عن منشورات مكتبة "كل شيء" في حيفا؛ صدر حديثًا ديوان شعر جديد، بعنوان: «وَشْوشات غزال المِسْك» للشّاعر سيمون عيلوطي.
الديوان جاء بغلاف جميل وطباعة أنيقة، من تصميم ومونتاج: شربل إلياس. وقع في (136) صفحة من القطع المتوسط، وضمّ مجموعة قصائد متنوّعة، كتبها الشّاعر بالعاميّة الفلسطينيّة، استقاها من الموروث الشّعبيّ، ليغرّد بمفرداتها مثل طائر جريح بألحان شجيّة تتماثل مع هموم شعبه ونزيف وطنه، متغلغلة أيضًا في مأساة الشّعوب العربيّة التي تعاني من القمع والحصار والتّجويع والنّزوح، يقول في قصيدة "أشباح" ص، (10)
"جوع هُناك وْذُل
وَيْلات وْحُزُن
تِشْريد طال الكّل
يُبْطُش بِالمُدن..."
ويقول أيضًا في قصيدة " ألَم" ص (13)
"الحَسْرَه على مَدّ المّدى
تِطْوي الهَنا ..
تِتْرِكْنا عَ حْدود الألم
يا بين نيران الحِمَم
في ساحِة البُغْض.. العّدَم!!"
غير أن هذا التّغريد الحزين نراه يخفت أمام تغريد الأمل الذي تطلقه "وَشْوشات غزال المِسْك" عبر قصائد أخرى، معلنة بزوغ الفجر. أنظر مثلا: قصيدة "حِلِم" ص (28)
"قَطْر النّدى لَلوردات
جايِب من غُزلان المِسْك
بوسِه أنعم مِ النّسمات
أحزان العَبْسِه بِتْفِك"
أو بوحه في قصيدة "في وِجْهَك يْسوح النَظَر" ص (30)
"مِثْل النّسيم تْموج ...
عَ زْرار الزَّهِر
تْواعِد صَفانا ..
بْجَوْنا يْفيض العِطِر"
"الوَشوَشات" التي يطلقها "غزال المِسْك" بالأمل تارة وبالحب تارة أخرى، تبقى في حالة من التّضاد مع قسوة الوضع السياسيّ، الاجتماعيّ السّاخن فلسطينيًا وعربيًا، لتعود نغمة الشّعور بالحزن والضّياع والخيبة تطفو على السّطح مجدّدًا، لكن ذلك لم يمنعه من مواصلة سعيه نحو استعادة حلمه ببلوغ شاطئ الأمان والسلام المنشودين. فاسمعه في قصيدة "أخت الكرمل.. حيفا" ص (121) يقول:
"لَمْلِميني من شرودي...
إمْسَحي دَمْع الآلام..،
دُغّري فَزّت
نَفْضَت سْتار الظّلام..،..
دَقْ قلبي..
تْناوَلَتْني من الحُطام،..
عانقتني...
تْعافَت وْظلّت صَبيّه..
هيك حيفا...
أحلى من وَهْج السّلام!!"
من الملاحظ أن الشاعر سيمون عيلوطي لم يلتزم في العديد من قصائد هذا الديوان بأوزان الشّعر العاميّ المعروفة، لكنه ضمّنها إيقاعًا موسيقيّا يتجاوب مع صوره الشّعريّة بشكل يضيف إليها بعدًا جماليًا يأخذ القارئ إلى مناطق جديدة في فن البوح، مشكّلا بذلك قفزة عن إصداراته الشّعريّة السّابقة، وكانت كالتّالي: برقوق الجرمق: 1990، قريب من سما البروة: 1994، حريق في بحر القصيدة: 1997، فيض العطر: 2003، بنت القسطل- صفوية: 2016.
0 comments:
إرسال تعليق