صبري يوسف: لماذا أسَّستُ مجلّة السَّلامَ الدَّوليّة والآن قناة السَّلام الدّوليّة؟ وما هي أهداف هذه المجلّة والقناة في زمنِ التَّشظِّي والانكسار والخيبات؟





إنَّ مجلّة السَّلام الدَّوليّة هي عبارة عن فكرةٍ تسعى عبر حرفٍ مصفّى من خيباتِ هذا الزّمان، لنشرِ وترويجِ ثقافة السَّلام، بشغفٍ عميقٍ، ومحبَّةٍ جارفةٍ، ورغبةٍ عميقةٍ للتواصلِ معَ الآخرِ بكلِّ حميميةٍ ووئامٍ في هذا الكونِ الوسيعِ، كي نحقِّقَ حالةَ فرحٍ وهناءٍ وسلامٍ حقيقيٍّ بين البشر، بعيداً عن لغةِ الحروبِ والصِّراعات والقتلِ والخرابِ، حيثُ أودتْ هذه اللُّغاتُ المرصرصة بالعنفِ إلى نتائجَ كارثيّةٍ وخيمةٍ على المجتمع البشري برمّته، لأنَّ العنفَ في أيّة حالة من حالاتِ الصِّراع والحروب والمواجهات، يولّد عنفاً مضاداً، والعنفُ المضادّ يولِّد كما قلتُ مراراً عنفاً مضاداً للمضادِّ وهكذا نكون إزاء حالاتٍ عنفيّة مضادّةٍ لبعضها البعضِ إلى ما لا نهايةٍ من الأعنافِ المضادّةِ، وكلُّها تصبُّ في حالة خرابٍ وانتكاسٍ وكوارثَ بشريّةٍ لا حلّ لها إلَّا بلغةِ السّلامِ والوئامِ بين البشرِ رغماً عن البشر! لأنَّ البشر على ما يبدو ما عادوا بشراً، وأصبح الكثير منهم يصبُّون في خاناتِ اللَّابشر، إذ أنّ سلوكهم يوحي بأنّهم وحوشٌ مفترسةٌ أكثرَ افتراساً من الوحوش الضّارية من حيث خطورتِهم وعنفهم وشراستهم ونيران سمومهم الّتي يرشرشونَها على وجهِ الدُّنيا، إلى أن وصل الكثيرُ من البشرِ إلى حالةٍ من التَّشكُّك في آدميّتهم، ويتساءلُ الكثير من هؤلاء هل نحن بشر أمَّ أنّنا كنّا بشراً وتحوّلنا إلى وحوشٍ مفترسةٍ، ننافسُ وحوش البراري في وحشيّتِنا تجاه بني البشر، وهل يوجد أيُّ وحشٍ في الغابات يضرُّ البشرَ مثلما يضرُّ الإنسانُ بني جنسه؟!

نعم، مجلّةُ السَّلامِ الدَّوليّةُ هي حلمٌ مجنّحٌ نحو أصفى ما في الحياة من عطاءاتٍ خلّاقة، لنشر ثقافة الجمال والفرح والسَّعادة، وكيفية بناء إنسان مسالم مع نفسه ومع جاره ومع جار جاره ومع حارته وبلدته وبلدةٍ مجاورة له ومعَ وطنٍ مجاور له ووطنٍ آخرَ بعيدٍ عنه، ومع قارّته وقارّات أخرى، لتحقيق حالة وئامٍ وسلامٍ مع الكون برمّته في جميع أصقاعِ الدُّنيا! لأنَّ الحياةَ لا معنى لها عندما تكون قائمةً على جملة من الصِّراعات، والحروب، وعلى نظريةِ القوي يأكلُ الضَّعيفَ، هذه رؤيةٌ غير انسانيّة وقاصرة، ولا تنمُّ عن حكمة، ولا عن أيّة ذرّة من حضارة الإنسان، إنَّما تدلٌّ عن حالةِ انزلاقِ الإنسانِ إلى الدَّرْكِ الأسفلِ من اللَّا أخلاقِ. ولهذا نحنُ الآن وفي كلِّ العصور وسنبقى إلى مدى الدُّهور بأمسِّ الحاجة إلى نشر ثقافة السَّلام والوئام بين البشر، وبدون هذا المنحى لا معنى للحياة ولا معنى للإيديولوجياتِ، ولا معنى للأديانِ والمذاهب والقوميات والأوطان نفسها! ونكون من دون هذا المسعى، كمَن يكون تائهاً في صحراءَ أو في بحرٍ مترامي الأطراف وضائعاً عن بوصلةِ الوصولِ إلى شاطئِ الأمانِ، وكل هذه الخلخلات الّتي أراها متفاقمةً بين البشرِ ناجمة عن خلوِّ الإنسانِ من ثقافةِ السَّلامِ واخلاقيّاتِ إنسانيّة الإنسان وخالياً من حكمةِ الحياةِ ومنطقِ الحياةِ وأخلاقيّاتِ الأديانِ الصّافية، وكلُّ فكرٍ وكلُّ رؤية لا تقودُ إلى تحقيقِ هذا المبدأ في نشرِ ثقافةِ السَّلامِ والوئامِ بينَ البشرِ، فكرٌ هشٌّ ورؤيةٌ مشكوكٌ فيها ولا يعوَّلُ عليها حتَّى وإن كانت صادرة من أقصى أقاصي الأرضِ وأقصى أقاصي السَّماءِ، لأنَّ السَّلامَ هوَ جوهرُ ما يمكنُ أن نبني عليهِ تطلُّعاتِ المجمتع البشري برمّتِهِ، ويناسبُ جميعَ البشرِ والكائناتِ والطّبيعةَ والأرضَ والسّماءَ، لهذا أراني أرصدُ آلافَ السَّاعاتِ سنويَّاً لترويجِ ثقافةِ السَّلامِ من خلالِ الكلمة الخلّاقة والإبداعِ الرّصينِ، ولدي توجّه في هذا العام 2022 إعداد ملف موسوعي يتضمَّنُ نشرَ لوحة لكلِّ فنّان من الفنّانين الّذين سيشاركونَ في العددِ العاشرِ من مجلّةِ السّلامِ الدَّولية، هذه اللّوحة سأختارُها من بين لوحتين أو ثلاثة، ويقدّمُ الفنّانُ / الفنّانة ملخَّصاً عن فضائِها وآفاقِ رؤاه والتّقنياتِ الّتي رسمها، بما فيها المنحوتات وكلُّ أنواعِ التّشكيلِ الفنّي، سأتأمَّلُ اللّوحةَ بعمقٍ، وسأستوحي من فضاءاتِ كلّ لوحة مقاطعَ شعريّةً، وهناك ترتيبات لترجمةِ المقاطع إلى اللّغةِ الإنكليزيّة، لأنّني بصددِ إعداد موسوعة فنِّيّة شعريّة بالعربيّة والإنكليزيّة، بالتَّنسيقِ معَ جهاتٍ تهتمُّ بالتّنويرِ وترويجِ ثقافةِ السّلامِ عبرَ إبداعِ المبدعينَ في جميعِ أصقاعِ العالمِ، وسأتواصلُ معَ كلِّ بلدان العالم حتّى وإنْ شاركَ فنَّانٌ واحدٌ من بعضِ الدُّولِ وعشرات الفنّانين من دولٍ أخرى، وهذا يتوقّفُ بحسبِ استجابةِ الفنّانين والفنانات لفكرةِ مشروعي، وسيكونُ هذا المشروع محور العدد العاشر القادم خلال العام 2022. آملاً أن أحقِّقَ هذا المشروعَ ومشاريعَ أخرى تصبُّ في رحابِ السّلامِ في جميعِ العالم، لأنّ السَّلامَ أصبحَ ديدني الوحيد، وسأبقى أسعى إلى نشرِ ثقافة السّلام عبر إبداعاتي وعبر هذا المنبر ومنابر أخرى حتّى آخرِ رمقٍ في حياتي!  

وأسَّستُ بعد أن أصدرتُ العددَ التَّاسع، قناةَ السَّلامَ الدَّوليّة، كي تأتي تتويجاً واستكمالاً لما أقدِّمُهُ في مجلّةِ السَّلام الدّوليّة، حيثُ سأقدِّمُ عبر قناتي برنامجَ "من أجل التَّنوير" ويتضمّن تقديم برامجَ ثقافيةٍ وأدبيّةٍ وفنّيةٍ وإجراءَ لقاءاتٍ معَ مبدعينَ ومبدعاتٍ من شتَّى الأجناسِ الأدبيّة والثَّقافيّة والفنّيّة، كما سأقدِّمُ برنامجَ "الكتابَ المسموع" ويتضمّنُ: قراءات شعريّةً وقصصيّةً، وقراءاتِ فصول من رواية ونصوصٍ أدبيّةٍ من كتاب: "تجلِّيات الخيال" وكتاب: "حوار مع الذّات، ألف سؤال وسؤال"، لأطلَّ عبرَ الشَّاشةِ الصَّغيرةِ على العالمِ برمّتِهِ! 

واحتفاءً بالضّيوفِ الَّذين استضفتَهم العام الفائت إلى برنامجي: "من أجل التّنوير"، أتوقَّفُ عند كلِّ فنّانٍ وفنّانةٍ بعضَ الوقت، عربون مودّة وتقدير، وتمَّ عرض صور الفنَّانين والفنّانات، المشاركين والمشاركات معَ عرض لوحة من لوحاتهم، في برنامج "من أجل التَّنوير" خلال العام الفائت، وهم: 

النّحات السُّوري الياس نعمان المقيم في إيطاليا، الفنّان التَّشكيلي العراقي ستّار كاووش المقيم في هولندا، الفنّان التّشكيلي محمّد فتَّاح من إقليم كردستان، الفنَّان التَّشكيلي السُّوري د. نزار صابور، الفنّانة التَّشكيليّة السُّوريّة نضال سوّاس المقيمة في ستوكهولم، الفنّان التَّشكيلي السُّوري ناصر نعسان آغا المقيم في ألمانيا، الفنَّان التَّشكيلي السُّوري سرور علواني المقيم ألمانيا، النَّحّات السُّوري محمَّد بعجانو، الفنّانة التَّشكيليّة المصريّة هنا حلمي، الفنّانة التَّشكيليّة السُّوريّة د. فاطمة إسبر، الفنّان التّشكيلي السُّوري عبدالسَّلام عبدالله، الفنّان التَّشكيلي السُّوري بشير بدوي، الفنّان التّشكيلي السُّوري نعمت بدوي، الفنّان التّشكيلي صدر الدِّين أمين من اقليم كردستان والمقيم في بنسلفانيا، الفنّانة التَّشكيليّة العراقيّة فاطمة العبيدي، الفنّانة التّشكيليّة السُّوريّة جيهان محمَّد علي، الأديبة والنَّاقدة والمترجمة والفنّانة التَّشكيليّة المغربيّة د. أسماء غريب المقيمة في إيطاليا، الفنّان التَّشكيلي السُّوري عنايت عطّار المقيم في فرنسا، المخرج والسِّيناريست والفنّان التَّشكيلي اليمني حميد عقبي المقيم في باريس، الفنّان التّشكيلي السُّوري جان استيفو المقيم في ألمانيا، والَّذي صمَّمَ أغلفة مجلّة السَّلام الدَّوليّة، ولوغو "قناة السَّلام الدَّوليّة"، وكل أفيشات برنامج من أجل التَّنوير، والفنّان والنَّاقد التّشكيلي السّوري عبدالقادر الخليل المقيم في اسبانيا.        

وقد تمَّ استضافة الشُّعراء والأدباء والفنّانين التّالية إلى حفل الافتتاح: 

الشَّاعر السُّوري والقس الفاضل جوزيف ايليا، المقيم في ألمانيا، والمخرج السِّينمائي والمسرحي والسِّيناريست والتّشكيلي اليمني حميد عقبي المقيم في باريس، والنّاقدة والشَّاعرة اللّبنانيّة الدكتورة دورين نصر سعد من بيروت، والأديبةُ والشَّاعرة اللّبنانيّة الفلسطينيّة دوريس خوري من فلسطين، والقاص والرِّوائي السُّوري فريد مراد المقيم في ستوكهولم، والفنَّانُ التَّشكيلي العراقي ستّار كاووش المقيم في هولندا، وقدّمَ كل ضيف من المبدعين والمبدعات كلمة مختصرة عن القناة وأشادوا بتوجّهات وأهداف القناة، وعبّروا عن سرورهم بانطلاقة القناة لما نحنُ بحاجة ماسّة إليها كمنبر مهم لترويجِ ثقافة السَّلامِ والوئامِ بين البشرِ في كلِّ أنحاءِ العالم.


صبري يوسف

أديب وتشكيلي سوري مقيم في ستوكهولم 

مدير قناة السَّلام الدَّوليّة


CONVERSATION

1 comments:

  1. Harrah's Casino and Racetrack, Tunica Resorts MS | MapyRO
    Harrah's Casino 정읍 출장안마 and Racetrack, 문경 출장안마 Tunica 부산광역 출장마사지 Resorts MS. 255 North 인천광역 출장샵 Tunica Ave. Tunica, MS 38664. 포천 출장안마 (360) 388-3457. Hotel.

    ردحذف