سميح القاسم أحد أعمدة الشعر العربي المعاصر


سميح القاسم أحد ينابيع المقاومة الحيّ منها والذي جف منذ زمن

اختيار وإعداد عادل محمد
17 أكتوبر 2019

انكسر ضلع من أضلاع ما عرف في الذاكرة العربية الحديثة بـ”أدب المقاومة” برحيل الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم، الذي كان قد بدأ حياته مع رفاقه في حركة “ركح” الإسرائيلية ثم الحزب الشيوعي الإسرائيلي الذي ضمّه مع محمود درويش أيام صبا الاثنين خلف الحدود التي رسمتها إسرائيل لتفصلها عن الفضاء العربي.

لم يكن سميح القاسم مثل شعراء العواصم العربية المتناثرين في مختبرات التجريب الإبداعي لقصائدهم، بل هو لم يترك لقصيدته المجال لتعيش خارج القالب الذي صبّه مع صحبه في الماضي، لتبقى تتحرك في مكانها، متأثرة بالحدث والمشاعر، أكثر من تأثرها بحركة تطور القصيدة، على النقيض من درويش الذي ذهب بعيداً في الشغل على نصّه، وعلى عوالمه، وحين يقال عن سميح القاسم إنه شاعر الخطابة فلا يجانب هذا الحق والدقة، ولكن الخطابة التي نعتت بها قصيدة القاسم، وحدها كفيلة بأن تهوي بنصه إلى مصاف شعراء خطابيين آخرين لم يخوضوا ويعايشوا تجربة الشعر المقاوم.

ولد القاسم في قرية الرامة (فلسطين) عام 1939، وتعلّم في مدارس الرامة والناصرة. وعمل مدرّساً، ثم انصرف لمزاولة النشاط السياسي في "الحزب الشيوعي" قبل أن يترك الحزب ليتفرغ لعمله الأدبي.
ويروى أن والد القاسم كان ضابطاً في قوّة حدود شرق الأردن، وفي إحدى رحلات العودة إلى فلسطين في القطار خلال الحرب العالمية الثانية ونظام التعتيم، بكى الطفل سميح فذُعر الركَّاب وخافوا أن تهتدي إليهم الطائرات الألمانية. وبلغَ بهم الذعر درجة التهديد بقتل الطفل إلى أن اضطر الوالد إلى إشهار سلاحه في وجوههم لردعهم، وحين رُوِيَت الحكاية لسميح القاسم فيما بعد، قال: "حسناً... لقد حاولوا إخراسي منذ الطفولة سأريهم سأتكلّم متى أشاء وفي أيّ وقت وبأعلى صَوت، لن يقوى أحد على إسكاتي".

ويعتبر القاسم أحد أهم وأشهر الشعراء العرب والفلسطينين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والمقاومة من داخل أراضي عام 48. ويتناول في شعره الكفاح ومعاناة الفلسطينيين، وما أن بلغ الثلاثين حتى كان نشر ست مجموعات شعرية حازت على شهرة واسعة في العالم العربي.

وسُجن القاسم أكثر من مرة، كما وُضِعَ رهن الإقامة الجبرية والإعتقال المنزلي وطُرِدَ مِن عمله مرَّات عدّة بسبب نشاطه الشِّعري والسياسي وواجَهَ أكثر مِن تهديد بالقتل، في الوطن وخارجه.

وكان القاسم من مؤسسي صحيفة "كل العرب" ورئيس تحريرها الفخري، إلى جانب إسهامه في تحرير "الغد" و"الاتحاد" ثم رَئِسَ تحرير جريدة "هذا العالم" عام 1966. ولاحقاً عاد للعمل مُحرراً أدبياً في "الاتحاد" وأمين عام تحرير "الجديد" ثمَّ رئيس تحريرها. وأسَّسَ منشورات "عربسك" في حيفا، مع الكاتب عصام خوري سنة 1973، وأدار فيما بعد "المؤسسة الشعبية للفنون" في حيفا. وترأس الإتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيين منذ تأسيسهما.

وصَدَرَ له أكثر من 60 كتاباً في الشعر والقصة والمسرح والمقالة والترجمة، وصدَرتْ أعماله الناجزة في سبعة مجلّدات عن دور نشر عدّة في القدس وبيروت والقاهرة. وتُرجِم عدد كبير من قصائده إلى الإنجليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والإسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفيتنامية والفارسية والعبرية ولغات الأخرى.

غيّب الموت الشاعر الفلسطيني سميح القاسم في 19 أغسطس 2014 (75 عاماً) الذي ساءت حالته كثيراً بسبب معاناته من سرطان الكبد منذ ثلاث سنوات.

​المصادر: المواقع المعتبرة وموسوعة ويكيپيديا

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق