صباحكم أجمل: بوح ياسمينات نابلس



بقلم وعدسة: زياد جيوسي ـ
البوح 4
هي نابلس المدينة الساحرة الغامضة التي لا تبوح بأسراراها إلا لمن تشعر أنه منها وروحه تعلقت بها، نابلس التي حفظت التاريخ والتراث وقاومت الغزاة عبر التاريخ، تتسلق جدرانها الياسمينات الدمشقية وتبوح بعبقها للسكان والزوار، حتى أن أحد الأحياء فيها حمل اسم الياسمينة، وكنا نجول في هذا الحي أنا ومضيفتي د. لينا شخشير من زقاق إلى زقاق ومن محلة إلى محلة، من مبنى تراثي لمبنى آخر ومن سوق إلى سوق فلم أمتلك اإلا أن أهمس بأشعار للشاعر أيمن اللبدي يقول في بعض منها: (والرواية ُ مستمرَّة/ بينَ نابلُسَ الهوية ِ والورودِ ألفُ قصَّة/بينَ حاراتِ الزمان ِ والأغانيَ ألفُ رقصة/ والشبابيكُ التي حفظتْ درسها لم تزل عاشقة/والقصيدةُ بينَ رمشيها مكاحل). 
وصلنا الى مركز إحياء التراث "صبانة عرفات"، هذه المصبنة التي اشتهرت من حوالي 400 عام بأنواع فاخرة من الصابون النابلسي، حيث استقبلنا الأخ المهندس نصير عرفات بابتسامته المعهودة بكل ترحاب وحدثنا عن فكرة إحياء صبانة عرفات ، هذا الحلم الذي كان يحلم به، حين قامت كل من سبأ عرفات عضو مجلس أمناء جامعة بير زيت وشقيقتها عفاف عرفات الفنانة التشكيلية والتي عملت خبيرة للفنون التشكيلية والتطبيقية في اليونسكو، بإنشاء مؤسسة الشيخ عمرو عرفات الخيرية تخليدا لذكرى والدهما بعد وفاة شقيقهما الذي كان يشرف على الصبانة فتوقفت بوفاته رحمه الله عن الإنتاج، والمؤسسة تهدف إلى تنفيذ مشاريع لإحياء البلد القديمة في نابلس ثقافية وعمرانية واجتماعية، ومنها إعادة إعمار صبانة عرفات وتحويلها إلى متحف في هذا المبنى الذي زرناه وتجولنا فيه، فما أن دخلنا ساحة الدار والصبانة حتى كان عبق التراث والتاريخ يهمس لنا عن مراحل مرت بها الدار، وعن أجيال تعاقبت فيها وعن حكاية الصابون النابلسي الذي كان يصدّر لأنحاء العالم، لكن بكل أسف لم يتبق من هذه المصابن التي وصلت إلى 32 مصبنة قبل نهاية النصف الأول من القرن الماضي إلا القليل، وأصبحت صناعة يخشى عليها من الانقراض.
   ما إن دخلنا هذا المبنى العريق وهو واحد من حوالي 3000 مبنى تراثي في نابلس، حتى وقفت بصمت وأنا أتأمل المبنى من المدخل حتى الساحة حيث صفت الأبواب والنوافذ الخشبية التراثية للمبنى لإعادة الاستخدام بعد الترميم أو المحافظة عليها ضمن المعروضات، ولفت نظري في الساحة أيضا بعض الأبواب التي جرى تلوينها فأصبحت لوحات فنية جميلة مازجت الفن بالتراث، إضافة إلى الحجر السلطاني الصلب وقسم من هذه الحجارة والأبواب جرى جمعها من البيوت التي تهدمت بفعل الاحتلال وجرافاته خلال اقتحام البلدة القديمة وحاراتها لمطاردة المناضلين في سبيل الحرية، والمبنى قائم على نظام العقود المتصالبة التي اشتهرت بها فلسطين في معظم الأماكن، حيث الأبواب والنوافذ القوسية من الأعلى وهذه الطريقة تجعلها تحتمل الأثقال الكبيرة. وما إن بدأنا الجولة مع أحد الإخوة من المؤسسة حتى بدأت أشاهد مقتنيات قديمة متناثرة منهاجهاز عزف بيانو وآلة خياطة وأجهزة مذياع وحقيبة جلدية قديمة ذكرتني بالمرحومة والدتي التي كانت تمتلك مثل تلك الحقيبة وآلة الخياطة والمذياع القديم الذي يعمل على الكهرباء، والذي نادرا ما كنا نستمع له في طفولتنا لانعدام الكهرباء في معظم البيوت التي سكناها بين الأردن وفلسطين حتى عام 1965، إضافة لمقتنيات تراثية مثل الفخاريات والألبسة التراثية وجواريش الحبوب وغيرها، والأهم أدوات صناعة الصابون النابلسي التراثي قبل عهد المكننة.
   في تجوالنا في قاعات المبنى الجميلة التاريخية ذات الطاقات والفتحات التي كانت تستخدم لاحتياجات كثيرة لمن يسكنون البيت وخاصة حفظ الأغراض والمواد التموينية وطاقات أخرى كانت تستخدم لوضع أدوات الإضاءة كالسراج ولمبات الجاز، ونحن نصعد الأدراج الحجرية التراثية شاهدت العديد من الصور القديمة واللوحات وبعض الخزائن التراثية الخشبية، وقاعة مخصصة كمكتبة فيها قسم للأطفال، وفي القاعة السفلى لفت نظري وجود عدد من دراجات الأطفال الهوائية فسألت عنها، فأعلمني الأخ الذي رافقنا أن كل طفل يقرأ كتاب ويناقشه يكافأ بجولة في الساحة على دراجة هوائية لمدة زمنية، وهذا أدى لجلب الأطفال وتشجيعهم على القراءة وأيضا تقديم هدايا رمزية للأطفال ذكورا وإناثا.
   كانت جولة رائعة في المبنى وبتقديري أن المشروع حين اكتماله سيكون متحفا متميزا ونقطة جذب للزوار في البلدة القديمة في نابلس، كما شاهدنا زوارا حضروا قبل مغادرتنا وبدأوا بالتجوال والتقاط الصور، فهذا المتحف سيحتوي على معرض للفنون وقاعة للمحاضرات وإنتاج حرف يدوية ومتحف يروي حكايات الصابون النابلسي وسيكون متصلا بمركز قريب من الجامعة أيضا على قطعة أرض تبرعت بها الأخوات عفاف وسبأ عرفات بانتماء رائع لنابلس والتراث والتاريخ والوطن.
   ومن هناك كنت ومرافقتي د. لينا الشخشير نتجه إلى مصبنة النابلسي "البدر" والتي ما زالت قائمة ومنتجة مع تطوير للصابون المنتج كي يتمكن من المنافسة، حيث سنلتقي هناك مع الشاعر الشاب مفلح أسعد وهو زميل د.لينا في منتدى المنارة للثقافة والإبداع والذي سيرافقنا لاستكمال هذه الجولة وجولات قادمة داخل المدينة وخارجها، وهذه المصبنة كنت قد زرتها قبل هذه الجولة مع العزيز الشاب عياد شحرور صديق ابني المهندس مصطفى وأول من رافقني في جولة في نابلس حيث التقينا المرحوم معاذ النابلسي، وما أن وصلنا بوابة المصبنة حتى كان اللقاء بالشاعر مفلح والذي التقيه أول مرة شخصيا وإن كنت قد قرأت له الكثير.
   بمجرد دخولنا استقبلنا المهندس أمجد معاذ النابلسي بكل ترحاب، وحين عرفته عليَّ د. لينا والشاعر مفلح رحب بنا من جديد واستأذن منا قليلا لإكمال حديث مع زوار سبقونا للمصبنة، فاستغللت الوقت بتأمل المبنى والتقاط الصور وفي ذهني تساؤلات عدة عن هذه المباني التي تمكنت أن تقاوم الزلازل والقرون وتبقى صامدة، وعن هذه المهنة صناعة الصابون التي امتدت منذ قرون في نابلس ولكنها الآن تعاني وتكاد أن تنقرض، حيث لم يبق سوى 3 صبانات ما زالت تقاوم وتصر على الصمود وصبانة النابلسي إحداها، وما هو إلا وقت قصير حتى كان المهندس أمجد الذي أكمل دراسته في أوروبا وعاد ليواصل مسيرة العائلة في المصبنة عبر التاريخ يحدثنا عن هذه الصبانة والتي تعود إلى حوالي 850 عاما، وهي من أقدم مصابن نابلس والتي توارثتها العائلة أبا عن جد، وحدثنا عن كيفية صناعة الصابون عبر الزمن الماضي بالطربقة التراثية اليدوية قبل أن تدخل إليها المكننة والآلات، حيث كان هذا المبنى والذي ما زال محافظا على هذه الأدوات مكونا من طوابق ثلاثة وفي الطابق الأول الذي ما زال يحافظ على ذاكرة التاريخ شاهدنا الجرن الكبير الذي كانت تشعل النار تحته في غرفة سفلية تعرف باسم بيت النار حيث يتم طبخ الزيت مع نبتة (القلي) حتى يصبح صابونا لزجا فيتم فرشه في الطابق الثاني حتى يجمد ويتم تقطيعه وتغليفه.
   ومن أجل الاستمرار بهذه الصناعة التاريخية أعلمنا المهندس أمجد أنه جرى من أجل الصمود والمنافسة إحداث تغييرات على هذه الصناعة فهناك الآن صابون زيت الزيتون التراثي وصابون آخر من حليب الماعز إضافة لصابون سائل معطر باللافندر، كما أن شكل الصابون قد تغير عن الشكل المربع إلى المستطيل وتغيرت طرق التغليف.
   كما جرى حوار بيني وبينه عن المبنى وهو أيضا مقام على طريقة العقود المتصالبة، وأعلمني أن حديد الحماية للنوافذ أحضره المرحوم والده من حلب وهو من صناعة حدادين أرمن حيث أنه لا يحتوي على وسائل اللحام المعتادة ولا على البراغي، وإنما على التسخين والطرق بطرق يدوية متميزة لم تعد موجودة الآن، ولفت نظري احتفاظه بأحد الزوايا على مجموعة من الحجر السلطاني وأفادني أنه جمعها حين قامت جرافات الاحتلال بهدم العديد من المباني بالمنطقة في اجتياح 2002م، كي لا تضيع فهذه الحجارة الصلبة تعتبر نادرة الآن، إضافة لكم من الأدوات التراثية التي كانت تستخدم في صناعة الصابون وقطع تراثية أخرى مثل الفخاريات والنحاسيات.
   ودعنا المهندس أمجد بمثل ما استقبلنا من ترحاب مقدما لنا هدية هي عبارة عن عينات من نتاج المصبنة، فشكرناه على حسن الاستقبال وغادرنا فقد كان الوقت يلاحقنا ولا بد من إنجاز الجولة قبل المساء، فقد كان ضمن البرنامج زيارة المسجد الصلاحي الكبير ومسجد الحنبلي لنختم هذه الجولة بالاستراحة في مبنى الخان قبل أن نرتب موعد الجولة التالية.
   ومع نسمات عمَّان الناعمة في هذا الصباح الرمضاني الجميل أجلس في مكتبي الصغير على شرفتي العمانية محاطا بمئات الكتب واللوحات الفنية الأصلية، وتذكارات من مدن وبلدات ودول زرتها عبر مسيرتي بتوثيق بوح الأمكنة بالقلم والعدسة، فأستعيد ذاكرة زيارتي لنابلس مع شدو فيروز: "ردني الى بلادي مع نسائم الغوادي، مع شعاعة تغاوت عند شاطئ ووادي"، وأهمس صباح الخير يا نابلس، صباح الخير يا وطني، صباحكم أجمل قراء وأحبة وأصدقاء حتى نلتقي في البوح الخامس من بوح الأمكنة النابلسية.

جمعية محترف راشيا تُطلق الأعمال الفنية الحرفية للفنان الحِرَفي مرسال البتديني

 من ضمن أهداف "جمعية محترف الفن التشكيلي للثقافة والفنون" في تنمية وتطوير الأعمال الثقافية والفنية والحرفية في لبنان أطلق رئيس الجمعية شوقي دلال الأعمال الحرفية للفنان مرسال البتديني في مقر الجمعية راشيا الوادي.

         دلال أشاد بعمل الفنان مرسال البتديني والذي يتميز به عن سائر الحرفيين خاصة ما رأيناه اليوم في صناعة مسبحة بغاية الدقة والجمال بحيث تم إدخال 80 قطعة نحاسية لكل حبة مطعمة بألوان تعالج يدوياً تم تطويرها من قبل الفنان لتشكل العلم اللبناني ويكون مجموع القطع النحاسية المستعملة في المسبحة ما يوازي 2900 قطعة وبعمل متواصل طيلة 60 يوم للمسبحة الواحدة، كما أن الفنان بتديني يُنَفذ عدد متنوع من القطع الفنية المختلفة بهذه الطريقة مما ميزه أن يكون فنان حِرَفي يستحق التقدير وبالطبع نحن في "جمعية محترف راشيا" نقف الى جانبه لنشر هذا الفن الجميل متمنياً إحتضانه من وزارتي الثقافة اللبنانية والشؤون الإجتماعية لإقامة دورات تعليمية عن هذا الفن وعدم ضياعه وتسويق نتاجه في بيت المحّتَرِف اللبناني، كما نتمنى على الجمعيات التي تقيم المعارض في المهرجانات والصالات عرض نِتاج الفنان بتديني لأنه يستحق من خلال فنه الجميل كل الدعم.

في الصورة: شوقي دلال يتسلم من الفنان مرسال البتديني أحد أعماله الحرفية في مقر الجمعية

قراءة في رواية: فيتا.."أنا عدوة أنا" للكاتبة ميسون الأسدي


كتب زياد جيوسي ـ
      من قراءة الإهداء في الرواية مرورا بقراءة التقديم للقاصة والروائية ميسون الأسدي نعرف أننا سنحلق في فضاء آخر من الأدب، فميسون الأسدي والتي تابعت لها معظم ما كتبت من قصص ومن روايات ومن قصص أطفال، وكتبت أكثر من مرة عن إبداعها من قبل أن التقيها شخصيا وهي زوجة صديقي الحميم المسرحي أسامة المصري، اعتدت على مفاجأتها واختلفنا كثيرا والتقينا أحيانا في وجهات النظر، لكن بقيت ميسون دوما من قبل أن التقيها تحترم وجهة نظر الآخر، وفي هذه الرواية تبدأ الإهداء لأرواح الأدباء الروس، وتعتبر ما كتبته لوحة رسمتها من بيئتهم، وتقول في تقديمها: " أشعر بوضوح أنني أنتمي لهذا الكون وليس إلى مكان محدد ومع انطلاق أول رواية طويلة لي، أخذت- دون قصد- بالكتابة عن عالم بعيد عني كل البعد، والأمر ذاته حصل معي في الرواية الثانية، فطفت مع أبطالي في أنحاء العالم.. لا أكشف سرّا إذا قلت أنّني من المولعين بالأدب الروسي الكلاسيكي. فكلما انتهيت من مطالعة أيّ رواية روسية، تهتزّ روحي وأتخيل نفسي بأنّني أقوم بكتابة رواية أبطالها روس، مع ذات الأسماء التي قرأتها لدى ديستويفسكي وﭼوﭼل وتشيخوف وتولستوي وتورﭼنييف وايتماتوف وحمزاتوف وغيرهم"..
   مباشرة بعد التقديم تقوم ميسون الأسدي برواية حكاية تاريخية تشكل الإطلالة لفكرة روايتها وهي حكاية الامبراطورة الروسية الياصبات التي ورثت العرش للأمير بطرس المعتوه والسكير، والذي خلعته عن العرش زوجته صوفيا الألمانية الأصول والتي غيرت اسمها إلى كاترين كما غيرت مذهبها البروتستانتي إلى الأرثوذكسية، وقتله عشيقها وأصبحت هي الامبراطورة، وهي التي بنت مدينة "فورت خيرسون" ومن هذه المدينة تنطلق ميسون لروايتها وتبدأ بفصلها الأول "المستشفى" من مدينتها حيفا.
   في تلك المدينة سكن أهل فيتا وهم يهود روس ولكن والد فيتا لم يكن يهوديا متزمتا بل سكيرا وأقرب للروس في سلوكياته، وأمها كانت مسيحية أرثوذكسية، وفيها ولدت الفنانة فيتا وهي الشخصية التي بحثت عنها ميسون في خيالها وفي تلك المدينة لتجدها في فيتا صديقتها التي تعيش معها في حيفا، وفيتا عانت في طفولتها الكثير، فالفقر دفع أمها بعد عمليات إجهاض متعددة لمحاولة إجهاضها وهي حامل فيها لولا منعها من قبل الأطباء خوفا على حياة الأم، وفيتا اكتشفت ذلك صدفة وعرفت انها أتت فرضا على العائلة، ولذا سعت لتكون متميزة "وحاربت طوال الوقت، لكي تثبت أنها طفلة متكاملة في أعمالها وتصرّفاتها، وليعلم الجميع بأنّ ولادتها لم تكن خسارة للعائلة"، في ظل الفقر والبيئة المحيطة " فالجيران الذين يسكنون في نفس المبنى القديم وحول الساحة المشتركة، يتنافسون بالفقر، والفاقة، والتباغض، والقسوة والتبجّح"، وكانت تعيش التناقض تجاه والدها السكير، ومشاعرها تجاه أسرتها بشكل عام وتجاه أختها المنفلتة بسلوكها بشكل خاص.
   فيتا فنانة موهوبة منذ الطفولة والتحقت بمدرسة الرسم من الأول ابتدائي "وأصبح الرسم بالنسبة لها ملجأ للهروب من هذه الحياة" وفي مشفى حيفا جلست ترسم العجوز اليهودية سارة كوهين المهتمة بالفنون والتي تمتلك كنزا من اللوحات الفنية، وأهدت المشفى نسخا مصورة عن لوحات لكبار الفنانين علقت في ممر المشفى، والتي تريد أن تخلد نفسها بلوحة وهي تستعد للموت، وفيتا فنانة فقيرة وبحاجة للمال فتقبلت هذا الوضع بالإقامة مع عجوز بالمشفى حتى تنهي اللوحة، وكانت كل المشاهد التي تراها تدفعها إما للذاكرة أو التأمل.
   والغريب أن دراستها كانت مكلفة كما تحدثت الرواية علما أنه في المرحلة الشيوعية كان التعليم مجانيا، وكانت الكليات تقدم منحا ومحفزات مالية للمتفوقين، وفي نفس الوقت كان السوفيت حريصين جدا على موضوع الأمن للمواطن، فكيف كان بالإمكان الهجوم على منزل عائلة فيتا من بعض الجيران بطريقة وحشية والاستيلاء على مخزن يخصهم، وكيف كان هناك تفاوت طبقي في نفس الوقت الذي لا يسمح به بالعمل الخاص بالأجرة، فالدولة كانت تسيطر على كل شيء له علاقة بالاقتصاد.
   الغريب في الرواية هو الحديث المستمر عن الفقر الشديد لدى غالبية المواطنين السوفيت في هذه المدينة وهذا يعني تلقائيا أن الفقر وسوء الظروف الاجتماعية كان منتشرا في الاتحاد السوفيتي، وهذا يخالف أفكار الشيوعيين العرب عما كانوا يتحدثون به عن السوفيت، وبالتالي نجد أن فيتا الفنانة وحسب الرواية تمكنت الوكالة اليهودية من الوصول إليها ولعدد كبير من أصحاب الديانة اليهودية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وإقناعها بالهجرة إلى جنة عدن وأرض اللبن والعسل أو كما تعتبرها الوكالة "اسرائيل"، والتي اكتشفت أنها غير ما فهمته وأنها أيضا تتعرض للاستغلال فيها والغش والخداع حتى أنها فكرت بالانتحار، وأنهم يدفعونها لكراهية الآخر "العربي" وهي بحكم تربيتها السوفيتية "بفضل النظام السوفييتي لم يكن هناك قوميات وعنصرية وتفرقة، فجيرانها الأرمن كانوا بالنسبة لها أناسا عاديين، وكان الجميع روسا بنظرها ونظر الآخرين، لا فرق بين هذا وذاك. بدأت فيتا ترى التطرف داخل الوكالة، فالمعظم لم يكن لهم نظرة احترام وتقبل الآخر المختلف وهو العرب أهل البلاد، وهي لم تر العرب كأعداء لها، رغم أنها لم تكن تعرفهم عن قرب، ولم تتح لها الفرصة بعد بالتعرّف عليهم".
   فيتا تزوجت من عربي مسلم وعقدت قرانها عند القاضي المسلم، وسجلت ابنتها كمسلمة كي تحمي أولادها من الخدمة بالجيش الاسرائيلي، وأشهرت إسلامها على المستندات الرسمية أمام مأذون الزواج داخل أروقة المحكمة الشرعيّة، لكن شعور عدم الانتماء ما زال موجودا في صميمها، ولا يوجد عندها انتماء للعرب أو لليهود أو للروس، فهي شخصية متناقضة جدا، فهي عملت مع الوكالة اليهودية عدة سنوات من أجل ترحيل اليهود للاستيطان في فلسطين على حساب الشعب الفلسطيني، "قضت فيتا خمسة أعوام بالعمل مع الوكالة اليهودية، حيث كانت تسافر إلى بلدان روسيا بمهمّات متفرّقة مرّة كل نصف سنة، صيفا وشتاء، كان على عاتقها جذب الشبيبة وحضّهم للهجرة إلى "أرض اسرائيل" وتثقيف اليهود خارج إسرائيل بالأهداف الصهيونية. عملت كمرشدة في هذه المخيمات. وقد جنت فيتا مالا وفيرا من عملها هذا"، وبقيت سنة كاملة بعد وصولها لأرض فلسطين في مركز الاستيعاب" مركز استيعاب القادمين الجدد أهتم بها، ولكن ما أن خرجت من المركز إلى العالم الحقيقي، حتى تفجر هذا الحلم أمام أعينها، ليس هذا ما آمنوا به وما علّموهم إياه، فقد بدأ مشوار الاستغلال"، أي أنها بدأت باكتشاف الواقع من حولها، واقع دولة أصلا قامت على تزوير التاريخ وحقوق ودماء وألم الآخرين من أبناء فلسطين، ففكرت بالانتحار أكثر من مرة، وفكرت بالهجرة مجددا، لكن فعليا بقيت في الأرض المغتصبة حتى تزوجت من فلسطيني وغيرت ديانتها.
  حين عادت لزيارة اوكرانيا وحضور جنازة والدها حققت معها شرطة اوكرانيا عن سر هجرتها، واتهموها أنها ذهبت إلى اسرائيل من أجل العمل بالدعارة كما عرف عن مهاجرات دول الاتحاد السوفيتي، أو أنها جاسوسة، وهذا عطلها عن العودة فلجأت للسفارة الاسرائيلية.
   هنا سيكون عدة تساؤلات من خلال الرواية، فهل كان اليهود يشكلون قوة هائلة تحت الستار في الاتحاد السوفيتي حتى تظهر قوتهم فجأة بعدانهياره؟ أو أنهم كانوا القوة المخفية المعدة لتدمير الاتحاد السوفيتي وينتظرون اللحظة المناسبة؟ وهل كان نظام السوفيت قائما على القمع ودماء الشعب بعكس الدعاية التي كنا نسمعها؟ فوصف أماكن السكن في مدينة "فورت خيرسون" والفقر المريع والظروف الصعبة للمواطنين والفوارق الطبقية تشير أن الناس كانوا يعيشون في جحيم معزول عن العالم، وحقيقة وأنا لست بالشيوعي بأفكاره ولم أزر أيا من دول الاتحاد السوفيتي سابقا، كنت أستمع من طلاب وأصدقاء محايدين فكريا أشياء جميلة تختلف تماما عما أشارت له الرواية، وهل هجرة اليهود الروس فقط قائم على ظروف اقتصادية عاشوا بها في السابق، علما أنه من أكثر الأحزاب تطرفا وعنصرية وعداء لأبناء فلسطين خاصة وللعرب عامة هو حزب "اسرائيل بيتنا" وهو يضم مهاجري دول الاتحاد السوفيتي سابقا.
   فيتا انعكس ماضيها المؤلم كثيرا على نفسها وكلما حاولت نسيان الماضي والذكريات المؤلمة كان هناك ما يعيدها من جديد، وخاصة من خلال مناقشات ابنتها معها، حتى أنها أصيبت بحالة نفسية صعبة حين حملت مرة أخرى وكانت تخشى على الأطفال القادمين من الفقر والتعب، وهذا استرداد نفسي لما عانته أمها وهي حامل بها وعرفته هي وبقي راسخا في عقلها الباطن، حتى أنها فرحت حين مات التوأم في رحمها وأسقطتهم بالمشفى وتركتهم ليدفنوا هناك وليس على الطريقة الإسلامية، كي لا يبقى أي رابط لها بهم، وهذا يشير كم كانت شخصية فيتا انعكاس للماضي، حتى أن العجوز قبل وفاتها تركت لها رسالة شخصت فيها فيتا أنها عدو نفسها كما هو وارد في عنوان الرواية، فقالت لها في الرسالة: "عزيزتي فيتا.. لقد قمت بتوديعك بالأمس بقبلة على جبينك، أنا أشكرك على ما قدمته لي طيلة مكوثك معي هنا بالمستشفى، واقبلي منّي هذا المبلغ المتواضع، علّك تكملين ما بدأته معي من رسم.. فأنت تستحقين أكثر من ذلك.. وهناك هدية أخرى، أريدك أن تتصرفي بها بالشكل اللائق والمهني، وهي عبارة عن مجموعة رسومات نادرة، سجلت بالوصية أن تتحوّل لك.. آمل أن تبعث لك هذه الرسالة السعادة، فأنا لا أريد الموت وأنت تعيسة، وأن لا تكوني سجينة نفسك وسجينة شكوكك كما لاحظت عليك بالأمس.. فهناك آية في التوراة تقول: "أحب لغيرك كما تحب لنفسك" وهذا لا يعني أن تفضل الآخرين عن نفسك، عليك أن تعطي نفسك حقها في البداية حتى تستطيع أن تعطي بالمثل للآخرين.. وكفاك يا صديقتي أن تكوني عدوّة نفسك.. مع تحيات سارة كوهن".
 هذه الرسالة أحدثت انقلابا في حياة فيتا، فقررت أن تصالح نفسها ولا تكون عدوة لها فبدأت بكتابة رسائل سريالية لكل فرد من أهلها بما فيهم والدها المتوفي، ولعل أهم الرسائل رسالتها لصديقتها ناتاشا التي تقول فيها: " صديقتي العزيزة نتاشا.. آمل أن تكوني بخير.. وبعد.. منذ أن بدأت أعيش حياتي الحرّة وأنا أفكّر مع نفسي بين الحين والحين، عندي أمور كثيرة أريد أن أحدّثك بها وأسئلة عديدة أطرحها عليك. أودّ أن أشاركك ببعض أفكاري، كلّي رغبة بالهجرة من جديد. قررت ترك إسرائيل والهجرة ثانية بعد أن فهمت وأدركت بأنّ ما قمت به في السابق، من حثّ الأطفال الصغار على الهجرة إلى إسرائيل، هو أمر غير أخلاقي، فهم صغار وبهم طيبة تُثير الرغبة في البكاء ولا يفقهون شيئا، لأنّهم غير قادرين على اتخاذ القرارات الصحيحة لأنفسهم، يمكننا العمل مع الذين تخطّوا جيل الثامنة عشر، فهم واعون لقدرهم ويعرفون نسبيّا اتخاذ القرار دون حثّهم.
اليوم، أنا على يقين، أنّ الإنسان الذي يترك بلده ولا يهم من أي بلد جاء، هذا يعني أن يصبح لاجئا في بلد آخر، وهذه الدولة- إسرائيل- تبيّن للقادم الجديد بأنّها تدعمه وتريده، ولكن على أرض الواقع ليس الأمر كذلك، ومعظم من عملت معهم من الشبيبة يأتون هربا من الفقر والجوع وليس حبّا بإسرائيل. 
هذه التجربة التي مررت بها داخل الوكالة اليهودية هي تجربة رائعة لأنّني التقيت بأشخاص جُدد، تعرّفت عليهم وعملت مع الصغار، وهم ثروة بحد ذاتهم، وما كسبته من عملي وفرّ لي مبلغا من المال لأسافر وأتجول ثانية في البلاد الروسية وضواحيها وادّخرت بعضا منه. والحياة يا نتاشا أخطبوط كثير الأذرع. ذراع واحد تكفي لحبس الإنسان". 
   وتعود فيتا من جديد لبلدتها خيرسون وتشتري المجمع الذي سكنت بجزء منه في طفولتها " قامت فيتا وزوجها بترميم البيت، حيث أصبح مقرّا لروّاد الفنون، وقد تم تقسيمه إلى أربعة أقسام، قسم لمعيشة فيتا وزوجها، وقسم تحوّل إلى جاليري وضعت فيه جميع اللوحات التي ورثتها عن العجوز، وقسم تحوّل إلى ستوديو تقوم فيه فيتا برسم أعمالها، وتعرض فيه لوحاتها الشخصيّة للبيع، والقسم الرابع تحوّل إلى مقهى ومطعم بإدارة زوجها، وقد تم استغلال الساحة التي تتوسط البيوت لزرع بعض الأشجار وقد وضعت فيها طاولات وكراسي لروّاد المطعم".، لتختم الكاتبة ميسون الأسدي روايتها بما بدأت به حكاية الامبراطورة كاترين فتقول: "سمّيت الفترة التي حكمت فيها كاترين الثانية الامبراطوريَّة الروسيَّة بِالعصر الكاتريني، وقد اعتبر المُؤرخون هذه الفترة بأنّها الحقبة الذهبيّة للامبراطوريَّة. فقد كانت كاترين الثانية داعمة للمبادئ التنويريَّة بولع شديد، وأصبحت معروفة بأنّها حاكمة مستنيرة مطلقة. وبفضلها تم تأسيس معهد "سمولني" وهو أوَّل مُؤسسة دراسات عُليا في أوروبا، خصّص لِتعليم النساء. وسيرا على درب ملوك أوروبا، شيّدت كاترين قصرًا- والمعروف اليوم بقصر الارميتاج- وكانت تستقبل فيه ضبّاط وقاده الجيش وحاميات المدن وهم على الغالب من عشاقها. وفي سبيل تعزيز سلطتها المجيدة، أخذت بالتركيز والاهتمام على الأدب والفنون، وجمعت حولها المبدعين والأدباء الكبار في ذاك الزمان. وأرسلت العديد من الأشخاص إلى فرنسا وإنجلترا، ليستمدّوا من علومهم وآدابهم ولغاتهم ويعودوا لتطوير بلادهم الروسية". 
   وهنا نجد خيال الكاتبة قد اتجه لمزج شخصية كاترين الامبراطورة بشخصية فيتا بالاهتمام بالأدب والفنون، وكاترين بنت قصرا وفيتا رممت مجمعا سكنيا، علما أن الشخصية الحقيقية فيتا ما زلت تسكن حيفا ولم تحلق عائدة لبلادها كما كل ما يسمى باليسار الاسرائيلي الذي يقر نظريا بحقوقنا في الضفة الغربية ولكنهم يعتبرون فلسطين التاريخية ملكهم وكذلك القدس عاصمتهم، ويتناسون أنهم يسكنون في بيوت هي حق لنا وعليهم مغادرتها عائدين من حيث اتوا.
   وفي النهاية وإضافة للملاحظات التي أوردتها خلال ما كتبت يطرأ بذهني سؤال آخر: هل يمكن اعتبار هذه الرواية قريبة من الأدب الروسي كما حلم ميسون الأسدي الذي عبرت عنه في تقديم الرواية بكتابة رواية أبطالها روس وأسمائهم كذلك؟ وهل الاعتماد على ذاكرة فيتا وتداعيات ذاكرتها بين خيرسون وإقامتها في حيفا وفي مناطق أخرى محتلة ومغتصبة في فلسطين يمكن أن يمنح الرواية صفة الأدب الروسي؟
   الرواية شيقة وقراءتها غير مملة، احتوت على عناصر الرواية المختلفة من حيث شخصية رئيسة وشخصية ثانوية أساسية وشخصيات ثانوية أخرى وتعدد مسارح الرواية وتعدد فصولها، ورغم استغراق الكاتبة بالسرد حينا وخاصة بالحديث عن الفن التشكيلي واللوحات، وعن الحياة في خيرسون من ناحية أخرى، واستغراقها بالتحليل النفسي أحيانا وربما متأثرة بعملها في العمل الاجتماعي الذي ترك أثره على قصصها السابقة، إلا أن البناء الروائي كان جيدا وجميلا، وحملت الرواية فكرة أنه لا يمكن لفلسطيني وفيٌّ لوطنه أن يخرج عنها وهي أن فلسطين لأهلها وكل الذين استوطنوها كرسوا فكرة لا يتقبلها عقل بشري، وهي فكرة الأرض الموعودة، ولذا نرى فعليا رغم كل عنجهية وقسوة الاحتلال أن اليهود وبمجرد حدث كبير يغادرون فورا ولا يتخلون عن جنسياتهم الأصلية ليعودوا من حيث أتوا، ولكن في المقابل برز في ذهني تساؤل حول تعدد الروايات لكتاب عرب وفلسطينيون في السنوات الأخيرة التي تتحدث عن وجه آخر لمن اغتصبوا فلسطين، وجه انساني غير موجود في الواقع ابدا، والتطرف اليميني في المجتمع اليهودي في فلسطين كشف عن وجهه وظهر جليا، فهل هذه الروايات نتيجة انهزام في نفوس بعض الكُتاب أم ضمن نهج تطبيعي يتخيل الحل للقضية الفلسطينية بالتعايش مع هذا الإحتلال الغاشم؟
"فلسطين 2018"

الموت يغيب خيري مواسي عاشق باقة وشاعرها


كتب شاكر فريد حسن ـ 
غيب الموت يوم السبت الأخير الشاعر الباقاوي خيري أحمد الحاج ابراهيم مواسي، بكوفيته وعقاله، بعد حياة حافلة بالعمل والكدح وزاخرة بالعطاء الشعري والعمل الوطني والأهلي. 
والراحل مواسي من مواليد باقة الغربية العام ١٩٤٢، انهى تعليمه الابتدائي فيها، والثانوية في الطيبة.
عاش ردحًا من الزمن في أحد الكيبوتسات اليهودية، وكان أحد أعضاء حركة الشبيبة العربية الطلائعية.
ثم عاد للسكن والاقامة في مسقط رأسه، ليتزوج ويعمل في التجارة.
نشط الراحل في الحزب الشيوعي ومن ثم في الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، وفي حركة الشباب مع مؤسسها المرحوم جلال أبو طعمة،رئيس مجلس باقة الغربية المحلي.
كتب الشعر منذ شبابه المبكر، وتمتع بذائقة شعرية رفبعة، وعرف بأشعاره الرقيقة التي تغنى من خلالها ببلده باقة الغربية وتاريخها وتراثها العريق.
نشر بعضًا من قصائده في الصحف والمجلات المحلية، ولم يصدر اي ديوان شعري بسبب انشغالاته في التجارة لكسب لقمة العيش، وضاع الكثير من أشعاره بين ردهات المنزل وفي الادراج، ولم يتبق منها سوى ما اخترنه في ذاكرته الحادة.
نال لقب " الشاعر " بجدارة، بين أقرانه وأهل بلدة ومعارفه، ويشهد له الشاعر والناقد ب. فاروق مواسي بشاعريته وحسه المرهف وأذنه الموسيقية المتقنة، مستشهدًا ببيت شعر له: 
تجرر ذيلها نحو القوافي 
              وتسجد ربة الشعر احترامًا 
تغنى الراحل خبري مواسي بالوطن، وتتاول أوصاع وقضايا وهموم أبناء شعبه الفلسطيني، وسخر قلمه في سبيل الدفاع عن حقوق هذا الشعب، وما مر به من عذابات وآلام بفعل ممارسات الاحتلال.
وتميزت كتابته الشعرية بالجودة والشفافية وقوة الكلمة وجرالة الألفاظ وصدق التجربة والأصالة والاحساس العفوي، والتزامه بالشعر الكلاسيكي القديم وشكله الهندسي البنائي.
وكان لسان حال المضطهدين والمسحوقين، منحازًا لقضيتهم الطبقية، ومنتصرًا لها.
وتدل قصائده على مدى عمق ارتباطه بالهم الفلسطيني والمحلي والانساني العام.
خيري مواسي شاعر كتب للحب وللانسانية ًوالناس والربيع والجمال والحياة، وحمل على كتفه وطنًا ضائعًا ينتظره، وعلى كتغه الآخر قصيدة مفقودة يبحث عنها.
فيا أيها الراحل خيري مواسي: ستبقى باقة التي ذرفت عليك الدمع تحبك، وسيظل شعبك الذي أحببت وانتميت اليه يذكرك، وستظل أنت كما كنت تعانق صمتك.

شوقي دلال "رئيس جمعية محترف راشيا" لبنان يُكَرَم الأديب والشاعر محمود نون في حربتا البقاع

شوقي دلال "رئيس جمعية محترف راشيا" لبنان يُكَرَم الأديب والشاعر محمود نون في حربتا البقاع بتقديم لوحة فنية بريشته من مجموعته الفنية بعنوان "ابجدية إينانا".

     تقديراً لمسيرته الإبداعية في الفكر والأدب كَرّم رئيس "جمعية محترف راشيا" شوقي دلال الأديب والشاعر الاستاذ محمود نون في صالون "حركة الريف الثقافية" حربتا البقاع وبحضور حشد من أساتذة الجامعة اللبنانية وأدباء وكُتّاب وشعراء من منطقة بعلبك والبقاع..
  دلال قال في المناسبة "يأتي اليوم هذا التقدير من ريشتي ومن "جمعية محترف راشيا" و"تجمع البيوتات الثقافية في لبنان" عربون وفاء لقامة ثقافية وطنية وعربية كان له الدور الأبرز في تنشيط الحركة الثقافية في منطقة البقاع ولبنان من خلال تأسيس أهم المنتديات الفكرية مثل "حركة الريف الثقافية" و"ملتقى الحوار الأدبي في البقاع" و"ديوان الأدب" حيث إستضاف مئات الشخصيات الفكرية والأدبية إضافة لتواقيع كتب وحلقات حوار متخصصة وتشجيع طاقات إبداعية شبابية حيث كان ولا يزال له الدور الطليعي الذي جعلني أناديه دوماً بالمعلم لأننا سرنا على دربه في "جمعية محترف راشيا" منذ إنطلاقتها عام 1992 ولا نزال".... وأضاف دلال .... "نكرم اليوم المعلم الاستاذ محمود نون صاحب الإسهامات الفكرية التي ناهزت العشرين كتاب في الشعر والفكر والأدب والقصة والدراسات ناهيك عن إسهامه في عشرات المؤتمرات والندوات في لبنان والبلدان العربية والتي إستحق عليها الدروع والأوسمة الرفيعة ، لهذا ونظراً لإسهامات هذه القامة الثقافية الكبيرة إخترت تكريمه اليوم بتقديم لوحة بريشتي من مجموعة أبجدية إينانا حيث كان له الفضل في ندوة متخصصة عن هذا الاسلوب الذي إعتمدته في الرسم عام 1994 وندوة حول كتاب صدر حولها للدكتور جمال زعير عام 2018 " ....
وفي الختام قدم دلال للأستاذ محمود نون لوحته الفنية حيث كان للمُكَرّم كلمة وجدانية حول التكريم وبمشاركة الحضور النوعي.

في الصورة: شوقي دلال يقدم اللوحة للأستاذ محمود نون

ورحل " حارس التراث الفلسطيني " الباحث نمر سرحان

كتب : شاكر فريد حسن  ـ
فقدت الحياة الثقافية الفلسطينية الكاتب والباحث الفولكلوري نمر سرحان، الملقب ب " حارس الثراث الفلسطيني " ، الذي توفاه الأجل في العاصمة الأردنية عمان، عن عمر ناهز  الواحدة والثمانين، قضاها في خدمة وطنه وشعبه وقصيته وتراثه، حيث اضطلع بدور توثيقي مهم في تدوين الرواية الشفوية الفلسطينية، وحفظ التراث من النسيان والضياع.
والراحل نمر سرحان من مواليد العام ١٩٣٧ في قرية السنديانة قضاء حيفا، حاصل على شهادة الليسانس في الآداب من جامعة دمشق سنة ١٩٦٤، وهو عضو الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب، وعضو رابطة الكتاب الاردنيين. وقد أشغل مدير شؤون التراث في وزارة الثقافة الفلسطينية، ومشرفًا على اليوم العالمي للتضامن مع تراث الشعب الفلسطيني. 
ترك وراءه اعمالًا ومنجزات بحثية تراثية مهمة، وهي: " أغانينا الشعبية في الضفة الغربية، اغانينا الشعبية الفلسطينية، موسوعة الفولكلور الفلسطيني، أبو أكباري سيرة بطل شعبي، سلسلة ديوان الشعر الشعبي الفلسطيني، معجم قواعد اللغة العربية، الانتفاضة والفولكلور الفلسطيني، سلسلة ارشيف الفولكلور الفلسطيني، المباني الكنعانية في فلسطين، عرب فلسطين المحتلة، دولة معلنة، انتفاضة مستمرة، الحكايات الشعبية الفلسطينية، احياء التراث الفلسطيني، سجل القادة والثوار والمتطوعين لثورة ١٩٣٦ و ١٩٣٩ بالاشتراك مع مصطفى كبها ". كذلك صدر له ديوان شعري وروايتين هما " النزلة، والعسل البري ".
نمر سرحان عرفته ساحات الثقافة والتراث والنضال، أحب وطنه وشعبه، عاش نزيهًا نقيًا مخلصًا، وكرس قلمه وكتاباته في للدفاع عن أسمى قضية، القضية الفلسطينية.
برحيل نمر سرحان تفقد فلسطين وشعبها وحركتها الوطنية والثقافية واحدًا من رموز وأعلام المقاومة بالثقافة، بمبادراته وتضحيانه وممارساته وأفعاله ومنجزاته الرائدة، التي ستظل سلاحًا وزوادة للأجيال الفلسطينية القادمة.

أمسية شعرية في عمان للشاعر اللبناني طلال حيدر

كتب: شاكر فريد حسن ـ

أحيا الشاعر اللبناني الكبير طلال حيدر أمسية شعرية في منتدى عبد الحميد شومان بعمان، ضمن أسبوع جبل عمان الثقافي الخامس، حبث قدم مجموعة من قصائده الرومانسية وأشعاره المحكية، واستعاد حوارياته مع البطولة وزهر البيلسان، والمطر الذي هطل في الغياب، والعشب الطويل الذي تسرح فيه الظبية ونما في الحقول بين العشاق. 

وكان قد قدم حيدر للجمهور الواسع الذي حضر الأمسية وتفاعل مع قصائده وكلماته، الشاعر الاردني جريس السماوي.

ويشار الى أن طلال حيدر من مواليد بعلبك العام ١٩٣٧، عاش حياته في الطبيعة ملتصقًا بحياة الفلاحين وأشجار الصفصاف، وهو شاعر مهووس ومسكون بالشعر العامي المحكي المستحيل، اوصل اللغة المحكية الى كل من استهوته حياة الأرياف، وآخر الصعاليك العرب، كما نعته الصحفي اللبناني طلال سليمان، مؤسس صحيفة السفير اللبنانية.

وقد استهوت أشعاره نجوم الغناء والفن في العالم العربي، الذين حملوا قصائده برقة أصواتهم، منهم فيروز ووديع الصافي ونجوى كرم ومارسيل خليفة وأميمة خليل وسواهم الكثير.

شوقي دلال رئيس "جمعية محترف راشيا" يوجه التهاني لأمين عام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب على نيله وسام السعف الأكاديمية بدرجة فارس من فرنسا


وجه رئيس "جمعية محترف الفن التشكيلي للثقافة والفنون لبنان" التهاني لدولة الكويت الشقيقة وللمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب لمناسبة منح أمين عام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي حسين اليوحه وسام السعف الأكاديمية بدرجة فارس من الحكومة الفرنسية.. دلال أشاد بالأمين العام المهندس علي اليوحه وبدوره الطليعي في قيادة الحركة الثقافية والفنية من خلال المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب خلال سنوات توليه الأمانة العامة ولا يزال وما يقدمه من إسهامات في تنمية وتطوير الثقافة العربية ودعم الكُتّاب والمبدعين في الكويت والعالم العربي مع فريق عمل في المجلس يستحق منا كل التقدير .. لهذه المناسبة نتقدم في "جمعية محترف الفن التشكيلي للثقافة والفنون لبنان"  من دولة الكويت الشقيقة والمجلس الوطني بالتهاني القلبية على نيل هذا الوسام الرفيع من دولة فرنسا وهذا ليس بجديد على دولة الكويت بقيادة أمير المحبة والإنسانية صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله

في الصورة: شوقي دلال وامين عام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب علي اليوحه في الكويت.

شوقي دلال

رئيس الجمعية - لبنان

حفل توقيع ديوان "إمرأة بلون ليلكي" للشاعرة ملاك العوام


كتب: شاكر فريد حسن  ـ
بحضور حشد من المثقفين والمهتمين بالأدب، نظم في منتدى جذور سوريا بالسويداء، حفل توقيع ديوان " إمرأة بلون ليلكي " للشاعرة السورية الرقيقة ملاك العوام. 
وشارك في الحفل الشاعر العراقي عامر الساعدي، فالقى قصيدة بالمناسبة، وتحدث عن ملاك العوام شاعرة الاحساس قائلًا: " أتوقع مستقبلًا  يوشم على جدران الثقافة، واسم يعتلي القمر.. صادقة.. شفافة.. رهيفة الحس.. مليئة جعبتها بحنان الأمومة وشغف العشق.. لا تقبل الألقاب، ولا الشعادات، وان دل هذا على شيء فعلى التواضع والثقة". 
وقدم زوج الشاعرة توفيق غبرا مداخلة، حيث قال: " لاجئة بين اليدين تختبىء، من عطر أنفاسها للحياة تستقي، من غضاب الروح تكتفي، سليلة الروح والأصل، لا قاتون يحكمها، ولا عادات تقيدها.. غجرية تراقص الذئاب هي ملاكي.. ولدت من رحم القلب.. امرأة بلون ليلكي... ترسو على شاطىء الأحلام". 
هذا وتخلل الحفل قراءات شعرية لملاك العوام، ورافقها على العزف الفنان عمران العوام.
وفي النهاية قامت الشاعرة ملاك العوام بتوقيع ديوانها وتوزيعه على الحضور.

يافا في الرواية الفلسطينية


بقلم وعدسة: زياد جيوسي ـ
   في أمسية جميلة وبدعوة من منتدى البيت الثقافي العربي في عمَّان عاصمة الأردن الجميل، وبتنسيق  الأستاذة ميرنا حتقوة منسقة الانشطة في المنتدى كانت يافا حاضرة المدن الفلسطينية حاضرة بقوة في الرواية الفلسطينية، أمسية حوارية ابتعدت عن التقليدي والقراءة السردية، وفي حوار مفتوح أجراه الكاتب والناقد الأستاذ عبد الرحيم جداية واستضاف فيه الكاتبة السيدة أسماء ناصر أبو عياش التي حضرت من رام الله فلسطين خصيصا للندوة، والكاتب الروائي بكر السباتين، كان حضور يافا في الحوار المفتوح، فيافا التي تألقت في رواية الروائية والباحثة أسماء وروايتها يافا أم الغريب كانت حاضرة من خلال ذاكرة شخوص الرواية، وفي رواية بكر السباتين حضرت يافا بقوة من خلال روايته صخرة نورميندا، وخلال مداخلتين قدمهما كل من النقاد أحمد الغماز وأحمد دحبور، أخذت الأمسية مناحي جميلة أخرى.
   اذكر حين بدأت بقراءة كتاب يافا أم الغريب قبل سنوات حين صدوره والحنين يشدني إلى يافا، كنت أظن أن الكتاب بحث تاريخي شفوي جامد، فهو قد نال جائزة العودة في التاريخ الشفوي عام 2008، ولكن ما أن بدأت القراءة ومن الكلمات الأولى حتى وجدت نفسي أحلق في عالم آخر، عالم يافا والوطن المستلب منا.
   (يا لهذي اليافا.. لقد فعلت فعلها بعشاقها فتوحدوا معها فسكنتهم ولو على شكل صورة تناقلتها أيديهم ونقلتها وديعة لأيدي الأبناء والأحفاد).. هكذا همست الكاتبة أسماء ناصر أبو عياش، ابنة عائلة ناصر اليافية الأصيلة وهي تروي حكاية يافا على أسنة عشاقها الذين عرفوها قبل النكبة.
  ما كتبته أسماء ليس مجرد بحث في التاريخ الشفوي ليافا، بل هو نزف روحي وقلبي نزفته من قلبها وروحها ورسمته بدمعات الحنين حتى أصبح البحث رواية تروي الحكاية، فكانت كما قال د. أكرم البرغوثي: (هنا لا تكتب لا ترسم لا تستشهد بالصور إلا لتبقي ملامحها الذاتية حية ببرتقال يافا وبحر حيفا.. وتشرك هنا من الشواهد مجموعاً تسكنه يافا بأحيائها وبيوتها وبحرها وكل ملامحها..).
   ما بين تداعيات التجربة الشخصية في بيروت إثر حصار 1982، والشتات مرة أخرى من بيروت إلى الشام فالأردن فتونس قبل العودة للوطن، ومابين ذاكرة من عرفوا يافا وعاشوا بها، جالت بنا أسماء ونقلت لنا بأسلوب أدبي مدهش (الصدمة التي اعترت عقول محدّثيَّي حينما عادوا إلى بيوتهم غرباء وقد حل بها الأعداء!)، فتهمس لنا من أعماق روحها: إنها يافا أم الغريب..
   يافا أم الغريب هي حكاية أسماء وحكاية والدها وحكاية الشاعرة شهلا كيالي والفنانة تمام الأكحل ومثال القمبرجي ود. الفرد طوباسي وأنور السقا وسامي أبو عجوة، وحكايتنا جميعا من لم نعرف يافا ولكنها سكنتنا، فأعادت أسماء لذاكرتي الحنون جدي لأمي، حين أوصاني وأنا في المعتقل عام 1978 هامسا لي من خلف قضبان الزيارة: يا جدي إن رأيت يوما يافا فاقرأ على روحي الفاتحة على شاطئ العجمي، ورحل بعدها من عالمنا، وحين تمكنت من زيارة يافا مع أحد أصدقائي بمرور سريع لأني كنت لا أحمل تصريحا للزيارة، نفذت رغبة جدي ومسحت وجهي بمياه البحر هناك.. ولم أرى يافا بعدها، فزرعت أسماء كل مشاهد يافا من جديد في ذاكرتي وجددت الحلم. وحين عدت الى يافا مرة أخرى بعد 19 عام، بقيت يوما كاملا اوثق  بعدستي كل الأبنية التراثية والحواري والأحياء والأزقة وجددت قراءة الفاتحة على روح جدي على شاطئ العجمي.
 هي يافا كانت وستبقى وستعود ذات يوم، وأما أنا فسأهمس مع روح الشهيد محمود الأفغاني:
يافا ترى يوما أراك بأعيني/ أم يا ترى ألقاكِ بعد حِمامي/ فلعلني بعد الممات أزورها/ فيطيب فيها مرقدي ومقامي.
   شكرا أسماء على إنثيال الذاكرة وتوثيقها، ولكل من عشق يافا أهمس: عليكم بكتاب يافا أم الغريب.. ففيه ستجددون حكاية العشق.
   وأما رواية صخرة نورميندا فأكتفي بما قاله الكاتب بكر السباتين عن روايته حين قال: (ومن هذه الأساطير المرتبطة بمدينة يافا أسطورة جميلة تتحدث عن الأميرة اليافيّة أندروميدا (نورميندا) التي ترمز إلى الشجاعة والتضحية في سبيل ما هو أغلى، الكرامة المتمثلة بالأوطان، فما قصة هذه الأميرة؟
آندروميدا (نورميندا) هي أسطورة يونانية قديمة ,اتخذت مسارين في روايتها، الأول أن الملك كان أثيوبياً بينما ذهب المسار الآخر (وهو المرجح) إلى أنه ملك يافا، إذ تحكي الأسطورة أن الملك كوبيوس وزوجته كاسيوبيا ليس لديهما سوى ابنة وحيدة فاتنة الجمال تدعى (اندروميدا) أو - نيرموندا كما يلفظها أهل يافا قبل نكبة فلسطين- وكانت (كاسيوبيا) كأي أم تتفاخر وتتباهى دوما بجمال وسحر ابنتها الوحيدة إلى درجة شبهتها بالآلهة لفتنتها الطاغية.
حتى جاء اليوم الذى نسيت فيه الملكة المغرورة (كاسيوبيا) قواعد الاحترام والتبجيل اللائقة للآلهة، وراحت تذيع بين الرعية ما أثار غضب الآلهة مدعية بأن (نيرموندا) اجمل بكثير من حوريات البحر، فكيف يحدث هذا الأمر وقد تجرأت على بنات الاله (نيريوس)، ولم يسكت (نيريوس) على هذه الاهانة الموجهة له من واحدة من أهل الارض ايا كان شأنها، وتوجه فورا الى بوسيدون اله البحر ليساعده على الثأر ويرد له اعتباره وينتقم له من (كاسيوبيا) المغرورة وزوجها وابنتهما .
فما كان من بوسيدون الا ان ارسل تنينا عظيما يدعى (الكراكون) الى شواطىء المدينة التى يحكمها (كوبيوس) واخذ التنين يهاجم الاهالى ويثير ذعرهم ويقلق المدينة كلها وكان غضب بوسيدون مخيفا.
فلقد امر (بوسيدون) بتقديم اندروميدا (نيرموندا) الجميلة الى التنين كقربان والا لن يبتعد عن مدينتهم وسيظل يؤرق منامهم ويرعبهم وبالطبع لم يكن هناك مفرا من ارضاء التنين ليرحل , لذا فقد ربط (كوبيوس) ملك اثيوبيا ابنته الوحيدة اندروميدا الى صخرة على شاطىء البحر ووقفت المدينة بأسرها تنتظر ظهور التنين لينقض على فريسته ويلتهمها.
فسمع بقصتها حبيبها البطل (بيرسيوس) الذي باغت الجميع وهو يمتطي صهوة الحصان المجنح بيجاسوس آتيا نحوها لينقذها وكان بيرسيوس قد خرج فى مغامرة كعادة الابطال الاغريق فكان بيرسيوس ما يزال يرتدي حذائي هيرمِس اللذين استخدمهما في مهمّة قطع رأس ميدوسا. فقد واجه (ميدوسا) الشنيعة التى تحيل نظراتها اى شىء الى حجر جامد وقتلها واتى برأسها معه على حصانه الطائر وفور ظهور الوحش وقف بيرسيوس ليحول بينه وبين اندروميدا (نيرموندا) وبيده رأس ميدوسا وقد رفعها فى وجه التنين فتحول التنين الى حجر وتحطم ونجت اندروميدا (نيرموندا) وفك بيرسيوس السلاسل التى قيدتها وعادا معا ليتزوجا، وقد قدم بيرسيوس رأس ميدوسا الى بوسيدون لارضائه وليعفو عن اندروميدا وقبل بوسيدون تلك الهدية وعفا عن مدينة يافا، وتزوّجا حيث أنجبا في ما بعد ستّة أطفال.وبعد وفاتها وضعت إلهة أثينا صورة أندروميدا أو نيرموندا (المرأة المسلسلة) بين النجوم في السماء الشمالية بالقرب من فرساوس وكاسيوبيا كمكافأة لحفظها وعد والديها وتسمية مجرة كاملة باسمها.
ومن الطبيعي ما دام الحديث كان يجري في زمن الكنعانيين أن تكون الأميرة نورميندا ذات جذور كنعانية، أو أن الشعراء اليونانيين التقطوا هذه الحكاية من ألسنة الكنعانيين سكان المدينة الأصليين، على اعتبار أن التناص بين الحضارات في المثيلوجيا وارد في كل الأزمان).
   بكر السباتين الذي جعلنا ندور أحياء يافا وشوارعها وأسواقها وحاراتها من خلال روايته تألق كثيرا، كان يتكلم وأنا استعيد تجوالي في يافا وأهمس لنفسي: ترى ما حجم الألم والاشتياق في روح من يستمع الآن ولم يرى يافا بعينيه؟

الدكتورة نجمة حبيب تحاضر عن اللغة والثقافة العربية

كتب عباس علي مراد ـ
 السبت الثاني عشر من أيار، وبدعوة من مكتبة روكديل العامة، وبرعاية بلدية باي صايد ومن ضمن برنامج اللغات المحكية في مجتمعنا، حاضرت الدكتورة نجمة حبيب عن اللغة والثقافة العربية والأسلامية، وقد حضر العديد من المهتمين باللغة العربية من خلفيات أثنية عديدة هذه المحاضرة القيمة، والتي غطت عدة جوانب منها تاريخ اللغة العربية وتطورها وعلاقتها مع اللغات السامية الأخرى، وتحدثت د. حبيب عن النظام الصوتي وتفرد اللغة العربية ببعض الاحرف غير الموجودة في اللغات الأخرى وعرضت لكيفية كتابة العربية وتغير لفظ الاحرف عند تحريكها والخط العربي، وتطرقت الى اللهجات المحكية في العالم العربي حيث تتفرد كل منطقة بلهجة خاصة بها من بلاد الشام الى الخليج ووادي النيل والمغرب العربي والتي تجمع في ما بنها اللغة العربية الفصحى.
عن الجانب الثقافي قدمت الدكتورة حبيب عرضاً قيماً ووافياً عن الثقافة العربية والأسلامية ومساهمتها في تطوير العلوم الانسانية والاجتماعية والرياضيات والفلك  في مرحلة الازدهار التي دامت لعدة قرون قبل ان تتراجع لتعود للنهوض في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين حيث تداخلت عدة عوامل لتراجع النهضة الحديثة ومنها قيام أسرائيل على أرض فلسطين والانظمة الدكتاتورية التي حكمت الدول العربية.
أخيراً عرضت الدكتورة حبيب اللغة المستعملة في التحية والفروق بين منطقة وأخرى وبين المذكر والمؤنث.
في الختام أشاد الحضور بالمحاضرة والجهد الكبير الذي بذلته الدكتورة حبيب تحضيراً وتقديماً خصوصاً اسلوب العرض الشيق والسهل للمعلومات.
في النهاية لا بد من كلمة شكر خاصة لكل من الدكتورة نجمة حبيب على محاضرتها الجامعة الشاملة، والى الموظفة ستيفاني لي منسقة شؤون اللغات الاثنية في مكتبة روكيدل على جهدها الدائم لإقامة النشاطات الثقافية باللغات الاجنبية وتطوير الخدمات المكتبية للناطقين باللغة العربية.

جمعية محترف راشيا تطلق كتاب الباحث هاني الحلبي

من ضمن اهدافه لدعم ونشر الثقافة والإبداع أطلق رئيس "جمعية محترف راشيا" شوقي دلال من مقر الجمعية راشيا الوادي كتاب الباحث والإعلامي هاني الحلبي. 

دلال قال في اللقاء "سروري اليوم كبير بإطلاق كتاب صدر للكاتب والباحث الاستاذ هاني الحلبي لمناسبة المئوية الأولى للرئيس الراحل جمال عبد الناصر بعنوان "جمال عبد الناصر الحلم والحضور" حيث يشرفنا مواكبة هذا الكتاب من "جمعية محترف راشيا" لبنان ونحن نعلم المكانة الثقافية والفكرية للمؤلف الاستاذ هاني الحلبي خاصة وأن الكتاب هو الجزء الأول من موسوعة ينوي الكاتب إصدارها بعنوان "قمم خالدة" تلقي الضوء بشكل بحثي معمق عن شخصيات تركت بصمتها في التاريخ .

فالكتاب هو دراسة في التجربة القيادية الناصرية لعبد الناصر وتحليل منهجه القيادي والذي شَكّل حلماً وحضوراً لأوساط عربية في حينها ولا تزال لغاية اليوم ، وأيضاً يتضمن الكتاب محطات مهمة في تاريخ الثورة وقيادة عبد الناصر للدولة ، لهذا أنصح الجميع قراءة هذا الكتاب الصادر عن دار أبعاد لبنان.

من جهته شكر الكاتب جهود "جمعية محترف راشيا"  ورئيسها الاستاذ شوقي دلال من خلال هذا الإحتضان لكتابي وهذا ليس بجديد على جمعية لا تزال منذ ثلاثة عقود تحافظ على نشاطها الثقافي النوعي في لبنان والخارج".. 

في الصورة الكاتب هاني الحلبي يقدم كتابه لرئيس الجمعية شوقي دلال في مقر "جمعية محترف الفن التشكيلي للثقافة والفنون" راشيا الوادي لبنان 

الروائي الأردني من أصل فلسطيني جمال ناجي يحمل أوراقه ويرحل


كتب شاكر فريد حسن ـ
فقدت الحياة الثقافية الاردنية والعربية والفلسطينية، الكاتب والروائي الأردني من أصل فلسطيني جمال ناجي، اثر جلطة قلبية داهمته في العاصمة الاردنية عمان، تاركًا وراءه ارثًا أدبيًا وروائيًا مميزًا ورفيعًا، وسيرة أدبية زاخرة بالعطاء والنشاط والابداع الثقافي.
جمال ناجي روائي مبدع من مواليد مخيم عقبة جبر باريحا العام ١٩٥٤، غادر وطنه الى الاردن بعد نكسة العام ١٩٦٧، عمل مدرسًا في السعودية، ثم في مجال الادارة المصرفية، بعد ذلك ادار مركز " انتلجنسيا " للدراسات في عمان، قبل أن ينشيء المركز الثقافي العربي سنة ٢٠٠٢.
ترأس رابطة الكتاب الاردنيبن بين عامي ٢٠٠١- ٢٠٠٣، وكان عضوًا في رابطة الفنانين التشكيليين الاردنيين، وعضوًا في رابطة القلم الدولية فرع الاردن. 
كذلك رأس تحرير مجلة " أوراق ". 
صدر له العديد من الأعمال القصصية والروائية، أبرزها " الطريق الى بلحارث، وقت،   مخلفات الزوابع الاخيرة، رحل خالي الذهن ، الحياة على ذمة الموت، ليلة الريش، ما جرى يوم الخميس، المستهدف، تشيخ الذئاب، وموسم الحوريات".
ونال ناجي العديد من الجوائز على مجمل أعماله الابداعية. 
تمتاز كتابات جمال ناجي بالتنوع، ولم تنحصر أحداثها في مكان وزمان واحد، فروايته  الأولى " الطريق الى بلحارث " التي صدرت العام ١٩٨٢، تتناول البيئة الصحراوية في القرية السعودية، في حين تدور أحداث روايته " وقت " في المخيم الفلسطيني، أما روايته الثالثة" مخلفات الزوابع " فتجسد حياة وواقع الغجر وحلهم وترحالهم.
ويمكن اختزال موضوعات جمال ناجي في مجتمع القرية والمدينة والنفس البشرية والحب والجنس والتطرف وجذوره.
وأجمع النقاد على موهبة جمال ناجي وقيمة ابداعاته وجمال لغته واسلوبه الروائي الممتع والمشوق.
رحيل جمال ناجي يشكل خسارة فادحة للحركة الأدبية العربية والفلسطينية والرواية الاردنية، كأحد المساهمين الرياديين والناشطين في اغناء ورفد هذه الحركة بابداعه الروائي الغزير الجميل والمشوق.
فسلامًا لروح جمال ناجي، مبدعًا وانسانًا، وسيبقى خالدًا مخلدًا في الذاكرة الثقافية الفلسطينية والاردنية والعربية، كأحد أبرز اعلام القص والسرد في الشتات والوطن العربي.

احنا وأمي..حكاية ألوان وأجيال

بقلم وعدسة: زياد جيوسي ـ

   لم أستطع التأخر عن تلبية الدعوة من الفنانة ربى أبو دلو لحضور معرض كنت بصورة فكرته مبدئيا، ورغم الظروف الصعبة التي كنت أمر بها شددت الرحال من الربى الكرمية في فلسطين الجميلة إلى عمَّان عاصمة أردننا الجميل لأصل مساءً، وما قبل عصر اليوم الثاني كنت أشد الرحال لإربد عروس الشمال، ولبيت عرار التراثي حيث ترف روح شاعرنا الكبير مصطفى وهبي التل "عرار" لحضور المعرض التشكيلي المختلف لونا ونكهة وفكرة عن المعارض السابقة التي حضرتها عبر مسيرة فنية تمتد من عام 1972 حتى وقتنا الراهن، فدوما كنت أحضر معارض شخصية لفنانين، أو معارض مشتركة لعدد من الفنانين بغض النظر عن العدد المشارك، لكن هذا المعرض كان شيء مختلف تماما.

   كنت اتسائل دوما إن كانت المواهب تورث من الأجداد للاحفاد، وبعيدا عن الجانب العلمي والجيني في الاجابة عن هذا السؤال وجدت جوابا فنيا في المعرض، فالمعرض قائم على عرض لوحات بعضها يعود إلى 50 عاما رسمتها ريشة المربية الفاضلة آمال شرار، ولكل لوحة فيها حكاية ورواية، لأتنقل بين لوحات ابدعتها ابنتاها د. رلى أحمد أبو دلو والفنانة التشكيلية ربى أحمد أبو دلو ومنها إلى ابداعات الأحفاد: نوران ومحمد وآمال ونور الدين وأحمد.. فتحلق روحي في فضاءات من جمال تشكيلي تراوح بين ابداع الريشة وفن ابداع يدوي.

   ليس من السهل تناول كل لوحة في المعرض والحديث عنها، لذا سأمر بإشارات سريعة رغم أن كل لوحة تستحق الاهتمام، فهي كما اسلفت تروي حكايات، فمن حكايات الماضي حتى الحاضر للفنانة الجدة آمال شرار حتى حكايات حلم الطفولة لدى الأطفال، وحين تجولت عبر يومين في المعرض متحملا مشاق السفر وسياقة المركبة من عمَّان إلى اربد والعودة ليلا، تأملت اللوحات والأعمال المعروضة بدقة وتأمل، ففي القسم الأول والذي احتوى لوحات الفنانة و المربية الفاضلة آمال شرار، شعرت بهمسات الماضي تنهمر الآن وهي تجلس محاطة بالأبناء والبنات والأحفاد والأحفاد والأهل والفرح المرسوم على وجه زوجها أبو خالد "أحمد ابو دلو" الذي ساهم بتهريب لوحاتها من حيث تحتفظ بها ضمن (مؤامرة) جميلة لمفاجئتها وتكريمها والاحتفاء بها، فهي لم تكن تعلم شيئا عن المعرض وحدود ما عرفته أن المعرض لابنتها ربى، حتى حضرت وفوجئت وفرحت وكانت تجلس بين ورود ساحة بيت عرار محاطة بكل الفرح والنور ينبعث من وجهها فرحا وسرورا.

  كنت اتنقل بين لوحاتها فما بين الطبيعة الخلابة والورود والأزهار ولوحات الفرح، ولوحات استخدمت بها مواد ضمن اعادة التدوير بدلا من أن يكون موقعها مكب النفايات، إضافة للوحات التطريز ولوحة تجريدية كانت آخر ما أبدعته هذا العام، وكنت اشعر بما احتوته هذه الروح من تعبيرات جمالية وافكار وحب للحياة، وكما همست ابنتها صاحبة الفكرة بالمعرض الفنانة التشكيلية ربى: "كنا اطفالا وحين نفكر بشيء ونطلبه منها، كنا نفاجئ برسمها لوحة تعبر عن رغبات طفولتنا وتقدمها لنا، فنجلس من حولها وهي تحدثنا وتقول لنا أننا ان لم نستطع الحصول على ما نرغب فعليا، فيمكن ان نتخيله ونعيشه من خلال اللوحة"، وشدتني لوحاتها عن الطبيعة كثيرا بما احتوته من روح وقيم جمالية.

   الدكتورة رلى والتي تعيش المغترب وتجولت في غربتها في بلاد عديدة أثرت على أفكارها الفنية، تميزت بأعمالها الفنية اليدوية والتي تستخدم فيها خامات عديدة وغريبة أحيانا لتمنحنا جمال من نوع وشكل آخر، ولعل اللوحتين التي ابدعتهما من خلال أجنحة الفراشات التي كانت تهوى صيدها كانت من أشد ما لفت نظري ونظر الجمهور، ورغم تألمي على الفراشات إلا اني وقفت مطولا اتأمل الجمال الذي احتوته اللوحتين بشكل خاص من خلال جمال أجنحة الفراشات، ومن خلال المتخيل الذي حولته الفنانة إلى واقع على شكل لوحات، إضافة لجمالية اللوحات الأخرى، فالعمل اليدوي لديها تشكيل وابداع وليس مجرد عمل مهني.

   الفنانة ربى وهي فنانة تشكيلية عرفتها وواكبت ابداعها الفني عبر عشر سنوات مرت، والتي كانت تعمل على تطوير قدراتها الفنية بصمت وهدوء، تألقت باللوحات التكعيبية لوجوه تعرفها وبعضها أعرفها، فكانت لوحاتها بين التكعيبية الجمالية وبين التكعيبية والوحشية، كما تألقت برسم الخيول ولكن بأسلوب يمازج الواقعية بالخيال والمتخيل بخلق جمالية جديدة، وأذكر لوحة رأيتها لها قبل 10 سنوات كانت لجواد ويومها قلت لها: واصلي ابداعك فمن يجيد رسم الخيل بتشريحها المعقد هو فنان سيكون له بصمة، اضافة للوحات أخرى وخاصة التناظر بين الأسود والأبيض ولن أتحدث عنها أكثر بانتظار معرضها الشخصي القادم.

   الأطفال الأحفاد نوران ومحمد وآمال ونور الدين وأحمد ابدعوا في لوحات طفولية تعبر عن الفرح والحلم، فنوران ملكاوي رسمت العصافير ورسمت طفلة ترقب الشمس بلوحة متميزة وحلقت في أحلام الطفولة، وحلق أحمد خالد أبو دلو في لوحات طفولية جميلة، كما حلقت شقيقته آمال في مجموعة لوحات مائية شفافة وجميلة، وتألق الطفل نور بلوحة أكبر من عمره بكثير اضافة للوحاته الأخرى، وكذلك الطفل محمد بلوحات تشير أنه سيبدع ان اتجه لفن التصميم (جرافيك)، فكان ابداع الأحفاد استمرارية لابداع الأمهات والجدة.

   معرض متميز ترك أثره في روحي ونفسي، كان التنسيق للأعمال فيه متميزا فإضافة للعرض على قواعد التعليق والجدران، كان هناك تعليق لبعض الأعمال واللوحات على الأشجار التاريخية في بيت عرار، وكان مثواه وصورته غير مغطى خلف اللوحات فشعرت بروحه محلقة بفرح وكنت قد وقفت أمام ضريحه وقرأت على روحه الفاتحة لحظة دخولي المعرض، وكان لافتتاح المعرض من خلال رئيس بلدية اربد الكبرى المهندس حسين بني هاني وتجواله بين كل الأعمال، وحديثه مع الفنانين كبار وصغار جمالية خاصة، وهذه ليست أول مرة التقيه في معارض فنية وأنتبه لاهتمامه الكبير ورعايته للمبدعين واهتمامه بتفاصيل الأعمال المعروضة، إضافة للدور المتميز للقائمين على بيت عرار والمشرفين عليه بحيث تمكنوا أن يحولوه إلى منارة تستقبل الأدباء والمبدعين والفنانين.

الاعلان عن الفائزين بجائزة القدس للثقافة والابداع للعام ٢٠١٨


رام الله- شاكر فريد حسن 
أعلنت اللجنة الوطنية للقدس عاصمة دائمة للثقافة العربية، قائمة الفائزين بجائزة القدس للثقافة والابداع للعام ٢٠١٨، حيث فاز بالجائزة محليًا صعلوك القدس الشاعر فوزي البكري، صاحب ديوان " صعلوك من القدس العتيقة "، فيما ذهبت الجائزة عربيًا لدائرة الفنون " مؤسسة خالد شومان " في عمان ، وتسلمتها عادلة العايدي هنية، وعالميًا منحت جائزة القدس الى المخرج البريطاني العالمي كين لوتش، وتسلمتها نيابة عنه المخرجة مي عودة. 
أما الجائزة التقديرية فمنحت للفنان والخطاط الفلسطيني الراحل فلاديمير تماري، وتسلمتها نيابة عنه الفنانة فيرا تماري. 
في حين منحت جائزة عثمان أبو غريبة للمبدعين للباحثة سلمى الخالدي، مديرة مشروع في مؤسسة أرض الانسان الايطالية في القدس، ولطارق البكري الملقب" حارس الذاكرة ".

شوقي دلال رئيس "جمعية محترف راشيا" أطلق من حمانا مشروع الفنان والشاعر أنطوان برمكي في الحفر على الخشب


أطلق شوقي دلال رئيس "جمعية محترف راشيا" في بلدة وادي لامارتين  حمانا لبنان العمل الجديد في الحفر على الخشب للشاعر والفنان انطوان برمكي الذي يتضمن لوحات فنية شعرية من مجموعته الجديدة في الحفر على الخشب وهو مشروع يستحق منا كل تقدير نظراً للفرادة التي إبتكرها الشاعر برمكي حيث أنقذ خشب الأرز اليابس من لهيب المواقد وعَمِل عليه حفراً بوضع قصيدة على الخشب ومن ثم حفر حركة فنية تتلائم مع القصيدة مما جعل قطعة الأرز اليابس تحاكي الأرز الخالد على تلال لبنان من خلال الشعر والفن والإبداع.

لهذا من "جمعية محترف راشيا" نقدم تحية حب وتقدير  للشاعر والفنان الاستاذ انطوان برمكي على هذا العمل الإبداعي الجديد وأنصح كل متذوق للفن وَمَن يودون تقديم هدية متميزة في مناسباتهم التواصل مع الفنان برمكي نظراً لما تقدمه هذه الأعمال من رؤية جديدة واعدة سيكون لها موقع مهم في عالم الفن بإذن الله"....

من جهته شكر الفنان برمكي "جمعية محترف راشيا ورئيسها الفنان شوقي دلال على هذه البادرة التي أقدرها والتي تسلط الضؤ على أعمالي الفنية، كما أعد أن أستمر بهذا العمل وأطوّره في المستقبل نظراً لما رأيت من إعجاب لأعمالي من قبل فنانيين ومثقفين".

(في الصورة شوقي دلال يتسلم أحد أعمال الفنان انطوان برمكي في حمانا).

مركز فِكر: عيد العمال نهضة للوطن



أقام الاتحاد العمالي العام احتفالاً مركزياً في مقره لمناسبة الأول من أيار، في حضور الوزير محمد كبارة ممثلا رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة سعد الحريري، النائب ايلي عون ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، الرئيس الأسبق للجمهورية أمين الجميل، وزير الدولة لشؤون الفساد نقولا تويني، النائب قاسم هاشم، النائب غازي العريضي ممثلا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وتيمور جنبلاط، الوزير السابق سليم الصايغ ممثلا رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، الوزير السابق سجعان القزي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد، رئيس اتحاد المجالس الاقتصادية والاجتماعية روجيه نسناس، المدير العام للضمان الاجتماعي محمد كركي، رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير، رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين فادي الجميل، الأب عبدو ابو كسم ممثلا البطريركية المارونية، رئيس مؤسسة "لابورا" الأب طوني خضرا، وفد من اتحاد نقابات موظفي المصارف ونقابة موظفي المصارف، المحامي شادي خليل أبو عيسى رئيس مركز فِكر والمستشار القانوني يوسف عبد علي أمين عام مركز فِكر وممثلي قوى أمنية ومكاتب العمال في الأحزاب كافة وفاعليات.
بعد النشيد الوطني، ألقى رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر كلمة قال فيها: "يطيب لنا، ويسعدنا أن يشاركنا في هذا الاحتفال المركزي معالي وزير العمل الأستاذ محمد كبارة، ليس بصفته وزيرا للعمل فحسب ولا لكونه نائبا شعبيا مشهودا له، بل بصفته مواطنا متواضعا ومنحازا للعمال وذوي الدخل المحدود لمسنا من خلال صفاته هذه كل التعاون والحرص على نتائج إيجابية في جميع المجالات وضمن الإمكانيات المتاحة، فأهلا وسهلا بالصديق العزيز معالي الوزير محمد كبارة".
أضاف: "في مثل هذا اليوم، قبل عام كامل، وفي هذه القاعة بالذات جاء في كلمتنا "إن الأول من أيار - عيد العمال العالمي في هذا العام لن يكون بدء سنة شمسية نعدها مع العمال عدا، ولن نرضى بأن تكون سنة من السنوات العجاف، بل ستكون هذه السنة سنة المباشرة بالعمل الجدي والدؤوب لنحقق معا الانجازات المطلبية للعمال، كل العمال في لبنان". فهل وفينا بالوعد؟ وما هي الحصيلة الأولية؟ وإذا كان من المتعذر القيام بجردة عن أكثر من عام فيما تتيح هذه المناسبة النضالية الكريمة التي نحتفل فيها مع عمال العالم أجمع بعيدهم وذكرى شهدائهم ونضالاتهم والأثمان الباهظة التي دفعوها من أجل انتزاع حقوقهم فإننا بالإضافة لقرارنا بطبع كتيب بما تحقق من أنشطة وانجازات يوزع آخر هذا الشهر فإننا نكتفي اليوم بالعناوين الأساسية التي حكمت نشاط الاتحاد العمالي العام وقيادته خلال هذه الفترة".
وتابع: "وحدنا جهودنا مع هيئة التنسيق النقابية في النضال من أجل إقرار سلسلة الرتب والرواتب وقدنا سلسلة إضرابات وتحركات في المصالح المستقلة والمؤسسات العامة إلى أن تحقق هذا المطلب الذي استمر النضال من أجله أكثر من خمسة عشر عاما وطرح في اجتماعات بعبدا التشاورية من قبل الاتحاد العمالي العام رغم الشوائب التي تخللت تطبيقه ولا نزال نعمل لتصحيحها. ووقفنا ضد الصرف التعسفي، ونجحنا أحيانا في منعه في شركة دباس على سبيل المثال وأحيانا أخرى في تعويضات صرف عالية كما في بنك سرادار ومطعم مندلون، ولا زلنا نتابع المصروفون من جريدة البلد والوسيط وتوابعها ونتابع حالات الصرف الفردية أولا بأول عندما تردنا. وشاركنا في تنظيم وقيادة معارك المياومين وفي مؤسسات ومصالح الكهرباء والمياه والمستشفيات الحكومية والضمان الاجتماعي ومؤسسة أوجيرو وعمال البلديات وعمال المدارس الخاصة والعامة وعمال وموظفي الاهراءات في مرفأ بيروت وغيرها من المؤسسات التي لا يتسع المجال لذكرها. ونجحنا أخيرا في مؤسسة كهرباء لبنان بتنفيذ السلسلة بفضل نضالات النقابيين الأبطال. ونجحنا مع المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان وها نحن من جديد في خضم إعادة العمل بالقانون 287 والاتفاق السياسي الذي تلاه ونص على الأخذ بالفائض الناجح في مجلس الخدمة المدنية وعدده 139 ناجحا ومبدأ الاستمرارية في العمل والضمان وقد تحقق في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة وإجراء المباريات للفئة الخامسة ودفع التعويضات لمن يريد بداعي السن أو أي داع آخر".

وقال: "وضعنا كل الجهود مع لجنة الدفاع عن المستأجرين بوجه قانون إيجارات غير عادل وقدمنا الاقتراحات العملية وواجهنا عملية دس المادة (50) التي أصبحت المادة (49) في قانون موازنة 2018 الى أن ردها فخامة رئيس الجمهورية مشكورا بعد أن تأكدت هواجسنا بمؤتمر بروكسل الذي شرع التوطين المبطن. ولأول مرة في تاريخ الحركة النقابية في لبنان راجعنا مجلس شورى الدولة في قضيتين الأولى ضد قرار وزير الاتصالات بالاتفاق مع شركات خاصة بمد شبكة الألياف الضوئية وتجاوز "أوجيرو" والثانية ضد التعميم الرقم 29 و 30 لرئيس الحكومة حول آليات تطبيق القانون 46/2017 وربحنا المراجعتين. وعلى مستوى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي استطعنا مواجهة فرض المادة 53 في الموازنة عام 2017 والمادة 19 عام 2018 التي تعفي أصحاب العمل من براء الذمة وما شكله من خطر على الضمان، كما شاركنا بفعالية في مناقشات اللجنة المختصة في المجلس النيابي حول ضمان الشيخوخة والمعاش التقاعدي وتوصلنا الى إعطاء موظفي الضمان سلفة على غلاء المعيشة كحل وسطي بانتظار حل شامل لمسألة السلسلة وهنا ندعو الى إنتاج مجلس إدارة جديد للضمان يعيد تحريك عجلة العمل فيه ويضم فئات عمالية وفقيرة جديدة غير مغطاة صحيا مثل مزارعي التبغ والتنباك وصيادي الأسماك وعمال البناء والأخشاب ومستخدمي وعمال البلديات. ووقفنا مع المتعاقدين في الإعلام وكافة إدارات الدولة وحقهم في التثبيت وفي الحصول على الدرجات الثلاث وفي التقاعد والخضوع لتعاونية موظفي الدولة".
أضاف الأسمر: "على مستوى الإسكان والقروض السكنية شددنا على اقتراح إنشاء وزارة الإسكان كحل جذري لأزمة السكن ووقفنا مع العمال والعسكريين الذين توقفت قروض سكنهم وراجعنا المسؤولين عن هذا الملف من مدير المؤسسة العامة للإسكان وصولا الى حاكم مصرف لبنان ووضعنا خطة لإعادة العمل بالقروض بالتشاور مع المعنيين بهذا الإطار. كما أنه ولأول مرة حصلنا على مشروع الموازنة مسبقا ووضعنا اقتراحات عليها وراسلنا الرؤساء الثلاثة ووزير المال وتمت لقاءات مع المسؤولين الاقتصاديين وحاكم مصرف لبنان. ودعمنا حراك المتعاقدين في التعليم الثانوي والأساسي وحقهم في التثبيت والطبابة وبدل النقل بعدما استغلتهم الدولة واستعانت بهم عشرات السنين دون ان تفيهم حقهم. وبالإضافة إلى تنظيم أول لقاء يعقد في مقر الاتحاد العمالي العام مع الهيئات الاقتصادية والمهن الحرة في مناسبة ذات طابع اقتصادي وطني يوم أزمة الرئيس الحريري في السعودية واستقبلنا العديد من الوزراء والمدراء العامون في الاتحاد. كما استضفنا في مقر الاتحاد اجتماعا استثنائيا للمجلس المركزي لنقابات العمال العرب حول قضية فلسطين".
وتابع: "لم يكن ذلك متاحا لولا ورشة الإصلاح التي أقمناها في الاتحاد منذ انتخابات 15 آذار 2017 فجرى تأهيل القاعات والمكاتب لاستقبال هذه النشاطات المتنوعة والتي جعلت من اتحادنا خلية نحل على مدى عشرين ساعة في اليوم. وفي هذا السياق، نعلن لكم اليوم أننا قررنا استكمال بناء الاتحاد الذي أسسه الزميل العزيز الياس أبو رزق رئيس الاتحاد الأسبق بالتعاون مع المجلس التنفيذي في حينه برفع البناء إلى خمسة عشر طابقا وقد ساهم في قرارنا هذا موافقة معالي الوزير الصديق الأستاذ محمد كبارة ومعالي وزير المال علي حسن خليل برفع نسبة مساهمة الدولة في موازنة الاتحاد إلى ثلاثة أضعاف وسوف نسعى مع جميع الهيئات والشخصيات والمنظمات الصديقة للمساهمة في هذا الانجاز الحلم الذي يؤسس فعليا لقيام منظمة نقابية فاعلة ومستقلة وجامعة".
وقال: "ما هو أمامنا هو موضوع اليوم، وموضوع المستقبل وخصوصا العام الحالي. إن أول مهمة ينتظرها أضاف: "ولأن هناك إجماع على أن تلك المشاريع درست من الناحية الاقتصادية والمالية الصرف ولم تجر أي دراسة لأثرها الاجتماعي ومدى انعكاساتها على البطالة والأجور والضمانات خصوصا أن الشعار الأساسي للحملة الحكومية يقوم على دور القطاع الخاص والتوجه لإلغاء القطاع العام سواء عبر ما يسمى بالشراكة أو بالخصخصة أو بالترشيق، علما أن أكثر من مسؤول صرح عن فساد وهدر يربو على 10 مليارات دولار. والجميع يعلم أي نتائج "مذهلة" للشراكة التي قامت بين شركة كهرباء لبنان وشركات مقدمي الخدمات والحصيلة الكارثية التي نجمت عنها فضلا عن الشراكة مع شركة سوكلين وسواها من القطاعات وخاصة قطاع الاتصالات. واعتبرنا أن هناك استهتارا لمراكز الأبحاث والخبراء اللبنانيين بتكليف شركة ماكينزي إعداد رؤية اقتصادية للبنان".

وتابع: "نعم إننا قلقون وخائفون ولا نجاري المتفائلين تفاؤلهم لأننا لا نثق بالنموذج الاقتصادي القائم على الريوع المالية وتحكم المصارف وأصحاب الودائع الكبرى فيها بالدولة وسياساتها المالية ولأننا لا نثق بالقطاع العقاري الذي رفع أسعار الأراضي وبالتالي الوحدات السكنية إلى مستويات خيالية حرمت المواطنين اللبنانيين من محدودي الدخل ومتوسطيه من الحق بالسكن. وانطلاقا من ذلك، سنكون حذرين ومراقبين لأي مشروع يمس بالمصالح الاقتصادية والاجتماعية للعمال، وندعو الى إحالة كل المشاريع الى المجلس الاقتصادي الاجتماعي للدرس والتحميص وإبداء الرأي وخصوصا أن باكورة أعمال هذا المجلس كانت التمسك بموجب براءة الذمة المعمول به في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وهذا ما يبشر بالخير ونحيي المجلس ورئيسه شارل عربيد على هذا الانجاز وندعوه الى مزيد ضمن مبدأ الحوار والمشاركة بعيدا من التشنجات والصراعات. وندعو المجلس النيابي العتيد وانطلاقا من التزامات الحكومة بأن لا يمر أي مشروع دون موافقته وموافقة المجتمع عليه. وسيكون الاتحاد شريكا مراقبا مدعيا عاما عماليا شعبيا يشارك بصياغة كل شيء عملا بنظامه الأساسي المادة 3".
وقال: "مر العام الماضي وجملة مخاطر على وطننا فضلا عن استمرار العدو الإسرائيلي باحتلال جزء من أرضنا ومواصلة عدوانه على سماءنا وبحرنا ونفطنا ومياهنا، كما كانت القوى التكفيرية إحدى أكبر الهواجس على التخوم الحدودية الشرقية والشمالية للوطن. لكن الجيش اللبناني الباسل والمقاومة الوطنية المحتضنين من الشعب اللبناني تمكنا ليس فقط من تحرير الأرض من هذا الوباء التكفيري، بل من خلق معادلة رعب مع العدو الإسرائيلي وكل ذلك بفضل الشهداء والجرحى الذين ندين لهم بكل الأمن والأمان الذي ينعم فيه بلدنا. فتحية للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وشعبة المعلومات وأمن الدولة وللحاضرين الممثلين لهذه الأجهزة وكل الأجهزة الأمنية بيننا".
أضاف: "نفهم العمل اللائق بأنه الحق بالصحة والرعاية الاجتماعية والحق بالعمل أصلا والحق بالسكن وبالتعليم على مختلف مستوياته وكذلك الحق بالنقل والتنقل وانطلاقا من كل ذلك سوف يكون برنامجنا للعام القادم للنضال معا في سبيل انجاز ضمان الشيخوخة وإعلاء شأن التعليم الرسمي في كل مراحله ووضع خطة إسكانية شاملة وإنشاء وزارة الاسكان في الحكومة المقبلة ومواجهة أي مساس بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وإقرار سلم متحرك للأجور ورفض أي ضريبة غير مباشرة مقابل وضع ضريبة تصاعدية على الأرباح والمداخيل الموحدة بحيث تتساوى مداخيل الضرائب غير المباشرة بالمباشرة كما في معظم بلدان العالم القريبة من اقتصادنا وأوضاعنا. إضافة الى ذلك، سنصر على المطالبة بتعديل قانون الإيجارات لنحمي العائلات الفقيرة من التشرد وننصف صغار المالكين، وتطبيق سياسة صحية شاملة يستعاد من خلالها الدور المرتقب للمستشفيات الحكومية وتنفيذ سياسة نقل وطنية تستعيد العمل بالنقل العام وإعادة سكة الحديد وتطويرها والبحث الجدي بإنشاء مترو أنفاق في المدن الرئيسية وخصوصا العاصمة. وأخيرا العمل لوضع قانون عمل حديث وعصري يتماشى مع التطورات التي حدثت على سوق العمل ويبعد شبح الصرف التعسفي. وتبقى مسائل أخيرة وخطيرة، منها أزمة النازحين والضغط الناتج عنها، وخصوصا استغلالها من قبل بعض أصحاب العمل كمصدر مضاربة على اليد العاملة اللبنانية بسبب التهرب من الرسوم والضمانات والضرائب وتحويلها إلى مشكلة بين الضحايا بسبب الجشع من ناحية وضعف مراقبة الدولة من ناحية أخرى. إضافة إلى مشكلة الفساد والإفساد والهدر والتهرب الضريبي وعمليات التهريب في البحر والبر والجو إلى مشكلة الكهرباء المستعصية ومشكلة المياه الشحيحة ولدينا نهري الليطاني والعاصي وما بينهما من أنهر ملوثة. وكل ذلك يجري في ظل غياب معظم الهيئات الرقابية وعلى جميع المستويات".
وتابع: "نحن بحاجة لنعمل معا من أجل إصلاح فوري وفعلي لمؤسساتنا السياسية والإدارية وخصوصا القضائية لنتساوى جميعا أمام القانون فلا يفلت كبار اللصوص من شباكه ويرمى بسارق الرغيف في السجن وبالمناسبة نحيي الهيئات الرقابية وعلى رأسها المجلس الدستوري ومجلس الشورى وديوان المحاسبة ومجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي ودائرة المناقصات وسواها من الهيئات الرقابية التي تقوم بدورها السليم وندعو الى الأخذ بمباريات مجلس الخدمة المدنية وتعيين جميع الناجحين بدون أي تمييز. وفي حمى الانتخابات كنا نتمنى أن يخوض المرشحون حملاتهم ببرامج اقتصادية صحية اجتماعية لا ببرامج طائفية ومذهبية تعزز النعرات وندعو العمال للتصويت لمن وقف الى جانبهم في قضاياهم المطلبية المحقة".

وختم: أخيرا نعاهدكم أن نكون أوفياء لكم ولآمالكم المعقودة على قيادتكم النقابية، أوفياء لدماء وعرق المناضلين والفقراء وذوي الدخل المحدود. إنه اتحادكم الواقف دوما وأبدا إلى جانبكم. فليكن ذلك هو معنى ومغزى الاحتفال بالأول من أيار ووفاء لأرواح الشهداء وتضحيات كل من سبقنا من النقابيين والعمال في الكفاح من أجل وطن نستحقه ويليق بنا وبشعبنا".

كبارة
ثم كانت كلمة لكبارة قال فيها: "كل عام وأنتم بخير يا عمال لبنان. يشرفني ان أنقل إليكم تحيات فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ودولة رئيس مجلس الوزراء الاستاذ سعد الحريري اللذين شرفاني بتمثيلهما في هذه المناسبة. أيها الكادحون من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب، ومن أقصى البقاع الى زوارق الصيادين. تحية لكم وأنتم الذين تصارعون اليوميات في مواجهة التحديات المتراكمة والأزمات الجديدة".
أضاف: "العيد بالنسبة لكل الناس هو للفرح، حيث ترمى الهموم في الخلف، اما أنتم، فان عيدكم هو مناسبة لاستحضار الهواجس وتنشيط الهموم، سعيا الى غد أفضل. لكن الغد الذي تنتظرونه يأتي دائما أصعب من الأمس الذي مضى، حيث تتراكم التحيات وتزداد الأعباء وتضعف الآمال. اليوم تضغط عليكم تحديات الرواتب المتدنية والمزاحمة وتراجع فرص العمل، وغياب الضمانات الاجتماعية والقلق على المستقبل. بكل أسف، الدولة لم تمنح عمال لبنان الثقة بمستقبلهم. الدولة التي تنفق المليارات، لم تفكر يوما بحماية أبنائها. هذه العقلية الموروثة لدى المسؤولين في الدولة جعلت من عمال لبنان أسرى الرياح التي تعصف بيومياتهم وديمومة عملهم".
وتابع: "عندما يهاجر اللبناني، فان هجرته ليست من أجل العمل فقط، اسألوا أي لبناني هاجر او يفكر بالهجرة، المهاجر يقول انه لا يخشى من الغد لانه يشعر بالأمان الاجتماعي، والذي يريد الهجرة يقول انه يريد الإطمئنان الى مستقبل عائلته. هذا هو عنوان القضية الاساسية التي يجب على عمال لبنان وضعها في أولوية نضالهم، تصحيح الأجور هو بمثابة حلقة مفرغة وقعنا في دوامتها منذ عشرات السنين، فهل أعطانا تصحيح الأجور حلا لقضايا العمال. على العكس. نزيد الأجور من هنا، ترتفع الأسعار من هناك وتزداد الفاتورة الشرائية والاستهلاكية فتتآكل زيادة الأجور حتى قبل ان يحصل عليها العمال. انه المسار ذاته الذي نسير عليه من دون اي أفق، فأزمات العمال ومعاناتهم وهمومهم تتعمق، وضغوط الحياة والأعباء تزداد، بينما ما نزال عالقين في داخل هذه الحلقة المفرغة. ما يحتاج اليه العمال في لبنان هو الاستقرار الاجتماعي، هذا الاستقرار الذي يخفف فاتورة الاستشفاء الى الحدود الدنيا، ويؤمن للعامل نوعا من الإطمئنان الى شيخوخته".
وسأل: "أليس غريبا ان العامل في لبنان تنتهي التغطية الصحية له بعد ان يبلغ سن نهاية الخدمة؟ أي منطق وأي عقل وأي عدالة يقولون ان التغطية الصحية تنتهي عندما يبدأ الانسان بحاجة اليها في عمره المتقدم. هنا، ايها الاخوة، جوهر القضية الاجتماعية في لبنان. فالعقل السياسي للمسؤولين في الدولة كان يفكر دائما بكيفية إخضاع الناس لمنطق الحاجة لكي يستثمروا هذه الحاجة في الانتخابات. لم يفكر ذلك العقل بسبل حماية المجتمع والناس. التفكير كان محصورا بكيفية إبقاء الناس مرتهنين للسياسيين كي تكون خدمتهم مشروطة بالأصوات الانتخابية".
وقال: "ان هذه القضية الجوهرية هي مفتاح الحلول لأزمات العمال في لبنان. وعاهدت نفسي، منذ لحظة تسلمي وزارة العمل، ان أعمل لحل هذه المعضلة، أو في الحد الأدنى ان أضعها على سكة الحل. فأنا مؤمن بأن الاستقرار الاجتماعي، هو ركيزة الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي والتجاري. نجحنا في ضبط منافسة اليد العاملة غير اللبنانية للعمال اللبنانيين، طبعا مع الأخذ في الاعتبار الضغوط الدولية التي تمارس على لبنان في هذا المجال. لكننا مع ذلك استطعنا تضييق هامش المنافسة. وتمكنت في هذه الفترة القليلة من توسيع دائرة المستفيدين من تقديمات الضمان الصحي، إذ من غير المقبول ان يبقى الناس من مختلف الفئات الاجتماعية من دون حماية صحية، لكن المشروع الحلم الذي أتمنى الانتهاء من إنجازه هو ضمان الشيخوخة لكل اللبنانيين، وتأمين الاستقرار الاجتماعي من خلال راتب تقاعدي لكل العاملين، وراتب لكل العاطلين عن العمل في سن متقدمة، تماما كما هو معمول به في الدول المتقدمة في العالم".
أضاف: "هذا المشروع اليوم قطع شوطا متقدما جدا في الدراسة الاكتوارية التي طلبناها من منظمة العمل الدولية، لكي نحدد كلفة هذا المشروع النهائية وكيفية تمويله وبالتالي وضعه موضع التنفيذ. هذا المشروع الحلم، هو حجر الزاوية الذي يحمي عمال لبنان من غدر الظروف، ويوفر عليهم التنقل بين مكاتب السياسيين من أجل الاستشفاء او تغطية أعباء الحياة، وكان دخول المستشفى يحتاج الى فيزا".
وختم كبارة: "في عيدكم، ننحني إجلالا أمام تضحياتكم وصبركم وتحملكم أعباء غياب الرؤية الاجتماعية للدولة، لكني أبشركم أن زمن إدارة الظهر ولى وأدعوكم الى حماية مكتسباتكم، ووضع رؤية موضوعية لمعالجة المشاكل، وأنا أرى ان أي حلول لا تنطلق من استراتيجية تأمين الاستقرار الاجتماعي، هي عبارة عن مسكنات لالتهاب مزمن في جسد الواقع الاجتماعي للبنانيين. يا عمال لبنان اتحدوا من أجل فرض هذه الاستراتيجية، فزيادة الرواتب تتآكل والمشكلات تتفاقم، ولا بد من حل يحمل ديمومة ويؤمن سلاما في مستقبل عمال لبنان. يا عمال لبنان اتحدوا لكي نحتفل معا العام المقبل وقد أنجزنا مشروع الحماية الاجتماعية".
وفي ختام اللقاء، جال وفد مركز فِكر على رئيس وأعضاء الاتحاد مقدماً التهنئة ومشدداً على أن نهضة الوطن تكون بجهود العمال والمواطنين المخلصين لوطن الأرز..وطن الرسالة.