كتاب من نزع وجه الوردة؟ للشاعر شوقي مسلماني


 2006
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

"لا شيء أن يموت الإنسان 
ولكنّ المخيف هو أن لا يعيش". 
"فيكتور هوغو".  

  

(جراد)  
إنّه الجراد 
يترصّدُني 
وشجرةٌ تبكي ملاكَها.

(على الحافّة)  
عنكبوت 
تحوكُ الشراكَ على الحافّة 

موتى 
يسحبونَ الأحياءَ مِنْ أرجلِهم.   

(باب)   
هناك 
في الصحراء    
رعاةٌ يضيّعون قطعانَهم 
ويضيعون 

في الأحشاء 
حيث خطى مشاها أوّلون 
كانوا أحيا حقّا   

اللغطُ! أسماء 

بين الصوتِ والصوتِ 
صراخ  

تعالَ 
أدخلْ بي.
  
(الحفلة)  
جمجمة 
تضحك في صحراء.

(الرصاصة لا تزال في رأسي)  
للحائط وجْهةٌ ثانية وثالثة  
وعليه نعلّقُ الساعةَ أو اللوحة أو مفاتيح البيت 

الليل له وجْهةٌ ثانية وثالثة 
ووقتٌ محدّد 
الليلُ الآن يبدأُ مع الفجر 

الحربُ 
مكتظّةٌ بالحرب والخراب 

نصوِّبُ بعصفورٍ طليق  
لا بعصفورٍ في القفص 
نصوِّبُ بقوسِ قزح 

دفترُ الرسم له وجْهة ثانية وثالثة  
أن تحبَّ أكثر 
دفترُ الرسم لا يحقِّرُ الدائرة 
مستطيلات ومكعّبات   

علامةُ التعجّب يقين 
الفكرة لها وجْهةٌ ثانية وثالثة 
للفأس أيضاً 
مثل السكّين والرصاصة والقلم 

السمكة لها وجْهتُها الخاصّة  
للنسيان وجْهةٌ ثانية وثالثة 
البحر له وجهةٌ ثانية وثالثة 
فيه سمكةُ القِرش 

الرمل 
حيثُ العقرب 

الحرف له وجهةٌ ثانية وثالثة 
الطيرُ لا يَسقطُ من الشجرة 
الطيرُ يُسقَطُ من صوته  
السمكة لا تغرقُ في البحر 
السمكة تُغرَّقُ في البحر  

الخبرُ العاري عن الصحّة 
الرصاصة التي لا تزال في رأسِي. 

(الوهم)  
للتمويه  
ظلٌّ 
مِنْ ضربةِ شمس.

(طريق معاكس)  
أحبُّ جبلاً 
أقع في الوادي 
أفتحُ ذراعيَّ 
يلقاني السيل 
أسألهُ الغرقَ 
تُمسِكُنِي يَدٌ 
ألعنُها 
تتشبَّثُ بي.

(الجهة السابعة)  
للرحيل أسباب  
الفضائح من تلك النتائج 
يدي ولسانيَ عليك 
رمادٌ وعينيَ وقلبيَ عليك 
أوراقُ الجهةِ السابعة 
البئرُ التي تصرخ 
الكلُّ 
الكلُّ عليك  

أنا ما ترى وما لا ترى 
أراكَ في الشارع، أراكَ نائماً 

كلّي قدّامك، كلّي وراءك 
كلّي على يمينك، على يسارك  
فوقك، تحتك وكلّك. 

(رأسٌ كفيف)  
الشمس 
تضيء غزالةَ الطريق 
النار 
تُطفِئُ لهيبَ اليباس 
عينٌ ضيّعتْ أختَها 
ليستْ عينَاً 
القبر حجارةٌ كثيرةٌ 
ورأسٌ واحدٌ كفيف 
في علبةِ الليل.
  
(غابة)  
كذلك الغابة 
فيها يموتُ العشب  

هكذا الغابة. 

(معاً)  
الركضُ  
سباقٌ مع الخطأ.  

(ظنون)  
تقف على ثغرة 
ترميكَ ثغرة  
تقولُ حسناً 
لا يردُّ صدى 

أهروبٌ 
وعلامةٌ في المكوث؟ 
أمكوثٌ 
وعلامةٌ في الهروب؟

تقف ولا تقف 
ترمي ولا ترمي 
تقول ولا تقول  
إلاّ ظنّاً.

(ميْت آخر)  
المنارةُ   
يدُ بحرٍ غريق.
  
(باب مغلق)  
النارُ  
امرأةٌ جريح 
العتمةُ   
عينُ فقيه.
  
(فراق)  
نلقى يومَنَا 
دائماً بوجهٍ آخر.

(لهم جميعاً)  
لليل قمر 
للصحراء عين  
شمس
مسافة.. للحجر.

(الطاقة)  
واحد فقط 
من كلِّ مليون 
قال: 
لن يمرّوا 
قال: 
من هنا سيعبرُ النمل  
والنملُ فقط 
قالَ: 
للطاقةِ طاقة 
نموتُ إذا نموتُ مرّتين 

مدنٌ 
كلُّها مدن  
ومدنٌ 
سراب. 

(المشهد)  
أنا الراوي 
لكنّ الروايةَ متى ستبدأ؟   
أنا الرواية 
ولكنّ الراوي متى سيبدأ؟  

امرأةٌ على الشرفة    
وعلى رغم ذلك لا يُسمَع نداءُ الحبّ   
على الجسرِ امرأة   
وعلى رغم ذلك لا يَمّحي هذا الوادي 

الرائحة مُقيمة 
مع أنّ أحداً لا يحترق  
ولا أحد يمضي 
مع أنّهم كلّهم ماضون 

رغم كلِّ هذا القلب 
يجفُّ الدمُ في العروق؟  
تشبُّ النار في السنديان؟. 

(الكلّ)
  كلٌّ 
عينُ نسر
ورمادٌ بارد.

(ضلّلناها)  
لم نصلْ 
ضلّلنا الشمس.

(مظفّر أباد)  
خطوة 
خطوة نحو الموت 
وفي الخلفيّة صوت 
أجل خطوة 
خطوة 
وليس بالضرورة 
في الخلفيّة صوت 

مظفّر أباد 
لا جناح 
نظّاراتُ الشمس 
شيء كثير 
نظرة 
أي دمعة؟  

مظفّر أباد 
لأولئك ما لهم 
ولهولاء صدى 
لهم مشيتهم 
ولكِ مشيتكِ 
مظفّر أباد 

لماذا أنتِ صامتة 
وأنتِ في هذا العلوّ؟ 
أجل 
خطوة 
خطوة نحو الغضب الأكثر 

مظفّر أباد 
رأيتكِ يشيح وجهك 
كنتِ تخفضين رأسِك  
كانت المسافة 
وقد أعطوكِ ظهورَهم 
ماذا ينفع الوجه الآن؟  
مَنْ ذا الذي يطعن الهواء بخنجر؟  
إنّي أرى أكثر 
وأسمع أنين الأرض ذاتها 
الأرض ذاتها 
يا مظفّر أباد 

"اعطني يدَك 
عيني بعينك 
النجدة النجدة 
انتظرْ ما أقول 
أنظرْ إلى ما أقول" 
تقول مظفّر أباد 
مدينتي القاسية جدّاً 
مدينتي التي تجفِّف عروقَها 
مدينتي العارية تماماً 
مدينتي العالية جدّاً 
مدينتي التي عينها في عيني 
مدينتي النازفة بصمت الصخر 

مظفّر أباد 
لأولئك ما لهم 
ولهؤلاء هذا الغبار 

إنّهنّ يدخلن إلى المعبد 
مظفّر أباد 
إنّهنّ يطوّحنَ بالأكوان 
يتلاشين 
وعيونهنّ في عينَي 

مظفّر أباد 
مظفّر أباد 
المعبد مهجور 
كأنّهنّ فعلاً تركْنَه 
كأنّ الأرواح تركْنَه 

_ ماذا أيّتها العالية؟ 
_ "تعال إلى الشارع لترى هذا العدم".    

(غياب)  
الريح رمل 
المكان آخر.
  
(مدغشقر)  
إتّجاهٌ دمويٌّ    
رحلةٌ بين الصخور 
وقفزةٌ في الهواء  

إلى مدغشقر 

الأحلامُ 
حرّةٌ في الغابة 

كأنّني النهر 
كأنّني الماء في بطنِ شجرة 
كأنّني الأظافر على أغصان  
أرسمُ هذه الرقعة من حياتي 

ليكنْ هذا البقاء حبيّاً 
وكلّ هذا الوقت لي 
لأرسلَ البروق والمطرَ العابر 

الصبّارُ الصبّارُ  
التويّجُ الأصفرُ   
سبلُ الحياةِ الكثيرة    

النارُ النارُ   
اليدُ الغريبةُ    
الرماد 

اقتربنا مِنْ مداخنِ الموت 
ماذا نفعل غير أن نرتعش 
ونرسل النظرات؟. 

(الجليد)  
ليتقدّمِ الصراخ 
ولتبتعدِ السفينة 

خيولٌ تقترب  
يدٌ لا تصافح  

يا آلهة 
هاتوه إليّ

الحديدُ 
الحديدُ 
الجليدُ   
الجرحُ    

هذا الليلُ الطويلُ 
كم اتّكأتْ إليهِ وردة 

أنفاس منحنية  
سهم بين حياتين 
خيط بين عدمين 

هنا النسيمُ البارد   
هنا النعاسُ الأخير.  

(صحارى)  
تجرُّ عربةَ موتِكَ 
إلى نهايات قاصرة 
عن زهرة 
أيضاً.

(النسر)  
له كلُّ الفضاء  
وعيناهُ على نقطة.

(إذا)  
هل ينتهي الفضاء  
إذا النسرُ طوى جناحيه؟. 

(عابر في غناء)  
القطارُ 
يعبر خلل الدخان 
في رأس 
وامرأةٌ تغنّي.
  
(حمار وانتحار)  
الحمار ينهق       
الحصان  
لئلاّ يرتطم رأسُه 
بسقفِ الإسطبل  
ينتحر.
  
(أمثولة)  
من النمل تعلّمْ   
قالَ 
وضحكَ 
حتى نَبَتَ وكْرٌ 
في رأسِه.

(أنتَ) 
فقط 
عندما تعود من رحلةِ النسيان 
سترى صديقَك وستسمع صوتَك. 
          
(صلاة)  
إنحنِ 
إمسكْ يدَ الشخص 
ألثمْ ظاهرَها الرقيق 

هللويا 
هللويا. 

(هذا هو الطريق)  
الطريق!    
للنمل.

(الصِفر)  
منحنٍ 
على مفترق 
لا أب، لا أمّ 
إسمه: صِفر.

(طريق)  
تمتدُّ في الظلام 
عالقةً بضوءٍ متْعَب 
وفي العمقِ 
يرفعُ التجويفُ عتمتَه الأخيرة 

أزرعُ في الدروبِ خطايا، حرائقَ  
وأتلفُ شجراً    

ما يقعُ من يدي 
ما يضيءُ في عيني  
هو الطريق 

أمشي 
على أهداب قمر شاحب 
وفي العمق من الصورة 
يسقطُ غريبٌ 
فحمة.
  
(عذراء الزجاج)  
الضحكات 
خلف زجاج 
والكلمات 
في ريح 
وأبعَد 
عيناكِ 

على النافذة 
أنسابُ وأمرُّ   

أعرف أنّ الشساعة بيننا 
هذا اللطمَ على بطنِك 

الدموعُ   
على حوافِّ الجَمَال 

مَنْ أعطى الأمرَ 
مَنْ نزَعَ وجْهَ الوردة؟  

مسلسلُ التيه والألم 
عصْرةُ الموت 

مدّي لي يدَ العون 
وجوهُهُم 
هذا البؤس العالي 

أعرفُ 
تستطيعين كسْرَ الشروط 
ويبقى منكِ الصمت    
جلمود الوجه 

ليس صدفة 
هذا العنف 
الحديد جمرة 
التيه  
لِزَوْجةِ الهواء.
  
(لغة أخرى)  
هذه الّلغة 
أيضاً لا أفهمُها 
مياهٌ كثيرة، كلامٌ قليل 
إشارات وأجنحة 
عوْمٌ وأسراب  
أنتظرُ تحت صداي.  

(السرّ)  
كلُّ مسافة 
بينها وبينها 
كلُّ مسافة 
أسلاكٌ شائكة 
وهذا الليل كلّه 

الوردةُ لها فكّ  
لا تحيا الوردة بالألوانِ وحدها 

عتمةٌ 
منذ الفجر الأوّل 

أنا هذا الشاهد 
أنا الديناصور وأنا النملة 
أنا الكلّ والسرّ 

كلُّ شعاع  
اقتنصتُه 
كلّ فرصة سانحة  
اقتنصتُها 

وعبرتُ 
كلَّ معبَر.      

(معضلة)  
إبتعدْ 
لكي أراك 
إقتربْ 
لكي أفهمك.
   
(ثقبٌ في القلب)  
البحارُ سوْد 
ولكنّي أمخرُ عبابَها 
بقلبٍ مضيء.

(ظلالنا)  
خلف كلِّ شمس 
مواكبُ أرواح.

............

شيءٌ أن يموت الإنسان 
ولكنّ المعيب أنْ يموت مرّتين. 


Shawki1@optusnet.com.au

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق