رحيل الشاعر الفلسطيني الكبير هارون هاشم رشيد



كتب حاتم جوعيه:
أعلن يوم الإثنين ( 28 / 7 / 2020 ) ، عن وفاة الشاعر والأديب والمؤرخ  الفلسطيني  الكبير هارون  هاشم رشيد ،  في  مدينة  ميساساجا   الكندية  عن عمر  ناهز 93عاما  .                                          .        .                                                                        
ولد الشاعر والمناضل الكبير هارون هشام رشيد، في حارة الزيتون بمدينة غزة  العام 1927، ومنذ  طفولته  شهد  على  الأحداث  والتطورات  التي  شكلت المأساة  الفلسطينية، ورأى الأطفال  والنساء والشيوخ يبتلعهم البحر الهائج، حيث  كانت  مراكب  اللجوء  تنقلهم  إلى  شواطئ  غزة ، بعد  أن شردتهم العصابات الصهيونية عن ديارهم وأراضيهم  .                     
من الصور التي ظلت منقوشة في ذاكرة الشاعر، صورة تلك المرأة التي رمتها نفسها في البحر الهائج ، في محاولة  يائسة  لإنقاذ ابنها  من أمواجه العاتية، ومنذ ذلك الوقت وهو يكتب شعراً مسكوناً  بهموم الوطن  ونكباته، وملامح  الصمود  وأساطير المقاومة ،  فخرج  شعرا  مقاوماً وطناً  تغنت  به الأجيال الفلسطينية، ولا تزال .                                             
وهو علاوة على كونه قامة شعرية كبيرة، فهو مناضل وسياسي وإعلامي ودبلوماسي ، وشغل منصب  مندوب  فلسطين المناوب  في  جامعة  الدول العربية .                                                                         
أطلقت عليه تسميات مختلفة مستوحاة من مراحل عذابات شعبنا فهو: شاعر النكبة، شاعر العودة، شاعر الثورة وهي تسمية اطلقها عليه الشهيد خليل الوزير عام 1967 بعد قصيدة «الأرض والدم» وأطلق عليه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة لقب (شاعر القرار194).                    
أصدر قرابة عشرين ديواناً شعرياً منها (الغرباء عام 1954، وعودة الغرباء 1956 ، غزة  في  خط النار،   حتى  يعود  شعبنا 1965،  سفينة  الغضب 1968 ،  ورحلة العاصفة 1969 ،  فدائيون 1970 مفكرة عاشق 1980 يوميات الصمود والحزن  1983، وثورة الحجارة 1991،  وطيور الجنة 1998 وغيرها..                                                         
اختيرت نحو 90 قصيدة من أشعاره قدمها اعلام الغناء العربي، وفي مقدمة   من أنشدوا أشعاره فيروز  ، وفايزة كامل ، ومحمد فوزي، وكارم محمود، ومحمد قنديل ، ومحمد عبده، وطلال مداح ، وآخرون.            
كتب أيضا أربع مسرحيات شعرية ، مُثلَ منها على المسرح في القاهرة مسرحية "السؤال" من بطولة كرم مطاوع وسهير المرشدي  .             
وبعد حرب العبور 1973 كتب  مسرحية  "سقوط بارليف"  وقٌدمت على المسرح القومي بالقاهرة عام 1974، ومسرحية "عصافير الشوك"، إضافة إلى العديد من  المسلسلات والسباعيات التي كتبها لإذاعة "صوت العرب" المصرية وعدد من الإذاعات العربية.                                         
وله دراسات عدة، من بينها: الشعر المقاتل في الأرض المحتلة، ومدينة وشاعر: حيفا والبحيري، والكلمة المقاتلة في فلسطين.

البوّابات الخمس... بالعربية والإنجليزية وميثاق البقاء في جنة وهيب نديم وهبة

كتبت شهربان معدي:
حين ترك لنا النهر.. وعلّمنا لُغة الريح.. ومنح كل واحد منّا نجمة.. نجمة بخمسة ألوان.. جمعها ميثاق واحد.. وعناق واحد.. وجعلنا نختم الميثاق/ العهد.. وفي حنو النسيم.. وموسيقى الريح؛ أعطانا معالم الطريق.. فُتحت كل البوابات.. عبر الصالحين الجسر.. دخلوا  في جسد التكوين الأول...  "ميثاقهم في يمينهم"

*الأخضر، الأحمر، الأصفر، الأزرق، الأبيض، ألوان الطيف، ألوان الجنة المخملية، وألوان جغرافيتنا الأرضية، ألوان تمازجت بعظمة الخالق، والعناصر الأربعة، الهواء والماء والتراب والنار،  لتخلق هذا الكون البديع، وترسم لنا صورًا جذلى، بديعة الألوان، ساحرة الوقع على القلب والعين والحواس، حيث لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
  
* اللون الأخضر/ مولاي  العقل، بوابة الحكمة، العقل الكلي، أول باب من أبواب الجنة الذي يفتحه المبدع الأستاذ وهيب نديم وهبه، على مصراعيه، ليدخل إليه من يشاء، دون طقوس ودون مقدمات، يرسم خريطة الدخول "كيْ أُعطيَ القادمَ معالمَ الطّريقِ." ص23. 
يكفي أن تتقد في قلبك شُعلة الإيمان، شعلة الأبدية، شعلة الخير والطبيعة والنماء، ويغلفه نور الحكمة والبصيرة، لتدخل مملكة الجنان... 
"وتدخلُ أنتَ منطقةَ الحيِّ الْأخضرِ. قدماكَ الآنَ في الدّاخلِ، ناظراكَ يجولانِ المكانَ. لا توقيتٌ هنا... لا زمنٌ... لا أسماءُ للأيّامِ، ولا تواريخُ... العقلُ هنا إمامُ الزّمانِ، وسيّدُ المكانِ، وتاجُ الحضرةِ يهفهفُ بالأخضرِ في ثنايا الهواءِ. " ص45
"طبع الهيولى وممدّها"
* اللون الأحمر/ مولاي النفس، البوابة الحمراء، لون الغضب والبسالة والشجاعة/... حيث يقول: "ليكنْ خلاصُ النّفسِ بالْأحمرِ. لا شيءَ يطهّرُ الجسدَ، سوى الدّمِ، ولا شيءَ يفسدُهُ كالدّمِ."
" هذِهِ البوّابةُ الواقفةُ في أرضِ الجنانِ، لا تفتحُ أبوابَها، إلّا حينَ يشتدُّ ظلمُ اْلإنسانِ. يستبدُّ... يستعمرُ، يسرقُ أرضَ الغيرِ، وخيراتِ الآخرِ. تُفتحُ الجهةُ اليُمنى، تخرجُ النّارُ تحرقُ تحصدُ الظّالمينَ، أوْ تبدّلُ حالَ الصّابرينَ. لهذا، عليْكَ أنْ تصبرَ قليلًا، كيْ أعطيَكَ رسمَ المكانِ وشكلَ البوّابةِ الحمراءِ. " ص26
* اللون الأصفر/ مولاي الكلمة، بوابة النور؛ لون الجنى، لون الحصاد، لون السنابل المثقلة بالقمح.
"كتاجِ السّيفِ، كخروجِ الصّيفِ منْ يدِ الْفصولِ؛ ودخولِ أيلولَ." ص 38
" يخرجُ القيدُ منَ البوّابةِ الصّفراءِ. " ص38
(بوابة المعرفة) 
"أفقٌ مشغولٌ بالإبرةِ دقيقُ الخلقِ." ص38-39 
(حرارة الصلاة) 
النار الموقدة في القلوب، تغسل خطايا البشر.. تنبت السنابل في كل مكان.. سنابل الخير.. كما تنزل الأسطورة.. تنزل الشمس معكَ.. تسير معكَ.. نحو طريق الذهب.. وتحتضن الكلمة/ البوابة الصفراء، طريق النور.. قف عند العتبة.. سنكون معًا، كي ندخل عبر البوابة.. إلى الحي الأصفر.

* اللون الأزرق/ مولاي السابق، بوابة التواضع وسكينة الجوارح؛ خير الأرض والسموات.. الماء والسماء. 
"لكَ الْآنَ أنْ تشهقَ ملءَ ما تملِكُ منْ شوقٍ واشْتياقٍ. هذهِ الْعصافيرُ الزّرقاءُ، استيقظَتْ هذا الصّباحَ" ص 34
حدائق الزهر الأزرق مُعلقة مثل التيجان.. لهفتي تسبق خطوتي.. أصل المكان ما ترسمه السماء.. أقهر جوارحي.. تسقط نظرتي على نقطة وسط البوابة الزرقاء.. تتسع النقطة.. حتى تصبح دائرة بحجم جسدي.. تفتح البوابة الزرقاء نوافذ الفرح.. فرح الحضور يتوّج البيوت بخط أزرق في اتحاد الأزرق بالأزرق وسكون التواضع.. يستطيع القادم، المتأمل، الخاشع، الواثق، الزاهد، الصابر.. أن يدخل الحي الأزرق بسلام وأمان.

* اللون الأبيض/  مولاي التالي، سيدي البهاء؛ رمز السلام والنقاء، وصفاء السريرة.. "إلى منِ اتّخذوا البياضَ حياتَهمْ، والبياضُ شفافيّةُ روحِهمْ. أنتمُ البياضُ بينَ النّاسِ لوحدِكمُ." ص64
"ترتدي الأرضُ ثوبَ الزّهرِ الأبيضِ، ويعانقُ الشّجرُ المقابلُ لجهةِ البيوتِ أشجارًا بلونِ بياضِ القلبِ، ونقاءِ الماءِ وصفاءِ العقلِ. سكنوا بعيدًا عنِ النّهرِ، قريبًا منَ البوّابةِ الْبيضاءِ. 
باعوا الدُّنيا، وَاشتروا بيتًا هنا يسكنُهُ الطّيرُ والنّباتُ. تحومُ حولَ السّواقي الطّيورُ حاملةً خيرَها، زادَها، جنى الأرضِ. " ص64 

بعيدًا عن الضغينة والأحقاد وجشع التاجر.. ونفاق المنافقين.. نَعِم الصالح بثمار الجنة..  "كتلةً منْ نارِ الخيرِ ونورِ الحقِّ ووهجِ المنطقِ" ص62  
اجتمعت هناك وراء البوابة البيضاء.

الجنة في مخيلة المبدع؛ وهيب نديم وهبة:
ما هي الجنة عند المبدع الأستاذ وهيب وهبة...؟ هي ليست منابر من نور وزبرجد وفضة، ولا أنهار من لبن وعسل، ولا عيون حور، ولا لباس حرير، وتراب من زعفران، هي أرض الخير المنبسطة؛ لأهل الخير الذين حسناتهم تسير أمامهم.
"في الأرضِ كانوا البِرَّ، كانوا الْخيرَ، النّورَ، الحبَّ. كانوا نصرةَ المظلومِ ومحاكمةَ الظّالمِ." ص53
"تشرّدوا في كلِّ بقاعِ الأرضِ، سُرِقتْ أَرضُهمُ، حُرِثَ زرعُهمُ، أُكلَ رزقُهمُ، هُدِّمَتْ بيوتُهمُ، قُتِلَ أولادُهمُ، نساؤُهمُ، شيوخُهمُ. 
سُرقَ أغلى مَا يملكونَ، سرِقَ الوطن... وصبروا وعملوا الصّالحاتِ، الآنَ عادوا إلى المَكانِ المَوعودِ إنَّ اللهَ لا يُخلفُ المِيعادَ." ص59  
  
إسلوب الكاتب: 
في هذه المطولة الإبداعية الراقية، المطلية بمسحة فلسفية دينية؛ ما بين الجنة والجحيم، وبين تيه الزمان وفضاء المكان، والبصر والبصيرة. بين لغة الترميز والإشارات والإيحاءات...  
نحلّق سوية في جنة وهيب وهبة، التي رسمها بريشته البارعة، الشاعرة، الإنسانية، لتتجلّى فرادته وموهبته الفذَّة، في سياق لغوي ساحر، ولغة عذبة سلسة، متناغمة في إيقاعاتها الداخلية، حيث يأخذنا لعوالم خفية، ميتافزيقية، يرسمها بلغته التجريدية، "د. أنور غني الموسوي" حيث دمج الأديب وهيب وهبة، كل عناصر الإبداع؛ الفني والجمالي والإرسالي، والرمزي والفلسفي، ليبوح بكل مكنونات صدره، ويخلق عوالم جديدة، متعددة التأويلات،  تحمل عذوبة النسيم، وعمق التفكير، وصفاء الروح.. ورقة المشاعر، وسمو النفس، حيث يرتقي بالقارئ للأحاسيس والمشاعر الإنسانية العالية، الصافية كالفضة البيضاء، بعيدًا عن الزجر والتخويف، والتهويل والتضخيم، وحيث "السهل الممتنع" المطعم بمجازات ثرية، ورؤيا الحداثة؛ المطّهمة، بالخيال الخصب، واللغة الرمزيّة الأخاذة...  "موسيقى السماء، تصنع سريرًا من الذهب الخالص" ص47  "يدخلون في قميص الريح، يتحولون إلى شيء لا يشبه إلاّ الفرح، السعادة، النعيم الأبدي" ص58

يأخذنا الأستاذ وهيب لهذا العالم السحري البعيد عن الضوضاء والضجيج، والأسلاك والتكنولوجيا، السابح في لواعج الوجد، وملكوت الله؛ المحترق بنار الشوق والاشتياق لفاكهة الجنة الحقيقية، جنة المشاهدة، حيث النور لا يحتجب، وحيث ترفرف الألوان الخمسة، فوق السور، ويعود أهل الديار، يعود أهل الخير.

سلمت يُمناك أستاذي الشاعر، الإنسان.. وشكرّا لك.. على جنتك المرسومة بقطر الندى.. المشغولة بماء الذهب.. المُشعّة بصفاء الروح.. وحسن السيرة والمسيرة.. البعيدة عن زخارف الدنيا.. وثقل المادة.. شكرًا لك لأنك.. بسّطت مفهوم الجنة للأجيال القادمة.. لكي تقف على أبواب الجنة.. والتي لن يجتازها إلاّ من عرف الأسرار الخمسة.. ومن تلظّى بنار شوقهم المقدسة.. لينصهر في الروح الكّلية.. التي تحرس هذا الكون من زمن سيدنا آدم الصفا.. حتى هذه اللحظات.

اشارات:
الجنة - صدرت باللغة العربية والإنجليزية 2020
للإنجليزية ترجمة الشاعر: حسن حجازي حسن - مصر.  
الطبعة الرابعة - صدرت عن مركز الدراسات والأبحاث – يانوح.
مقدمة الناشر – مدير مركز التراث المحامي محمود شنان 
ومدير مركز الدراسات والأبحاث - الدكتور: عنان وهبة.
كتب المقدمة للطبعة الرابعة - الجنة: الناقد الدكتور: نبيه القاسم.
المراجعة والتدقيق: الباحث الدكتور - صفا فرحات.
الطباعة - دار الحديث - بإدارة الشاعر الإعلامي: فهيم أبو ركن. 
لوحة الغلاف: يمنة حسن – مصر.

عام كورونا كتاب رقمي جديد للكاتب المغربي عبده حقي


أصدر الكاتب المغربي عبده حقي كتابا رقميا جديدا موسوما ب "عام كورونا" من الحجم المتوسط يناهز عدد صفحاته 180 صفحة وبغلاف من تصميم الكاتب نفسه .

يضم الكتاب بين دفتيه ثلاثين مقالة موزعة بين شقين : الشق الأول هو عبارة عن مجموعة من الأسئلة القلقة والملحة التي أثارتها جائحة كورونا والتي حاول المهتمون الإجابة عنها كل من زاوية تخصصه وتصوراته وخبرته بهدف إيجاد الحلول القمينة بتجنب ما أمكن الكارثة وما يجرفه طوفانها من أزمات على مختلف المستويات .

أما الشق الثاني من الكتاب فهو خلافا للشق الأول لم يطرح أسئلة ويبحث عن أجوبة وإنما اعتبارا لكون تاريخ الإنسانية قد وثق من خلال مختلف مستويات التعبير الكتابي والشفاهي الأدبي والفني الروائي والقصصي والشعري سيناريوهات عن كيف عصفت رياح الأوبئة بعديد من المجتمعات وكيف أنهكت دولا وأخلت مدنا ومحت قرى بكاملها وبعثرت ملامح وهويات عدة شعوب وهذا ما حاول أشهر الكتاب والأدباء توثيقه من خلال كتابتهم عن تجاربهم الخاصة مع ألم الوباء أو تجارب غيرهم في شكل روايات وقصص و سيرة ذاتية ومسرحيات وأفلاما .  

ومما جاء في صفحة الإهداء : إلى كل رجالات الدولة من سلطة وأطباء وخبراء وباحثين وإعلاميين ومتطوعين أفنوا ساعات تلو ساعات من عمرهم على جبهة الدفاع ضد جائحة كورونا مضحين بأرواحهم وراحة أسرهم من أجل أن يبقى هذا الوطن معافى وشامخا وفخورا أمام التاريخ الإنساني بكونه ربح رهان التصدي لجائحة كورونا .

حاتم جوعيه: في زيارتي الشاعرة والكاتبة آمال أبو فارس مديرة المنتدى الثقافي القطري والفنانة التشكيليَّة ماري روحانا




       زارني  ظهر يوم الخميس  (  23 / 7 /  2020  )  في بيتي في قرية المغار -  الجليل الشاعرة والأديبة آمال أبو فارس  مُؤسِّسَة  ومديرة المنتدى الثقافي القطري والفنانة  التشكيلية ماري روحانا  من قرية  عسفيا -  قضاء حيفا .   ودار الحديثُ  بين  الجميع  في أمور الثقافة  والأدب  والنقد المحلي  ونشاطات  المنتدى  الثقافي  القطري  محليا  في  إقامة الندوات  والأمسيات الثقافية والأدبية وتشجيع  ودعم  المواهب الجديدة  الواعدة  أدبيا  وفنيا التي لم  تُسلط عليها الأضواءُ  من  قبل  وسائل الإعلام .. ولم  تجد  فرصتها بعد  في  صدد الشهرة والأنتشار.
        وأهديتُ نسخا من  كتابي  الجديد  دراسات في أدب الأطفال  لكلٍّ من الشاعرة آمال  أبو فارس والفنانة ماري روحانا .  وقد أجريتُ  لقاء صحفيا مطولا مع الشاعرة والكاتبة القديرة آمال  أبو فارس سينشر قريبا في وسائل الإعلام  .

صدور عدد تموز 2020 من مجلة الإصلاح

عرعرة- من شاكر فريد حسن

صدر العدد الجديد ( عدد 4، المجلد التاسع عشر، تموز 2020) من مجلة " الإصلاح " الشهرية المستقلة للأدب والثقافة والتوعية والإصلاح، التي تصدر عن دار " الأماني " في قرية عرعرة- المثلث، ويرأس تحريرها الأديب الأستاذ مفيد صيداوي.

جاء العدد في 50 صفحة من الحجم الكبير، والورق الابيض الصقيل، وتزين غلافه الداخلي لوحة للفنانة الواعدة نكير دنق، ويشتمل على العديد من الموضوعات والمواد الأدبية والثقافية والمعالجات النقدية والتجارب الإبداعية، الشعرية والقصصية.

ويكرس رئيس تحرير المجلة كلمة العدد للحديث عن الراحلين مؤخرًا عن عالمنا، البروفسور زئيف شطرنهول من انصار السلام والديمقراطية، والأستاذ علي حسن أسدي، مفتش المعارف العربية سابقًا، والشابة الواعدة الطموحة المتألقة في عدة مجالات فنية وسياسية المرحومة عروب حسين عرسان حبيب اللـه، التي قضت في حادث سير، والأديب الشاعر البروفسور فاروق مواسي، أحد أعلام الأدب واللغة والثقافة العربية في البلاد.

ونقرأ في العدد لكوكبة من الكتاب والأدباء والشعراء، فيكتب عبد التواب يوسف عن ثقافة الطفل في عصر المعلومات، وحسني بيادسة عن الفن التشكيلي، ورشدي الماضي عن المسرح والثقافة المسرحية : الطفل الضائع  وتقنية التغريب، والشيخ غسان الحاج يحيى في قراءة لكتاب الأرض الطيبة لمفيد صيداوي، ود. أحمد القاضي حول معطيات الإسلام في الفكر السيخي، وسعود خليفة عن تاريخ حيفا عروس الكرمل، واحمد صالح جربوني في لقطات من الذاكرة. أما الدكتور محمد حبيب اللـه فيتناول موضوع الحكمة كما انعكست في أشعار تبدأ بكلمة " إذا "، ود. يوسف بشارة في قراءة لسيرة " مشواري مع الحاجة فولة " للشاعر الأديب عبد القادر عرباسي، وعبد اللـه عصفور عن  أبي عدي وابي ناصر قدوة في العمل الوطني النظيف، والأديب فتحي فوراني عن د. هاني صباغ نصراوي أطلعته حارة العين، وبروفسور حسيب شحادة  بجولة اخرى في " الابونيمات "، والصحافي محمود خبزنا محاميد في أدب الرحلات عن مدينة يافا التي بقيت شامخة عبر الزمان، وعمر سعدي في " رجع محمود سالمًا "، والأديب حسين مهنّا في زاويته " عين الهدهد " عن الوقت.

أما في مجال الكتابة الإبداعية فيساهم شاكر فريد حسن بقصيدة " أمير البيان " مرثية للصديق الشاعر بروفسور فاروق مواسي، ود. منير توما في قصيدة " وسامة ورشاقة مشتهاة "، وحسين جبارة في قصيدة " وسط " البلد، وصالح أحمد كناعنة في قصيدة " ريحٌ واوتارُ "، ويوسف جمّال في قصة " ومضات من عتبات الرحيل "، ومصطفى مرار في حكاية للأطفال بعنوان " فهيمة والباذنجان

ويحتوي العدد كذلك على تقرير عن وفاة كاتبة أدب الأطفال باللغة العبرية تمار بوشطاين، ونافذة على الشعر العبري الحديث، ونافذة أخرى على الأدب العالمي، وزاوية " أريج الكتب " التي تستعرض ما يصل إلى مكاتب هيئة التحرير من كتب ومجلات ومطبوعات ورقية، إضافة إلى مجموعة من الشذرات والمواد الخفيفة.

مسألة وقت ليس إلا جديد الشاعر بن يونس ماجن

عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدرت المجموعة الشعرية « مسألة وقت ليس إلا » للشاعر المغربي المقيم في لندن "بن يونس ماجن".

المجموعة تقع في 124 صفحة من القطع المتوسط ، وتتضمن ستة وعشرين نصًّا متنوعًا.

جاء عنوان المجموعة منسجمًا مع أفكار ومضمون القصائد التي تميزت بجمالية الخيال والإيقاع الفني ، واستطاع الشاعر من خلالها أن يعبِّر بصدق عن تجاربه الذاتية الوجدانية والإنسانية

تتمحور المجموعة حول موضوعات عديدة ومتنوعة : الزمن ، الأرض ، الاغتراب ، بالإضافة إلى قصائد عامة عن الشعر والشعراء.

نصوص "بن يونس ماجن" نابضة بالحياة والحيوية ، تحمل أبعادًا ودلالات رمزية برؤية فلسفية ، ويمتاز شعره بالسهولة والبساطة والشفافية والوضوح اللغوي. حيث يجسِّد أوجاع الإنسان العربي وما يتكبده من مآسٍ واضطهاد وتكميم للأفواه بشكل شبه يومي ، وكذلك صراعاته ضد الأنظمة المستبدة الفاسدة...

إنها صرخة قوية مدوية تخرج من أعماق شاعر ملتزم بقضايا وهموم الإنسان العربي ، يكتب عن الاضطهاد والأرض المسروقة ، ويصب لعناته على الخونة المتلهفين للتطبيع وخطب ود العدو ، وعلى شعراء التيه الذين تخلوا عن قضايا الأمة العربية ، وانغمسوا في التفاهات والبكاء على الحبيب الذي لم يعد يكترث بالعبارات المفبركة. وكأنما يريد الشاعر أن يصفى حساباته مع الشعراء الآخرين ويرفض الانضواء في سياقهم العام السائد.

مجموعة "مسألة وقت ليس إلا" تحمل في طياتها مشاهد وصورًا لواقع مُرٍّ خانقٍ يسوده الظُلم والقمع والحرمان والطغيان. وتحتل قضية الوطنية مساحة شاسعة من هواجس الشاعر الوجدانية ، استلهمها من ظروفه المحيطة به ، مما جعله ينشغل بهموم وقضايا مجتمعه، ويأمل بذلك في الحرية الفردية ويتوق إلى مستقبل أفضل من ضبابه اللندني ، فيبحر بنا بعيدًا إلى أجواء لا متناهية حيث الاغتراب والمنفى وفقدان الهوية والأرض المسروقة.

من قصائد المجموعة :

 الوقت خارج الزمن / الربيع العربي الثاني / مرافئ لا سقف لها / خربشات مرقمة

مكابدات فوق أرض مشردة / وجاء من أقصى المنافي / خلوة مكبلة / إسلامفوبيا

بيان شعري مع وقف التنفيذ / اعتراف غير مرخص له / ويسألونك عن قصيدة النثر

جمعية محترف راشيا تُطلق كتاب "الإعلام والتوجيه في الجيش اللبناني، تاريخ المُلصقات العسكرية" للمؤهل اول في الجيش علي مزرعاني ورئيس الجمعية شوقي دلال يُشيد بهذا الجُهد الوطني المهم.

بعد خدمة 33 عاماً قضاها في المؤسسة العسكرية، ومعظمها في مديرية التوجيه كمصور فوتوغرافي في منطقة الجنوب، قام المؤهل أول المتقاعد على مزرعاني برد الجميل إلى مؤسسته الأم بإعداد وإصدار كتاب تحت عنوان " الإعلام والتوجيه في الجيش اللبناني 1942 – 2016 ".

الكتاب تم إحتضانه وإطلاقه من "جمعية محترف الفن التشكيلي للثقافة والفنون" راشيا وبحضور الكاتب والمؤرخ علي مزرعاني حيث كان لرئيس الجمعية شوقي دلال كلمة في المناسبة قال فيها: 

إن تاريخ الجيش اللبناني هو تاريخ الوطنية والشرف والتضحية والوفاء على كافة الأصعد ومنها مديرية التوجيه في الجيش اللبناني التي كان ولا يزال لها الدور الطليعي الوطني في إبراز تضحيات الجيش ومهامه الوطنية والإنسانية وها نحن اليوم نشهد على ذلك من أعمال الجيش اللبناني الوطنية في توزيع المساعدات والوقوف الى جانب أبناء الوطن والأخوة النازحين والحريات العامة وصون كرامة لبنان؛.. وأضاف دلال

 "ها نحن اليوم يُشرفنا أن نُطلق من "جمعية محترف راشيا"  كتاب هام يتناول بالوثائق والصور تاريخ الملصقات العسكرية منذ بدايتها، وتاريخ مجلتي الجندي اللبناني والجيش منذ صدور الأولى في العام 1942 و الثانية في العام 1984 ومتتمة لها.

فالكتاب هو الأول من نوعه في مجاله، إذ قضى المؤلف الاستاذ علي مزرعاني طيلة خدمته العسكرية اعتباراً من العام 1983 بتجميع وأرشفة الملصقات الصادرة عن قيادة الجيش، والبحث عن الملصقات التي سبقته، وقام بالبحث عن الأعداد القديمة من مجلة الجندي اللبناني عبر الاتصال بالعسكريين المتقاعدين الذين سبقوه. فكان كتابٌ وثائقيٌ جميلٌ في محتواه وإخراجه لم يسبقه إليه أحد، ودليل على مدى شغفه ومحبته لهذا النوع من الأبحاث والدراسات والتي طغت على كتبه ومؤلفاته. ويعتبر هذا الكتاب جزءاً من التاريخ العسكري للجيش اللبناني ومتمماً بشكل أو بآخر لكتاب تاريخ الجيش اللبناني الصادر عن مديرية التوجيه. ويضم معظم الملصقات الصادرة عن قيادة الجيش اعتباراً من سبعينيات القرن الماضي، والتي صدرت بمناسبة عيدي الجيش والاستقلال وبعض المناسبات الوطنية والحربية المهمة التي حدثت على أرض الوطن. كما يضم دراسة وافية عن مجلتي الجندي اللبناني والجيش وعن تطورهما من خلال الأغلفة الخاصة بهما. كما تناول بالصورة والوثيقة بعض الأحداث العسكرية والمطبوعات والنشرات الصادرة عن قيادة الجيش.

الكتاب بدأ بمقدمة لقائد الجيش العماد جوزيف عون، ودراسة وافية لتاريخ الملصقات للفنان النحات والأديب شربل فارس. لهذا نوجه تحية للباحث الاستاذ علي مزرعاني على هذا الجهد الكبير الذي جمع فيه وثائق وصور أنقذها من الضياع والنسيان لتاريخ مؤسستنا الوطنية الغالية على قلوبنا جميعاً".

وفي الختام أطلق رئيس الجمعية شوقي دلال والباحث علي مزرعاني الكتاب كما يبدوا في الصورة.

لقاءٌ أدبي في منزل الشاعر الأستاذ عبد حوراني - مدير منتدى الصحوة الثقافي - في قرية كفر مندا

    إلتقى ظهر يوم  الأربعاء  ( 9 / 7 / 2020 ) في منزل الشاعر والأديب  الاستاذ  عبد  حوراني   مدير نادي الصحوة الثقافي -  في قرية  كفر مندا - مجموعةٌ  من الأدباء  والشعراء ، من  بينهم : الشاعر والناقد الدكتور حاتم جوعيه  والشاعرة سناء عبيد  من مؤسِّسي  منتدى الصحوة الثقافي  والفنان محمود جرادات وآخرون .. ودار الحديثُ  بين الجميع  في مواضيع  الأدب والثقافة  وأزمة  النقد المحلي  وظاهرة  الفوضى  والتسيب  الموجودة على الساحة الأدبية المحلية والمشاكل التي تواجه الشعراء والأدباء  المحليين في مجال النشر  وطباعة  إنتاجهم  الإبداعي .  واتفقوا على  التعاون  المشترك  وبالتنسيق مع منتدى الصحوة الثقافي في عقد ندوات وأمسيات أدبية  وثقافية في جميع  أنحاء  البلاد .. والجدير بالذكر ان  منتدى الصحوة  هو  من أكثر المنتديات المحلية نشاطا  وتفاعلا مع الجماهير والناس  وفي إقامة  الندوات والأمسيات الأدبية والثقافية ..وله موقع في الأنترنيت يستقطبُ خيرة الكتاب والشعراء والمثقفين المحليين  ومن جميع الدول العربية والعالم .
 وقد أجرى الشاعر والإعلامي حاتم جوعيه  لقاء صحفيا مطولا مع الشاعر القدير الأستاذ عبد  حوراني وسينشر هذا اللقاء  قريبا في وسائل الإعلام  .

   يظهر في الصورة  الشاعر عبد حوراني مدير منتدى الصحة  والشاعر والناقد الدكتور حاتم جوعيه  والشاعرة سناء عبيد  والفنان عازف اليرغول محمود جرادات ( أبو حسن ) ...وآخرون .

جمعية محترف راشيا تُطلق كتاب "الوطنيّة والمواطَنة، الإمارات نموذجاً" للكاتب والإعلامي حسن بحمد ورئيس الجمعية شوقي دلال يُشيد بالكتاب الذي يليق بدولة الإمارات وتاريخها الأصيل

  بعد تخفيف نشاطات "جمعية محترف الفن التشكيلي للثقافة والفنون" جراء جائحة كورونا ها هي الجمعية تعود بقوة للساحة الثقافية اللبنانية والعربية بعدد من الأنشطة التي إفتتحتها بكتاب لبناني إماراتي بعنوان "الوطنيّة والمواطَنة، الإمارات نموذجاً" للكاتب والإعلامي الأستاذ حسن بحمد حيث تم إطلاق الكتاب من مقر الجمعية في راشيا الوادي.

رئيس الجمعية شوقي دلال "أشاد بالكاتب الاستاذ حسن بحمد ونتاجع الثقافي الجديد والذي أجده مادة بحثية ثقافية تستحق أن تُدَرّس وهو كتاب نهديه من لبنان لدولة الإمارات العربية المتحدة صاحبة التاريخ المجيد في الأصالة العربية والنموذج المهم للقيم العائلية المُتمسكة بالتراث والمواكبة للتقدم، 

فكتاب "الوطنيّة والمُواطَنة .. الإمارات نموذجاً، للصحافي والباحث الاستاذ حسن بحمد يتحدث عن مفهوم الوطن والوطنية والمدارس السياسيّة وتأثيرها على مفهوم الوطنيّة، إضافة إلى  الوطنيّة وعلاقتها بالأخلاق والإنسانيّة  ومقوّمات وعناصر المُواطَنة،  ويقع الكتاب الصادر عن مركز عين للاعلام والتوثيق في (245 ) صفحة ويتضمن ثلاثة فصول وقائمة بالمراحع العربية والأجنبية، وقدم للكتاب سعادة الشيخ الدكتور سالم بن ركاض، عضو البرلمان (المجلس الوطني الإتحادي الإماراتي )، وقد حاز الكتاب مؤخراً على الترقيم الدولي: تحت رقم1-052-35-9948-978.

في كتاب " الوطنيّة والمُواطَنة.. الإمارات نموذجاً " قصة شاملة لأهل الامارات من البداية حتى النهاية، قصة المواطن السعيد والوطن الزاهي في الوجدان وفي الوعي الإنساني  والطموحات الأبعد من الأفق، بلد الأمن والأمان، والطمأنينة والسلامة، والقانون والنظام والقضاء العادل والمساواة والعدالة الاجتماعية.  

هو الوطن  الذي أسسه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان  رحمه الله، الساطع  بالعلم والنهضة والحضارة  والطارق لأبواب التفوق. حيث ترسخت فيه أبعاد المُواطَنة والتربية الوطنية، وبالتالي ترسخت في ربوعه  العلاقة بين القيادة  والشعب، التي أصبحت منهجاً وأسلوباً متقدّماً لممارسة الحكم.  

في هذا الكتاب يقدّم الصديق الصحافي والباحث حسن بحمد، دراسة وهي حزمة من المشاعل والمحطات الهامّة عن الإمارات، من أوّل أبجدية الوطن إلى آخر حبّة تراب باسمه، وفيه حديث عن الوطنيّة والمُواطَنة في القاموس الإماراتي التي تعتبر إنجازات بكل المقاييس، كما يتناول العلاقة والتكامل بين المواطن والوطن، ويبرز وجه حكومة دولة الإمارات العربية المتّحدة ومفاهيمها الراسخة عن الوطن والوطنيّة والمواطن والمُواطَنة، وبرامجها وسياساتها وقراراتها التي تتمحور حول مقوّمات العيش الكريم للمواطنين والجاليات المقيمة على أرض الإمارات، وإسعاد الإنسان ورفاهيته والارتقاء بجودة حياته، سواء نظرنا إلى الماضي أو إلى الحاضر أو إلى المستقبل، وبالتالي ترسيخ قيم الإيجابية والسعادة كأسلوب حياة في المجتمع ، وفي الخاتمة مقالة للمؤلف بعنوان أمنيات أفلاطون تتحقق في الإمارات، لهذا يُشرفنا اليوم في "جمعية محترف راشيا" لبنان أن نتبنى هذا النتاج الثقافي المهم ونطلقه ليكون بتصرف جميع مُريدي المعرفة"

يذكر أن الصحافي حسن بحمد هو  مستشار إعلامي في مجلس الوحدة الإقتصادية العربية، وعضو  في جمعية الصحافيين الدوليين، والإتحاد العام للصحافيين العرب، وصدر له خلال سنوات الأخيرة عدة مؤلفات نذكر منها : أهل الإمارات..  ثقافة المكان وذاكرة الزمان، وكمال جنبلاط الإنسان والصوم، وكتاب بعنوان حديث القوافي، إلى جانب العديد من المؤلفات الأخرى والأبحاث والدراسات والتحقيقات الصحافية.

في الصورة: شوقي دلال والكاتب حسن بحمد خلال إطلاق الكتاب في مقر الجمعية راشيا الوادي.

مع رواية "دائرة وثلاث سيقان" لخالد علي

بقلم : شاكر فريد حسن ـ

كان قد وصلني قبل فترة من الزمن من الأخ الكاتب خالد علي، ابن بلدة كفر ياسيف، روايته الأخيرة " دائرة وثلاث سيقان "، الصادرة عن دار الشروق والتوزيع في عمان، ووقعت في 166 صفحة من الحجم المتوسط والورق الأصفر الصقيل، وجاءت بطباعة أنيقة، ويهديها إلى سكان الرواية الأحياء منهم والأموات.

وخالد علي هو من كتابنا المحليين المميزين في عالم القصة القصيرة والطويلة/ الرواية، وما يميزه أنه يمتلك ثقافة إنسانية وفكرًا منفتحًا على الآخر، لكنه من الكتاب المهمشين والمغيبين والمغمورين في المشهد الأدبي الثقافي المحلي، لا يجيد تسويق نفسه، ولم يأخذ حقه من الاهتمام النقدي والاعلامي.

وتأتي هذه الرواية بعد إصداراته القصصية والروائية والأدبية " ذات الانفاس، سبيل الطاسات، مذكرات الأمير، ومدينة الرواية ".

وتمتاز تجربة خالد علي الإبداعية بجمالية السرد، بما فيها من أوصاف وتصوير وتشويق، وشفافية الرمز، وغنى الإيحاءات، وعمق الدلالات والأبعاد الإنسانية.

تكتسب رواية خالد علي الجديدة " دائرة وثلاث سيقان " زخمًا وعفوية بمضمونها وواقعيتها وشخصياتها. فما أن يبدأ القارئ بقراءة صفحاتها الأولى ويتعرف على فكرتها وتفصيلاتها يجد نفسه مشدودًا لمتابعة أحداثها وقراءتها بشغف ومتعة.

وفي الرواية نعيش أحداثًا حقيقية، بوعينا وإحساسنا ومشاعرنا، ونقترب من الواقع المأساوي المر، إذ أن خالد يوفر أحداثًا واقعية ومنطقية.

تحكي الرواية عن النكبة وآثارها السلبية وثقلها على نفسية الطفل موازيًا لثقل صخرة على خوخة، ويتكسر شيء في أعماقه، ويحدث أول تشقق في الأعمدة التي تقوم عليها طفولته، التي كانت تعيش وسط حدائق خضراء، وايامها أيام عيد، وحين كان يلهو في عالم متعدد الألوان تجيء ريح صرصر وتعبث بالوردات. وكلما زاد الثقل على الخوخة، اصلب عودها، ويعرف اكثر السير على الطريق من تحت الثقل.

وتجيء النكبة الأخرى، ويجيء الشلل كعدو إرهابي ليستبدّ، ويغرز مخالبه، وتتم الحلقة من حوله، وتصفعه الحياة، لكنه لم ينكسر، ويبقى واقفًا بكل نبل أمام تيار الزمن. وفي النهاية ونتيجة كثرة التجارب التي مرّ بها، والدروس التي اكتسبها، تصبح الخوخة فوق الشجرة.

ونلاحظ اللغة الروائية تتحرك بتجاه وظيفتها، ونجده ينجح في رسم وتصوير شخصياته، يحاكيها ويحاججها ويتحداها. وأجاد وصف المكان والزمان لشخصياته وأزماتهم داخل الرواية.

ويستخدم خالد علي لغة بسيطة واضحة بعيدة عن التكلف والفذلكة التي تنتشر في الكثير من الاعمال الروائية، ورغم البساطة لم تخلُ الرواية من ومضات وصور شعرية وأدبية بلاغية بديعة.

إنها رواية ممتعة بجمالية السرد، وواقعية الشخوص، والصياغة المتماسكة، وأحسست بتقاطعها مع روايات أخرى تناولت وعالجت النكبة بكل ما تمثله مأساة وتراجيديا متواصلة، ومتسمة بحبكة جيدة، وسرد مشوق واسلوب سردي بالغ الجمال، ومقاربة واقعية لأحداث الرواية وطريقة رسم الشخوص.

وأخيرًا أننا أمام عمل روائي يلتزم الضوابط الفنية الشكلية المعروفة، وأسلوبه السردي الذي يكتب به يدل على مقدرة فنية، وبراعة في التعامل الفني مع الشروط والأساليب التقنية الحديثة للرواية المعاصرة.

فألف تحية للأخ الكاتب خالد علي، وأحيي جهوده ومثابرته في مجال الكتابة القصصية والروائية، متمنيًا له مزيدًا من التقدم والنجاح والعطاء.

قلبٌ تعمَّد باللّظى: كتاب في السيرة الذاتية للمناضل توفيق حسين حصري/ شاكر فريد حسن

صدر حديثًا، كتاب " قلبٌ تعمَّد باللّظى " للمناضل الشيوعي الفحماوي العريق توفيق حسين حصري (أبو الهمّام)، ويتناول تفاصيل سيرته الذاتية.

يقع الكتاب في 190 صفحة من الحجم الكبير والورق الصقيل، وجاء بطباعة أنيقة فاخرة، وحرف كبير. وكتب في الاهداء : " اهدي هذه السردية وهذه الصفحات لجيل الأبناء، الذين حملوا الراية من جيل الاباء لينقلوها للأحفاد فالأسباط، ليبقى الوطن فينا وليبقى هم شعبنا هو همنا. لزوجتي فاطمة ورفيقة دربي (ام همام ) التي خاضت معي غمار التجربة ووعراك الحياة جنبا لجنب دون ملل او كلل او وهن، برقة الأم ومحبة الزوجة وصلابة الثوار.

لأمي وأبي ولأخوتي وأخواتي، الذين ذاقوا الظلم فصدوه، وقسوة الحياة فذللوها، وغدر الزمن فتحدوه، ليبقى ارثهم منارة وبوصلة تهتدي بها اجيالنا القادمة.

لرفاق دربي الذين عملت معهم اشعلنا ساحات النضال ووطيس المعارك في غمار حربنا ضد المحتل وضد الظلم، بنسق الثوار وشجاعة المتحدي ويقين العارف. للذين غادرونا منهم، ولمن ما يزال بيننا. لكل رفيق وكل صديق وكل محب ".

وقد شرفني الصديق والرفيق توفيق حصري بكتابة مقدمة الكتاب، ونوّهت إلى " أنه ليس كتابًا في التاريخ، بل هو صفحات توثيقية وتسجيلية لذكريات وأحداث ووقائع عاشها وعايشها وكان شاهدًا عليها، وكجزء من سيرته الذاتية الحياتية الثرية والمكتنزة بالعطاءات والنضالات والتضحيات الجسام. وهي صفحات جاءت بأسلوب سردي مشوق، ولغة بسيطة وشفافة رشيقة قريبة من الذائقة الشعبية ".

في حين يقول الكاتب والمحلل السياسي عبد اللطيف حصري في تمهيده للكتاب : " لم يتتلمذ أبو همام على طرائق المشايخ والكتّاب أو الثانويات والجامعات، إنما تتلمذ معتمدا على نفسه، فأثرى معارفه بأمهات الكتب، واكمل حسه الطبقي الوطني بالمعرفة الدينية الفقهية كما بالمعرفة النظرية والأدبية. فلا غرابة أن ترتقي نصوصه إلى مصاف العمل الأدبي، وهو الشغوف بالأدب العربي والكتاب. وإذ يضع بين أيدينا تجربته بنص أدبي سلس، فإنه يضعنا كذلك أمام استحقاقات جسام، واعني استحقاق إكمال المسيرة وحفظ الذاكرة والتاريخ، واستحقاق صون الدرب والموقف الوطني الأصيل ".

وعلى الغلاف الأخير للكتاب يقتطف بعض الأبيات الشعرية من قصيدة للشاعر الراحل توفيق زياد " قالوا شيوعيون قلت أجُلَّهم " كعربون محبة وصداقة ورفاق درب، وسجناء ضمير سياسيين عرفوا معًا عذاب وقهر الزنزانة.

ويحتوي الكتاب على فصلين، الأول تحت عنوان " زرعوا فأكلنا "، والثاني " قلبٌ تعمّد باللّظى ". وفيهما يسرد سيرته الشخصية والذاتية، ويستعيد ذكريات وتجارب تاريخية ارتبط بها ارتباطًا مباشرًا، ويتطرق لجذور شجرة العائلة ، ويكرس حصة الأسد لرفيقة دربه الراحلة أم الهمّام ولأفراد أسرته، ويستحضر محطات مهمة ومواقف نضالية وكفاحية واحداثًا سياسية، كمظاهرة أول أيار في العام 1958، والاعتقالات التي طالت عددًا واسعًا من رفاق الحزب، ويحدثنا عن تجربة الحزب الشيوعي المحلية والقطرية وعلاقاته وصداقاته الرفاقية ورحلاته لموسكو والقاهرة، وإدارته لمكتب صحيفة " الاتحاد " العريقة بأم الفحم، ويتوقف بالشرح والسرد عند المحاولات الانشقاقية لفرع الحزب بأم الفحم، وينقل تفاصيل الرواية التاريخية الفلسطينية والتجربة الشيوعية في البلاد بكل أمانة وإخلاص.

وفي الكتاب الكثير من الصور الحية والوثائق التاريخية والصحفية التي تدعم وتعزز أقواله وأحاديثه.

أنها سيرة حافلة بالعطاء والتضحية لمناضل عريق نما على دروب الكفاح وتجرع القيم الثورية والاخلاقية والشيوعية الجمالية الإنسانية، فلم يتراجع ولم يسقط كما سقط البعض، بل حافظ وتمسك بالفكر والرؤيا والرؤية، وظل منتصب القامة، مرفوع الهامة، مدافعًا عن الحق، مناصرًا لقضايا شعبه، ومنتصرًا للعمال والمسحوقين والكادحين، رافعًا رايات أول أيار.

إننا إذ نهنئ الصديق الرفيق توفيق حسين حصري بصدور كتابه " قلبٌ تعمَّد باللّظى "، نتمنى له مديد العمر والحياة العريضة المكللة بالصحة والعافية، وبانتظار إصدارات أخرى له، مع خالص تحيات الود والتقدير.  

ذاكرة ضيقة على الفرح: جديد الشاعر والروائي الفلسطيني سليم النفار

بقلم : شاكر فريد حسن

عن دار ومكتبة كل شيء في حيفا لصاحبها الناشر صالح عباسي، صدر للشاعر والروائي الفلسطيني سليم النفار، كتاب " ذاكرة ضيقة على الفرح "، ويقع في 218 صفحة من الحجم المتوسط ، ويضم 42 مشهدًا سرديًا  يروي تفاصيل مختلفة من سيرته الذاتية في المنفى، وكتب تظهيرًا له الروائي الكبير يحيى يخلف. وينسجم العنوان تمامًا مع مضمونه. ورغم الوجع في هذه السيرة إلا أننا نشعر بالمتعة ونحن نتجول بين صفحاته، ونواكب تفاصيل هذه السيرة الغنية التي تستحق الإشادة والقراءة.

واحسن النفار صياغة ورسم المشاهد الشخصية، وأتقن الكتابة عن ذكرياته في المنافي القسرية، وتدوين مسيرة حياته الزاخرة بالعذاب والألم الشخصي والمعاناة والتشرد والتعبير عن الحلم المنشود وصولًا إلى العودة للجزء المتاح من الوطن.

ومن نافلة القول، أن كتاب سليم النفار هو شهادات تسجيلية لحياة وكفاح الشعب الفلسطيني ومعاناته في الفرح بعد العودة الى ربوع فلسطين بعد اتفاق اوسلو، وحكايات جيل فلسطيني عاش الألم والوجع واحس به على جلده.

 ويختتم النفار سيرته بقوله : " ..وغزة التي آمنت بأنها بوابة الحلم، لم تكن سوى بوابة لتهشيم ما تبقى من أمل، وتكسير للأحلام، فأي سبيل أراه الآن في ليل غزة المكفهر.؟ كل الرفاق والأصدقاء الذين نتحاور معهم، يصادقون على هذا السوء، ولا أحد يستطيع رسم خارطة للخروج من الحالة ".

وفي كتابه لا يتوقف سليم النفار عند الدائرة الخاصة التي تشير إلى وقائع حياته ومعاناته الخاصة ومكابداته الشخصية، بل يتوسع في طرح أبعاد أخرى لها علاقة بهموم الوطن الفلسطيني وتشرد شعبه ومعاناة الناس. وهيأتي بكل التفاصيل بلغة آسرة شفافة وجاذبة، وبقدر غير قليل من التشويق والسلاسة والعفوية من ذاكرة حية قادرة على تسجيل التفاصيل الدقيقة.

يشار إلى ان سليم النفار، هو شاعر وروائي يحتل مكانة في المشهد الثقافي والأدبي الفلسطيني، يقيم في غزة الآن، وهو بالأصل من يافا، ومن مواليد غزة العام 1963 عاش في الأردن وفي سورية، وعاد بعد أوسلو للقطاع، وهو ابن شهيد. عمل محررًا في عدة مجلات، وموظفًا في وزارة الثقافة الفلسطينية بغزة.

كتب الشعر في جيل مبكر، ونشر قصائده في العديد من الصحف والمجلات. ومن إصداراته : " تداعيات على شرفة الماء، سور لها، بياض الاسئلة، شرف على ذلك المطر، حالة وطن، الاعمال الشعرية الناجزة، هذا ما أعنيه، غزة 2014.

وسليم نفار شاعر مسكون بيافا المكان، التي يتغنى بها كثيرًا في قصائده، والتي حملها والده الشهيد إلى مخيم الشاطئ بغزة يوم النكبة، وطار بها إلى مخيم الرمل المطل على شاطئ اللاذقية السورية، وحملها قلبه يوم أن طار ببندقيته إلى فلسطين ليتوقف نبض هذا القلب في مدينة نهاريا في شمالي فلسطين التاريخية، حيث ارتقى شهيدًا خلال عملية فدائية.

سليم نفار ينتقي كلمات كتابه " ذاكرة ضيقة على الفرح " ويلبسها ثوب الفرح، وثوب الفارس الفلسطيني الذي يمتطي صهوة الشمس ويعانق الحرية في الزمن الآتي.

فألف تحية للشاعر سليم نفار، نبارك له صدور كتابه الجديد،  ونتمنى له المزيد من العطاء والابداع الملتزم الجاد والهادف، والمزيد من الاصدارات الشعرية والنثرية. 

الشاعرة نجاح كنعان داوّد في ذبح الهديل

بقلم : شاكر فريد حسن ـ

أخيرًا وصلني هذا الأسبوع بالبريد السريع جدًا، في زمن الكورونا، بعد تأخر أكثر من نصف شهر، ديوان " ذبح الهديل " للصديقة العريقة الشاعرة نجاح كنعان داوّد، المقيمة في طمرة الجليلية.

وهذا هو الديوان الرابع لنجاح ، التي تربطني بها صداقة قديمة جدًا ممتدة منذ اربعين عامًا ونيِّف، وكانت شرفتني بتقديم ديوانها " نايات الحنين ". وقد صدر لها في الماضي " نايات الحنين، نزف قلم " و" مد وجزر ".

و" ذبح الهديل " هو من إصدارات منشورات دار الحديث للإعلام والطباعة والنشر في عسفيا، لصاحبها الشاعر والناشر فهيم أبو ركن. ووقع في 85 صفحة من الحجم المتوسط، ويشتمل على 26 قصيدة، صمم غلافه م. هيثم ديواني، والتصميم الداخلي للفنانة ملكة زاهر. وتهديه إلى " رجل ... من رحيق الورد/ ما زال قلبك/ لا يلوذ صبابة/ أصبحتَ/ في بحر الغرام/ طوافي ".

ويتصدر الديوان قصيدة " زهرة الروح " وينتهي بقصيدة " لحن المودة ".

قصائد الديوان عاطفية ووجدانية فيها لهب الحنين وبزخم الحياة، تتسم بالجمالية التعبيرية والرونق التصويري الوصفي وتدفق الكلام السلس والمعاني الشفافة الصادقة.

ونجاح تكتفي بالقليل الواضح من أساليب البلاغة، بالسجع وموسيقى الحروف، وتأتي قصيدتها هادئة سلسة عفوية متدفقة نابضة بالمشاعر الجياشة، ويطغى عليها حرارة العاطفة، والخيال الشعري، والالفاظ الرقيقة الناعمة والصور الشعرية الجميلة.

إنها تطربنا بعزف أناملها، وتبدع بحروفها المتناغمة صورًا تحيكها وتغزلها وترسمها على دفاتر روحها بدقة السبك وجمال الايقاع ورقة الإحساس، وتنثر كلماتها كحبات اللؤلؤ مجتمعة في نصوص رهيفة دافئة سهلة التعبير وعذبة المعاني.

فلنقرأ من أجواء الديوان :

مَا زَالَ قَلْبُكَ لَا يَلُوذُ صَبَابَةً

أصْبَحْتَ في بَحْرِ الغَرَامِ طَوَافي

أو لَسْتَ تَدْري أنَّ قَلْبَكَ مَسْكَني

الشَّعرُ سَيْفٌ غِمْدُهُ إسْرَافي

عِشْقُ الصِّبَا يُسْبي القُلُوبَ بِرَوْضِهِ

والقَلْبُ يَعْصِفُ وَالأنينُ صِحَافي

وَالعَاشِقُ السَّكْرَانُ أشْعَلَهُ الجوَى

لَوْ كَانَ مَا صَعَقَ الفُؤادَ سُلافي

يَا حَسْرةَ القَلْبِ المؤَجَّجِ بِالجوَى

مُسْتَنْفِرٌ مِنْ رَعْشَةِ الأَطْرَافِ

يَا عَاشِقَا يَبْكِي سَنَاهُ تَوَدُّدًا

إِنٍّي اليَمَامُ وَنَسْمَةُ الصَّفْصَافِ

مَا زِلْتُ أَرْجُو وَالحبيبُ مُفَارِقٌ

يَا لَوْعَةً قَدْ سَكَنَتْ أطْيَافي

في ديوانها " ذبح الهديل " تقدم لنا نجاح كنعان داوّد باقة من أزاهير الروض، ونزف الروح وارتعاشات القلب ونبض الوجدان، بكل ما تملك من أحاسيس إنسانية وبما تحمله تجربتها الشعرية الإبداعية من سلاسة الكلمات وجمال اللفظ وصدق التجربة، فتجذبنا وتأخذنا بعيدًا ببوحٍ يلامس أعماقنا وأغوارنا.

وفي المجمل العام، نجاح كنعان شاعرة حالمة شغوفة بالحياة ممتزجة بالحب والعاطفة الحساسة القوية، وتحملنا بأجنحة الخيال إلى بساتين الجمال. فهي باختصار شديد شاعرة رومانسية مرهفة. فتحياتي لها على هذا الإصدار الذي استمتعت بقراءته، واتمنى لها المزيد من العطاء والتألق، مع التقدير لحرفها الأنيق وإحساسها الباذخ وإنسانيتها الرائعة، وقدمًا إلى أمام.

امرأةٌ وعريّةٌ في نادي الكنعانيّاتِ للإبداع- الكرمل

كتبت آمال عوّاد رضوان ـ
أقام نادي الكنعانيّات للإبداع أمسية ثقافيّة، احتفاءً بتوقيع كتاب- امرأة وعرية- باكورة أعمال الكاتبة تفاحة سابا، الصادر عن دار الوسط للنشر والإعلام في رام الله، وذلك بتاريخ 27.6.2020، في مركز دنيا في دالية الكرمل، في جوّ  حميميّ راقٍ وبتنظيم رائع، ووسط حضور كبير من شعراء وأدباء وأصدقاء وأقرباء، وبعد استقبال الضيوف والترحيب بهم، تولت عرافة الأمسية الإذاعية غالية ناطور قدور، وكانت مداخلة نقدية لرئيسة نادي الكنعانيات للإبداع د. روزلاند دعيم بعنوان- خواطر وعرية تكسر صمت شهرزاد، أما الكاتبة هيام أبو الزلف فقد حاورت تفاحة سابا حول توجهها الأدبيّ وإصدارها ومضامينه وبواعثه، أمّا الشاعرة آمال عواد رضوان المحررة الثقافية في الوسط اليوم فقد تحدثت عن سمة التمرد الاجتماعي والنفسي في نصوص الكتاب، وقرأت نصين شاهدين على الطرح، وقد قرأت تفاحة نصوصا بمرافقة موسيقية للفنان مروان حلبي، وختمت اللقاء بكلمة شكر للحضور والمتحدثين، وللإعلامي جميل حامد رئيس ومؤسس دار الوسط للنشر والإعلام ومتابعته الدقيقة لمراجعة وطباعة الكتاب، ثم تم التقاط الصور التذكارية.  
*مداخلة د. روزلاند كريم دعيم رئيسة نادي الكنعانيات للإبداع: خواطر وعرية تكسر صمت شهرزاد
مساؤكن ومساؤكم بعطر الصنوبر والسرو، بعطر الكرمل وعبق الجبل. 
لوجودي هذا المساء بينكم ملامحُ عديدةٌ تتعالق كالتعالقات النصية وتتداخل كدوائر انتماءاتنا. تستضيفني صاحبة الحفل لأحتفي معها بصدور "امرأة وعرية"، فعلاقتنا تمتد إلى بداية دراستنا الجامعية، حيث كنا شابات واعدات نحمل أفكارًا جريئة ونبحث عن سبل تحويلها إلى وقائع؛ مغازلات فكرية وصداقة وسفر وسهر ودراسة وبحث.
للكرمل في حياتي مكان، حيث قضيت سنوات طفولتي وشبابي الأولى من خلال عمل والدتي في التدريس هنا؛ فعشت الناس والحكايا والثقافة والحضارة واللهجة والمعتقد والنادرة والأدب... وحصلت على كتبي الأولى وتحفي الأولي من الكرمل الجميل.
تم تأسيس نادي الكنعانيات للإبداع قبل أقل من عام ليكون منصة مستقلة حرة تجوب كنعان والجولان، تحمل رسالة وطنية وفكرية وثقافية، تشارك بها شابات واعدات وأستاذات متمرسات، كسبن ثقة المشهد الثقافي بجهودهن وأخلاقياتهن وإبداعاتهن، وقد أصدرت الغالية تفاحة كتابها "امرأة وعرية" في دار "الوسط اليوم" للنشر والإعلام، الراعية الدائمة لنادي الكنعانيات للإبداع. 
ومع اكتمال الدوائر والتعالقات يأتي كسر الصمت. لقد صمتت شهرزاد الجريئة التي تحدت شهريار عن قول الكلام المباح لقرون، أما بنت الجبل فقد كسرت حاجز الصمت من كلمتها الأولى، فهي على لسان المرأة تحكي ولا يدركُها الصّباحُ مثل شهرزاد، ولا تسكت عن أيّ كلام مباح، لتعود إلى ميثولوجيّا بدئيّةٍ تعاصرُ تشكُّلَ الفكرِ الإنسانيّ، وتنتقد صميمَ الدّيانات، وصميمَ قصّة الخليقة وجميع موتيفات الزّواج المقدّسة بحسب الشّرائع السّماويّة والتّوحيديّة، وثورة على المعايير المجتمعيّة والدّينيّة، لتدمج بين الجانب الشّعبيّ والميثولوجيّا: نِحْكي وَلّا ننَام؟؟!! 
"مونودراما خطابيّة"، من مقطوعاتٍ سرديّة وحواراتٍ جريئة، تتمرّد بها الكاتبة على جميع التّعريفات والقوالب الفنّيّة، كتمرّدها على القوالب التّقليديّة الّتي تتناولُ قضيّة المرأة تناولًا تقليديًّا، وفي كلتا الحالتيْن يكون النّاتج غنيًّا رصينًا ومثيرًا، حيث أنّها تحملُ رؤيا واضحةً، وفكرًا حضاريًّا ثقافيًّا تراكميّا. 
أتت نصوصُها نثريّةً بلغةٍ بسيطةٍ مباشرة غير استعراضية تحمل صورًا ومشاهد حية، وتحملُ روحَ ومشاعرَ أنثى متمرّدةٍ على المجتمع الذّكوريّ المسيطر والمسيّر للمرأة بحسب مفاهيمِهِ المتوارثة؛ نصوصٌ تحملُ صبغةَ غضبٍ وثورةً تنتصرُ لكرامة الأنثى ولكيانها ولعزّة نفسها، تستذكرُ العصرَ الأموميَّ حين حكمت الكونَ سيّداتٌ: ربّاتٌ وآلهاتُ خصوبةٍ وجمالٍ ومعرفة، كاهناتٌ ونبيّات، وعلى ما يبدو، فإنّ لكلّ نصٍّ خلفيّةً وقصّة في نفس الكاتبة، حيث تُعبّرُ بعضُ النّصوص عن تجربتها الزّخمةِ الغنيّةِ بالمعاناة إلى جانب الاكتشافات المثيرة، ولكن ممّا لا شكّ فيه، أنّ النّصوصَ بمُجملِها تُؤكّد سِعةَ اطّلاعِها في ثقافاتٍ وحضاراتٍ شرقيّةٍ مختلفة، ويتجلّى فيها تأثّرُها بدياناتٍ بوذيّةٍ وهندوسيّة، بالإضافةِ لمعرفتِها الواضحةِ بالدّيانات السّماويّة.
تبدأ المجموعةَ بنصٍّ سرديّ مُسجّع، يحملُ عنوانَ "قصّة غير شعبيّة – نحكي ولا ننام؟" عنوانٌ استفهاميٌّ بصيغةٍ تساؤليّةٍ، وقد تكونُ تشاوريّةً أو بلاغيّة يحملُ المفارقاتِ الفكريّة؛ فمن ناحيةٍ يأتي عنوانُ النّصّ الأوّل بإعلان أنّ الحديثَ يدور حول قصّة، مع التّأكيد على أنّها غير شعبيّة، ممّا يشير بشكلٍ أو بآخر، إلى كونها النّقيض من ذلك؛ أي قصّة رسميّة، إلّا أنّ الشّطر الثاني من العنوان يتكوّن من تناص واضح، تبدأ به الحكاياتُ والخرافات الشّعبيّة "نحكي ولا ننام؟"، لتضعَ القارئَ أمام تساؤلاتٍ عديدة في محاولةِ فهمِ العنوان وتأويلاته، وتبدأ بالجملة الافتتاحيّة المعهودة للقصص الشّعبيّ الخرافيّ:
كَانْ يا ما كانْ في قَديمِ الزّمان/ في سالِفِ الْأَوانْ وقَبْلَ الْأَدْيانِ
ويبدأ الصّوت بالحكي والحكي والحكي دون كلل، لينتهي النّصّ بحركة دائريّة، تعودُ بنا إلى البداية، دون الحصول على إجابةٍ وافيةٍ، بل على العكس، مع تساؤلاتٍ كبيرة تبقى مع القارئ كزاد للتّفكير:
ثُمَّ يَسْألونَني أَيْنَ أَنْتِ مِنَ الدِّينْ؟/ ما رأيُكُم أَيُّها الْأَنام/ نِحْكي وَلّا ننام؟؟!!  
ولو بحثنا عن مكنونات العنوان: امرأة وعرية فإننا نكتشف إشاراتٍ ورموزًا متناقضة، بين مساراتٍ من اللّطف والنّعومة والأنوثة، والقوّة والضّعف، والحكمة والحنكة مما يُؤكّد أنّنا أمامَ حالةٍ صعبة تقول بضمير المتكلّم: 
مَهْمَا تأنّقتُ، تَرَفَّعْتُ/ وَتَأَلَّقْتُ/ تَخْتَبِئُ في أَعْماقي/ امْرَأَةٌ أُخْرى/ صَحْراويَّة/ غَجَرِيَّة/ وَعْرِيَّة
هذه المرأةُ متعدّدةُ الوجوه والحالات والخطابات والأدوار، تتحرّك في الفراغ الباطنيّ والعقل الباطن الّذي
يتصارع مع الواعي، لا بل قد يغلبه في بعض الأحيان، تحثّها على الحركة وتهمس في أذنها، فتعيش في حالة روحانيّة "أوفورية" حتّى تغيب عن الوعي.
وتأتي اللّازمة "صحراويّة غجريّة وعريّة" لتفصل بين المشاهد والأقنعة والأصوات، وتُؤكّد برسالتها الواضحة أنه:
في كُلِّ امرَأةٍ مَهْمَا تأنّقتْ/ مَهْمَا تَرَفَّعَتْ وَتَأَلَّقَتْ/ تَخْتَبِئُ امْرَأَةٌ أُخْرى / صَحْراويَّة .. غَجَرِيَّة .. وَعْرِيَّة
وينتهي النّصُّ باعترافٍ واضحٍ ومباشرٍ بهذا التّناقض بين الإباء والكبرياء والوعورة؛ امرأة تتحدّث ببوليفونية متعدّدة الأصوات والقنوات، في حين تجمع بين تناقضات الدّاخل والخارج تتكاثف في الدّاخل أصوات عديدة متلبّسةً شخصيّات عدّة.
وتتلوّن المشاهد في عددٍ من النّصوص؛ لتعلن تمرّدها علانيّةً في "ما عدت أخاف"، ولا يأتي تمرّدُها من فراغ، فأرضُها راسخةٌ على محور الزّمان وفي كلّ مكان. فَلي مُتَّسَعٌ مِنَ اِلانْتِماءِ/ يَمْتَدُّ مِنْ ذاتي/ إلى كُلِّ الْأبْعادِ وَالْأَنْحاء/ لِأَسْتَوْطِنَ فيهِ أَوْ .. لا/ لا أَخافُ... ما عُدْتُ أَخاف!/ أَنْ أَكونَ رَبَّةَ الْكَوْنِ أَوْ إِلهَة/ نارًا مَعْبودَةً  أَو .. لا / لا أَخافُ... ما عُدْتُ أَخاف!/ أُعْلِنُها عالِيَةً فَوْقَ رُؤوسِكُمْ/ قَدْ تُصيبُ قُلوبَكُمْ وَقَدْ لا/ لا أَخاف!
وتعودُ حركتُها الدّائريّة في "هي كلّ الحكاية"، لتُؤكّد الحركة الدّائريّة الّتي امتدت من آلهات الميثولوجيّا وربّات الكون، لتُنزل البطلات عن عروشهنّ، ويستبدلنها بانكساريّة أميرات الحكايات الخرافيّة في الحضارة المعاصرة، اللواتي يعشن "ميتوس" الجمال الوهميّ. 
وتُؤكّد حركتها الدّائريّة في "حيث لا أعرف": أَهيمُ عِشْقًا بِهذِهِ اللَّحظاتِ مِنَ الْهَذَيانِ/ حَيْثُ الدَّوَرانُ
وأي دائريّة هذه؟ هل هي دائريّة الحبكة الّتي لا تنتهي، أم أنّها دائريّة الرّقص المقدّس وطواف الزار؟
وأخيرًا، في قراءة النّصوص المطروحة بأدبيتها وشعريتها وفنها وثوريتها وجرأتها ورسوخها نسمع بوضوح، صرخة جريئة مغايرة تكسر حواجز الصمت عبر العصور، ورغم أن شهادتي قد تكون مجروحة، إلّا أنّها نابعة من تحد فكري، ينسجم ورؤية تفاحة المتمرّدة.
أتمنى لتفاحة السّنوات الطوال المعززة بوافر الإصدارات ولنا العديد من الحوارات والجدالات
**جاء في مداخلة آمال عوّاد رضوان مديرة نادي الكنعانيات للإبداع:
معظم نصوص تفاحة سابا تتميز بلغة متمردة ثائرة على المجتمع الشرقي، كونها تتمتع بالحقوق والحرية، وتتمسك بآرائها وعنادها، فلها عالمها المحبب الخاص بها وبشروطها، فنراها تطالب بتحرير الانثى من قيودها الاجتماعية، ومن التقاليد والأعراف السائدة، ولكل نص طبيعته وبواعثه الخاصة، فتقول تفاحة سابا في نصّ اِمْرَأَةٌ وَعْرِيَّة:
مَهْمَا تَأَنَّقْتُ، تَرَفَّعْتُ.. تَأَلَّقْتُ/ تَخْتَبِئُ في أَعْماقي امْرَأَةٌ أُخْرى.. صَحْراويَّة .. غَجَرِيَّة.. وَعْرِيَّة/ أَتَــنَــفَّـسُـهـا.. مِنَ الْوَريدِ إِلى الْوَريدِ .. تَتَقَمَّصُني كَالْجِنِّ/ تَسْكُنُنِي .. تَتَلَبَّسُنِي كَالْهاجِسِ.. تُوَسْوِسُ لِي.. تُلِحُّ عَلّيَّ أَنْ أَتْحَرَّكَ
تُوَشْوِشُنِي .. تَهْمِسُ في أُذُني.. سِرَّ الْأسْرارِ الْخَفِيّ
تَخْتَبِئُ في أَعْماقي امْرَأَةٌ أُخْرى.. ذاتَ شَعْرٍ أَسْوَدَ لَوْلَبِيّ/ تَخُطُّ الْكُحْلَ في عَيْنَيْها/ تَضَعُ في كاحِلَيْها أَكْثَرَ مِنَ خَلْخالٍ.. مِنَ الْخَرَزِ الْمُلّوَّنِ وَحَبِّ الْقُرُنْفُلِ/ تُبَلِّلُ قَدَمَيْها بِالْماءِ.. تَنْثُرُ الْعَبَقَ الشَّهِيَّ.. حَتَّى يَغْشاها .. وَتَغيبَ عَنِ الْوَعْيِ
تَخْتَبِئُ في أَعْماقي امْرَأَةٌ أُخْرى ..تُمَسِّجُ صَدْرَها النُّحاسِيَّ .. الْمُكْتَنِزَ السَّخِيَّ/ وَتَمْنَحُهُ لِلْكَوْنِ هَدِيَّة/ تُعَلِّقُ في عُنُقِها الْعِقْدَ تِلْوَ الْآخَرَ/ وَفي نَظْرَةٍ مِنْ أَلَقِ عَيْنَيْها.. تُفَكِّكُ ما تَشابَكَ مِنَ الْعُقَدِ/ تَلُفُّ حَوْلَ ذِراعَيْها وَيَدَيْها الْأَساوِرَ .. تُزَيِّنُ أَصابِعَها بِالْخَواتِمِ/ وَتَنْثُرُ الْوَشْمَ عَلى صَفاءِ جَسَدِها/ كَالنُّجومِ في صَفْحَةِ السَّماءِ .. تُعْلِنُ لِلسِّوادِ حَتْمِيَّةَ النُّورِ
تَلْبِسُ ما يَحْلو لَها.. ما يَسْتَفِزُّ الْغَرَابَةَ في النُّفوسِ .. وَالْعُيونِ .. / وما يَشي بِالْاسْتِحالَة .. تَسْتُرُ، تَكْشِفُ .. تُغَطِّي، تُعَرِّي ما يَطيبُ لَها/ ما يُبْرِزُ مَواقِعَ الْفِتْنة .. وَيُثيرُ الشَّغَبَ/ قَوانينُ التَّهْدِئةِ لا تَعْنيها/ تَنْظُرُ إِلى نَفْسِها في الْمِرْآة .. ظُهورٌ أُنْثَوِيٌّ شَقِيّ
مُعْجَبَةٌ هِيَ .. تَبْعَثُ قُبْلَتَيْنِ وَاحْتِضان .. إِلى نَفْسِها وَإِلى الْكَوْن/ وَتَخْرُجُ.. تَمْشي..  وَتَتَهادى/ تَهُزُّ الْأَرْضَ .. مَعَ اهْتِزَازِ أَطْرافِ جَسَدِها وَحُلِيِّها/ صَحْراويَّة .. غَجَرِيَّة .. وَعْرِيَّة .. لَكِنَّها تَتَجَمَّل / تَصْرُخُ بِصَوْتِ زينَتِها
في وَجْهِ مَنْ يَقْمَعُها .. مَنْ يَدْعوها أَنْ تَتَقَلَّصَ .. في وَجْهِ مَنْ مَنْ يَحْجُبُها/ تَعْزِفُ لَهُ بِموسيقى زينَتِها ../ مَعْزوفَةَ حُبٍّ/ وَتَدْعوهُ لِمُراقَصَةٍ وَحْشِيَّةٍ
تَخْتَبِئُ في أَعْماقي امْرَأَةٌ أُخْرى .. مُفْعَمَةٌ بِالنَّهَمِ هِيَ/ تَتَحَدَّى بِصَخَبِ أَلْوانِها .. رَتابَةَ صَحْراءِ الْحَياة
وَمِنْ مَواقِعِ الْفِتْنَة .. تُحْدِثُ الثَّوْرَة / نعم.. في كُلِّ امرَأةٍ مَهْمَا تَأَنَّقَتْ .. مَهْمَا تَرَفَّعَتْ وَتَأَلَّقَتْ/ تَخْتَبِئُ امْرَأَةٌ أُخْرى / صَحْراويَّة .. غَجَرِيَّة .. وَعْرِيَّة
**معظم نصوص تفاحة تتحدث بصيغة الأنا وبتمرّد نفسي، تتحدث عن نفسها بالصيغ المفردة، وتتمرد علی الماضي. لقد قالت غادة السمان: "تمرد المرأة على الحب .. معناه تمردها على أنوثتها! والتمرد على الأنوثة ليس إنتصارًا/  إنه بُؤرة الإنهزام والإنكسار.. إنه الشيخوخة المبكرة؟ فأين تقع تفاحة من هذا القول؟ دعونا نستمع ولتحكموا بأنفسكم. تقول تفاحة سابا في نص- أنا لا أُلَمْلِمُ نَفْسي:
أَنا لا أُلَمْلِمُ نَفْسيَ مُسْتَعْجِلَة/ أَوْ خَجِلَة، عِنْدَ الْحُبِّ.. أَوْ بَعْدَهُ .. وَلا عِنْدَ الْفَرَحِ/ أَنا أَنْفَجِرُ عِنْدَ الْغَضَبِ .. وَلا أَعْتَذِرُ/ أَنْسابُ في الْحُلْمِ .. أتَهَشَّمُ معَ الْحُزْنِ/ أتَفَتَّتُ مِنَ الْوَجَعِ .. وَلا أَجْفُلُ مِنْ تَناثُرِ أَشْلائي
أَنا أُطْلِقُ صَوْتَ الصَّهيلِ .. مِنْ أَعْماقي/ أَحْتَضِنُ كُلَّ الآتي.. وَأَسْتَبقيهِ حَتَّى الرَّمَقِ الْأَخيرِ وَاسْتِنْفادِ الْقوى..
أَنا لا أَجْلِسُ مَكْتوفَةَ الْيَدَيْنِ .. كَما عَلَّمَتْني مُدَرِّسَتي في الِابْتِدائِيَّة/ وَلا أَكْتُبُ بِخَطٍّ صَغيرٍ مُرَتَّبٍ مُنَمَّق/ حُروفي مُتَناثِرَةٌ .. هَوْجاءُ كَأَفْكاري... كَأَحْلامي .. كَمَشاعِري... كَخَيالاتي
أَنا لا أَضَعُ إِصْبَعي عَلى فَمي .. دَلالَةَ السُّكوتِ/ وَلا أَرْفَعُ يَدي طَلَبًا لِلْكَلامِ/ أَنا أَنْدَفِعُ مُتَدَفِّقَةً هَادِرَةً كَماءِ نَهْرٍ انْهارَ بِهِ السَّدُ
أَنا لا أَتَرَبَّعُ عَلى الْأَرْضِ مَحْنِيَّة .. كَما رَوَّضَتْني أُمِّي/ وَلا آكُلُ اللُّقْمَةَ صَغيرَة .. أُحِبُّها مِلءَ فَمي شَهِيَّة/ وَلا أَضُمُّ رِجْلَيَّ .. أَكْرَهُ مَفْهومَ الْحَشْرِ أَيْنَما حَلَّ
أَنا لا أَرْبُطُ شَعْري .. أُحِبُّهُ مَنْفوشًا/ وَصَدْري مُشَرَّعًا لِوَجْهِ الشَّمْسِ وَالْحُرِّيَّةِ، أُحِبُّهُ
أَنا أَعْشَقُ الانْزِلاقاتِ والْوقوعَ في الْحُفَرِ- وَالتَّسَرُّبَ كَالْماءِ في الرَّمْلِ/ وَالذَّوَبانَ.. وَالْمَشْيَ في الْأَزِقَّةِ الْجانِبيَّة
وَالْبَحْثَ في الشُّرُفاتِ عَنْ أَسْرارِ أَصْحابِ الْبيوتِ.. وَكِتابَةَ الْقِصَصِ
**هيام ابو الزلف تحاور تفاحة سابا
1*حدثينا عن بداياتك في الشعر ودافعيتك لكتابة الشعر؟
قصتي غريبة مع كتابة الشعر، أولا لم يكن الشعر يوما من الأنواع الأدبية التي تستهويني، دائما كان لي ما أقوله في قضايا كثيرة، ودائما سئلت من قبل أصدقاء: لماذا لا تصوغي أفكارك بصورة أدبية. 
بدأت كتابة الشعر قبل أربع سنوات فقط، ضمن تجربة روحية مثيرة في معبد دمنهور في إيطاليا، وهو معبد محفور في الجبل بعمق 70 متر وبمساحة 7000 متر مربع، وهو من أكثر المعابد إثارة في العالم. يقع في منطقة  تمر فيها 4 أو أكثر من خطوط. هو عبارة عن كتاب في الحجر مليء بالأعمال الفنية: زخارف بديعة، رسومات، فسيفساء، لوحات جدارية، زجاج، منحوتات، مندلات وكلها تحكي قصة الحضارة الإنسانية والعالم، وهدفها تأكيد التعاون الإنساني المسالم. 
كنت قد بدأت مسارا روحانيا متنوعا تضمنَ رحل روحانية في العالم، دراسة علم النفس البوذي وممارسة تدريبات التأمل، وكنتاج لهذا المسار تفتحت ملكات في داخلي، ولم ابق محصورة ضمن البعد العقلاني، ولكن ما حدث هناك أني رأيت مشهدا لطفلة معينة كنت متأكدة أنها أنا، رأيتها بكل تفاصيلها، وجهها، لون بشرتها، شعرها، لباسها، نظرة عينيها، كانت من فترة زمنية بعيدة (مئات السنين)، رأيت مميزات المكان، الشارع، البناء، ورأيت ما يحدث معها. وهكذا كانت أول قصيدة كتبتها عن هذه الطفلة، وعن مجموعة تجارب حدثت هناك.. لم تدخل أي قصيدة في هذا الكتاب
قد يبدو ما أقوله أشبه بالهذيان أو غير قابل للتصديق. ولكن هذا ما حدث. ومن يومها انا أكتب الشعر، وما زلت حتى اليوم أكتب بنفس الطريقة يراودني مشهد - أو تلح على رأسي جملة لها علاقة بالتأكيد بمخزوني الثقافي، وبالقضايا التي تشغلني، فأقذفها شعرا دون فلترة أو سيطرة عليها أحيانا، او تخرج كالطلق في حالة ولادة مستعصية أحيانا أخرى
2* ما هي المضامين التي تتطرقين لها
قضيتي المحورية هي الإنسان- حريته وكرامته في هذه الحياة التي تديرها الكثير من القوى العاملة على تهميشه، على قتل ملكاته وقدراته، على التلاعب بمصيره. ضمن هذه القضية الكبرى تبقى قضية المرأة هي الأهم وهي المركز في كل كتاباتي.
لا يمكن أن أنظر الى هذا العالم وأتعامل معه منفصلا عن قضية المرأة، وتحرير المرأة من القمع والاضطهاد الذي مورس ضدها على مدار عصور وتذويتها لهذا القمع لدرجة انها تؤمن بذاتها انه طبعها او أنه هكذا خلقت المرأة... هذا الواقع يتطلب أنسنة من جديد لها وللرجل على حد السواء وهذا ما أحاول أن أقوله في كتاباتي التي تكون أحيانا غاضبة،متمردة،متحدية وأحيانا حزينة منكسرة... 
3* حدثينا عن غلاف الكتاب:
الغلاف هو صورة لبيلية إلهة النار والبراكين في هاواي – كنت هناك في مسار روحاني،أحد أبعاده كان التواصل مع البعد الأنثوي، وقد اخترت الصورة لثلاثة أسباب: 
رأيت أنه يجب استحضار من جديد فكرة ألوهية المرأة التي سُلبت منها على المستوى الشخصي وعلى المستوى الحضاري.
أردت لهذه العظمة المتجلية بالنار والبراكين بما تحمله من تمرد على النظام القائم والقدرة على قلب الموازين أن تأخذ مساحتها في الغلاف كما لها من مساحة كبيرة في مضامين الكتاب
رأيت ان الصورة بما تحمله من التصاق بالأرض والطبيعة تتماشى مع نموذج المرأة الوعرية وتعكسه -وهو عنوان الكتاب وعنوان إحدى القصائد فيه.. رغم اني أرفض أي تنميط أو تعميم في شأن المرأة. 
4* بأي مدى تعكس كتاباتك أفكارك ونهج حياتك
غالبا الشاعرات يسألن عن مدى علاقة نصوصهن بحياتهن وليس الرجال، ويكون الهدف من السؤال هو التلصص على حياتهن، واستعمال المعلومات فيما بعد كأداة تشهير ضدهن، ولأن هذا هو الواقع غالبا ما تكون الإجابة تنصلا من أي علاقة بين نصوصهن وحياتهن، وغالبا ما يحاولن تفسير ما يكتبنه في أشعارهن، على أنه حالة من الابداع والتخيل ولا يمت بالضرورة لحياتهن بصلة تماما كالتمثيل مثلا 
أنا أريد أن أوضح أن كل ما أكتبه هو عني، يعكس غضبي، تمردي، حزني،خيبة املي، أحلامي، أفكاري، قيمي، مواقفي في الحياة، خيالاتي، توقعاتي، عواطفي، تجاربي، خبرتي، كيف يمكن أن يخرج نتاجا فنيا وفكريا مني ولا يكون عني؟ والسؤال الأهم ماذا نعني عندما نقول "حياة"؟ - 
كلمة حياة لا تقتصر على سلوكنا الخارجي،هي كل ما نحن عليه،هي لحظات قلقنا ووجعنا وفرحنا،هي قصص حبنا وانكسارنا وجرأتنا وتحدينا،ومن يتنكر لكل هذه الشمولية في الحياة يتنكر لإنسانيته، لذلك عندما أكتب عني أنا أكتب من خلالي عن تجربة إنسانية شمولية وأكتب عن النساء عامة 
وكما في الفكر النسوي الشخصي هو سياسي – ما يحدث معي كامرأة أو كإنسان يحدث معي لأني انتمي لفئة معينة. أنا آتي من خلالي بصوت غيبته الحضارة الإنسانية بما في ذلك الشعراء الذين تكلموا عن المرأة فقد تكلموا عنها من منظار رجولي. 
5* قصائد تحبين إلقاءها
*التلاشي في الجرح القادم ص159 نص الاختتام بالمقارنة بالنص الأول "قصة غير شعبية – نحكي ولا نام؟) الذي يأتي بالصوت الجمعي، يعيد ترتيب التاريخ ويحكي القصة من جديد.. هذه القصيدة تأتي بالصوت الشخصي، لكنه يبين ان الشخصي عام وان الوجع الشخصي في العلاقة مع الرجل هو وجع بُنيوي ممتد على مدار حيوات، وسيتكرر أيضا ما لم تحدث عملية أنسنة للرجال في الأساس في رؤيتهم لأنفسهم، ولشريكتهم وللعلاقة فتقول: التَّلاشي في الْجُرْحِ الْقادِم/ تفاحة سابا
الْقَلْبُ يَنْزِفُ ذِكْرى حَياةٍ سابِقَة/ يَشْعُرُها حَيَّة .. يَتَحَسَّسُها بِكُلِّ تَفاصيلِها/ يَسْتَنْزِفُها نَبْضًا؛ لَهُ نَكْهَةُ الْقَهْوَةِ الْمُرَّة.../ وَلَوْنُ الْمَوْتِ الشَّاحِبِ/ يَذْكُرُ أَنَّهُ تَمَزَّقَ عُنْوَةً/ كَغِشاءِ بَكارَة في لَيْلَةِ زِفافٍ بارِدَة/ يَذْكُرُ أَنَّ دَمَهُ أُريقَ في احْتِفالِيَّةٍ بِدائِيَّةٍ/ لِعُيونٍ جائِعة .. تَتوقُ لِمَنْظَرِ الدَّم!/ تَمامًا كَتِلْكَ الْعُيونِ الْمُعَلَّقَةِ عَلى الشُّرُفاتِ/ انْتِظارًا لَعَلَمٍ يُرَفْرِفُ عُرْبونَ شَرَفِ امْرَأَة
الْقَلْبُ يَذْكُرُ/ رُبَّما كانَ ذَلِكَ فُراقًا .. رُبَّما خِيانة/ رُبَّما طَعْنَةَ ثِقَةٍ تَعَذَّرَ بَعْدَها الرَّدْمُ!/ رُبَّما زَعْزَعَة... / رُبَّما حَبيبًا ذَهَبَ إِلى الْحَرْبِ وَلَمْ يَعُدْ/ رُبَّما هاجَرَ دونَ وَداعٍ، كَما يَفْعَلُ الرِّجالُ!/ وَجَع... وَجَعٌ فَوْقَ قُدْرَةِ الْاحْتِمالِ
الْقَلْبُ يَذْكُرُ/ يَذْكُرُ وَيَنْزِفُ مِنْ جَديد/ كُلَّما دَغْدَغَتْهُ طَراوَةُ عِشْق/ كُلَّما راوَغَتْهُ وَراوَدَتْهُ.../ يَذْكُرُ وَكَأَنَّهُ خَرَجَ لِلتَوِّ .. مِنْ عَمَلِيِّةِ قَلْبٍ مَفْتوح
آهٍ لَوْ تَعْرِفُ كَمْ أَخافُ أَنْ أُعيدَ الْكَرَّة/ كَمْ أَخْشى لِخُيوطِ الرَّتْقِ أَنْ تَتَفَتَّقَ/ أَنا لا أَقْوى عَلى اشْتِياقِكَ .. / وَلا عَلى ما دونِ النَّصابِ مِنْهُ/ وَأَخافُ/ أَخافُ مِنْ عَدَمِ اسْتِعادَةِ قُدْرَتي عَلى التَّرْميمِ بَعْدِ الْهَجْرِ/ فَالذِّكْرى حَيَّة
أَنا أَخافُ أَنْ أَنْكَمِشَ أَمامَ الْحَياةِ/ فَأَغُضَّ الطَّرْفَ عَنْ مِلْءِ الْخَفَقانِ/ عَنِ اجْتِياحِ الْحُبِّ .. عَنِ الدَّوَرانِ في إِعصارِهِ/ فَالْقَلْبُ يَذْكُرُ السُّقوطَ إِلى الْهاوِيَة/ يَذْكُرُ قَسْوَةَ الِارْتِطامِ بِالْقاعِ
أَخْشى السُّقوطَ أَنا/ أَخْشى أَنْ يَنْفَرِطَ الْعِقْدُ وَتَرْتابَني الْفَوْضى/ اعْتَدْتُ التَّرْتيبَ،/ وَعالَمي قِطَعُ مَلابِسٍ وَضَّبْتُها عَلى الرُّفوفِ/ أَخافُ مِنْ بِناءِ الْجُسورِ إِلَيْكَ/ فَالْقَلْبُ يَذْكُرُ جُسورًا مَنْسوفة/ وَدُخولًا بَطيئًا شِبْهَ مَشْلولٍ بَعْدَها إِلى الْقَوْقَعَة
الْقَلْبُ يَذْكُرُ/ وَأَنا أَذْكُرُ خَوْفًا أَكْبَرَ مِنَ التَّلاشي/ في الْجُرْحِ الْقادِمِ/ وَهُوَ قادِم
*والنص الثاني صوتي زهرة لوتس ص151- نموذج إضافي يبين أن الشخصي سياسي، أي انه عندما أتكلم عني (عن إخفاء صوتي)، انا أتكلم عن فئة النساء او طبقة النساء في هذا العالم على مدار عصوره، وعن التعامل معها من خلال تغييب أجزاء منها، وإبراز أجزاء أخرى وفق رغبات وأفكار الرجال. 
صَوْتي زَهْرَةُ لوتَس/ تفاحة سابا
الْأَصْواتُ كَالْعُيونِ... كَالْأَسْماءِ/ تَحْتَضِنُ رُؤانا.. تُصافِحُ الْعالَم عَنَّا وَتَحْمِلُ نَبْضَنا/ لِماذا لَمْ يَتَغَزَّلِ الشُّعَراءُ بِالْأَصْواتِ؟/ وَصَفوا الْعُيونَ وَلَحْظَها/ رُموشَها... أَلْوانَها... نَظَراتهِا/ وَالسُّيوفَ الْمَحْنِيَّةَ فَوْقَها
مَنْ ذا الَّذي اخْتَرَعَ تَعْبيرَ "صَدْرُكِ كوزُ رُمّان"/ وَ "خَدُّكِ كَالتُّفَّاحِ"/ وَ "شِفاهُكِ كَرَزٌ" وَ "رِيقُكِ شَهْدٌ يَسيل"؟
ما الَّذي جَعَلَهُم يَتَوَقَّفونَ عِنْدَ الْخَصْرِ وَالشَّامَة/ وَالشَّعْرِ الْأَسْوَدِ الطَّويل .. وَالْقَدِّ وَالْقَوامِ الْمَمْشوقِ/ وَالنُّعومَةِ وَالطَّراوَة .. وَيَنْسَوْنَ الصَّوْتَ؟
أَيْنَ اخْتَفى صَوْتي مِنْ كُلِّ مُفْرَداتِهِم؟!/ كَيْفَ يُمْكِنُ لِصَوْتي أَنْ يَصِلَ كَما هُوَ إِلَيْكَ/ دونَ الصَّدى... دونَ الْغَرْبَلَة؟!/ كَيْفَ يُمْكِنُ؟!/ وَالْمسافاتُ بَيْنَنا تَخْنُقُها عَثَراتُ الطَّريقِ وَالْمَطَبَّات؟
صَوْتي لَوْ تَعْلَمُ مُطَرَّزٌ بِرَذاذِ الْمَطَر/ كَزَهْرَةِ اللّوتَس يُزْهِرُ مَسيحًا عَلى الْماءِ/ صَوْتي شَلَّالٌ شَهِيٌّ/ يَنْهالُ أَسْئِلَةً وَعَلاماتِ اسْتِفْهام/ وَمَعَ نَغْمَةِ اسْمِكَ يُصْبِحُ أَشْهى/ وَيُصْبِحُ أَشْهى بِكَثيرٍ/ عِنْدَما تَبْتَلِعُهُ وَأَنْتَ تَلْتَقِطُ شِفاهي/ وَتُطْبِقُ عَلَيْه .. فَيُطْلِقُ الْآهَ/ وَيصبحُ شَهِيًّا بِعَشَراتِ الْمَرَّاتِ أَكْثَر/ عِنْدَما يَثورُ عَلَيْكَ/ وَيَصْرُخُ في وَجْهِكَ:
"إِلى الْجَحيمِ أَنْتَ وَعالَمُكَ،/ إِلى الْجَحيمِ أَنْتَ وَكُلُّ الشُّعَراءِ الّذينَ تَجاهَلوه،/ أَنْتَ وَكُلُّ رِجالِ الدِّين الّذينَ بِالْعَوْرَةِ وَصَموهُ / أَنْتَ وَكُلُّ رِجالِ الْحُكْمِ الّذينَ أَسْكَتوهُ"
صَوْتي نَبْعُ حَكايا وَأَحْلام/ مَوْجاتُهُ عابِرَةٌ لِلْحُدودِ... لِلزَّمانِ... لِلْمَكان/ وَسَيَبْقى رَغْمَ كُلِّ قَصائِدِكَ/ وَأَحْكامِكَ وَقَوانينِكَ/ ماءً يُدَغْدِغُ حُلْمَ الْجَنَّة/ وَنارًا يُثيرُ كَوابيسَ جَهَنَّم
**جاء في تحيّة شكرٍ وامتنانٍ تفاحة سابا: 
أُقدّمُ باكورةَ أعمالي الشّعريّة "اِمرَأَةٌ وعريّةٌ" هذه، مع تحيّةِ شكرٍ وامتنانٍ لكلّ ما فاضتْ بهِ عليّ الحياةُ مِن هِباتٍ وهدايا، جعلتني أُقبلُ على ما تجودُ به عليّ، بنهمٍ وشغفٍ لا يعرفانِ الحدودَ، في واقعٍ أرادَ للمرأة أن تعيشَ ضمنَ قوالبَ مفروضةٍ، وضمنَ خارطةِ طريق مرسومة. 
أُقدّمُ كتابي هذا مع تحيّةِ شكرٍ وامتنانٍ لمِا منحتني الحياةُ من تحدّياتٍ وصعوباتٍ جعلتْني أكبرُ، وجعلتْ هذا العالمَ يكبرُ في داخلي، لأصبحَ أكثرَ ليونة، وتتفتّحَ روحي على كلّ إمكاناتِهِ، فيصيرُ مثيرًا بتعدُّدِهِ، مُتاحًا لي بكلّ أبعادِهِ، مُعيدًا لتكويني كلَّ مرّةٍ مِن جديد، تاركًا إيّاي في خضمّ دهشةٍ مُستمرّة.
هديّةُ حبٍّ وامتنانٍ أقدّمُها لعائلتي- ولأبي وأمّي، على احتضانِهم غيرِ المشروط لي رغم اختلافي فيهم؛ قبولهم لي في كلّ مراحل حياتي، دعمهم لي كيفما كنتُ وأينما كنتُ، ومرافقتهم لي في كلّ الخطواتِ والمساراتِ الّتي اخترتُها، لأعيشَ الحياةَ بانسجامٍ معَ ما تصبو له روحي.
جزيل شكري لأصدقائي وصديقاتي الّذين حثّوني على مدار سنواتٍ، على إصدار ما أكتب، وأخصُّ بالذّكر قُرّائي على الفيس بوك الّذين رافقوا قصائدي على مدار أربع سنوات، وعلّقوا عليها داعمينَ مُشجّعين، وساهموا في نشرها على صفحاتهم.
شكرٌ خاصٌّ لمن رأوْا في نصوصي قيمةً مُضافة، فترجموها للغاتٍ أخرى؛ للدّكتور نبيل طنّوس على ترجمته للعديد منها إلى العبريّة، وللأستاذ هفال زاخوي الّذي نشر بعضها باللّغة الكرديّة في العراق.
جزيل شكري لكلّ من ساهم في إخراج هذا الكتاب إلى النّور؛ أخصُّ بالذّكر دار الوسط للنّشر والإعلام في رام الله، ولمديرها الإعلاميّ والكاتب جميل حامد، على المهنيّة الفائقة والمسؤوليّة الكبيرة، في مَنتجة وتنسيق ومراجعة الكتاب وطباعته.
*وشكري للشّاعرة آمال عوّاد رضوان الّتي أشرفت على التّدقيق اللغويّ وطباعة ومتابعة المجموعة الشّعريّة. وجزيل شكري للصّديقة العزيزة د. روزلاند دعيم على مقدّمتها القيّمة للكتاب.
وجزيل شكري أقدّمُهُ لكم قرّاء هذا الكتاب، على مرافقتكم لي في رحلة الغوص والتّحليق هذه، إلى دواخل ذاتي وفي العالم الخارجي، علّ روحي المنحوتة في النّصوص تثيرُ أرواحكم، وعلّ القضايا الّتي تشغلني تستثيركم ونلتقي، وأضع بكثير من الحبِّ عالمي ببعض أبعادِهِ بين أياديكم.