مبادرة "أسرى يكتبون" تناقش رسائل إلى قمر


من العاصمة الأردنية عمّان عقدت مساء السبت عبر تطبيق زوم الندوة الثانية لمبادرة أسرى يكتبون التي ترعاها رابطة الكتاب الأردنيين، وخصصت لمناقشة أعمال الأسير حسام زهدي شاهين، وخاصة إصداره الأخير "رسائل إلى قمر"  الصادر عن دار الشروق  في عمان ورام الله، وأدار الأمسية الشاعر صلاح أبو لاوي، متناولاً سيرة الكاتب وأعطى لمحة عن الكتاب.

كانت المداخلة الرئيسة للأديب المقدسي محمود شقير الذي وصف الكتاب بأنّه شظايا سيرة؛  فحسام لم يكتب سيرة مكتملة بل اكتفى باخيتار مشاهد من حياته من داخل السجن ومن خارجه، وقد كتب هذه الرسائل ليؤكد أهميّة احترام التعددية وعدم التعصب والانغلاق. 

أما كلمة الأسير حسام فقد ألقتها بالنيابة عنه شقيقته نسيم، ومما جاء فيها: "الكتابة داخل السجون بعيداً عما يتم نشره في الخارج في عملية مستمرة ومتواصلة، وتشكل الطباق الصوري الذي يجعلها نوعاً من التعبير الاستعاري عن الكفاح المسلح كأرقى أشكال النضال والمقاومة، فالكفاح الكتابي بين الجدران هو الرديف العملي للكفاح المسلح خارجها".

بعدها كانت المشاركة لقمر الزهيري التي توجّه لها حسام بهذه الرسائل، فقد قالت بانفعال واضح: "الكتاب أحلى إشي صار بحياتي، أنا فخورة لأنّه مش الكلّ بصحلّه فرصة ينكتب عنه كتاب من قبل أسير!".

وشارك في الأمسية كلّ من: الأسيرة المحرّرة عائشة عودة، د. سري نسيبة، الكاتبة النصراويّة إلهام دعبول-بلان، د. هدى دحبور/ السعوديّة، إياد جوهري/ ألمانيا، سهى الأعرج/ عمان، الأسير المحرّر أمير مخول/ حيفا، المحامية بثينة دقماق، الأسير المحرّر حسام كناعنة/عرابة، الكاتب عزيز العصا/ بيت لحم، الإعلامية قمر عبد الرحمن/ الخليل، الأديب محمد مشّة/ عمان.

وفي النهاية تحدّث المحامي الحيفاوي حسن عبادي، وشكر بدوره كل المنظّمين للندوة وكلّ المشاركين وتحدّث عن علاقته بحسام وفكرة الكتاب وأنهى باقتباس الإهداء من الكاتب له ولزوجته.


صدور كتاب التفلسف زمن الكورونا للدكتور زهير الخويلدي


"لقد غيرت الجائحة المستجدة من حضور الانسان في العالم ومن نظرة الكائن البشري الى نفسه ومصيره والعالم نفسه قد تغير ولم يعد كما كان وصار لزاما على الفلسفة أن تضع رؤية استراتيجية متكاملة لطرق التوقي والعلاج وحسن التعاطي وتفكر في كيفية التعامل مع المرض وتضع الناس في الطريق الملكي نحو الصحة والعافية وتحرص على بناء مؤسسات عمومية في دولة الرعاية الاجتماعية التي تمنح حياة جيدة".

لقد أهدى الكاتب مؤلفه الفلسفي الصادر عن دار رقمنة بستوكهولم سنة2021 كعربون وفاء منه وتكريما للتضحيات والملاحم والبطولات المنجزة الى كل العاملين في القطاع الصحي من الجيش الأبيض، الاطارات الطبية وشبه الطبية على جهودهم الجبارة في التصدي للوباء واصرارهم في الدفاع على سلامة الناس.

يتضمن الكتاب تعليق وترجمة  وتعقيب على جملة من النصوص التي كتبت زمن الجائحة وعدد من الحوارات التي شارك فيها مجموعة من المفكرين والنقاد والكتاب والأساتذة والسياسيين والأطباء والصحفيين والفلاسفة وهم على التوالي نعوم تشموسكي وسلافو جيجيك وأدغار موران ويورغن هابرماس وآلان باديو ورجيس دوبراي وجورجيو أغامبين و ألبرت كامي وتم التعرض الى المناظرة التي جرت بين أندريه كونت سبونفيل وفرانسيس وولف والجدل الذي حصل بين باتريك كريكي وسيباستيان تراير والحوار الذي جرى بين فانيسا أولترا وجريجوري ميتشي وآراء أنطوان كانتين-برولت وكلير كريغنون وتييري مينسييه ونيكولا جريمالدي وفرنسواز داستير وكزافييه بافي ومرتان موريند وبرناديت بنسوود-فنسنت وبن جارليك. لقد الهاجس الأول هو تحديد الدور الطليعي الذي يمكن أن يقوم الفيلسوف أوقات الأوبئة وهو يعاني من الحجر الشامل والتطرق الى مهام الفلسفة الطبية في زمن الأوبئة والتجارب القصوى التي تدفعها الى عقلنة المرض وفهم الموت وطرد الخوف وجلب الأمل وتقوية إرادة الحياة والصمود في وجه العدمية والانتصار على العبث واستدعاء الفرح بغية التغلب على الحزن والاعتصام باللعب للتهكم من القدر واعادة الاعتبار للحكمة الرواقية. ربما ما تسعى إليه هذه المحاولة الفلسفية زمن الجائحة هو تجنب التفكيك التخريبي للحياة الفلسفية الذي تمارسه بعض المعاول العدمية وتفادي كذلك التأسيس الدغمائي للعبارة المعرفية التي اقترنت بالتمركز الاثني والعقلي والصوتي والتي انتهت الى التمييز العنصري والاقصاء غير المبرر وتدشين تجربة فلسفية مختلفة تجعل التفكيك استراتيجية ايجابية لتخطي الأزمات الطبية وزرع الأمل في الحياة واعتماد مبادئ السياسة الحيوية وتحريك العقل الطبي والطاقة الايكولوجية نحو مقاومة الداروينية الاجتماعية بالحق في الحياة. فكيف قرأ هؤلاء الفلاسفة الجائحة؟ وماذا يمكن أن تقدم الفلسفة بالملموس في مواجهة الأزمة الصحية؟

الشاعر حاتم جوعية في كتاب جديد

 


         صدرَ حديثا كتابٌ في النقد الأدبي  بعنوان : ( دراسات  في الأدب الفلسطيني المعاصر  –  أثر جماليات الموضوع  الشعري  " الشاعر حاتم جوعيه  أنموذجًا " ) -  من  تأليف الشاعرة  والأديبة  والناقدة الفلسطينية الكبيرة إيمان مصاروة ..ويعتبرُ هذا الكتاب من أفضل وأحسن الكتب التي صدرت  محليا  في  مجال النقد الأدبي... وللأديبة  والشاعرة  والإعلامية والناقدة الكبيرة إيمان مصاروة عشرات الكتب الصادرة  في مجال الشعر والادب والنقد والدراسات التوثيقية المطولة .. ولها  كل الشكر  والإحترام والتقدير فهي  تقوم  بمجهود  ثقافي  عظيم  وبسد  فراغ  كبير تعاني  منه الحركة النقدية والثقافية المحلية .

      يقعُ هذا الكتاب في 128  صفحة من الحجم الكبير ، يتناولُ مجموعة كبيرة من قصائد الشاعر الدكتورحاتم جوعيه ضمن الإستعراض والدراسة  والتحليل ، وهذه القصائد من  ديوانه الأول : ( ترانيم الحب والفداء ) الذي كان قد كتب مقدمته الشاعر الكبير المرحوم  سميح القاسم ، وديوانه الثاني ( عاشق  من الجليل ) ..ومن قصائد أخرى نشرت في العديد من  الصحف ووسائل الإعلام  والمواقع : المحلية والعربيَّة والعالميّة .

     كتبَ عن الشاعر حاتم جوعيه وأعماله الأدبيَّة العديدُ من الأدباء والنقاد الكبار خارج البلاد وفي العالم العربي..وأما محليا فهذه أول دراسة موسعة  وطويلة عنه تصدرُ في كتاب كبير لناقدٍ وأديبٍ محلي..وقد كتبوا عنه محليا  بعضَ المقالات النقديَّة المختصرة .

        وهذا الكتاب من تأليف : الأديبة والشاعرة الفلسطينية الكبيرة  إيمان مصاروة، وقد طبع الكتاب على نفقة الشاعر حاتم  جوعيه والشاعرة إيمان مصاروة.. ولم  يتلق أيَّ دعم لطباعتهِ من أية جهة أو مؤسسة .

   وجاء في هذه للدراسة:( يُعدُّ حاتم جوعيه من المُجدِّدين في رسالة الشعر التي اتّسمَت بالجمود  والتقليد ، وجاء شعرُهُ  ليصوِّرَ حياة  العصر وفلسفته وثورته  وروحه الإجتماعيَّة  والمعاني الإنسانيَّة ، وانّ ثمة علاقة  وتفاعلا  وارتباطا  بين اللغة والفكر ، فللغة أثرها الإيجابي في توجيه  الفكر والتأثر فيه ، كما  للفكر  فعاليته المتميّزة في توجيه اللغة وإعادة  تشكيله  لعلاقاتها بألفاظها  ومعانيها  وصورها ، تستعمل استعمالا مزدوجا  بوصفها  وسيلة وغاية  في وقت واحد . والواقع ان اللغة عند  الشاعر حاتم جوعيه تحكمها قوانين عديدة ، منها : الموهبة والبيئة والثقافة، ازدهر الفكر والأدب واللغة وما يتصل بها من شؤون الحياة  إلا أن النهضة  الأدبية كانت وثيقة الصلة  بالفكر القديم ورجال هذه النهضة  من شعراء وأدباء وكتاب وفقهاء ، كانوا  بمثابة امتداد لأمثالهم من القدماء، وساروا في تتبع الافكار التي تنسجمُ  مع نزعاتهم الفكريّة من خلال لغة مثمرة  قادرة على الإقناع  واستمالة النفوس وامتدادا لذلك يعدُّ حاتم جوعيه من المجدِدين في رسالة الشعر، فجاء شعرُهُ  ليصوِّرَحياة العصر وفلسفته وثورته وروحه الإجتماعيَّة والمعاني الإنسانيَّة  التي لا تحددها  حدود ،  فهجرَ الصنعة  والتكلف  وأغراض الشعر القديمة ومعاني القدماء المكرَّرة المعروفة  وقدم الشعر العصري ، وهو ما تضمن افكارا وألفاظا عصريَّة،وامتلك أبعادا إنسانيَّة،تخاطبُ الإنسان في أيّ مكان ، وأيِّ زمان كان ، لذا نجدُ في شعره نوعا من الصراع  البطولي مع اللغة والأسلوب الذي يتركهُ أحيانا متعبا لاهثا وأحيانا أخرى  كبيرا صافيا ..أجد في ذلك  تعزيزا لقيمة وأهميّة هذا الغرض النقدي الأدبي  الهادف  الغرض إيمانا منّي بأهميَّة انتشاره كأدب هادف، وتحديدا في المجال النقدي الممنهج والذي  يستحقُّ الإهتمام من قبل المهتمّين لمكانته الإنسانيَّة السامية ،أوصي بجديّة للإهتمام به. وبلغت صفحات الدراسة 128 صفحة من الحجم الكبير  والتي  جاءت على المنهاج  الوصفي التحليلي  وفي الدراسة التطبيقيَّة التي ضمت عددا كبيرا من قصائد مجموعات الشاعر حاتم جوعيه. وكل الشكر  للصديقة  روان حسين الشريف  من الاردن  التي قامت  بالصف  الضوئي والإخراج الداخلي والغلاف )) . 

        والجدير بالذكر ان للشاعرة والأديبة الكبيرة إيمان مصاروة  دراسة أخرى واسعة عن الشاعر حاتم جوعيه غير هذه الدراسة  قدمتها لأكاديميّة القاسمي وصودق عليها .

     


رئيس مؤسسة المطران ميخائيل الجَميل للحوار والثقافة المحامي أبو عيسى: للاستفادة من مباني طبية بصورة طارئة لمعالجة المصابين من جائحة كورونا


في ظل انتشار جائحة كورونا (Covid19)، وتزايد الإصابات في لبنان، أشار المحامي شادي خليل أبو عيسى، رئيس مؤسسة المطران ميخائيل الجَميل للحوار والثقافة ومركز فِكر، في لقاء، إلى ضرورة الاستفادة من مباني طبية بصورة طارئة، نذكر منها على سبيل المثال: مستشفى مار بطرس وبولس في سد البوشرية ومستشفى دار الصحة في البربير (مستشفى الدكتور البربير) ومستشفى الدكتور خالدي في راس بيروت ومستشفى الشرق الأوسط في الرملة البيضاء ومركز الدكتور غريّب في راس النبع ومستشفى الدكتور كرم في الأشرفية ومستشفى باستور في جونيه ومستشفى غصين في الحازمية ومستشفى دار التوليد في طرابلس وغيرها، إذ يقتضي الاستفادة من تلك المباني والمؤسسات بصورة طارئة وفقاً لقرار التعبئة العامة وتوسيعها وإعادة تجهيزها بالمعدات الطارئة والطاقم الطبي، تفادياً للنتائج السلبية التي تعرض وقد يتعرض لها لبنان في ظل الجائحة الواسعة الانتشار في مختلف أنحاء العالم، وتحية تقدير للطواقم الطبية والتمريضية والاسعاف والصليب الأحمر على جهودهم المبذولة في ظل الظروف التي يمر بها الوطن.


عمّان تحتضن مبادرة أسرى يكتبون



بمبادرة نصف شهرية، تعقد مساء السبت مباشرة عبر تطبيق زوم لرابطة الكتّاب الأردنيين بالتعاون مع الاتحاد العام للأدباء والكتّاب الفلسطينيين انطلقت يوم السبت الماضي الموافق 09.01.2021 فعالية (أسرى يكتبون) دعمًا للحركة الأسيرة الفلسطينيّة وكتاباتها، وخصص اللقاء الأوّل لانطلاق المبادرة ومناقشة أعمال الأسير كميل أبو حنيش وأعماله، وخاصة روايته الأخيرة الصادرة عن دار الآداب في بيروت "مريم/ مريام". 

أدار الأمسية الأديب أحمد أبو سليم الذي أعلن بدورة عن سلسلة ندوات تحت عنوان "أسرى يكتبون" حيث أن مثل هذا النشاط يُحدث ثقبًا يدخل منه النور ليضيء عتمة زنازينهم.

تخلّلتها كلمة للشاعر أكرم الزعبي/ رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين، الذي تحدّث بدوره عن أهميّة مثل هذا النشاط وضرورته، وأهميّة التعرّف غلى أدب السجون الفلسطيني، وشكر المبادرين وأثنى على دورهم لإحراج البرنامج إلى حيّز التنفيذ وسعادته باحتضان الرابطة للمشروع.

تلاه الشاعر مراد السوداني/ رئيس الاتحاد العام للأدباء والكتّاب الفلسطينيين، الذي شكر بدوره المنظّمين وقال إن هناك مانديلات في كلّ قرية ومدينة ومخيم تنحاز للوفاء، الأسرى يواصلون كتابة التراجيديا الفلسطينيّة بما يتخلّلها من بطولات ليؤكّدوا أنّ شعب فلسطين لن يرفع الراية البيضاء.

بعدها كانت الكلمة للأستاذ رشاد أبو شاور الذي حيّا بدوره الأسرى وراء الزنازين وعّبر عن اعتزازه بهم وهو يقرأ كتاباتهم، فنحن كما قال أبو شاور نتلهّف باستمرار على ما ينتجوه لنتعلّم ممّا يكتبون ونستفيد، يكتبون ما لا نستطيع كتابته وما لا نعرف. "واجبنا  أن نقرع الجدران ونحمل منجزاتهم الأدبيّة ونقدّمها للقارئ العربي. لستُم وحدكم! نستمدّ منكم ما يُلهمنا ويقوّينا".

ثم تحدّث المحامي الحيفاوي حسن عبادي عن مبادرته "من كلّ أسير كتاب"، ومن خلالها بدأ  بإرسال كتب الأسرى إلكترونيًا إلى كلّ من يرغب بقراءتها ويطلبها من العالم العربي، ليصير هناك حراك ثقافي عربي حولها، والأمسية وليدة هذه المبادرة التي تحقّق حُلمَ أسرانا في الانطلاق نحو الحريّة المنشودة وأصبح حُلمهم بالتواصل يتحقّق؛ أسرانا يكتبون رغم عتمة الزنازين، فالكتابة متنفّس لهم، واختراق  كلمتهم للزنازين وأسوار السجون حريّة لهم".

شارك الشاعر صلاح أبو لاوي بقصيدة بعنوان "ثلاث أغنيات لأشجار الزنزانة" مهداة للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال جاء فيها: 

"ثمة مَنْ بالنيابة عنا يجوعون حتى فناء الزنازينِ

 لا يشربون سوى ملح أجسادهمْ 

بالنيابة عنا يقيمون في كل زنزانة وطناً للكرامةْ 

ويشيدون أبراجهم للسماء علامةْ 

يا إلهي ألم تنتهِ المعجزاتْ

كيف صار الأسير نبياً ومن جوعه تنبتُ المكرماتْ " 

كانت المداخلة الرئيسة للروائي مصطفى عبد الفتاح متناولا رواية كميل أبو حنيش "مريم مريم"، واصفا الرواية بأنها: "ليست مجرد رواية، أبطالها يعيشون الواقع، يبحثون عن ذواتهم المعذبة والمهددة، يبحثون عن الانسان في داخلهم، يبحثون عن هويتهم القومية والوطنية والمدنية، فيتوهون في لجج الحياة، يبغون حياة دافئة مطمئنة فيزداد ضياعهم، إنّها كتاب مفتوح على قضية شعب، بكل تفاصيلها الدقيقة، وبكل تشعباتها، الكبيرة والصغيرة".

واختتمت الأمسية بكلمة الأسير، ألقاها بالنيابة عنه شقيقه كمال أبو حنيش، وجاء فيها: "نشد على أياديكم وأنتم ترفعون لواء الثقافة والأدب وتذودون عن هذه القلعة  في ظل محاولات الطمس والاستلاب الثقافي التي يسعى إليها أعداء الأمّة ونحيي مثل هذه الأنشطة والفعاليات الثقافية التي تحاول إبراز أدب السجون وتسليط الضوء على إبداعات الأسير الفلسطيني الذي يتعرض للتنكيل المستمر من قبل مصلحة السجون الصهيونية بهدف إفراغ الأسير من محتواه الوطني والإنساني والحيلولة دون تمكينه من الإبداع الثقافي الذي من شأنه أن يفضح ممارسات السجان اللا إنسانية".

من الجدير بالذكر بأن الأديب محمد مشّة يركّز هذا المشروع، واللقاء القادم يوم السبت 23.01.2021 سيتناول كتاب "رسائل إلى قمر" للأسير حسام زهدي شاهين.


الوطن في قصة شباك الحرية للأديب وهيب نديم وهبة




 بقلم: سهيل إبراهيم عيساوي 


    قصة شباك الحرية، للأديب وهيب نديم وهبة، رسومات الفنانة منار نعيرات، صدرت عن دار الهدى للطباعة والنشر كريم، عام 2020، ورق مصقول وغلاف سميك، بنسختين بالعربية والإنجليزية، ترجمها للغة الإنجليزية المترجم والأديب المصري حسن حجازي حسن.

    القصة: تدور أحداث القصة في قرية وادعة، تقوم الطائرات الحربية بدكها وتسويتها بالأرض، فيدب الرعب في قلوب الناس، ويأخذ الناس بالرحيل، وخاصة بعد أن ألقت الطائرات الحربية مناشير، تمهلهم فقط نصف ساعة للرحيل وترك بيوتهم وهجرة القرية، يستجيب أهل القرية على مضض، فارين  بأرواحهم... بعد أن شاهدوا بأم عيونهم كيف تهدم الأحياء وكيف يموت الناس في الطرقات وبين أكوام الأسمنت وألواح الزينكو.

     سهاد ابنة العاشرة كانت متمسكة بحديد الشباك المزركش لقد تفنن الصانع في رسم كلمة حرية بحديد الشباك، وجدها المقعد يجلس على كرسيه، الجد يرفض بشكل قاطع الخروج من المنزل... فقدت سهاد والديها في الحرب العام  المنصرم، وجعلته مقعدا، أخذت منه بريق حياته، قال الجد لحفيدته سهاد: "لن نرحل يا سهاد، لن نرحل" 

سهاد: "أتسمع يا جدي أصوات الناس؟ القرية عن بكرة أبيها ترحل الآن..." 

الجد: "هم يا حفيدتي لا يعرفون معنى الوطن!"  

    "تسقط فوق أرضية الحجرة قنبلة، تخيف أهل القرية، وتسرع في ترحالهم. الفزع وحده يكتب بالنار سقوط وطن" 

وسهاد الصغيرة ملقاة على الأرض بلا حراك تغرق بالحلم، يدخل الجنود إلى المنزل يقتادون الجد في سيارة العسكر، أما سهاد تنقل بسيارة أخرى إلى مشفى الميدان في سيارة عسكرية، صعدت السيارة العسكرية على لغم معد للمركبات الخفيفة، سهاد انتهزت الفرصة بعد ان عمت الفوضى للهرب للبحث عن جدها المقعد، رغم الجسد المتعب والمنهك سلكت طريقا وسط الأشجار الباسقة التي تُسبح للخالق، بحثت عن الماء حتى وجدته لان الطيور كانت تحوم حوله، وجدت كوخا وسط الغابة، يبدو مهجورا، نامت بلا حراك حتى الصباح، مع اليوم الجديد، اقبل صاحب البستان والكوخ، تفاجأ بوجودها أخذت منه الأمان وقصت عليه حكايتها مع جدها وقريتها التي دمرت وهجر أهلها، أخذها إلى زوجته وأسرته.

      أما الجد كان في غرفة التحقيق تحت وابل المحققين الذين أمطروه بوابل من الأسئلة تتمحور لماذا لم يهرب؟ وأين ذهب أهل القرية؟ قالوا له: "أنتَ مثل الصخر لا تلين" أخبره أحدهم بان حفيدته سهاد هربت، لكن الأمر جاء بحصاد وقتل جميع الأسرى والسجناء والمخطوفين، للتخلص منهم.

    "أحصدوهم... بعدها يغادر العسكر المكان، غافلين أن الجذور الممتدة تحت جسد الأرض، ستبعث مرة أخرى إلى الحياة، رغم أيادي الفتك والقسوة" ص 33. 

    اما سهاد فقد أصبحت ابنة العائلة، قرر الرجل إخفاء أمر مقتل جدها مع أبناء القرية وغيرهم، قال الرجل: "لماذا لا تعيش على أمل الرجوع، وتحمل مع الأيام حكاية ترويها لأولادها، عن بطولة جدهم الذي أخذه العسكر ولم يعد؟" ص 34.

    ينهي الكاتب قصته "وروت لي ما كان يقوله جدها: "نحن يا سهاد كنا الوطن، وكان الوطن رغيف خبزنا وحياتنا، حتى جاء إلينا من يأكل خبزنا ويحرق زرعنا ويقتل وطننا، وبقينا لا مع القريب ولا مع الغريب".  


اللغة الإبداعية في قصة شباك الحرية:   

    الأديب المبدع وهيب نديم وهبة، متصالح مع اللغة العربية، إلى حد التملك والسباحة بحرية في محيطها الواسع، يغوص عميقا ويخرج إلينا بالكنوز واللؤلؤ النادر، خباز ماهر يمسك بحروف اللغة العربية يعجنها جيدا ويقدم لنا أجمل وألذ الكعك وأغربه، يعرف كيف يُنجب من فكره الصافي الجمل البكر، لم يكتبها من قبله أديب متمرس، لوهيب وهبة لغة جبرانية خاصة، وفكرا عميقا ورسالة كبيرة يحاول أن ينقلها إلينا عبر نتاجه.

  

استعرض بعض النماذج من الجمل الإبداعية التي استوقفتني:

              

* نسور الموت تقصف (ص6)

* أصوات موسيقى الحرب (ص6) 

* الصمت سيد المكان (ص6)

* المباني الشاهقة تعانق الآن التراب (ص6) 

* حكاية الليل الموحش (ص9) 

* من جحيمها إلى جنة الأرض (ص10) 

* وقال كحد السيف قاطعا (ص11) 

* ارقص بفرح الحرية (ص12) 

* نحن جيل الحصاد وفرح الأغنية (ص12) 

* حلم يهفهف بين ثنايا الروح والقلب (ص12) 

* ويتدحرج الحلم (ص13) 

* كمثل فصل الربيع يعلن الزوال (ص14) 

* مواويل الغربة القاسية (ص14)

* طار كمثل ريشة بين أصابع الريح (ص14)

* تمثال من اللحم المقدد (ص15)  

* والعجلات تسحل بالأسود تاريخ الرحيل (ص16) 

* يتململ الجسد (ص17)

* يلعبون بالهواء كأبطال السيرك (ص17)

* أشجار عالية تُسبح الخالق (ص19)

* راقبت كاللص حركات العصافير (ص20)

* شهقت مثل من أعادوا له روحه (ص21)

* جسدها يضحك للشمس (ص22) 

* مغازلة الشمس (ص23) 

* وكانت العتمة قد أرخت سدولها (ص23)

* اشتعلت الأفكار كالنار (ص24)

* يعانق الحلم الواقع (ص26)

* تتوهج إنسانيتنا (ص26)

* النور يهزم العتمة (ص26)

* أنت كالصخر لا تلين (ص27)

* والسؤال يتردد بين الجدران (ص27) 

* وصوتها يحمل طيب الكرم وعذوبة الثمر وأريج الصباح برائحة البراري (ص 28) 

* وكانت كل كلمة قيلت كهزة أرضية (ص29)

* يلملم جراحه الجسدية والنفسية وضربات العذاب المتكررة (ص30)

* والقتل شريعة العصر (ص32)

* الغيم الأبيض فستان عروس، وزرقة السماء جدها القادم (ص35)   


الأسئلة التي يطرحها الكاتب من خلال أبطال القصة:        

    يطرح الكاتب وهيب وهبة العديد من الأسئلة حول الحرب والسلام، هذه  الأسئلة تكشف لنا حقيقة معتقداته وعذاباته من بين هذه الأسئلة:   

* "ماذا لو كان العالم بلا حروب، بلا قتل وعنف، بلا سرقات وخيانات عهود، ماذا لو كانت المحبة هي السائدة على العالم، حتما ستكون الدنيا هي الجنة." (ص 32) 


 * "لقد غيرتنا الحرب كثيرا...  ولكن، يا قادة العالم، ما ذنب الصغار؟! ما ذنب الأطفال لتموت وتقتل؟! أصبحنا وطن اليتم واليتامى... وماذا بعد؟!" (ص29) 


رسالة  الكاتب: 

* الحروب تدمر القيم والمبادئ وتنسف الإنسانية التي ننتمي إليها. 

* في الحرب ترتكب المجازر وتدمر القرى والمدن، يقتل الأسرى لأتفه الأسباب شريعة الغاب تسود بلا منازع. 

* عالم بلا حروب جنة حقيقية.  

* القادة هم سبب كل الكوارث من خلال القرارات الخاطئة والحسابات الآنية. 

* الوطن هو أغلى ما نملك، بدون الوطن، نحن مجرد أرقام تستوطن مخيم في بلاد الغربة.  

* عندما تخسر الوطن، تخسر كل شيء القريب والبعيد. 

* الأمل يجب ألا يموت في الصغار، لان الحلم يوما ما سوف يتحقق.  

* في لحظة الضعف والقهر والهرب من الويلات، سوف تجد يدا ممدودة تقدم لك يد العون بعناية الله.

* دعم أصحاب الإعاقة، من خلال موقف الجد الذي رفض الخنوع وترك القرية، ليس لأنه مقعدا، بل لأنه صاحب رؤية ويعرف قيمة الوطن، وفي غرف التحقيق كان كالصخر لا يلين، وقد قتله الجنود مع بقية الأسرى والمخطوفين والمسجونين، جيله ووضعه الصحي لم يثنيهم عن قتله هم أرادوا قتل الصلابة والحكمة والثبات الذي جسده الجد. 

* الطفلة سهاد ابنة العاشرة، بطلة القصة، في رأيي تعمد الكاتب توظيف شخصية الطفلة "الفتاة" لتحمل الرسالة والأمل بعد مقتل جدها على يد العسكر وتنقل حكايته من جيل إلى جيل كي لا تموت الحكاية.

* انحاز الكاتب وهيب وهبة في قصته شباك الحرية إلى شعبه الفلسطيني وإلى كل شعوب المعمورة التي تعاني من الظلم وويلات الحرب، هذه القصة تصلح وتنطبق لأنه لم يحدد مكان أو زمان على كل الدول والمناطق التي عانت وما زالت تعاني من ويلات الحرب وتبعياتها، في الحرب يشرد الأطفال ويذوق الأطفال كأس اليتم والفقر والجوع، ويبكي الرجال وتمزق قلوب النساء وتصبح خاوية تعصف بالحسرة.    

* الكاتب يدعو للسلام العالمي بعيدا عن الحروب، لأن السلام وحفظ حقوق الشعوب حتما سوف يمنح الفرصة للجميع للعيش الرغيد، بعيدا عن الجهل والفقر والجوع والحقد والكراهية وإلغاء الآخر. 

* الحرية هي أثمن ما يملكه الإنسان "شباك الحرية" عنوان القصة يبدأ الكاتب قصته من هذا الشباك وأيضا ينهي قصته من نفس الشباك، إشارة إلى أهمية الحرية، فهي أساس الوجود لكن الشباك في لوحة الغلاف مغلقا ربما إشارة إلى ضياع هذه الحرية في العديد من  الأماكن أو إلى عدم رضى الكاتب عن مفهوم الحرية إلى العديد من الشعوب أو أن أبواب الحرية تضيق في هذا الكون الواسع.

شاكر فريد حسن يسلط الاضواء على ثلاثة كتب


 مع كتاب "مسار الشّمس"، رؤية في شعر د. عامر جنداوي للناقدة ستيلّا رانش "نافلة علي مرزوق" 


"مسار الشّمس" هو عنوان الكتاب النقدي الجديد وباكورة أعمال الكاتبة الناقدة ستيلّا رانش "نافلة علي مرزوق" من بلدة البقيعة في أعالي الجليل، الصادر حديثًا، ويقع في 94 صفحة من الحجم المتوسط. 

يتناول الكتاب برؤية نقدية معاصرة ومعمقة في الطرح والتناول والتحليل والتشخيص، وبلغة علمية بارعة، وأسلوبية منهجية، وتحليل أكاديمي، التجربة الشعرية الإبداعية للأستاذ د. عامر جنداوي، بما تملكه المؤلفة من ثقافة واسعة واختصاص بالأدب المقارن، وآليات نقدية وثقافية حديثة، مكنتها من الغوص واستكناه عالم الشاعر والوقوف مع صياغاته الشعرية بكل تفاصيلها وأبعادها وقوامها واتجاهاتها اللغوية والفنية الجمالية. 

وإنني اتفق مع ما تفضل به البروفيسور لطفي منصور، والشاعر نبيل طربية في استهلالهما للكتاب، بإشادتهما بالدراسة وبالكاتبة وتحليلاتها، حيث قال منصور:" ستيلّا تمتاز بحاسة التأمل وسبر عمق المعاني واستنباط معاني جديدة من بين السطور وما وراء السطور وهذا هو الفن في النقد. فهو المكمل للنص الذي يبقى ناقصًا حتى يتيسّر له الناقد الذي يقف على مواطن الجمال فيه فيشرحها. وأنها غنية بالثقافة وخاصة بالأدب المقارن، ويعجبني الاستشهاد بالشعر العربي والانجليزي في كتاباتها وهو قمة النقد". بينما طربيه فيقول:" في هذه التجربة، والتي أظنّها الأولى من نوعها في البلاد، نصادف كاتبة ومشروع ناقدةٍ تسير بخطى واثقة على طريق الأدب خاصّة وقد لمست لديها غنى المعرفة وسعةً في الاطلاع وإلمامًا بمقومات الشعّر وضوابطه، وتمكنًا من النّحو وحسًا رفيعًا، الأمر الذي صقل هذه القدرة وهيّأ لنا هذه التجربة المشبعة بالجمال". 

وفي هذه الدراسة النقدية الأكاديمية تتعرض ستيلّا إلى شاعرية د. عامر جنداوي، فتسبر أغوار نصوصه، وتسهب في التعاطي والتعامل مع قصائده وأغراضها وموضوعاتها الاجتماعية والنفسية والتصويرية والوصفية والبلاغية، وتقدم استعراضًا وتحليلًا وافيًا لكل نص تعاملت معه، وتحلق عاليًا مع النتاج والإبداع الراقي عالي الجودة والدهشة لشاعر مبدع يحسن صياغة المفردات وسبك الكلمات في قوالب فنية جميلة ولوحات شعرية مدهشة وساحرة عميقة الأبعاد ولافتة النظر. 

في البداية، وفي المقدمة التي كتبتها ستيلّا تقرر أن د. عامر جنداوي "شمس شعر بازغة، حرفه بؤر نور حملت إرث جمال شعري لا يضاهى، حرفه مختلف، ملامحه تعمّدت في أفق السحر، تخاله سيفًا ماردًا يشق عُباب الرتابة والملل، حرف كأنه شهاب نيزك يشقّ عباب السّماء ليقصم ظهر الظّلمة، فهو شاعر الحديث الشّعرِيّ المثاليّ المصبوغ بعناق ثلاثي مميّز، لا يخترقه فضولٌ أو شكَ بين عمق الفكرة الحديثة، رهافة الحسّ التّلقائية الفطريّة واستثنائية اللغة على وجهها اللفظيّ والتّصويريّ". 

في الباب الأول من الكتاب تعرض الكاتبة للنضوج الفكري لشاعرنا الالق د. عامر جنداوي، ووعيه لقضايا مجتمعه الملحة خصوصًا القضايا الأخلاقية، وتقدم نماذج شعرية تدل على ذلك.  

وفي الباب الثاني تتطرق لفن التصوير المحترف لدى الشاعر، المتمثل بالصورة الشاملة لقصيدته، والتناغم بين الشكل والمعنى في شعره، موضحة أن عامر برع في هذا المجال، وكم أدهش وأذهل عقولًا، خاصة في قصائد البادية والبداوة، حيث براعته في التصوير، وأي براعة، كما هو واضح بكل جلاء في قصيدته "مشوار مع الندى" من مجموعته الشعرية "نزف الخاطر" الصادرة في العام 2005. 

وفي الباب الثالث تتوقف مع المجاز عند العامر، الذي يجعل - كما تقول- من الشعر أكثر جاذبية وزهاء وينقل رسالتها بقوة وسلطان يصيبان قلب وفكر المتلقيّ وتشدّانه إلى حيث المعنى والغرض. وتخلص إلى الاستنتاج أن عامرًا هو "شاعر المعاني والمواعظ، شاعر الوجدانيات والأخلاقيات، الذي جعل من الحروف دررًا، ومن الكلمات أصدافًا ملوّنات ساحرات، وقد احترف الشعر من شغف وهوًى، ونبع شعره من محبة وعشق لفن الكتابة، وإنصات لأنين اليراعة". 

وفي الباب الرابع تطرق ستيلّا رانش موضوعة المرأة والغزل في شعر العامر، من خلال ديوانه "قصائد لعيني السهر"، فترى إلى أنه أنصف المرأة كقيمة وجودية، ووهبها احترامها وتبجيلها أكثر من بعض النّساء الشّاعرات اللاتي هوين بمقامها وقيمتها ومقامهن تباعًا إلى الحضيض شعرًا وأخلاقًا. 

وتؤكد أن عامر يميل إلى الغزل العذري، كيف لا وهو الشرقي الغيور على عرض المرأة، والذي نهل من منابع التربية الأخلاقية الشرقية المحافظة التي تتخذ من القرآن الكريم قبلتها. 

وفي الباب الخامس تتعرض للمدارس الشعرية التي يتجول عامر جنداوي في رحابها، مشيرة إلى أن فضاء عامر الإبداعي الخيالي بطبعه، مزدان بالرومانسية بمعناه الفكري الفلسفي، وبالواقعي، والكلاسيكي الاتساعي الممتد في مسافات وسياقات الزمن. 

أما في الباب السادس والأخير فتتناول النزعة الوطنية والمشهد البدوي الأصيل في شعر عامر، منوّهة إلى أنه عند قراءتنا لنصوصه يصادفنا تصريحًا أو تلميحًا ملامح حسّه الوطني الحاد، وأن قلبه يسكنه عشق حارق لكل ما هو عربي وبدوي، ونجده يفتخر بجذوره البدوية، ويبدع في تصوير أجوائها، ورسم طبيعة وملامح الصحراء  السّاحرة الخلّابة. 

وتقرر ستيلّا أن عامر صادق مع نفسه ومع شعبه، وافتخاره بنفسه لا يمنعه من قول الحقيقة، فهو لا يخشى لومة لائم، وهو الشاعر الحقيقي الذي لا يساوم على الحقيقة وقول كلمة الحق بكل الصدق العفوي. 

وفي ختام الدراسة تقدم ستيلّا رانش خلاصة لملامح وميزات شعرية د. عامر جنداوي وتستنتج أنه شاعر الأصالة، في زمن غدت شاشات التواصل ساحة واستباحة، يصدح شعره في أرجاء العقل، والنزعة الإنسانية الاتساعية تلازم قصيدته، وهو ابن التراث ومتمم تاريخه، وحارس اللغة والأدب من ذئاب الافساد والترقيع، وفي هويته الشعرية نضوجًا احتوى عمقًا في المعاني، ورقة في السبك، ودهشة في الرسم والتصوير، ونزعته الخيالية المشبعة بالمجاز المبتكر، وفن تصوير الإحساس الداخلي المتناغم مع عناصر الطبيعة، ما يجعلنا نثمل ونرتوي من شعره الوطني الإنساني الوجداني الصادق. 

كتاب "مسار الشّمس" هو ثمرة جهد نقدي وأدبي يسلط الضوء على مواضع وبواطن الجمال والفنية العالية في نتاج شاعرنا مرهف الإحساس عامر جنداوي، وقد برعت ستيلّا في المقارنة بين قصائده وبين وينستون، ما يدل ويثبت على ذائقتها الأدبية، وسعة اطلاعها، ومعارفها النقدية، والمامها بالثقافتين العربية والاجنبية. 

أحيي الصديقة الكاتبة والناقدة ستيلّا رانش على دراستها الهامة حول الشاعر د. عامر جنداوي، التي تستحق الاهتمام، وجديرة بالقراءة والتقدير، وتشكل مساهمة جادة ورائدة وإضافة نوعية للمكتبة العربية الفلسطينية، التي تفتقر في السنوات الأخيرة للإصدارات والدراسات النقدية والأدبية، متمنيًا لها وللصديق الشاعر د. عامر جنداوي المزيد من النجاح والتألق والإصدارات القادمة. 

****


"ما ضاعَ حُلمُكَ " إصدار شعري جديد للشاعر د. عناد جابر من كفر ياسيف 


صدر حديثًا للشاعر د. عناد جابر من كفر ياسيف، ديوان شعري بعنوان "ما ضاعَ حُلمُكَ"، ويحتوي على قصائد وومضات كان الشاعر كتبها ونشر بعضها في العديد من المواقع، ويطغى على هذه القصائد الطابع الرومانسي والوجداني، وتختلط فيها مشاعر الألم والوجع والحزن بالحب والفرح والأمل. 

د. عناد جابر شاعر مرهف الحس، لغته غنائية، ونصوصه إنسانية وجدانية بنكهة عشقية، تمتاز بالرقة والعذوبة والعفوية، وصدر له في السابق: "ربمَا في المرحلة القادمة، نقوش على وجه الضباب، عواصف الحنين، على بساط الرّيح، وكفرت بالصحراء". 

من أجواء ديوانه:

ما ضاعَ حُلمَكَ، لم تُبدّدْ 

أيّ مَسعاةٍ سُدى  

تلكَ البذورُ زرعتَها ورَويتَها  

بمياه صبرِكَ والعَرَقْ 

نبَتَتْ بمعسولٍ غّدَقْ 

هيذي تجودُ بخيرِها  

فانهضْ معَ الفجرِ النّديّ  

وخذْ سلالَكَ كي تُبارَكَ بالجَنى  

واغسلْ شجونَكَ  بالنّدى 

واسبحْ ببحرِ النّورِ واكتبْ 

فوقَ خدّ الفجر: 

"تقويمي ابتدا" 

ألف مبارك للشاعر د. عناد جابر، ومزيدًا من العطاء والنجاح والتألق والنتاجات الأخرى. 

****



د. عامر جنداوي في مجموعته الشعرية "وعودٌ ليسَ أكثر"


تفضل الصديق الشاعر د. عامر جنداوي من بير المكسور، بإهدائي مشكورًا عددًا من إصداراته، ولكني سأتوقف هنا مع مجموعته الشعرية الأخيرة التي اختار لها عنوان "وعودٌ ليسَ أكثر"، وجاءت 142 صفحة من الحجم المتوسط، وتضم بين دفتيها عشرات من النصوص الشعرية والنثرية، القصيرة والطويلة، المتنوعة في أغراضها وموضوعاتها وعناوينها وثيماتها، التي كتبها د. عامرجنداوي ونشر الكثير منها في عدد من الصحف والمجلات المحلية والمواقع الالكترونية وفي صفحته الشخصية على الفيس بوك.

قدم للمجموعة الأستاذ د. كمال زيدان، المحاضر في كلية الفنون الجميلة بجامعة النجاح الوطنية في نابلس، ومما قاله: " في هذا الديوان، أجد للحرف طعمًا آخر، وللكلمة صدى لم يكن من قبل وأشعر أن القصيدة الواحدة وحيدة في نبضها ولونها وكبريائها، تظللني بظلها حيث لا تعب ولا نصب ولا سبيل للانعتاق من فضائها الرحب وسمائها الواسعة".

وفي الواقع أنني ما زلت مؤمنًا أشد الإيمان بجمال وعمق وإحساس ما يكتبه ويبوح به شاعرنا الأنيق د. عامر جنداوي، فهو يمتلك موهبة شعرية حقيقية، وثروة لغوية، ومخزونًا معرفيًا، وأناقة حروف، وجمال صورة، وصدق مشاعر، يفتقدها الكثير من الشعراء وأشباه المتشاعرين.

فهو صوت شعري ناعم طافح بالرقة والعذوبة والحس الإنساني المرهف، مع ما يختزنه من ألم وشجن وخيبة أمل، وعشق للحياة والجمال، وحُبّ للوطن والأرض والإنسان والبيئة والبداوة، وتمسكًا بالقيم الأخلاقية والفضائل الدينية، ونصوصه تعبق سحرًا وجمالًا وبهاءً.

قرأت مجموعة د. عامر جنداوي بكثير من المتعة والاستمتاع، ووجدت فيها من أشعار الحُبّ والغزل العفيف والإنسانية والوطنية ووصف المكان والهروب للطبيعة الغنّاء، ولمست فيها المقومات الجمالية. إنه يأتينا بقصائد وجدانية ذات نزعة إنسانية وطابع رومانسي، وبشعر عاطفي وغزلي عفيف ورقيق شفاف غير مبتذل، يدل على اتزان شاعرنا العاطفي والفكري والذهني، وبكلمات وجمل شعرية منسابة رقراقة على صفحات الورق في نهر اللغة، لفظًا ومعنى، وبمنتهى الرقة والطلاوة والعذوبة.

ومن خلال قراءة قصائد المجموعة يشعر القارئ ويستشف النفس الشعري المتين، والسمو التخيّلي الشفاف، والبراعة في التوصيف والتصوير التعبيري الحسي من خلال السلاسة وانسيابية وتدفق الألفاظ والجمالية الفنية التعبيرية، والمعاني البديعة، والصور الحديثة المبتكرة، واللغة القوية المتينة،  والصياغة المتماسكة.

جاءت قصائد المجموعة زاخرة بالصور الفنية الموحية، والانفعال العاطفي الوجداني، والابتعاد عن الترهل اللفظي والتكرار الممجوج، وتوظيف التشبيهات والاستعارات البلاغية الرشيقة، ونرى عامرًا متمتعًا بثروة لغوية محكمة، ومتخذًا من المرأة رمزًا للوطن والأرض في الكثير من مقطوعاته الغزلية الوجدانية.

لنسمعه يقول في هذه القصيدة الرائعة المشبعة بالدفء العاطفي والجيشان الملتهب، والوصف الفاتن:

لا تَعْتَبوا، هذا الْفُؤاد مُسيَّرٌ

                يا لَيْتَهُ لي تابعٌ ومُخيَّرُ

لو خَيَّرُوني أيْنَ أنْصُبُ خَيْمَتي

          لَقَضَيْتُ عُمْري زاهِدًا أتَفَكَّرُ

في عَيْنها الْيُمْنى أُعَلّقُ خافِقي

      والرُّوْحُ يَحْرُسُها اللّحّاظُ الأيْسَرُ

وَجَعَلْتُ ليلَ الْعاشِقينَ جِنانَها

           والصُبْحَ مِنْ أنْفاسِها يتعَطّرُ

والْبَدْرَ يَحْرُسُ في السّماءِ سَماءَها

       والشَمْسَ حولَ سَرِيرِها تَتَبَخْتَرُ

والصَّيْفَ نبْعَ الشّوْقِ يَلثُمُ خَدّها

          والْغْيمَ مِنْ فِيها رَحيقًا يُعْطِرُ

والنَّسْمَةَ الْجذْلّى تُداعِبُ فّرْعَها

         والْخَمْرَ مِنْ ظَلْمِ الأَحِبَّةِ يَسْكَرُ

وفي المجموعة قصائد مترعة ومشعة بالحكم والمواعظ والارشادات، والدعوة إلى التمسك بالأخلاق الدينية والقيم الإنسانية، وهذه المواعظ تنم عن تجربة شاعرنا المختمرة والثرية ونضوج الوعي في فهم الحياة ومقارعة مشاكلها ومصاعبها وخطوب الدهر. وهي قصائد تمزج بين الرقة والشفافية، والقوة والعبر والحكم، وخرجت كلماتها عفوية بشكل تلقائي دون أي افتعال.

 منجز د. عامر جنداوي يقوم على الرؤية الفكرية العقلانية والفلسفية، التي تجعل القصيدة تحلق في الآفاق العالية، شكلًا ومضمونًا، وهو يشدنا بروح الدهشة في النص الذي يخلق فينا الإثارة والدهشة، ويجعلنا نعيش لحظات التجلي، وحالات الإبهار في الحلم، وينجح في خلق الصور الفنية المركزة، في السرد المكثف، في نغم الصوت والإيقاع الموسيقي، في البنية الشعرية، في الصياغات التعبيرية، وفي اللغة الشعرية الآسرة الأخاذة، دون الإبهام والغموض، والتلاعب بالمعاني، والتوجه بكل الوضوح نحو الهدف والمرام والغرض.

ويمكننا أن نجمل ونقول أن قصائد مجموعة د. عامر جنداوي "وعودٌ ليسَ أكثر" تملك البعد السردي الوصفي بتعابيرها الدالة، في الإيحاء والمغزى، وبجمالية سردية، في منطلقاتها المتنوعة في الصياغات والتراكيب، وفي منصات النص المفتوح على ثيمات متنوعة، بما فيها الإبداع واستلهام الشكل التعبيري، وخلق مساحات لكشف خبايا النفس والروح والوجدان، وجمال الوطن وسحر الطبيعة وأسرار الحياة، ومرارات الواقع والحال الاجتماعي المعاش بكل أهواله وويلاته ونوائبه، برؤية فكرية سليمة مدركة تمامًا لواقع الحياة والتعبير عنه بأشكال مختلفة في الإبداع المتنوع في التناص والاستقراء والتوظيف والاستكشاف.

تحية لكَ صديقي الشاعر د. عامر جنداوي، متمنيًا المزيد من النجاحات والإصدارات القادمة، وهي قادمة بلا شك.


 

طيرُ الحُلم في سماء (أطياف متمرّدة ) لزياد جيوسي

 


كتبت رفعــة يونس:


   ها هي الثمانية والسّبعون طيفاً تتغلغلُ في الذاكرةِ ,وتبحرُ بين شغافِ القلبِ، هاهي أراجيحها تعلو بنا إلى سماءِ الوطن المقدّس , تحكي لنا مناجاةَ الكاتب والإعلاميّ (زياد جيّوسي ) في أطيافهِ المتمرّدة, من خلالِ المئتين والإحدى عشرة صفحة من كتابه, والتي عشنا بين ثناياها صباحاتهِ والمساءات, وارتشفنا مذاق قهوته اليوميّة, ورافقناه في جولاته المكوكية, في شوارعِ رام الله, وناجينا برفقتهِ أكفَّ الياسمين وعطره, وحلقنا مع الفراشات لنقبل وجنات الأزهار في حدائقها, يأخذنا زياد لنشتمَّ عبق الرّبيعِ في فصوله التي قاربت الأحد عشر عاماً, فترةً قضّاها الكاتبُ مكرها في رام الله التي يعشق, بعد أن صادر العدو الصهيونيّ حقه بهويتهُ الفلسطينيّة لإبعاده عن أيكة عشقه وهواه, وللأبد ,  أبى الكاتبُ أن يغادرَ وطنه بعد فقدان هذا الحق له كابنٍ لفلسطين وابن لرام الله , مثلما هو الابن لبلدته جيّوس . 


   نرى الكاتبَ قادراً على اصطياد الحُلم, على المعايشة معه ليلاً نهاراً, ليجتاز هذه المحنةَ, وهو يمثلُ بذلك تحايل الشعب الفلسطينيّ الأبيّ والقدرة على التأقلمِ وسط أقسى الظروف وأحلكها, وكسر كلِّ القيودِ بالحُلمِ والأمل . 


   رسم جيّوسي من خلال كتابه ( أطياف متمرّدة ) سلالم للصّعودِ  والبحثِ عن السّلامِ النفسيّ, والتّمتّعِ بكلِ ثانية من وجوده على أرض الوطن, حيث استحضرَ ما عايشه من حبٍّ عميقٍ, وانعتاقٍ للرّوحِ في مداراته, وظلَّ الوطن الجميلُ  في قلبهِ وروحه, وفي عمقِ وجدانه وأحاسيسه, فالحبُّ واحدٌ, ومن يحبُّ بصدقٍ, هو من يقدرُ أن يحبَّ وطنه بكلِّ الصدق . 


   سمح لنا زياد من خلالِ أطيافهِ تلك أن نجولَ في أعماقهِ, لنستشفَّ هذا الحبّ الواحد والذي لا يتجزّأ ولا يتشظّى ,حبٌّ عميقٌ لقلبِ أنثاه, كما هو الحبّ العميق لمدينة رام الله, لشوارعها, وأحيائها, ولمعالمها, لبيوتها, ولسيلِ الذكرياتِ في كلِّ زاويةٍ من زواياها, أحببناها وتعلقنا بها من خلال ما كتب ووصف وأبدع, أحببنا البيلسان ونسغه فيها, وتعلقنا بصنوبرها وكبريائه  بأرجائها, عشقنا عرائش الياسمين ونقائهِ, عطرهِ, وابتسامات زهيراته, في ربوعها,  سافرنا مع هذا الحُلمِ والذي طال مدة أحد عشر عاماً, وكأنَّ الحصار في الوطن لا يُعدُّ حصاراً, بل هو فترة بوْحٍ عاشها كاتبنا بكلِّ حيويّةٍ ونشاطٍ, بكلِّ فرحٍ, وهو يتحدّى هذا العدوّ ويقول له: ان تمكنت من سرقةِ هذه الأرض عنوةً, لن تستطيع أن تسرقَ الحُلم والأملَ من صدورنا, حتى وإن صادرتَ أراضينا لفترةٍ, لن تستطيع أن تصادر أحاسيسنا الصّادقة, وأرواحنا المحلّقة, نحن الأحياءُ وسط كلِّ هذا الموت الذي يحيطُ بنا, ويتربّصُ بأجسادنا وأرواحنا, ونحن القادرون على التحليقِ ولأبعد سماء, مهما طال الحصارُ , وزاد الظلم علينا. 


   للكاتب والإعلاميّ( زياد جيوسيّ ) باقات من الاحترام والتقدير, والمحبّة, ودمت ودام حسّك نابضاً, وقلمك سيّالاً, في حبِّ الوطنِ وعشقهِ .