صدر العدد الرَّابع من مجلّة السَّلام الدَّوليّة، بعد عام كامل من الجُّهود المتواصلة بإستلام مئات الفعاليات من كافة الأجناس الأدبية: الشِّعر، القصَّة، النّصوص، المقال، الحوار، النّقد واللَّوحات الفنّية. ويتميّز هذا العدد بالعديد من الملفّات الغنيّة بالمواد والمواضيع المتنوّعة، والكثير من القصائد الشِّعريّة، والقصص القصيرة، والمقالات والحوارات العميقة حول السَّلام العالمي، والدِّراسات النَّقديّة والتَّحليليّة والكثير من المشاركات في الفنِّ التَّشكيلي والنَّقد التّشكيلي، كما تضمّن شهادات تقدير لبعض المبدعين والمبدعات وملف خاص عن تكريم فيروز، وضيف العدد في باب الحوار: الفنان التشكيلي عبدالسلام عبدالله، وقد وصل عدد المواد الإبداعيّة المنشورة 250 مادّة، على مساحة 1220 صفحة من الحجم الكبير! .. وهناك من شارك بأكثر من مشاركة في الأجناس الأدبيّة والفنيّة، ننشر فيما يلي ما جاء في مقدّمة المجلّة:
كلمة المحرّر
تطهير الذّات
ما أزال مندهشاً أيُّما دهشة، كيف فات على البشر، الكثير من البشر، أن يعيش الحياة بكلِّ بساطتها وجمالها ورونقها وبهائها وعشقها، بعيداً عن لغة العنف والحروب والقتل والدَّمار، وكأنَّ هؤلاء البشر الَّذين ينحون منحى الحروب والخراب والدَّمار، جاؤوا إلى الحياة من أجل كل هذا الشَّقاء والدَّهاء والوباء الّذي يزرعونه على وجه الدُّنيا.
الحياة لا تتحمَّل كلّ هذا الانشطار والقرف المميت نحو سخافات آخر زمن!
كيف فات ويفوت هؤلاء أن يتمتَّعوا بجمال الطَّبيعة، ووهج الحبِّ والسَّلام والفرح والموسيقى والغناء والصّدق والحرِّية والإنسانيّة والوداد بين بني البشر كلّ البشر، مندهشٌ حتَّى النّخاع على كلِّ من يفكّر ثانية واحدة بإيذاء إنسان آخر من بني جنسه: البشر!
أنا القائل منذ قرابة عقدين من الزَّمن وما أزال أردّد ما قلته:
نحن بشرٌ يا قلبي
لِمَ لا يعشقُ البشرَ البشرُ
هيهاتَ لو عشقنا بعضنا بعضاً
وكنّا في خندقِ الحبِّ خفرُ
هيهاتَ يا قلبي!
إنَّ مشكلة الدّمار المتفشِّي في الكون منبعثة ومتفاقمة من فكرة بسيطة، من جملة واحدة، من رؤية في غاية البساطة وممكن حلّها دون أن نستهلك دولاراً واحداً لمعالجة وحلّ مشاكل الكون برمّتها. هذه الفكرة تنبعث من أن يصلّح كلّ إنسان ذاته بذاته، وينحو منحى السَّلام والوئام مع ذاته ومع أخيه وأخته وأبيه وأمّه وأهله وجيرانه وحيّه وأبناء مدينته ومدن قريبة منه وبلده، وبلد متاخم له وقارّة متاخمة لقارّته وقارّات أخرى متعانقة مع بعضها بعضاً بنفس المنحى الّذي أراه، إلى أن يعانق الكون برمّته.
ومن خلال هذه الرّوحانيّة المنبعثة من الرُّؤية الإنسانيّة البهيّة الَّتي تنتاب الإنسان تجاه ذاته واتجاه جماليّة الكون بكلِّ ما عليه وما فيه، وحالما يحقِّق المرء هذه الرُّؤية بكلِّ بساطتها وروعتها، عندها سيغدو الكون جميلاً وبهيّاً ومبهجاً ومنعشاً لذات الإنسان الَّذي ينحو هكذا منحى وسيكون بديعاً لكلِّ الَّذين يسيرون ضمن هذا المسار، فتعال أيّها الإنسان، تعالوا أيّها البشر نتعاضد ونتضامن في إرساء منهاج المحبّة والفرح والسَّلام والوئام بين البشر في كلِّ بقاع الدُّنيا ونرفع شعار السَّلام الكوني الخلَّاق ونقضي على كلِّ ما من شأنه أن يمرمر قلوب البشر في الكثير من أصقاع الدّنيا. لقد شبع الإنسان من ممارسات الكثير من القرف المتفشِّي في الكثير من أجنحة العالم، من أجل مصالح سخيفة وبغيضة وفارغة، لهذا أراني أدعو وسأظل أدعو حتَّى آخر رمق في حياتي إلى رفع شعار تطهير الذَّات من مشاعر الحقد والكراهيّة والعنف والحروب والتّصارعات المريرة العقيمة، وترسيخ قيم الحقِّ والعدالة والمساواة والدِّيمقراطيّة وتعميق إنسانيّة الإنسان في الكون، والتَّركيز على زرع قيم السَّعادة والهناء والفرح والسَّلام في كلِّ بقاع الدُّنيا كي يعيش الإنسان مرتاحاً من كلِّ هذه الترّهات العقيمة الَّتي يفبركها الكثير من السَّاسة الحمقى، والسَّاسة الجهلاء، لأنّ هؤلاء نسوا أنَّ الحياة لا تتحمّل كل هذه التُّرَّهات العقيمة، وسيأتي اليوم وهو موجود الآن أن يلعن كل عاقل وحكيم كل ممارسات هؤلاء ليخطِّط الإنسان الحكيم الرَّاشد الخيِّر لتطهير ذاته الشَّريرة كي يسعى إلى كلِّ ما هوّ خيّر وسلام ومحبّة كي يقدِّمه لنفسه ولغيره، وعندما يبدأ كل إنسان في تطبيق هذه الرُّؤية الخلَّاقة، سيغدو الكون في غمضة عين متطهِّراً وسالماً من حروب وقباحات آخر زمن، وسيدخل في رحاب الفرح والمحبّة والسَّلام والحياة الرَّغيدة رويداً رويداً ونصبح بشراً خلَّاقين، نعانق بعضنا بعضاً ونبني هذا الكون الجميل ونقوده بحكمة إلى أبهى بوّابات الأمان في دنيا من فرح!
إنَّ هذه الرّؤية الانفتاحيّة الوئاميّة بين البشر كلّ البشر هي الأصلح، والأبقى والأنجح من كلِّ برامج قادة الحروب في العالم، لأنّ حروبهم قادَتْهم وتقودُهم إلى بوَّابات الجحيم، جحيم الأرض والسَّماء، جحيم الحياة! فلماذا لا تختار أيّها الإنسان الحكيم بوَّابات النَّعيم بدلاً من الغوص في منزلقات الجحيم؟!
أهلاً بكم في رحاب مجلّة السَّلام الدَّوليّة، الَّتي تنشر ثقافة السَّلام والمحبّة والفرح للبشر كلّ البشر!
ستوكهولم: 3. 11. 2016
*****
تضمّن هذا العدد الكثير الكثير من المواد، فقد شارك في باب الشَّعر 96 شاعر وشاعرة بعضهم كتب أكثر من قصيدة، وفي باب القصّة شارك 9 قاصّين وقاصّات، وفي باب المقال وردني 13 مقالاً، وفي باب الدِّراسات النَّقديّة والتَّحليليّة، وردني 10 دراسات نقديّة عميقة في الأدب و25 قراءة نقدية في التشكيل الفنّي، وفي باب: حوار حول السَّلام العالمي والحوارات الأدبية المتنوّعة، شارك 13 أديب وأديبة وشاعر وشاعرة، وفي باب التّشكيل شارك 112 فنّان وفنَّانة من العديد من دول العالم.
تميّز هذا العدد بوجود ملفَّات عميقة لبعض المشاركين والمشاركات، فقد أعدَّ المحرّر ملفّاً حول تكريم الفنّانة المبدعة فيروز شارك فيه 22 كاتب وكاتبة وشاعر وشاعرة وفنانين كشهادات في تجربة فيروز الغنائيّة، وتمَّ منحها شهادة تقدير لما قدّمته من إبداع خلَّاق خلال مسيرتها الفنِّية الرَّاقية. وسيتم نشر هذه المشاركات في كتابٍ مستقل أيضاً، وشارك الشَّاعر القس جوزيف إيليّا في ملف تضمّن عدّة قصائد حول السّلام والوئام بين البشر، كما شارك في ملف آخر تضمّن محاورات شعرية مع 16 شاعر وشاعرة، وشاركت الأديبة والناقدة والمترجمة المغربية د. أسماء غريب بملف خاص تضمن ثماني مقالات ونصوص حول السلام، كما شارك النّاقد السُّوري غريب ملا زلال بقراءة نقدية حول 25 فنان وفنانة تشكيليّة كرديّة مع عرض نماذج من لوحات الفنانين والفنانات، كما قدّمت النّاقدة العراقية أحلام عامل هزاع ملفَّاً تضمّن دراسة تحليليّة عميقة عن الجزء الأوَّل من أنشودة الحياة للشاعر صبري يوسف.
منحت إدارة المجلّة أربع شهادات تقديرية لكلٍّ من:
الفنّان التَّشكيلي السُّوري الدُّكتور عبدالسّلام عبدالله، والمخرجة السِّينمائية والإعلاميّة العراقيّة الدُّكتورة خيريّة المنصور، والفنّان التَّشكيلي السُّوري جان استيفو، والشَّاعرة والباحثة الفلسطينيّة اللبنانية دوريس خوري، لما قدموه من إبداع خلّاق خلال مسيرتهم الأدبيّة والفنِّية الرائدة.
شارك في هذا العدد مبدعون ومبدعات من 35 دولة من العالم، حيث وردت لإدارة المجلة مشاركات من من الدُّول التالية: سورية، العراق، لبنان، فلسطين، مصر، كردستان، اليمن، الإمارات، المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، أريتيرية، إيران، تركيا، استراليا، أميريكا، ألمانيا، فرنسا، سويسرة، النّمسا، هولندة، إيطاليا، السّويد، تشيلي، الأرجنتين، جيورجيا، ليتوانيا، اليابان، رومانيا، بريطانيا، بلجيكا، فينلندة، اليونان وفنزويلا.
خطت المجلّة في هذا العدد والأعداد الماضية نحو الانفتاح على العديد من دول العالم لتوسيع فضاءات المجلّة نحو رحاب العالميّة، لترسيخ دعائم التَّواصل الحضاري الحقيقي مع الآخر عبر الإبداع الخلَّاق، أينما كان هذا الآخر، متجاوزة الحدود الجُّغرافية طالما هذه الشَّبكة قادرة على اختراق المسافات بلمح البصر، ترسخياً لثقافة السَّلام والوئام بين البشر عبر أبجديات الإبداع في سائر أرجاء المعمورة.
صبري يوسف
محرّر مجلّة السَّلام الدَّوليّة
0 comments:
إرسال تعليق