ياسمينات باسمة .. للكاتب الأديب زياد جيوسي




بقلم الأديبة الأردنية: هيام فؤاد ضمرة

 

   حتى تفهم استراتيجية الكاتب في قدراته للوصول إلى عقل المتلقي وذائقته، فإنه يحتاج بطبيعة الأمر إلى استخدام عدة طرق للاستحواذ على اهتمام المتلقي وخطفه من ذاته، بدءًا من بوابة المنجز ممثلاً بعنوانه الجاذب، ومعناه الذي يتيح للمتلقي سبر غور محتواه، وهو يجمع لغتين من لغات التأثير على المتلقي، لغة زهر الياسمين العَطِر الناشر للشذى المنعش، ولغة الابتسام التي تعد لغة التوادد والتقارب العالمية، مروراً إلى متن الكتاب الذي تم تشكيله بشكل فصول، مُنحت هي الأخرى مفاتيح وبوابات لعبورها، ومن ثم تلج المحتوى بخطوة الثبات وما يتداخل فيه من فنيات الكتابة الوجدانية التي لجأ إليها زياد جيوسي واختارها عن صميم قصد، لتكون للمتلقي مغترفاً في الوصول إلى ذائقته وغرْف مشاعر الإعجاب والتفاعل.

   أول ما تلتقط من وجدانيات الكاتب جيوسي ذلك العشق المنتمي للوطن وتضاريسه، فيتعامل معه على أنه المعشوقة التي يأتيها وإلتياعه يُسابقة بكلِّ الشوق واللهفة حاملاً بالأعطافِ مشاعر وِدَادِهِ وانفعالِهِ، ليرتمي في أحضانِها وَلِهاً بإحساسِ عاشق، ويُراقص مدينته (رام الله) بكلّ الحبَّ، وبكثير ودادٍ وشوق يتذاوَبُ مع مسيل المداد ليُسجِّل ياسميناته الباسمة، ولرام الله في ضمير ووجدان الكاتب جيوسي مشاعر خاصة، هي ليست موطئ قدم لزائرٍ عابر يزورها بين حينٍ وحين، بالنسبة له؛ هي عبق تاريخ، وذكرى، وحكايات، واشتعالات صِبا، واشتغالات باح لها بعشق الأماكن، ومزارات تنقلاته في أرجاءِ الوطن، فصارت جميعها معشوقاته العديدة، يمارس فيها ومعها غراميات عاشق وطن!

   وياسمينات باسمة.. هي همسات وجد؛ تُسجل يوميات الجيوسي وهو يمارس عشق اللحظات مع تضاريس الوطن، وقد لامسته منه مشاعر الوصال بأجمل خِصال، فراح يَبثهُ غزله وسحائب أشواقه، بحبٍّ يعبُرُ روحه كاليقين، ويتغلغل هوناً بخافقه كمعزوفة الحنين، كنقرات رشات الماء في الودق الخفيف، يرتدي مشاعراً دافئة بحشو رقيق ناعم، موجهاً إياها نحو لحظات التميز، بعمر الدقيقة والساعة والأيام حتى تقلب السنين، حنين الروح الذي ليس بعده احتمال حنين، كلّ شيء فيه يتمرد حنينا وأنيناً واشتياقاً بجنون عاشق ولهان، داهمته المشاعر في غفلة الغياب، لتقطف من روحه سنبلة المودة المثقلة نعيماً؛ بمنجل الاشتياق.. فيا له من اشتياق؟

   والجيوسي لا يكتفي بقدرته على مناجاة طيف الحبيبة وإفراغ ما في جعبته مما يعتمل داخله من الشوق والهيام، وإنما يجعلها في الجانب الآخر تناطقه الهوى، وتعبر هي الأخرى عن وجدانياتها وعما يجول في مكنونها، فتراه يسكب العبارات والتركيبات اللغوية الرومانسية بكثير مشاعر، فهو يُعايش الطيْف كما يُعايش الحقيقة، ويُناطق نفسه وطيْفه كما الحوار المجدي في الحالة غير الافتراضية، فالطيف دوما في حالة اجتياح لروحه، يجتهد ليستحضر طيفه المُغرد عِشقاً كلّ حين، ويظلُّ عبق الياسمين هو سِحر تلك المشاعر الفياضة المتبادلة، فيرى طيفه الأسطوري ملكة خارقة الجمال مكتملة الأوصاف تفيض بالأنوثة، فيما يرى نفسه أميرها المتيم الهائم بها عشقاً ودلاً.

   وللقهوة في ميزان الكاتب جيوسي قدر عالي من الأهمية، رفيقته التي لا تغيب عندما يتلألأ أكسير الانسكاب من كأس الحروف، ولا تقوى نفسه عنها مغارب الغياب، نبيذ صباحاته ومساءاته وكل وقت تغبطهُ في سلواها الأزمان، لدرجة أنه كثيراً ما يَصفها في كتابهِ على أنها من مُكملات لحظات السعادة حين تلتحف روحه ببرزخ التعمد في دفئها، بل فيها يعثر على سر الحياة وفلسفة الرؤى في آفاق البهجة، من شأنها أن ترفع منسوب جودة المزاج، بحيث تمنح اللحظة طعم البهاء والرومانسية، فلشربها هي الأخرى طقوس وحكاية، تُسكبُ بموصلات الروح غدق الأنس، وسطوع الألق، وفخامة التمازج، وكأنها تفتح العقل لتلقي أبهة الإحساس باللحظة، حتى أننا نستشعره يحصي عدد النبضات في شريان الطيف المتوهج بالإحساس.

تكرار مصطلح التحليق عند الجيوسي دلالة واضحة على ما ترسخ في يقين الكاتب من سمو المكانة التي يرغب الارتفاع إليها مع محبوبته، والتي يواصل الهمة في بثها لوعاته وهمساته ونبضات خافقه، كما يستمر في تبليغها كلّ ما شابَهُ من لوعات، وما غنمت في روحه منْ مكانةٍ سامية، فالروح لها ظمأى، ولحبها عطشى، ولودادِها يُعايش الحلم مستجدياً وصلها كل حين، وهو يحمل بين جنباته قلباً مدججاً  بالرفاه والحب والحنين.

   وكذلك تكرار وصف الأماكن والأشياء بالكرمية عند الجيوسي لهي دلالة على ربط هذه الأشياء بجمالية معرشات الكروم وعنبها العسلي يتدلى كقطوف المجوهرات المتلألئة التي تمثل للكاتب منتهى الخير الوفير مع جمال الطبيعة الخضراء التي تلهب العقل بالإبداع والتفكير الايجابي، لأنها تعبئ النفس البشرية بالايجاب من الشعور، وتُريح النفس، وتُرخي الأعصاب.. كمثل: رُبى كرمية، ومدينة كرمية، ولحظات كرمية، وبستان كرمي، وساحرة كرمية، وغيرها كثير يتكئ عليها الكاتب في دلالته بالوصف لمنحها صفة وفرة الفيض، إذا الكرمية التي يعنيها الكاتب إن هي إلا لطائف ربانية في خلق الله العظيم للكون، وما يشتمل عليه من خير كثير وجمال فاخر.

   ولصومعة الكاتب موقع أثير في نفسه فهي مكان عيشه، وجلوسه، وأنسه، وشاهدة انسكباته، حيث يجد راحته بين أشيائه الخاصة، ووسائل اشباعاته العقلية الكامنة ككاتب وباحث وموثق، ففضاء الكاتب في الغالب يكون حيزه الأثير الذي يوفر له كل أسباب تدفق ابداعاته، فهو وطنه الصغير ومحتواه الكبير حيث يعثر فيه على دالته مما يطمح الوصول إليه في عمله الكتابي، فالكاتب هنا يصف صومعته بكل وصف باتع مملوء بالنور والبخور، تكاد تنشده لروعته حتى الطيور، متجلياً بروائع ما تتجاذبه داخله تلويحات مشاعر الطلاوة، وتنتابة إلى عوالم طيفه العبور .

   ومن البداهة أن تتملك نفس الكاتب السعادة داخل صومعته، حيث يعثر في زواياها على قدراته في العمل الخلاق، غير منسلخ عن تراثه الموروث العريق، ورموزه التي تعيش في كنف وطن عزيز حبيب يئن تحت سطوة الاحتلال، وليلج ذاكرته القديمة والجديدة على حد سواء، يشهدها تتحرك معاه وترافقه كيفما اتجه، وعبق القرية يُعَشعِش في عقله وخياله وواقعه المُعاش، فهو يرى في قريتِهِ ودارِهِ القديمة خاتمة المطاف، ومحطته الأخيرة الزاخرة بالمحبة والأسرار.

    فالمبدعون بالعادة يميلون نحو التقوقع في زواياهم الأثيرة التي تفتح لهم بوابات الإبداع على مصراعيها، فالكاتب زياد جيوسي ليس ممن يترك الأشياء خلفه ولا يوليها اهتمامه، وإنما يمنحها فسحة من بحثه التاريخي في الأماكن القديمة والمتروكة دون توثيق لائق، تشده قرى بلاده ومدنها على ما احتوتها من أماكن هجرها أهلها وبانوها، وتركوا في زواياها قصصاً وأسراراً وأحداثاً جسام.

   فزياد جيوسي ممن هوى الوطن وأوفى إليه حقه، بأن منحة ما تبقى من عمره، ليوثق الأماكن بالصورة والخبر، فالكاتب يمتلك في مدادِهِ شُعباً من وجدانيات يلجها بثبات واثق الخُطى، ليس ليعيش عاطفة هوجاء يخطها بمداد الأشواق، بل ليجعلها مدخله إلى الهدف الأسمى والأجل.

   وكالعابر للضفة الأخرى للقلب تأتي الولادة بمخاض رحيم..ولادة حب منتظر سخي الاشتهاء، ولد ذات مساء يصهل به الشعر وتترنم به أوتار العزف والغناء، وإذا الروح تبرأ من كل الجراح، حين العمر يهديها شطراً من زمن السعادة، وإذا شرايين القلب تقطرُ شعورها وميضاً يُضيء سماء الوجود، ليختار كاتبنا أنْ يتبعَ نبض أحساسه بهذا العِشق الذي شقّ عن قلبه ظلمة الماضي، فليس مِنْ شيءٍ قادرٍ على أنْ يَسُدّ عنه أنفاس الحياة وهي تمنحه وعد الحُلم بعد طول صيام، وحين تتحقق الأحلام يضرب القلب طبول النصر في استعراض قصيدة (ساحرة الشفاه الكرمية) وأنوثة صارخة تنادي أنفاس عشقه لوطن يحلم به حراً طليقاً.

   هي واحة فرح مخضرة وجد نفسه يُحلّق بين أفنانها بشوق متلهف غير صبور؛ لطالما انتظرها، بل بحث عنها دون تعب ولا كلل، حتى الصخر نبش في جلمودِهِ وحفر ملامحها المتخيَّلة على صلادته، وكان القمر دوماً شاهدهُ يرقبُ لهفته ويتابع خطواته، فحين تبتسم له الحياة تشرق شمسه المضيئة بسطوع عجيب، فهل تراه ذلك المتسمر على حدس الروح على مذبح العشق العاصف، ليتطهر بابتسامة محبوبته من رحلة شتاته العصيبة؟.. 

   هي وحدها من تستطيع أنْ تروي ظمأه؛ وتعالجُ تشقق شفتيه، وهي الوحيدة التي لطالما تمنى أنْ يقف أمامها كالآلهة لينثني لها خشوعاً واعتمالاً، فيا لخالقٍ أبدَع في خلقها فجمَّل كل ما فيها حتى العُمق، إلى قاع روحها العابقة بسحر الخلود.. أتراها ولدتْ له ولأجله؟.. وانتظرت على مشارف سنينها العجاف لتقول لنفسها: نعم ها قد وصلت غيمة غيثي التي أبغي وأريد؟!

   وكلما تقدمتُ بالمطالعة في أعماق متن مؤلف الجيوسي، أجدني بلا سيطرة مني أتحول لطير محلّق في فضاءات ليست كأيِّ فضاءات، مفتوحة هي إلى ما لا نهاية في امتداد الضوء، أضواءٌ تناديك بصوتٍ حانٍ، وتشدك منْ تلابيبك أنْ أقبل وعانق دفء حروفي بفضولِ منْ يَنشدَ العُبور إلى تراتيل الوصال، لتجتاحك مشاعر مِنْ نور تُلهِبُ عقلك بغراميات عاشق، عشق مدينته رام الله بقدر عشق طيفه الأنثوي الذي راح يَسكبُ له الكثير مِنْ أفكاره وغزلياته وبوح ليله ونهاره، ومع مطلع كلّ نهار تجد عاشق رام الله؛ يفتحُ عيون يقظته على تفاصيل المدينة ليعانقها بوجدِ عاشقٍ ولهٍ، يُبعثِر أسفارهِ في فضاء المدينة، فنراه يتقلب بين عشقين مجنونين، عشق رام الله وعشق طيفه الأسطوري حتى لنكاد نسمع لنبض قلبه طرقاً عالياً يوقف رحيل الشمس من شروقها حتى غروبها ليُحملها رسائل وداده وانسكاباته، فكيف لعاشقٍ ولهٍ لا تأخذه ريشته إلى عرين التضاريس ليُمارس معها كتاباته مع بوح الذات للذات.

   لكنه لا يني يربط ذلك العشق المجنون بين حبين لا ثالث لهما إلا الوطن الأم الذي يستحوذ على كيانه حتى العمق، وأحلامه تعفر داخله بالرغبة الجامحة بتحريره وفك قيده، وإطلاق أجنحة طيره عبر فيافيه وسهوله وجباله ووديانه، ليستنشق هواءه وعبق أزهاره وأشجاره عله يلقى أنثاه التي لطالما انتظرها، وأخيراً وجدها في طيفه الملازم لحظات تدفق مشاعره.

   والجيوسي لا يخفي سره فهو يخبرنا أنّ معشوقته هي أنثى كنعانية فلسطينية الوشم، مهرة برية لم تروض بَعد، تطلقُ عطرها ياسميناً يعربش صدرها وقامتها، فيحرسها بروحه ووجدانه، ويطعمها هواه، ويشبعها بقبلاته، فقد اشتعل بعشقها واشتعلت بعشقه حتى تمازجا روحاً وحياة ومشاعر، ويجدُ أنّ القهوة التي تشاركه عشقه تمتزجُ على شفتيهما بطعم القبلة اللذيذة، وحكاياهما معاً في معاناة وطن استبدل مناضلوه البندقية بالعصا، وتقزموا ببطاقة انتماء لنظام احتلال، وبقليل من تسهيلات لا تصنع لهم حرية، ولا تمنحهم حتى حق انتماء حقيقي، يعيشان توجع وطن اغتُصب مرتين، مرة بقوة السلاح وأخرى بسحر الوعود الهزيلة، والاتفاقيات المنحازة.

   والجيوسي يُحوِّل رؤياه مع أنثاه لحوار رومانسي متبادل بينه وبين المعشوقة التي ساكنته حياته، وأقامت معه في صومعتهِ الصغيرة أسفل المبنى الكبير، حيث وجد فيها عالمة المتخيل في أعماق شعوره، عثر فيها على حدائقه السرية التي أذهلت العشاق وتاهوا على أسوارها، فيبثها حبه لحظة أنْ يُطوِّقها بساعدية ويجول مجاهلها وهضابها ويغيب في أنحائها سياحته الأجمل.

   هذا العشق الساري عبر أوردته، الحب اللابد في أعماق نفسه الولهة، هذا العالم اللازوردي الذي يتحوطه ليس حلماً، ليس وهماً، إنه تدفق وجداني حقيقي، لا هي بالسيرة الذاتية، ولا هي بأساطير يتردد صداها في أعماق الذات لينتشلها هوناً، بل هي مشاعر شفافة متدفقة مبهرة الرؤية، ولسانٌ ناطقٌ يُترجمُ إحساس ونبض ووجد، هي مضاجعة حروف تجري رخوة سلسبيلاً لا تعترضها أي عقبات، تُسجِّلُ نبضاً، تسكبُ دفقاً، تُمارس رقصاً أثيرياً مُعبراً حالماً، يُحلّق من خلاله في ملكوت أحاسيس تُقبلُ كالموج المتلاحق لتذوي في نهاية المطاف بسكون وهدوء على رمل الشاطئ وتبلل خده بشوق من وصل منتهاه.

   فالعِشق عند زياد جيوسي حالة طفولة مُكتملة، يَتشبثُ من خلالِهِا بمفتاح الحياة ناشداً سعادته القصوى في بيت مكنونه، طفلٌ ما زال يحملُ في أعماقهِ الحنين لأنثى هي من تمنحه الحياة كما الأم الرؤوم، فالرجل لا يترك صدر أمه إلا ليعاوده ذات الحنين إياه من جديد، ليرتمي على صدر محبوبته فيعود في حضنها ذاك الطفل المُهاجر الذي ينشد مكمن أمن نفسه وراحتها، فيبثها غرامه وهيامه، ويَفردُ بين يديها سِقام ولعه واشتياقه وانسجامه، لينبثق في داخله ربيعاً يَفيضُ زهره في أعطاف روحه، ويُناثِرُ الطلح مع الريح لواقِحاً عِذاباً، ويموجُ الحِسُّ في لجة عقله وقلبه، ويفتحُ للنبض بصيرة عاشق يَخِرُّ في حضرة أنثاهُ مُسبحا خاشعاً، طفلٌ يتجلى بالعبادة ويُساكِنُ أمنه ومُناه.

   فاخلع نعليك أيها المتلقي ها هنا، واعبر إلى متن منجز زياد جيوسي بقدمك اليمنى، ولا تخشَ شيئا ولا تُبادرك  الأفكار المُسبقة، فستجد نفسك تدخل عرين عاشق وَلِه، يتماهى مع مشاعر جميلة تتدفق بانسياب جميل، وبأفكار يتجمل عزفها بكل نوتات الحس والذوق الجميل، حسٌ ينبض، ونبضٌ يعبق بأريج ربيع دائم تخال نفسك تلِجُ جنته المحفوفة بكلِّ الروعة والإثارة، وأنت موقن على أنك مقبلٌ على التمازج مع موجوداته.

   ولاستشهد هنا بعشق نزار قباني الذي حدد لنفسه القرار واتخذه بكل إصرار، وعمد إلى شروحاته متخذا لنفسه معها الحوار، على غرار كاتبنا هنا الأديب زياد جيوسي 

إنّي عشِقْتُكِ.. واتَّخذْتُ قَرَاري 

فلِمَنْ أُقدِّمُ - يا تُرى - أَعْذَاري 

لا سلطةً في الحُبِّ.. تعلو سُلْطتي 

فالرأيُ رأيي.. والخيارُ خِياري 

هذه أحاسيسي.. فلا تتدخَّلي 

أرجوكِ، بين البَحْرِ والبَحَّارِ.. 

ظلِّي على أرض الحياد.. فإنَّني 

سأزيدُ إصراراً على إصرارِ 

ماذا أَخافُ؟ أنا الشّرائعُ كلُّها 

وأنا المحيطُ.. وأنتِ من أنهاري 

وأنا النّساءُ، جَعَلْتُهُنَّ خواتماً 

بأصابعي.. وكواكباً بِمَدَاري 

خَلِّيكِ صامتةً.. ولا تتكلَّمي 

فأنا أُديرُ مع النّساء حواري 

وأنا الذي أُعطي مراسيمَ الهوى 

للواقفاتِ أمامَ باب مَزاري 

وأنا أُرتِّبُ دولتي.. وخرائطي 

وأنا الذي أختارُ لونَ بحاري 

وأنا أُقرِّرُ مَنْ سيدخُلُ جنَّتي 

وأنا أُقرِّرُ منْ سيدخُلُ ناري

وداعا للآلام المبرحة لمرضى كسور الضلوع

 



 

كتب مجدي جعفر

في رسالة علمية جديدة متميزة وغير مسبوقة بكلية الطب البشري بجامعة الزقازيق، وتحت إشراف : 

1 - أ.د. / هـويده أحمـد عثمان أستاذ التخدير والعنايه المركزه وعلاج الألم بكلية الطب حامعة الزقازيق.

2 - أ.د. / مهـا إبراهيم الـدسـوقى أستاذ التخدير والعناية المركزه وعلاج الألم بكلية الطب جامعة الزقازيق.

3 - أ.م.د. / مروة محمد مدحت عبد الوهاب أستاذ مساعد التخدير والعنايه المركزة وعلاج الألم بكلية الطب جامعة الزقازيق، حصلت الطبيبة / سارة مصطفى حامد عبد القادر جعفر مدرس مساعد التخدير والعنايه المركزه وعلاج الألم على درجة الدكتوراة بإمتياز، والتي اعتبرها المناقشون فتحا جديدا لتخفيف الألم عن مرضى الكسور، وأشادوا بالجهد الجبار الذي بذلته الباحثة في رسالتها وبالنتائج المذهلة التي توصلت إليها. 

واسترشدت الدكتورة سارة مصطفى حامد عبدالقادر جعفر في بحثها ورسالتها العلمية بالموجات فوق الصوتية فى الإغلاق العصبى للعضلة الناصبة الشوكية مقابل الإغلاق العصبى للعضلة المنشارية الأمامية لتسكين الالم ووظائف التنفس فى مرضى كسورالضلوع.

 حيث تعد الإصابة بكسورالضلوع أكثر اصابات الصدر شيوعا وانتشارا فتمثل نسبة ( 10 ) بالمائة من الإصابات .وغالبا ما تكون هذه الكسورمصحوبة بتهتكات في الرئة ودرجة عالية من الألم الذى يؤثرسلبا على وظائف الرئة مما قد يؤدى إلى مضاعفات والتى قد تصل في بعض الأحيان إلى حالة الوفاة .ويُعد عدم العلاج الأمثل للألم من أهم الأسباب في حدوث تلك المضاعفات مثل الالتهاب الرئوى وفشل التنفس . لذلك يعد العلاج المُبكر للألم أساسا فى تحسن تلك الحالات.

........................................................

الهدف الأسمى من هذه الدراسة :

وقد كان الهدف من هذه الدراسة هو المقارنة بين اغلاق مستوى العضلة المنشارية الأمامية واغلاق مستوى العضلة الناصبة الشوكية استرشادا بالموجات فوق الصوتية، لتحقيق الهدف الإنساني الأسمى في تسكين الألم وتحسين وظائف الجهاز التنفسى للمرضى الذين يعانون من كسور الضلوع.

......................................................

حالات وعينات الدراسة :

اشتملت دراسه الدكتورة سارة مصطفى على ( 114 ) من المرضى، وتم تقسيمهم إلى ثلاثة مجموعات متساوية تحتوى كل مجموعة على ( 38 ) مريضا :

• المجموعة الأولى: (38مريضا): تلقى المرضى في هذه المجموعة مسكنات وريدية تقليدية فقط: كيتورولاك وريدي (30 مجم / 8 ساعات) وباراسيتامول وريدي (1 جرام / 8 ساعات).

• المجموعة الثانية: (38مريضا) تلقى المرضى في هذه المجموعة اغلاق مستوى العضلة الناصبة الشوكية باستخدام جهازالموجات فوق الصوتية بالإضافة إلى المسكنات الوريدية التقليدية.

• المجموعة الثالثة: (38مريضا): تلقى المرضى في هذه المجموعة اغلاق مستوى العضلة المنشارية الأمامية باستخدام جهاز الموجات فوق الصوتية بالإضافة إلى المسكنات الوريدية التقليدية.

باستخدام جهاز الموجات فوق الصوتية و ابرة سبينال طولها 10 سم قياس 22 تم تحديد مكان الحقن واستخدم بابيفاكين 0.25% و 8 مجم ديكساميثازون لإغلاق مستوى العضلة الناصبة الشوكية و العضلة المنشارية الامامية.

وتم شرح التقنية بصورة كاملة للمرضى قبل بدء الدراسة وكذلك تم تدريبهم على كيفية استخدام الجهاز التنفسى التحفيزى اليدوى والتعبير عن درجة الألم على مقياس درجة الألم المستخدم فى الدراسة. وتم تسجيل كل من درجة الألم وقدرة التنفس قبل تلقى تسكين الألم مباشرة وبعدها عند 30 دقيقة وساعتين و4 ساعات و6 ساعات و8 ساعات و12 ساعة و24 ساعة .وكذلك تم تسجيل العلامات الحيوية بنفس التوقيتات السابقة. بينما تم قياس حركة و نسبة سماكة الحجاب الحاجز باستخدام جهاز الموجات فوق الصوتية قبل تلقى تسكين الألم مباشرة وبعدها عند 30 دقيقة و6 ساعات و12 ساعة و 24 ساعة.

وتلقت المجموعات الثلاثة كيتورولاك وريدي (30 مجم / 8 ساعات) وباراسيتامول وريدي (1 جرام / 8 ساعات) وفى حالة زيادة درجة الألم أُعطى المرضى البيثيدين لتقليل الألم بصورة سريعة.

ولقد تم تسجيل كافة المضاعفات المتعلقة بالأدوية الأفيونية أو التقنية المستخدمة. كذلك تم تسجيل مدى رضا المرضى فى كل مجموعة.

................................................

النتائج:

ومن النتائج المهمة في هذه الدراسة : تفوق المجموعة الثانية فى خفض مستويات الألم على المجموعتين الأولى والثالثة بينما تفوقت المجوعة الثالثة علي المجموعة الأولى فى معظم الأوقات ماعدا عند الساعة 2 و 8 . مما ترتب عليه أقل استخدام للمواد الأفيونية فى المجموعة الثانية وتليها المجموعة الثالثة بينما كانت المجموعة الأولى هي الأكثر استخداما للمواد الأفيونية.

وأوضحت الدراسة تحسن قدرة التنفس فى الثلاث مجموعات عند مقارنتها بالقياسات الأولية بينما كان هناك زيادة واضحة فى المجموعة الثالثة عند مقارنتها بالمجموعة الأولى عند 30 دقيقة و ساعتين و 4 ساعات و6 ساعات . بينما تفوقت المجموعة التانية على المجموعة الأولى والثالثة فى هذا الجانب من الدراسة.

أوضحت الدراسة تحسن حركة الحجاب الحاجز فى كل من المجموعة الثانية والثالثة عند مقارنتها بالمجموعة الأولى ولكن عند المقارنة بين المجموعة الثانية والثالثة فقد تفوقت المجموعة الثانية على الأخرى فى هذا الجانب من الدراسة. اما بالنسبة لقياس نسبة سماكة الحجاب الحاجز أوضحت الدراسة تفوق كل من المجموعة الثانية والثالثة على المجموعة الأولى دون تميز إحداهما عن الأخرى.

وبالنظر إلى العلامات الحيوية فقد أوضحت الدراسة انخفاض فى معدل ضربات القلب فى الثلاث مجموعات عند مقارنتها بالقياسات المبدئية. ولكن سجلت أعلى قياسات لضربات القلب فى المجموعة الأولى وتفوقت المجموعة الثانية على المجموعة الثالثة. بينما متوسط ضغط الدم أوضحت الدراسة انخفاض فى معدلاته فى كافة المجموعات دون تميز إحداها عن الأخرى.

بالنسبة للمضاعفات المتعلقة بالأدوية الأفيونية اوالتقنية المستخدمة قد بينت الدراسة انخفاض معدلها فى المجموعتين الثانية والثالثة فكانت نسبة القيء والغثيان أكثر فى المجموعة الأولى كذلك لم تسجل الدراسة أية حالة تسمم بالمادة المخدرة مما يبرهن على أمان التقنيات المستخدمة.

ولقد بينت الدراسة ارتفاع نسبة رضا المرضى فى المجموعتين الثانية والثالثة عن رضا المرضى فى المجموعة الأولى.

وتُعد هذه الدراسة العلمية والرصينة والمتميزة هي الأولى من نوعها التي سعت الباحثة من خللها إلى خفض نسبة الألم لدي مرضى الكسور وتسكينه تماما باستخدام آليات وتقنيات جديدة منها الموجات فوق الصوتية وتعديلات في جرعات الأدوية ومددها الزمنية دون أن تترك آثارا جانبية، ونالت دراستها الرضى التام من المناقشين والإشادة بها واعتبروها إضافة حقيقية لحقل الطب، وكل الشكر والتقدير للباحثة التي ركزت دراستها على ضرورة تخفيف الآلام عن المرضى الذين يعانون من الكسور، وخاصة كسور الضلوع.



خَيَالُ الوَردِ (مُختَاراتٌ شِعريَّةٌ) بِالإسبَانِيَّةِ - وهيب نديم وهبة - ترجمة: تغريد بو مرعي

 


على وَقْعِ مُوسيقَى الرّاقصِ الإسبَانِيِّ، تَطِيرُ عَصافِيرُ الكَلِمَاتِ العَرَبِيَّةِ، وَتَحُطُّ فِي بِلادِ حَضَارَةِ الغَربِ. مُترجَمَةٌ "للُّغَةِ الإسبَانِيَّةِ"، بِحِرَفِيَّة وإتقانٍ وَدِقَّةٍ عَالِيَةٍ. تُعلِنُ وُجودَنَا وَزَقزَقَةَ عَصافِيرِنَا فِي غَابَةِ الأَدَبِ العَالَمِيِّ.


القَصَائِدُ المُختارَةُ:

هذه المُختَارَاتُ التِي صَدَرَت الآن، هيَ سَكْبُ الرُّوحِ في جَسَدِ القَصِيدَةِ. هي سَكْبُ العُمرِ في قارُورةِ العِطرِ ورَبيعِ الزَّهرِ. العِشقُ الأوَّلُ والحُبُّ الأخيرُ.


هي مختاراتٌ شِعريَّةٌ من مَرحلَةٍ حيَاتِيَّةٍ بَدَأَتْ مَع "المَلاكِ الأبيَضِ" إِذ اجتَزتُ وَقتَذَاكَ عِشرينَ رَبِيعًا... أَخذَتنِي العَصَافِيرُ معها إلى الغَابَةِ وبَقِيتُ هُناكَ حتَّى اليَوم.


هذه المَجموعَةُ، تُلخِّصُ مَسيرَتِي واهتِمَامِي في القَضَايَا الإنسانِيَّةِ على مَدى سَنواتِ العُمرِ... قَضيَّةِ الإنسانِ وهذا الوجودِ، والمهَمَّةِ الكُبرى لِجَعلِ العَالمِ أجمَلَ بالشِّعرِ...


كلُّ القضايا الوُجودِيَّةِ للإِنسانِ، تَمَّ جمعُهَا واختيارُهَا لتُشكِّلَ باقةً مِن الحُرُوفِ العِطرِيَّةِ الإنسَانِيَّةِ، الرُّوحَانِيَّةِ، العَاطِفيَّةِ. تُضافُ إلى تَجرِبَتِي التِي اختَصرَتْهَا هذه المُختَارَاتُ المُنتَقَاةُ بِدقَّةٍ وَرِقَّةٍ.


تِلكَ ذَائِقتِي الأدبِيَّةُ في الاختِيارِ للقَصَائِدِ، وَلكَ كُلُّ الحَقِّ والاختِيارِ مِن حُقُولِي وَمُرُوجِي ومِن بَيادِرِ قَصَائِدي، ذَائِقتُكَ الأدَبيَّةُ الخَاصَّةُ بِكَ.


خَيَالُ الوَردِ:

المُختاراتُ صَدَرَت في طبعَتِهَا الأُولى في أمِيركَا 2024. كَي يَتَوزَّعَ الوَردُ فِي أَيادِي شُعوبِ العَالَمِ... ويَتَجَوَّلَ بِالمَحبَّةِ وَالعِشقِ الأزلِيِّ في بِقاعِ الأَرضِ وأصقَاعِ الدُّنيا.


تِلكَ البِدايَةُ في النَّشرِ وَتوزِيعِ الوَردِ، والقَادِمُ "خَيَالُ الوَردِ" في مَزارِعِ ومَساكِبِ وبَساتِينِ العَالَمِ.


الشَّاعِرةُ، المُترجِمَةُ: تَغرِيد بو مِرعِي:

لُبنَانِيَّةُ الجُذورِ. مُقيمَةٌ في البَرازيلِ. مَشهُورَةٌ على نِطاقٍ عَالَمِيٍّ في الشِّعرِ والأِدبِ والإعلامِ والتَّرجَمَةِ. تُتَرجِمُ مِن العَرَبيَّةِ ومِن اللُّغَاتِ الأِجنَبِيَّةِ الشِّعرَ والرِّوَايَةَ والأنْثُولُوجْيَا.

اللُّغاتُ: الإنجليزيَّةُ- الإيطالِيَّةُ- الإسبَانِيَّةُ- البُرتُغالِيَّةُ- الفَرنسِيَّةُ.

تَمّ تَسمِيَتهَا ضِمْنَ أبْرَز 20 صِحَفِيًّا دُوَلِيًّا مِن قِبَلِ LEGACY CROWN .

تَمّ تَسْمِيَتهَا ضِمْنَ أفْضَل 50 ٱمرَأة مِنْ آسْيا تَرَكْنَ أثَرًا فِي الأدَبِ الحَدِيث.

قَامَتْ بِترْجَمَةِ 36 كِتَابًا لِغايَة هٰذا ٱلتّارِيخ ومِئَاتِ القَصَائِد لِشُعَراء عَرَب وأجَانِب.


كلمَةُ شكرٍ وامتِنانٍ:

لو جَمَعتُ كُلَّ سَنابِلِ حُقولِ العَالَمِ، وكُلُّ سُنبُلَةٍ بِألفِ حَبَّةٍ، وَكُلُّ حَبَّةٍ بِكَلِمَةِ شُكرٍ ومَحَبَّةٍ للشَّاعِرَةِ المُترجِمَةِ العَالَمِيَّةِ: تَغريد بو مَرعِي – سَتكونُ قَليلَةً عَليهَا - وقَامَتُها الأَدبِيّةُ العَالِيَةُ- شَامِخَةٌ إلى السَّمَاءِ.


لوحَةُ الغِلافِ:

تَصْمِيم الغِلافِ: الفَنَّانَةِ التّشْكيلِيّة اللُّبنَانِيّةِ مُنى دُوغَان جَمالُ الدّين.

لا يَكتَمِلُ بُستانُ الوَردِ بِغيرِ الوَردِ مِن الفَنَّانَةِ الرَّسَّامَةِ اللُّبنَانِيَّةِ: لينا إيدانيان.


رابط النّشر في دار النشر Prodigy USA:

https://prodigy-life-program.myshopify.com/cart/40724995145786:1?channel=buy_button


رابط نشر الخبر في مجلة وموقع أزهار الحرف:

https://azharalharf.com/25327/?fbclid=IwY2xjawGxkWRleHRuA2FlbQIxMQABHaixit00dCAjNggz6JRJSaryHxZMXr_mTUzw-Hk-_Zle6a7TTnGjKdSeLA_aem_qCQm8yo-IJm4zApoalCABw


رابط النشر في مجلة Enheduana: 

https://www.enheduana.com/en/post/prodigy-published-s-latest-literary-gem-imaginacion-de-la-rosa-by-wageeb-nadeem-wahbah-i-translated?fbclid=IwY2xjawGxidtleHRuA2FlbQIxMQABHTdiBSjKs_KsU7FZEu3BzLLBqiJ5zDgClrKrQMDN3CIW4xlUoJj5Mw92bQ_aem_OhNk4ZdrzotHdglBQRE_HQ


مؤسسة المطران ميخائيل الجَميل للحوار: لدعم المواطنين ووقف الاعتداء على لبنان


استغربت مؤسسة المطران ميخائيل الجَميل للحوار والثقافة، الصمت الدولي حيال ما يتعرض له لبنان من تدمير متواصل وتزايد الشهداء والمتضررين، وفي هذا السياق، أشار رئيس المؤسسة المحامي شادي خليل أبو عيسى إلى الضرر الحاصل من انبعاث غازات مؤذية في الأجواء سببها القذائف والحرائق التي تؤثر على السلامة العامة. وقد رفعت المؤسسة الصلاة على نية السلام وحماية لبنان، على أمل أن ينعم وطن الأرز وشعبه بالخير والبركة في زمن الصراعات والصدامات وتوقفها، وإلى ضرورة دعم المواطنين وتأمين الحماية الاجتماعية الاقتصادية لهم في ظل ما يتعرض له لبنان من قصف واعتداء وتهجير يقتضي وضع حد له والعمل على العودة الآمنة إلى القرى وإعادة إعمارها بجهود الخيرين.

حفظ الله لبنان والمواطنين.


قراءة في كتاب سعيد نفاع: عرب الـ 48 الهوية الممزقة بين الشعار والممارسة

 

كيف يمكن الخروج من هويتنا الممزقة بل من هوياتنا المتعددة؟

زياد شليوط – شفاعمرو - الجليل

أهداني الصديق الكاتب سعيد نفاع، الأمين العام "للاتحاد العام للكتاب الفلسطينيين – الكرمل 48"، آخر إصداراته كتاب "عرب الـ 48 الهوية الممزقة بين الشعار والممارسة"، المكون من 159 صفحة من القطع الكبير. والكتاب عبارة عن مجموعة مقالات سبق ونشرها الكاتب على مدار سنوات في الصحف والمواقع المحلية، وقد ارتأى أن يطلق عليها تسمية "درامقاليات – سيافكرية" باعتبار أنها تفوق المقالة ولا تصل إلى درجة الدراسة وتجمع بين السياسة اليومية والفكر الدائم. وقد سبق لي أن قرأت معظم تلك المقالات – ان لم يكن جميعها- عندما نشرت في أوقاتها، وهذه المرة قرأتها تباعا خلال يومين فقط، ولا شك أن البون شاسع بين القراءتين، خاصة وأنه لا يمكنك إلا أن تتعامل مع هذه المقالات فكريا دائما وليس سياسيا آنيا فحسب.

الهوية هل هي خيار أم فرض، قناعة أم تجمل؟

يتناول الكاتب عدة مواضيع تقض مضجعه وتجعله مهموما لها وتتمحور حول الهوية، هذه الهوية التي تعرضت لتقلبات وعوارض مختلفة أثرت فيها وقولبتها في أكثر من قالب، ويملك من الشجاعة ما يجعله لا يتوانى ولا يخجل من وضع الأمور في نصابها دون تأتأة او مواربة، مؤكدا أن عربنا حملوا الجنسية الإسرائيلية ليس مرغمين انما بفعل الممارسة اليومية "ولمحض ارادتنا وأكثر برغبتنا ومهما تجملنا بفلسطينيتنا". (ص 8 و26) ويأتي بأمثلة من واقعنا في العقد الأول لقيام دولة إسرائيل حيث كانت المدارس العربية الرسمية تحتفل بـ"عيد استقلال إسرائيل"، ويتبارى الشعراء والمربون في كتابة القصائد والقاء الكلمات التي تمجد إسرائيل وتماهيا معها باعتبارها "دولتنا الفتية". وبالمقابل يعتبر رفعنا للهوية الفلسطينية ما هي إلا عملية تجميل في أحسن الأحوال وضريبة كلامية، لذا يضع القوى الوطنية والأحزاب تحت المحك بدعوته الصريحة لاعتماد صيغة مغايرة لتحديد الهوية والانتماء الفلسطيني برفع الخطاب السياسي نحو اعتبار أنفسنا فلسطينيين، يشملنا حق تقرير المصير ولا يقتصر على أبناء مناطق الـ 67 والشتات.

واستمرارا لأزمة الهوية يتعرض الكاتب في مقال "التوأم العربي المسيحي" (ص 83-89) إلى مسألة تقض مضاجع المسؤولين في الكنيسة والناشطين فيها وكذلك الهيئات الوطنية، وهي تراجع أعداد المسيحيين العرب أبناء البلاد نتيجة الهجرة أولا، ولا يخشى كاتبنا أن يجهر بالحقيقة التي خجل المسيحيون العرب الإشارة لها ومن بينهم المرحوم الدكتور جريس خوري، مدير "مركز اللقاء للدراسات في الأراضي المقدسة"، حيث يشير المقال إلى البحث الذي قام به د. جريس مطلع عام 2010(2)، ويرى نفاع الى أن الحل في مسألة الهوية يكمن في تعزيز التواصل الوطني "فلا يعقل أن يكون مهددا كذلك من داخلنا بخلق الاغتراب فيما بيننا بأيدينا، اعتداءات وتغييب من ناحية وتقوقع من الأخرى". (ص 88)

إن موضوع الهوية يجب أن نعالجه بكل روية ومن الضروري بعيدا عن العاطفية. فهويتنا في نظر الأجيال الجديدة تختلف عنها لدى أبناء الأجيال السابقة، وتعريفها يختلف أيضا بحكم الموقع الجغرافي. ومن خلال مراقبتي للموضوع على مدار سنوات، رأيت بأن هويتنا تعرضت للتغيير ولم تكن على شكل واحد طوال الوقت، واليوم بالذات وبعد المشهد المؤلم حولنا يستدعي الموضوع دراسته مجددا والنظر إليه من جوانبه المختلفة بعيدا عن الآراء المسبقة والشعارات المعلّبة. 

الحزبية والطائفية تنافر ظاهري وتحالف باطني

يتطرق الكاتب إلى موضوع العنف والاجرام الذي بات مصدر قلق لأبناء مجتمعنا، وانتقل النقاش حوله الى العلن بيننا حول من هو المذنب في انتشار وتفاقم هذه الآفة، وكاتبنا لا يعفي السلطة من مسؤوليتها، لكنه يجاهر بأن العنف موجود في موروثنا الحضاري بكل مكوناته ومصادره ويدعو المسؤولين في مجمعنا لأخذ دورهم في الحد من هذه الظاهرة، فهل هم قادرون فعلا على تحقيق أي خطوة إلى الأمام في هذه المسألة الشائكة؟!

واستمرارا لذلك فان كاتبنا لديه حساب مفتوح مع الأحزاب العربية واليسارية من خلال تجربته الشخصية الواسعة معها، وهناك من يأخذ عليه بعض المآخذ لكن ذلك لا يمنعه ولا ينقص من حقه في مناقشة تلك الأحزاب. كما أن موضوع الطائفية أكثر ما يمقته كاتبنا التي تسود في قرانا المختلفة، والتي زرعتها وغذتها السلطة أسوة بالعنف، وفشلت أحزابنا الوطنية في مواجهتها لأنها تساوقت معها لمصالح انتخابية، فتراجعت قوة الأحزاب وتغلغلت الطائفية في ظهرانينا. 

ويرى نفاع بأن التوجه السليم وطريق الخلاص لأزمات طوائفنا يكمن في "ترسيخ وتثبيت والحفاظ على الانتماء الوطني القومي لطوائفنا دون تعصب ودون شوفينية" (ص 79).

الكتاب حافل بمواضيع يجب اخضاعها للتشريح بمشاركة واسعة

تزامن صدور الكتاب مع اشتعال الحرب الحالية الدائرة في غزة ومؤخرا في لبنان، مما حال بين الكاتب وبين تناول موضوع الحرب وتأثيرها على الهوية والسلوك السياسي للعرب في دولة اسرائيل، وتطرق الكاتب للموضوع في آخر مقالين من مقالات الكتاب، وفيهما ناقش مسألة حرية التعبير من الناحية القانونية والأخلاقية، ولم يكن بالإمكان معالجة الموضوع من جوانبه المختلفة، خاصة في مسألة الهوية والانتماء التي شهدت تحولات جديدة تستدعي النظر والدراسة. 

من مميزات أسلوب الكاتب استخدامه للتعابير العامية وخاصة الساخرة منها في متن المقال، وكان بإمكان الكاتب استخدام تلك التعابير لو أنه كتب الدراسة، لكن في المقالات يسمح لنفسه بذلك وبأريحية، والتعابير العامية يوظفها بنجاح لتعطي المعنى القوي والواضح لشكل لا تقوى عليه التعابير الفصيحة في هذا المجال. ومن تلك التعابير اخترت مجموعة: "يرعاني جلدي، يتقربط، التعن أبو جد الشعب، قلع شلش الحياء، كفك على الضيعة، محيّك منديله، ما حدا يحط الحد في مارسه".

ومن سلبيات تجميع المقالات في كتاب واحد الوقوع في تكرار الأفكار والنصوص، وذلك ناتج عن كون المقالات كتبت ونشرت في أوقات متفاوتة، وربما لم يهتم الكاتب بمراجعتها بالدقة قبل نشرها في كتاب، أو أنه أبقى عليها عن قصد، لكني كقاريء لها دفعة واحدة أرى أنها أساءت للكتاب نفسه، فما حاجتي لقراءة بعض المواقف والآراء أكثر من مرة في الكتاب وهل عادت علي بالفائدة! وعلى سبيل المثال أشير إلى بعضها: تكرار ذات الفقرة ص25 وص 52، تكرار ذات الفقرة ص 46 وص 91، هذا ناهيك عن فقرات من مقالات مختلفة أثبتها الكاتب في مقدمة الكتاب "تكملة للتقدمة وتأشيرة دخول للأطروحات" كما جاء في تبرير الكاتب ص 8.

هذه الملاحظات لا تنتقص من أهمية الكتاب وما طرحه الكاتب في مقالاته، والتي تستوجب التعمق أكثر والتوسع أكثر فيها، لكن مساحة المعالجة الصحفية لا تتيح لنا ذلك، ولعل الزمان يتيح لنا مستقبلا الولوج إلى القضايا المطروحة في الكتاب بتوسع، أو يقدم آخرون على فعل ذلك. ولا يسعني في خاتمة مقالي هذا، إلا أن أتمنى لكاتبنا سعيد نفاع المزيد من العطاء وطرح القضايا الحساسة، التي يجب أن نضعها تحت المشرحة بكل جرأة لتشذيبها وتحسينها.

1) سعيد نفاع - عرب الـ 48 الهوية الممزقة بين الشعار والممارسة، دار الرعاة وجسور، رام الله وعمان، 2024

2) يمكن الاطلاع على نتائج الاستفتاء بالتفصيل وقراءة تحليل واسع حوله، في مجلة "اللقاء" العدد 3-4، السنة الـ25، 2010


صدور رواية مدائن الرب للروائية هند زيتوني



فراس حج محمد| فلسطين

عن دار مرفأ للثقافة والنشر في بيروت، صدرت مؤخرا رواية "مدائن الرب" للروائية السورية هند زيتوني. تقع الرواية في (184) صفحة، موزعة على أربعة فصول وهي: الانتفاضة، والحرب، ونون النسوة، والحصار.

اعتمدت الرواية على العناوين الداخلية لبناء البنية السردية فضم كل فصل مجموعة من العناوين، فجاء الفصل الأول بسبعة عناوين، والثاني ثمانية عناوين، والفصل الثالث خمسة عناوين، وأما الرابع فتألف من ستة عناوين.

توجه هذه العناوين دفة السرد بما تحتويه من مشاهد جزئية لم تلتزم فيها الكاتبة التتابع الزمني التاريخي، فكانت حرّة في اختياراتها المشهدية لتؤلف منها روايتها للأحداث، ولتتمكن من معالجتها لبعض الأفكار المتعلقة بالمسألة السورية منذ اندلاع الثورة عام 2011، وما آلت إليه الأحداث بعد ذلك حتى نهاية عام 2015.

تظهر في الرواية كثير من تشابكات المشهد السوري المعقد، داخلياً، وعلى صعيد المنفى من خلال القصص الإنسانية التي تقدمها الرواية، ومن خلال ما ناقشته من أفكار تتعلق بحياة مجموعة من الأشخاص الفاعلين، وتبدو سوريا في الرواية كأنها "ديستوبيا"، نالها الدمار المادي لبنيتها الجغرافية، والدمار النفسي الذي لحق بناسها.

بالمقابل يبدو الحل لدى بعض الشخصيات الروائية في الاغتراب والخروج من سوريا، فهاجر بعضها، وتمناه آخرون دون أن يستطيعوا تنفيذه، في حين عزم على تنفيذه غيرهم، حيث انتهت الرواية بمشهد رحيل أحد الشخوص، مغادرا سوريا. هنا تبدو معاناة أخرى للسوريين الهاربين من جحيم الحرب إلى مجهول البحر، فيتعرضون للموت غرقاً، لكنهم ما إن يستقر بهم القرار في أحد بلدان أوربا حيث يشعرون بمتعة الحياة والحرية، وبأنها بلاد القوانين، وكأنها بلاد "اليوتوبيا" بعيدا عن تلك الفوضى التي خبروها في بلدهم الأصلي.

تأتي هذه الرواية لتكون الرابعة في قائمة روايات هند زيتوني التي كتبت إلى جانب الرواية الشعر والقصة القصيرة والمقال السياسي والنقدي الانطباعي، ولها بعض الجهود في الترجمة من العربية إلى الإنجليزية، وتنشر نصوصها في كثير من الصحف والمجلات العربية حول العالم.


أحوال الأسيرات الفلسطينيات في كتاب زهرات في قلب الجحيم


فراس حج محمد| فلسطين

صدر مؤخرا عن دار الرعاة للدراسات والنشر وجسور ثقافية في رام الله وعمّان كتاب "زهرات في قلب الجحيم" للمحامي الحيفاوي حسن عبادي، ويقع الكتاب في حوالي (200) صفحة، صمم غلافه الفنان الفلسطيني ظافر شوربجي، وهو الكتاب الثالث الذي يرصد فيه المحامي عبادي وقائع زياراته للأسرى الفلسطينيين بعد كتاب "الكتابة على ضوء شمعة"، وكتاب "يوميات الزيارة والمزور".

ويعرب المؤلف في المقدمة عن هدفه من إصدار الكتاب في أنه يريد التعريف بما تتعرض له الأسيرات الفلسطينيات في السجن، وظروف اعتقالهنّ، لا سيما أن الكتاب اشتمل على زيارات تمت قبل السابع من أكتوبر، وبعده، ويظهر الفرق واضحا في طبيعة المعاناة التي تتعرض لها الأسيرات قبل هذا التاريخ وبعده، نتيجة إجراءات الاحتلال القاسية التي اتخذها حيال الحركة الأسيرة برمتها، وليس الأسيرات فقط. 

حرر الكتاب وأشرف عليه الكاتب فراس حج محمد، ويبين في كلمته الأسلوب الذي انتهجه في التحرير حيث يقول: ارتأيــت أن تكــون مــادة الكتــاب في القســم الأول مخصصــة للزيــارات علــى أن تكـون مكثفـة ومركـزة، وتبـرز تاريـخ الزيـارة واسـم الأسيرة، دون التركيـز علـى تاريــخ الاعتقال إلا مــا جــاء منــه بنيويــا داخــل أحاديــث الزيــارة، لأن المهم بالاعتبار هــو موضــوع الأسر مــن حيــث هــو تجربة إنســانية، بغــض النظــر كذلـك عـن عمـر الأسيرة والحكم التـي قضتـه، علـى الرغـم مـن أن بعضهـن محكـوم عـدة سـنوات".

وعلى غلاف الكتاب، أشاد الكاتب المقدسي محمود شقير بالكتاب وأهميته بقوله: "يكفي للتدليل على أهميّة هذا الكتاب أن نتوقّف عند ابتسامات الأسيرات وهنّ مقبلات على غرفة الزيارة للقاء الأستاذ المحامي؛ تلك الابتسامات التي تدلّل على استهانتهنّ بالسجن والسجّان، ثم يتبعنها، أي الابتسامات بدموع الشوق والفرح حين يوصل إليهن الأستاذ رسائل من الأهل وصورًا للأهل وللأبناء".

خصص المؤلف كتابه هذا لتوثيق زياراته للأسيرات الفلسطينيات في سجن الدامون التي بدأت بتاريخ 19/5/2021، وحتى تاريخ 29/2/2024، واشتمل على زيارة (75) أسيرة، على اختلاف في الأحكام والأعمار، موزعة على (46) زيارة، وسبق أن نشر المؤلف انطباعاته هذه عن تلك الزيارات في الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية، وعلى صفحته في الفيسبوك.

ولرصد مظاهر التفاعل الإيجابي على تلك الزيارات أفرد المؤلف لذلك التفاعل الباب الثاني من الكتاب، ويظهر فيه آراء كثير من المهتمين بالشأن العام الفلسطيني أو بشؤون الأسرى داخل فلسطين وخارجها، وكان من بينهم بطبيعة الحال كتّاب، وأهالي الأسيرات، وقارئات وقرّاء، وتشيد بجهود الكاتب في زياراته للأسيرات ومتابعة أحوالهن.


د. محمد إبراهيم طه على منصة منتدى السرديات بأتحاد كُتّاب مصر – فرع الشرقية ومحافظات القناة وسيناء

 



كتب : مجدي جعفر



تحلق أدباء وروّاد منتدى السرديات باتحاد الكُتّاب – فرع الشرقية ومحافظات القناة وسيناء حول المبدع والكاتب الكبير محمد إبراهيم طه، والتحاور معه حول معالم تجربته الإبداعية التي تنوعت ما بين القصة القصيرة والرواية، وجُملة إبداعاته التي أضافت الكثير من الجوانب الموضوعية والفنية إلى حقل السرد العربي وأثرت المكتبة العربية.

وبحنكة ودربة وخبرة أدار اللقاء الكاتب والناقد العربي عبدالوهاب.

والذي منح الكاتب بعض الوقت للحديث عن بعض من سيرته الحياتية والعلمية والأدبية، وعرّف الكاتب بنفسه وقال بأنه من مواليد قرية الشموت – مركز بنها – محافظة القليوبية، وولد في 19 مارس سنة 1963م، ويعمل طبيبا لأمراض النساء والتوليد، وعضو باتحاد الكُتّاب ونادي القصة وجمعية دار الأدباء، وعضو لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة 2010 – 2011م، وقال بأنه من كُتّاب جيل التسعينات في مصر، وأن الريف والطب والموروث الشعبي والثقافي والديني من أهم روافده القصصية والروائية.

وتحدث عن القرية وشحها وفقرها في المأكل والملبس والمشرب في زمن طفولته، وأنه لا يكتب إلا عما يعرفه، ومثله الأعلى في ذلك كاتبنا الأكبر نجيب محفوظ، فهو عاش القرية بأجوائها ويعرف مفرداتها وتفاصيلها وخباياها وأسرارها، الجرن، وشارع داير الناحية، والمصطبة، والمولد، ومقامات الأولياء، والموروث الذي ينتقل من الجد إلى الأب إلى الابن إلى الحفيد، فتشكل وعينا على حواديت وحكايات الكبار في القرية، ووازن بين بيئة القرية وبيئة المدينة، وبين بيئة القرية وبيئة الصحراء، واختلاف الثقافات بين هذه البيئات، وعندما انتقل من القرية إلى القاهرة لدراسة الطب، ظل في حنين دائم إلى القرية و " المشنة " والفرن، والكُتّاب، والشيخ محفظ القرآن، وكيف تناول في أعماله أدق التفصيلات للكُتّاب وللشيخ والتي اختلفت عما قدمه الدكتور طه حسين في زمنه.

ومن الأعمال التي صورت عالم القرية المجموعة القصصية ( توتة مائلة على نهر ) ورواية ( سقوط النوار ) وفيهما لوحات تشكيلية بديعة عن القرية المصرية البكر، بمفردات واضحة، وفازت ( توتة مائلة على نهر ) بجائزة الدولة التشجيعية، وترجمتها الدكتورة فاطمة موسى، وأنا لا أنتمي إلى شلة، وخرجت هذه المجموعة من عند الكاتب الكبير محمد البساطي، والدكتورة منى طلبة أستاذة الأدب الفرنسي تحدثت حديثا طيبا عن رواية ( سقوط النوار ) في مؤتمر الرواية، وأثلج حديثها صدري، وحكت معظم تفاصيل الرواية وتوقفت طويلا عند تناولي للمقابر.

.....................................................

وقدم الدكتور كارم عزيز مداخلة حول المجموعة القصصية ( توتة مائلة على نهر ) تحت عدة عناوين :

= الواقعية الاشتراكية أداة للتعبير عن " الطبقة العاملة "!

= تناولت ( هموم الناس وعبرت عنهم ضمن إضفاء القيمة على العمل الفني )! وما يميزها هو التأكيد على أن الواقع يسير في "  حركة " وليس " ثابتا "، وهو ما يعرف ب "الديالكتيك "!

= تبنت مبدا أساسيا هو ( التعبير عن التناقضات  في المجتمعات البورجوازية " والرأسمالية، حيث يعيش جزء من العمال تحت خط الفقر .. )

= فيها يميل الفن إلى ( النثر ) أكثر من ( الشعر ) .. وتعد ( الرواية ) و ( القصة القصيرة ) من أهم الأنواع الأدبية البارزة، وذلك لما تتضمن من مساحة لوصف معاناة العمال بأدق التفاصيل، والتعبير عن هموم الطبقات الدنيا من المجتمع.

وانتقى الدكتور كارم عزيز بعض النماذج القصصية  من المجموعة للتطبيق، ومنها : عقد عقيق، الواد الجديد، توتة مائلة على نهر وغيرها، وسنتوقف عند مقاربتة لقصة ( توتة مائلة على نهر ) التي تحمل المجموعة اسمها، يقول عزيز:

– ( حين استيقظنا لم نجد التوتة، وكان في مكانها حفرة كبيرة مظلمة، وبدا المكان غريبا ومكشوفا رغم وضوح الحفرة، بدا أن الكثيرين لم يلحظا غياب التوتة، فيما يظل السائقون ينادون التوتة يا جدعان .. حد نازل؟! "

– ( خرجت فطوم بجلباب غامق وطرحة وملاءة سوداء وشبشب – كما تخرج كل يوم، في ضفيرتها مفتاحان، أحدهما لدولاب بالحائط والآخر لصندوق صغير ورثته عن أمها .. "

عندما يكرر " محمد إبراهيم طه " – في نهاية قصته، نفس افتتاحيتها – تكرارا لفظيا نصيا، ربما يستحثنا ذلك أن نتساءل، لماذا التكرار؟ .. خاصة أن القصة صغيرة ( لا تشغل سوى صفحة ونصف فقط ) .. وربما نتصور للوهلة الأولى أنه هكذا لم يقل شيئا ذا بال، بضعة مشاهد متتابعة تشير إلى البحث عن " فطوم " العجوز ..

لكن الحق أن " توتة مائلة على نهر " قصة مكتنزة جدا، تومئ أكثر مما تحكي، ترمز أكثر مما تقرر .. إنها حكاية ( استلاب الوعي، وسرقة القيمة ).. حكاية التحولات الحادة في العصر الاستهلاكي، وما نتج عنه من فقدان كل ما هو أصيل وقيم في حياتنا ( مجسدا هنا في الريف المصري ) ..

= " فطوم " متوحدة في ذلك مع شجرة التوت المائلة على النهر، كانت فيما سبق – هي " الحياة " بتعدد ألوانها، هي " الوعي الأصيل الصادق في حياة الناس، " هي " الكنز الذي يحفظ  ويحافظ على الهوية " :

" فطوم " : بكر ( لم تتزوج ) .. لاحظ ارتباط البكارة بالطهر والعفاف، تأكل من خير الأرض ( نباتية تقريبا ) .. لاحظ الجانب الروحاني في النباتيين، تدعو الناس بكل الخير ( شخصية الولي مستجاب الدعاء )، تحفظ القرآن ، تعالج الناس من كافة الأمراض البدنية والروحية ( لاحظ مفهوم الطب الشعبي وخبرات الحياة )، ومع كل ذلك فهي ( لا تدعي المعرفة ) ..

التوتة :

شأنها شأن " فطوم " تجسيد للحياة البريئة على تعدد أشكالها، جذع التوتة ( رمز الأصول والهوية )، توت خد الجميل ( لاحظ رمزية التوت في العفاف وستر العورات )، عند التوتة : مسرح الحياة – استطلاع الرؤية، مدفع الإفطار، زفة الموالد، لعب التحطيبة، إعلان نتائج الامتحان، اللعب في الماء، لف السجائر، فض المنازعات.

= التزامن بين ( اختفاء فطوم ) و ( اختفاء شجرة التوت )، هو نفسه التزامن مع دخول ثقافة الاستهلاك – آواخر البسعسنات، وما ترتب عليه من الاحتفاء بالمادة واستلاب الوعي وتراجع القيم وانهيار الهوية.

-فمن الذي سعى للبحث عن " فطوم " : شيخ الجامع، ناظر المدرسة، بعض قدامى الناس.

-ومن الذي طارد " فطوم " : العيال ( تجسيدا للأجيال الجديدة مسلوبة الوعي والخلق ) الذين رموها بالأحجار والجنون!

-ومن الذي انتزع فرعين من التوتة : إنه " الهراوي " – تجسيدا للانتهازيين أصحاب المصالح الذاتية الضيقة الذين تحالفوا مع السلطة الحاكمة، تواطئا على " فطوم " التي كانت خط الدفاع الأخير عن ( كل شيء ذي قيمة )

-ومن الذي انتزع " فطوم " من مكانها، إنهم هم، الذين من نسل " الهراوي "!

-ومن الذي استثمرالفراغ الذي تركته التوتة : ( إنهم سائقو الميكروبصات)!

-وأين ذهب مفتاحا صندوق " فطوم " ؟!.

.......................................................................

وفي مداخلة للكاتب والناقد بهاء الصالحي :

( محمد ابراهيم طه صوت قادم من أعماق الريف المصري ولكن نمط قدومه أو نمط تعبيره أو نمط تحقق الريف المصري من خلال ذاته ذلك أمر يجب أن يوضع في منظومه معينه في إطار من تناولوا الريف عبر التاريخ الروائي العربي والمصري حيث كان تناول الريف مقرونا بموقع الريف من الطبقة المثقفة عبر التاريخ وذلك بحكم البُعد الشفاهي لثقافه الريف عبر التاريخ المصري إلى أن تعلم أبناءه فصاروا صوتا له عبر مبدعيه مثل عبد الرحمن الشرقاوي وسعد مكاوي وغيرهم وبالتالي فان جيل هيكل الذي أبدع رواية زينب والتي رأى فيها الريف من نظارة رئيس مجلس الشيوخ المصري ما قبل ثوره 1952 وبالتالي جاءت جماليات الريف كلوحه تشكيليه بعيده عن فكرة الواقع والتعبير عنه وبالتالي جاء الريف مكملا هنا يصبح الريف تيمة يتسلى بها الأغنياء أما ما بعد ١٩٣٦ والحروب العالمية الثانيه ومعاهده 1936 التي جاءت بموافقه رسميه من انجلترا بخلق طبقه وسطى جديرة بالتعبير عن الواقع المصري في ظل تلك الاتفاقية. الأمر الذي أدى لميلاد جماعه الفجر الجديد وكان على رأسها عبد الرحمن الشرقاوي وأحمد رشدي صالح والذين نظروا إلى الريف نظرة تحليليه متعلقة بالبناء الطبقي الخاص بالريف المصري ومن هنا جاءت قيمة الزوجة الثانية لأحمد رشدي صالح سنه 1945 والأرض لعبد الرحمن الشرقاوي 1964، ذلك كله في إطار منهج التحليل الاجتماعي للأدب حيث يصبح المبدع حجر الزاويه وبنائه الشخصي وبنائه المعرفي مقياسا نقديا ومعناه للرؤية الخاصة بالنص المقدم منه.

وعلى النقيض من عبد الرحمن الشرقاوي يأتي سعد مكاوي الذي رأى الريف المصري من خلال قدره أبنائه على إيجاد طريق جديد خلاف طريق الواقعية الاشتراكية التي تبناها عبد الرحمن الشرقاوي من خلال مجموعته أربع قراريط وكذلك مجموعته الرجل والطريق، ولكن الجيل الذي تلاهم مثل أحمد الشيخ ويوسف القعيد وعبد الحكيم قاسم ومحمد عبد الله الهادي قد تعاملوا مع صورة جديده للريف فلم يعد هو الريف الذي يخضع لفكرة الاقطاع ولكنه الريف الذي يخضع لفكره التهميش والاحتواء داخل نطاق المدينة فيما يسمى بظاهره تريف المدينة فلا هم أصبحوا ريفيين يمتلكون نفس القيم الأخلاقية  ولم يمتلكوا قيم المدينة بحكم البيئة والتركيبة الخاصة بهم والنابعة من نمط الإنتاج الخاص بهم.

فجاء الناس في كفر عسكر بناء على الصراع على فكرة الملكية وعند يوسف القعيد بناء على فكرة الأرض وفكرة احتكار المجد في المواطن المصري وكذلك احتقار الفلاح. ولكن المبدع في محمد إبراهيم طه أنه يمثل نموذجا متوافقا مع ذاته وذلك بحكم امتلاكه لتراث من العادات والتقاليد ومساحه الألفاظ ، ليصبح أدب محمد إبراهيم طه مرجعا أنثروبولوجيا لقريته التي ولد فيها من خلال قاموسها اللغوي الخاص .

في هذه الحالة يحقق الأدب عند محمد ابراهيم طه عده أصول معرفيه قائمه على فكرة التاريخ الاجتماعي للغة وللعادات والتقاليد في إطار أشمل لمفهوم الثقافة وهي أسلوب الحياه وبالتالي يصبح مفهوم الزمن الخاص بالفن الروائي مرتبط بالوعي الخاص بالمثقف المبدع وهو أمر مرتبط بفلسفة الإبداع حيث العلاقة ما بين المبدع كذات والنص كموضوع وهنا يحدث التداخل الانساني والتداخل الوجداني حيث يصبح النص هو الذات والذات هي النص، ولكن هنا هل تصبح الرواية السيرية نوعا من تطوير الذات أو رؤيه الذات المعينة في التاريخ المعين لواقع معين كشهادة وجدانيه على التاريخ الإنساني لمجتمع ما هنا تصبح مفرده الريف مفرده فارقه.

هل هي محاوله للتطهر او للتبرأ من أيام كانت شديده الصعوبة على النفس بعدما ذقنا أنماط الحياه الراقية كما حدث في الوسيه لخليل حسن خليل او للتيقن الأيديولوجي كما جاء عند عبد الرحمن الشرقاوي أو يوسف القعيد.

ولكن نستطيع البت من خلال أعمال محمد إبراهيم طه أن الريف عنده يصبح ذاته هنا يصبح الريف مقياس زمني وأخلاقي ومعرفي لكل مترتب جديد في حياه الشخص في حياه المبدع. لماذا؟ لأنه لم يكن لديه بديلا في بدايه حياته غير هذا الريف وبالتالي مصداقا لقول علم النفس أن الطفل أبو الرجل يصبح الأمر هكذا أن الجزء الرئيسي من تركيب شخصيه مبدع ريفي بالطبيعة ، وهل جاء التعبير المجرد أو الرمزية أو كل الاستنتاجات التي يستطيع أن يستخرجها ناقدا ما أو قارئ متحذلق لأعمال محمد إبراهيم طه على سبيل الصناعة أم على سبيل الطبع نستطيع البت أنها على سبيل الطبع ولكن كل جديد ترى على حياته العلمية  أضيف إليه بُعدا إجرائيا يستطيع أن يرتب أو يتناول ذلك المخزون الثقافي القابع داخله والذي استدعى له لغته الخاصة وقت حدوثه، هنا تصبح اللغة كائن حي قادر على التعامل ولكن على سبيل بناء الشخصية نستطيع القول في نهاية الأمر أن الريف المصري كائن متعمق داخل ذات محمد إبراهيم طه حيث يتلاشى الزمن في أعماله.

..................................................................

وتحدث محمد إبراهيم طه مرة أخرى عن محاولته الجادة والصادقة والأمينة للخروج من الواقع والتحليق فوقه ولو قليلا، فاقترب من التصوف وعالم المتصوفة، ورأى في هذا العالم الواقعية السحرية بكل تجلياتها، الحكايات الغريبة والشخصيات العجيبة، والواقعية السحرية موجودة بالقرية بدء من الخروج في الصباح والإحساس بالانقباض والتشاءم عند رؤية قطة سوداء، وعدم الدهس يوم الجمعة على البصل أو الثوم، وارتداء الملابس بالمقلوب في هذا اليوم أيضا، والعريس وعروسه لا يتوجهان جهة القبلة أبدا لأن الميت هو الذي يتوجه للقبلة فقط!، وكان للعلاج بالطب الشعبي حضوره القوي ، مثل بيضة السبت وعلاج ( القوبة ) إذا فشل علاجها بالجميز أو بندى القطن، فيتم ثقب البيضة، ويوضع بها سبع حبات وتوضع في جدار باتجاه الشرق وإذا لم تجف، فهناك ثعبان قد أكل البيضة، وتعاد التجربة، وكان للزار حضوره القوي أيضا حيث الطبلة والطبال، والرق والرقاق والمغني صاحب الصوت الجميل على صوت الرق يسحب الروح، ولكل عفريت أنشودة، الأنشودة التي تصلح للعفريت التركي لا تصلح للعفريت السوداني، فالعفريت التركي الأبيض الجميل يختص بالبنات الحلوات الجميلات، ولكل واحدة دقة وأنشودة خاصة بها، وتوظيف هذه العوالم في الإبداع يثري النصوص الأدبية، والنص الصوفي به حمولات ثقافية كثيرة، تعطي أكثر من معنى، وقد اقتربت أيضا من عالم الصحراء، قرأت كثيرا عنها، وهي تختلف عن عالم القرية، تعرفت على حداء الإبل، والأهازيج، ودرست بدو ليبيا وسيناء وتونس، فعن أي لهجة أتحدث، المهم دراسة العالم الذي نكتب عنه، فدراسة الصحراء ومعايشتها بالكلية تبوح لك بأسرارها، وانتقلت من القرية أيضا إلى المدينة، ودراما المدينة مختلفة عن دراما القرية، ولابد للكاتب أن ينوع من شخصياته، ولا يقصرها على الشخصيات الريفية فقط، في بلدنا مثلا خمس مقامات في صرة البلد، والناس لا تزال تذهب إليها لكنسها ورشها بالماء ويوقدون لها الشموع، ويوفون بالنذور، ويتبركون بقاطنيها، والناس في المدن الجديدة مثلا لا يعرفون شيئا عن القرية، مقبلون على الحياة أكثر، وهم أقل التزاما بالمحاذير الريفية.

ونصح الكاتب محمد إبراهيم طه شباب الأدباء بضرورة الابتعاد عن الوعظ والارشاد وأن يمتلك الكاتب الحس النقدي العالي وأن يبتعد عن الأدلجة، والفن اليوم يلزمه قدر من الجنون ليتوافق مع جنون الواقع، والرواية لا بد أن تثير جدلا، وتناقش وجهة النظر الأخرى.

 وحول المناطق الشائكة التي اقتحمها في رواية ( شيطان الخضر ) قال : 

( حاولت أن أزيل في هذه الرواية الحواجز بين التلاوة والغناء حين تصل إلى أن القواعد الحاكمة لهما واحدة، هي المقامات والقواعد الموسيقية، بما يعني أن التجويد والترتيل والتواشيح ما هي إلا غناء محكوم بقواعد، ومن ثم تكون القيود المفروضة على الفن والغناء والتواشيح حواجز وهمية ومزيفة، لا تتفق والمنطق ولا مع الروح الإنسانية التي تطرب في ذات الوقت لجملة لحنية وتنتشي مع آية مرتلة، حيث لا فرق حينئذ بين أنشودة دينية تشدو بها نجاة الصغيرة في إذاعة، ويبتهل بها مبتهل قبل قرآن الفجر، ففي كليهما نزهة للنفوس وراحة للأرواح.

تصطبغ الرواية بنظرة صوفية للعالم، تأخذ قارئها دائما إلى الاهتمام بجوهر الأشياء لا الشكل، وتسير في هذا الطريق بسلاسة، عبر أحداث واقعية وافتراضية وخيالية، تسير فيها شخوص بالغة العذوبة والإنسانية على خط درامي شفيف غير واضح تماما وغير خفي في نفس الوقت، كأنه علامة مائية، تعود الأحداث والشخوص والرواية ككل إلى نهايتها الغريبة.

....................................................................

وفي مداخلة للكاتب عبدالعزيز دياب، قال : 

السرد عند الدكتور محمد إبراهيم طه ينتمي إلى لغة السينما، لو وضعنا أمام الجمل السردية السينمائية المصطلحات التي تعبر عن الصور لتكون لدينا سيناريو سينمائي بكل فنياته، حركة الكاميرا واضحة في قصصه ورواياته، وحركة الزمن واضحة أيضا، فيرتد بالزمن حوالي خمسة عشر عاما، وتظل هذه المراوحة في السرد بين زمنين عندما التقى صديق الراوي بشجون وطلبها للزواج، وعندما وصل سن السبعين ومات، الصديق أو الرفيق توقع عمره كنبوءة بأنه سيكمل عمره إلى السبعين عاما.

الأفكار الأيدولوجية التي تحملها الشخصيات في الرواية رئيسية ومهمة، ومعالجة الحلم في الرواية، المشاهد الحميمية غير مبتذلة، المراوحة بين الرواة، المراوحة في السرد، الشخصيات الثانوية جاءت لضرورة فنية وموضوعية، تجهيل اسم الراوي واسم الرفيق وعدم حضورهما بكثافة، وفي حضور اسم شجون دلالات كثيرة، براعة الكاتب في الصياغة اللغوية وهو يسرد عن الدكتورة هند ويصف " التي شيرت " وبراعة الحوار، النقلة السردية المتعلقة بالهن، نقلة ثرية وأضافت إلى الرواية

....................................................

وعن الزمن في رواية ( البجعة البيضاء ) قال محمد إبراهيم طه :

( الزمن في البجعة البيضاء يبدو دائريا، تصلح كل نقطة على قوسه الخارجي أن تصبح نقطة بداية أو نهاية، وتقف مآثر بطلة الرواية في مركز هذه الدائرة، في المنتصف تحلق وسط عدد كبير من الذكور يمثل كل منهم نقطة ذات دلالة في تاريخها الأنثوي والإنساني معا، حيث يمثل الرجل في وعي مآثر جسدا واحدا متعدد الأقنعة، والفروق الدقيقة بين ذكر وآخر تتبدى حين تصطفيهم البجعة البيضاء إلى جنتها فتتساقط الأقنعة عنهم تباعا.

بمقاييس المجتمع القديم ربما تبدو مآثر للقارئ الشرقي عاهرة متعددة العلاقات، لكن الرواية تشير من قريب وتوثق لميلاد امرأة جديدة قد تخلقت من معاناة الأنثى القديمة لقرون في مفاوضة الرجل بشأن حقوقها حتى يئست وقررت أن تتناول حظها في الندية والاختيار، فلم تعد في حاجة إلى الرجل كي يطعمها من جوع أو يحميها من خوف )

( وتدور أحداث رواية " باب الدنيا " في أقل من يوم، لكنها تستدعي عبر أربعة عقود حيوات وأحداث تتسم بالواقعية التي تخفي خلفها جانبا غيبيا  وميتافيزيقيا، وفي المسافة الفاصلة بين الواقعي والميتافيزيقي يعيد الراوي اكتشاف نفسه من خلال إعادة اكتشاف فتح الله الشحات صديقه وابن عمته الذي مات بالامس، عبر رؤية كلية للعالم أكثر رحابة  من رؤيته الحدية الجزئية ضيقة الأفق )

وتوالت الحوارات والمداخلات حول المجموعات القصصية والروايات للكاتب الكبير الدكتور محمد إبراهيم طه، من المجموعات القصصية ( توتة مائلة على نهر، الركض في مساحة خضراء، امرأة أسفل الشرفة، طيور ليست للزينة، الأميرة والرجل من العامة ) ومن الروايات : ( سقوط النوار، العابرون، دموع الإبل، باب الدنيا، البجعة البيضاء، شيطان الخضر ) وجاءت المداخلات من الكاتب الكبير محمد عبدالله الهادي والشاعر الكبير إبراهيم حامد رئيس مجلس إدارة فرع اتحاد الكُتّاب والذي احتفى بحضور كاتبنا الكبير وبأدبه، والشاعر السيد داود عضو مجلس إدارة الفرع الذي ألقى كلمة ترحيب بضيف المنصة وبإبداعه، د. كارم عزيز، بهاء الصالحي، العربي عبدالوهاب، عبدالعزيز دياب، محمد الديب، محمود رمضان، وكاتب هذه السطور، محمد العزبي، أحمد نبيه الصعيدي، وغيرهم.


في الذكرى السنويَّة على وفاة الشاعر الفلسطيني الكبير المرحوم محمود الدسوقي


 بقلم : الدكتور حاتم  جوعيه -  المغار -  الجليل -

  قبل أيام كانت الذكرى السنوية على وفاةِ الشاعر الفلسطيني الكبير ابن مدينة الطيبة -المثلث - الصديق محمود دسوقي ( أبو عدي )- ٢٨ / ١٠ / ٢٠١٥ - الشاعر الذي منحَ الوطن نبضَ الكلمةِ وشبابه وحياته .. 


الشاعرالعظيم الذي كان فارسا مقداما ومثالا للتحدي والتصدي في زمن وقف فيه البعضُ على رصيفِ الهروب وفي صف التتخاذل واللامبالاة ... بل في صفِّ التواطىء والتآمر ضد قضايا شعبنا المصيرية .. الشاعر الذي غمس حروفه في سنواتِ الخمسينات والستينات في زيت الهموم الوطنية وسال دمهُ على الصفحاتِ قصائد شعرية تهزُّ الوجدان .   كتب الشاعرُ لفلسطين و مصر عبد الناصر وحرب ٥٦ .. 


كتب للجزائر وجبال الاوراس .. كتب لسوريا الوحدة وللعراق ولكل قضية وطنية وإنسانية . وهنالك من حاول تغطية شمس شعره بعباءةِ التجاهل  . وهنالك بعض الجهات المشبوهةوالحاقدة والعميلة حاولت التعتيم على شعره كما حاولت التعتيم أيضا على البعض من زملائِهِ الشعراء الوطنيين المبدعين الأحرار والمناضلين .إن حركتنا الادبية في الداخل لم تنصف هذا الشاعر وللأسف ،وهو يُعدُّ في طليعة شعراءِ المقاومة في الداخل  .


انتظروا صدور كتاب "إضاءَات على شعر كمال إبراهيم" يحوي دراسة نقدية مطولة للدكتور حاتم جوعيه ومقالات أخرى لعدة نقاد

 



      سيصدُر قريبًا عن دار الحديث للإعلام والطباعة والنشر لصاحبها فهيم أبو ركن، كتاب  بعنوان :" إضاءَات على شعر كمال إبراهيم " 

 يحوي الكتاب دراسة نقديَّة موسعة وشاملة عن روحانيات الشاعر كمال إبراهيم - بقلم : الشاعر والناقد الكبيرالدكتور حاتم جوعيه، وأدرجت هذه الدراسة القيِّمة على الصفحات الأولى من الكتاب ، وتسعة مقالات أخرى عن دواوين شعرية مختلفة كانت قد صدرت للشاعر كمال إبراهيم على امتداد مسيرته الشعرية. وتشمل المقالات ما كتبه النقاد والأدباء عن تسعة دواوين شعرية كان قد أصدرها كمال إبراهيم وأشهرها في ندوات أدبية مختلفة. وهؤلاء النقاد الذين نشروا آراءَهم المميزة حول هذه الدواوين التي كتبها كمال إبراهيم قبل تسلمه دين التوحيد تشمل قصائِدَ في مواضيع مختلفة ، منها : الاجتماعية والوطنية والسياسية والإنسانية والغزلية.

وهؤلاء النقاد هم: توفيق نجم، الأردني، الذي كتب عن ديوان " روحانيات 5 "، " الدكتور الناقد نبيه القاسم عن ديوان " الفجر الأزرق"، الأديب الشاعر فهيم أبو ركن عن " رحيق وعسل "، نبيل عودة عن " أنغام الحروف "، الدكتور منير توما عن " همس السكون " الدكتور جودت عيد عن " قربان على مذبح الحب " الدكتور بطرس دلة عن " أنا وأنت والشعر"، علي هيبي " عن" صراع الكلمات "، والدكتور نبيل طنوس عن ديوان " أوركسترا السكون ".

تصميم الغلاف للفنانة ملكة زاهر.