أميرة الطبيعة في لوحة الفنان شوقي دلال


بقلم الدكتورة: بهية احمد الطشم

تعترينا دهشة جميلة للوهلة الأولى عند القاء نظرةٍ خاطفة على اللوحة المزدانة بالغرابة ,والتي تعانق ألق البهاء في آن ,اذ تطلّ علينا في لدُن اللوحة امرأة جميلة على ظهر حمار ابّان رحلتها في أحضان الطبيعة وهي تسير بتمام الثقة الى قصر طموحها.

تحتضن أميرة الطبيعة قطاً صغيراً بين يديها كمؤنسٍ ورفيق, سائرةً بين الطلول مقتفيةً بآثار الربيع في الحقول البعيدة ومتأملة تموجات اخضرار السهول حولها.

ترمق بعينيها الساحرتين كل ما هو تحت الشمس بعدما غازلت الأحزان أجفانها لأمد طويل في زمن عمرها...لعلّها تكتب بخيوط الشمس الذهبية وهج شعاع أملها على وجه الايام.

لقد فقهت كنه  الازهار المرصّعة بأحلامها وطارت مع الفراشات المدفوعة بقوة سحرية وتأثرت  اعظم التأثير بالاسطقسات الاربعة للوجود ( الماء, الهواء, التربة والنار).

وكأنّ اميرة الطبيعة التي تجول في موطن حياتها تُوقِظ الربيع في كل خطوة من خطواتها ليكون الجمال نصيب تأمل بصرها وبصيرتها, اذ تذكّرنا بمسيرتها الى الامام  بعبارةٍ ذهبية لجبران خليل جبران في دمعة وابتسامة :" سِر الى الامام ولا تقف البتّة,فالأمام هو الكمال , سِر ولا تخشى اشواك السبيل."

ولا عجب حينئذٍ أن يستحضر تأملنا الباطني بجدير الاعجاب وفي اطار نظرة فنية استقرائية  مُقارِنة لأجمل لوحات الطبيعة على الاطلاق والتي رسمتها ريشة الفنان الانكليزي الرومانسي مالورد ويليام تيرنر سيّما لوحة غروب الشمس التي ابدع فيها أعظم الابداع... ففي الاطار عينه وبصدد الايقونة التي رسمها الفنان الفذّ شوقي دلال يتراءى  لنا وهج الشمس يعانق بقوة كل ارجاء اللوحة ليعمّ شعاعها منعكساً على مرآة النفس المتأملة .فالجمال فتنة للناظرين يسير بهم الى مرتع المتعة , لأن كل جميل هو ممتع بالضرورة باعتبار ايمانويل كانط Emanuel kant احد اهم أعلام الفلسفة الحديثة.

 اذاً , فأميرة اللوحة محفوفة بأجنحة غير منظورة تجول على ضفة نهر الجمال وتنشد انغاماً تملأ جوارحها ... كيفما نظرت ترى اسرار الحياة محاطة بالهالات التي يحدثها النورس على أديم المياه.

وفي الخلاصة...تتجلى للمتأمل حكمة سرمدية ألا وهي:  ارادة الفوز بأكاليل الغار رغم أشواك السبيل. 

*د. بهية الطشم كاتبة وباحثة وأستاذة الفلسفة في الجامعة اللبنانية


رابطة الكتّاب في عمّان تستضيف الأسير أسامة الأشقر



عقدت مساء السبت 20.02.2021 في العاصمة الأردنية عمّان عبر تطبيق زوم الندوة الرابعة لمبادرة "أسرى يكتبون" التي ترعاها رابطة الكتاب الأردنيين، وخصصت لمناقشة كتاب الأسير أسامة الأشقر "للسجن مذاق آخر"، وأدار الأمسية الأديب صالح حمدوني، متناولاً سيرة الكاتب.

كانت المداخلة الرئيسة للكاتب محمد مشة الذي تناول عنوان الكتاب كعتبة نصيّة، وكذلك الإهداء، وتطرّق لأسلوبه الساخر وظاهرة "العصافير"، وغرف العار داخل السجن، وتحدّث عن ارتباطه بمنار كرسالة تحدٍّ، وكذلك الأمر بالنسبة لتهريب النطف والإصرار على الإنجاب.

أما كلمة الأسير أسامة فقد ألقتها بالنيابة عنه زوجته منار، وأعرب فيها عن شكره لمنحه وغيره من الأسرى متنفّسًا عبر القضبان، وجاء فيها: "إن كتابَ للسجنِ مذاقٌ آخر الذي نتناولُه الآن لم يكن نابعاً من ترفِ الكتابة ولم يأتِ بدافعِ الهوايةِ في التعبيرِ عن مكنوناتِ الذاتِ أو ما تحويه نفسي، بل هو وثيقةٌ ضروريةٌ وهامةٌ لبعضِ ما يحدثُ داخلَ أسوارِ السجونِ التي أردنا توثيقَها وإطلاعَ شعبِنا وشعوبِ العالمِ الحرِّ على بعضِ أشكالِها".

وكانت مداخلة للكاتب أحمد أبو سليم الذي تحدّث بدوره عن تواصله مع أسامة بُعيد مقاطعته للجوائز التطبيعيّة  وقرأ رسالة بعثها له الأسير من سجن الجلبوع  وردّه عليها. 

وشارك في الأمسية كلّ من: الأديب المقدسي محمود شقير، الكاتبة لينا أبو بكر (لندن)، الكاتبة إسراء عبوشي (جنين)، د. ربحي حجازي (عمان)، الأسير المحرّر أمير مخول (حيفا)، الكاتب عامر طهبوب (عمان)، والكاتب شفيق تلولي (غزة).

وفي النهاية تحدّث المحامي الحيفاوي حسن عبادي، وشكر بدوره المنظّمين للندوة، كما تحدّث عن لقائه الأخير بأسامة وأهميّة كتابة حكايا الأسرى وإيصالها لكلّ حدب وصوب ورحّب بمشروع تأسيس مكتبة لأعمال الأسرى الإبداعيّة وترجمتها للغة الإنجليزيّة الذي بادرت له د. لينا أبو بكر.

كان الختام مع وصلة عزف على العود وغناء مع الفنان المبدع كمال خليل. 


صدور "الرياح الجريحة" بالإنكليزية للشاعر المغربي بن يونس ماجن


عن منشورات ألوان عربية في السويد صدر ديوان جديد باللغة الانكليزية للشاعر المغربي المقيم في لندن بن يونس ماجن، وهو عبارة عن قصيدة طويلة استحوذت على صفحات الكتاب البالغة 64 صفحة. وقد قدمت للكتاب الدكتورة باربرا كيللي من جامعة ويستمنستر- لندن، ومما كتبت:

" هذا التأمل الشعري الممتد حول طبيعة المنفى والمعاناة مكرس لعائلة الشاعر في باريس ولندن ومكناس ووجده. إن استحضار صور تشتت المهاجرين في مختلف الأصقاع والمدن البعيدة يصنع أيضًا نقشًا مناسبًا لموضوعات العزلة والضياع والتذكر. هذه القصيدة هي أغنية المنفى المغربي، لكنها أيضًا أغنية كل المنفيين والمهاجرين، " أيتام '' العالم الذين تنفتح عليهم القصيدة من خلال الحنين إلى طفولة ووطن يسوده الشعر في تشكيل مشاعر ورغبة عارمة لفهم الذات والعالم، والبحث عن هوية بين اللغات والثقافات التي تتكرر هنا بقوة عاطفية.

هذه الرغبات والأشواق هي أيضاً لنوع من المعرفة لا يخص المهاجر فحسب، بل لكل من عرف ألم التهجير والاقتلاع. في هذا التوحد، يسمع الكثيرون أغنية بن يونس ماجن كتجربة انسانية تُحكى للأخرين".

والشاعر بن يونس يعتبر من أهم الشعراء المغتربين الذين يحسبون على الجهة الشرقية في المغرب الأقصى، بدأ النشر منذ أواخر ستينيات القرن الماضي وله العديد من الدواوين المطبوعة والقصائد المنشورة في العديد من الصحف والمجلات العربية بالإضافة على الشبكات الاليكترونية العربية والأجنبية. 


ملائكة في غزة: عمل روائي جديد للدكتور محمد بكر البوجي


كتب: شاكر فريد حسن  

صدرت حديثًا عن دار المفكر العربي للنشر في القاهرة، رواية "ملائكة في غزة"، للكاتب والناقد محمد بكر البوجي، الذي عمل ردحًا من الزمن في التدريس الجامعي، استاذًا للأدب والنقد في جامعة الأزهر. وهي حكاية شعب يعيش القهر ويعاني الفقر والجوع ويقاوم الحصار بكل صلابة لأجل الحرية. 

وقد اختار البوجي عنوان الرواية بناءً على قصة موجودة في الرواية. فغزة التي تعيش منذ اربعة عشر عامًا وصلت التعبئة الدينية فيها حد الاحتراق والهوس الديني، وفي إحدى ليالي القدر في شهر رمضان رأى اهلها إضاءات بين الغيوم فاعتقدوا أنها ملائكة. 

ويحاول محمد البوجي من خلال هذه الرواية المكثفة والزاخرة بالأحداث والأفكار والمواقف، طرح رؤية جديدة لمفهوم العمل الروائي، ويوظف التكنولوجيا الحديثة. 

يقول محمد البوجي:" معظم الرواية في فلسطين تحمل جزءًا من حكاية كاتبها ، إنها حكاية شعب وأنا جزء من هذه الحكاية ، قبل حرب 1967 أرسلتني أمي ومعي طعام للضباط المصريين الذين كانوا في غزة ، يرفض الضابط أخذ الطعام  بذوق  رفيع وطلب مني مغادرة المكان ، أحببت هذا الضابط ، وكنت أتابع وهو يطلق من مدفعه نحو طيران العدو ، ثم هاجمته الطائرات وبقى  الضباط الأربعة على المدفع في حرب ضروس مع الطائرات المعادية ، إلى  أن رأيت جثثا متفحمة ، كانوا أبطالا شجعان ، إنها سيرة شعب تعرض لأكبر عملية تطهير عرقي في التاريخ ، إنها أمريكا وأوربا ضد الشعب الفلسطيني الأعزل من السلاح ، سلاحه الوحيد إيمانه بالحق وعدالة فضيته ، هذا هو محور أحداث الرواية ووسائل السرد فيها". 

"ملائكة في غزة"  فلسطينية، قلبًا وقالبًا، وهي رواية التاريخ والمقاومة والصمود والمواجهة والحلم الفلسطيني المنشود، ترصد الواقع الفلسطيني المعيشي والحياتي في غزة، وتصور المقاومة والثورة الجديدة التي ستنهي الحصار وتحرر الوطن من ربقة وبراثن المحتل الغاشم. 

أبارك لصديقي الكاتب والأديب والروائي الفلسطيني ابن مخيم الشاطئ الأستاذ محمد بكر البوجي، بصدور روايته وتمنياتي له بالمزيد من العطاء والأبداع في مجال الرواية والقصة والبحث والنقد، مع خالص التحيات. 

رسائل الصباح في كتاب جديد للكاتب الفلسطيني فراس حج محمد



صدر عن دار الفاروق للثقافة والنشر في نابلس مؤخراً كتاب "الإصحاح الأول لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيّدتي"، للكاتب الفلسطيني فراس حج محمد، ويقع الكتاب في (280) صفحة من القطع المتوسط، صمم الغلاف الفنان الفلسطيني ظافر شوربجي، واستغرقت لوحة "انطباع شروق الشمس" للفنان الفرنسي (كلود مونيه) مساحة الغلاف الأول والأخير للكتاب، المصنّف على أنّه "وجدانيّات". و"جاءت معبرة عن الروح التي يمتاز بها الكاتب لتكون حلقة وصل بينه وبين قارئه الذي اعتاد منه كلّ جديد وأنيق". كما كتب الناشر على الغلاف الأخير للكتاب.

يتألف الكتاب من ثلاثة فصول، جاء الفصل الأول تحت عنوان "رسائل الصباح"، وهو القسم الأكبر من الكتاب، إذ يحتوي نصوصاً متعددة نثرية وشعرية، اتخذت طابع الرسائل، وكانت النصوص الشعرية مصاحبة للنصوص النثرية، وليست مستقلة عنها، عدا النص الأول الذي بدئت به هذه الرسائل "صباح الخير سيّدتي"، ويتكون من خمسة أبيات فقط، وجميع تلك القصائد من الشعر الكلاسيكي الفصيح عدا أربع مقطوعات غنائية كتبت باللغة العامية ضمنها نص بعنوان "إلى من أحببتها عمري كلّه".

تراوحت قصائد "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء" في طولها بين المقطوعات الشعرية والقصائد الطويلة، ومن بين القصائد نص يتحدث فيه الكاتب عن الفنانة اللبنانية فيروز، وجاء تحت عنوان "هوامش في عناق فيروز الصباحي". واستغرق هذا القسم حوالي (250) صفحة من الكتاب.

أما القسم الثاني فجاء تحت عنوان "من رسائلها"، ويتضمن سبع رسائل، ما بين رسائل قصيرة أو طويلة، في حين أن الفصل الثالث المعنون بــ "رسائل إلى القراء الأعزاء" فيضم ثلاث رسائل، يخاطب فيها الكاتب قرّاءه الذين يتابعون ما يكتب على الفيسبوك، متحدثا عن تلك العلاقة التي تربطه بهم، وتعليقاتهم على ما يكتب، وكانت الرسالة الثالثة موجّهة إلى الكاتبة الفلسطينية العكاوية المغتربة في النرويج حنان بكير، معبّراً فيها عن العلاقة الوجدانية التي تربطهما معا، علاقة أمّ بابنها.


كفاح عبد الكريم حمّاد فنانة تشكيلية من بلادي




كتب: شاكر فريد حسن  


تخوض الفنانة التشكيلية كفاح عبد الكريم حمّاد من قرية المقيبلة في مرج ابن عامر، تجربتها مع الفن واللون والشكل، لتقدم لنا لوحات فنية تعبيرية مستوحاة من الطبيعة والمكان وجغرافيا الوطن والواقع الحياتي، تتشكل فيها مفردات ومعانٍ وعناصر تشكيلية ترسمها بروحها ومشاعرها وإحساسها المرهف وفكرها الراقي. 


وفي جولة مع تجربتها ينتابنا هاجس الدهشة ووعي الجمال، ونقف أمام فنانة لها مكانتها الفنية في مجال التشكيل. فالرسم موهبتها منذ الصغر، وتأخذ حيزًا واسعًا ومساحة شاسعة من حياتها، ودأبت خلال السنوات الماضية على تطوير وإثراء موهبتها بالرسم المستمر والمتواصل بوتيرة عالية، ما اكسبها خبرة ومهارة مكنتها من اثبات حضورها ومكانتها في المشهد الفني التشكيلي الفلسطيني في هذه البلاد. 


وكفاح حمّاد فنانة صنعت لنفسها عالمًا خاصًا، ولها بصمة تميزها من خلال رسوماتها التي توحي بالجمال والروعة، وتبرع في رسم الوجوه (بورتريه) والملامح والأشخاص والمناظر الطبيعية، وتحول حالات الحزن والفرح إلى إنتاج وتشكيل فني.  


واللوحة تحلق بكفاح حمّاد إلى أماكن مختلفة وفضاءات رحبة، وهي بالنسبة لها تحمل في طياتها الكثير من المغامرة. إنها ميدان للفن والجمال واكتشاف اللون، وتساعد في خلق مساحات واسعة للخيال والأفكار، وكل لوحة تعتبر احساسًا وانفعالًا بحد ذاته، تسطر فيها مشاعر وحالات يومية وهواجس وهموم ذاتية وعامة تترجمها بلوحاتها بكل الصدق والعفوية. 


تحية للصديقة الفنانة التشكيلية كفاح عبد الكريم حمّاد، متمنيًا لها المزيد من العطاءات والإبداعات الفنية والنجاحات في مجال الفن التشكيلي، ولها التألق الدائم. 

 

انتخاب الهيئة العامة للأدب الوجيز



عقدت الهيئتان الإدارية والعامة في ملتقى الأدب الوجيز بتاريخ ١٠ شباط ٢٠٢١ جلسة جرى بموجبها انتخاب الهيئة الإدارية الجديدة.

وقد بدأ الاجتماع بذكر مؤسس ملتقى الأدب الوجيز الأستاذ أمين الذيب وطلب الرحمة له، مع المعاهدة على متابعة المسيرة. وثم تم عرض البيان الاداري.

وتلا ذلك جلسة للهيئة الإدارية تم بموجبها توزيع المهام فكانت وفق التالي:

رئيس الملتقى: الدكتورة درية فرحات رئيسةً.

 الأستاذة تمارا أمين الذيب نائبةً للرئيس وأمينة صندوق.

الدكتور باسل الزين أمين سر ومحاسبًا.

 الدكتور كامل صالح والأستاذة ميساء طربيه مسؤولي العلاقات العامة والشؤون الثقافية.

السيدة هناء الحاج مسؤولة إعلامية.

صدور كتاب " حكايا من القرايا" للأديب الباحث: عمر عبد الرحمن نمر

 


صدر منذ أيام قليلة كتاب " حكايا من القرايا" للأديب والباحث: عمر عبد الرحمن نمر، في جزأين الجزء الأول يتكون من 293 صفحة، يضم مئتين وثلاثاً وتسعين حكاية، والجزء الثاني في 284 صفحة،ويضم مئتين وثلاثاً وثمانين حكاية، ليكون أول كتاب يجمع هذا القدر من حكايا التراث تصور طقوسه وتجلياته كلها: السياسية والاقتصاديةوالاجتماعية، كما يصفها الكاتب.

الحكايا تسرد حياة الفلسطيني، وتعمل على إحياء التراث من أمثال ومفردات ومواسم زراعية وأزياء وأكلات شعبية فلسطينية وأغان وأهازيج وفلكلور ومعتقدات شعبية.

كان الإهداء للوطن أولاً إلى الشهداء والأسرى، وإلى أبطال حكاياته، وما هؤلاء الأبطال سوى أجدادنا حيث سرد طقوس حياتهم الأصيلة، وقرأ ماضينا في تلك الحكايا.

وَثّق الكاتب ذاكرة المكان التي جالت في أحداث حكاياته، وإختزل تعابير كثيرة وربطها بمواسم الأرض ليرمم ذاكرتنا.

تناول الكاتب بأسلوب سردي مشوق عادات وقيم اجتماعية يغلب عليها البهجة والفرح، وتبث في القارئ روح إيجابية بأسلوبه المحفز للحياة، المتدفق محبة وحنين، غلب عليها اللهجة القروية الفلسطينية في سجيتها وعفويتها.

عمل كتاب " حكايا من القرايا بجزأية الأول والثاني على جمع التراث وحفظه، وعمل أيضاً على توثيق حقبة من تاريخ الشعب الفلسطيني، كتاب يستحق أن تتناول دراسته المناهج الفلسطينية، فهو شاهد على الزمان والمكان، مقابل محاولات  التزوير و السرقة، الذي يتعرض لهما التراث الفلسطيني مِن قِبل الحكومة الإسرائيلية


 .


قراءة في كتاب " للسجن مذاق آخر" للأسير أسامة الأشقر| أدب الأسرى

 


الأديبة: إسراء عبوشي | فلسطين 

أدب الأسرى

 كلمات تخرج للنور أمل يكسر عتمة الصمت، لكنه أمل مر، كلمات مغلفة بوجع ما، لحظة شقت طريقها وسط حقل من الألغام بالصبر والوهن معا، يجمع المتناقضات هو مد وجزر

كلمات غلفتها حواس الأسير، شيء منه تحرر بإطلاقها، بعد أن عاشت في جوفه ولامست وجدانه ثم صاغها للتحدث بصوته لتخوض شرف المحاولة وتبني صرح ومنهج يترسخ في الأذهان لأبناء الوطن كافة، شهادة حية موثقة بأحداث، فيها الزمان والمكان الرتيب المتشابه الصامت الموحش الأليم يبني عزيمة.

أيها الأسير ومضات من روحك العالقة   بمداد من نور تكسر صمت الجدران الخرساء وتنطق ستحيي ما مات فينا وتليّن جفاف قلوبنا.

نقرأك فنحارب هشاشة أمانينا

أنقذ ما استطعت من كلماتك وأردِم قبر قسوتنا، هو دورنا لنتجرع معك المر ونحقق سويا النصر، هي معركتنا معا مع أننا لسنا جديرين بقداسة رسالتك، فقط نقراك لنحاول أن نرخي قيد معصمك المشدود على وجع البلاد.

للسجن مذاق آخر، يكتب أسامة الأشقر سيرته الصادقة، بعاطفة مؤثرة، استخدم مفردات موائمة أصابت المعنى المراد ووصف أدق التفاصيل بأسلوب مشوق يحبس انقاس القارئ، يحزنه، ويتركه وسط دهشة المشاعر وعنفوان المقاتل

الأسير ما زال على أرض المعركة ولم يسقط سلاحه، وتراه في زنزانته يشم رائحة خبز أمه ويسمع قيام آذان والده، تنقله البوسطة فيشم رائحة البحر، وهو معلق على كرسي حديدي يأكل جسده  


لدى الأسير أسامة روح أمل لم يطال منها الأسر، هو يرى زنزانة العزل تعج بالحياة.

 يكتب بعاطفة موضوعية غير منجرفة يكتب عاطفته بمداد ممتد من حضن الألم لينير على صفحات الورق بأمل متدفق، هي إشراقات حب منار في قلبه، حيث بدى أكثر شباباً وقبر الأحياء أصبح حديقة عشق تستدعي الأمل وتحرّض على الحياة.

الأمل كما يعرّفه أسامة محطة انتظار طاقة خلاقة تحمله إلى حيث يتوق

وما الأمل إلا انتصار على السجان.

أما منار... منار التي تهدينا الأمل المتصبب شوقاَ وعشقاَ، ترمم وجه القبح في ملامح الزمان، توقفه وترسمه بريشة الإرادة، وتقول أسرانا أحرار بلا قيد السجان، يخطبون يتزوجون وينجبون الأطفال، ويكتبون.

الحرية ليست بعيدة الآن نستطيع أن نأخذ حقيقة تاريخنا من كلمات أسرانا، فقط نقرأ بعيونهم الواقع ونحلم بالنصر معهم.

في الجزء الأول "واقع الاعتقال وحياة السجن"

 يقارن الكاتب بين الأسر والاستشهاد ويفضل الاستشهاد، يقولها صريحة" لو كنت استشهدت ما كنت لأصل إلى هنا" 

لأنه لا يريد أن يفقد مهابته التي تدخل الرعب في نفوس أعدائه، بحث في الأسر عن سلاح مقابل المحقق وأدار معركة معنويات " الزمن والصمود" ليخرج قدوة لباقي الأسرى بعد الاعتراف وينتصر على جهاز التحقيق ويجعل للسجن مذاق آخر.

تلك الرغبة بالاستشهاد يتمناها الأسرى لينتهي عذاب السجان والم الجسد الذي لا يبرأ إلا بخروج الروح، تمنى الأسير رياض .... ليتخلص من الألم ص 59 

لا يحزنه الألم الجسدي بقدر ما يحزنه إجبار الأسير على احناء قامته تعبيراً عن الذل   والمهانة وهذا يفوق كل أنواع وأشكال العذاب، لكن ما دامت تعبر عن مكانة ودور الأسير النضالية والثورية وخشية دولة الاحتلال وأجهزتها الأمنية منه، وتأثيرها خارج الأسر وداخله فهي مصدر فخر وعزة له.

السجون ساحة نضالية متقدمة بوقع مختلف فيها عزيمة وتحدّي وصمود وهناك حرب وشهداء

حقق الأسرى الكثير من المطالب بحرب الأمعاء الخاوية، وراح ضحيتها عدد من الأسرى، دفعوا أرواحهم ثمن لتحقيق حياة أفضل لإخوانهم الأسرى، خضع المحتل لمطالب الأسرى. وطلت لحظة النصر

الزيارة " نافذة الحياة"

يصف الكاتب الزيارة بأسلوب عاطفي رقيق تبكي القارئ، هو مقيد، الحرية وطقوس الحياة اليومية شوق بعيد، يحمله الأهل اليه لتضيء كلماتهم الودودة قسوة السجن، وتبدد ظلام الزنزانة، تكسر دمعة الأم صمود النفوس تريد الأم أن تفرح بابنها الم وامل معاً

ترجح كفة الألم بنظرة 

.. وبعد اللقاء لا يعود كما كان

صور مؤثرة اصعبها حين يرفض الابن تصديق أن الأسير خلف القضبان والده فيخاف منه، فلو كان والده أين الحضن الدافئ وين ضمة الحنان.

وهو يستمع لأخبار الأسرى، تأتيه تعزية بوفاة أخية إيهاب، تدور الدنيا المحصنة بالجدران الخرساء من حوله به، ينكر يبحث عن اليقين في وفاة رفيق الصغر الأخ والصديق والسند. 

في الجزء الثاني " حروب الظل"

يكتب عن حروب إسرائيل الغير معلنة في الظل، وأيديها الخفية في مختلف المجالات، هي حالة اختراق كبيرة للجسد الفلسطيني، بوسائل مختلفة وأدوات كثيرة، داخل السجن وخارجه، تستغل حروب الظل   جوانب العنف البشرية والحالات الإنسانية تستغل الإعلام الموجه.

يكشف مصيدة أجهزة المخابرات الإسرائيلية، ويظهر اذرعها الطويلة في فلسطين وخارجها.

الكتاب من منشورات اتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين،  ويقع في 175 صفحة من القطع المتوسط.

مسك الكفاية.. لباسم خندقجي: تلك النّطفة المهرّبة لجعل الحياة والتّاريخ أقرب دلالة


فراس حج محمد/ فلسطين

تنتاب الكتابة المعتمدة على المصادر والمراجع صعوبة إضافيّة غير تلك الصّعوبة الّتي تكتنفُ الكتابة بشكل عامّ، ففي هذه الحالة هناك التّعدد في الرّؤى والمرجعيّات والرّوايات، فإذا ما كتب الكاتب عملاً ما فإنّه سيقع في حيرة من أمره، فعلى أيّ المصادر يعتمد، وأيّ الأفكار يتبنّى، وأيّ منها سيكون أكثر احتراماً لذاته والتّعبير عنها. إنّ هذه العمليّة انتقائيّة بالضّرورة، وما دامت كذلك فهي صعبة في التّأويل والانحياز. ولكن ما حيلة الكاتب الأسير الذي ضاقت أمامه سبل الانتقاء والاختيار؟ إنّ مهمته ستكون أعظم ومصاعبه أكبر.

لقد اعتمد باسم خندقجي في روايته "مسك الكفاية- سيرة سيّدة الظّلال الحرّة" على مجموعة من المصادر التّاريخيّة أثبتها في نهاية الرواية، وكانت خياراته محدودة نوعاً ما، والنّاظر فيها، فإنّها لم تكن مصادر تاريخيّة بالمعنى الحرفيّ، فقد كانت إمّا كتباً أدبيّة أو مراجعات فكريّة للفترة العباسيّة، وتحمل وجهة نظر كتّابها، ومع ذلك استطاع الكاتب أن يبلور من خلال تلك المصادر رأياً روائيّاً متماسكاً برؤى فكريّة وفلسفيّة واضحة المعالم. واستطاع الإفلات من التّحكّم القيديّ بآراء الكتّاب الآخرين، مع أنّه لم يقع في فخّ الخيال المغرق في البعد عن الرّواية التّاريخيّة كذلك. وهنا يجب أن نتأمَّل صعوبة العمل الرّوائيّ والإمساك ببؤرته الّتي تؤكّد حضوره الفنّيّ اللّافت للنّظر.

ثمّة صعوبة أخرى تحيط بالكتابة داخل المعتقل، هنا لا أحد يتحدّث عن طقوس خاصّة للكتابة، فالكاتب هنا لا يكتب بعزلة اختياريّة ليكون بمواجهة القلم والورقة والذّات، إنّه يكتب ضمن ذلك الجو الصّاخب والمتوتّر والعنيف، والمباغت الّذي قد يقلب الأوضاع المستتبّة المتأرجحة في كلّ لحظة، هنا تقلّ خيارات الكاتب الكتابيّة وأدواتها، وتصبح محدودة جدّاً، بل إنّها ستخترع أدواتها الخاصّة بها لتتلاءم مع ظروفها الاستثنائيّة. وهنا يجب أن نتأمّل المشهد جيّداً كم من إرهاق محفوف بالمخاطر والمخاطرة وأنت تكتب، فقد يودي بالعمل – كما حدث مع بعض الكتّاب- ويضيع ويتلاشى وتتمّ مصادرته. إذن فالكاتب الأسير يعيش أجواء غاية في التّعقيد والصّعوبة تجعلنا نحن الخارجين من وعن هذا السّياق ونكتب بأريحيّة ومزاج عالٍ مع فنجان من القهوة ونستخدم أقلاماً فاخرة وأوراقاً ملوّنة، ومكاتب فارهة وحواسيب متطوّرة، تجعلنا نعدّ الكتابة في مثل ذلك الطقس غير العاديّ ضرباً من العبث أو نوعاً من الإعجاز.

وهذا يؤشّر إلى ملاحظة مهمّة، لا بدّ من الالتفات إليها ونحن نتحدّث عن أدب الأسرى والمعتقلات، فلا شكّ في أنّ هذا الأدب ذا خصوصيّة وأهميّة بالغة الدّلالة، ليس فقط في ذلك البعد التّوثيقيّ للمسألة الوطنيّة، على أهميّته، ولكن لما تشير إليه من دلالة نفسيّة للأسير القابع خلف القضبان، ويعاني ما يعاني من إجراءات تعسفيّة غير إنسانيّة، فإذا ما كانت الكتابة بحدّ ذاتها لكلّ كاتب نوعاً من المقاومة، فإنّها تأخذ بالنسبة للكاتب الأسير شكل المقاومة الشّرسة، مقاومة لكلّ عوامل الموت والضّياع والتّهميش والحصار الفيزيائيّ الماديّ والمتيافيزيائيّ، وهي بذلك جزء من عمليّة الثّورة والتّمرّد على الواقع الّذي وضع فيه الأسير. تتّجه أوّل ما تتّجه نحو كسر إرادة السّجّان، وكلّ من كتبوا داخل السّجن كانوا يتمتّعون بقوة إرادة غير عاديّة، وهم بذلك يتميّزون عن أولئك الكتّاب الّذين كتبوا تجاربهم الاعتقاليّة خارج السّجن. وفي هذا السّياق المتّصل بالمقاومة يمكن تفسير ظاهرة لدى الكتّاب الأسرى، وهي أنّ الكثير منهم قد توقَّف عن الكتابة خارج السّجن، وربّما هذا ما يؤكّد ذلك الإصرار الّذي يتمتّعون به من إرادة حبّ الحياة، ويشير إلى الحيويّة والرّوح المعنويّة العالية لديهم.

كما أنّ تجربة الكتابة داخل المعتقل تشير إلى امتلاك هؤلاء الكتّاب موهبة متميّزة وخاصّة، تستحقُّ التّوقُّف عندها مليّاً ومناقشتها باستفاضة، وهنا أنوّه، على نحو خاصّ، بالبحث الذي قدّمته الباحثة جميلة عماد النّتشة وناقشت فيه موضوع "الأسير الفلسطيني روائيّا"، ووقفت عند مجموعة من الأعمال الرّوائيّة للكتّاب الأسرى. مؤكّداً توصيتها الخاصّة بضرورة دراسة النّتاج الأدبيّ للأسرى بقراءات نقديّة ومقارنة وترجمة بعضها. وهنا يمكن أن ننظر إلى النّاحية الفنّيّة لتلك الأعمال نظرة خاصّة، ليس تبريراً لتدنّي مستواها، ولكن لربطها بذلك السّياق المشار إليه أعلاه، مع أنّ رواية باسم خندقجي "مسك الكفاية" تحقّق فيها كثير من الشُّروط الفنّيّة والإتقان لدرجة قد تشكّ أحيانا أنّها كتبت داخل المعتقل، فلا تكاد تلحظ أي توتُّر للّغة أو اعوجاجاً في تراكيبها، أو أيّ خلل في البناء الفنيّ للرّواية، بل على العكس تماماً، جاءت الرّواية في صورة فنيّة يُغْبَط عليها الكاتب، فقد اعتنى بالعمل بجوانبه كافّة؛ لغة وسرداً وهندسة في البناء الرّوائيّ.

هذا العمل الرّوائيّ على صيغته تلك، نال الكثير من الحفاوة والتّقدير من القرّاء والكتّاب والنّقاد، فقد تناولها بالتّحليل العديد من الكتّاب، بدءا من الأستاذ محمود شقير الّذي احتفى بها على نحو استثنائيّ، فكتب مقدّمة للرّواية، معتبراً الرّواية "تجربة لافتة للانتباه"، فهي كما كتب تنقل الحدث التّاريخيّ من مجرّد كونه رواية تاريخيّة إلى جعله "عالما مشخّصاً من طموحات البشر ومن مكائدهم ودفاعهم عن ذواتهم"، وإلى ما تناولته أقلام الكتاب من أمثال: جوني منصور، وخالد جمعة، ويوسف الشّايب، ورائد الحوّاري، ومحمّد جبعيتي وطارق العربي، وعلي عبيدات، وأنور سابا، ونوميديا جروفي، وحسن العربي، وغيرهم، وحضور الرّواية كذلك في الصّحافة الثّقافيّة المكتوبة والمرئيّة، العالميّة والعربيّة والفلسطينيّة، ولقاءات المناقشة والتّعريف والإطلاق، ما شكّل مع متن الرّواية نصوصاً موازية، ذات قيمة في حركة النّقد العامّة الّتي تولي عنايتها بهذه النّصوص.

وبعد كلّ هذا المتقدّم أصل إلى الرّواية ذاتها، وأختار هذا المقطع الوارد في الرّواية ص (321)، إذ إنّه يلخِّص الفكرة الأساسيّة للرّواية وما استند عليه وإليه الكاتب في تبئير رؤيته الفلسفيّة للمرأة محور هذه الرّواية.

يقول السّارد: "لقد أخضعتِ العرش ليحيى، وأخضعت يحيى إليها وأمّا هي، هي لا تخضع لمشيئة أحد سوى حلمها الّتي نجحت من خلاله أخيراً بأن تصبح امرأة مستترة بحجابها تحكمهم، تحكم البيت الّذي نبذها وأذلّها عندما كانت جارية، وخضع لمقامها وهيبتها عندما أصبحت سيّدة حرّة أنجبت للبيت العباسيّ خير الخلفاء وأعظمهم سلطاناً وتاريخاً، فمن ذا الّذي لا يلين في وجه عزيمتها الّتي لا تلين، فهي زوجة الخليفة وأمّ الخليفتين ومعجزة دهرهم المحتجبة". 

هنا، إذن اكتمال الرحلة، رحلة (المقّاء بنت عطاء بن سبأ) بوصفها الإنسانيّ أوّلاً قبل الوصف المحدّد بالمرأة، رحلة ممتدّة من الحرّيّة الفطريّة إلى الحرّيّة المكتسبة، وما عاشته ويعيشيه الإنسان المعاصر من استعباد ورقّ، ووصولها لأن تترك بصمة في مسيرة الدّولة العباسيّة، تلك الدّولة العظمى على مرّ التاريخ العربيّ الإسلامي، ليس لأنّها – أي المقّاء- أنجبت خليفتين وزوجة لخليفة عظيم، فهذا ليس ذا دلالة خاصّة ربّما، بل لأنّها جسّدت الإرادة الحرّة، وحقّقت ما تصبو إليه، وهنا رسالة الرّواية المهمّة الّتي تدفع دفعاً حرّاً اختياريّاً كلّ إنسان، وخاصّة المرأة، أن تبحث عن حلمها، وتبني عالمها لتكون سيّدة النّور والظّلّ معاً.

مع أنّ المقطع السّابق، والرّواية عموماً، أبقى المقّاء امرأة ظلّ، ولم تصل لتلك المرتبة المطموح إليها، وربّما جاء ذلك مراعاة للصّدق الفنّيّ، إذ يراعي الكاتب طبيعة اللّحظة التّاريخيّة، والنّظرة السّائدة تجاه المرأة في ذلك العصر، دون أن يؤثّر ذلك سلبيّاً في رسالة الرّواية البليغة في تحرّر المرأة المعاصرة. لتأتيَ الرّواية في سياقها الطّبيعيّ متناسقة في الرّؤى مؤكّدة قدرة المرأة على الحكم وممارسة أعمال السّلطة، كاملة الأهليّة في ذلك، وأنّها ليست مخلوقاً ضعيفاً أو هامشيّاً، وكيف تكون المرأة كائناً هشّاً، وهي ذات قدرة على امتلاك عقل الرجل وقلبه، تلك المرأة التي تهزّ السّرير بيمينها قادرة في كلّ عصر على هزّ العالم بيسارها إذا ما أرادت إلى ذلك سبيلاً.


قراءة في كتاب "نِسوةٌ في المدينة" بالأبيض والأسود



صفاء أبو خضرة/ الأردنّ

"وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ، قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا، إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ". (يوسف، 30)

هل فعلها الكاتب فراس حج محمد؟ لا بُدّ لهُ من ذلك وهوَ العارف باللغة، فالنسوةُ جمعُ قلّة، لذلك كانت التسمية (النسوة) وليس النساء (جمع كثرة).

ثم سألتُ نفسي بعدَ قراءة العنوان وخطرت ببالي تلك الآية الكريمة، وراودتني مخيلتي الروائية بأنّ نسوة فراس في مدينته مثلُ هؤلاء النسوة اللاتي قطّعنَ أيديهن دلالة على الفتنة والشهوة..

لكنَ نسوة فراس، كانت فتنتهنّ ذلك الفضاء الأزرق، تلك البوابة العمياء التي لا تبصر، واستطعنَ الاختباءَ والتخفّي خلفها.

أما اللغة، والصنعة اللغوية التي تميّزت بها لغة الكتاب، هي ساحة النزال بين عوالم فراس ونسائه، فجعل من (مدينته) تجمّعاً لمدنٍ كثيرةٍ وبعيدةٍ في واحدة.

كما أنّه كتبَ نصوصه وأسرارهُ هذه بالأبيض والأسود، دونَ مؤثرات خارجية أو (فلتر) تجميلي حتى، بل كتبَها كما هي بسوادها وبياضها دون ملوّنات، لتكون له مطلق الحرية في فضائه ليكتب ما يشاء، عمّن يشاء، وكيفما يشاء..

وهنا قد يختلف كثيرون معهُ بمفهومه المطلق للحرية، وكنتُ واحدةً من هؤلاء عندما توقفتُ عند بعضِ المشاهد الساخنة ليجرحني سؤال دون أن أجد لهُ إجابة شافية (ماذا أرادَ فراس بالتحديد من هذه المشاهد؟)، فالمشهد ليس مشهداً اضطرارياً في رواية، وليست سيرة ذاتية ليكون حريصاً على الصدق والوصف التامّين لما وقعَ فعلاً، بل كانَ وصفاً حقيقياً كما ذكر في مقدمة الكتاب أن تجربته حقيقية، كما ورد في الصفحة رقم (8) على لسانه: "تجربتي بل تجاربي، في هذا الكتاب واقعية وحقيقية بالكامل ولم تكن على سبيل التخيّل أو التعويض النفسي"..

هل أرادَ أن يكون حراً على طريقة غاندي بقوله: "الحرية هي روح الإنسان وأنفاسه، فكم ثمن هذه الأشياء؟"..

فكان حراً طليقاً في فضائه دون أن يتركَ لنفسه عناءَ التفكير في العواقب، لأنّ قلماً حراً لن يكفّ عن التغريد والتحليق حتى في العتمة.

أو على طريقة مارتن كينج بقوله: "لا يستطيع أحد أن يمتطي ظهركَ إلا إذا انحنيتَ له"، فأرادَ أن يخفف وطأةَ حملٍ ثقيل على كاهل ذاكرته فعرّاها كما يعري برتقالةً من قشرتها..

 ربما فعلَ هنا ما لم يخطر ببالنا للوهلة الأولى، على طريقة جيمس بالدوين بقوله:"الحرية لا تُمنح وإنما يتم انتزاعُها"، أن يصنعَ حريةً ما لنساءٍ غلبهنّ الواقع فلم يستطعنَ البوح بعلاقاتهن لأسباب مجتمعية ودينية وشخصية، فأعطى لنفسه الحق بأن يفتح لهنّ الباب على مصراعيه كأنهنّ عصافير طيّرهن الى فضاء لا يُعرفُ لهن فيه أسماء وأتاح لهن "الفضفضة" غير المباشرة، انتزعَ منهنّ ومعهن حكايات الحب والجسد والشهوة وأطلقهنّ عبرَ كتاب..

وربما نصّبَ نفسه الأمل الذي تحدث عنه ابراهام لينكولن "بأن الحرية هي آخر وأفضل أمل على ظهر الأرض"، فأطلق لنفسه العنان وكتب ما كتب، ليكون الأفق الذي أطلق لهؤلاء النسوة الفرصة بالصراخ والنشيج (نحن نحب، نحن نشعر، نحن نخطئ، نحن ونحن ونحن)، ولن يحاسبنا أحد لأننا مجرد حكايات وأسرار مجرد كشفنا اختفينا..

استوقفتني جمل كثيرة وجميلة وثرية في الكتاب منها:

"لم أكن جميلاً بما يكفي، كنّ أجملَ مني، وهنّ يهدينني أجمل ما لديهنّ من طقوس لأصنع تماثيلي اللغوية".

كل تمنياتي بالتوفيق للكاتب، آملةُ لهُ الانشقاق عن نسوته، لتُعمّرَ كتبهُ بما يفيض من إبداع متجدد، فأن يتعدد الكاتب باتجاهاته وأفقه يجد بصيرة أخرى، قد يلوك فيها ما كتب سابقاً دون انتزاع حريته التي يشاء.


مركز فِكر في اليوم العالمي للانترنت الآمن: لحماية المجتمع من خطرِ الجرائم الالكترونيّة

 


 

عقد المركز الدّولي للملكيّة الفكريّة والدّراسات الحقوقيّة فِكر (ICIP) لقاء عن بُعد بمناسبة اليوم العالمي للانترنت الآمن، شارك فيه كلّ من المحامي شادي خليل أبو عيسى والباحث القانوني يوسف عبد علي والدّكتور فادي الحداد والمحامي ربيع غناطيوس والصّحفيّة باتريسيا متّى والمحامية جانيت حداد والمستشارة القانونيّة مونسي حيدر.

وقد خلص المشاركون إلى أنه ومع انتشار جائحة كورونا التي تفتك بالمصابين، وفي ظلِّ توصيات الأطباء والاختصاصيين والمنظمات الدوليّة الصّحيّة الّتي أشارت إلى وجوب اتخاذ أقصى درجات الوقاية والتّباعد الجسدي في وقت تشهد فيه مختلف دول العالم حالات الاقفال والتخفيف من النشاطات، برزت ضرورة  استخدام الوسائل التّكنولوجيّة لإنجاز  الأعمال اليوميّة كالتّعليم عن بُـعد واللّجوء إلى التجارة الإلكترونية بشكل واسع النّطاق.

وقد شدّد المشاركون على ضرورة أن تكون شبكات الانترنت آمنة ومتاحة للجميع خصوصًا وأنَّ المواطنين يعمدون إلى استخدامها للضّرورات اليوميّة  على كافّة الصُّعد، وهذا ما يحتاج إلى قوانين وتشريعات تضمن هذه الحماية. 

 وفي هذا السّياق، شدّد المشاركون على ضرورة تضافر الجهود المحليّة والدوليّة لتطوير التّشريعات التي تحدُّ من الجرائم الاكترونيّة. 

كما تمّ التّطرق خلال اللّقاء إلى أهميّة إقرار قانون المعاملات الالكترونية الذي نُشر عام 2018 بالرُّغم من النّواقص الّتي فيه. وأشار المجتمعون إلى بعض التّعديلات الّتي يحتاج إليها  ليتماشى مع تطوّر التّكنولوجيا وزيادة ضمانات الحماية في المجتمع.  

كما وجّه مركز فِكر تحيّة للعاملين في القطاع الصّحي والإسعافيّ وإلى كلّ من يقدِّم خدمةً في ظلِّ انتشار جائحة كورونا مع، متمنّين الشّفاء للمصابين والسّلام والأمان للبنان. 

وفي ختام اللّقاء، وضع المشاركون جملةً من التّوصيات يُمكن تلخيصها بما يلي:  

- إقرار قوانين وتشريعات لمواكبة التّطور التّكنولوجي وتضمن الحماية المجتمعيّة.

- توقيع معاهدات واتفاقات دوليّة بين الدّول أو المنظمّات الّتي تُعنى في هذا المجال مما يؤمّن شبكة عالميّة آمنة من جهةٍ ويقوّي التّعاون والتّطوير وتبادل الخبرات الفنيّة والقانونيّة. 

- اعتماد نظام الدّورات وورش التّدريب للمحامين والقُضاة والأمنيين والاعلاميين وكلّ مهتمٍّ بشأن الانترنت وتكنولوجيا المعلومات.

- مكافحة الجرائم الالكترونية والقرصنة والاحتيال والاستغلال الجنسيّ والاتجار بالبشر والإرهاب مع التّركيز على حماية الأطفال منعاً من استغلالهم على كافة الصّعد.

- نشر وسائل التّوعية المجتمعيّة وثقافة الحماية والانترنت الآمن تمهيداً لمجتمع آمن تكنولوجيّاً.

- ضرورة إدخال مواد قوانين المعاملات الالكترونية وقوانين حماية الملكيّة الفكريّة بمختلف أقسامها في صلب المناهج التّعليميّة في المدراس والكليّات، لما لهذا الأمر من أهميّة تؤدي إلى نشر الحقوق والواجبات المتعلّقة في هذا المجال.

- زيادة الدّعم المادي والمعنويّ للمؤسسات والجهات والهيئات التي تُعنى بمكافحة جرائم الانترنت والارهاب الالكتروني ضمن إطار قانوني منظَّم مع الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية وحريّة الرأي.

- دعم المبتكرين والمبدعين في مجال تكنولوجيا المعلومات والسّعي إلى إنشاء مراكز ومصانع تُعنى بهذا الشّأن لما في ذلك من تأثير على الاقتصاد الوطني.

- إتاحة وتسهيل استخدام الانترنت بحيث تكون مختلف هذه الوسائل متاحةً لكافّة شرائح المجتمع وبجودةٍ عاليةٍ ومناسبة للاستخدامات اليوميّة، التّعلميّة، المهنيّة والتجاريّة.


فلسفة السعادة في لوحة الفنان شوقي دلال

  


*بقلم الدكتورة بهية احمد الطشم

 لعلّنا لا نعدو الواقع اذا ما قلنا بأن السّعادة هي اللوحة  الاكثر اغراءاً على مسرح الحياة, والتي تؤطّر شغفنا لالتماسها: فكيف اذا تجلّت السعادة متجسّدة بلوحة فنية سيميائية راقية رسمتها ريشة فنان مبدع  بجمال فائق, حيث لا اجمل من اجمل مشهد يرسم اختراق القمر لكبد السماء في وسط اللوحة , واشعاع الالوان في النوافذ المشرّعة للأمل العاجل لكي نكون على قيد الفرح بجدارة.

 تستشرف ألوان اللوحة الزاهية معاني السعادة في الزمن الاصعب من عُمر ارهاصات الحياة الانسانية على هذا الكوكب , وتلامس الفكرة الاستثنائية التي تشغل حاستنا السادسة ونتوق عبرها لأعظم اطمئنان في وجودنا.

( هنا...هناك.. وهنالك..)  على امتداد مساحة ابداع الايقونة...لوحات متماهية متداخلة في لوحة مركبة من المشاهد السعادوية المتباينة والمزدانة بمعاني الفرح البريء من كل اشكال الشقاء ,ذلك أن الحُب لملكة وجودنا ( السعادة) لصيق بطبيعتنا الانسانية.

وهنا مكمن الفن الراقي في التعبير الارقى عن الهاجس الاكبر للنفس الانسانية لامتلاك الشعور السعادوي,فكانت ريشة المبدع شوقي دلال بمثابة العبقرية الرفيعة في اغداق الروح لمظاهر الحياة بأهم معنى وجودي لها.

يحمل لدُن اللوحة وجوه الناس المستبشرة  بالأمل كأنها المرايا تعكس بشعاعها الساطع دواعي السّعادة عبر العيون المتأملة في عين السعادة ومعناها  ويلازمها عصفور يغرّد سعادته مخترقاً جدار العقبات,وكذلك تطغى هيئة امرأة صنديدة على معالم اللوحة ابّان انجاز عملها بفرح عارم ونشاط بالغ .

وبالاجمال, وبمقتضى فلسفة الجمال فقد عكست خطوط وألوان هذه الايقونة دلالات السعادة التي لا ننفك من ان نكون في قلب الجاذبية اليها,وكأنها جبل من المغناطيس مُعلنة بذلك موت الجلاّد الاكبر للنفس ألا وهو اليأس .

وفي الخلاصة, يتراءى للمتذوق حكمة سعادوية باهرة:

مهما تعاظم اليأس بألوانه واشكاله المختلفة , فهو لا يُخفي الأمل الذي يطّهر القلوب الانسانية من دَنس الشقاء ,اذ لا شيء حَري بالوجود اكثر من السعادة واسبابها الجميلة في الميادين الجّمة لحياتنا

* د. بهية الطشم: كاتبة واستاذة الفلسفة في الجامعة اللبنانية

ملتقى رواد المكتبة ينظم حفل إشهار كتاب الأسير: أسامة الأشقر: للسجن مذاق آخر

 


نظم اليوم الثلاثاء 2|2|2021 ملتقى رواد المكتبة 

حفل إشهار كتاب " للسجن مذاق آخر" للأسير أسامة الأشقر تحت رعاية مكتب وزارة الثقافة في محافظة جنين وبلدية جنين، في مركز الطفل الثقافي، بحضور أهل الأسير وزوجته منار، وهيئة شؤون الأسرى.

وقد حضر الحفل أهل الأسير سامر أبو دياك، ووالد الأسير: عزمي النفاع، وزوجة الأسير المحرر ماهر الأخرس، بدأ الحفل بالسلام الوطني ثم قراءة الفاتحة على أرواح الشهداء، ثم قدم الأستاذ سياف أبو سيف  كلمة هيئة شؤون الأسرى، تلتها كلمة بلدية جنين قدمتها الأستاذة عبير أبو الوفا، ثم كلمة مدير مكتب وزارة الثقافة الأستاذة: آمال الغزال.

أما  كلمة منظم الحفل ملتقى رواد المكتبة فقد قدمتها مديرة الملتقى الأستاذة: إسراء عبوشي، في البداية رحب بالضيوف ، ثم بينت قيمة أدب الأسرى وضرورة الإهتمام به، ووجهت رسالتها للأسير قائلة: 

"أيها الأسير ومضات من روحك علقة بمداد من نور تكسر صم الجدران الخرساء وتنطق، ستحيي ما مات فينا وتليّن جفا قلوبنا، نقرأك فنحارب هشاشة أمانينا، أنقذ ما استطت من كلماتك واردم قبر فسوتنا، هو دورنا لنتجرع معك المر، نحقق سوياً النصر، هي معركتنا معاً، مع أننا لسنا جديرين بقداسة رسالتك، فقط نقرأك لنحاول أن نرخي قيد معصمك المشدد على وجع البلاد." 

  ثم قدمت الأستاذة سحر أبو زينة التي أدارت الحفل،  قراءة تحليلية نقدية عن الكتاب، ومما جاء فيها: الكتاب مهم جدا فهو جزء من مساهمات الاسرى وجزء من حالة التوعية والتثقيف في عالم السجون وضروري ان يطلع عليه الجميع وخاصة فئة الشباب وكل من هو معرض للاعتقال ومن الضروري ان يبنى عليه وعلى غيره لتكوين حالة ثقافية مفصلة.

كلمة الأسير قدمتها نيابة عنه زوجته السيدة: منار الأشقر، تلتها مداخله  عضو ملتقى رواد المكتبة الأستاذ عماد محاسنة عن أدب الأسرى.

في ختام الحفل قدم كل من مكتب وزارة الثقافة، والأستاذة سحر أبو زينة وملتقى رواد المكتبة ، وبلدية جنين ، ومركز الطفل الدروع التكريمية لأهل الأسير وهدايا تذكارية، وتم توقيع الكتاب من قِبل زوجة الأسير: منار الأشقر.

متابعة و تصوير : ايمان سيلاوي

ندوة ملتقى الادب الوجيز


أقام ملتقى الادب الوجيز أمسيته عن القصة الوجيزة ق ق ج في بيروت على تطبيق ZOOM، بحضور رئيس اتحاد الكتّاب اللبنانيين الدكتور الياس زغيب والدكتورة هند أديب من عمادة الجامعة اللبنانية والدّكتورة هدى معدراني والدكتور عماد فغالي، ونقاد بارزين من وسط الأدب الوجيز لملتقى الأدب الوجيز الدكتور حبيب دايم من المغرب والدكتور حامد حجي من تونس والاستاذة حكمت حسن من لبنان والرّوائي عمر سعيد والدكتور الكاتب حسام فوزي سعيد والكاتب زياد كاج  والفنانة التشكيلية الدكتورة وفاء نصر ورئيس منتدى حرف ولون الأستاذ عماد ترحيني والعديد من الشعراء والمثقفين والنقاد من الجزائر والمغرب وتونس وسوريا والعراق والسعودية والأردن ومصر ولبنان وفلسطين، وبحضور طلاب من الجامعة اللبنانيّة، وبحضور الهيئة الإدارية  لملتقى الأدب الوجيز الدّكتورة درية فرحت والدكتور كامل صالح والدكتور باسل الزين وأعضاء الهيئة العامة الشّاعرة رندلى منصور والشاعرة ميساء طربية والأستاذة زينة حمود والأستاذة سهير شعلان والأستاذة تمارا الذيب، وحضور لافت من محبي الثقافة والأدب.

أدارت الندوة الدكتورة درية فرحات حيث رحبت بالحضور والضّيوف الكرام على طريقتها الخاصة المميزة التي أخذتنا معها الى بيادر الإبداع والعشق والحبّ للغة ما بين حنايا القصّة الوجيزة مستذكرة مؤسّس الأدب الوجيز الرّاحل الشّاعر أمين الذيب حيث خاطبته من عالم المحسوس الى عالم الماورائي حيث أكدّت له" أن مسيرة الأدب الوجيز مستمرة" فعرفّت الحضور على مصطلح القصّة الوجيزة، من منظار الملتقى، شكلًا ومضمونًا. ثم عرّفت بالقاصين المبدعين حسن البطران ومحمد إقبال حرب يإيجاز وتكثيف يليق بالأدب الوجيز. 

ابتدأ الغوص في المحور الأوّل من النّدوة الكاتب القاص والتّربوي السعودي حسن البطران، عضو في العديد من الأندية والجمعيات والمنتديات الثقافية خارج المملكة وداخلها، وعضو هيئة الصحفيين السّعوديين وغيرها من الجمعيات ولديه العديد من الإصدارات في القصص الوجيزة. كُرّم في العديد من المحافل وكتب عنه الكثير من المقالات النّقديّة.

نعرض وإياكم قصة وجيزة من القصص التي أمتعنا بها بعنوان فرشاة من ماء.

 "فرشت سفرتي ودعوت أناسًا... لم يحضر أحد.، لم أتذمّر، لكنني لم أبتسم... مارست طقوسي بمفردي، تسرّبت الإضاءة الى صومعتي، جرى الماء من تحت قدمي ولم تتكسر القوارير. نظرت في وجوه قريبة مني، لكن ثمة إطار يبعدهم، أشرقت الشّمس ولم أطو سفرتي. وما زال الظّّلام يكسو السّماء، تحسّست ملابسي فوجدتها تحمل رطوبة". 

ثم استمعنا سويًّا الى الأديب الرّوائي والقاصّ الأستاذ محمد إقبال حرب وهو اخصائي بصريات، بكالوريوس في إدارة المؤسّسات الصحيّة لكنّه مال إلى الأدب، لديه عدة كتابات في العديد من المواقع والصّحف المطبوعة والرّقمية في لبنان، صدر له العديد من الرّوايات وثلاث كتب قصصيّة وديوان شعر، لديه العديد من المشاركات في عدد كبير من المهرجانات والأمسيات الشّعريّة في دول عربيّة وأجنبية، عضو مؤسّس وفاعل في عديد من الجمعيّات والمنتديّات وعضو في اتحاد الكتاب اللبنانيين وعضو اتّحاد الكتاب في مصر. 

نستذكر سويًّا قصة وجيزة استهل بها على نبض الأدب الوجيز بعنوان سند:

"كان زعيم أحد العشائر يخطب في النّاس وكأنه علامة زمانه حتى أنّه قال حديثا قدسي غريب

قام أحد الحضور وقال سيدي هل هذا الحديث مسنود. ردّ الزّعيم أنا أسنده".

أما المحور الثّاني فقد كان محورًا نقديًّا استهلته أيضا الدّكتور درية فرحات حيث عرّفت الحضور بالأديبة والنّاقدة التّونسية المميزة فتحية دبش ذات مسيرة أدبية حافلة، تقيم في فرنسا أستاذة لغة عربيّة ولغة فرنسيّة في تونس وفرنسا صدر لها العديد من النّتاجات في القصة القصيرة جدا وفي الرّواية وفي التّرجمة. لقد حصلت على جائزة كتارا على روايتها ميلانين.

شكرت الأستاذة فتحية الملتقى لهذه الدّعوة وأهدت مضمون نتاجها المتعلّق بالأدب الوجيز للرّاحل المؤسّس أمين الذّيب.

لقد استحوذت على اهتمام السّامعين بمنطقها الرّاقي والمبني على مفاهيم الأدب الوجيز وأسلوب العرض المكثف والهادىء وحيث تطرّقت الى مصطلح القصّة الوجيزة حيث عدّته مصطلحًا بليغًا وأقرب الى هذا النوّع من القصّ عل الرّغم من أنّ مصطلح القصّة القصيرة جدا هو مصطلح صائب وأكدت أنّ الايجاز لا يتعلّق فقط بالكمّ والطّول والحجم بل أيضا بالمعنى الكثير.

أمّا المحور الثّالث كان مع الحضور حيث انطرحت العديد من الأسئلة القيمة من الأستاذ ساجد عباس، عبد المنعم جبوري، عبد الرحمن الياس من العراق والسّعودية والاستاذة مامي حنان من الجزائر والاستاذة صفاء الزين والأستاذة فاطمة زغول والأستاذة فاطمة قبيسي. كما كان هنالك العديد من المداخلات من الكاتب حسام فوزي سعيد ومن قبل الدّكتور الناقد حامد الحاجي الذي استذكر مؤسّس الأدب الوجيز وعرض لبعض مفاهيم الوجيز.

أُنهيت الندوة بكلمة شكر للملتقى من الناقدة فتحية دبش والقاصين حسن البطران ومحمد اقبال حرب.

 وختمت الدكتورة درية فرحات في آخر الندوة بشكر الحضور.

في الختام نوّد أن نشكر كلّ الصفحات الثّقافية التي نشرت الدعوة ونود أن نذكرهم بالأسماء:

موقع حرمون ممثلًا بالاستاذ هاني الحلبي، صفحة ألف لام ممثلة بالأستاذة كلود أبو شقرا، صفحة حصاد الحبر ممثلة بالأستاذة سمية التّكجي، صفحة أخبار ونشاطات ثقافية ممثلة بالأستاذ محمد عمرو، ملتقى الشام الثقافي ممثلًا بالأستاذ حكيم الأسد، مجموعة منتدى ثورة قلم، صفحة النصوص القصيرة في سوريا ممثّلة بالأستاذ على الرّاعي.


الندوة كاملة عبر سكايب 

https://youtu.be/08QVCoU9ios