CONVERSATION
توثيق للحركة الثقافية الليبية في كتاب جديد
تقرير: فراس حج محمد| فلسطين
صدر مؤخرا عن دار السراج للنشر والتوزيع في مدينة طرابلس الليبية، كتاب "جسور- أسئلة عن الأدب الليبي"، وهو الكتاب الثاني للصحفي والكاتب الليبي عبد السلام الفقهي، وصمم غلافه الفنان التشكيلي محمد الخروبي، ويقع في (230) صفحة من القطع المتوسط.
وتمثل مادة الكتاب كما جاء على الغلاف الأخير "تذكرة صعود إلى فضاءات تجمع بين صناع النصوص والأفكار التي شكلت نتاجهم. حيث نحلق في عوالم مختلفة التكوين، لكنها تشترك في الروح، وهي بالتأكيد روح الكتابة".
يُعتبر الكتاب بمثابة توثيق لجزء من تاريخ المشهد الثقافي الليبي، حيث يضم مجموعة من الحوارات واللقاءات مع شخصيات ليبية فاعلة في مجالات أدبية متنوعة، منهم: الكاتب يوسف الشريف، والدكتور عبد الله مليطان، والشاعر مفتاح العماري، والناقدين عبد الحكيم المالكي والدكتور حسن الأشلم، والمترجمون: فرج الترهوني، عبد السلام الغرياني، محمد الدويب. ويُركز الكتاب على إبراز جوانب من تاريخ المشهد الثقافي الليبي من خلال حوارات مع هؤلاء المبدعين كل في مجاله، في الراوية والقصة والشعر والمسرحية والتوثيق والترجمة والنقد.
يسعى الكتاب إلى توثيق جزء من تاريخ المشهد الثقافي الليبي المعاصر، من خلال تسجيل شهادات وتجارب المبدعين الليبيين، ويُعرّف بالعديد منهم في مختلف المجالات الأدبية، ويُسلّط الضوء على منجزاتهم وإسهاماتهم، ولا يقتصر الكتاب على عرض التجارب، بل يطرح أيضاً أسئلة حول واقع الأدب الليبي وتحدياته وتطوره. كما يُساهم الكتاب في بناء جسور التواصل بين الأجيال المختلفة من المبدعين الليبيين، وبين الأدب الليبي والجمهور.
يعدّ الكتاب وثيقة مهمة تسجل جزءا من تاريخ الأدب الليبي المعاصر، ومصدرا قيّما للباحثين والمهتمين بالأدب الليبي والدراسات الثقافية، يحافظ على ذاكرة المشهد الثقافي، ويُساهم في إبراز الهوية الثقافية الليبية، من خلال التعريف بمبدعيها ومنجزاتهم، كما أنه يُشجع الكتاب على الحوار والنقاش حول قضايا الأدب والثقافة في ليبيا.
ومن الجدير بالذكر أن المؤلف كاتب وصحفي مقيم في مدينة طرابلس، وسبق أن نشرت له دار السراج نفسها العام الماضي (2024) كتاب بعنوان: "المرآة والصورة- هوامش من ذاكرة النص الليبي"، والكتاب متوفر في معرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته الحالية الدورة (56)، في جناح اتحاد الناشرين الليبيين.
CONVERSATION
رسالة ولوحات رائعة من الفنانة الرسامة وفاء محمد زهير الباشا
الف شكر على عزيزتي وفاء على وفائك النادر، ورحم الله من أنجبك بهذا الخلق الانساني المفرح.
اخوك شربل بعيني
**
اخي الكريم شربل : ايامكم مباركة وأعياد مجيدة أعاده الله عليكم بالصحة والسعادة.
انشالله اموركم بخير واعذرني لعدم مراسلتك فأنا مشغولة مع الاولاد والأحفاد وكلبة لنه لكي لا ابقى في عزلتي في ويندسور
ليت والدي رحمه الله معي لكان فرح ب انتقالي من اسكتلندا إلى ويندسور كم اشتقت له ول احاديثه التي دوماً تشجعني وتدفعني إلى الأمام .
اتمنى ان تكون والاهل في لبنان بخير انشالله بعد هذه الحروب التي طالت ودمرت بس منقول الله يارب الطف وهدي الاحوال .
اخي وسيم زارني مع صديقته سامية ناصيف ووالدها كان طبيب لبناني وامها أميركية وفرحنا بلقاؤنا كثيراً .
احاول الرجوع إلى الرسم فمنذ ٤ سنوات لم امسك ريشتي واحاول تمرين يدي وقد أنتجت ثلاث لوحات: لوحة غزال ل بنتي لنه لتذكّرها حسب طلبها بالأراضي المرتفعة عند بحيرة Loch Muick
ولوحة ثلاثة أحصنة لصديقنا الاسكتلندي الذي يمتلك ثلاثة أحصنه بهذه الألوان
ولوحة لصديقتي الاسكتلندية التي تكتب قصص وشعر حتى أنها بكت لرؤيتها هديتي لها وكانت قد كتبت قصة البومة واسمها اورلا وهو اسم أيرلندي وعلمت أنها تحب هذا النوع من ألبوم وألوان الأزرق والأحمر
اخيراً يا اعز اصحاب والدي رحمه الله لك مني أطيب التحيات والأمنيات لعام 2025
ودمت بالف صحة وخير
اختك المحبة
وفاء محمد زهير الباشا
CONVERSATION
الشاعر لقمان محمود في (مئة فراشة لا على التعيين)
عن دار (49 بوكس) للنشر والتوزيع في السويد، أصدر الشاعر الكردي السوري لقمان محمود أحدث دواوينه والذي اختار له عنوان "مئة فراشة لا على التعيين". هذا الكتاب الشعري هو الثاني عشر في رصيد الشاعر لقمان، وقد نشر دواوينه السابقة في سوريا والمغرب وكردستان العراق والأردن وبلغاريا والسويد.
وما لاشك فيه أن الشعر قد سجل حضوره، كأحد أهم الفنون الإبداعية، منذ بداية الوعي الإنساني، ليقدم نفسه كفن إنساني راق، لايكتفي بتوثيق اللحظة التي يعيشها الإنسان، بل إنه لا يفتأ يحقق وظائفه المرهونة به، الجمالية منها، والروحية، ليكون بذلك حاجة إنسانية عليا، لاسيما وأن وجود الشعر، في صورته الحقيقية، مؤشر على أن العالم لايزال غير معافى.
فالشعر هنا هو رؤيا الكائن الذي يواجه الهشاشة، ويجعل العالم أكثر جدوى من خلال اللغة، فمنذ كتابه الشعري الأول "أفراح حزينة"، دمشق 1990، وهو يساكن هاجس المغامرة، تجريباً ووعياً وشغفاً بالتمرد على النمط، والاحتفاء بحرارة اللغة التي تدفع شاعرها إلى أفق التجريب.
فالشاعر لقمان محمود يملك تاريخاً طويلاً من التعامل مع الشعر يمتد إلى أكثر من ثلاثة عقود، لذا فإن إصداره الشعري الجديد، و المعنون ب "مئة فراشة لا على التعيين" يمتلك أساساً جديداً في تأسيس بنية شعرية متماسكة تميل إلى الإنسجام، و تفارق التقاليد الشعرية، من خلال السيطرة على الماضي.. سواء أكان هذا الماضي هو الحب، أو الوطن، أو الثورة، أو الأمل، أو الحلم..إلخ.
هو ديوان يحتفي - أيضاً - بالمنحى الفلسفي الذي تمثله القصائد ، باتكائها على مستويات التكثيف والإيجاز والمفارقة وباعتمادها على البعد الدلالي الحكمي والتقاط الدهشة، لإبراز الفكرة الموحية والتي تبقى هي المؤشر الدلالي على عمق هذه الفلسفة.
إن قصائد "مئة فراشة لا على التعيين" تتقرّى أبجديات الألم الحسية بشفافية معاصرة متخفّفة من كلّ ميل رومنطيقي أو نزعة مباشرة، من خلال الاستناد على الصورة المكتنزة بالشغف، الرافلة بالعاطفة الأليمة عبر استبطان التجربة الحياتية، وجَسْرِ الهوة بين الموضوعي والذّاتي.
يقول لقمان محمود: "الشعر أداة سحرية لتوسيع العالم عبر رفع سقف المخيلة. بهذا المعنى، كلّما رأيتُ صياداً يتربص بالسماء عرفتُ أن هناك أغنية ستسقط. وكلما رأيتُ طائرة تتربص بالأرض أيقنتُ أنّ هناك روحاً ستغيب.
في عالم كهذا كتبتُ ديواني الأول "أفراح حزينة" عام 1990، باللغة العربية. فالكردي المحروم من لغته الأم يجد نفسه في لغة غريبة (فرضت عليه) لا يعرف منها والداه سوى الفاتحة والدعاء، فيصر تحت ضغط التهميش والحرمان والضرورة أن يتعلم هذه اللغة
الطارئة على تفكيره وأحاسيسه ووعيه بكل السبل. هكذا تطرأ لغة أخرى مسموحة بها إلى جانب لغة الأم الممنوعة.
وبما أنّ الإبداع - على الأغلب - يتعلق بالوعي الجمالي. نادراً ما يبتعد هذا الوعي عن الوعي الإنساني. لم أفكر حتى الآن، باللغتين "الكردية" و"العربية" من ناحية التفضيل؟ أكتب بهما كأي "سبّاح" لا يستطيع الإستغناء عن إحدى يديه.
ما أريده من القصيدة الكردية هو ما أريده من الكتابة بشكل عام.. أي أنْ تكون القصيدة وطناً وبنفس الوقت منفى. أنْ تكون القصيدة سفراً وبنفس الوقت عزلة. أنْ تكون القصيدة كردية وبنفس الوقت عالمية الإبداع".
يُشار إلى أنّ لقمان محمود شاعر وناقد كردي سوري يحمل الجنسية السويدية. يكتب باللغتين الكردية والعربية. عضو اتحاد الأدباء والكتاب السويديين، عضو نادي القلم الكردي. صدر له حتى الآن 28 كتاباً في الشعر والنقد. من بين هذه الكتب ثلاث مجموعات شعرية كُتبت باللغة الكردية، وهي: "أتابع حريتي" عام 2013، "من السراب إلى الماء" عام 2013، "أسير وحدي" عام 2023. شارك في عدد من المهرجانات الشعرية والثقافية، ومعارض الكتب، داخل وخارج السويد.
كما تجدر الإشارة إلى أن لقمان ولد في مدينة عامودا، عام 1966، وعمل في مجال الصحافة الثقافية كمحرر في مجلة سردم العربي، ومجلة اشراقات كردية، كما عمل كمحرر في القسم الثقافي لجريدة التآخي.
من أجواء الديوان:
تحت جناحيكِ
تهتف النار
أيتها الفراشة العاشقة.
**
الذاكرة تحدثنا عمّا حدث
والنسيان يحدثنا
عمّا يمكن أن يحدث.
**
اِفعل ما يحلو لك
أيها الفرح
فلن يتنازل الحزن
عن أناقته.
**
في الطريق الطويل
إلى البيت
الصمت، هو أكثر
ما يخيف.
**
جاء الظلام
وجثم على كل شيء
ربّما ينتظر
من يشكره على ماضيه.
**
تلك الحرب
التي لا تؤذي أحداً
تحتاج فقط
إلى كذبة بيضاء.
**
في الظلام
رأوا كل شيء
ومن يومها
والموتى يتصارعون.
**
داخل الغابة الواسعة
أخاف من الأمل
بقدر ما أخاف من اليأس.
**
هذا الذعر القادم
من الذكريات البعيدة
يتشاجر دائماً
حين لا يجد شيئاً يفعله.
CONVERSATION
التجربة الإبداعية للكاتبة أميمة عز الدين بمنتدى السرديات بإتحاد كُتّاب الشرقية ومحافظات القناة وسيناء
كتب / مجدي جعفر
.................................................................
تحلق أدباء المنتدى حول التجربة الإبداعية للكاتبة القديرة أميمة عز الدين، وقدم الشاعر إبراهيم حامد رئيس مجلس الإدارة اللقاء مرحبا بالكاتبة وأثنى على مؤلفاتها التي لاقت حفاوة طيبة من القراء والنقاد على السواء، وأشاد بروايتها ( الحرير المخملي ) والتي عولجت دراميا، وتم بثها للمشاهدين عبر العديد من قنوات التلفزيون المصري في ( 60 ) حلقة كجزء أول، وهنأها على فوزها بجائزة الطيب صالح في القصة القصيرة، وأدار الندوة الكاتب والناقد العربي عبدالوهاب، وذكر بعض أعمال الكاتبة :
من مؤلفاتها الروائية : الحرير المخملي، نصف ساعة بالممر، الكاتبة.
ومن مؤلفاتها القصصية : ليلة الوداع الأخيرة، طرقات المحبة، يحلم بالموت.
وصدر لها أيضا ديوان شعر بعنوان ( موت هادئ ).
وفي مجال أدب الطفل صدر لها : الأسوار البيضاء، أحلام مريم، سلسلة سارة، أصابع زينب، ظل أخي، الملعقة الطائرة، أنفي كبير، شعر أحمر مجعد ( الفائز بجائزة معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2016م )، ألعاب فتونة، الحقيبة العجيبة ( القائمة الطويلة جائزة الشيخ زايد الدولية 2016م ، القائمة القصيرة جائزة اتصالات 2016م )، هل كان حلما ( القائمة الطويلة جائزة الشيخ زايد الدولية 2019م )، سلسلة عبدالله وآيات القرآن.
.........................................................
تجربة أميمة عز الدين فى الكتابة :
وعن تجربتها في الكتابة قالت الكاتبة أميمة عز الدين:
الكتابة أعتبرها فعل مقاومة حتى اتمكن من الحياة والتفاعل مع معطياتها وتقلباتها وقسوتها أحيانا ..ربما ما نتعرض له من صعاب وفخاخ وهزاىم تجعلنا نشعر بالضعف والعجز..لذا اعتبرت أن الكتابة بالنسبة لى حياة أخرى جديرة بالاهتمام والالتفات إليها
بدأت الكتابة بخاطرة بسيطة للغاية وساذجة ؛كنت اعتبرها قصة قصيرة حينها وكنت لم اتجاوز العشرين وألقيتها فى ندوة جريدة المساء التى يقيمها الكاتب الكبير محمد جبريل الذى نبهنى إلى أن تلك الخاطرة لا تصلح لأن تنتمى لفن القصة القصيرة وعلىّ القراءة ثم القراءة حتى يمكننى التعبير جيدا عما يجول بخاطرى.
وبالفعل قرأت كثيرا حتى كتبت أول قصة قصيرة بعنوان ( المطارد ) وأرسلتها على الفور للكاتب الكبير محمد جبريل الذى نشرها بالمساء الأسبوعى وتوالت القصص القصيرة حتى توقفت سنوات وعدت مرة أخرى من خلال رواية ( الحرير المخملى ) ٢٠٠٧ عن دار الحضارة بالقاهرة ثم تبعتها رواية ( نصف ساعة بالممر ) عن نفس الدار وهنا اسجل امتنانى الشديد للكاتب الكبير محمد جبريل الذى قرأ الحرير المخملى وكتب مقدمة عنها وأيضا ممتنة للناشر المصرى إلهامى بولس الذى تبنى نشر روايتى الحرير المخملى بينما كنت أتخبط بالبحث عن دار نشر ..ثم كتبت القصة القصيرة عشقى الأول وكتبت (ليلة الوداع الأخير ) عن دار شمس ثم ( طرقات المحبة )عن نهضة مصر .
فى تلك الاثناء اتجهت للكتابة للطفل والتى كانت مغامرة بالنسبة لى وتجربة مغايرة .فى البداية كانت مجرد وسيلة للحكى لأطفالى حتى يخلدوا للنوم وتطور الأمر إلى بحث واكتشاف حكايات جديدة وبأساليب تناسب أعمارهم وشغفهم وتطلعهم إلى حكايات جديدة غير تقليدية لا ينتصر الخير على الشر دوما أو تنتظر الأميرة الجميلة فارسها المغوار لينقذها .
لا أنكر اننى كنت ارتجل الحكايات حتى أعجبتنى اللعبة رغم مشقتها ووجدت عالم الكتابة للطفل يحتاج إلى خيال طفل وقدرة على جعل الطفل يستمتع بالقراءة حتى كتبت (أصابع زينب والحقيبة العجيبة وسلسلة سارة
وتوالت اصدارات الطفل حتى توقفت قليلا وعدت للقصة القصيرة من خلال قصص ( يحلم بالموت ) عن دار ألف ليلة وليلة.
..
مازلت أرى أن الكتابة تحتاج إلى تفرغ وذهن صاف ورؤية من الكاتب تخصه هو ..ليس بالضرورة أن يكون صوتك عاليا بل أن يكون صادقا وشغوفا.
..............................................................
وقدم الأديب مجدي جعفر ورقة نقدية مطولة في روايتها ( الحرير المخملي ) جاء فيها :
(استفادت الكاتبة من أدب المذكرات في كتابة روايتها، وكان البوح حاضرا بقوة في معظم فصول الرواية، وكل الفصول جاءت على لسان رقية محمود عبدالرحيم فاضل التهامي، وبضمير المتكلم، وهو الضمير الأنسب للبوح والفضفضة، ويناسب أدب المذكرات الذي انتهجته الكاتبة، وصرحت به في نهاية الرواية.
وتوسلت الكاتبة في إثراء روايتها بالفنون الأخرى، وكانت حاضرة بقوة مثل الفن التشكيلي والشعر والغناء والرقص.
وقدمت لنا هذه الحفيدة كاتبة المذكرات ثلاثة أزمنة وثلاثة أجيال، وكانت الكاتبة ذكية وحداثية في آن عندما جعلت الحفيدة رقية تتحدث بصوتين، الصوت الأول هو صوت رقية وهي دون الخامسة عشر، سن البواكير وتفتح الوعي وخبرات الحياة القليلة، والصوت الثاني وهو صوت رقية التي نضجت واستوت، وعركتها الحياة، وأصبح لها رؤاها وقناعتها، وتضع هذا الصوت الناضج بين قوسين ( .... ) والاشارات والتعليقات التي بين القوسين تثير انتباه القارئ، وتوقظه بقطعها لسرد رقية قليلة الخبرة، فتجعل القارئ يعاود التأمل والتفكير.
المكان : القرية المصرية الأشهر بمحافظة الشرقية، وبمصر كلها، قرية ( هرية رزنة ) والتي إذا ذُكرت ذُكر الزعيم أحمد عرابي، والجد الأكبر للحفيدة رقية ( الشيخ التهامي ) من أخلص خلصاء الزعيم، فعمره من عمر الزعيم وداره متاخمه لداره.
والبيت الكبير يضم : عطية / عطيات الزوجة الأولى للجد عبدالرحيم وهو رجل مزواج وزير نساء، وابنها محمود والد رقية وهو ظل لوالدة، ومهرة ابنة زوجته الثانية حبشية وتمثل ( النوبة )، وزينة ابنة زوجته الثالثة حسيبة وتمثل بحري، ورءوف ابن زوجته الرابعة دنيا ويمثل الإسكندرية، وتنوع هذه البيئات الثقافية بدلا من أن يكون إضافة ونعمة ويثري الحياة في البيت الكبير / الوطن، أصبح للأسف نقمة، فكان التنافر، والصراع الخفي والمُعلن بين القديم والجديد، بين التيار المحافظ والتقليدي الذي يمثله محمود وأمه عطيات، والتيار الجديد المعاصر والذي تمثله زينة ورءوف ومعهما رقية.
وقدم تحليلا مطولا لشخصيات الرواية وأزماتها، وأشاد ببراعة الكاتبة في تناول شخصياتها، وعنايتها برسمها، فجاءت شخصيات من لحم ودم وأعصاب تنبض على الورق، ونحتت لكل شخصية تمثالا في قلب المتلقي، كانت قريبة من شخصياتها، عبرت عن أفراحهم القليلة وأحزانهم الكثيرة، عن تطلعاتهم وإنكسارتهم، أصغت إلى أوجاعهم الداخلية كما رسمت ملامحهم الخارجية، غاصت في نفوسهم وأخرجت المطوي والمسكوت عنه، قدمت ما يصطرع وما يشتجر في نفوسهم، وما يدور في عقولهم، وأوضح كيف برعت في رسم شخصية العانس ( مهرة ) والعنين ( مدحت ) والراقصة ( دنيا ) والفنان والمثقف ( إسماعيل جعفر ورءوف ) و ( مروان ) الذي يمثل البشوات الجُدد، حتى الأسماء كان لكل شخصية من اسمها نصيب.
وتحدث جعفر أيضا عن مسارات الرواية، منها :
1 – المسار السياسي :
وزمنيا تبدأ الرواية من جدها الأكبر التهامي صديق عرابي ولا يمل هذا الجد من تكرار حديثه عن ولسلي الجبان الذي اختار الليل ستارا يستتر به، واتخذ الخيانة أيضا طريقا إلى النصر ولا يفتأ يلعن خنفس باشا. وتعثر رقية على خطاب من عرابي إلى جدها الأكبر يتهمه فيه بأنه خادم كسول ولا يستحق الأرض التي أنعم بها عليه وأنه على وشك ترك الجيش كعسكري نظامي كسول بليد لا يهمه سوى التطلع إلى عورات النساء وملء بطنه بفطائرالعسل الأسود!.
وهذه الرسالة تنسف الصورة الذهنية التي تكونت لدي المصريين عن عرابي، كأول زعيم وثائر في العصر الحديث!.
وأيقنت الحفيدة أن جدها خالي الوفاض من حكايات الشهامة والفروسية التي نعت بها جده التهامي وأبناء عائلته المقربين، ولم تعد تصدقه وهو يحكي عن بطولاته في حرب فلسطين، فهم لم يقدموا لفلسطين غير الكلام وإدعاء فروسية وهمية وبطولات زائفة، والقضية الفلسطينية لم تغب عن الكاتبة فتجسدت أيضا من خلال حبيب عمتها زينة وفارسها، وهو الفلسطيني الأب والمصري الأم، الثائر والذي يدعو لقضية بلاده في الجامعة المصرية، وينضم إلى حركة فلسطين الحرة، ويذهب إلى القدس وفي يده حجر، وقبل أن يلقيه في وجوه المحتلين الصهاينة كانت رصاصاتهم الغادرة أسرع، وأردوه قتيلا، ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه من بين السطور، ومن خلف المعنى المباشر لألفاظ وكلمات وجُمل الكاتبة،هل قامت السلطات العربية والإسلامية بواجباتها نحو فلسطين أرضا وشعبا؟
= وتشير الكاتبة إلى عملية التهجيرالقسري والجبري لأهل النوبة لبناء السد العالي في ستينات القرن الماضي.
= وتشير أيضا إلى هموم أهلنا في السودان، والحروب الأهلية والنزاعات العرقية والطائفية، من خلال سليل عائلة الأسرة الميرغينية العريقة في ولاية كسلا والمعروف عنها نشر الإسلام والاهتمام بدراسات اللغة العربية والقرآن، وتجسد هذا في شخصية إسماعيل جعفر والذي قتل وهو في مهمة تقديم المساعدات الإنسانية إلى أهل مدينة الفاشر، برعاية الاتحاد الأفريقي وتم الاستيلاء على القافلة وقُتل كل المرافقين لها.
المثقف والسلطة:
وتثيرالرواية أيضا قضية المثقف والسلطة، وهي قضية شائكة ومعقدة، ولعلنا نتذكرمقولة شاوشيسكو :
( كلما سمعت كلمة ثقافة تحسست مسدسي!! )
المثقف دائما في طليعة المجتمع، وكل الثورات التي قامت في العالم بشر بها الأدباء والكتاب والشعراء والفنانون، ومن هذه النماذج الشاب الفلسطيني الأب من أم مصرية،
( لا يحب مدح الحكام ويعتبرها رزيلة ومفسدة )
ومن هذه النماذج أيضا إسماعيل جعفر الشاعر والفنان التشكيلي الذي حمل قضية أهله ووطنه ( السودان ) ولم يكتف بالتعبير عنها شعرا ورسما ولكنه ذهب في قافلة كبيرة بطعام ليشبع بطون جائعة، وخيام ليأوي المشردين والمهجرين، وبدواء ليعالج الجرحى والمرضى، إنه الفنان الإنسان الذي يُقتل وهو يؤدي مهمة إنسانية نبيلة.
وأيضا رءوف المثقف والفنان التشكيلي
وتقدم لنا الكاتبة شخصية الحاج الهواري عويس نموذجا لعضو مجلس الشعب المعاصر، الانتهازي ونهاز الفرص، بلا مؤهلات علمية، ولا ثقافية، لا رؤى لديه ولا حلول لأزمات ومشاكل الدائرة التي يمثلها.
= وتقدم لنا شخصية مروان الذي تخلى عن الشعر والرسم وحلمه في تغيير الأمة، فكان يحدثها عن غاندي في أسماله الفقيرة وتغييره لأمة باكملها، ومحمد الفاتح والإسكندر الأكبر، كان لايخجل من فقره، ولكنه تخلى عن كل ذلك، ولاف على واحدة من علية القوم ليواصل رحلة الصعود، ليصبح واحدا من البكوات والبشوات الجُدد!
2 – المسار الثقافي :
تميزت هذه الرواية بحضور كثيف للشعر والفن التشكيلي والرقص، فمن شخصيات الرواية الشاعر والفنان التشكيلي والراقصة.
= مهرة فنانة بالفطرة، وتصنع من الحرير المخملي الستائر ومفارش السرير.
= واسماعيل جعفر شاعر وفنان تشكيلي، وتعي الكاتبة العلاقة الوثيقة بين الفن التشكيلي والشعر، وطبيعة الشاعر والفنان المختلفة.
= ورءوف فنان تشكيلي ومثقف، وفي سبيل حبه للفن، تخلى عن أرضه طواعية لأخيه، وتفرغ للفن، يسافر ويعرض لوحاته.
وتتناثر في جنبات الرواية أسماء بعض الفنانين العالمين أمثال جوبا وسلفادور دالي وغيرهما.
وكان من البدهي أن تقدم الكاتبة الكثير من مشاهد الرواية على شكل لوحات تشكيلية.
= وهناك أيضا شخصية محمود والد رقية الذي يقرض الشعر سرا، فالشعر في البيت الكبير من المحرمات، وقدمت الكاتبة ببراعة معاناة الشاعر أثناء الكتابة، وطرقه أبواب دور النشر، وهي في الواقع تقدم معاناة الأدباء الجُدد في نشر إبداعاتهم، مما يضطرهم إلى نشرها على نفقتهم الخاصة، وهذا ما فعله محمود الذي ظل يكتب سرا الشعر بعيدا عن الأعين، وبموت الأب أراد أن يعلن عن نفسه كشاعر، وأصدر ديوانه الأول على نفقته الخاصة، وكان يظن أنه فارس الشعر القادم بقوة، وصدر ديوانه ولم يُشر إليه بخبر واحد، فمحمود توقف عند كتابة الشعر العمودي، وما كتبه مجرد كلام مرصوص، لا روح فيه.
والكاتبة تورد في ثنايا الرواية الكثير من الأراء النقدية وتذكر أسماء لشعراء عرب وأجانب، فعلى سبيل المثال لا الحصر :
جاء ذكر رامبو والسياب وصلاح عبدالصبور وديوانه الأول " الناس في بلادي " ص 48.
وفي دفاعه عن الشعر التقليدي وإنكاره الشعر الحديث يقول محمود :
( الشعر العمودي الذي أهمله النقاد ...، والتشدق بالحداثة والبنيوية والتفككية ) ص 48.
وكثير عزة، عندما يقول الجد لدنيا الذي هام بها " اصبحت ككثير عزة "
وتوماس ستيرنز إليوت ( ت . س . إليوت ) ص59 الذي تأثر به إسماعيل جعفر في شعره.
والمعري وذكر أحد أبياته الشعرية ( إن حزنا في ساعة الموت أضعاف سرور في ساعة الميلاد )
وأمل دنقل شاعر رقية المفضل
وتذكر مسرحية ( في انتظار جودو ) لصموييل بيكيت الذي لا يأتي ولن يأتي.
= ومن الثقافة الرياضية تذكر يوريس بيكر لاعب التنس الألماني الذي تزوج من فتاة إفريفية.
= ومن علم النفس تذكر لنا عقدة أوديب، ورقية تحاول أن تحلل أزمة زوجها العنين، فربما يعاني من عقدة أوديب لالتصاقه بأمه، ولا يريد التخلي عن جوارها.
ومن الثقافة السينمائية : تقول رقية عن عمها رءوف في نظر جدتها عطية / عطيات بأنه ابن المرأة المجهولة في فيلم شادية وعماد حمدي، وربما رغب في تقمص شخصية اللقيط الشريف والذي يمثله العندليب عبدالحليم حافظ في فيلم الخطايا.
وأيضا فيلم ( رد قلبي ) : ( وتوقعت أن يأتيني على حصانه ذات يوم ويطلبني من جدي في كبرياء وعزة نفس، أو ربما يورط والده في تلك المغامرة المجنونة " كان خيالا صرفا، وقتها كنت أمني نفسي بأنني لا أقل روعة عن مريم فخر الدين في فيلم رد قلبي وأن مروان يمثل شكري سرحان دون مبالغة.
الراقصة الشريفة :
= = = ومن الشخصيات المضيئة في الرواية شخصية الراقصة، المحبة للحياة، والتي تعشق الرقص، الرقص للرقص فقط، وكأنها تنادي بنظرية الفن للفن.
كانت ترقص على الشاطئ ويلتف حولها الشباب والفتيات، يصفقون لها إعجابا، ويرقصون أيضا، ويزداد جمهورها يوما بعد يوم، يلقبونها في الإسكندرية بالراقصة الشريفة، ولم يصدق أحد في البدء أنها إمرأة للرقص فقط وبمرور الوقت أصبح هناك من يصدق، فهي لا ترافق الرجال ولا تستكين إلى جيوبهم ولا تقرب الخمر، شخصية مبهجة ومشرقة ومضيئة، إيجابية وفاعلة، ومتمردة، وحققت ما تريد، وأعتقد أنها أثرت فن الرقص، وخلصته من الإبتذال، وجعلت من يلتفون حولها يرون الرقص فنا راقيا وساميا.
3 – المسار الديني :
من أخطر ما أثارته الرواية وقدمته الكاتبة بدهاء شديد، وبوعي بصير، هو محاولة البعض تبرير بعض السلوكيات، مستخدمين الدين ولي عنق النصوص القرآنية، مستندين إلى الحاضنة الشعبية التي كونت دينها الخاص والتي تستند إلى عادات وتقاليد متوارثة وأعراف وتم صبغها بالصبغة الدينية، وذكر نموذجين من الرواية على سبيل المثال :
= النموذج الأول : الجد عبدالرحيم المزواج ( زير النساء ) ويبررون هذا السلوك محتمين بالدين الشعبي بعيدا عن الدين الخالص وانحيازا إلى المجتمع الذكوري.
فهناك موبقات تُرتكب باسم الدين، والدين منها براء، فتم تطويع الدين ولي عنق نصوصه لتبرير أفعال الجد عبدالرحيم فاضل التهامي.
= النموذخ الآخر وهو الأخطر، ويتم فيه استخدام وسائل الترغيب قليلا، والترهيب كثيرا وتوظيف الدين أيضا، لتقبل رقية أن تبقى تحت رجل عنين، ولجأت أم مدحت العنين إلى أقذر الحيل وأحط الوسائل مستفيدة أيضا من الحاضنة الشعبية والتي لها دينها وموروثها الخاص، وتعلي من شأن المجتمع الذكوري، فالحماة تحاول بخبث توظيف المودة والسكن والرحمة لرقية في غير موضعها، وحتى لو كان ابنها عنينا.
ومحاولة تمرير كلمة المرأة ستر وغطا على زوجها وإقناع رقية بها ولترضى بالأمر الواقع، وإذا لم تستجب بالحسنى، فلنجرب إرهابها والربط الغريب بين طاعة الزوج حتى لو كان عنينا، هل فعلا إذا لم تقبل بزوجها العنين وترضى به سيغضب الله عليها وسيطردها من رحمته ولن تشم رائحة الجنة!
والكاتبة متاثرة في معجمها اللغوي بالقرآن الكريم وبالأحاديث النبوية، فتأتي كثيرا بألفاظ قرآنية مباشرة وأحيانا أخرى بدلالات اللفظ القرآني.
.......................................................
وعن رواية ( نصف ساعة أسفل الممر ) قدم الكاتب والناقد العربي عبدالوهاب دراسته البديعة والماتعة، وجاء فيها :
لعل أهم ما يميز جيل التسعينات فى الكتابة الروائية، هو اتكائهم على التفاصيل الصغيرة ، التى تمثل بؤرا متعددة لشخصيات فقدت إيمانها ـ إلى حد ما ـ بالقضايا الكبرى ، لأنهم فطنوا إلى انقضاء زمن الشعارات ، وتفتح وعيهم على تشظى الخارطة العربية وتبعثرها ، بالإضافة إلى انهيار المثل العليا أو تخلخلها مما دفع هذا الجيل إلى إعادة مناقشة تلك الأفكار ولكن عبر مكنون الذات.
إن مفردة الوطن صارت محفوفة بمخاطر عدة ، لأن المتاح أقل بكثير على أرض الواقع من طموحات جيل وجد نفسه مائع الملامح ، صار القبض على كل ما هو ذاتى ، وتبئيره غاية بعض الكتابات الجديدة ، عندما أصبح الوطن ظلا بعيدا ، يتبدى كثوب مهلهل لا يصلح سوى مادة فنية لرواية ، ورغبة ملحة فى الكتابة ، صار الهامش الانسانى الذى يومض كالبريق فى الروايات السالفة للذات ؛ هنا هو جوهر ومتن الكتابة ، وفى ظل تساقط النظريات الكبرى ، واندحار الإنسان أمام الماكينة ، وأمام أطماع الدول الكبرى فى الشعوب الفقيرة تضاءل ظل الإنسان على الأرض ، وصارت الكتابة عن الظل وهذا التلاشى حتمية لا مفر منها، تحول الهامش إلى متن ، وصارت التفاصيل الصغيرة بدفئها وحيويتها ، وحركة الذات فى محيطها الضيق هو جل ما تطمع إليه الرواية التسعينية إلى تأسيسه ، الجسد بتحققه، وحضوره ، وقدرة الإنسان على ملامسته والشعور ببرودته ، أصبحت غاية واهتمام كتابات أخرى ، فيها يتشكل انكسار الإنسان وتتعرى آلامه، غدت الرواية هدفا ومطمحا ، ومحفزا للكتابة .
و الشعور بالضياع الذى أنتجته الطبقية الجديدة بفجاجتها ورعونة سلوكيات شخصياتها ، وخوائها الفكرى ، حيث كانت الطبقة الوسطى فى الماضى هى القادرة على إنتاج الثقافة والمحافظة على وعى وذاكرة المجتمع من الضياع، وبتلاشى هذه الطبقة ، تبدلت التركبية الاجتماعية للمجتمع ، وتبدت هوة كبيرة بين طبقتين ، غير متكافتئين ، اقتصاديا ، واجتماعيا ، وهذا بالضبط ما جعل الكاتبة تكتب روايتها ( نصف ساعة بالممر) .. هى نصف ساعة فاصلة فى حياة نوعين من الشخصيات
النوع الأول ويمثله " عمر " الشاب الغنى ابن طبقة اجتماعية ، تمتلك السلطة والمال والحظوة ، والنوع الآخر هو الطبقة الدنيا و تمثلها الفتاة / الطفلة / ابنة الخادمة ومصير والديها كممثلين لهذه الطبقة ، وهى الشريحة الأكبر وتضم بداخلها السواد الأعظم من المجتمع .
إن إلتقاء النوعين أو النمطين اللذين يمثلان طبقتين تفصلهما هوة كبيرة ، اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ، من المؤكد أن يولد صداما كبيرا ، تعقبه تداعيات لا تحصى ، على بطل الرواية ، والفتاة.
وبالرغم من كون النقطة التى يتلاقيا عندها ويتصادما، نقطة كلاسيكية ، وهى الشرف ، ( العرض ) .. اغتصاب عمر للفتاة/ الطفلة ، خلال نصف ساعة قضياها فى الممر الفاصل بين الصالة والحمام ، كانت نتيجته تدمير أسرة صغيرة كادحة تأمل فى العيش بشرف حتى لو كانت مهنتهم خدم، أو جامعو قمامة ، هذه اللحظة الإنسانية الفاصلة فى حياة الطرفين ، كانت كافية لضياع الجميع .
نرصد أولا كيف حدث ذلك ، ثم نقوم بتحليل أبعاده الدلالية فى الرواية.
أولا واقعة الاغتصاب ، تمثل الحدث المركزى الذى سعت باتجاهه أحداث الرواية ـ رضيت بذلك أم أبت ـ سوف يحدث لا محالة ، لأن الاغتصاب فى الرواية ليس فقط بمعناه الحرفى الواقعى ، وإنما بأبعاده الدلالية العميقة ، يؤكد أنه ثمة طبقة منعمة بالثراء يعانى أصحابها من الفراغ ، والغربة ، والوحدة ، وتنعدم أواصر الترابط بين أفرادها، تتربص بطبقة يطحنها الفقر، وترغب فى تزكية فراغها والتنفيس عن أمراضها باللعب بدمى مثل ابنة الخادمة ؛ نرى ذلك جليا فى والدة عمر / بطل الرواية التى لم تهتم بتصريح ابنها بما اقترفه من جريمة اغتصاب ، لم تنشغل إلا بالسجادة العجمية ، وبشلة النادى ، ولم تهتم إلا بفقدان فستانها غالى الثمن حين تظن بأن الخادمة سرقته كما أوهما عمر ابنها بذلك ليستنطقها، محاولا معرفة عنوان الخادمة ، ربما يلحق بالفتاة قبلما يصيبها الهلاك على يدى والديها ، أفاق على كلمات صديقه الوحيد المتبقى من بقايا الطبقة الوسطى.
لقد اغتصبها غير مكترث بمصيرها ، إلا أن منطقها وإيمانها بالله ، وبراءة كلماتها ، تحولت ـ حسب سعى الرواية ـ إلى لعنة ظلت تطارد المغتصب.
وعندما يصل أخيرا ، ـ بعد تلكؤ ـ وصراع مع ضميره ـ المشكوك فيه ـ يجد بأن والد الفتاة ، قد تخلص منها تنفيذا لصرامة بيئته الصعيدية ، وحال عودته لا تجد الأم أمامها إلا قتل زوجها لأنه حرمها من وحيدتها ، انتهت الأم إلى مستشفى المجانين ، أو إلى السجن ـ لا يهم ـ المهم هو رصد كيفية تلاشى أسرة فقيرة ، تمثل طبقة عريضة من المجتمع ، كانت تسعى بشرف فى دروب الحياة ، لكنها سقطت ضحية للهو عمر ابن الأغنياء ، وتحت وطأة العادات ،والانتهاك ، والفقر ، وعدم الاعتراف بوجودها ـ اجتماعيا ـ أو حقها فى الحياة من جانب الطبقة الراقية / الثرية المفرغة من الداخل.
ربما يبدو أن كل ماسبق عاديا لا جديد فيه، نعم ، لكن الرواية اتخذت من تلك الحادثة ( الاغتصاب ) متكأ للولوج منها إلى فاجعة أكبر ، حين قرأت بشكل فنى الخارطة الأكبر والأشمل للطبقية العالمية ، حين دفعت الكاتبة ببطلها عمر للسفر إلى أمريكا، رغما عنه وتحت طلب فورى للأم ، وانشغال فج للأب بالسلطة ، عن ولده عمر أن يقوم والديه بتسفيره بسرعة إلى أمريكا ، لكى تتمكن من تقديم ، وتقييم جيد وحصيف لحجم هذه الطبقة الثرية على مستوى النظام العالمى ، لنكتشف مع الرواية أننا سياسيا واجتماعيا ، فى نظر الغرب مجرد حفنة ضئيلة، واهنة ، يرانا الآخر ارهابيين ، ونظل تحت الاشتباه والتهميش ، ونتعرض كشعوب فقيرة لانتهاك أكبر ، وأقسى.
يدعى عمر أثناء الاشتباه فيه فى مطار لوس أنجلوس ، يدعى إصابته بالزائدة ويتمكن من خلال إجادته للعبة ما كانت الشلة تقتل بها فراغها فى أوقات كثيرة ، أن يكتم أنفاسه ويدعى أنه ميت، أو على حافة الموت ، ولولا لجوئه لتك الحيلة لصار إرهابيا وتحول لسجن جونتانامو ، لا فرق فى نظر الغرب بين فقير وغنى ، جميعنا فى نظرهم خارج التاريخ ، ، كأن شعوبنا وأوطاننا محكوم عليها سلفا بالانقراض.
هل كانت آلام عمر الروحية وتكشف ذاته لتلك الحقائق الصدامية بين غرب وشرق ، بين طبقة وأخرى داخل وطنه ، بينه وبين الفتاة / الطفلة هو سر آلامه وتشظيه أم أن لعنة ما اقترفه من انتهاكات فى بلده ؛ صارت كلعنة الفراعنة تطارده ،
حين كان فى زيارة إلى باريس ، دعى فتاة فرنسية من أصول مختلطة لتناول الغداء ، وظل يمنى نفسه بقضاء وقت جميل معها ، قرأت شبقه ، ورغبته فى احتوائها جسديا ، بعد الغذاء قالت له :
" ـ لستُ ديمونة التى تبحث عنها فى ضواحى باريس، أفق يا شمشون عصرك وأوانك .قالتها بعربية ركيكة للغاية ، وولت الأدبار وهو غارق فى عرقه ، وعاره وعجزه عن غزو تلك البائعة الحقيرة !
شعر بخزى شديد حينذاك ، وتطلع إلى فاتيما ( الفتاة / الطفلة ) لقد ذكرته بهزيمته وعليه أن يكون تلك اللحظة منتصرا " صـ34 .. البائعة الباريسية الفقيرة قهرته ، هو بثرائه خرج من المعركة مهزوما ، مقهورا ، ولم يحقق انتصاره الا على فتاة بريئة فقيرة وابنة خادمتهم ، إن الرواية تتعرض لألوان القهر بصوره المتعددة بين الغرب المتسلط فى كل شيئ وبين الشرق المتداعى بكل طبقاته ، لماذا؟! ، لأن الحسابات العالميه أخرجته مندحرا من حلبة السباق الحضارى .
تعانى شخوص رواية (نصف ساعة بالممر) ، من انهيارات وانكسارات عدة ، فى ظل أطروحات النظام العالمى الجديد الذى ساهمت وضعيتنا الراهنة على حدوثه.
وإذا كنا غير معنيين بإنجاز بحث اقتصادى أو اجتماعى عن صراع الطبقات والشعوب ، إلا أننا سوف نستقرأ أحزانا وآلاما إنسانية نشعت فى تلافيف الروح وسكنت بها وتعمل على تقويضها ، يموت عمر فى إحدى مستشفيات أمريكا ، وهو يهذى بفعلته ، مع الفتاة/ ابنة الخادمة ، ويفقد عم عمر ابنته نتيجة الازدواج الذى تربت عليه ابنته ولم تتمكن من جمع القطبين، الشرق بتعاليمه وتربيته ، وبين حرية الفرد فى المجتمع الغربى ، بما يعنى أن ثمة تشوهات وأمراض لا محالة ساقط فيها الطرف العربى المغترب ، بالرغم من وصوله اقتصاديا ـ إلى درجة محترمة ، هو فى النهاية منتهك ومستلب ، أو يعانى
أجادت الكاتبة فى رسم العوالم النفسية لأبطال روايتها ، ولا يفتنى أن أحييها على قدرتها العالية على ترسم شخصية الخادمة / أم الطفلة بشكل فريد ، وإظهار جوانب نفسية ، وروحية رائعة ، صحيح أن الرواية لم تسع إلى محيط الكتابة النسوية إلا بقدر ضئيل، لكن أيضا نلحظ طرفا منه توسيع دور الأم وتمثل معاناتها وتتبع تفاصيها، بخفة ودربة ، وبمهارة تحسد عليها فى المقابل انتقصت من الأب زوج الخادمة عامل البلدية ، فقد أظهرته كسولا اتكاليا ، معتمدا على زوجته ، لا يشغله إلا مزاجه أو إظهار أبويته بقسوة ، حين سحب ابنته عند الفجر ، وقتلها ،من أجل الشرف ، فى نفس الآن اقتضت الضرورة على الأب التخلص من الجانى الحقيقى عمر لكن وهن وضعيته الاقتصادية حال دون ذلك، الغريب أنه لم يسأل عن الجاني الحقيقي، وباتت شخصيته باهته وغير فاعلة.
للكاتبة رؤيتها الخاصة فى تصويرها للرجل ، لكنى أشعر بأن ذلك كان متعمدا منها ـ ليس لأنها ترى ذلك وتدشن له ـ لكن ربما كان لضرورة فنية تخص الحبكة الروائية حتى تنتقل سريعا بأحداث روايتها من دائرة الصراع الطبقى الداخلى ، إلى أفق أكثر شمولا ، هو الأقرب لصراع الحضارات ، كما أسلفت .
ويضيف عبدالوهاب :
( لغة أميمة الروائية صارت قادرة على تبئير لحظات فارقة فى حياة الشخصيات مما أضفى على الأحداث طابعا حداثيا ، يتميز باستفادة الكاتبة من تجليات الكتابة الجديدة ، وتتبعها لتفاصيل دالة ، وربطها بمدلولات أكثر شمولا ، جعل من روايته عملا متميزا )
..................................................
وتحت عنوان ( المخملية والحياة ) قدم الباحث والناقد بهاء الصالحي دراسته المائزة والمتميزة في رواية ( الحرير المخملي )، وجاء فيها :
(أي معنى للمخملية يكمن في تلك الرواية وما هي دلالة المخملية هنا؟ هل كانت المخملية الإدراك الرومانسي للحياة وعدم قدرة الواقع على احترام هذا التقدير أو هذه الرؤية وبالتالي فكرة الوئد لأحلام الانثى في مهدها الأول، مشهد الافتتاحية قائم على المقابلة ما بين الموت والحياة حيث دلالة الثوب الأسود المصاحب للموت المصاحب لفكرة النضج النابعة من إدراك الجسدنة الجديدة حيث ضرورة الإجابه عن أسئلة التحقق وذلك المشهد يواجهنا في الصفحة الأولى، مهاره السرد تحيلها من فكرة الحدوتة المنمقة من على الوصف ولكن ذلك الفصل الأول تقديم جنيني للنص ويعتبر إشارة توجيهيه لمسار النص عبر فصوله التالية. وبالتالي تصبح عقده الرواية في أولها وذلك على سبيل الابتكار في اللغة الفنية، فطبقا للقواعد الكلاسيكية تتصاعد الأحداث حتى تبلغ العقدة الدرامية قمتها في منتصف العمل ويتم حل رموزها بنهاية القصة ولكن ذلك مرتبط بفكره التطهر القائمة على الفهم الأرسطي السائد بفعل تطور القص العربي وحاجته إلى التنظير لمفهوم القص استجابة لتحدي القران الكريم لأليه المقتضى التاريخي المعبر عن العرب ممثلا في الشعر وبالتالي وجدوا الإجابة عند العقل اليوناني ولكن حالة المعاصرة وتطور العقل البشري أدى لفكرة تكرار الحالة والنموذج المتجدد بفعل فكرة التثاقف مع العالم وبذلك صار النمط الواحد قابل للتفسير من وجهه نظر مختلفة من مبدع لأخر وفقا لمنظوره الاجتماعي طبقيا ووظيفيا )
وأضاف الصالحي :
ويجسد ذلك العمل عدة نقاط رئيسية يمكن قراءتها:
1_ الاتجاه المتصاعد للحدث الروائي بدليل نهايته القطعية بجملة تقريرية للسارد الرئيسي عبر الرواية بأنها لن تغادر القاهرة والدراسة في الجامعة الأمريكية حتى لو دفنت في مقابر الصدقة.
٢_ السياق النفسي السائد عبر الرواية وهو الاتجاه الذكوري في فهم الحياة وسيطرة فهم الدين الشعبي تجاه المرأه وكأنه تجسيد لتطبيقات مفهوم الخروج من الجنة وإدانه الأنثى فيه قائم على أنها مصدر للغواية وذلك في عقل أم الزوج والزوج المغدور نفسه علما بأن طريقة القتل قد جاءت بصيغة درامية غرائبية مرتهنه بفكرة العبث حيث جاء مقتل مدحت على يد الشحات الذي تعرض لتقريع مدحت عندما سأله حاجته فأثر فيه قسوة الاحساس بالتفرقة الطبقية وكان المجتمع في أدنى فئاته ذلك المتسول قادر على معالجة ذلك الفهم الخاطئ للواقع من باب الإدانة والاستبعاد وعدم التعاطف.
٣_ التوازي في بناء الشخصيات اكسب الشخصيات الذكورية نوعا من التسطيح فكان الأب نوعا من الخواء الفكري القائم على أنه ظل لأبيه مما أكسبه نوعا من الإحساس الوهمي بالتفوق فلم تتحرك لديه عطفة ولو لبرهه تجاه مأساة أبنته ولأن موقفه من أخته ذات البشرة النوبية قد يكون مبررا بحكم ولاءه لأمه وكذلك غير مبرر لأبنته إلا بفكرة الطمع في تلك المميزات التي يطمح فيها من إبن عضو مجلس الشعب.
٤_ ادانه فكره التبعية التي تميز أبناء ذلك الواقع وكان قسوة الأب التهامي الكبير كمعادل موضوعي لإدانة سيطرة القديم على الجديد فالإبن صورة من أبيه على الرغم من ثرائه ولكنه يعاني من ازمة عدم التحقق فلم يلاقي ديوانه الشعري ذلك الصدى الذي يجعله قادرا على احتياز لقب شاعر كبير وكأن إدارة الازمه لديه قد انعكس على تعامله مع الآخرين خاصه أبنته.
٥_ الشخصية الرئيسية عبر الرواية هي رقيه وهي الصوت الوحيد عبر الرواية وكانت تلك الرواية قد اكتسبت صفه الخلود لو تعددت أصوات الشخصيات المتاحة عبر البيئة الروائية وبالتالي كان من الممكن عبر رؤية الجد لدى أبنائه وأحفاده مما يجعل الرواية رواية أصوات حيث يعرض الأب رؤيته للحدود ما بين طاعته لأبيه ورؤيته لجيله وواقعه.
٦_ بيئة الحدث الروائي هل هو حدث في المطلق؟ فقد جاء المنظور من عصر واحد هو تجليات لعصر الجد وكأن معظم الشخصيات قد تم رسمها وفقا لمنظور ذلك العصر فلم يطرأ أي تغير مجتمعي ما قادر على تطوير الوعي لدى الشخصيات ولكن سرد الحدث في خط متصاعد من وجهه نظر رقيه أدي إلى وضع الرواية في خانه ضيقه وهي صرخة الأنثى في واقع متخلف وكأن تلك الصرخة والإصرار على الإدانة ذلك النمط الذكوري للأب وكذلك الشقيق الصاعد في اتجاه طموحه الشخصي هو الغرض الرئيسي من الرواية.
٧_ الإدانة لمفهوم تقديس التاريخ من باب اضفاء جو من الغموض حوله ومقاومة كل محاوله لسبر أغواره وكأن تلك المقاومة نوعا من المصلحة لدى الشخصيات التي صاغها ذلك التاريخ بدليل تشويه السارد لمسيرة ذلك الجد الأكبر الذي رافق عرابي وكان رأي عرابي فيه أنه مفتون بفكرة النساء واختلاس النظر اليهن وكانت تلك الفكرة استمرارا للخطاب الدرامي المراد ابرازه وهي مرحلة تجاوزها الادب النسائي في مصر.
٨_ غياب الشخصيات النسوية الفواعل عبر القرية واقتصار ذلك على الغرباء مثل القادمون من الإسكندرية وأمريكا وكأن ذلك الواقع قد عجز عن التطور على رغم انتشار التعليم فيه وعلى الرغم من غياب المردود الاجتماعي لعمليه التعلم تلك سوى الضخ في اتجاه الهروب.
يتبقى في تلك الرواية مهاره الروائية في الوصف وكثافه الجمل في اتجاه الأزمة وكذلك شمول الحدث كله لدلالة العنوان وهو الحرير المخملي. حيث التناقض في عرض الشخصية النوبية كنوع من العنصرية البادية في البيئة الروائية والتاريخية وفهم الدين الشعبي والمجتمع الريفي للأخر. وذلك بحكم غياب تلك المقاييس الجمالية الخاصة في ذلك الواقع المكون من عبر تاريخ من الخصوصية وبذلك تبقى أهميه شخصية إسماعيل جوهر في ذلك العمل حيث فكره التنوع الضروري لتناول مقتضيات الحياه الريفية وكأنه نوعا من الإدانة للواحدية في التفكير وضرورة الانفتاح على الآخر ولعل فلسفه الحلم التي تواترت مرتين عبر الرواية كجزء من اللغة الفنية الخاصة بالعمل واللغة الفنية في العمل تقتضي نوعا من إعادة ترتيب مفردات الجملة الروائية حيث تبادل أولويات الشخصيات وفق المعادل الموضوعي للنسق الفكري الخاص بالرواية وذلك تأسيسا على البعد التنويري الخاص بالرواية كفن تعبيري وكذلك مساهمة الروائي كمثقف عضوي قبل كل شيء. )
............................................................
وتوالت المداخلات من الشاعر الغنائي صلاح محمد علي والكاتب والمبدع محمد عبدالله الهادي والباحث والناقد بهاء الصالحي والشاعر والأديب محمد الديب والأديب محمد الحديدي والشاعر محمود رمضان والكاتب والإعلامي محمد عجم والكاتب محمد نصر الدين هلال وغيرهم.
CONVERSATION
الخليل تكرّم كتّاب المحافظة والاتّحاد العام للكتّاب
عاشت ثقافتُنا الفلسطينيّة واحدة موحِّدة مقاوِمة، ورافعة لتطلّعاتنا الوطنيّة!
حلّ يوم 15 كانون الثاني 2025 العشرات من أعضاء الاتّحاد العام للكتّاب الفلسطينيّين – الكرمل 48 ضيوف شرف في حفل تكريم كتّاب محافظة الخليل، والذي قام عليه مركز السنابل للدراسات والتراث الشعبيّ والذي يرأسه د. إدريس جرادات. وقام المركز، إضافة، بتكريم الاتّحاد والأعضاء المشاركين ومنح كلّ منهم شهادة تقدير على دورهم في المشهد الثقافي الفلسطيني.
شارك في اللقاء الثقافيّ هذا ثلّة من الشخصيّات الدينيّة والسياسيّة الفلسطينيّة بتقديم التحيّات، يتقدّمهم؛ المطران عطا الله حنّا ووزير الأديان السابق في السلطة الفلسطينيّة وكاهن الطائفة السامريّة وممثّلو المحافظ والبلديّة والغرفة التجاريّة. وكانت كلمة الاتّحاد، التي قدّمها الأمين العام سعيد نفّاع، فاتحة الشقّ الثقافيّ التكريمي ومقدّما شهادات التكريم للكتّاب باسم المركز. وجاء في الكلمة:
"اسمحوا لي أيّها الأخوة أن أطرح السؤال\ التساؤل: هل كنّا كحملة قلم على قدر ما يتعرّض له شعبُنا مؤخّرًا في غزّة وسائر أماكن تواجده من حرب إبادة؟!
أترك هذا السؤال مفتوحًا أمام ضمائرنا!"
هذا، وعلى هامش المناسبة، التقى وفد من الاتّحاد ضمّ كل من؛ مصطفى عبد الفتّاح، وسعيد ياسين وسعيد نفّاع، لقاءين هامّين؛ مع الأمين العام السابق لاتّحاد الكتّاب الفلسطينييّن: الكاتب نافذ الرفاعي في الخليل، ومع المؤسّس لمنصّة اليوم السابع: الروائي جميل السلحوت في القدس، بحثوا فيهما آفاق التعاون.
وأمّا الكلمة كاملة:
د. إدريس جرادات - مركز السنابل للدراسات والتراث الشعبي
الأخوات والأخوة مع حفظ الأسماء والمقامات
يوم 6 آب 2022 التقيناكم الاتّحاد العام للكتّاب الفلسطينيّين – الكرمل48 في مقرّ مؤسّسة إبداع في الدهيشة، وذلك ضمن برنامج الاتّحاد للتشبيك ما بين الكتّاب الفلسطينيّين في الكلّ الفلسطينيّ.
في بياننا المشترك حينها كتبنا:
"لقاء الكلّ الفلسطيني من مخيّم الدهيشة – بيت لحم والذي ضمّ ممثلّي الاتّحاد العام للكتّاب الفلسطينيّين – الكرمل48 ومؤسّسة إبداع الدهيشة... يدين العدوان الذي تشنّه المؤسّسة الإسرائيليّة على قطاع غزّة، ويعتبر أنّ ما يرتكب من جرائم في غزّة وضد الأبرياء هنالك من الأطفال والنساء والعجزة جرائم حرب ضد الإنسانيّة. اللقاء يدعو كافّة الكتّاب من أبناء شعبنا وفي كلّ أماكن التواجد أن يطلقوا الصوت عاليًا ضد هذا العدوان، وأن يفعلوا ما يستطيعون إلى ذلك سبيلا للتضامن وفضح جرائم العدوان.".
وما أشبه اليوم بالأمس. تدور الأيّام وها نحن نعقد لقاءنا هذا وشعبنا في غزّة يتعرّض للإبادة!
فإلى متى سيظّل شعبنا يُذبح المرّة تلو المرّة؟!
الأخوات والأخوة!
رأت حركتنا الثقافيّة عامّة والأدبيّةُ منها في ال-48 ومنذ أن التقطت أنفاسَها بعد النكبة، أنّ ثقافتَنا الفلسطينيّة عمادٌ في معركتنا الوجوديّة وأنّما أذرت بأهلها رياح النكبة، وأنّها ومن منطلق وحدتها يجب أن تكون تواصليّة موحِّدةً في حمل الهمّ الوطنيّ. مشاركتنا إيّاكم هذا الحدث يجيء من هذا الباب بوضع لبنةٍ أخرى هامّة في مشروع ترسيخ التواصل بين أركان بيتنا الثقافيّ الفلسطينيّ، التواصل الذي بُتِر كليّة عام ال-48 لكنّه قام كطيرنا العربيّ، العنقاء، من بين الرماد وانطلق.
من نافل القول، أنّ لا رفعةَ ولا رقيّ لمجتمعٍ أو شعبٍ أو أمّة دون لبوسٍ ثقافيّ ثوريّ تنويري، وهذا اللبوسُ هو الذي طغى على مشهدنا الثقافيّ الفلسطينيّ في كلّ أركان البيت، ورغم تباعدِها الجسديّ القسريّ، طغى لأنّنا أبناءُ قضيّة وطنيّة عميقةِ الجراح وأيّ تشويه ثقافيّ يعمّق الجراح.
الحقيقةُ هي أنّا نحن في ال-48 فلسطينيّي البقاء، ال-156 ألفٍ بعد النكبة أو ما يقارب، جلُّنا كان من سكّان القسم الذي كان مخصّصًا للدولة العربيّة في الجليل، وما بقاؤُنا إلّا لأنّ الصهيونيّة وحين دخلته في عمليّة "حيرام" لم تحسب أنّها باقيةٌ فيه بحكم أمميّ أو أمميّ عربيّ لم يأتيا. فجاءت العتمةُ هذه المرّةَ على قدر يد الحرامي، عتمةُ الحكّام العرب والعالم بشرقه وغربه فتركونا لقمة سائغة للصهيونيّة.
أولئك الباقون ورغم كلّ شيءٍ رمّموا ثقافتَهم؛ فكرًا ونثرّا وشعرًا وفنّا، وخرقت ثقافتُهم جدران العزل والأسلاكَ الشائكة، وانطلقت نحو مخيّمات اللجوء وما تبقّى من فلسطين. عامَ 1967م ومع انهيار جدران العزل بهزيمة، صار التواصل؛ أهليّا ووطنيّا وثقافيّا تحصيلَ حاصل. هذا التواصلُ أتى أكُلَه إيجابًا ولكن أيضًا سلبًا وعينيّا في الشقّ الوطنيّ والثقافيّ، وليس المجالُ هنا للولوج عميقًا في ذلك.
يأخذ علينا البعضُ أنّنا بمجرّد استعمالنا مصطلحات؛ ال-48 وال-67 والشتات والاغتراب، نخطئ الهدف ونسيء للرؤية. هذا للوهلة الأولى صحيحٌ، ولكن حين يجيء ذلك كتوصيف حالٍ لا كتجذير حال لا بل ويجيء من باب توجّه تواصليّ عمليّ يتخطّى المصطلحات، حينها تسقط المصطلحات.
لقاؤنا التواصلي هذا هو الردُّ الحاسمُ على ظواهر الفرقة في زمنٍ من التحدّيّات نحن بأشدّ الحاجة فيه لتحصين أركاننا كلِّها؛ الوطنيّة والسياسيّة والثقافيّة. نريد كلّ أشكال التواصل التي تخلق "التواصل الثقافيّ للكلّ الفلسطينيّ" فعلًا لا قولًا، ونحن قادرون إن توفّرت النوايا وشددنا الهمم.
النوايا لا شكّ قائمة لكنّ مهرَها الهمم، ونحن شعبٌ في كلّ مسيرتنا دفعنا المهورَ غالية، وإن كان قدرنا أن نستمرَّ بالدفع فنحن بحاجة إلى الهمم، وكذلك لمسيرتنا الثقافيّة الواحدة والموحّدة!
وأخيرًا!
اسمحوا لي أيّها الأخوة أن أطرح السؤال\ التساؤل: هل كنّا كحملة قلم على قدر ما يتعرّض له شعبُنا مؤخّرًا في غزّة وسائر أماكن تواجده من حرب إبادة؟!
أترك هذا السؤال مفتوحًا أمام ضمائرنا!
مبروك للأخوة المكرّمين.
شكرًا لمركز السنابل للدراسات والتراث الشعبيّ.
عاشت ثقافتُنا الفلسطينيّة واحدة موحِّدة مقاومة، ورافعةً لتطلّعاتنا الوطنيّة!
عاش شعبنُا الفلسطينيّ!
CONVERSATION
قيود تتمزق المرجع الثاقب للحريات
بقلم د. أحمد نور
منذ ما قبل الربيع العربي، برز كتاب " قيود تتمزق " لمؤلفه شادي خليل أبو عيسى، وورد فيه جملة من المعطيات والعبارات التي تتحدث عن الحريات والتحرر الفكري بصورة ثاقبة تعطي دفعاً إلى تقدم الشعوب.
يُعرّف الكتاب، بأنه يتطرق إلى مشكلة المواطن مع وطنه هي مشكلته مع نفسه، مشكلة يقتضي حلّها عبر كَسر الصمت وتمزيق القيود وصولاً إلى العدل والحرية. الفساد، الظلم، الاستبداد، الطغيان، البطالة. جميعها تُشكِّل دافعاً للخروج من دائرة الخوف المُظلم. يهدف هذا الكتاب إلى فتح نافذة في حائط التخبط الفكري والانغلاق الثقافي للتقدم والتطور ضمن أسس سليمة وطنية تحافظ على التاريخ والحضارة.
وعند مراجعة هذا الكتاب الممتع بأسلوبه وشكله ومضمونه، لا بد لنا من التطرق إلى ما كُتِب عنه من مقالات وأبحاث متعددة، ونذكر هنا ما قال به الشاعر والفيلسوف روبير غانم: " إن لقلمه وكتابته حفيف المسك على المسك تنتشر رائحة البخور في الأمداد والأجواء، ليضاف كتاب رابع إلى أشقائه الثلاثة وليحقق شادي خطوة نوعية في عالم الإبداع، لا رقماً جديداً يصنف في مجلد ترهات الأرقام... لقد جعلنا شادي نضحك أيضا بل نسخر من حملة الجواهر التي حولوها الى مباخر ومقابر، في وطن لولا روحه النورانية السماوية التي تسامح لعدنا الى السكن في الكهوف والمغاور. هذا الشادي من العمر في مقتبله ولكنه من الخبرة التجربة والتفوق، تواصل الى مترفات النضح."
وعبر صفحاته، نجد عدّة لوحات كاريكاتورية مُعبّرة بريشة مجموعة من الرسامين من مختلف الأقطار، مما يجعله فريداً من نوعه في العالم العربي والعالم أيضاً في مضامينه التي تسبح في دنيا التعبير عن الظلم والقهر والفساد وصولاً إلى الحرية المنشودة.
وإذا دخلنا إلى تاريخ مؤلف الكتاب، لوجدنا أنه ينطلق من عالم الحقوق ومهنة المحاماة إلى جانب ممارسته المتعددة في دنيا الصحافة ومهنة المتاعب، التي عبرها تفجرت المواهب المتكاثرة له ليشكل مدرسة متقدمة في الكتابة الناقدة والهادفة واللامعة. فكان قلم المحامي أبو عيسى يتحرك ويحرك مشاعرنا وأحلامنا ببساطة ودقة، فنعيش تجربة جديدة قل نظيرها في عالم التكنولوجيا والانشغال في شبكات التواصل الاجتماعي.
وبالعودة إلى الأدب النقدي، نجد مسار من كبار المؤلفين سواء عربياً أو غربياً، فنذكر على سبيل المثال، الأصمعي (صاحب كتابي الأمثال والشاء) ويونس بن حبيب (صاحب كتاب النوادر) ومحمد بن سلام الجمحي (صاحب كتاب طبقات فحول الشعراء) وابن قتيبة (صاحب كتاب الشعر والشعراء) والجاحظ (صاحب كتابي البيان، الحيوان) والحسن بن بشر الآمدي (صاحب كتاب الموازنة بين أبي تمام والبحتري) وعلي بن عبد العزيز الجرجاني (صاحب كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه) وقدامة بن جعفر (صاحب كتاب نقد الشعر) وابن رشيق القيرواني (صاحب كتاب العمدة في محاسن الشعر) وعبد القاهر الجرجاني (صاحب كتاب دلائل الاعجاز وأسرار البلاغة) وابن سناء الملك (صاحب كتاب دار الطراز) وأسامة بن منقذ (صاحب كتاب البديع في نقد الشعر) وابن الأثير (صاحب كتاب المثل السائر) وابن المقفع (صاحب كتاب كليلة ودمنة) وعباس محمود العقاد (صاحب كتابي جحا الضاحك المضحك، الديوان في الأدب والنقد) وإبراهيم عبد القادر المازني (صاحب كتاب الديوان) وطه حسن (صاحب كتابي فصول في الأدب والنقد، خصام ونقد)، وموليير (صاحب كتاب مريض الوهم) وبودلير (صاحب كتابي الصالونات، أزهار الشر) وروسو (صاحب كتابي العقد الاجتماعي، إميل أو التربية).
عبر هذه النبذة السريعة عن مرحلة الأدباء والنقد، يبرز كتاب " قيود تتمزق " ليشكّل صفحة جديدة من الأدب النقدي أو الساخر الذي يسلّط الضوء على أمور هامة في حياة المواطن، فيُظهرها في لباس فكاهي ساحر مبسط وعميق، يعطي الأمل بمستقبل مشرق بالفكر والجهد والعمل والتضحية.
CONVERSATION
شوقي دلال إستقبل في راشيا رئيس وأعضاء اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين المسلمين الدروز في لبنان
بتوجيه من سماحة شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الدكتور سامي ابي المنى قامت اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين المسلمين الدروز برئاسة فضيلة الشيخ وسام سليقا يرافقه الاعضاء العميد الدكتور غازي محمود والشاعر الاستاذ نعمان الساحلي مع الشيخ عماد سليقا والشيخ محمد بركات بزيارة رئيس "جمعية محترف الفن التشكيلي للثقافة والفنون" وامين عام تجمع البيوتات الثقافية في لبنان شوقي دلال في مقر المحترف راشيا الوادي حيث نقل الوفد تحيات سماحة شيخ العقل لدلال ثم عرض تصور اللجنة لعملها الثقافي في المرحلة القادمة سواء في منطقتي راشيا وحاصبيا اوعلى مستوى المناطق التوحيدية في لبنان وسبل التعاون المشترك".
من جهته "شكر دلال تشريف الأخوةفي اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز الى "جمعية محترف راشيا" حيث شملونا بمحبتهم وبَرَكتهم وعطفهم مع الإعتزاز بشخصهم الكريم وما لهم من تجربة في العمل الثقافي والإجتماعي خلال سنوات وهذا ما سيجعل مهمتهم الثقافية في اللجنة موفقة وواعدة بنشاطات مهمة في المرحلة القادمة وبرعاية كريمة من سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الدكتور الشيخ سامي ابي المنى القدوة في العمل الثقافي والإجتماعي والديني عبر سنوات حياته ولا يزال، كما وضع دلال إمكاناته الثقافية بتصرف اللجنة في اي نشاط مستقبلي سيقام على مستوى راشيا وكل لبنان"..
في الصورة شوقي دلال واعضاء الوفد في محترف راشيا
CONVERSATION
كنيسة (جبل الكرمل) تقيمُ احتفالا في قاعةِ مدرسةِ الراهبات - بحيفا - بمناسبةِ الأعيادِ المجيدة
من : الشاعر والإعلامي الدكتور حاتم جوعيه
بمناسبةِ الأعيادِ المجيدة (عيد الميلاد المجيد وعيد راس السنة ) إحتفلت كنيسةُ جبلِ الكرمل المعمدانيةِ مساءَ يوم الأحد ( 5 / 1 / 2025 ) في قاعةِ مدرسةِ راهباتِ الكرمل بحيفا ، كدأبِها في كلِّ سنةٍ، وأقامت برنامجًا خاصًا بهذا المناسبةِ حضرهُ جمهورٌ من أعضاءِ الكنيسة والأصدقاء .
تولى عرافة الإحتفال الأخ سيلفادور زيتون حيث افتتحَ البرنامجَ بكلمة عن الميلادِ ورسالة الخلاص. وبعدها قام جميعُ الحضور بإنشادِ وترتيلِ مجموعةٍ من الترانيم الميلادية .
ثمَّ ألقى الأستاذ المحامي يوسف قيصر كلمةً مختصرة هنَّأ فيها الجميعَ بالأعيادِ المجيدة
وبعده قدَّمَ القِسُّ أشرف أبيشاي- من مصر- موعظةً طويلة تحدث فيها بتوسع عن أهميةِ الميلاد والمحبة ورسالة الخلاص .
وألقى الشاعرُ والإعلامي الدكتور حاتم جوعيه كلمةً هنّأ فيها الحضور بالأعياد السعيدة وطالبا أن يعمَّ السلامُ والاستقرارُعلى جميع البلاد وعلى العالم بأسرهِ . ثمَّ ألقى قصيدةً شعرية بمناسبةِ عيد الميلاد المجيد بعنوان:( يسوع الفداء ) .
وكانت فقرةٌ أخرى للترانيم الميلايةِ شارك فيها جميعُ الحضور .
وبعدها كانت كلمةُ صلاةٍ ومباركةٍ للأخت آمال عبود قبل تناول العشاء.
CONVERSATION
"شذى الكرمل" فصليّة الاتّحاد العام للكتّاب تطوي السنة العاشرة من عمرها
اللّجنة الإعلاميّة - صدر أواخر كانون الأول المنصرم، العدد الرّابع للعام 2024 من مجلّة الاتّحاد الفصليّة "شذى الكرمل"، بحلّة خاصّة احتفاءً بعشريّتها وباليوم العالمي للّغة العربيّة، فجاءت المجلّة في 156 صفحة، تصدّر الغلاف الأمامي لوحة تشير إلى مرور عشر سنوات على عمر المجلّة، وعلى الغلاف الخلفيّ تذكير باليوم العالمي للّغة العربية.
جاء في كلمة العدد التي حملت العنوان "ويظلّ شذى الكرمل فوّاحًا":
"تُتّم فصليّتنا؛ فصليّة الاتّحاد العام للكتّاب الفلسطينيّين – الكرمل48 "شذى الكرمل" في هذا العدد سنتها العاشرة وليس الأمر وما كان مفروغًا منه، فعقد من الزمن يمضي على الإطلال وعقدها وعقدنا معها ما انفصما. ظلّت مندفعة مقتحمة وشذاها فوّاحًا رغم هذا "الغاب" الوعِر والوحشيّ من المنابر "الديجيتاليّة"؛ وعِر بمسالكه ووحشيّ بما ومَن وراءه من أهداف وأصحاب.
ظلّ الـ "شذى" فوّاحًا منتشرًا رغم روائح البارود المنصبّ على رؤوس أبناء شعبنا وأمتّنا، لم تضع المجلّة البوصلة في نصوصها الملتزمة، لا وطنيّا في زمن يكثر فيه التوجّه المُمنهج هروبًا نحو المدرسة البائدة "الفنّ للفنّ"، ولا فكريّا وقد تحوّل الفكر من تعدّدية مباركة إلى قوقعة متحجّرة، ولا تقدميّا اجتماعيّا وقد أمسكت بتلابيبه الرجعيّة.
فتحت صفحاتها للأقلام الواعدة دون تعالِ ولا إمساك القوالب من "ذيلها"، فكلّنا كنّا مبتدئين وكلّنا فعلت فينا مشارط المحرّرين فعلها. "شذى الكرمل"، تتبارك بهذا المزيج الدافق من المواد التي ترتقي إلى الصفّ الأوّل بأسماء كتّابها وجوهرها، وموادّ تحمل كلّ بوادر الارتقاء لدى كتّابها تاركة الحكم للأيّام."، وهنا تجدر الإشارة أن الاتّحاد سيقيم احتفاء بعشريّة المجلة قريبا.
في باب المواد شمل العدد بابًا خاصّا بمناسبة اليوم العالميّ للغة العربيّة في الـ -18 من كانون الأوّل، افتتح الباب بمادّة معلوماتيّة عن تاريخ قرار جمعية الأمم المتحدة باعتبار العربية لغة رسمية، هذا إلى جانب مقالة عن لغتنا الجميلة للأستاذ رياض مخول ومقالا آخر للكاتبة حنين أمارة، إضافة إلى مجموعة كبيرة من أخبار مساهمات أعضاء الاتّحاد احتفاء بيومها العالمي في مدارسنا المختلفة بشكل تطوّعي.
وشمل كغيره من الأعداد السابقة مواد غنيّة في عدّة محاور وأبواب؛
نقرأ في باب "النّقد والقراءات لكلّ من؛ رائد محمد الحواري، زياد شليوط، د. روز اليوسف شعبان، د. نبيل طنوس، فادي سيدو، حسين كنانة.
في باب القصائد والنصوص نقرأ لكلّ من؛ فوز فرنسيس، تركي عامر، فخري هوّاش، محمد جمال الزعبي، محمد بكريّة، كرم شقور، جاكلين حدّاد، زهدي غاوي، يحيى طه، مقبولة عبد الحليم، عبد القادر عرباسي، عمر رزّوق الشامي، آمال قزل وأمين زيد الكيلاني.
احتوى محور "القصص والنصوص" كتابات الكتّاب؛ محمد علي سعيد، براءة غسّان، سليم أنقر، علي خالد أبو الهيجاء، فهيم أبو ركن، أسعد بدر مغربي، عمار محاميد، سعيد نفّاع.
في باب المقالات نقرأ للكتّاب؛ مفلح طبعوني، فتحي فوراني، د. يوسف بشارة، معين أبو عبيد، د. محمود أبو فنّة، ماجدة دراوشة، وشمل باب الدراسات، دراسة للكاتب زاهر بولس.
اشتمل المحور الأخير أخبار الاتحاد ونشاطاته خاصة نشاطات مجلس أدب الأطفال، وعن بعض الإصدارات الحديثة لأعضاء الاتحاد.
CONVERSATION
العلامة والناقد الكبير الأستاذ الدكتور أحمد يوسف علي يحتفي بالتجربة الشعرية للشاعر رضا عطية
رعم برودة يناير احنشد العشرات بمسرح ثقافة ديرب نجم بإقليم شرق الدلتا الثقافي للاستماع إلى العلامة والنقادة الكبير الأستاذ الدكنور أحمد يوسف علي الذي حضر خصيصا للإحتفاء بتلميذه النابه الشاعر رضا عطية وبتجربته الشعرية المائزة والمتميزة، وأدار اللقاء الشاعر والمترجم الكبير السيد النمّاس، وأشار في تقديمه إلى بعض كتب الدكتور أحمد يوسف علي أستاذ الدراسات النقدية والبلاغية بكلية الآداب – جامعة الزقازيق، والتي شرفت به جائزة الدولة التقديرية عن مجموعة مؤلفاته التي تجاوزت السبعين كتابا، ومنها : " قراءة النص " دراسة في التراث النقدي والبلاغي، نقد الشاعر في مدرسة الديوان، مفهوم الشعر عند الشعراء من بشار إلى أبي العلاء، الاستعارة المرفوضة في التراث النقدي والبلاغي، ابن الرومي الصوت والصدى في النقد القديم، البلاغة العربية – قراءة القراءة، أم كلثوم – الشعر والغناء – دائرة اللغة العربية – أبو طبي، وميض الفكر : دراسات في التراث وطه حسين وشوقي ضيف، نقد الشاعر في مدرسة الديوان، المبرّد وتأسيس الثقافة العربية، نظرية الشعر، قراءة النص – دراسة في الموروث النقدي، الاستعارة المرفوضة : دراسة في الموروث النقدي والبلاغي، تجربة قراءة الشعر .. نحو محاولة للفهم، وأشار الشاعر والمترجم السيد النماس إلى دعوة الدكتور أحمد يوسف إلى ضرورة القراءة، فهو المفكر المهموم بقضايا واشكاليات الفكر وثمن دعوته المخلصة والأمينة إلى أهمية التنوير في مصرنا المحروسة، فينقل عن الدكتور أحمد يوسف :
" مضى على التنوير في بلادنا ما يقرب من قرنين من الزمان .. وما زلنا نراوح في مكاننا. لم نحسم موقفنا من العلم ولا من العقل ولا من الوجدان ولا من الدين ولا من تطوير المجتمع ولا من تراثنا الممتد عبر القرون إن كان عربيا وعبر الآف السنين إن كان مصريا، ولا من كيفية قراءة هذا التراث ولا من أدب الحوار ولا من احترام ذوي البصائر والمواهب الكبرى. فليس النقد مسبّة ولا منقصة، بل هو أداة علمية للإثراء وتراكم المعرفة التي ينتج عنها التطور المادي المنشود، ولكنه عندنا باب من أبواب القدح واشتعال النيران وجعل الأرض العمار يبابا خرابا. لم نعرفه وسيلة للاختلاف في البناء والاتفاق في المنشود وزاد الطين بلة أن فريقا منا صوته عال وباطنه أجوف وجد ضالته في مبدأ لا قداسة لأحد ولا أحد فوق النقد ولكن من ينقد من، وكيف ينقد؟ وما الغاية من النقد؟ "
ويشير مقدم الندوة الشاعر والمترجم الكبير سيد النمّاس إلى كتاب تجربة كتابة الشعر لناقدنا العلامة الكبير الدكتور أحمد يوسف :
" الشعر لغة التأويل الهاربة من حدود القارئ ومن حدود الأطر المرجعية في كل عصر، لذلك نجد قراءات لا حدود لها ولا نهاية عبر العصور لمقروء واحد بين أهم وجوهه التخفي وراء الأقنعة، وأساس التفاضل بين قراءة وقراءة ليس ما يقدمه من قول نهائي، فلا قول نهائي ولكنه القول الناتج عن الاهتداء بمفاهيم واضحة وأسس معلنة ونتائج منطقية "
وعن تجربة رضا عطية التي نضجت واستوت عبر ربع قرن من الإبداع، يقول ناقدنا الكبير :
" علاقتي بشعر رضا عطية ليست وليدة هذه الليلة، كتبت مقالا موسعا في ديوانه " ندى ونوارة المستحيل " بمجلة الثقافة الجديدة، وكتبت أيضا عن ديوانه " فصول من المقاومة والاستسلام " ، وقرأت ديوانه " وانطوى في حجرها المدى " وسنحاول أن نقدم نظرة بانورامية عن شعر رضا عطية، وقراءتي لثلاثة دواوين له تسمح لي بإلقاء نظرة كلية، وأهم سمات شعر رضا عطية :
1 – الرؤية : كيف ينظر إلى الواقع الاجتماعي : الحرية، الوطن، العدالة الاجتماعية، القضايا الشخصية الذاتية.
قصيدة " ندى " ذا قيمة عالية، وتعبر عن الإحساس بالفقد، الرؤية أهم ما تشغلني عند رضا عطية، رؤيته لقضايا النضال والمقاومة والذين يبحثون عن حرية الإنسان والوطن.
2 – حرية التعبير داخل الوطن المصري.
3 - قضايا الفقر والعدالة الاجتماعية.
4- الاعتراب الاجتماعي.
ولكن هل تطورت رؤية الشعر عند رضا عطية من العام 2002م إلى العام 2024م.
في الحقيقة الذي تطور هو طريقة التناول، أما القضايا فمازالت قائمة، ترجم هذه القضايا شعرا بأساليب مختلفة.
= من ناحية الشكل :
يغلب على رضا الحس التراثي، ميراث القصيدة العربية القديمة ذات الشكل العروضي المعروف، وهذه القصيدة هي في حقيقة الأمر هي أم القصائد، فهي المؤسسة لكل ما جاء عليها من أشكال شعرية.
القصائد الأخرى ذات الشكل الآخر هي القصائد التي تمثل صدى لدي الواقع الذي نعيشه، القصيدة التي ليس لها شكل عمودي عند رضا، وإذا حاولنا ردها إلى الشكل العمودي، يمكننا فعل ذلك بسهولة، لكن الشاعر أراد أن يكسبها بُعدا إيقاعيا أسرع، كما في قصيدة ( صهوة الجوع ) ذات الجمل الشعرية الطويلة نسبيا.
= الجانب النقدي في المسألة الاجتماعية :
يغلب على رضا في شعره الحس الرومانسي، الحس الذي يحاول أن يستشعر نبض الثورة في الواقع الاجتماعي, والجانب الرومانسي موقف جمالي، شأنه شأن الغنائي، صوت الشاعر هو القائم الوحيد في القصيدة، ينصت إلى صوته وذاته، غلب على شعره الحس الرومانسي، فهو لا يكتب شعرا دراميا تتعدد فيه الأصوات، ولا ملحميا حيث يقفز فوق الواقع وينشا عالم من الأساطير.
أمتنا تمر بحالة من الضعف والانكسار، فيستدعي الشاعر من التراث عنترة مثلا، المدافع عن القبيلة ( الأمة )، يستدعي البطل الذي يقاوم بالسيف والرمح والجواد، نستدعيه كبطل أسطوري خارق ( وهذا هو الجانب الملحمي )
......................................................
وحول ديوان ( وانطوى في حجرها المدى ) قدم الناقد الدكتور نادر عبدالخالق دراسة معمقة عنونها ( النص والوعى ..قراءة فى ديوان رضا عطية .. انطوى فى حجرها المدى ) .. وقال :
" يمتلك النص الأدبى روحا وثابة، وعاطفة متشابكة، وقدرة كبيرة فى استلهام الوقائع والأحداث، وتلك وظيفة من وظائفه الاجتماعية المعروفة، ولابد له من إدراك كامل ووعى بطريقة التعبير، ومعالجة الأفكار والقضايا، وهنا تبرز شخصية الشاعر والأديب عامة، فى الموائمة بين الذاتية، وبين الانفعال الكلى المترابط الذى يشمل دلالات الواقع والحياة .
والوعى بصفته عملية عقلية إدراكية قائمة بذاتها، لاتنفصل عن طبيعة النص الأدبى، ولايمكن أن يسير النص فى تجربته، خاليا من دلالات التفكير التى تنتمى للوعى، رغم سيطرة العاطفة على عناصره، وارتباطه وجدانيا بروح التعبير وجمالياته، بداية من الفكرة وصولا لاختيار المفردات، وانتظام الشعور كقاسم مشترك بين الموضوع وعملية بناء النص .
وتقاس أهمية النص بمدى تلاحمه اجتماعيا مع البيئة، مع ضرورة المحافظة على طبيعته الإبداعية، وعدم خروجه من حيز الجمال إلى كونه تقريرا اجتماعيا، أو إحصاء عاما، وهنا تبدو استقلالية التعبير واستيعابه عناصر الوجود، وتوظيف المدركات الحسية والمعنوية، التى يعتمد عليها التعبير الشعورى .
ولأن عملية بناء النص ذاتها حالة من الوعى والإدراك، فإن الملكة التعبيرية والفكرية تشكلان أداة التواصل بين الواقع الاجتماعى والانفعال الأدبى، وعندئذ يمكن للنص ان يشكل ذاكرة الحياة، ووعى الشاعر، وإدراك الممكن مما يستطيعه العقل الإبداعى .
وعلى الشاعر والأديب أن يتجاوز ذاته قليلا، حتى يمكنه قراءة الوجود من حوله، واقتناص الفكرة، وتمثيل التجربة تمثيلا ذهنيا وشعوريا وجماليا، دون إغفال التاريخ ومواصلة سنن التعبير كما هو متفق عليه .
وفى ديوان الشاعر رضا عطية " انطوى فى حجرها المدى "، تبدو دلالات الوعى من خلال اختيار وانتخاب الموضوعات والأفكار، وبناء الجمل وتنوع المفردات، وصياغة العناوين التى تشير فى دلالة واضحة إلى التحام الشاعر بواقعه وبيئته التى لاتفارقه أينما كتب ونظم الشعر، عبر مسرته التى بدأت منذ عقود طويلة .
والديوان يحتوى على عشرين قصيدة وردت فى صياغة الشكل العمودى التقليدى إلا القليل منها، مما يؤكد انتماء الشاعر إلى جماعة المحافظين على عمود الشعر، وعلى عملية بناء القصيدة، وقد يعد ذلك تراجعا فى دلالات البناء إلا أن قدرة الشاعر فى النظم وتنوع الموسيقى والشكل البنائى للنص جعل التجربة تسير وفق ما يصبو إليه الشاعر فى تجربته انطوى فى حجرها المدى" .
وفى بقية القصائد التى وردت فى الشكل المختلف فى صياغة التفعيلة، وفى صياغة السطر التعبيرى المتنوع موسيقيا ولغويا، اعتمد الشاعر على الرمز وعلى الاستعارة التصويرية، ذات الأفق التعبيرى القريب من واقع الشاعر، ومن بيئته وتفرده فى عملية انتخاب الفكرة وصياغتها شعرا رقيقا ينتمى إلى مدرسته التى ينطلق منها .
مما يجعل عملية الوعى بالفكرة والنص والصياغة هى محور الأداء لدى الشاعر، وهو ما يسير عليه منذ ديوانه الأول ندى ونوارة المستحيل، كما يلاحظ ان الطبيعة الإنسانية للنص هى الصورة المشرقة التى ينطلق منها شاعرنا رضا عطية، فنجد اهتماه بسرد وقائع الحياة من حوله هى شغله الشاغل، ولعل اهتمامه بالزوجة والأم والصديق والأحداث العامة فى البلاد يؤكد تلك النزعة الإنسانية فى تجربته .
أضف إلى ذلك قدرته فى نقل أوجاع الحياة، وصياغتها كلمات شعرية عذبة، يمكن حصرها والوقوف عليها فى معظم أعماله، وكأن الهم النفسى والوجدانى فى الحياة هو ديدن الشاعر، ومحورا ينطلق منه .
ويمكن مناقشة فكرة مصطلح الوعى وعلاقته بالنص فى تجربة الشاعر رضا عطية من خلال عمليات البناء نفسها، حيث يقوم النص على عناصره دون خلل أو تصريح يخرج القصيدة عن طبيعتها الإبداعية، أو يلحق بالنص فتورا وخروجا عن قداسته الشعرية المعروفة .
ولايمكن ان نغفل أن الوعى قرين الذاتية، والذاتية تبدو خطرا قد يهدد طبيعة النص، لأن من السهل أن نكتب ذواتنا، وان نرسم الخطوط البيانية لحياتنا، لكن الإبداع يتطلب أفاقا أرحب وتعبيرا أشمل وإدراكا للطبيعة الشعورية التى تمثل عصب التجربة .
وهنا وفى نصوص الديوان نلاحظ أن الوعى والذاتية صفتان ملازمتان لطبيعة النص، عند الشاعر، دون أن يغفل عناصر البناء، ودون أن يسير خلف النظم المباشر، فنجد النص وحدة تعبيرية ولغوية وموسيقية قائمة بذاتها، وهنا تتضح قدرة الشاعر فى استيعاب البئة من حوله، والقدرة فى توجيه النص، بعيدا عن التحليق فى فنتازيا غريبة، أو هياما فى نفس مؤرقة، تصدح بما لا يتفق وطبيعتها .
واتجاهات النص فى الديوان تدور حول الوفاء والمدح والرثاء، والوطن وهمومه، والوصف واستلهام الأحداث المعاصرة، التى تعكس مدى وعى الشاعر بتطورات الحياة من حوله، ولعل قصيدة " توضأت من دمى"، تشير إلى انشغال الشاعر بالهم الوطنى .
وقصائد انطوى فى حجرها المدى" وخمس دقائق" وتأملات"، نلاحظ الاعتماد على عنصرى الزمن والتصوير، فى ضوء الرمز التعبيرى وفى دلالات بيانية قائمة على التكثيف واستعارة دقائق الأمور، والتحليق فى سماوات تعبيرية، وتقديم الوجه الشعرى للنص والديوان، لتعكس فى النهاية أركان التجربة فى الديوان وفى مسيرة الشاعر رضا عطية . "
................................................
وحول التجربة الشعرية للشاعر رضا عطية قدم الأديب والناقد محمود الديداموني رؤيته النقدية الماتعة، فجاء فيها :
" الشاعر رضا عطية صاحب تجربة مهمة فى مجال الشعر الفصيح حيث قدم للمكتبة العربية أربعة مجموعات شعرية بدأها ب ( إشراقة – ندى ونوارة المستحيل – فصول من المقاومة والاستسلام ، وانتهاء بمجموعته الشعرية انطوى فى حجرها المدى ) ، والمتابع لتجربة رضا عطية سيجد ضالته من جمال القصيدة سبكا وخيالا ومتعة ، تميل قصيدته إلى الرصانة والتكثيف ، صوره بديعة ، وما الشعر إلا القدرة على التوير وتقديم الصورة، فتراه ينزف ذاته ويعبر عنها تعبيرا خاصا جدا وهو فى حقيقة الأمر يعبر عن الإنسان والإنسانية جميعا، وتلك معادلة صعبة لا يستطيع كثير من الشعراء فعلها ، فتجد عالما من البراءة وفى نفس الوقت ترى عقده للمحاكمات التى تنتصر للبعد الإجتماعى ، إنه يقدم تجربة خاصة على مدى عقود ثلاثة ، يتفجر فيها الشعر كما لو كان نهرا فياضا يتدفق ليملأ وجدان المتلقي ويضيف لقصيدتنا العربية مساحات جديدة للمتعة والتأويل.
..........................................................
واستثمر مقدم الندوة بذكاء نادر وجود العلامة والناقد الكبير الدكتور أحمد يوسف، لافتا أنظار الجيل الأوسط والجيل الأصغر من الحضور إلى ضرورة إلإنصات إلى ما يقوله صاحب التجربة البحثية والفكرية الطويلة والعريضة والعميقة، والتأمل العميق فيما يقوله، ويستخلصوا العبر الواجبة والدروس المستفادة :
" حين بدأت حياتي العملية في جامعة القاهرة أيقنت أن الطريق طويل وشاق ولكنه طريف وممتع، ومن هنا استرحت إلى اقتران المشقة بالراحة والمغامرة بالمسرة، والقراءة بالكشف والكتابة بالتنوير ولم أشعر في يوم ما أني احترفت العمل بالكتابة بل ما زلت الطالب المبتدئ الذي يجذبه الجديد وتسره الفكرة وتشغله هموم الناس وقد تبلور كل ذلك في كتبي المنشورة وفي أبحاثي وفي مقالاتي العديدة وأحسب أنني قدمت مشروعا علميا في البحث النقدي والبلاغي يقوم على مراجعة المعلوم المتواتر في الفكر العربي ووضعه في سياقاته التاريخية والاجتماعية الصحيحة ووصله بقضايا اومستجدات البحث العلمي المعاصر "
وسنتوقف بإيجاز في السطور المقبلة على أهم القضايا التي أثيرت، ورأي الدكتور أحمد يوسف علي فيها :
= آفة المثقفين في مصر والوطن العربي والمتصدرون للعمل الثقافي أنهم يُحسنون الظن بأنفسهم.
يقول : مازلت أقرأ وأكتب حاليا كأني لم أقرأ أو أكتب من قبل، وأعيد النظر كلما قرأت جديدا.
سئل بشار بن برد المتمرد الأول في الشعر الحداثي، زعيم المحدثين في العصر العباسي، وهو صاحب المقولة الشهيرة ( إبليس أفضل من أبيكم آدم / فتفكروا .... ) ويستمع إليه ويرد عليه، سألوه : لم فقت أهل عصرك؟
قال : ووالله ما ملك قيادي قط الإعجاب بشيء ما آت.
الإنسان الذي يتملكه الكتابة والفكر يجب عليه أن يستحضر دائما هذه المقولة، كل كتاب أُنجز أصبح ماضيا، ينبغي أن ننظر إلى ما بعد هذا الكتاب، المابعد يجعلك تسعى وتبحث عن الجديد.
..........................................
نستدعي الماضي على ضوء تجربتنا وما انتهى إليه العلم.
لم يغب عني الحاضر وأنا أفكر في التراث العربي، لا نستدعي الماضي حبا في الماضي، نستدعي الماضي على ضوء تجربتنا وفي ضوء ما انتهى إليه العلم.
استعدت التراث في المناطق التي رأيتها شائكة، كتبت عن الشعراء وفهم الشعر من بشار إلى أبي العلاء، حوالي ( 400 ) سنة أردت قراءة شيء واحد، هل استطاع الشعراء أن يقدموا لنا مفهوما للشعر؟ النقاد قالوا ذلك، وهذا عملهم، وليس من عمل الشاعر أن يقدم مفهوما للشعر مثل النقاد.
من شاعر الحداثة بشار إلى شاعر الفلسفة المعري، انتهيت إلى مناقشة هذه الرؤية.
.......................................................
كان العقاد والمازني عيالا على شكري.
هل جماعة الديوان حينما أتوا إلينا برؤيتهم الجديدة .. هل كانوا منقطعوا الصلة بالتراث؟
استمدوا من النقد الرومانسي الإنجليزي أفكارهم ورؤاهم بجانب ثقافتهم الشعرية العربية، والمؤسس الأول لهذه المدرسة وأول من وضع الأسس الأولى لها هو عبدالرحمن شكري وقال بأن الشعر وجدان، وكان العقاد والمازني عيالا عليه، وقد صححت هذا الخطأ التاريخي الخطير، وأثبت كل هذا بالأسانيد والأدلة، وشكري من جيل طه حسين وقدم للفكر العربي الكثير.
.............................................................
أمير الشعراء لم يكتب كلمة واحدة في الأندلس!!
لشوقي قصائد أندلسية، لكن تبين أنه لم يكتب كلمة واحدة في الأندلس، فلم يقم بوصف آثار الأندلس ولا وصف الآثار الباقية من حضارتنا في أسبانيا، لم ينفعل بهذه الآثار، عدنا إلى ديوان شوقي نفتش عن هذه الأندلسيات، لم نجد غير ست قصائد يبث فيها شكواه وغربته عن الوطن، ولم يتحدث مطلقا عن آثار الأندلس.
نُفي شوقي باختياره، خيروه الإنجليز بالمكان، وهو الشاعر والمثقف الكبير، فاختار أسبانيا، واختار برشلونة، وكان يظن أن عباس حلمي سيعيده مرة أخرى، وحمل كل الكتب التاريخية الخاصة بالأندلس، وظل في انتظار طلب عباس حلمي بعودته، والعرب الذين حكموا ( 600 ) سنة لم يدخلوا برشلونة أصلا، ولم يتركوا آثارا بها.
مهمة الناقد تصحيح ما هو خطأ، وتقديم رؤية جديدة وصحيحة والكشف عن قيم جديدة.
.....................................................
قصيدة النثر واقع شعري قائم لا يمكن إنكاره.
أي قصيدة في تاريخنا لها مفاهيم، التقليدية لها مفاهيم : بحر واحد وشطرين متماثلين وروي واحد والبيت فيه وحدة ومستقل في معناه كما عند امرؤ القيس وشوقي.
وهناك مفاهيم خاصة بقصيدة التفعيلة.
أما قصيدة النثر .. هناك قصيدة وهناك نثر وكلاهما متنافر، الذين كتبوا قصيدة النثر قطعوا صلتهم تماما بالمفاهيم التي تبنتها القصيدة.
كتبوا نثرا فيه رائحة الشعر، يجب أن نبحث عن مفاهيم مناسبة، فرق شاسع بين الشعر والقصيدة، فالشعر معنى كلي عام يلاحظ الجمال في الكون والطبيعة، أما القصيدة هو تحويل هذا الجمال إلى قصيدة، الموسيقى فيها شعر، التحت فيه شعر، ....
قصيدة العروض لها شكل، ويتحول المعنى الكلي إلى شكل، وفي التفعيلة يتحول إلى شكل، أما قصيدة النثر .. ما شكلها؟ شكلها متحول ومتغير ومرتبط بكل شاعر
...................................................
الصورة جوهر تفكيرنا والشعر جوهر الصورة.
قرأت في صدر شبابي كتاب ( ضرورة الفن ) يطرح مؤلفه أسئلة بسيطة جدا وعميقة جدا، يسأل مثلا : هل يستطيع الإنسان أن يعيش بدون رغيف الخبز؟
رغيف الخبز يسد الجوع ويقيم الأود، هل الفنون – كل الفنون – مثل رغيف الخبز؟ هل يمكن الاستغناء عنها أم لا؟ وأخذ يشرح لنا كيف لا نستطيع أن نستغني عن الفنون كما لا نستطيع أن نستغني عن رغيف الخبز، هل نستطيع أن نستغني عن الشعر؟
الإنسان الأول كانت لغته هي الصورة، والشعر هو التعبير بالصورة .. إذن الشعر لا يمكن أن يغيب عنا، حتى نحن في حياتنا اليومية نعبر بالصورة، الصورة جوهر تفكيرنا والشعر جوهر الصورة.
قال الجاجظ : الشعر صياغة وضرب من النسج وجنس من التصوير.
كيف أنشأ من اللغة شكلا؟
اللغة أداة يستخدمها كل الناس وعند الشاعر ضرب من النسج.
كيفية النظم ..
الشعر صورة، هذه الصورة تنتج من الصياغة، وللشعر علاقة بالفنون الأخرى مثل النثر والتصوير والموسيقى والعمارة والنحت.
.....................................................
النص لا يخضع للمفاهيم النظرية.
لكل نص منطقه الخاص، ما يصلح في قراءة شوقي لا يصلح في قراءة حافظ، النص يحدد مدخل النظر إليه .. كيف يكون النقد علميا؟ حينما يحدد النقد مفاهيمه التي سيبني عليه والنتائج المهمة التي نصل إليها بعيدا عن الهوى ..
.................................................................
CONVERSATION
إقرأ أيضاً
-
مقال بقلم الآنسة خلود وسام أبو لطيف، مهندس أبحاث وتطوير أعمال لدى شركة ميتسوبيشي للمواد في فرنسا، أعدّته باللغة الفرنسية وقام بترجمته إلى ا...
-
نشرت صحف إسبانية وبرازيلية "صورا غير مسبوقة لشقيقة الملك المغربي محمد السادس الأميرة سلمى، المعروفة لدى المغاربة بلقب ''ل...
-
آمال عواد رضوان وسط حضور كبير من المثقفين والمعنيين بالأدب، وتحت شعار - كنعان حاضرة في الجليل - أقام نادي الكنعانيات للإبداع أمسية ثقافي...
-
أقيمَ في ساحة المدرسةِ الشاملة في قرية " الفريديس " - قضاء حيفا – مساء يوم السبت ( 19 / 10 / 2024 ) عرسٌ وحفلُ زفاف...
-
ريما كركي "من أكثر مذيعات الطقس إثارة في العالم"!! اختيار وإعداد عادل محمد 9 أكتوبر 2019 على الرغم من أن الإعلامية...
-
أقامت جمعيةُ زهور ونبض الخير وموقع لوسيل سبورت وجمعية قشقوش للخدمات الإجتماعيّة بإدرارة السيد بهاء قشقوش مساء يوم الاحد ( ...
-
من : الشاعر والإعلامي الدكتور حاتم جوعيه بمناسبةِ الأعيادِ المجيدة (عيد الميلاد المجيد وعيد راس السنة ) إحتفلت كنيسةُ جبلِ الكرمل المع...
-
د. محمد الداهي أكاديمي مغربي كان في عداد طلبة الفصل الثالث للسنة الجامعية الحالية (2023-2024) طلبةٌ فيتناميون. وبما أنهم كانوا يجدون مصاعب ف...
-
كتب الأديب والتشكيلي السوري صبري يوسف: جاك جوخدار فنّان تشكيلي خريجُ كلَّيّة الفنون الجميلة مِنْ جامعةِ دمشق، قسمُ النَّحت، يمتلكُ هذا الف...
-
في عنوان المجموعة الشعرية "ويقول لها" بوح وإقرار، وفيما يشبه الاعترافات تتوالى قصائد الشَّاعر الدكتور عاطف الدرابسة، وفي أولى القص...
0 comments:
إرسال تعليق