زياد جيوسي يكتب عن إشكاليات الصورة البصرية


   في حديقة جاليري إطلالة اللويبدة وضمن فعاليات رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين، وضمن سلسلة من الجلسات الحوارية، عقدت جلسة حملت إسم: إشكاليات الصورة البصرية، تحدث فيها الدكتور خالد الحمزة الأكاديمي والفنان التشكيلي للحضور المتميز من فنانين وفنانات ومهتمين، حول فكرة إشكاليات الصورة البصرية ومفهومها، حيث تحدث وقال أن كل الأكاديميات وكليات الفنون تدرس للفنانين الطلاب جانبين: الجانب العملي موجهة الفنان كيف يمارس الفن وكيف يعبر عن نفسه وروحه وما يجول في داخله من خلال الفن، والجانب المعرفي حيث يأخذ من تاريخ الفن ومن نظرياته ومن علم الجمال ومن غير ذلك، وأشار في حديثه أن الجانبين متصلين مع بعضهما البعض، فالفن ليس الجانب التقني فقط، فليس المطلوب من طلبة الفنون أن يتقنوا الجانب التقني فقط وكيفية ممارسة الفن من ناحية عملية تقنية فقط، ففي العقود الأخيرة أصبح الفن ينم عن فكر وتعبير ورسالة يتحدث عنها الفنان وليس مجرد لوحة جميلة فقط، فحتى صالات العرض والمتاحف أصبحت لا تستقبل وتعرض اللوحات التقليدية، بل تبحث عما يريد الفنان قوله من خلال إبداعه بأشكال الفن المختلفة.
   كما تحدث وقال أنه ليس من أنصار المدرسة الرومانسية بالفكرة التي تقول أن على الفنان أن يقدم العمل الفني ويغادر، فالفن لا يتحدث لوحده ويحتاج أن يتحدث الفنان عن عمله، ومن لا يتحدث عن عمله فهذا نوع من أنواع العجز، فوجود الفنان وحديثه عن عمله مسألة أصبحت جزءً من العمل الفني وهذا الكلام يشكل القاعدة والمفاتيح التي ينطلق منها الناقد، وفي هذه النقطة أختلف مع الدكتو خالد الحمزة بالرأي، فالفنان لا يمكنه دوما التواجد والحديث عن لوحاته، والناقد ليس متلقيا فحسب، فأنا حضرت معارض تشكيلية كثيرة في ظل غياب الفنانين لتواجدهم في بلاد أخرى، أو عدم تمكنهم من الحضور لسبب أو آخر، ومثال ذلك معارض أبناء قطاع غزة في رام الله، فاللوحات تحضر والفنان لا يحصل على تصريح حركة من الإحتلال الصهيوني، وبالتالي فاللوحات تهمس للمتلقي بما في دواخلها، والرمزيات فيها سواء باللون أو الإيحاء أو الأشكال هي مفاتيح اللوحة، فالعمل الإبداعي متى خرج من صدر صاحبه لم يعد ملكا له.
   كما تحدث د. خالد الحمزة عن المسألة الأساسية للحوارية وهي: كيف يبدأ المبدع عمله؟ سواء كان فنانا أو نحاتا أو حتى شاعرا أو كاتبا، تاركا المجال للمشاركين بالحديث عن ذلك كي تكون مادة للحوار بين الحضور، فتحدث معظم الحضور عن تجربتهم مع الفن، وكيف يبدأون عملهم بعد تولد الفكرة، وكيف يمارس كل منهم طقوسه الخاصة للبدء في اللوحة وخلال إنجاز العملية الفنية، وهذه طقوس تختلف بين فنان وآخر، وبعض منها غريب على أذهان المستمع، لكن لم أرى فيها الغرابة فعالم الإبداع عالم تحلق فيه الروح ويكون الجسد في حالة من الغياب، مما وسع من دائرة الحوار والنقاش بين الحضور وتحولت الجلسة إلى أشبه ما يكون بجلسة أسرية. 
   كانت هذه الجلسة الحوارية ناجحة بالمقاييس العامة، والتفاعل بها كان جيد، وتمكن الدكتور خالد من شد المشاركين بالندوة من خلال بساطته بالحديث، حيث خرج عن الإطار الأكاديمي الممل، وكان إنشداد الحضور ملفت للنظر إضافة للمشاركة في الحوار، وإن لفت نظري غياب عدد كبير من الفنانين الشباب الذين إعتدت أن أراهم في المعارض المختلفة، فأنا أرى أنهم هم من كان يمكنهم الإستفادة أكثر من هذه الندوة الحوارية والمطروح بها، والإستفادة من إمكانيات وقدرات مقدم الندوة العملية كفنان تشكيلي وأكاديمي في كليات الفنون، ومن الحوار الذي ساد الجلسة وشارك به فنانين وفنانات بتجارب متفاوتة الأهمية والتجربة الزمنية، وهذه الجلسة هي بداية لسلسلة جلسات حوارية من ضمن أنشطة رابطة الفنانين التشكيليين في الأردن، ويعد للجلسات ويقدمها الفنانين التشكيليين كمال أبو حلاوة وغدير حدادين.

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق