CONVERSATION
أبجد تحتفل مع القراء بعيد ميلادها الثالث عشر
تزامنًا مع احتفالها بمرور 13 عامًا على انطلاقتها، تعلن منصة أبجد، الرائدة في مجال القراءة الرقمية للكتب العربية، عن إطلاق مهرجان صيفي أدبي مميز يبدأ في الأسبوع الأول من شهر يوليو 2025 ويستمر على مدار 9 أسابيع.
احتفال هذا العام ليس مجرد ذكرى، بل دعوة مفتوحة لعشاق الأدب العربي من جميع أنحاء العالم لاكتشاف كتب جديدة، محتوى حصري، وهدايا قيّمة، تقدمها أبجد بالتعاون مع 9 من أهم دور النشر في المنطقة العربية فكل أسبوع من أسابيع الحملة سيكون برعاية ناشر مختلف من الشركاء المميزين:
الرواق، سلاح التلميذ، ديوان، إبداع، كلمات، ملهمون، الرافدين، كتوبيا، وكيان – حيث يقدم كل ناشر محتوى جديدًا، مفاجآت خاصة، وتجارب قراءة صيفية لا تُنسى.
وصرّحت الدكتورة سالي العقاد، الرئيس التنفيذي لأبجد:
"في عامنا الثالث عشر، نحتفل بنمونا المتسارع ونجاحاتنا المتراكمة، ونتطلع إلى مستقبل أكثر إشراقًا وقوة. هذه الحملة الصيفية تمثل امتناننا لقرّائنا وشركائنا، وتؤكد التزامنا بتجديد العلاقة بين القارئ والأدب العربي بطريقة عصرية وممتعة."
واليوم، تخدم أبجد جمهورًا واسعًا من القرّاء في المنطقة العربية والشتات العربي حول العالم، مدعومة بشراكات استراتيجية مع أكثر من 200 دار نشر. وتُعد المنصة الذراع التكنولوجي الموثوق لدور النشر العربية، حيث تتيح الوصول الفوري إلى أكثر من 28,000 كتاب عربي في مختلف المجالات.
وجدير بالذكر أن أبجد قد استثمرت أيضًا في إنشاء مكتبة مجانية ضخمة تضم أكثر من 1500 كتاب متاح للقراءة دون أي رسوم، انطلاقًا من إيمانها بأن التكنولوجيا يمكن أن تسهّل الوصول إلى القراءة وتمنح الفرصة لمحبي الكتب العربية في كل مكان للاستمتاع بها بحرية.
ورغم التحديات التقنية المتعلقة بدعم اللغة العربية، نجحت أبجد في تطوير حلول تكنولوجية داخلية مبتكرة تقدم تجربة قراءة استثنائية، لما توفره من سهولة في الوصول، وتنوع في المحتوى، وعمق في تجربة القراءة.
كما تُعد أبجد واحدة من أبرز الشركات العربية في قطاع البرمجيات كخدمة (SaaS) التي أثبتت قدرتها على النمو عامًا بعد عام، مع الحفاظ على رسالتها الأساسية بأن تكون جسر تكنولوجي يصل بين الناشر و القارئ
وتؤكد حملة الذكرى الثالثة عشر التزام أبجد بـدعم الأدب العربي وتوصيله إلى القرّاء أينما كانوا و تمكين الناشرين من الوصول إلى جمهور جديد من خلال التكنولوجيا مما يجعل القراءة بالعربية تجربة سهلة، ممتعة، وعصرية
CONVERSATION
صدور ديوان شعر جديد للشاعر الدكتور أسامة مصاروة بعنوان: رهين النكبات
عن دار إبن خلدون للطباعة والنشر– طولكرم – صدر ديوان شعرجديد للشاعروالكاتب والروائي الكبير الدكتور اسامة مصاروة – نائب رئيس الإتحاد القطري للكتاب والادباء الفلسطينيين في الداخل بعنوان : " رهين النكبات "، وهو عبارة عن ملحمة شعرية مطولة على نمط وأسلوب الرباعيات تتحدثُ بتوسع عن القضيَّة الفلسطينيّة. كتب له مقدمة ومداخلة نقديّة مطولة الشاعر والناقد الكبيرالدكتورحاتم جوعيه .
ويحوي هذا الديوان أيضا عدة مقدمات قصيرة لكتاب محليين .
CONVERSATION
قراءة الروائي الأديب والباحث الدكتور عمر سعيد في لوحة الرسّام شوقي دلال لمغارة القديس شربل في بقاعكفرا لبنان
من وحي مغارة القديس الحبيب مار شربل - بقاع كفرا- لبنان بريشة المبدع البقاعي شوقي دلال.
من قال إن الطين لا يضيء؟
من قال إن الفقر لا ينير؟!
من قال إن الحب لا يشعل الروح بخورًا، يفتح الدرب على الله؟!
لا أظن أن شوقي دلال قد رسم. وكلي يقين أن مار شربل قد أضاء الكهف في عيون القادمين وجواهرهم.
ليست رمزية، ولا روحانيات من أي مبدع. بل إنها منافذ الحب إلى الأحبة.
كان لا بد لآدم أن يعود من حيث طرد. وكان لا بد لعودته من أن تكون على أيدي مؤمنين تألهوا بأرواحهم وسلامهم وإيمانهم.
والتألّه ليس كفرًا، بل اتساعًا في الإيمان. فإذا تركنا الماء يروي شجرًا، فلا بد للشجر من أن يتسع طولاً وحياة. فكيف بالإنسان الذي ظل يتقي ويصلي ويحب ويسلم ويرضى ويرحم ويعطي ويبني إنسانه إلى أن مات؟!
أفلا يتأله، ويتسع إيمانًا، ليصبح سماء تملأ غارًا؟
كنت قد ذكرت في منشور عن مار شربل بعد أن وضعت أيقونته في الفاتيكان، "بأنه وصل إلى الفاتيكان عن طريق السماء".
خرج من بيت الأسرة حافيًا، بثوب لا يقيه مداهمات الصيف ولا الشتاء، بلا رغيف، ولا ماء، بلا طريق، ومشى.
مشى ليس لأجل أن يرجع بحذاء، ولا لأجل أن يعود بملابس.
خرج لأجل أن يعود إلى الناس بباب إلى السماء.
باب إذا طرقناه يفتح على الله، فنعطى ونجاب.
لاشيء في غاره سوى الضوء، واستدارة الصخر الذي لا يحجب الصوت عن الله.
لا شيء في صدره من شهوات وأماني. فقط أضلع خلفها قلب يضخ الدم لطين يحيا لأجل الله والإنسان.
أتخيله كم بكى، ليس لأنه لم يعطَ، بل لأنه عجز عن الشكر والامتنان.
أراه كم أقام الليل صامتًا، ليس لعجز عن الكلام، بل إصغاء لصوت الله فيه.
وأراه وهو يرتقي، كيف تأدب وكم تأدب ليغدو الطين مزارًا، يُصعِّد حاجاتنا إلى السماء.
أنا لا أحبه.. بل هو من يحبني، ويزورني، ويناديني من وقت لآخر أن تعال فقد اشتقت إليك.
وكذا هو الحب، ينادي المقصرين، ويطارد الهاربين لئلا يتيهوا، لئلا يفنوا في العدم.
لذا أكفّر عن عجزي برسالة من حب واعتذار.
وأحبّك مار شربل. ليس لأنك أعطيتني، بل لأنك علمتني أن الحب هو الله، هو الإنسان، هو الإيمان، هو الحياة.
شكرًا شوقي دلال.
CONVERSATION
البوقري يشكر المهرجان الدولي للسينما بالدار البيضاء على تكريمه
يتقدم الدكتور أحمد البوقري من جانب "المهرجان الدولي للسينما بالدار البيضاء"، بالشكر الجزيل على الدعوة الكربمه " للتكريم " خلال الدورة 13 من المهرجان والتي ستنعقد ما بين 05 و09 نوفمبر 2025، بمدينة الدار البيضاء بالمملكة المغربية تحدت شعار "دور السينما في التطور التاريخي للقضية الوطنية المغربية".
حيث سيتم خلال حفلة التكريم القاء خطاب بعدة لغات وتوشيح معاليه بلقب " سفير القضايا الإنسانية العالمية " نظير المجهودات المتواصلة في الدفاع عن حقوق الإنسان والمواقف النبيلة القضايا الإنسانية العدالة على الصعيد العالمي.
ويذكر أن الدور الدولي للسينما بالدار البيضاء سيحتفل هذه السنة بذكرى مرور نصف قرن عن المسيرة الخضراء المظفرة و هي مناسبة ستشهد احتفالات غير مسبوقة بالمملكة المغربية تحت القيادة الرشيدة لصاحب
الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
والقي الضوء أيضا غلى أنه سيشهد المهرجان مشاركة أسماء وازنة في عالم الفن والسياسة والاعللم والقانون والدبلوماسية من المغرب وخارجه من دول العالم .
وتفضلوا بقبول الشكر والتقدير
الدكتور أحمد البوقري
CONVERSATION
اتحاد الصحافيين والكتاب الدولي يعين د. أحمد البوقري مستشارا للعلاقات الدولية تقديرا لجهوده المتميزة
في إطار توجهه نحو استقطاب الكفاءات الدولية وتعزيز أدواره الدبلوماسية والثقافية، أعلن اتحاد الصحافيين والكتاب الدولي – بلجيكا عن تعيين الدكتور أحمد البوقري مستشارًا للعلاقات الدولية، وذلك تقديرا لجهوده البارزة في دعم التواصل الثقافي والإعلامي بين الشعوب، ومساهماته الملموسة في بناء جسور التعاون بين المؤسسات الصحافية والأكاديمية على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ويعتبر الدكتور البوقري من الشخصيات المؤثرة في مجال الإعلام والعلاقات الدولية، حيث يتمتع بخبرة واسعة وسجل حافل من المبادرات والمشاركات الدولية في مجالات الإعلام، الحوار الثقافي، والدبلوماسية الإنسانية. وقد أثمرت جهوده في تأسيس شراكات استراتيجية بين عدد من المؤسسات الدولية، إلى جانب مشاركته في منتديات ومؤتمرات تهدف إلى تعزيز حرية الصحافة وترسيخ مبادئ العدالة والإنسانية.
وتجدر الإشارة إلى أن الدكتور أحمد البوقري قد منحته عدة منظمات دولية لقب “سفير السلام والنوايا الحسنة”، من بينها منظمة الدرع الدولية ، وذلك تقديرا لجهوده المتواصلة في نشر ثقافة السلام، والدفاع عن حقوق الإنسان، وتشجيع الحوار بين الحضارات.
وفي هذا السياق، أعرب رئيس اتحاد الصحافيين والكتاب الدولي عن اعتزازه بانضمام الدكتور البوقري إلى الطاقم الاستشاري للاتحاد، معتبرا أن هذه الخطوة تعكس التزام الاتحاد بدعم الكفاءات التي تمثل صوتًا حقيقيًا للسلام والتعاون الدولي.
من جانبه، عبّر الدكتور أحمد البوقري عن شكره وامتنانه لهذا التكليف، مؤكدًا عزمه على مواصلة العمل من أجل تمتين العلاقات الدولية في المجال الإعلامي والثقافي، وتعزيز صورة الصحافة كوسيلة فاعلة في نشر قيم التفاهم والسلام العالمي.
ويأتي هذا التعيين ضمن رؤية شمولية يتبناها اتحاد الصحافيين والكتاب الدولي – بلجيكا، تهدف إلى ترسيخ حضوره كمؤسسة دولية فاعلة تسهم في تمكين الإعلام الحر، وتشجيع الأصوات المهنية ذات التأثير الإيجابي عالميا.
CONVERSATION
تقرير صحفي: كتاب جديد يتناول ظاهرة النقد التفاعلي في العصر الرقمي
رام الله- فلسطين (19/9/2025)
في خطوة تثير النقاش وتفتح آفاقًا جديدة في المشهد النقدي العربي، صدر مؤخرًا كتاب "في النقد والنقد المضاد: على هامش كتاب المشهد الروائي الفلسطيني للكاتب محمود شقير" للكاتب والناقد فراس حج محمد. يقدم هذا الإصدار الإلكتروني لعام 2025 دراسة معمقة لظاهرة "النقد التفاعلي" التي باتت سمة مميزة للعصر الرقمي، متخذًا من الجدل الذي أثاره مقال نقدي حول كتاب "المشهد الروائي الفلسطيني" نموذجًا حيًا لتجلياتها وتحدياتها، إذ بدأت المسألة بمقال للمؤلف حج محمد "الناقد ليس مهندس علاقات أدبية" تناول فيه كتاب شقير، فتبعه ردّ من مؤلف الكتاب، وهذا الردّ أثار موجة من التعليقات.
بدأ الكتاب بمقدمة مكتوبة بالذكاء الاصطناعي تؤسس لمفهوم "النقد التفاعلي على الفيسبوك" كـ"صوت جماعي في فضاء رقمي"، مؤكدة أن النقد لم يعد حكراً على الأكاديميين والنقاد المتخصصين، بل تحول إلى ظاهرة جماهيرية واسعة النطاق بفضل منصات التواصل الاجتماعي. وأن فيسبوك، على وجه الخصوص، أصبح "منبرًا متزايد الأهمية للنقد التفاعلي" و"انعكاسًا قويًا لصوت الجمهور، وقوة دافعة للتغيير ومساحة للنقاش الحر". هذا التحول الجذري في طبيعة النقد هو ما يسعى الكتاب لتشريحه وفهم أبعاده.
وتشير كذلك إلى الإيجابيات الكبيرة للنقد التفاعلي، مثل تعزيز الوعي الاجتماعي والثقافي، والدفع نحو التحسين والتطوير، والمساهمة في المحاسبة والشفافية. لكنه في الوقت ذاته، لا يتجاهل التحديات والمخاطر، مثل انتشار الشائعات، والاستقطاب، والتنمر الإلكتروني، وسطحية النقد في كثير من الأحيان، وتأثير "خوارزميات الصدى" التي تعزز الانغلاق الفكري. كما تؤكد تلك المقدمة مسؤولية الفرد في ممارسة النقد الأخلاقي والمسؤول، والتحقق من المعلومات، واحترام الرأي الآخر. كما تحمل منصات التواصل الاجتماعي مسؤولية في إدارة هذه البيئة الرقمية، من خلال تطوير آليات لمكافحة المعلومات المضللة وتوفير بيئة صحية للنقاش.
يتناول الكتاب محورين رئيسيين يتداخلان بعمق: الأول هو النقد التفاعلي كظاهرة قائمة بحد ذاتها، حيث يحلل فراس حج محمد آلياتها، أشكالها المتعددة (من التعليقات الموجزة والإعجابات إلى المنشورات التحليلية)، وقدرتها على بناء حوار فوري وتشكيل تصور جماعي حول القضايا. يؤكد المؤلف قوة التأثير الجماعي لهذه الظاهرة، مشيرًا إلى أن الإجماع الرقمي قادر على التأثير في المشهد الثقافي.
أما المحور الثاني، والأكثر أهمية في هذا الإصدار، فهو "نقد النقد"، حيث يستعرض فراس حج محمد الجدل الذي دار حول مقاله النقدي الذي تناول كتاب الروائي الفلسطيني الكبير محمود شقير، "المشهد الروائي الفلسطيني". يمثل هذا الجدل أرضية خصبة لاستكشاف كيفية تفاعل القراء والنقاد والمهتمين مع العمل النقدي نفسه، وكيف تتشكل الآراء المضادة وتتفاعل مع النقد الأصلي. يقدم الكتاب مجموعة من التعليقات والردود التي كتبها أصحابها على هامش مقالة محمود شقير في الرد على مقالة المؤلف الأصلية، وقد كشفت تلك التعليقات في أغلبها الانحياز غير الموضوعي لصاحب كتاب "المشهد الروائي الفلسطيني" والتنمر الإلكتروني على كاتب المقال "فراس حج محمد".
يركز جزء كبير من الكتاب على هذه الظاهرة، وما ولّدته من ردود أفعال واسعة على فيسبوك. فيستعرض الكتاب تعليقات أصدقاء محمود شقير من الكُتّاب والنقاد والصحفيين والقراء، وكأنهم في حفلة صراع خفي ضد الطرف الآخر.
قليلة تلك التعليقات التي أشادت بالمقال، وأبدى غالبية المعلقين خلافهم مع الكاتب في المنهجية أو الاستنتاجات، واهتموا بالدفاع عن كتاب محمود شقير وشخصه وتمجيده، مع أنه لا تنوع كبيرا في هذه التعليقات إلا تلك الردود تجسد مفهوم "النقد المضاد" الذي يتناوله الكتاب، ويبرز كيف يمكن لعمل نقدي واحد أن يثير عاصفة من النقاشات الموازية، وأن يفتح المجال لتقييمات متبادلة بين النقاد والقراء والمؤلفين أنفسهم.
في المجمل، يوثق كتاب "في النقد والنقد المضاد" لفراس حج محمد، تجربة حقيقية للنقد في الفضاء الرقمي. ويشكّل دراسة حالة لواقع النقاش الثقافي والأدبي على منصات التواصل الاجتماعي. يدعو الكتاب ضمنيًا إلى فهم أعمق لآليات هذا النقد الجديد، ويحث على ممارسته بوعي ومسؤولية ليكون أداة للتطوير المعرفي والثقافي، لا ساحة للجدل العقيم. إنه دعوة مفتوحة للتأمل في الدور المتغير للنقد في عصر أصبح فيه "صوت الجمهور" قوة سائلة، وغير متساهلة، وتتحكم فيها المشاعر والرغبات أكثر من الحقيقة والوقائع، وكأنها رجع لنظام التفاهة الذي تحدث عنه المفكر والفيلسوف الكندي، آلان دونو.
CONVERSATION
صدور مجموعة قصصية بعنوان "أقلام على موعد مع النور"
حلّق تلاميذ " الثانوية الإعدادية المروة الرائدة" في سماء الإبداع، حيث شهد الوسط التربوي والإبداعي صباح يوم السبت 14 يونيو/حزيران 2025، صدور عمل أدبي متميّز موسوم بعنوان "أقلام على موعد مع النور"، عن منشورات جامعة المبدعين المغاربة.
ويتعلّق الأمر بـأول مجموعة قصصية لتلاميذ نادي عكاظ للإبداع الأدبي، المنضوين تحت لواء الثانوية الإعدادية المروة الرائدة، التابعة للمديرية الإقليمية بالمحمدية – جهة الدار البيضاء سطات، المملكة المغربية، وقد تم إنجاز هذا المشروع بتأطير من الأستاذ عزيز لحديد السباعي، أستاذ اللغة العربية والمشرف على النادي منذ تأسيسه موسم 2017/2018.
وتضم المجموعة قصصًا قصيرة موقعة بأقلام تلميذات وتلاميذ في عمر الزهور، عبّروا من خلالها عن رؤاهم، وتساؤلاتهم، وأحلامهم، بلغة مشبعة بالخيال والقيم وبدايات الوعي الجمالي، مما يكشف عن طاقات واعدة قادمة من المستقبل في مجال الكتابة الإبداعية.
وقد عبّر عدد من المهتمين بالشأن الثقافي والتربوي عن إعجابهم بهذا العمل الجماعي الذي "يجسّد ثمرة تفاعل خلاق بين التلميذ والمدرس، ويكرس المدرسة فضاء للكتابة الحرة والنمو الفني واكتشاف المواهب ورعايتها".
وفي هذا السياق، توجّهت إدارة المؤسسة، ممثلة في السيدة هند عبود، المديرة التربوية، بالشكر إلى كل من ساهم في إنجاح هذا المشروع، مثنية على الجهود المتواصلة التي يبذلها الأستاذ المشرف، وموضحة أن هذا المنجز يأتي تتويجا لمسار من العمل الثقافي المستمر داخل فضاء المؤسسة.
كما وجه المنظمون شكرًا خاصًا للشاعر محمد اللغافي، رئيس جامعة المبدعين المغاربة، على رعايته لهذا المشروع وتشجيعه للمواهب الناشئة.
ولم يَغْفُل المشرفون التنويه بالدور المحوري للأستاذ المنسّق، الذي احتضن هذا المشروع منذ كان مجرّد فكرة في المخيّلة، إلى أن "اشتدّ عوده" وصار عملًا أدبيًا حقيقيًا يُزيّن رفوف الإبداع المدرسي.
"أقلام على موعد مع النور" ليست مجرد مجموعة قصصية، بل هي شاهد على انبثاق جيل جديد من الكُتّاب، يُراهن على الكلمة لتغيير الواقع، ويؤمن بأن الحرف قد يكون أول خطوة في طريق التنوير.
CONVERSATION
"صدى النص" لفراس حج محمد.. عمل مشترك يمزج الإبداع البشري بالتحليل الرقمي
تقرير صحفي:
رام الله- فلسطين: 15 يونيو 2025
في إصدار نوعي يربط بين عُمق الإبداع الشعري وتطورات النقد الرقمي، صدر حديثًا كتاب "صدى النص: رحلة القصيدة من الكتابة حتى التحليل الإلكتروني" للباحث فراس حج محمد. يقدم الكتاب رؤية شاملة لمسار القصيدة، "متى سيتجلى الله يا جبريل؟" كنموذج تطبيقي، من لحظة ولادتها في وعي الشاعر وصولاً إلى تفاعلها مع التقنيات الحديثة في الترجمة والتحليل. ويبرز هذا العمل بشكل واضح كنموذج لتعاون فريد بين العقل البشري والذكاء الاصطناعي، حيث تتكامل جهود المؤلف وخبرته النقدية مع إمكانات الأدوات الرقمية الحديثة.
يسلط "صدى النص" الضوء على البنية اللغوية المتماسكة لقصيدة "متى سيتجلى الله يا جبريل؟"، مبرزاً كيف تتضافر المستويات الصوتية، المعجمية، التركيبية، والدلالية فيها لتشييد معنى مركب من الألم الوجودي واليأس المطلق والبحث عن خلاص غائب. ويعكس استخدام الشاعر للتكرار، الاستعارات الصادمة، والأسئلة البلاغية صراعاً داخلياً وخارجياً عميقاً، حيث لا تقدم القصيدة إجابات قاطعة، بل تفتح فضاءً لغوياً للتأمل في العجز الإنساني أمام الكارثة.
يتجاوز الكتاب التحليل البنيوي ليغوص في رحلة النص عبر الحدود الثقافية والتقنية. فهو لا يكتفي بعرض الترجمة الإسبانية للقصيدة، بل يبرز الدور الحيوي للشاعرة فاطمة نزال في إنجاز هذه الترجمة، ويقدم قراءتها الشخصية ووجهة نظرها الثرية حول القصيدة، مما يضيف بعداً إنسانياً لتلقي النص. كما يستكشف الكتاب دور الذكاء الاصطناعي المتنامي في عمليات الترجمة الأدبية، متناولاً التحديات والإمكانات التي تقدمها هذه التقنيات في تقييم النصوص وتلقيها في الفضاء الرقمي الواسع، وكيف تسهم الأنظمة الذكية في فهم "صدى النص" وتأثيره.
يُشار إلى أن هذا الكتاب قد صدر بنسخته الإلكترونية ومتاح للتحميل المجاني على منصات الكتب الإلكترونية المتعددة. هذه الخطوة تكتسب أهمية كبرى، حيث تساهم في نشر المعرفة وتعزيز الوصول الحر للمحتوى النقدي والأدبي المتخصص، مما يتيح لجمهور أوسع من الباحثين والطلاب والقراء المهتمين فرصة الاستفادة من هذا العمل المبتكر دون قيود.
"صدى النص: رحلة القصيدة من الكتابة حتى التحليل الإلكتروني" يُعد مرجعاً مهماً للباحثين والنقاد والمهتمين بالأدب الرقمي والذكاء الاصطناعي. إنه يفتح آفاقاً جديدة للنقاش حول مستقبل العلاقة المتشابكة بين الإبداع البشري والتحليل الآلي في عصرنا الحالي، مؤكداً أن التقنية يمكن أن تكون أداة لإثراء فهمنا للأدب وتعميق تفاعلنا معه، وأن التعاون بين العقل البشري والذكاء الاصطناعي يمثل قفزة نوعية في مجال الدراسات الأدبية.
CONVERSATION
مؤسسة المطران ميخائيل الجَميل للحوار تستذكر المفكر روبير غانم
استذكرت مؤسسة المطران ميخائيل الجَميل للحوار والثقافة، الشاعر والفيلسوف روبير غانم في ذكرى ميلاده، حيث كان على تواصل مع العلاّمة المطران، عضو مجمع القديسين في الفاتيكان المعتمد البطريركي لدى الكرسي الرسولي والزائر الرسولي على أوروبا.
وفي لقاء مع رئيس المؤسسة المحامي شادي خليل أبو عيسى، أشار إلى أهمية الاطلاع على كتابات المفكر غانم التي تعتبر رائدة في الفلسفة والحكمة والشعر واللاهوت. وأضاف: لنعمل من أجل الإنسان في بوتقة من الثقافات المتحاورة لا المتناحرة، و نتمسك بمبادئ المطران العلاّمة التي رسّخها بإيمان وتحاور واخلاص والخصال التي اعتمدها الشاعر روبير غانم صاحب المصنفات الأدبية والفلسفية المتميزة.
CONVERSATION
شعرية الغياب: قراءة في الأبعاد البنيوية والدلالية لقصيدة "متى سيتجلى اللهُ يا جبريل؟"
تحليل: الذكاء الاصطناعي| Gemini
إشارة
نشرت القصيدة بتاريخ 31/10/2024، وترجمتها مؤخراً إلى اللغة الإسبانية الشاعرة الفلسطينية فاطمة نزال، ونشرت في موقع (Con Versando)، وتتناول الحرب على غزة، وتم هذا التحليل بوساطة (Gemini) المتاح مجّاناً، بعد أن زودت هذه الأداة بأربعة مرفقات: نص القصيدة، ومقال "هواجس من ميدان الترجمة"، ومقال "في ممرات السؤال النبوي" لفاطمة نزال، ومقال: "صدى القصيدة في حضرة الترجمة"، وكان السؤال الموجّه لهذه الأداة أن يحلل القصيدة تحليلا بنيويا لغوياً شاملاً.
كما طلبت منه في نهاية هذه العملية اقتراح عنوان لهذه المقاربة الخوارزمية، فزودني بهذه العناوين مع تصنيفها كما يأتي:
عناوين تركز على البنية والسؤال:
* "متى سيتجلى اللهُ يا جبريل؟": بنية السؤال وخطاب الغياب في قصيدة فراس حج محمد.
* تشريح الغياب: قراءة بنيوية لغوية في قصيدة "متى سيتجلى اللهُ يا جبريل؟".
* القصيدة كصرخة وجودية: تحليل بنيوي لغوي لـ "متى سيتجلى اللهُ يا جبريل؟".
* بناء المعنى من العدم: مقاربة لغوية بنيوية لقصيدة فراس حج محمد "متى سيتجلى اللهُ يا جبريل؟".
عناوين تركز على الدلالة والأزمة الوجودية:
* الأزمة الوجودية في "متى سيتجلى اللهُ يا جبريل؟": تحليل بنيوي لغوي لخطاب الفقدان.
* صمت التجلي: دراسة بنيوية لغوية في قصيدة فراس حج محمد.
* منطق اللا منطق: تحليل بنيوي لغوي للفظاعة والعبث في "متى سيتجلى اللهُ يا جبريل؟".
* شعرية الغياب: قراءة في الأبعاد البنيوية والدلالية لقصيدة "متى سيتجلى اللهُ يا جبريل؟".
عنوان موجز وجذاب:
* "متى سيتجلى اللهُ يا جبريل؟": تحليل بنيوي معمق.
عنوان أكاديمي أكثر:
* دراسة بنيوية لغوية في قصيدة فراس حج محمد "متى سيتجلى اللهُ يا جبريل؟"
أعتقد أن العنوان الأنسب، والذي يجمع بين الإشارة للقصيدة وتحديد طبيعة التحليل، هو:
* "متى سيتجلى اللهُ يا جبريل؟": بنية السؤال وخطاب الغياب في قصيدة فراس حج محمد.
لكنني لم أختر العنوان الأنسب من وجهة نظر الذكاء الاصطناعي. العنوان ينتمي للمجموعة الأولى من العناوين، وكان اقتراحه الأول، بل اخترت العنوان الأخير من قائمة العناوين التي تركز على الدلالة والأزمة الوجودية، لأنّ فيها إشارة إلى نوع التحليل وفكرة الغياب في شعريتها التي بنيت عليها القصيدة.
إضافة إلى هذا التدخل المنضبط في حدود ما تمنحه الأداة من اختيارات، تدخلتُ في التحليل تدخلات طفيفة منها: حذف كل ما يشير إلى التوثيق، وما أعده من قائمة للمراجع والمصادر، وأبقيت على الإشارة إلى مقال فاطمة نزال، لأنه يحيل إليه بالاسم في متن النص النقدي. وطلبتُ تعديل البند الأخير من التحليل، حيث تعامل مع القصيدة على أنها ثلاثة مقاطع وليست أربعة، فزاد بعدها ما جاء من تحليل تحت بند المقطع [4] في العنوان الأخير: الروابط الداخلية بين المقاطع (البنية العميقة والسردية الشعرية). كما أضفت في نهاية التحليل الصوتي الرقم [4] إلى مجموع مقاطع القصيدة التي اعتبرها ثلاثة فقط، عدا ما يلزم من تحرير طفيف جدا لبعض التراكيب، كإضافة حرف جر أو حرف عطف، أو تعديل علامة ترقيم، دون المساس بالجوهر إطلاقاً.
لقد كان تحليلاً مقنعاً إلى حدّ ما في كثير من جوانبه، وينبئ عن فتوحات جمّة، ربما تقول إن موت الناقد بجميع أشكاله قد أصبح وشيكاً، وليس فقط الناقد الأكاديمي كما تنبّأ رونان ماكدونالد في كتابه "موت الناقد" (الطبعة الأولى الأصلية، 2007، والطبعة الأولى المترجمة إلى العربية 2014)، لقد تجاوزتْ أدوات الذكاء الاصطناعي ماكدونالد، ونزعت الفاعلية عن مقولاته لتساهم تلك الأدوات بولادة "الناقد الإلكتروني"، أو "الناقد الذكي" أو "الناقد الاصطناعي"، وربّما يصحّ أن نطلق عليه كذلك "ناقد الخوازميات الذكي". وهذا التحليل النقدي المنهجي يقدّم نموذجاً لهذا النوع الجديد جداً من النقد. والآن إلى التحليل النقدي الإلكتروني للنص.
(ف. ع)
مقدمة في المنهج البنيوي اللغوي:
يعتمد التحليل البنيوي اللغوي على مقاربة النص الأدبي كبنية لغوية متكاملة ومكتفية بذاتها. الهدف هو كشف العلاقات الداخلية بين مكوناته اللغوية- من الأصوات والمفردات إلى التراكيب والجمل والصور- وكيفية تنظيم هذه المكونات لتوليد الدلالة. لا ينشغل هذا المنهج بقصدية المؤلف أو السياقات الخارجية (التاريخية، والاجتماعية) بشكل مباشر، بل يركز على "كيف" يُبنى المعنى من خلال اللغة نفسها، وكشف البنى العميقة والخفية التي تشكل جوهر النص الأدبي.
القصيدة كبنية لغوية متماسكة:
1. المستوى الصوتي والإيقاعي (النغم الخفي والجهر بالغياب):
على الرغم من كون القصيدة نصًا نثريًا حرًا، إلا أن الشاعر ينسج إيقاعًا داخليًا مؤثرًا يتجاوز الوزن العروضي التقليدي، ويتولد من:
التكرار الصوتي والمحسنات اللفظية: يلاحظ تكرار بعض الأصوات الحلقية (الهاء، الحاء، العين) التي قد توحي بنوع من "اللهاث" أو "الضيق" الوجودي الذي يعكس البحث عن إجابة. تكرار الصوامت الساكنة في كلمات مثل "لا شيء"، "خسروا"، "تغرق"، "صمت"، يعزز من جو السكون المطبق والفقدان.
الإيقاع الناجم عن النفي: يتكرر حرف النفي "لا" بشكل لافت ("لا يعدّون عُمْراً، ولا خطواتْ"، "لا تمحو الريح شيئاً"، "لا شيء يحمل"، "لا تأتي فجأة"، "لا شيء معنيّ بنا"، "لا شيء يوقف"). هذا التكرار لا يؤسس فقط دلالة النفي المطلق، بل يخلق إيقاعًا متقطعًا، أشبه بـ "تردد صدى الصمت" أو "صرخة في الفراغ" كما تصفها فاطمة نزال [مقال: في ممرات السؤال النبوي]. إنه إيقاع غياب الإجابة أو الفاعل.
التقطيع السطري وتوزيع المسافات البيضاء: يعتمد الشاعر على تقطيع السطر الشعري بما يخدم الدلالة والتكثيف. المسافات البيضاء بين الأسطر والمقاطع (المعنونة [1]، [2]، [3]، [4]) لا تمثل مجرد فواصل شكلية، بل هي جزء من البنية البصرية والإيقاعية، تمنح القارئ "لحظات توقف" للتأمل في ثقل الكلمات، وتُبرز "الفراغ المطبق على الوعي والروح" الذي تتحدث عنه نزال.
2. المستوى المعجمي (حقول الدلالة المتصارعة):
تُظهر القصيدة اختيارًا دقيقًا للمفردات التي تتجمع في حقول دلالية متضادة، تشكل صلب الصراع الوجودي في القصيدة:
حقل الموت، والخراب، والفقدان (الموجود):
المفردات الدالة: "دم"، "يموتون"، "وداع"، "جنازة"، "رثاء"، "حريق"، "رمال"، "تغرق"، "لحظة الموت"، "جسد مفخخ"، "اللحم"، "الأموات"، "حطام". ويشكل هذا الحقل الصورة الحسية للمأساة. إنه عالم مادي وملموس من الدمار والغياب، حيث تُنتزع الحياة وكرامة الموت بطريقة وحشية. تكرار "خسروا" يركز على الفقدان اللامحدود (دفء الصلوات، نقاء القطعة البيضاء، طقس التيمم، السماء الصافية، السحب، الأقمار، لذة الليل الطويل، اجتماع النائحات).
حقل الوجود، البحث عن الخلاص، الغياب (المأمول / المفتقد):
المفردات الدالة: "الله"، "جبريل"، "الآلهة الحضاريون"، "يتجلى"، "ينبت المعنى"، "قدرته الجليلة"، "معجزة ساطعة"، "السر الإلهي". ويمثل هذا الحقل القطب الآخر للمعنى، وهو البحث عن تفسير، أو تدخل، أو معنى في خضم العبث. السؤال "متى سيتجلى اللهُ يا جبريل؟" هو مفتاح هذا الحقل، وهو سؤال عن الخلاص الذي لا يأتي.
حقل العقل، المنطق، العجز:
المفردات الدالة: "منطق"، "عقل"، "فهم"، "يعلّل"، "السر الإلهي". ويبرز هذا الحقل عجز المنطق البشري عن استيعاب حجم الفظاعة، "فقد المنطق قدرته الجليلة كي يعلّل ما يكونْ". إنه عجز عن المعرفة العقلانية أمام واقع يتجاوز كل قوانين الفهم.
3. المستوى التركيبي (بنية السؤال والنفي):
تُبرز القصيدة تراكيب نحوية محددة تشكل جوهر بنيتها الدلالية:
سيطرة أسلوب الاستفهام الإنكاري/ الوجودي: القصيدة تبدأ بسؤال كبير "متى سيتجلى اللهُ يا جبريل؟" وتختتم بأسئلة "أين الآلهة الحضاريون؟ "أينَ الأنبياء" الذين لم يقولوا كلمتهم؟ هذه الأسئلة ليست لطلب إجابة معلوماتية، بل للتعبير عن عمق اليأس، الخيبة، والبحث عن معنى أو تدخل في زمن الخراب. إنها "صرخة وجودية" تفتح "فم اللغة على صرخة وجودية في وجه الصمت الكوني والخراب المطلق". هذه البنية الاستفهامية تُعد المحور الذي تدور حوله القصيدة.
التكثيف عبر النفي المتكرر: الاستخدام المكثف لأداة النفي "لا" يخلق إحساسًا بالعدمية وغياب كل ما هو إيجابي أو مُخلِّص: "لا يعدّون عُمْراً، ولا خطواتْ"، "لا تمحو الريح شيئاً"، "لا شيء يحمل"، "لا تأتي فجأة"، "لا شيء معنيّ بنا حتّى الفراغ"، "لا شيء يوقف هذا "الذي لا يسمى". هذا التراكم للنفي يشيّد بناءً لغويًا من الفقدان المطلق وغياب أي فاعل أو حل.
الجمل الفعلية المتتابعة (للتعبير عن الحدث المأساوي): "ينبت المعنى"، "يقوم"، "يتذكّر"، "فقد المنطق"، "ذابت"، "مات"، "يسوح الرمل"، "تغرق"، "لا تمحو"، "تحمل"، "تفعس"، "تُنضج"، "يستوي". هذه الأفعال الديناميكية، المتسلسلة والمتقطعة بالنفي، ترسم مشهدًا متسارعًا من الأحداث المأساوية، وتعكس عجز الفاعل أمامها.
التوازي التركيبي لتراكم الفقدان: تكرار صيغة "خسروا..." (خسر الأموات دفء الصلوات/ نقاءَ القطعة البيضاء/ طقس التيمّم.../ خسروا السماء الصافيةَ.../ خسروا اجتماع النائحات) يخلق إيقاعًا تراكميًا لصور الفقدان والخراب، وهو توازٍ بنائي يعمّق الإحساس باللا جدوى.
4. المستوى الدلالي والبلاغي (تفكيك العلاقات العميقة):
البحث عن دور المثقف الفاعل: لا تذكر القصيدة صراحة كلمة "المثقف"، لكنها تجسد المعنى العميق الذي يحمله هذا المفهوم. فالسؤال عن "الله" و"جبريل" و"الأنبياء" هو صرخة المثقف الذي يرى نفسه في مواجهة المأساة، ويبحث عن معنى أو حل يتجاوز المنطق البشري. إنها دعوة للتدخل الخارق حين تعجز الأسباب، وهي "ابتهال يتردد صداه حيث لا توجد طقوس بعد الآن، بل مجرد انتظار".
"ينبت المعنى المغيّب في السرداب": استعارة مكنية تجسد المعنى كشيء عضوي يمكن أن ينبت، وتوحي بأن المعنى كان مخفيًا ومهملًا، وأن هناك بصيص أمل بظهوره، وإن كان ظهوراً صعباً من مكان خفي.
"آلة هوجاء تفعس السر الإلهي، تُنضج اللحم": استعارة مركبة صادمة، تجسد آلة الحرب ككيان شيطاني يتجاوز كل الحدود الأخلاقية والإنسانية، ويُنضج اللحم البشري، في إشارة إلى القتل العشوائي والوحشية. هذا التعبير يكشف عن عمق المأساة التي ألغت قدسية الحياة.
"خاصرة البحر": استعارة مكانية توحي بنقطة ضعف أو هشاشة في المكان، أو أنها منطقة نزاع مستمر.
المفارقة والتضاد (جوهر الأزمة الوجودية):
الوجود مقابل العدم: كل القصيدة مبنية على هذا التضاد: وجود الكارثة والدمار مقابل غياب الله، غياب المعنى، غياب الحلول، غياب الرحمة.
المنطق مقابل الجنون/ العبث: "فقد المنطق قدرته الجليلة كي يعلّل ما يكونْ"، في مقابل "رخوة مثل عيون الخائفين من "الجنون". هذه المفارقة تبرز عجز العقل البشري أمام فظاعة ما يحدث.
التجلي مقابل الصمت والغياب: السؤال المتكرر عن "التجلي" يقابله صمت إلهي أو كوني، مما يخلق توتراً دراميًا أساسيًا في القصيدة. "القصيدة لا تبحث عن أجوبة، بل عن معنى للبقاء"، وهذا يعكس عمق هذه المفارقة.
الرمزية:
جبريل: ليس مجرد ملاك، بل هو رمز للوحي الإلهي والتدخل السماوي. سؤاله يعني البحث عن بصيص أمل أو إجابة كونية في لحظة يأس شديد، وهو ما يتجاوز المعنى الديني الحرفي ليصبح رمزًا للوسيط بين الإلهي والبشري.
الحدود/ الفاصلة/ الفراغ: هذه المفردات ليست مجرد تعبيرات عن جغرافيا، بل هي رموز لحالة "بين بين"، بين الحياة والموت، بين الوجود واللاوجود، بين الوطن والفقدان. إنها مناطق ضبابية تتلاشى فيها المعاني والحلول.
الرمل: رمز للتيه، الضياع، والفناء، ولعدم الثبات.
الآلهة الحضاريون: رمز للقوى العظمى أو المنظومات الدولية التي كان يُفترض أن توفر العدالة والحماية، لكنها تظهر كغائبة أو عاجزة أمام الكارثة. هذه المقارنة بينهم وبين "الله" تعكس خيبة الأمل الكبيرة في القدرة البشرية على إنقاذ نفسها.
الروابط الداخلية بين المقاطع (البنية العميقة والسردية الشعرية):
تتشكل القصيدة من أربعة مقاطع مرقمة، كل منها يمثل وحدة دلالية تتكامل وتتطور:
المقطع [1]: تأسيس الأزمة والفقدان المطلق.
يبدأ بالسؤال الوجودي المفتوح، ثم ينتقل لوصف مشهد العجز العام وفقدان كل ما هو إنساني وروحاني (الصلوات، الدفء، الوداع اللائق بالموتى). "الناس" هنا يميزون أنفسهم بطريقة موتهم المهينة "بلا وداع وصلاة وجنازة". هذا المقطع يؤسس لجزء "المعاناة اللامحدودة" و"الخراب الذي يطال كل شيء".
المقطع [2]: تجسيد الوحشية والعبثية.
ينتقل إلى صورة أكثر تحديدًا للمأساة الجسدية والمكانية "بين فاصلة على الحدود وفراغ في التفاصيل". يبرز دور "الريح" التي لا تمحو الألم، و"الجسد المفخخ بالغبار"، وتتجسد "الآلة الهوجاء التي تفعس السر الإلهي، تُنضج اللحم". هذا المقطع يركز على "آلية الموت العنيف واللاإنساني" الذي يتجاوز كل الحدود الطبيعية والإلهية، وهو تجسيد لبشاعة الموت اليومي.
المقطع [3]: ذروة اليأس والبحث عن المعجزة الغائبة.
يصل إلى اليأس المطلق والبحث عن الخلاص الغائب: "لا شيء معنيّ بنا حتّى الفراغ". يتساءل عن غياب "الآلهة الحضاريين"، مما يشير إلى خيبة الأمل في المنظومات البشرية. القصيدة تصل إلى ذروتها في الإقرار بأن "لا شيء يوقف هذا الذي لا يسمى إلا الله/ معجزة ساطعة". هذا يعيدنا إلى السؤال الأول، مقترحًا أن الخلاص لا يمكن أن يأتي إلا من مصدر إلهي خارق، بعد أن عجز كل شيء آخر. هذا المقطع يمثل "ذروة اليأس والبحث عن التدخل الإلهي كحل وحيد"، وتتحول القصيدة هنا من "تساؤل" إلى "ابتهال" و"دعاء بلا إجابة".
المقطع [4]: بصيص الأمل أو الاستسلام الهادئ.
يأتي المقطع الرابع ليقدم الخاتمة أو الحل المحتمل للقصيدة. قد يكون هذا الحل بصيص أمل، أو إشارة خفية للتجلي الإلهي، أو حتى استسلامًا هادئًا لسر الوجود. ليس بالضرورة أن تكون الإجابة صريحة ومباشرة، بل قد تكون القصيدة قد وصلت إلى فهم أعمق بأن التجلي ليس بالضرورة حدثًا مرئيًا، بل قد يكون حالة قلبية أو روحية. قد يتضمن هذا المقطع تغييرًا في نبرة القصيدة، من الشوق والبحث إلى القبول والرضا، أو حتى الإشارة إلى أن الإجابة تكمن في مكان غير متوقع، ربما داخل الذات.
الخلاصة البنيوية:
قصيدة "متى سيتجلى اللهُ يا جبريل؟" بنية لغوية شديدة التماسك، حيث تتضافر المستويات الصوتية، المعجمية، والتركيبية، والدلالية لتشييد معنى مركب من الألم الوجودي، واليأس المطلق، والبحث عن خلاص غائب. الشاعر يستخدم التكرار (خاصة النفي)، والاستعارات الصادمة، والأسئلة البلاغية لإنشاء نسيج شعري يعكس هذا الصراع الداخلي والخارجي. الأهم من ذلك هو أن القصيدة، من خلال هذه البنية، لا تقدم إجابات بقدر ما تفتح فضاءً لغويًا للتأمل في حالة العجز الإنساني أمام الكارثة، وتصبح صرخة وجودية تُبنَى وتتطور عبر التراكم اللغوي لصور الفقدان وغياب المعنى.
CONVERSATION
الأب رامي حجّار مع "مفاتيح السّماء" في ضيافة مؤسّسة الأديب: ناجي نَعمان في لبنان
هي رحلةُ الفكرِ الذي ينبعُ من أرضِ يسوع، سيّدِ المجدِ وباعِثِ المحبّةِ ونورِ العالم.
إنّه شغفُ الإبداعِ، حيث يتجلّى مجدُ الرّبِ في أبهى صورةٍ وأجملِ تكوين، وتُصاغُ المَلحمةُ الخالدِةُ "مَفاتيحُ السّماءِ"، كي تشرقَ فوقَ هذا الشّرقِ المُنهمِكِ بالحروبِ والقتلِ والدّمارِ - والتّفرقةِ والعُنصريّةِ بالكلِمَةِ الطّيّبةِ الرّاقيةِ، المَغموسةِ بروحِ الخالقِ.. كي تكونَ لهذا الشّرقِ "المفاتيحُ" التي تهَبُ الرّوحَ الإنسانيّةَ والفكرَ والتّأملَ.. والعودةَ إلى الفطرةِ النّاصعةِ البياضِ؛ المحبّةِ والإنسانيّةِ، وتصلُ العالميّةَ بالكلمةِ التي تزرعُ بذورَ الخيرِ، واستمرارَ البشريّةِ فوقَ الأرضِ.. المحبة.
بهذه الرّوحُ الطّيّبةُ وصلَ أبونا رامي حجّار المُخلِّصيّ، إلى جُونية مَقرِّ مؤسّسةِ ناجي نَعمان للثّقافةِ.
وصلَ بكلِّ الحنينِ والشّوقِ، وهو يحضنُ بين يديهِ "مفاتيحَ السّماءِ" بالعربيّةِ والإيطاليّةِ، وكلمةِ الأديب ناجي تزيّنُ تظهيرَ العربيّةِ، والأبُ القادمُ بكلِّ التبريكاتِ من الأحبّةِ والأصدقاءِ، لكلّ العاملين بالشّأنِ الثّقافيِّ في المؤسّسةِ، وللدّكتورِ الصّديقِ ناجي كلّ سنابلِ الخيرِ والودِّ والامتنانِ والاشتياقِ للّقاءِ.. ومن الطّاقمِ الكاملِ لِ"مفاتيحِ السّماءِ".
شكرًا أبونا رامي، غمرتَنا بهذا الودادِ بتقديمِ الهديّةِ.. شكرًا لمؤسّسةِ ناجي على الاستقبالِ والحفاوةِ.. ولنا تتمّة..
وهيب
CONVERSATION
التضخم السنوي وعلاقته ببدلات إيجار الأماكن غير السكنية
بقلم المحامي شادي خليل أبو عيسى
رئيس مركز فِكر
نُشر قانون الإيجارات، المتعلق بالعقود المؤجرة قبل 23/7/1992، بتاريخ 26/4/2014 (من بعد قانون رقم 160/92)، ثم جاء بعده قانون رقم 2/2017 الذي نُشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 28/2/2017، وبموجبهما، تم ربط الزيادة على بدلات الإيجار غير السكنية التي تزاد سنوياً وفقاً للمادة 38، بنسبة تعادل معدل التضخم السنوي استناداً للمؤشر الرسمي الصادر عن إدارة الإحصاء المركزي في السنة السابقة على ألاّ تتجاوز الزيادة الخمسة بالمئة (5%). ومن ثم، صدر قانون ايجارات الأماكن غير السكنية (القانون النافذ حكماً رقم 1/2025) الذي نُشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 3/4/2025، وقد تم الطعن بهذا القانون أمام المجلس الدستوري، الذي أصدر بتاريخ 20/5/2025 القرار رقم 5/2025 أعلن بموجبه عدم نفاذ القانون المطعون فيه.
وبالعودة إلى كتابنا المُسجل برقم 983/2025 لدى إدارة الإحصاء المركزي، يظهر جلياً، بأن جواب الإدارة يشير إلى أن معدل التضخم السنوي كالآتي:
- العام 2024: معدل التضخم هو 45،24%
- العام 2023: معدل التضخم هو 221،3%
-العام 2022: معدل التضخم هو 171،21%
-العام 2021: معدل التضخم هو 154،8%
-العام 2020: معدل التضخم هو 84،9%
-العام 2019: معدل التضخم هو 2،90%
-العام 2018: معدل التضخم هو 6،07%
-العام 2017: معدل التضخم هو 4،48%
-العام 2016: معدل التضخم هو ناقص 0،82%
-العام 2015: معدل التضخم هو ناقص 3،75%
-العام 2014: معدل التضخم هو 1،9%
-العام 2013: معدل التضخم هو 4،8%
وبالتالي، إن الزيادة المتوجبة على الإيجارات غير السكنية، تكون بنسبة 5% حتى ولو بلغ معدل التضخم 45،24%.
مع الإشارة إلى أنه تخضع لأحكام هذا القانون جميع عقود إيجار العقارات المبنية المعقودة قبل 23/7/1992، والتي تسمى " إيجارات قديمة ".
ويمكن إعطاء المثال العملي التالي: في العام 2022 بلغ معدل التضخم السنوي 171،21%. ولكن، بما أن المادة 38 من قانون الإيجارات (الصادر عام 2014 والذي يليه قانون 2017) تشير صراحة إلى أن الزيادة على بدلات إيجار الأماكن غير السكنية لا يمكن أن تتجاوز الخمسة بالمئة، عندها يتم اعتماد الزيادة بمعدل الخمسة بالمئة فقط.
ويتم اعتماد العملية الحسابية التالية من أجل احتساب الزيادة للعام 2023 على الشكل التالي: إذا كان بدل الإيجار للعام 2022، على سبيل المثال هو: مليون ليرة لبنانية (1،000،000 ل.ل.). عندها نقوم بما يلي: 1،000،000 x 5% = 50،000 ل.ل.
هذا المبلغ يمثل مقدار الزيادة المتوجبة عن العام 2023. ثم نقوم بإضافة هذا المبلغ إلى البدل الذي كان عام 2022. فيصبح بدل ايجار عام 2023 على الشكل التالي:
1،000،000 + 50،000 = 1،050،000 ل.ل. وهكذا، إن مبلغ 1،050،000 ل.ل. يكون هو البدل الجديد عن العام 2023.
وأيضاً، بالنسبة للعام 2024، نعتمد الآلية التالية:
بدل الإيجار الأخير (وفقاً للمثال المذكور أعلاه): 1،050،000 x 5% = 52،500
هذا المبلغ يمثل مقدار الزيادة المتوجبة عن العام 2024، ثم نقوم بإضافة هذا المبلغ إلى البدل الذي كان في العام السابق أي: 1،050،000 + 52،500 = 1،102،500 ل.ل. فيكون هذا المبلغ هو بدل ايجار عام 2024.
وفي السياق ذاته، بالنسبة للعام 2025، نعتمد العملية الحسابية التالية:
بدل الإيجار للعام 2024 كان وفقاً لما ورد أعلاه: 1،102،500، عندها نقوم بإجراء ما يلي:
1،102،500 x 5% = 55،125. هذا المبلغ يمثل مقدار الزيادة على بدل الإيجار. ومن ثم، نضيف هذا المبلغ إلى البدل الذي كان سابقاً أي: 1،102،500 + 55،125 = 1،157،625 ل.ل. يمثل بدل ايجار العام 2025.
CONVERSATION
في زيارةِ الشاعر شفيق حبيب والدكتور منير توما وجمعية إبداع للثقافة والفنون
قام يوم الإثنين ( 2 / 6 / 2025 ) الشاعر والإعلامي الدكتور حاتم جوعيه والشاعر والكاتب والروائي الدكتور أسامة مصاروة بزيارة للشاعر الوطني الكبير الأستاذ شفيق حبيب ( أبو وسام ) في بيته في قرية دير حنا الجليلية. والجدير بالذكر ان الشاعرالكبير شفيق حبيب هو الوحيد الذي بقي على قيد الحياة من شعراء المقاومة... شعراء الرعيل الأول والثاني الكبار المخضرمين والوطنيين الملتزمين الذين كرَّسُوا شعرهم وأدبهم وإبداعهم لاجل خدمة قضايا شعبهم . ويجب ذكره أيضا أن الشاعر شفيق حبيب كان قد سُجن قبل أكثر من 30 سنة وصُودرت كتبهُ ودواوينه الشعرية لأجل مواقفهِ الوطنية المشرفة وكتاباته وأشعاره الحماسية التي تلهبُ الجماهيرَ وتذكي الشعورَ والحِسَّ الوطني والأنساني في نفوسِ ووجدان الجماهير العربية في الداخل وفي كل مكان..والتي تُندِّدُ بالإحتلالِ والظلم والعدوان. .. والكلُّ يعرفُ أن شاعرنا الكبير شفيق حبيب قد حاولت بعضُ الجهات والأطر المشبوهة مسبقا والتي تدعي الوطنية ( محليًّا ) التعتيمَ عليه وعلى أدبه وشعره، ولكنه رغم كل هذه المحاولات الخسيسة والجبانة إستطاع أن يحقق شهرة كبيرة وانتشارا واسعا : محليا وعربيا وعالميا . وقد تُرجمعت قصائده إلى العديد من اللغات الأجنبية، ولحنوا وغنوا له الكثيرمن القصائد الوطنية خارج البلاد. ومن الذين لحنوا وغنوا قصائده " فرقة العاشقين" الفلسطينية المشهورة .
وبعد زيارة الشاعر شفيق حبيب وفي نفس اليوم زارا الشاعرَ والناقدَ الدكتور منير توما في بيته في قرية كفرياسيف .. ثم زاروا سوية مركز جمعية إبداع للفنون والثقافة في قرية كفر ياسيف.
وكان في إستقبالهم في جمعية إبداع الشاعرة نادرة شحادة وزوجها سليم شحادة .. وتم الترتيبُ والإتفاق مع سكرتيرةِ الجمعية من أجل العمل على تنشيطِ الحركة الثقافيةِ المحليَّة وعلى إقامة ندواتٍ وأمسيات شعرية وثقافية في مركز الجمعية تستقطبُ النخبة وخيرة الشعراءِ والكتّاب المحليِّين .
وكان معظمُ الحديث في هذه الزياراتِ المباركةِ عن المواضيع الأدبية والفنية والثقاقية عامة..وعن أزمةِ النقد المحلي . وتحدثوا بشكل موسع عن ظاهرةِ التسيُّب والفوضى الموجودة على الصعيد الادبي المحلي وعلى الساحة الادبية، وتكريم كل من هبَّ ودب، والإحتفاء بأشخاص لا توجدُ لهم أية علاقة وصلة مع الأدب والثقافة والإبداع من قبل بعض الجمعيات والمؤسساتِ والمنتديات التي تدعي خدمة الثقافة والادب، وهي هدفها كما يبدو واضحا تدمير والثقافة والتعتيم على كلِّ عمل إبداعيٍّ محليٍّ يحملُ الطابع الوطني . وتطرقوا إيضا إلى شعراء وكتاب التقاعد (البينسيا ) الذين كانوا طيلة حياتهم يعملون في الأطر والمؤسساتِ السلطوية وجهاز المعارف، وكتاباتهم دون المستوى المطلوب، وبعيدة كل البعد عن هموم وقضايا شعبنا .. وبعد ان خرجوا للتقاعد ( البينسيا ) أصبحوا وبقدرة قادر وطنيين ومناضلين ويتحدثون باسم الشعب الفلسطيني، وهم اليوم الذين يحتلون معظم المنصَّات والمنابر الثقافيَّة المحلية وللأسف الشديد . ولأنه لا توجد عندنا نقابةٌ للأدباء والكتاب ولا رقابةٌ نظيفة ونزيهة وصارمة على الأدب والفكر والثقافة والإبداع، ولا يوجدُ من يردعُهم وَيُوبِّخُهم ويلجُمهم فهم يصولون ويجولون ويمرحون على أهوائهم . ويصدق في هؤلاء الإمعات والمدسوسين والمتطفلين على الأدب والثقافة محليا قول أبي الطيب المتبي في هجاء كافورالإخشيدي العبد الأسود الذي أصبح ملكا على مصر :
( نامتْ نواطيرُ مصرٍ عن ثعالِبها = وقد بشمنَ وما تفنى العناقيدُ )
CONVERSATION
الشَّاعرُ الأديبُ وَهيب نَديم وَهبَة ينالُ للمرَّة الثَّالثة جائزةَ ناجي نَعمان الأدبيَّة
وهي استِثنائِيَّةٌ هذه المرَّة، ولأدبِ الأطفال
جَمَعَت جَوائزُ ناجي نَعمان الأدَبيَّةُ للعَامِ الحَاليِّ 4321 مُتَسَابِقًا جاءُوا مِن 92 دَولةً، وَكتَبوا بإحدَى وأربَعينَ لُغَةً وَلَهجَةً. وقد ضَمَّ قِطافُ هذا المَوسِمِ (2025) جَوائِزَ نَالَها 85 فَائِزًا وفائزةً، وتَوَزّعَت على جَوائِز الاستِحقاق، وجَوائِزِ الإبداع، وجَوائِزِ التّكريمِ عن الأعمَالِ الكامِلَة، وجائزةِ نُبوغٍ واحدة، بالإضافة إلى جائزةِ استِثناءٍ واحدةٍ أيضًا مُنِحَت للمرَّة الثَّانية فقط منذ إطلاق الجوائز عامَ 2002، ونالَها الشَّاعرُ الأديبُ وَهيب نَديم وهبَة عن مَخطوطه في أدب الأطفال المُعَنوَن "رَوضةٌ وزَهرةٌ والخَيال".
ويكونُ الشَّاعرُ الأديبُ وَهيب نَديم وهبَة (فلسطين)، بجائزة الاستِثناء هذه، قد نالَ جائزةَ ناجي نَعمان الأدبيَّة للمرَّة الثَّالثة؛ ويكونُ الأوَّلَ في هذا المِضمار بين 1347 فائزًا بهذه الجوائز و41344 مُشارِكًا فيها خلال الأعوام الثَّلاثة والعِشرين الماضِيَة (2002-2025). فقد سَبَقَ لوهبَة أنْ نَالَ جَائِزَةَ نَاجي نَعمان الأدَبيَّةَ (جَائِزَةَ التَّكرِيم عن الأعمَالِ الكامِلَة) عامَ 2006؛ وجَائِزَةَ المِترُوبُوليت نِقولَّاوُس نَعمان للفَضائِلِ الإنسَانِيَّة (من ضِمنِ جَوائِزِ ناجي نَعمان الأدبيَّة الهَادِفَة) عامَ 2011. وصَدَرَتْ عندَها الإبداعِيَّةُ الفَائزَةُ بالجَائِزة، "مَفاتِيحُ السَّمَاء"، بِطبعَتِها اللُّبنَانِيّةِ الأُولى عن مؤسَّسة ناجي نَعمان للثَّقافة بالمجَّان.
وتَطايَرَ، منذ ذلك الحين، الغُبَارُ، وجَرَتِ السُّنونُ، ودَارَتِ "المَفاتيحُ" بينَ دُولِ العَالَمِ بطَبعَاتٍ وتَرجَمَاتٍ مُتعَدِّدَة. كما تَزامَنَ الإعلانُ عَن جَائِزَةِ الاستِثنَاءِ هذه مع صُدُورِ الطَّبعَةِ العَاشِرَةِ لِــ "مَفاتِيح السَّماء" بِاللُّغَتَين، العَرَبِيَّةِ والإيطالِيَّة، مِن ضِمن غِلافٍ وَاحِد.
هذا، وستُنشَرُ قصَّةُ وَهيب نَديم وهبَة الفائزة بِجَائِزةِ الاستِثنَاء، والمَوسومَةُ "رَوضَةٌ وَزهرَةٌ والخَيالُ"، بالعَربِيَّةِ والإنجلِيزِيَّة، مع رسومِها، وبالكامل، في أَنطولوجيَا الجوائز لعام 2025 في موعدٍ أقصاه شهر تمُّوز المُقبِل، رَقميًّا ووَرقيًّا، وستصدرُ عن مؤسَّسة ناجي نَعمان للثَّقافة بالمَجَّان؛ على أمل أنْ تلقى القصَّةُ القَدْرَ وَالقِيمَةَ عينَهما في السَّاحة الأدبيَّة، تمامًا كَما جرى ويَجري مع ديوانِ "مَفاتِيح السَّماء".
CONVERSATION
يسوع الفداء”: صلاة شعرية معلقة بين الجلجلة والقيامة- قراءة تحليلية في قصيدة الدكتور حاتم جوعيه
بقلم : الكاتبة والناقدة رانية مرجية – مدينة الرملة -
في زمنٍ أُطفئت فيه الشموع في القلوب قبل الكنائس، وفي عصرٍ باتت فيه الخطيئة تلبس أثواب الحداثة، وتُبرر القسوة تحت عباءة الواقعية، تنبعث قصيدة الدكتور حاتم جوعيه، “يسوع الفداء”، كأنها صلاة قديمة جديدة، تُستعاد لا من كتب اللاهوت وحدها، بل من عمق التجربة الوجودية، ومن وجدان مصلوب على أسوار هذا الشرق الجريح.
ليست القصيدة نشيدًا فصحيًّا يُتلى في مواسم العيد فحسب، بل هي فعل إيمان، ومرآة شعريّة تُجسِّد مسار الفداء من مذود بيت لحم إلى خشبة الجلجلة، مرورًا بالدموع والمسامير والصليب، وليس انتهاءً بالقيامة، التي لا تتحقق عند الشاعر إلا حين تُفكّ قيود المقهورين، ويستعاد رجاء الشعوب الظامئة للخلاص.
⸻
المسيح كحلم وجودي: بين التجسد والتحرير
يفتتح الشاعر قصيدته بنداء ينتمي إلى نبرة الابتهال لا الخطابة:
يا إلهَ الفِدَا وحُلمَ الوجودِ
جئتَ بالحُبِّ والسَّلامِ الوطيدِ
هنا يُستدعى المسيح لا كرمزٍ لاهوتي مجرد، بل كحلم وجوديّ، كحقيقة تجسّدت وسط فوضى الخلق، لتعيد للكون توازن
فـ”الفداء” في رؤية الشاعر ليس عقيدة محصورة في الكتب، بل ممارسة يومية تُترجم في الحب اللامحدود، والسلام المتجذّر، والانبعاث من رماد الجمود.
⸻
بين الميلاد والقيامة: تواتر الضوء في مفاصل القصيدة :
يمرّ الشاعر في سرد شعري لا يخضع لمنطق الخط الزمني الصارم، بل يخضع لانسياب النور بين المحطات المقدسة.
كانَ في مذوَدٍ وفي بيتِ لحمٍ
حَمَلُ الرَّبِّ… مُدْرَجًا في المُهُودِ
إنه حمل الله، لكنه أيضًا الطفل البشريّ، الذي اختار مذودًا لا قصرًا، وفقرًا لا غِنى، ليبدأ رحلته نحو الصليب .
وفي مشهد الميلاد، كما في مشهد الفداء، يعيد الشاعر بناء العلاقة بين السماء والأرض، بين المجوس الذين أتوا من البعيد بنور النجم، وبين الراعين الذين سمعوا البشرى في البراري، وكأن القصيدة تصير جسرًا بين الأعالي والمُهمّشين .
⸻
الصليب: طهارة الألم وجغرافيا المقاومة
ما يجعل القصيدة ذات طابع نبويّ وإنسانيّ، هو تحويل الصليب من أداة عذاب إلى أيقونة خلاص، ومن سلاح قهر إلى راية مقاومة روحية
واحتضنتَ الصَّليبَ دونَ انحناءٍ
دمُكَ الغالي قد بذلتَ بجُودِ
في هذه الأبيات، يتجاوز يسوع صورة الحمل الوديع ليصير بطل الفداء، لا بحدّ السيف، بل بعمق الجُرح .
وهو لا يقاوم الشرّ بشرٍّ مضاد، بل يحتضن الموت لينتصر عليه، ويستحيل الدم النازف ماءً حيًّا يغسل به الخطايا، كما يغسل العطاش في الصحارى المعنوية.
اللافت أن الشاعر يصرّ على حضور الصليب لا كذكرى بل كمعاشٍ يوميّ:
وصليبُ الفداءِ ما زالَ رمزًا
لعذابِ الشعوبِ … بل للصُّمودِ
إنه الصليب الفلسطينيّ، الصليب العراقيّ، الصليب السوريّ، الصليب الأرمني، الصليب العربيّ، الصليب الإنساني، المصلوب في كل بلدٍ نُكبت فيه الحقيقة، وجُلدت فيه الكلمة، وسُفك فيه الطهر باسم الرب أحيانًا، وباسم السوق أحيانًا أخرى.
⸻
يسوع كقصة حب راديكاليّة للإنسان
يمضي الشاعر في عرض المسيح كذروة للحب الإلهي، لا ذلك المترفع عن الأرض، بل المتجسد في كل مظلوم وجائع ومصلوب :
أنتَ عَلَّمتنا المَحبَّةَ بذلٌ
دونَ أخذٍ تبقى وَدُونَ حُدودِ
بهذا البذل، ينقلب منطق العالم: فالذي يعطي هو المنتصر، والذي يغفر هو الأقوى، والذي يُحبّ دون شروط هو المُخلِّص.
وفي قلب هذا المنطق، تنبثق رؤية شعرية للمسيحية لا كمجموعة تعاليم بل كعقيدة فعل، وعقيدة تجسّد: حيث المصلوب يسكن في كل إنسان منتهَك الكرامة، والمسيح لا يقوم إلا حين ننهض عن غفلتنا.
⸻
رؤية سياسية باطنية حين تصير القصيدة فعل مقاومة :
ورغم غياب المباشرة السياسية، إلا أن القصيدة تحمل خطابًا نضاليًا ضمنيًا، يربط الفداء بالتحرير، والقيامة بالخلاص الجمعيّ :
“منكَ يرجُو الخلاصَ ..هلْ مِنْ مُجيبٍ
والصَّدَى تاهَ في الفضاءِ المَديدِ ”
تُطرح الأسئلة الكبرى بصوت الشعوب لا الكهنة، وتُنادى السماء من الأرض، وكأن القصيدة تستنطق يسوع المصلوب في وجع الشعوب العربية.
نعم، هو المسيح الفلسطينيّ، لا بالهوية الجغرافية وحدها، بل بالتاريخ الذي ما زال يعيد صلبه في القدس ورام الله وغزة وحيفا.
⸻
الأنوثة المقدسة: مريم كأم ومعنى وأرض : -
لا ينسى الشاعر أن يُسند القصيدة على حجر العذراء، فهي ليست تفصيلًا عابرًا بل الحاضرة في كل مفصل :
“وسَلامٌ عليكِ أيَّتُها العَذراءُ
… ما زلتِ خيرَ أمٍّ وَلُودِ”
في هذا السلام، تُغلف القصيدة بالحنان والدفء، ويُعاد إحياء صورة المرأة الأمّ، التي ليست تابعًا في مشهد الخلاص، بل شريكة الصليب، وسيدة الحضور، ومحراب الحنان.
⸻
الخاتمة: الشعر كقيامة والقصيدة كأيقونة مفتوحة : -
لا تنتهي “يسوع الفداء” عند القيامة كحدث لاهوتي بل تمتد إلى خلاص الإنسان، كل إنسان، من الجحيم المعاصر:
“لا خلاصًا سوى صليبكَ يبقى
يا رجاءً لنيلِ كلِّ الوعُودِ ”
هنا تُختصر القصيدة، وتتلخّص النبوءة، وينفتح الأمل، لأن الخلاص لا يكون بسلطةٍ ولا بطائفة، بل بصليبٍ من نور، يمرّ عبر الجلجلة، ويُنصب على تلال هذا الشرق النازف، تمامًا كما نُصب على تلال الجليل منذ ألفي عام.
“يسوع الفداء” ليست فقط قصيدة عن المسيح، بل عن الإنسان، عن الوطن، عن الأمل حين يُصلب، والحب حين يُجلد، والخلاص حين يُنهض من بين الرماد.
هي قصيدة تُتلى لا من فوق المذبح فقط، بل في قلب السجين، وعلى شفاه أمّ تنتظر عودة ابنها من منفًى أو معتقل.
CONVERSATION
جمعية محترف راشيا وتجمع البيوتات الثقافية في لبنان يكرمان بطل لبنان في الملاكمة داني حماد
لمناسبة حصوله على بطولة لبنان في الملاكمة لوزن 80 كلغ لعام 2025 والتي جرت برعاية الإتحاد اللبناني للملاكمة في مجمع اميل لحود الرياضي مار روكز كرمت "جمعية محترف الف التشكيلي للثقافة والفنون" و"تجمع البيوتات الثقافية في لبنان" إبن بلدة العقبة في قضاء راشيا البطل اللبناني داني يوسف حماد في نادي الملاكمة بلدته العقبة وبحضور رئيس الجمعية وامين عام التجمع شوقي دلال وأعضاء المجلس البلدي المنتخبين للعقبة المهندس رزق فاعور والاستاذة ماغي أبوعلي والمهندس خضر احمد واللجنة المواكبة يوسف حماد، ربيع فاعور،عماد احمد، رواد فاعور، عماد أبو علي ونجيب عقل وعدد من ابناء البلدة.
دلال اشاد في كلمته بالبطل اللبناني داني حماد وقال: اليوم نأتي الى بلدة العقبة العزيزة على قلوبنا والتي كانت ولا تزال عنوان للرياضة الهادفة من خلال إنجازات أبنائها منذ عقود وها هو إبن العقبة داني حماد يرفع إسمها على مستوى لبنان بإحرازه كأس بطولة لبنان للملاكمة لوزن 80 كلغ ".. أضاف دلال "بإسمي واسم من أمثل في "جمعية محترف الف التشكيلي للثقافة والفنون" و"تجمع البيوتات الثقافية في لبنان" اتقدم بالتهاني القلبية لإبن منطقة راشيا داني حماد على هذا الإنجاز الوطني المهم وأدعوا وزارة الشباب والرياضة والوزيرة الدكتورة نورا بايراقداريان الى رعاية وتكريم هذه الطاقة اللبنانية المهمة ودفعه للمشاركة في البطولات العالمية لأنه يستحق ، كما أُنوّه بوالد داني السيد يوسف حماد على تشجيعه لأبناءه ودفعهم نحو الامام حتى تمكنوا من تحقيق هذا الإنجاز ووجه دلال التهاني للمجلس البلدي الجديد على إنتخابه ودعاه لمواكبة ودعم البطل اللبناني داني حماد"..
من جهته تكلم الاستاذ ربيع فاعور بإسم اللجنة حيث شكر الفنان شوقي دلال على لفتته في تكريم إبن بلدتنا العقبة ورعايته للطاقات اللبنانية على مستوى الوطن وهذا ليس بجديد على "جمعية محترف راشيا" ونشاطاتها النوعية التي تعودنا عليها طيلة ثلاث عقود ونيّف"...
وفي الختام قدم دلال درع التكريم للبطل اللبناني داني حماد مع الحضور .
CONVERSATION
سعيد نفّاع يقرّر عدم ترشيح نفسه لرئاسة أمانة الاتّحاد رغم حقّه الدستوريّ وإجماع الأعضاء أن يستمرّ
(بيان صحفي خاص)
الاتّحاد العام اليوم في حال انعقاد مؤتمره الوحدويّ الثاني المبكر (الموعد الدستوري كانون الأوّل 2025)، وكان المؤتمر عقد جلسته الأولى يوم 22 شباط 2025 أقرّ فيها نظامه الداخليّ وانتخب أمانة عامّة ونائبًا للأمين العام، على أن يعقد جلسته الثانية الاستكماليّة يوم الجمعة 13 حزيران 2025 لانتخاب الأمين العام ولجنة المراقبة.
يوم نجح رعيلنا الثقافيّ الأوّل بإقامة اتّحاد للكتاب في ال-48 وذلك عام 1987 بعد جهود استمرّت 40 سنة؛ "اتّحاد الكتّاب العرب في إسرائيل"، كتب محمود درويش (ط) رئيس الاتّحاد الفلسطينيّ الموحّد رسالة مفتوحة من على صفحات اليوم السابع، للرئيس المنتخب سميح القاسم (ط)، كتب فيها:
"عزيزي سميح القاسم، ليس حدثًا عاديّا، في ظروف غيرِ عاديّة، أن تنجح أنت وإخوانك الكتّاب في تأسيس أوّل اتّحاد للكتاب العرب في الوطن، بعد أربعين عامًا.
أربعون عامًا؟ لا تنظر إلى الوراء بحزن.. لا تنظر إلى الوراء إلّا لتعرف أين وصلت بنا الطريق. للأعداء حساباتهم ولنا حسابنا. إنّ وراءنا أربعين عامًا من محاولة تهويد الأرض، واللغة، والروح.. أربعين عامًا من الصراع على البقاء أسفر، على المستوى الثقافي، عن ولادة أوّل اتّحاد للكتّاب الذين كانوا مرشّحين للالتحاق بما تحدّده الدبّابة من حدود للهزيمة النفسيّة والأدبيّة.. فلم يُهزموا..."
صحيح أنّه وبعد التأسيس انطلقت "رابطة الكتّاب الفلسطينيّين في إسرائيل"، ولكن ما لبث الأخوة في الاتّحاد والرابطة أن توحّدوا وانتخبوا سميح القاسم رئيسًا وحنّا أبو حنّا (ط) ومحمّد علي طه أمينين عامّين. وعندما استقال القاسم تمّ انتخاب محمّد علي طه لرئاسة الاتّحاد وبقي حتّى العام 2010، إلى أن بادر الكاتب يعقوب حجازي عام 2011 إلى تجديد الانطلاقة فأُطِلق "اتّحاد الكتّل الفلسطينيّين 48" وانتخب سامي مهنّا رئيسًا وتنظيميّا كجزء من الاتّحاد الفلسطيني العام، جرت عام 2014 محاولة لعقد مؤتمر جامع وفشلت فانطلق "الاتّحاد القطري للأدباء الفلسطينيّين- الكرمل"؛ تنظيميّا طبقًا للمتبّع في الحركات اليساريّة برئيس فخريّ وأمين عام قائد للعمل، فانتخب الكاتب فتحي فوراني للرئاسة وسعيد نفّاع للأمانة العامّة. وبدأت محادثات لوحدة التنظيمين، ونجحت عام 2019 وتمّ التوافق على اتّباع الطريقة التنظيميّة اليساريّة بأن يقود الاتّحاد الموحّد أمين عام، واوكلت المهمّة لي؛ سعيد نفّاع.
وفعلًا وعلى مدى ثلاث سنوات تجذّرت الوحدة بأبهى حللها ليصل عدد الأعضاء ال-186 عضوًا. عقد الاتّحاد الموحّد مؤتمره الوحدويّ الأول في كانون الأولّ 2021 وانتخبتُ أمينًا عامّا. واليوم يعقد الاتّحاد مؤتمره الوحدويّ الثاني المبكر. وقد عبّرت عن نيّتي عدم الترشّح لدورة إضافيّة رغم حقّي الدستوريّ والإجماع في الاتّحاد على مطالبتي بالاستمرار وبالتزكية العامّة، إلّا أنّي قرّرت ألّا أترشّح ليستلم الراية آخرون، وزوّدت الأعضاء برسالة خاصّة في الموضوع.
تشرّفت أن أكون حاملًا الراية متابعًا بناء المسيرة الثقافية وترقيتها وعلى مدى 11 سنة (2014-2025)، وبوصلتي في العمل ما كتب محمود درويش لسميح القاسم. ورغم كلّ العقبات في المسيرة؛ وأوّلها تزامن عمليّة البناء مع محاكمتي على يد المؤسّسة الإسرائيليّة والحكم عليّ بالسجن الفعليّ سنة ونصف، ونصف سنة حكم معلّق لثلاث سنوات وسحب رخصة عملي، مصدر معيشتي، لثلاث سنوات ونيّف، رغم ذلك جذّرنا الاتّحاد في المشهد الثقافيّ الفلسطيني، وها أنا أنقل الراية لمن يرى فيه المؤتمر أهلًا لمتابعة المسيرة؛ ثقافيّا وطنيّا وتنظيميّا أخلاقيًا.
الاتّحاد ينطلق في مؤتمره هذا بأعضائه ال-136 وفي رصيده:
_ الالتزام والمبنى التنظيمي: الاتّحاد وطنيّ بطرحه وعمله منظّم على أعلى درجات التنظيم، يضمّ في صفوفه التعدّدية الجميلة في شعبنا؛ فكريّا وسياسيّا واجتماعيّا.
_ الاتّحاد العربيّ العام: عضويّة الاتّحاد العربيّ العام وكان حصل الفرع على جائزتين من قبل الاتّحاد، وهذا يُسجّل لاتّحاد ال-48.
_ اللغة العربيّة: حوّل الاتّحاد اليوم العالميّ للغة العربيّة ال-18 كانون الأوّل إلى عيد يعمّ المدارس انطلاقًا من الطيبة، عبر عشرات المدارس.
_ شذى الكرمل: تدخل فصليّة الاتّحاد هذا العام عامها الحادي عشر بمواعيد ثابتة، غنيّة بالأقلام العريقة وراعية للأقلام الشابّة.
_ المدوّنات الإلكترونيّة: صارت قبلة أقلام كثيرة من العالم العربيّ.
_ التكريمات: أكرم الاتّحاد، أدباء الرعيل الأوّل عمرًا وانتاجًا (الأسماء حسب الموقع الجغرافي): مصطفى مرّار، يوسف بشارة، عبد الرحيم الشيخ يوسف، نبيهة جبارين، حنّا أبو حنّا، سعاد قرمان، توفيق زيّاد، سعاد دانيال بولس، يعقوب حجازي، سهيل عطالله، بطرس دلّة، أحمد الحاج، حنّا إبراهيم، نبيه القاسم ومحمّد نفّاع.
_ المؤتمرات الثقافيّة: أطلق المؤتمر الثقافي الأوّل من عرّابة والثاني من مجد الكروم.
_ أدب الأطفال: أطلق المؤتمر الأوّل من طرعان والثاني من الطيرة وأسّس مجلسًا خاصّا بهذا الأدب.
_ أدب المرأة: أطلق المؤتمر الأوّل من معليا وأسّس لجنة خاصّة بهذا الأدب.
_ مهرجان أيّار النكبة للقراءات الأدبيّة: أطلقه من كفر قرع وامتدادًا إلى البقيعة.
_ الندوات والأمسيات وبرنامج بين طيّات الكـتب: أقام العشرات على منها في قرانا المختلفة من قلنسوة عبر الداليّة والناصرة وصولًا إلى بيت جن. بحلّتيه التنظيميّتين قبل الوحدة.
_ الكلّ الفلسطيني: انطلاقًا من وحدة الثقافة الفلسطينيّة؛ بدأها اتّحاد ال48 وبعد الوحدة انطلقت بِـ 6 لقاءات من الخليل جنوبًا وحتّى جنين شمالًا، ومن على أطلال قرانا المهجّرة للكتّاب الأسرى؛ صفورية وقنير. وآخرها كان تكريم أعضاء الاتّحاد من مركز السنابل للتراث محافظة الخليل، وكان لنا شرف تكريم كتّاب المحافظة جمعاء.
_ تكريم الأعضاء: أكرم الاتّحاد 54 من أعضاء الذين أضافوا لمكتبتنا مجتمعين أكثر من 100 كتاب في العامين 2023 و2024 انطلاقًا من سخنين.
_ جائزة الاتّحاد لطلابنا الثانويّين المبدعين: أطلق من-224 مدرسة بمساهمة 71 مبدعة ومبدع، واختتمه من كوكب أبو الهيجا.
وهذا بعض!
سعيد نفّاع: 7208450- 050
25 أيّار 2025م
CONVERSATION
المجموعة القصصية ( السقوط من البندول ) للكاتب أحمد عثمان على طاولة النقد بمنتدى السرديات
كتب / مجدي جعفر
تحلق أدباء منتدى السرديات باتحاد كُتّاب مصر – فرع الشرقية ومحافظات القناة وسيناء حول المجموعة القصصية ( السقوط من البندول ) للكاتب أحمد عثمان، وأدار الندوة الأديب والناقد محمد الديب، وقدم أيضا دراسة نقدية في المجموعة تحت عنوان : (الكتابة في وجه السقوط - قراءة في مشروع أحمد عثمان القصصي من خلال السقوط من البندول ) وجاء فيها :
" في زمن تتآكل فيه الحدود بين الأجناس الأدبية، ويتراجع فيه الوعي بالكتابة بوصفها مقاومة داخلية ضد فوضى العالم، ينهض مشروع أحمد عثمان القصصي كصوت مغاير، لا يروي العالم كما هو، إنما كما يُوجع ويُفتقد.
أحمد عثمان ليس كاتبًا يُغريه الحدث، أو يؤمن بصدام الشخصيات، أو يحتفي بالتقنيات الشكلية في ذاتها؛ هو كاتب قلق وجودي بالدرجة الأولى، يستخدم القصة القصيرة لا ليقول "ماذا حدث؟"، إنما "لماذا حدث هذا الألم؟"، أو بالأدق: "كيف نعي سقوطنا ونحن لا نزال نقف؟".
تُشكل مجموعته السقوط من البندول لحظة اكتمال لنبرة سردية خاصّة، قوامها القصّ النفسي المتوتر، واللغة الشعريّة المختزلة، والبناء المفتوح على تأويلات الذات والزمن والموت، القصص التي تتضمنها المجموعة مثل "فعل علني"، "نظرة، فابتسام.."، "بقايا مهترئة"، "أوجاع الضياع!!"، و"السقوط من البندول" وغيرها — لا تقدم عوالم متعددة، إنما تقدم وجوهًا متعددة لنفس الجرح الداخلي، نفس الوحدة المُغلّفة بالتذكّر، نفس الانهيار البطيء تحت عبء الزمن.
إن القارئ الذي يقترب من عوالم أحمد عثمان القصصية، لا بد أن يشعر أنه داخل مرآة مشروخة، يرى فيها شخوصًا تشبهه، لكنها لا تفعل شيئًا إلا أن تتذكر، تتألم، تتراجع، ف"الابتسامة" = الموت، و"البندول" لا يحدد اتجاهًا للحياة أو الموت، إننا إزاء سرد يكتب ما لا يُقال عادةً: الصمت، التردد، الإنهاك، النَفَس الأخير للحلم قبل موته، اللحظة التي يُصبح فيها كل شيء بقايا، حتى الإنسان.
من هنا، فإن كتابة أحمد عثمان تنتمي إلى ما يمكن أن نُسميه "السرد التأملي الرمزي"، وهو تيار غير صاخب في القصة القصيرة الحديثة، لا يعتمد على حبكة درامية أو مفاجآت أو مونولوجات حادة، إنما يعتمد على تشظي اللحظة الواحدة وتحميلها بثقل دلالي شفيف. هو امتداد ـ في روحه ـ لأعمال كتاب كبار مثل بهاء طاهر، وبعض قصص إدوارد الخراط الرمزية، لكنه يحمل خصوصية لغوية وبنائية تتقاطع مع التجريب من أجل التجريب، وتركز على التجريب كأداة لتوصيل عمق التجربة النفسية والوجودية.
إن إحدى السمات اللافتة في هذه المجموعة، هي اعتمادها على بنية زمنية متهالكة؛ فالزمن يدور حول نفسه ولا يتقدم ، ولا يمنح خلاصًا إنما يُعيد تدوير السقوط.
فالقصة الأولى "فعل علني" مثلًا، تجعل من اللحظة الأخيرة مساحة للتأمل أكثر من الفعل. وكأن الفعل لم يعد ممكنًا، أو لم يعد مجديًا. كل شيء يحدث داخليًا حتى الزمن، في "السقوط من البندول"، يُصوَّر عبر حركة البندول التي من الطبيعي أنها لقياسٍ الوقت، لكنها تأتي كـ"جلد ذاتي" لا ينتهي.
ويُقابل هذه البنية الزمنية اقتصادٌ لغوي حاد، حيث كل جملة تقف على حافة الشعر، دون أن تنزلق إلى التغني أو الترهل. إنه نصّ يرى أن اللغة إذا لم تكن جرحًا، فهي زينة لا ضرورة لها. فحين يقول في "أوجاع الضياع!!":
"لم يبقَ سوى خيط من الدخان.. يتلوى من فمه نحو السماء، كأنه آخر أحلامه التي لم تُروَ"،
فهو لا يصف موتًا، إنما يصف احتراق الرغبة في الحلم، احتضار الداخل بلا ضوضاء.
الأماكن في هذه القصص تأتي بمثابة مرايا نفسية. المقعد المهترئ، البندول، المرآة، السماء، النافذة.. وغيرها تأتي كرموز تتفاعل مع الحالة الشعورية للشخصيات، وتُشكّل عبر تكرارها شبكة دلالية تُفضي إلى تأويل فلسفي: أن الإنسان يُعرّف من خلال ذاكرته، وأن السقوط ليس لحظة خارجية، إنما فعل داخليّ مستمر.
ولا يخفى أن هذه البنية الرمزية واللغوية الدقيقة، تؤدي إلى تغريب متعمد للقارئ؛ فلا هو داخل القصة، ولا هو خارجها.
إنها كتابة تُشرك المتلقي في لعبة التأويل، في قراءة الصمت قبل الكلمات، والتردد قبل القرار، والظل قبل الضوء .. كتابة ضد السردية الخطية، وضد الحدث الجاهز، وضد النهايات المريحة.
بهذا المعنى، يمكن النظر إلى السقوط من البندول بوصفها مشروعًا سرديًا مكتمل النبرة، مفتوح التأويل، ناضج التوتر. مشروع يُعيد للقصة القصيرة نُبلها التأملي، ويقاوم الابتذال السردي، ويؤمن بأن الفنّ العظيم لا يُحدث فرقًا بالقول، إنما يحدث فرقا بالصمت الذي يخلقه في القارئ بعد القراءة.
.........................................................................
..........................................................................وتحت عنوان ( المجموعة القصصية " السقوط من البندول " للكاتب أحمد عثمان - قراءة في الرؤية والتشكيل - كتب الأديب والناقد مجدي جعفر :
" يقدم الكاتب أحمد عثمان في مجموعته القصصية ( السقوط من البندول ) تجارب إنسانية حميمة، يمتح فيها من واقعه المعيش، ويعيد لنا تشكيل هذا الواقع في صور مبهرة ومبدعة.
العنوان كما يقول الباحث السيميولوجي هو العتبة الأولى للولوج إلى النص، وهو النص الأصغر، المُضمر فيه الرسالة التي يريد الكاتب إيصالها إلى المتلقي، وكما اهتم بالعنوان اهتم أيضا بلوحة الغلاف، وبالنظر إلى لوحة الغلاف كفضاء بصري مهم، نرى اللون الغالب على اللوحة هو الأبيض، وفي أعلى الغلاف ساعة تبدو عتيقة، يتدلى من بندولها رجل يتأرجح في الفراغ، وعلى أعتاب السقوط، فالساعة ترمز إلى الزمن، فهل ينصب اهتمام الكاتب قبل الشروع في قراءة المجموعة بالذين يسقطون من الزمن؟.
ويأتي الاهتمام بالزمن من الإهداء أيضا، حيث يهدي مجموعته إلى سنين عمره التي توارت بالحجاب,
وقصة ( السقوط من البندول ) التي حملت المجموعة اسمها، هي إحدى قصص المجموعة الجياد، التي تؤكد وعي الكاتب بالزمن، وإدراكنا للزمن لا يتأتى إلا كلما تقدمنا في العمر، وقد أحسن صنعا باختيار بطل النص كاتبا ذاع صيته وطبقت شهرته الآفاق، وعلاقته بالزمن في طفولته وصباه وشبابه تغيرت مائة وثمانون درجة عندما بلغ من الكبر عتيا، وهذه العلاقة قدمها لنا الكاتب باقتدار من خلال الساعة المعلقة على الجدار، وهي أداة من أدوات قياس الزمن الفيزيقي، وكان إدراك الكاتب بطل النص، الشيخ الهرم الطاعن في السن الذي اشتعل رأسه بالبياض، كان إدراكه للزمن من خلال الآثار التي تركها عليه، ليس بتجاعيد الوجه واشتعال الرأس شيبا ووهن الجسد والاتكاء على العكاز فحسب، بل الآثار النفسية أيضا، والزمن النفسي لا يُقاس أبدا بمقاييس الزمن الفيزيائي، والزمن النفسي هو الزمن الأهم بالنسبة للكاتب، وإنشغاله به يفوق إنشغاله بالزمن الفيزيائي، وبدا الزمن النفسي / الأدبي حاضرا بقوة في العديد من القصص، وخاصة القصص التي اقترب فيها من تخوم الصوفية.
والساعة المعلقة على الجدار:
( أمست دقاتها المتتابعة مطارقا تقض مضجعه، وتشعل توتره، تجلد شيخوخته بسياط لا ترحم ) ص 56.
ولعل القارئ يكون قد تبين من خلال هذه الجُمل القليلة آثار الزمن في شيخوخته على حالته النفسية التي ساءت والمزاجية التي تعكرت، وهذا ما جعله يقبل على فعل غرائبي، وهو محاولته إيقاف هذا الزمن، بل تعدى الفعل من محاولة إيقافه إلى محاولة العودة به إلى الوراء!.
حاول أن يدير مفتاح الساعة بالاتجاه العكسي ! ليقدم لقصته نهاية قوية وحاسمة، وتثير في عقل المتلقي العديد من الأسئلة الوجودية، مثل : الحياة والموت، وصيرورة الزمن، وديمومته، والوجود والعدم، ... إلخ.
( 2 )
القرية المصرية وتحولاتها :
الزمن حاضرا بقوة في جُل القصص، يُغيب أشخاصا، وأماكن، وحرف ومهن، وعادات وتقاليد، وقيم وأخلاق، و.. و ..، ومن خلال وعي الكاتب بالزمن يرصد في قصص ( الزغلولة .. نخلة جدي، ماكينة داوود، آخر الدنيا ) التغيرات التي طرأت على القرية المصرية :
1 – في قصة ( الزغلولة .. نخلة جدي ) يقدم لنا باختزال وتكثيف شديدين من خلال الزغلولة / النخلة قرية ( العلواية ) ونشأتها، واعتمد فيها على الموروث الشفاهي، والحكايات المروية عن الأب عن الجد ..
والكاتب مغرما في هذه القصة بالحكي الشعبي، والحكاية هي العمود الفقري لقصته، وأظهر فيها قدرته الفائقة على انتقاء الحكايات التي ينقلها عن أبيه عن جده وعن جد جده، مستخدما خاصية الانتقاء، وهي خصيصة مهمة، ولأن الفن انتقاء واختيار من الواقع، فاختار الكاتب من الزمن الممتد منذ نشأة القرية المواقف والحوادث التي كانت مضيئة في سماء ذلك الزمن البعيد، منذ اللبنات الأولى للمكان وبعثه الأول، وصولا به إلى الآني والحاضر، ورصد حركة الزمان في المكان وجدليته معه، وإزاحته لبعض معالمه، ورصد أيضا التغيرات التي طرأت على الشخصية الريفية.
2 – في قصة ( ماكينة داود ) ص 67 يوقفنا كيف غيب الزمن ماكينة داود ( وابور الطحين )، ولم يبق منها غير صوت الماكينة الذي يطن في أذنيه، وحكايات أمه عن العفاريت التي تسكنها، والتقاط الطفل الشارد لذبحه على سيرها لكي تدور، ويرصد من خللها التحولات والتغيرات الخطيرة التي حدثت للقرية، فالعائدون من بلاد النفط تخلصوا من البيوت الطينية وشيدوا مكانها عمارات عالية بالطوب الأحمر والحديد والأسمنت، وعلى أرض الماكينة انتصب برجا شاهقا، يناطح السحاب!.
3 – وفي قصة ( آخر الدنيا ) ص 70، يختفي ( المسقى ) الذي يجري فيه الماء لري الأراضي المنزرعة، فالأجيال المعاصرة قاموا بردمه، واقتلعوا الاشجار، وعبدوه طريقا عريضا طويلا وعلى جانبية أقاموا البيوت والعمارات!.
4 – وفي قصة ( عم مهران .. الحاذق ) ص 73، هل يُسقط الزمن العم مهران الرجل الحاذق الذي يداوي بالأعشاب، ويعرف لكل مرض العشب الناجع لعلاجه، ويعف عن أخذ مقابل من مرضى القرية، ويعالج الذين يعانون من وجع في المفاصل، ومن الروماتيزم، يعالجهم بدهن الثعابين التي يصطادها له الأولاد، ويكافأهم على صيدهم الثمين بحبات ( الكرملة ),
الكاتب اهتم اهتماما كبيرا بالقرية القديمة التي رسخت في ذهنه مذ كان طفلا، ووصفها وصفا دقيقا، ويضعها في مقابلة ومواجهة مع القرية المعاصرة، ليكتشف القارئ أن البيوت الطينية قد غيبها الزمن وأزاحها البندول غير عابئ بصراخها، وحلت بدلا منها العمارات العالية والأبراج الشاهقة كما سقط وابور الطحين من البندول أيضا، ومساقي الأراضي سقطت هي الأخرى، وبارت الأرض وأُهملت وجُرفت، حتى ألعاب الأطفال اختفت مثل السيجة والبلي والاستغماية وغيرها، ومعرفة مقاييس الزمن التي كانت تُقاس بحركة الشمس والظل، غيبها الزمن، واختفت بعض الحرف والمهن، واختفت قيم أخلاقية في المجتمع الريفي ومنها قيمة التكافل الاجتماعي، فكان خراج الزغلولة يذهب إلى الفقراء والجيران والأصدقاء قبل أن يطعمه أصحابها.
( 3 )
المهمشون والفقراء :
يقترب الكاتب في بعض قصصه من الناس البسطاء والعاديين، والهامشيين والفقراء الذين يعيشون على أطراف الحياة،ومعاناتهم ومكابداتهم من أجل الحصول على كسرة خبز وحسوة ماء، من أجل لباس يسترهم، ويغوص الكاتب في دواخلهم، مستبطنا همومهم وأحزانهم الكثيرة، وأفراحهم القليلة.
1 – في قصة ( زفاف ) يقدم لنا أوجاع ( على الله ) وهذا هو اسمه، محدود الذكاء، قوي البنية، لا عمل له ليقتات منه، ويعتمد على ما يجود به الناس والباعة عليه من أطعمة، لا يمد يده أبدا لأحد طلبا لصدقة حتى لو تضور جوعا، ولا مأوى له، يتكور آخر الليل على رصيف محطة القطار، تتحلق حوله القطط والكلاب والجرذان، يلقي لها بما جادت به الناس عليه، تتعارك على الأكل، وحينما تشبع تهدأ، فيروح هو في النوم.
2 – قصة ( سياط ) ص 36 : مأساة أطفال الشوارع الذين يتم اسغلالهم من قبل عصابات الأشرار لتوظيفهم في السرقة والنشل، والصبي الذي يمر يومه ولا يجد صيدا، ويخشى سوط معلمه الذي ينهال على جسده، وكيه بسيخ الحديد المجمر إذا عاد من ( سرحته ) بكفي حنين، وكلما لاح له أساليب العقاب المؤلمة، يتكور على نفسه خوفا ورعبا، ولكنه يفيق على دقات حذاء لسيدة انيقة، فيتعقبها، ويغافلها، ويخطف حقيبتها، ويولي مسرعا، فتصرخ السيدة مستجيرة بالمارة، فيلاحقونه محاولين الامساك به، يروغ منهم، ويزوغ، ويجري في الاتجاه المعاكس لتصطدمه سيارة مسرعة
3 – قصة ( يوم مختلف ) ص 25 : الرجل الفقير الذي يخرج من بيته مع شروق الشمس، ولا يعود إلا مع غروبها، يجوب الشوارع والحواري والأزقة، وينادي : بيكيا .. بيكيا .. روبابيكيا، وبالكاد يتحصل على قروش قليلة لا تفي بمتطلبات حياته الأساسية، وضاقت زوجته به وبحياته، وتجرأت على جلده بلسانها السليط، ومعايرته بفقره، وشكواها التي لا تنقطع من طبق الفول الذي لا يفارقهما، ويداها اللتان برى جلدهما الغسيل، والديون التي تتراكم ولا أمل في سدادها، البقال، وبائع الخبز، و ..
4 – قصة ( قلوب ) ص 13 : المرأة التي تستخدم جمالها ودلالها وأنوثتها، مستغلة سطوتها على رجال السوق، فتلين قلوبهم، ويسيل لعابهم
5 – قصة ( سوق الجمعة ) ص 41 : الموظف الذي لا ينافق رئيسه ولا يهادن من أجل ترقية أو علاوة أو بدلات، ولا يسالم، ويتسم بالصدق والأمانة والأداء المثالي لوظيفته، وعُرف بين زملائه ب " الفقري "، فيرفض الرشى والمال الذي يأتي من استغلال الوظيفة والتربح منها بطرق ملتوية وغير مشروعة، هذا الموظف ( الفقري ) يُعاني ضيق اليد وعُسر الحال، ويعاني من شظف العيش، فراتبه الهزيل لا يسد أقل حاجيات أسرته الأساسية والضرورية، فيضطر للعمل بأحد المطاعم ليُحسن من دخله بعد انتهاء عمله الوظيفي، ويؤلمه حال ولده في هذا الشتاء القارس، الذي أصاب صدره وعظامه..
6 – قصة ( أرزاق! ) ص 44 : الرجل " الأرزقي " الذي يعمل يوما، ولا يجد من يطلبه للعمل أياما، ولا تجد زوجته في الدار، ما تسد به رمقهم، فيتألم الرجل ويبكي في صمت وهو يصيخ السمع إلى معدهم التي تصرخ وأمعاءهم التي تتلوى، وفي لحظة يأسه من العثور على عمل في هذا اليوم، يتفاجأ بيد حانية، تتأبط ذراعة، ويسير به صاحبها إلى مائدة كبيرة وعامرة بالخيرات، وبرقت في ذهنه فكرة بعد أن اجترح صيامه ببعض تمرات :
( مسرعا راح يجمع من حوله ما طالته يداه من أطباق " الفوم " التي لم تجد من يلتهم ما تحويه – في كيس كبير يلازمه، ثم انسل خارجا، بينما الحوار مستعر – على أشده – بين الأفواه والأطباق ) ص 45.
( 4 )
هموم الوطن والأمة :
انشغل الكاتب في بعض قصصه بالهم السياسي، وبالهموم الوطنية والقومية.
1 – قصة ( أزيز ) ص 48 :
ينقل الكاتب من سرادق عزاء عضو مجلس الشعب، الحوارات التي تدور همسا أحيانا، وزعيقا أحيانا أخرى بين وجهاء القوم الذين جاءوا لأداء واجب العزاء، وهذه الحوارات كاشفة وفاضحة للسياسيين ورجال الأعمال وغيرهم من صفوة المجتمع المصري :
هل هؤلاء من القطط السمان التي أثرت ثراء فاحشا، واستفادت من انفتاح السادات، انفتاح ( السداح مداح ) بتعبير الكاتب أحمد بهاء الدين؟
هل هؤلاء من رجال نهب المال في زمن مبارك، زمن الخصخصة وبيع القطاع العام بتراب الفلوس، فالبندول قد أزاح رجال الأعمال الوطنيين وأتى بأمثال هؤلاء الذين ارتبطوا مع الحكومة بزواج كاثوليكي، ولا ينفصم عرى هذه العلاقة إلا بالموت؟
2 – قصة ( أوجاع الضياع!! ) ص 33 :
يقدم الكاتب في هذه القصة جناية الحرب على الإنسان، من خلال أم وطفلها نزحا من بلدهما بسبب الحرب، ويعيشان في أحد المخيمات بالصحراء : ( وعيونهما تحتبس مشاهد خلفاها في فرارهما .. بيتهما وحديقته .. الشارع الممتد، والحارات الهابطة مع انحدار التلة .. الأهل والجيران ) ص 33.
ويرصد معاناتهما في لفح الحر القائظ صيفا في المخيم، والبرد القارص شتاء، ومعيشتهما : ( أياد تمتد إليهم بالعطايا، وأياد كسيرة تستقبلها .. تتحاشى نظرات الشفقة والرثاء ) ص 33.
وتتعلق عيونهما بالشاشة، تتابع ماتنقله الكاميرات، وما يقوله المراسلون والمحللون، وفي نبأ عاجل :
( انفجارات عاتية، ركام أسود كثيف يملأ المشهد، يحجب ماوراءه، .. )
يصرخ الصبي :
( -أماه .. أماه .. أليست المئذنة المتهاوية هذه للمسجد القريب من بيتنا؟
نعم هو .. أعرفه ) ص 34.
ومشهد جثة زوجها الغارق في دمه لا تفارق مخيلتها، فكان مطروحا على عتبة ذات المسجد الذي أطلقوا رصاصتهم الغادرة على المصلين، وأردت إحداها زوجها قتيلا.
والزوجة مكلومة بضياع الزوج وضياع الوطن، فما الذي يبقى بعد ضياعهما؟.
يقدم لنا الكاتب المرأة في هذه القصة ( مقاومة )، فالسكوت عن المقاومة في هذه الحالة طريق إلى الجنون!!.
( 5 )
محاولة السيرعلى درب المتصوفة :
لم يكن الطريق معبدا أمام المريد للوصول، فثمة حفر ومطبات، وجُدرا وأسوارا عالية، واجتيازها يحتاج إلى جهاد ومشقة.
ويستهل قصة ( حالة وجد ) ص 15 بالدرويش في حلقة الذكر:
( يتصبب عرقا، يتساقط من وجهه كالمطر، وهو يميل بجذعه يمنة ويسرة في حركة منتظمة تتجاوب مع دقات الدفوف وصوت المنشد : الله حي )
وهذه هي الصورة النمطية للكثرة الذين ينتظمون في حلقات الذكر، ومع اشتداد دقات الدفوف وتسارع صوت المنشد تتسارع وتتلاحق حركاته، حتى يغيب عن كل ما حوله من الموجودات، ويتهاوى على الأرض، وهنا يظهر له الشيخ الوقور صاحب اللحية البيضاء بابتسامته المحببه، يبشره :
(- مبروك يا ولدي .. خطوت خطواتك الأولى )
وبلل شفتيه بماء الإبريق، وناوله كسرة خبز، وقليلا من الملح.
هل يستطيع أن يواصل الطريق؟.
في قصة ( السبيل ) ص 17 تأتي الخطوات التالية والأهم، وعلاقة المريد بالشيخ، والوصول لنهاية الطريق ليس بالأمر السهل الميسور، فيسأل شيخه :
( - ماذا هناك يا مولانا؟
-السؤال واسع بلا انتهاء وعميق بلا ابتداء يا بُني، يلزمه علم كثير كثير .. )
حمل أطنانا من الكُتب والأسفار، وتزهد ناسكا في حضن النخلة، لا يكف عن القراءة والبحث والتقصي والاطلاع، ما ترك شاردة ولا واردة إلا وألم بها، ومضى بعد عام ونيف إلى شيخه يبشره، فيقول شيخه :
( - ما عرفت شيئا .. ما يُغني علمك عن عينيك .. )
فحلم المريد : ( العبور إلى حياة الرغد التي يهفو إليها قلبه، تلك المقيمة خلف الأستار الحاكمة )
فهل يمكن أن يجتاز ذلك البرزخ ويقف على الأسرار، ويصل؟
وهل يمكن ان يحل الله في الموجودات، يحل في شيخ ناسك وزاهد وعابد، ويكون عينه التي يرى بها واذنه التي يسمع بها ويده التي يبطش بها، إنها نظرية الحلول التي قال بها بعض العارفين، ومنهم ابن العربي، وراح يرصد ويتابع ( ذلك المُهاب الذي يسد المجاز ويحكُمُه، يحصي حركاته وسكناته، .. )
عاد لشيخه مبشرا :
( - راقبته – ما غمض لي جفن يا مولانا – يكاد يقتلني العطش، اتوق أن أبلل جفاف حلقي من إبريقك .. )
ويطلب منه الشيخ أن يعود مرة أخرى للتحقق، ويحذره من الغضب، ولكن المريد بعد هذه الرحلة الطويلة والشاقة، امتلأ بالمرارة والقنوط، غُمّ عليه دربه، واحتواه التيه، وتفرقت به السُبل
( 6 )
اغتراب الإنسان المعاصر وتشظيه والتمرد على القصة ( الموبسانيه ) :
التزم الكاتب في أكثر من ثلاثة أرباع قصص المجموعة بالقصة ( الموبسانية ) من خلال محافظته على الحدث، والزمان، والعقدة، ولحظة التنوير.
وتأتي بعض القصص ( ربع المجموعة تقريبا ) متمردة على هذا النموذج، وفي قصته الجديدة المتمردة لا نرى بناء تقليديا، وإنما نرى أنفسنا في مواجهة حدث جاد.
في قصة ( مطاردة ) ص 51 : الرجل الذي انتفخت رأسه، وصعدت حتى قبة السماء، ثم هوت على الأرض، ويواصل الركض خلفها، ويحاول أن يختطفها قبل أن تدهسها سيارة، ولكنها تفلت منه.
= ومن قصة ( حادث دهس ) ص 53 : الرجل الذي يفشل في بيع قلمه العتيق والنادر الذي ورثه أبا عن جد يرى الناس في السوق :
( رواد السوق يسيرون على رءوسهم! فيما تحملق فيه أقدامهم، ترمقه بنظرات ساخرة مستهزأة، تؤازرها قهقهات سكارى صاخبة .. تتعالى تارة، وحين تخفت يعلو نحيب لا يعرف مصدره .. )
لماذا الرأس انفصلت عن صاحبها في قصة ( مطاردة ) ولماذا الناس في قصة ( حادث دهس ) كانوا يسيرون على رءوسهم، وكانت الأقدام هي الأعلى؟
في هذه القصص لا يقدم لنا الكاتب قصص منطقية أو يقدم لنا حدوتة متتابعة الأحداث، إنما يعالج فكرته معالجة فنية متوسلا بالصورة والحدث والمفارقة والتداخل بين الأشياء، وهذا الأسلوب التقدمي في الكتابة اقتضته ظروف معاناة الإنسان المعاصر، وإحساسه بالوحدة والاغتراب، فمن حباه الله مثلا عقلا علميا جبارا لم يعد يجد له مكانا في هذا الزمن، فالمكان والمكانة أصبحت لمن موهبتهم في أقدامهم مثل لاعبي كرة القدم، والقلم رمز العلم لا يجد من يشتريه، بل دهسته الأقدام!!
إنه اغتراب صاحب العقل في وطنه، الذي اختلت منظومة قيمه.
المجتمع اليوم يقدم من موهبته في قدمه ومن موهبته في حنجرته ومن موهبتها في خصرها على العالم والفيلسوف والأديب والشاعر والفنان التشكيلي وغيرهم من الذين يعانون وأصبحوا غرباء في أوطانهم، فالقدم صارت في الأعلى والرأس في الأسفل، وتم دهس القلم بالأقدام!!
= وفي قصة ( حالة تلبس ) ص 22 : فقاعة صابون من الفقاعات التي يلهو بها الأولاد على الشاطئ، تتلبسه، وتصعد به إلى السماء، ويرى عجبا، وينقله لنا عبر الرحلة الغرائبية :
( في كبد السماء تراءت لي الأرض بكامل استدارتها .. تتباعد شيئا فشيئا، وجيوش الظلمة تتقاطر حولي تملأ الفراغ .. )
( انفجار رهيب مفزع ذاك الذي دوّى حين احتكت الفقاعة بنهاية الغلاف، فقذفني إلى فراغ سحيق )
( يختطف بصري جسم ضخم، كأنه جمرة عظيمة يهوي مخترقا نحو الأرض، فأتتبعه .. اصطدام هائل أراه ولا أسمع له صوتا، بدا لي عمودا عملاقا من أحجار وركام – تتخلله أجسام وأشياء لم أتبينها – يتصاعد مخلفا فجوة عميقة مستعرة باللهب، ربما باتساع قارة كبيرة، .. )
( شاهدت أقواما – لا حصر لهم – مجللة بالسواد تتطاير ثم تهوي، ومسوخا مخيفة تلاحقهم .. )
( أتفقد ما حولي من أجرام بكافة الأشكال والألوان والأحجام .. النور والظلام صنوان لا يفترقان هنا .. )
( كل يسبح في مساره بانسياب وهدوء وسلام، إلا هذه المصنوعات البشرية!!، أينما يممت أرى عجبا .. أقمار ومركبات وأجسام غريبة أجهلها، تنفر – فجأة – من مداراتها، وتختفي في غمضة عين .. )
( أُخريات – وبلا مقدمات – تفتك بعضها البعض، فتتناثر حُطاما يسبح في الفراغ .. في مدى بصري أرى مركبات عملاقة – وكأنها ثعبان موسى – تتمدد من بعضها أذرع ضخمة مخيفة، فتلقف ما يعنّ لها، وتسحبه – إلى جوفها – غنيمة .. )
هل محاولة غزو الإنسان للفضاء بصواريخه ومركباته سيكون له الأثر السيء على الكون؟، هل تدخل الإنسان يفسده، ويختل توازنه ونظامه الدقيق؟
القصة تثير العديد من الأسئلة.
وتأتي لغة هذه القصص مكثفة، لا تخضع لقواعد لغة البلاغة التقليدية، ويحاول جادا أن يُدخل قارئه في عالم قصته، ويورطه فيها، ويجعله شريكا معه في انتاج النص، فيترك فضاءت كثيرة وعلى القارئ أن يقوم بملئها، وهذا ما نادى به ( رولان بارت ) وغيره.
هذه النماذج القصصية المتمردة في المجموعة، ترينا أقكار الكاتب التقدمية، ومعالجاته غير التقليدية، فيقوم بتقطيع الحدث، وتفتيته أحيانا، واستعمل الحوار بذكاء، والأهم أنه سعى إلى تحطيم الحدوتة نفسها!.
وليست ( الحدوتة ) وحسب هي التي أخرجها من المتن، فأخرج أيضا ( الحدث، والحبكة، ولحظة التنوير ) وغيرها من مكونات القصة التقليدية.
والكاتب استفاد في هذه القصص من تجارب تيارات الحداثة، فاستطاع أن يمزج الشخص في المكان والزمان، ويشكل من خلال تقاطع هذه الخطوط إضاءة قوية لتجربته القصصية، ووضع قارئه بداخلها، كي يرى ويسمع ويلمس ويشارك ويعيش بالكلية مع النص.. لا أن يقف على الهامش!.
( 7 )
التناص واسترفاد التراث :
يسترفد الكاتب من مصادر التراث العديدة والمتنوعة :
أ – التراث الديني : يبدو تأثر الكاتب بالقرآن الكريم، وتناثرت ألفاظه في ثنايا قصص المجموعة، وتناص معها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر : " ثم ولى ولم يعقب " ص13.، " يتوجس منهم خيفة " ص20، " وكأن على رءوسهم الطير ص 24"، " توقفوا قبل أن يعودوا سيرتهم الأولى " ص36، " قبل أن يعودوا سيرتهم الأولى " ص 37، " أتوارى من القوم " ص 49، " وقد وهن العظم مني " ص54، " يعود سيرته الأولى " ص 54، "، " عادت سيرتها الأولى " ص 56.
= ويأتي عنوان قصة ( قبل الطوفان .. بعد الطوفان ) ص 19 ليثير الأسئلة، فالطوفان دال على ( نوح ) عليه السلام، وهو الأب الثاني للبشرية، والقصة تنبئ في نهايتها بطوفان آخر قادم :
( - لا فائدة .. لا فائدة .. رُدُّني إلى مأمني؟
" تلك كانت آخر صرخاته قبيل أن يغمرهم الطوفان من جديد .. وآخر ما دونت " )
ووازن الكاتب ببراعة بين البشرية في زمنها الأول، حيث كان الإنسان يعيش في الكهوف، والبشرية اليوم التي أصبح ( العلم ) هو دينها الجديد، والبعثة العلمية التي عثرت على كائن بشري يعيش في أحد الكهوف، اختلفوا فيما بينهم حول عمره، وحملوه إلى معاملهم، وبعث هذا الكائن البدائي من جديد، ومجابهته بهذا العصر وعلومه، كان له بالغ الأثر السيء على نفسه، وعلى سلوكه وتصرفاته، فأخضعوه بصرامة، وبلا إنسانية، لأحدث ما وصل إليه العلم من نظريات وتقنيات حديثة، تقيس كل شيء بدقة، إن اتخاذ العلم إلها لهذا العصر، سيكون السبب في قدوم طوفانا أخر!!.
ب – من التراث الفرعوني :
قصة ( أصداءُ البردي ) ص 58 :
يستعيد الكاتب لنا في هذه القصة أسطورة إيزيس وأوزوريس، ليصدمنا بالواقع الآني، والإشارة في نهاية القصة إلى النيل الغاضب والحزين من حفدة إيزيس وأوزوريس!!.
ج– التراث الفني وخاصة الرسم والفن التشكيلي، ففي قصة ( نظرة .. فابتسام .. ) يتماهى الكاتب مع لوحة الموناليزا للفنان العالمي ( ليورنادو دافينشي ) وهي من أشهر اللوحات.
د– توظيف التراث الموسيقي الشعبي في قصة ( الناي و المزمار )، فالناي في يد الشاب ( سالم ) هي الأداة الأنسب للتعبير عن الحزن والشجن، وعذابات الحب ولوعة الفراق، وحرمانه من حبيبته التي زوجها أبوها لغيره، وهذه الأله هي التي امتصت الكثير من أشجانه وأحزانه، وربما كانت بديلا لهذا الشاب القروي عن الانتحار، لفقده ليلاه، وفي المقابل يأتيه مشهد فرح ليلى عبر دقات الدفوف وصوت المزمار، لتعمق جراحه، وأحزانه، وكان الكاتب بارعا في الجمع بين الصوتين صوت الناي وصوت المزمار.
ورمزيتها، فهي قديمة قدم القرية، وشاهدة على تحولاتها، وما أصابها من عطب ومرض أصاب القرية كلها بشرا وحجرا، واستدعاء أهل العلم والخبرة لعلاجها حتى لا يغيبها الزمن وتسقط هي الأخرى من البندول، هي صرخة من الكاتب لإنقاذ الحجر، والبشر الذي أصابه العطب.
..........................................................................
وقدم الدكتور كارم محمود عزيز مقاربة نقدية في المجموعة جاء فيها :
في البدء كان السؤال! ..
إن التناول النقدي الحق بقدر ما يشخص الظواهر الفنية والأسلوبية في العمل المطروح من وجهة نظر الناقد بالطبع، فإنه في نفس الوقت يطرح أسئلة مهمة تخص ظواهر معينة في الكتابة ..
والسؤال هنا مرتبط بـ" الوعاء اللغوي" عند (أحمد عثمان) .. فالملاحظ على لغة السرد عنده؛ تلك " الفخامة والأناقة" في اختيار المفردات المعجمية، وهي ظاهرة كانت محط اهتمام الشعراء (بصفة خاصة) وفي زمن قديم ربما ..
إذن: هل ينبغي على القاص أن يوازن بين ما يطرحه من مضامين وأفكار، وبين درجة ومستوى الوعاء اللغوي الذي يحمل هذه الأفكار والمضامين ..
مثلا: في القصص ذات المنحى "الصوفي" قد نقبل بفخامة لغوية من نوع ما، لكن في القصص ذات المنحى "الشعبي البسيط" ـ مثلا ـ هل يمكن تمثيل القصة بأفكارها بنفس المستوى اللغوي؟!
*** ثم إضاءة سريعة على بعض قصص المجموعة:
(1) [فعل علني]:
قصة بسيطة من ( اليومي المعاش) .. سريعة الإيقاع .. كثيفة الوقائع، قصيرة الجمل غالبًا ـ تخلو من الوصف ـ بما يجانس فكرة القصة وأحداثها .. الدلالة فيها اقتصادية، وبراجماتية في نفس الوقت .. تأسست في أصلها على أهم عناصر القصة القصيرة (في نظري)، وهو عنصر "المفارقة" التي تحمل الألم والسخرية والكوميديا السوداء في النهاية
(2) [نظرة فابتسام]:
لوحة قصصية تبني دلالتها المتراكمة على عنصر (التشويق)، ما يحفز المتلقي بشدة، وغالبًا كانت تأمل في تحقيق صدمة (المفارقة) .. لكن يبدو أن الاهتمام الشديد من الكاتب بكيفية صنع المفارقة؛ جعلها غامضة إلى حد ما ـ باهتة، وربما ما أفسدها هو فكرة (المصادفة)!
(3) [التاي والمزمار]:
أن يتحدانا القاص ويخايلنا بأنه يقدم لنا نوعًا من ( الكتابة في المكتوب)، بما يهددنا بـ"ملل" سوف يصيبنا إن قرأنا قصته هذه، ثم نجد أنفسنا ـ مع ذلك ـ نقبل على القصة بهمة ونقرأها ، ويتحقق لنا شئ من المتعة، فربما يكون هذا تجسيدًا لتعريف "سارتر" للأدب: (الأدب ليس "ماذا نكتب"، بل "كيف نكتب"!)
موضوع القصة عادي جدًا، مألوف .. إلا أن "أحمد عثمان" كان من الذكاء الذي جعله يعتمد تقنية "التقابل/التناظر" حيث إنه (بضدها تتمتيز الأشياء) .. هذه الثنائية القطبية هي ما نفخت روح الجمال في القصة .. الثنائية القطبية تجسدت أولاً في: (المحب المغدور× العروس الغادرة)، وعنها تفرعت ـ بالتبعية ـ عدة ثنائيات أخرى، يكشف عنها بشكل أساسي عملية "التأويل وفك الرمزية": الأسى× البهجة، الفرد× الجماعة، الناي× المزمار، الأنين× الزغاريد، نوبة الغياب× نقرات الدفوف، حركة الداخل (وعي الفتى الذي يمضغه الحزن ببطء)× الحركة الخارجية (الأعيرة، الزغاريد، الأصوات الخشنة، الصخب) .. لكن حبذا لوكان الفتى (المسرود عنه) تكلم بنفسه، ولم يستعن براو ـ لن يمكنه ـ مهما فعلـ التعبير عن عمق التناظر بين الحالتين
(4،5) [حالة وجد]، [السبيل]:
قصتان ـ فيما أرى ـ مرتبطان، الأولى تنشغل بالتصوف "الحركي" ـ في بعده الشعبي، الذي يحفل بقرع الدفوف والإنشاد والترنح ـ كشكل من أشكال "الذكر" بحسب مفهومه الشعبي، وهو ما ذكرني بـ "إدوار وليم لين" عندما تكلم في كتابه (المصريون المحدثون) عن "اكتساب الولاية الشعبية" .. أما القصة الثانية، فتنشغل بالتصوف "المعرفي الفلسفي"، ويعكس ذلك عنوانها "السبيل"( وأتصور أن مصطلح "الطريق" هو أكثر ملاءمة) ..
وأراهما قصة واحدة تمثل مرحلتين من مراحل التصوف، لكنها في النهاية افتقرت إلى عنصر "المفارقة" التي كنت أتوقعها ـ كتقنية ضرورية ..
(6) [حالة تلبس]:
بداية بسيطة في عالم اللهو ولعب الصغار، ونهاية متسقة مع البداية، وما بينهما رؤية كابوسية تعكس عالمًا آخر من المشاهد الغريبة الرهيبة المفزعة .. هذا التحول بين عالمين مفارقين؛ يفرض أسئلة من نوع:
ــ هل هناك مبرر قصصي للدخول إلى العالم الكابوسي؟ ( مثلا مجرد تداعيات أخرى لصورة "الفقاعة"؟)
ـ هل هناك مفاتيح تأويلية لدلالات المشاهد، أم أنها للرعب المجاني؟!
..................................................................
وتوالت المداخلات من الكاتب والناقد العربي عبدالوهاب، والشاعر والمترجم السيد النماس، والمبدعة والقاصة صفاء أبو عجوة، والمهندس مصطفى كامل وغيرهم.
واختتمت الندوة بكلمة لرئيس مجلس الإدارة الشاعر الكبير إبراهيم حامد، وقام بتكريم المحتفى به الكاتب أحمد عثمان.
CONVERSATION
إقرأ أيضاً
-
نشرت صحف إسبانية وبرازيلية "صورا غير مسبوقة لشقيقة الملك المغربي محمد السادس الأميرة سلمى، المعروفة لدى المغاربة بلقب ''ل...
-
بمناسبةِ انعقاد المؤتمر السنوي الأوروبي للأشعة بما يتعلق بحالات سرطان الثدي، الذي انعقد في العاصمة النمساوية فيينا، قامت الدكتورة / ديانا ...
-
أقيمَ في ساحة المدرسةِ الشاملة في قرية " الفريديس " - قضاء حيفا – مساء يوم السبت ( 19 / 10 / 2024 ) عرسٌ وحفلُ زفاف...
-
ريما كركي "من أكثر مذيعات الطقس إثارة في العالم"!! اختيار وإعداد عادل محمد 9 أكتوبر 2019 على الرغم من أن الإعلامية...
-
عن ( " دار الجديث للطباعة والنشر- عسفيا - بإدرارة:الاستاذ فهيم أبو ركن ") صدر ديوانُ شعرجديد للشاعر والناقد والإعلامي الدك...
-
من : الشاعر والإعلامي الدكتور حاتم جوعيه بمناسبةِ الأعيادِ المجيدة (عيد الميلاد المجيد وعيد راس السنة ) إحتفلت كنيسةُ جبلِ الكرمل المع...
-
كتب / مجدي جعفر حول التجربة الإبداعية للكاتب الكبير محسن يونس، تحلق كُتّاب وأدباء منتدى السرد باتحاد كُتّاب مصر – فرع الشرقية ومحافظات القنا...
-
أقامت جمعية السباط للحفاظ على الثقافة والتراث الفلسطيني - الناصرة - بإدارة الباحث والمؤرخ الأستاذ خالد عوض - إفطارا جماعيا في قاع...
-
زارني ظهرَ يوم الثلاثاء ( 11 / 2 / 2025 ) في بيتي في مدينة المغار - الجليل - كلٌّ من : الشاعر والإعلامي الأستاذ فهيم أبو ركن - مدير دار ا...
-
بقلم / مجدي جعفر تضم هذه المجموعة ( 27 ) نصا قصصيا، منها تسع قصص قصيرة، و( 16 ) قصة قصيرة جدا، وقصة واحدة طويلة ( أما بعد ) احتلت أكثر من نص...
0 comments:
إرسال تعليق