ياسمينة سعد: لوحة الفنان شوقي دلال.. عندما تُصبح الأبواب حُرية الجدران


أبوابٌ ترحّبُ و بيوتٌ تُفتَحُ، و يُشَرَّعُ المنزلُ مُرحّباً و مُسهّلاً. عالمٌ آخرُ مشرقٌ بوضوحِهِ جميلٌ بغموضِهِ ساحرٌ بنظرات أبوابهِ.

غريبةٌ هي الحياة، كيف تفتحُ أبواباً بالعشراتِ و هي تُدرِكُ البابَ المُغلقَ الذّي تُريدُهُ. هو منزلٌ ليسَ ككلّ المنازل، هو صورةٌ ملفتةٌ و ليست غريبةً عن أهلِ الكرمِ، و كم من كرمٍ يحويهِ هذا المنزل.

الحياةُ بابانِ و نافذة، الأوَّلُ بابُ الأملِ و الطّموح، و الثّاني بابُ الخيبةِ و الرُّكود، و نافذةٌ لا تعلمُ على ماذا تُطلُّ، و لكن ليس فيها خيارٌ كما في فتحِ الأبوابِ، إنَّما هي قدرٌ محتومٌ، ليس رغماً عنكَ بل بكلِّ إرادتكَ، ستجذبُكَ و تشدُّكَ و تأخذُ كلّ ما فيكَ من حواسٍ إلى أن تملككَ و تضعكَ حيثما هي تريد.

في ستائرها بياضٌ لم تَرَهُ بالأبواب، و لكن غموضٌ يحتَويها، شيءٌ لم تَرهُ بغيرها، شيءٌ جميلٌ لكن مُخيفٌ، شيءٌ مُريحٌ لكن مؤلم، نعم، هي تجسيدٌ للحياةِ، و تبقى الأبوابُ أبواباً لها، لا تصلُ إليها إلّا بعبورِها.

هي لوحةٌ للفنّان "شوقي دلال"، و كما في كلِّ لوحاتِهِ يضعُ لمسةً خاصّةً لا تُبصِرُها فقط، بل و تحسُّها بكُلِّ ما فيكَ من حواسٍ، و تشعرُ بها في داخل داخلك. و في هذه اللَّوحةِ قد وضعَ شيئاً بل أشياءَ مجموعةًمن الحياةِ و فُرَصِها و خياراتِها و كيف تضعُكَ في المكانِ الذّي أدّى إليهِ اختيارُكَ.

ربّما البابُ المُغلَقُ هو الذّي تُريدُ فتحَهُ و لكنَّهُ ليس مكانَكَ. لهذا تقومُ هذه اللَّوحة بإظهارِ عدد الأبواب المفتوحةِ لكَ، و التّي توصِلُكَ إلى مكانِكَ الخاصّ حسبَ اختيارِكَ، و في كلّ الحالاتِ يكونُ هذا ما تستحقُّهُ، نجاحٌ كان أم فشل..

و تبقى هذِه اللَّوحة حاملةً لأفقٍ واسعةٍ من الكلمات و التّعابيرِ التّي لا تنتهي فهي حقًّا تجسيدٌ لكلّ مراحل الحياةِ اللانهائيّة.

...

في الصورة كاتبة المقال ياسمينة سعد ولوحة الرسام شوقي دلال

CONVERSATION

1 comments:

  1. من اجمل ما قرأت ورأيت لوحة وتعبير يستحقون التأمل ، تمنياتي لكم بمزيد من العطاء والنجاح

    ردحذف