اجتماع الهيئة التاسيسية لملتقى رواد المكتبة

     




 عقد ملتقى روّاد المكتبة ظهر اليوم 29|11|2020م في مكتبة بلدية جنين العامة اجتماعا تأسيسيا بحضور مجموعة من المثقفين والأدباء، افتتحت الاجتماع الأديبة "إسراء عبوشي" مستعرضة أهداف الملتقى والحاجة الماسة لتأسيسه ليكون رافداً للحركة الأدبية، ويهتم بالمكتبات وبتشجيع النشء على القراءة، وليعيد للمثقف دوره في صناعة القرار والتأثير في المجتمع، وتوجيه الفكر وتقريب وجهات النظر من خلال ندوات تُشكل حراكا فكريا في المشهد الثقافي وتخلق نوعا من التناسق الفكري، وتواجه الخطاب الإعلامي المتحيز بصورة معلنة أو غير معلنة للتأثير في الوعي، ثم تحدث الدكتور "تميم حردان" عن بداية التغيرات التي غيرت الخطاب الإعلامي وحولت دفة المثقف والكاتب وهمشت دوره، وتحدث الأستاذ " عماد محاسنه " عن أهمية تغيير نمط الندوات بحيث تكون بصرية باستخدام التقنيات الحديثة، وقد جرى الحديث أن يًقدم الندوة القادمة  بأسلوبه الخاص، أما الأستاذة " سحر أبو زينة " فقد تحدثت عن أهمية مدّ جسور الثقة بين المنتديات الأدبية والثقافية المختلفة، وكيف أن المثقف الواعي نبض المرحلة، والكاتب شاهد على عصره، ويقرأ التاريخ من خلاله، أما الأستاذ "عصري فياض" فقد تحدث عن تعاقب المراحل الزمنية والمتغيرات التي أوجدت مثقفا مختلفا، وضاعت قيمة رسالته، وتحدث عن قيمة تحويل الروايات الفلسطينية إلى سيناريوهات لتخاطب العالم بصورة أفضل، وتطرح القضية لشريحة أوسع، والأستاذ " مفيد جلغوم" تحدث عن ضرورة ربط المثقف بتراث أجداده، من بيوت وأماكن تاريخية، وزهور برية هي هوية الإنسان وقيمة الأرض، وبدعوة منه سينظم الملتقى مع رابطة أبعاد زيارة لبيت أ. مفيد جلغوم التراثي في قرية فقوعة، وستكون أمسية شعرية حيث تتجلى روح المكان، وفي الختام تحدثت مديرة رابطة أبعاد ثقافية "صفاء غليون" عن التعاون المشترك والدائم ما بين رابطة أبعاد وملتقى روّاد المكتبة، وضرورة الاهتمام بالكتّاب والشعراء الشباب.

   وقد زار الملتقى أثناء الاجتماع الأستاذ " فايز السعدي" رئيس بلدية جنين، رافقته الأستاذة " ابتسام جلامنة" عضو المجلس البلدي، وأبدى الأستاذ فايز السعدي دعمة الدائم لأنشطة الملتقى.

وفي الختام تم وضع خطة لأنشطة الشهور القادمة، التي أعاق الوباء تنظيمها سابقا، على أمل انتهاء الوباء وعودة الحياة لوضعها الطبيعي.

كتاب الشاعر شوقي مسلماني "لكلّ مسافة سكّان أصليون": نصوص تقبض على المخفي من الذات

 


كتب سامي نيّال ـ

قراءة نصوص الشاعر شوقي مسلماني تفضي إلى قراءة مغايرة وواعية عن دافعها اللغوي، وكأن بالشعر هنا يصبح حالة تماهٍ تتماشى مع ظروف كتابةِ النصّ بأساليب وأدوات وحده الشاعر المتمرّس يدرك دلالة لعبةِ النصّ، فالشعر هنا يتفرّد بأدوات تعبيره الخاصّة التي توسم النصّ بدلالة وحيدة وهي صلة الوصل مع عالم تسكنه مفردات خاصّة ينحى بها الشاعر صوب فضاءاتٍ خاصّة وفريدة تسلّط الضوء على الدفين من المفردات، وبعد ذلك تلعب المفردات ذاتها تقنية تعريةِ النصّ من أدواته وصيغِه الدخيلة، والتي يحاول الشاعر معها حياكة عالمٍ بديل لمسافة تسكن دوماً في متن النصّ.

قصائد الشاعر مسلماني تنتمي إلى قسمين: القسمُ الأول هو الشكل الكتابي الذي يسلك معه سلاسةً في الشكل ليصلَ في مضمون القصيدة إلى لمعات شعرية يفضي الشاعر من مخزونه بمفردات تمت بصلة إلى واقعه المتشظّي فيحاول بالشعر رتق الهوّة من لغة لا تأبى أن تسلطَ الضوء َعلى العامّي من الحياة، يحوك الشاعر قصيدته بدراية تامّة لأدواتٍ خبرَها جيّداً، ولا عجبَ إن وظّفها بخيار تقني يدرك معها دلالة النصّ، وما يمكن معه ان يحرّضَ المتلقي لمتابعة مغزى كتابة تتفرّد من مخزون لغتها الخاصّة. 

القسم الثاني، المعنى ـ المضمون، فقصيدة شوقي مسلماني تحمل الكثير َمن قلق البحث عن الحريّة، وهو لا يوفّر فرصةً لتوكيد شغفه، من خلال نصٍ شعري تصبّ أدواته في دلالة المضمون لما هو حقيقي، ونابع من قلق لإيجاد مضامينَ جديدة يحاول معها أن يوظّفها في خانة المضمون والضمني من النصّ، فالمفردة عند الشاعر هي وليدة وظيفتِها، تتّسع رويداً رويداً، لتغدقَ على النصّ شراكة ً وجودية. وحده الشاعر هنا يزيح العتمة ليأتي النصّ جليّاً بمضمون مفرداتِه، وهو يقول: "يغيب فيحضر \ ويحضر فيغيب \ نتحاور من عالمين \ قريبين وبعيدين \ كلّه كلّي".

ثمة قلق حادّ يعيشه الشاعر من خلال تسليطِ الضوء في مجموعته التي تسائل الأمكنة َوالذات، وهو تصادم كان قد عاشه الشاعر في غربة، كان قد خبر ذلك وحده، ولكن تبقى كتابة الشعري هي حالة روحانية، وكأن بها  يحاول صياغة وحدته بمفرداته الخاصة، فيكون الشعر نافذة مفتوحة على الآتي من معاني كان قد استبدلها بمخزون مسافات المكان وأزمنتِه المتناثرة، وهو يقول: "بلاد \ هنا وليست هنا \ لم يكن من يستدرك \ لا شلالات فضّة \ لا طيور ولو عابرة \ لا شامة على خدّ وردة.. \ الخطأ يتأكد يومياًّ". 

بكلمة موجزة يمكن القول أن ديوان شوقي مسلماني "لكلّ مسافة سكّان أصليون" الصادر عن دار الغاوون في بيروت كتابته شعرية مغايرة حاول الشاعر إيجادَ أمكنة لساكنين أوائل كانوا قد دخلوا عصبَ النصّ بعد أن تمّت إبادتهم، وتأكيد لرحيل جماعة كانت يوماً تسكن هضاباً هي وطن أو ما شابه. نصّ مسلماني اذ يشى إنما يشي برحيل الذات في فضاءاتها المتعاقبة، ووحده الشعر جاء هنا ليؤكد َ بقاءه، ولو بذاكرة مثقوبة حاول كما يقول الشاعر أن يجمع بعض ما تناثر أو بقي منها في نصّ فريد يمتلك أدواته ومفاتيحه وأسراره. 

وهنا أوّل سبع ورقات من المجموعة: 1 ـ "طبعُها سمّ \ عقاربُ الساعة. 2 ـ الوجه \ ملائم جدّاً \ لمشهدِ الجراد. 3 ـ تغطّي وجه الشمس؟ \ لا تريد أن ترى الشمس؟  \ كيف سترى؟ \ إذا لا تريد أن تراها \ أنا أيضاً لا أريد أن أراك \ رأسُك دمّلة؟ \ رأسي أيضاً دمّلة. 4 ـ  معارك دامية \ على طولِ جبهاتِ الخطأ. 5 ـ ما تشاء قلْ \ متى ما تشاء وأين ما تشاء \ هو مجرّد فأر  \ الطريقُ سالكة وآمنة \ قلْ أنّك أخذتَ الله من يدِه نحو زاوية \ أنّك استشرتَه فابتسمَ وباركَ مسعاك \ قلْ هذه الحرائق هي من حفلِ شواء \ هذا الثقب في الصدغ مسرب الأوكسجين \ يدك قويّة، عينك عين نسِر.. \ وتريد أن تكسر كلّ مَنْ لا يريد أن ينكسر. 6 ـ أحمال وعمّال هُنا وهناك \ ارتزاق بمذاق وهمجيّة بعسل.. \ الأكثريّة ما يفضحها \ كأنّ شيئاً لم يكن \ الدليل على جريمةِ الناب أنّه ناب  \ والدليل على براءةِ الناب أنّه أيضاً ناب \ البصر ـ البصيرة. 7 ـ  لحمٌ \ يمزِّق لحماً \ حجرٌ \ يُطارد حجراً.. \ تعوم آمناً \ بين فكّيّ القرش؟. 

مركز فِكر في اليوم العالمي للطفل: ضرورة تأمين الاهتمام والرعاية والحماية لكل طفل بعيداً عن الظلم والاستغلال والتعسف


عقد المركز الدولي للملكية الفكرية والدراسات الحقوقية - فِكر ICIP لقاءً ثقافياً عن بُعد بمناسبة اليوم العالمي للطفل، بمشاركة كل من المحامي شادي خليل أبو عيسى والدكتور فادي الحداد والباحث القانوني يوسف عبد علي والمحامية جانيت حداد والصحفية باتريسيا متّى والمستشارة القانونية مونسي حيدر والمحامي ربيع غناطيوس. وهنّأ المركز كل طفل في عيده، وشدّد على أن هذا اليوم " يشكل حافزاً للتذكّر والتذكير بضرورة الاهتمام بكل طفل وتأمين الحماية والرعاية له على كافة المستويات، وان من حقه أن يتمتع بالحماية المطلوبة بعيداً عن كل أشكال العنف، ومنع إستغلاله في كثير من الأعمال الشاقة التي تفوق طاقته، وإبعاده عن الصراعات والحروب والتجاذبات والنزاعات التي أصبحت تشكل الخطر الأكبر على أطفالنا في هذه المرحلة " . 

وأضاف مركز فِكر:"يقتضي على السلطة وكافة الادارات والمؤسسات والهيئات المختصة، العمل والسعي لإتخاذ التدابير التشريعية القانونية والإدارية والإجتماعية والتربوية والثقافية التي تكفل رعاية حقوق الطفل الذي له الحق بحياة سليمة من الناحية الصحية الجسدية والنفسية الفكرية والبيئية، خاصة في ظل التحديات التي تفرضها جائحة كورونا، كما وتأمين الاستقرار لكل أسرة كونها تشكل مكانة مهمة وأساسية في التربية والتعليم والرعاية ". وفي الختام، وجّه مركز فِكر تحية للسيدة فيروز في عيدها، وهي التي تُمثل البُعد الراقي للبنان الثقافة.


تأملات في كتاب مأذون من الليكود

كتب عمر عبد الرحمن نمر ـ

عن الأديبة:

شوقية عروق منصور، من مواليد الناصرة، عملت في مجال الصحافة، ولها زوايا ثابتة في عدة صحف، تكتب القصة والشعر والمقالة السياسية والاجتماعية. كُتبِت دراسات أدبية حول قصصها وشعرها، وحازت على جائزة الإبداع عام 2002، صدر لها:

1- امرأة بلا أيام، مجموعة قصصية 1978.

2- خطوات فوق الأرض العارية، مجموعة قصصية 1980.

3- النبض في جوف محارة، همسات نثرية 1981.

4-  ذاكرة المطر، قصائد وطنية 1985.

5-  شمس حضورك أسطورة، قصائد 1993.

6- اسمك تهليلة زمرد، قصائد غزلية 1995.

7- قل كلمتك وامشِ، مقالات 1995.

8- أحلام مبعثرة، مجموعة قصصية 2002.

9- غاب نهار آخر، مقالات سياسية 2005.

10- الخرائب المعلقة، قصائد 2006.

11- سرير يوسف هيكل، مجموعة قصصية 2013.

12- قلم رصاص، مقالات سياسية 2017.

13- المالح في زمن السكر، مقالات سياسية 2018.

14- مأذون من الليكود، مجموعة قصصية 2019.

15- الرحم المجنون، رواية منجزة (تحت الطباعة).

قبل المقدمة:

من السهل أن تقرأ وتستمتع، ومن السهل أيضاً أن تتذوق النص، ولكن في الوقت نفسه ليس من السهل أن تكتب عن النص، فالكتابة عن الكتابة أمر فيه من الصعوبة ما فيه، وذلك بسبب البحث الدؤوب في عالم سردية النص وعلائقه، وسياقاته المختلفة وتأويلاته المنفتحة على أبواب كثيرة، علاوة على التحري حول الناصّ وعلاقته بمنجزه، ثم انعكاس ذلك في الواقع.

كأنها مقدمة:

مأذون من الليكود، للأديبة شوقية عروق منصور، عبارة عن مجموعة قصصية تألفت من ست عشرة قصة قصيرة، في ثلاث وتسعين صفحة، صدرت عن دار الوسط اليوم وشوقيات للإعلام والنشر، رام الله- الطيرة (المثلث) ط1، سنة 2019.

وجاء ترتيب صفحات الكتاب على الشكل الآتي:

في الصفحة الأولى: توصيف للكتاب.

وفي الصفحة الثانية: تمهيد للكاتب البرتغالي (فرناندو بيسوا) يقول فيه: لست مجرد شخص هناك، أنا مقيم طيلة الوقت، على جرف دمعة، لا تجيد السقوط.

ثم تأتي صفحات النصوص، وفي آخرها صفحة للتعريف بالكاتبة، يليها صفحة الفهرس.

مقدمة:

لولا أني قرأت للأديبة شوقية عروق شيئاً عن مكتبتها البيتية، وترتيب كتبها، والصورة المعلقة في حائطها، وكرسي الكتابة، وما تخيلته من هدوء المكان، وثرائه المعرفي، بحيث أيقنت أن هذه النتاجات الأدبية المختلفة هي وليدة ذاك المكان، ولو لم أقرأ ذلك النص عن مكان الكتابة لتخيلت الأديبة تجلس على شاطئ البحر، تتأمل زرقته الجميلة الهادئة، وصراع أمواجه العنيف، حتى إذا وصلت رمل الشاطئ تكسرت وذابت، وصراع أحيائه، أسماك كبيرة ، ووحوش بحرية تفترس الأسماك الملونة الزاهية... ويتولد السؤال: لكن، لماذا تخيلت المبدعة تتهيأ للكتابة في هذا الجو؟

لأن المنجز الأدبي للأديبة يقول ذلك. فرغم أنها تتحدث عن صراع عميق، عن صراع وجودي، كان من نواتجه القتل والسجن والتعذيب والنفي والتشريد في جهات الأرض كافة، رغم ذلك كله فإنك تقرأ جملاً منسابة كماء يترقرق مختالاً في مجراه، وتسمع موسيقى الألفاظ كصوت خرير الماء. عبارات بسيطة فيها شاعرية، وعند اقتران بعضها ببعض يتولد الجمال الأسلوبي الذي يميز كتابات الأدبية شوقية عروق، وهنا تتكون الصورة الساحرة التي يجدر التأمل فيها، ومن وجهة نظري، هنا يكمن التميز في هذه النصوص، فرغم ما تتضمنه من تجليات حياتية عاشها الفلسطيني في الداخل الفلسطيني بقوة السيطرة الاستعمارية الإحلالية. الفلسطيني الذي لم يرحل عن أرضه وبقي مرابطاً فيها، رغم هذه المعاناة والعلائق العدائية في المحيط، جاءت العبارات متصالحة مع بعضها بعضاً، وجاء هذا التصالح بمثابة ميزة أدبية رائعة تفرّدت بها الأديبة، مما أضاف للمكتبة العربية مراجع أدبية فيها الجديد غير المستهلك.

نعم، يتجلى الصراع والمقاومة والعناد منذ القصة الثانية (مأذون من الليكود) والتي تدل عتبتها (عنوانها) على صراع حديّ، فتخيل أن المأذون الذي يعقد قران الزواج، الرجل المؤدب المهذب، المنتمي لربه وشعبه، المزيّن بآيات القرآن الكريم، والأحاديث الشريفة. تصور هذه الشخصية التي يمكن أن يكون لها قدسية ما، ومكانة اعتبارية ما، تصور هذه الشخصية تتشكل في بوتقة حزب الليكود، تنتمي للحزب اليميني، تسبّح بمبادئه التي تنادي بقتل العروبة، وتشريد الناس وسلب أراضيهم وبيوتهم، وتدمير ثقافتهم وهدم تراثهم، شخصية تنظر لأدبيات الحزب، وتنادي لانتخاب شخصياته، شخصية تعلق أعلام الليكود وشعاراته، شخصية تزورها أقطاب الحزب وتتباهى بذلك. إن هذه الشخصية الإشكالية التي حملت صفاتها الصراعية بين أقصى اليمين إلى أقصى اليسار لم تأتِ صدفة، بل جاء المأذون نتيجة توظيف حكومي لأذناب الحكومة وعملائها. وقد تعنونت المجموعة القصصية بعنوان قصتها الثانية (مأذون من الليكود) ، للتدليل على هذا الصراع المتأجج باستمرار. ومن رحم الصراع تولّد السرد، ليقول إن عروساً عربية أصيلة تمردت على هذا القانون، ورفضت أن يختم هذا الليكودي عقد قرانها، رغم أهمية ختمه وضرورته، (فهو مأذون الحارة) وهي من القيادات الشابة التي تدعو إلى التحرر والنهوض، لذا كانت وتيرة الاشتباك عالية، ورغم حكمة الشابة وحيلتها لوصلت الأمور إلى فسخ خطبتها وطلاقها.

يقول مريد البرغوثي في (رأيت رام الله) ص74 " الاحتلال يمنعك من تدبر أمورك على طريقتك، إنه يتدخل في الحياة كلها، وفي الموت كله، يتدخل في السهر والشوق والغضب، والشهوة والمشي في الطرقات، يتدخل في الذهاب إلى الأماكن، ويتدخل في العودة منها، سواء أكانت سوق الخضار المجاور، أو مستشفى الطوارئ، أو شاطئ البحر أو غرفة النوم... إلخ).

لقد أشارت قصة (الموت في إسرائيل) إلى صراع العامل العربي الذي يعمل بقلق وبلا اطمئنان لأنه يعمل تهريباً بلا تصريح عمل، هذا علاوة على استغلال قوته الجسدية، ضمن قانون من يملك ومن لا يملك، المستغِل والمستغَل. وبالتالي يسقط هذا العامل من علو ويموت، وتعقّد سلطات الاحتلال آلية تسليمه إلى ذويه، لدرجة أنه يهون عليهم الموت، مقابل تسلم الجثة ومواراتها التراب.

إنها قمة الصراع، وقمة الصراع أيضاً أن تتحول المجيدل إلى ( مجدال هعيمق) بمنطق القوة، و(عبرنة) أطلال البلدة بعد تهجير أهلها منها (قصة: لم تخرج ذاكرتي للتقاعد، وقصة بائعة الزيت). ولا يكتفي المحتل بسرقة الأرض وتهجير الناس من بيوتهم، بل يسرق أيضاً ما يدل على ملكيتهم لبيوتهم قبل تهجيرهم، إنه يسرق أرضهم وسماءهم، أسماءهم وماءهم وهواءهم... وتراثهم وحكاياتهم، فمن امتلك الحكاية امتلك الرواية، ومن امتلك الرواية امتلك الأرض. إن قصة (الإبريق النحاسي) تدلل على هذه السرقة، كانت مأساة عندما سرق الوزير الإسرائيلي الإبريق النحاسي التاريخي، ذاك الوزير الذي ينافقون له، ويتملقونه، ويصفقون له، بمساعدة مدير المدرسة موظف الحكومة، المتملق لها والمسحّج لها طول الوقت. نعم، لقد استطاع الاحتلال أن يحول كثيراً من الأذناب والعملاء إلى أدوات له، يديرون الأجواء العربية، وهؤلاء باعوا أعز ما يملكون من كرامة وأنفة في سبيل الوظيفة والكسب، فكان منهم: المأذون، والشرطي، ومدير المدرسة، ومعلمها، وآذنها... إلخ. وبالرغم من هذه البطولات السلبية التي أفرزتها البيئة بشرطها الاحتلالي الإحلاليّ المقيت، ورغم تولد هذه البطولات المتسلحة بإمكانات التعالق مع الاحتلال والنفاق للمحتل. ومن الجدير بالذكر أن عدداً كبيراً من هذه الشخوص كان يتعامل مع الاحتلال بشكل سري قبل سنة النكبة (1948)، وبعد النكبة ظهر ليتعامل في العلن، كما ورد في قصة الإبريق النحاسي (يقال إن عمه كان يتعامل قبل 48 بالسر، وبعدها عَ المكشوف). برغم هذه التشكيلات من هذه البطولات العفنة (بطولات أذناب الحكومة) ظهرت بطولات معاكسة تماماً، بطولات تمتّ للأرض بصلة القرابة، وعاطفة النخوة، وصدق الإباء والانتماء، فظهر الشهيد الذي بلل الأرض بدمه وزرعها حُبّاً، وظهر المعتقل الذي حول زنزانته إلى وعي تاريخي (قصة بائع الزيت). وهناك المُهجّر الذي حمل فلسطين إلى السويد، واستشهد في مخيم اليرموك (ألو فلسطين بتحكي)، وهناك من رفض بيع أرضه إلى السماسرة والصهاينة (بائعة الزيت) وهناك شهيد لقمة العيش (الموت في إسرائيل). إن هذه البطولات مبررة وتأتي في سياقاتها الزمنية والجغرافية لتشكل مسلكاً وممارسة حياتية، وتبني حكاية في معمارية حكايات الوطن، ولعلها الخط المعادي والموازي (حيناً) والمشتبِك (أحياناً)، والضدّي للبطولات السلبية التي ولدها الاحتلال.

هناك ظهور لافت للمرأة الفلسطينية في هذه القصص وذلك لإيمان السارد أن المرأة نصف المجتمع وأكثر، وهي المربية المنتجة، ومن هنا نرى نوعاً من تحيز السارد نحو بطولات المرأة وإبرازها، فهي المناضلة وحامية أرضها (بائعة الزيت)، وهي المدافعة عن أرضها وكرامتها (مأذون من الليكود)، وهي المطالبة بحقها في الميراث ( المسترجلة)، وهي المطالبة بحقها بالاسم والوجود (شادية وشوقية والجد حسن). وبينما ظهر الرجل في بطولات عميلة عفنة، لم نجد المرأة قد تلوثت بوحل هذه البطولات.

لقد استطاعت الأديبة شوقية عروق رسم البطل النموذج الذي يمكن أن تكون حياته ممارسة طبيعية، ومعيشة يومية في فلسطين المحتلة، وخصوصاً في ذاك الجزء المحتل سنة 1948. وباقتدار أيضاً وظفت الكاتبة السارد جزئي المعرفة (صورة هو/هي) الذي ركز على الجانب الرئيس في الحكاية حيناً (الموت في إسرائيل) إضافة إلى توظيف السارد المشارك حينا آخر (أنا في دار الصياد)، وفي كلتا الحالتين تميزت الحكايات بالموضوعية والبعد عن الشخصنة برغم أن الكاتبة تتحدث عن ذاتها وتجربتها في (أنا في دار الصياد، وشادية وشوقية والجد حسن).

تميزت النصوص بالعبارات السهلة الموشحة بموسيقا هادئة، متحتها الكاتبة من قراءاتها، وتأملاتها وملاحظاتها للواقع المعيش. وراوحت هذه اللغة بين العامية ولغة الشارع للتعبير عن مثل شائع، أو حكاية شعبية، أو عادة عامة، وجاءت الكلمات: جورة غميقة، راس يابس، بير عميق السر، وإن أمطرب في بلاد بشّر بلاد، برد يقص المسمار، طلت البارودة والسبع ما طل، عيب المرا تستنى، جبل عَ جبل ما بلتقي... وأرى أن هذه العبارات بصورتها المبسطة تلك، قد أدت وظيفتها الاجتماعية التي انطبعت صورتها في ذهن العامة ووعيهم. وتسمو هذه اللغة وتزهو ، وتتكاثف لتكون أقرب إلى الشعرية "حين أزرع مسماراً من تابوت الذاكرة، يبقى مكان المسمار حفرة، لا بد أن يعشش فيها عصفور يلتقط نشوة الفرح، ويبحث عن حرارة أنفاس، عاهدت الكتاب على الرقص فوق إيقاع أوراقه، أنا هنا تنمو فوق حجارتي سنابل الزمن، وقمح الحياة تطحنه الأيدي التي تصنع منه خبزاً ". (أنا في دار الصياد).

وهنا يمكننا القول إن مستويات الخطاب اللغوي لم تكن على الوتيرة نفسها بل تدرجت في أكثر من منزلة، صعوداً وهبوطاً، وكل درجة ناسبت السياق الذي أتت فيه، وهذا يدلل على طواعية اللغة بقلم الأديبة شوقية عروق.

بقي أن نقول: إن المنجز (مأذون من الليكود) أضاف جديداً معرفياً للمكتبة العربية، حيث تعرض لممارسات في زمن معين ومكان معين هو الداخل الفلسطيني المحتل، وما خلّفه الاحتلال من قيم تغيّرت، وأخرى تعفّنت، كما أنه أضاف جديداً فنياً للنص الأدبي الواقعي، حيث تجلى بروح السرد السلسة، وقوة السرد المعبرة عن الواقع، وهذا تأتى من طاقة الكاتبة، ورؤيتها في التعبير عما أرادت بقلم سيّال رائع


ميسون تجمل الخمسينات مع فرح بيطار




استعرضت اخصائية التجميل والتزيين ميسون هلال حقبة الخمسينات وجمال تلك المرحلة التي اتصفت بالرومانسية والاناقة، واستعرضت ميسون حلقة مصورة من اعدادها واخراجها ومونتاجها جمالية تلك المرحلة مع الممثلة فرح بيطار التي قامت بدور حلا في مسلسل غربة الذي حكى عن مرحلة الخمسينات وبداية الستينات، ولفتت الأنظار بأناقة وجمال مميزين.

استعرضت ميسون أكثر من ٣٥ موديل شعر وشرحت أسلوب المكياج الذي كان يعتمد على خط الايلانر للعيون واحمر الشفاه الأحمر لإبراز جمال الوجه برقة وبساطة.

وقالت فرح بدردشتها مع ميسون إنها أحبت دورها في مسلسل "غربة" لما في تلك الحقبة من جمال، خصوصاً الشكل والمكياج الذي أبرز أنوثتها.

واعتبرت فرح بيطار إن أجمل لحظات عاشتها كانت أثناء تحضيرها للدخول الى الدور.

زينت ميسون هلال شعر ووجه فرح بيطار بعدد من التسريحات التي تميزت بها نجمات هوليوود في حقبة الخمسينات.

فيديو الجلسة بين ميسون وفرح:



اصدار عدد تشرين الثاني 2020 من مجلة " الإصلاح" الشهرية


عرعرة- شاكر فريد حسن

صدر عدد تشرين الثاني 2020( العدد الثامن، المجلد التاسع عشر) من مجلة " الإصلاح " الثقافية الشهرية، التي تصدر عن دار الأماني في عرعرة بالمثلث، تزين صفحتها الداخلية لوحة للفنانة سحر بدارنة من بلدة عرابة البطوف.

وما يحتوي هذا العدد من مواد متنوعة يؤكد على اهمية هذه المجلة، فكريًا وثقافيًا، ودورها في بناء ثقافة وطنية وإنسانية ومجتمعية إصلاحية.

يضم العدد بين غلافية أبحاثًا ومواد أدبية وإضاءات نقدية،  ومجموعة من النصوص الشعرية والقصصية. فرئيس التحرير الأستاذ مفيد صيداوي يكتب في كلمة المجلة عن أربعة مثقفين عرب فلسطينيين وافتهم المنية في الآونة الأخيرة، وهم المناضل عادل أبو الهيجاء، والشاعر والقاص والمناضل حنا إبراهيم الياس، والمربية الكاتبة سلمى الماضي، والمربي ورجل الاعمال جمال السيد أحمد. في حين ترثي سناء جمال سيد أحمد والدها، والأديب شاكر فريد حسن يرثي المناضل الشيوعي العريق عادل أبو الهيجاء، وعمر سعدي يكتب كلمة وفاء لابي سلام.

كذلك يساهم في العدد كلّ من د. حاتم عيد خوري في " متفائلًا مات أبي"، ومحمود جمال ريان بقصيدة " مولد الحق"، ود. محمد عصر عن الإبداع ما هو؟، ود. يوسف بشارة في كلمة وفاء ورثاء للراحل سميح ناطور، وفتحيه عبد الفتاح في إضاءات على رواية الأخوة كارمازوف، والأستاذ حسني بيادسة في أمثالنا الشعبية، والكاتب سعيد نفاع في قصة " طلق الحور "، وجهاد فاضل عن الحب أعزك اللـه، والكاتب محمد علي طه عن " نحن والأسماء"، والمسرحي رياض خطيب عن ذاكرة الطباشير القوقازية، والشاعر يوسف سعدة في قصيدة مهداة للكاتب شاكر فريد حسن بعنوان " لم يعط حقه".

وتكتب د. تغريد يحيى- يونس عن الست بدرية ترسي عبد الناصر في وجدان أهالي وادي عارة، ود. خالد تركي عن كتاب " حيفا بصمة حمراء" للأستاذ اسكندر عمل، والصحافي محمود خبزنا محاميد بمحطات وطنية في السيرة الذاتية، والكاتب علي هيبي في خواطر من قلب الكابوس، والأستاذ يوسف جمّال في قصة "الموءودون والموءودات "، والأديب حسين مهنّا عن نحن والألوان، والكاتب القصصي مصطفى مرار في حكاية للأطفال.

ونقرأ أيضًا في العدد عن المرحوم الحاج سليمان عقل في زاوية " خالدون في ذاكرتنا"، وعن نبات العنصل من إعداد الأستاذ سعود خليفة، وتقرير عن وفاة الأديب العبري يهوشوع قناز.

هذا بالإضافة للزوايا الثابتة في المجلة " أريج الكتب" و" نافذة على الشعر العبري الحديث"، ومواد خفيفة وشذرات أدبية.

إصداران جديدان للشاعر والكاتب د. عامر جنداوي

 


كتب: شاكر فريد حسن  

صدر هذه الأيام، للشاعر والكاتب د. عامر جنداوي كتابان جديدان، الأول ديوان شعر بعنوان" وعودٌ ليسَ أكثر"، وجاء في 142 صفحة، ويضم بين دفتيه أكثر من ثمانين قصيدة تتراوح بين الطويلة والقصيرة، وتتناول موضوعات وقضايا وموتيفات مختلفة. 

وقد صمم غلاف الديوان وقدم له د. كمال زيدان، ومما قاله:" أجدُ للحرفِ طعماً آخرَ، وللكلِمةِ صدىً لم يكُن من قبلُ، وأشعرُ أنَّ القصيدةَ الواحدةَ وحيدةٌ في نبضِها ولونِها وكبريائِها، تُظِلُّني بظِلّها حيثُ لا تعبَ ولا نصبَ ولا سبيلَ للانعتاقِ من فضائها الرّحبِ وسمائِها الواسعة". 

وهذا هو الديوان الشعري الخامس الذي يصدر له بعد " في مفازة الحياة، ألم وأمل، نّزْفُ الخاطر، وقصائد لعيني السهر". 

أما الكتاب الثاني فيحمل عنوان" نحوَ لُغة مُيسَرّة"، وهو كتاب نحوي للغة العربية بطريقة سهلة ومبسطة، وجاء في 126 صفحة، ويشير د. عامر جنداوي في الاستهلال إلى أنه  :" انْطِلاقًا مِنْ هَدَفِ تَسْهيلِ مادَّةِ مِنْهاجِ الْقَواعِدِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُقَرَّرَةِ عَلى الطَّالِبِ، جاءَ وَضْعُ هَذا الْكِتابِ، عَلَّهُ يُساهِمُ، بالإضافَةِ، مُساهَمَةً مُتَواضِعَةً في إكْسابِ الْمَعْرِفَةِ وَتَحْصيلِها". 


يذكر أن د. عامر جنداوي من بلدة بير المكسور، عمل سنوات طويلة في سلك التدريس، وهو شاعر وكاتب عريق يشان له بالبنان، نشر قصائده وأشعاره ومقالاته الأدبية ومداخلاته النقدية منذ الثمانينات في الصحف والمجلات الأدبية والثقافية العربية المحلية ومواقع الشبكة العنكبوتية وفي صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك. 

وقد أثبت حضوره الواعي في المشهد الثقافي والشعري، ويحظى باحترام وتقدير القراء والأدباء والمثقفين. وما يميز قصيدته الرقة والعذوبة والرهافة والموسيقى، وبكل ما تحمله من جماليات البوح والتعبير ورقيق المعنى واللفظ والصدق الفني والتنوع والقدرات اللغوية واللغة المدهشة الانيقة والصور الشعرية المبتكرة التي يتحفنا بها. وتستحق تجربته الشعرية والأدبية الدراسة والاهتمام النقدي، بكل ما تحتويه وتشتمله من ألوان الشعر الاجتماعي والوطني والوجداني والعاطفي والإنساني والمناسبات إلى الرؤية الفلسفية للحياة والوجود وأسرار الكون. 

إنني أبارك للصديق الشاعر والكاتب د. عامر جنداوي بصدور كتابيه الجديدين، متمنيًا له الصحة والعافية والمزيد من النجاح والتألق ودوام العطاء والإبداع، ومزيدًا من الإصدارات.  

تولد في الألوان بالعربيّة والعبريّة: وهيب وهبة وبروريا هورفيتس


اللغة؛ هي الجسر الثقافي الأول للتواصل، للمعرفة، للسلام.

هي أهم وسيلة للاحتكاك والتفاهم في شتّى ميادين الحياة بين الأفراد في المجتمع، وبدونها يتعذّر النشاط المعرفي للأفراد.

اللغة هي ثمرة العقل والإنتاج الفكري للإنسان وهنا تسمو القيمة المعرفية للمجموعة الشعرية التي تمزح ما بين العربية والعبرية في نسق إنساني جمالي لوجود الإنسان ككائن حي والطبيعة ككائن متحرك والفكر المتجدد ما بين الحب والطبيعة والتوحد فيهما.

تولد في الألوان:


مجموعة شعرية تخلد الحب وتمجد الطبيعة وتسمو لخلق سلام ومودة ما بين الجسد والروح والآخر.

القصائد هي تلك المعادلة الكيميائية الغارقة في التفاصيل من أجل استخراج "مادة الحب" التي تجمع تحت سقف البشرية كل تلك المشاعر الإنسانية معًا "الحب والحياة"

للشاعر الأديب: وهيب نديم وهبة

الترجمة والمراجعة والتدقيق بالعربية والعبرية: بروريا هورفيس

إصدار : دار سهيل عيساوي للطباعة والنشر

بدعم من مركز الكتب والمكتبات ووزارة المعارف