قرع ، وجاء في ١٢٦صفحة من الحجم المتوسط ، وهو مجموعة من مقالات معاصرة في في المجتمع والأدب والسياسة ، كان نشرها في السنوات الأخيرة في الصحف المحلية والمواقع الالكترونية وعلى صفحات التواصل الاجتماعي .
كاظم ايراهيم مواسي من مواليد باقة الغربية العام ١٩٦٠ ، وهو شاعر وكاتب ينتمي الى جيل حقبة الثمانينات من القرن الماضي ، صدر له اكثر من عشرة كتب جلها في الشعر،  والباقي خواطر ومقالات ،  وكتاب بحث عن بلدته باقة الغربية .
وكتاب " نظرات " الذي بين يدي ، يتناول ويعالج العديد من قضايا الساعة ، والقضايا السياسية ، والمسائل الثقافية والأدبية ، والمعضلات والظواهر الاجتماعية السائدة في مجتمعنا العربي . 
فيكتب عن مدينته الفاضلة باقة الغربية ، والانتقادات النكدية الموجهة لعمل بلدية باقة في فترة رئاسة مرسي أبو مخ ، وعن الضلال العربي ، وتوجيه الاعلام في الدولة ، وعن امريكا التي تربكنا ، ويتعرض للصراع الفكري في المجتمع العربي ، وللجمعيات والمجالس البلدية ، وحرمة المجلس البلدي ، وماذا ينتظر رئيس البلدية في تحمل المسؤولية والنكد ، ويرى ان رئاسة البلدية ليست وظيفة سهلة ، ولا تجلب الشرف والجاه لمن لم يملكهما من قبل ، وانه يجب على الرئيس الناجح أن تكون له سلطة قوية يستمدها من الناس وليس ممن هم فوقه ، ويتساءل عن من نوصل الى المجلس البلدي ، وما هي القيادة ، ولماذا التهافت عليها ؟؟!.
ويتحدث ايضاً عن المبادرات الثقافية والاجتماعية والسياسية من اجل الاصلاح الثقافي والاجتماعي ، التي سرعان ما تلقى العراقيل والفقر في الموارد والدعم الشعبي .
ويطرق كاظم مواسي أبواباً كثيرة ، فيدخل  الى عالم السياسة ويرى  ان قضية فلسطين هي اقتصادية في الدرجة الاولى ، ولا ينسى ان يتطرق الى قيمة يوم الارض الخالد في سفر الكفاح لجماهيرنا العربية الفلسطينية ، الذي كتبت تاريخه بدماء الشهداء الابرار ، والى أوجه التمييز في المجتمع الاسرائيلي ، ومشروع ليبرمان التبادلي الترانسفيري .
ويلقي كاظم ابراهيم مواسي في كتابه نظرات واضاءات على المسائل الثقافية التي تؤرقه ، ويتناول  قضية الأدب والمتلقي ، موضحاً ان الكتابة الأدبية تنتج عن تفسية وثقافة وظروف متباينة ، كذلك الامر فان للمتلقين ثقافتهم وظروفهم ونفسياتهم المتباينة ، وان من يستطع الحكم على الأدب هو المثقف الموضوعي الذي يرى في النص مادة لها تحليلاتها وتفاعلاتها ومكوناتها .
وهو يتساءل من هم الشعراء ؟ ومن يحتاج النقد ؟! مؤكداً على ان اليوم وفي بلادنا العربية لا سائل ولا مسؤول عن الشعراء وأشباه الشعراء وما يكتبون ، يختلط القمح بالزوان ، وقلما نجد القارىء الفطن الذي يميز بين الصالح والطالح ، وتجد ان كل من خط خاطرة او كتب تعبيراً يعتبر نفسه شاعراً كبيراً ، ناسياً ان على الشاعر ان يكون متمكناً من قواعد اللغة ، وغارفاً لتاريخ الانسانياً ، وحالماً بالتغيير والاصلاح ، ومعالجاً للمعضلات التي تواجه مجتمعه .
كما يتعرض كاظم للبرادوكس الأدبي في المشهد الثقافي المحلي ، مشيراً الى ان نقادنا باغلبيتهم  السنتهم في افواههم يمدحون ويذمون وفق مصالحهم ، وعلاقاتهم الشخصية ، فيضيئون النص حين يريدون ويسدلون عليه عتمتهم متى شاءوا، وهذا طبعاً بالنطق وليس بالكتابة .
ويطرح رأيه وموقفه ووجهة نظره من السيرة الذاتية ، وقضية الابداع والحياة ، والنقد المحلي ، والمسرح الادبي ، والخلط بين الخاطرة والقصيدة ، والتعميم والذوق الخاص في الأدب ، ويتساءل هل تكتمل لغتنا العربية ؟ وما قيمة الأدب ؟!!
وفي نهاية الكتاب يقدم كاظم مولسي اضاءات فكر على قضايا اخرى متنوعة من واقع وصلب حياتنا الاجتماعية والسياسية والثقافية .
كاظم ابراهيم مواسي يمارس ضروب الكتابة باتقان ، وينزع الاعجاب بآرائه وافكاره الواضحة الصريحة ، يؤمن بحرية الرأي والمعتقد ، ويحلم بالاصلاح المجتمعي ، ويرى بان الانسان المناسب يجب ان يكون في المكان المناسب .
وكتابه " نطرات  " يشكل ومضات فكر وعقل منفتح ، يفكر بهدوء ويطرح الأمور بعقلانية وموضوعية وبكل روية ، وهو كتاب يستحق القراءة ،  ففيه رؤى وافكار جميلة وطروحات عميقة ، مكتوبة بلغة شفافة ورشيقة ممتعة .
اشد على يدي صديقي المعتق كالقهوة العدنية كاظم ابراهيم مواسي ، وتمنياتي له بالعمر المديد ، والمزيد من العطاء لما فيه خير مجتمعنا ومشهدنا الثقافي ، مع خالص التحيات القلبية المعطرة والعابقة بالمحبة .