دنيا الكتب: شوقي مسلماني في ضوء آخر

 


ـ "موقع دنيا يا دنيا". 

هي الرؤى تتجسّدها أحلامنا وآﻻمنا حيث هي ملاذنا من نهارات معتمة، وتصير ظلالنا حين تتحقّق وتصير ضوءاً آخر. قطرة دمّ ابتدأت بين يومين: أوّل وأخير. شوقي مسلماني بين بعدين، فادح الحضور، والوقت إنسان، إنسان من لحم ودمّ، زعموا نيلاً منه في لعبة الوقت فإذا الوجوه شاعر بحضور وجودي، بانفعال سليل الفراغ.

وشوقي، في مجموعته الشعريّة "ضوء آخر"، هو الفكرة ﻻ الكثرة، يدعو بتماثل شبيب اﻹحتراق كي نضع إصبع الدﻻلة على الموت، وفعل الكتابة اعتمال أضواء، يتكاسرها الشاعر بقوّة تدفع قسوة الجلاّد، يبحث عن صدفة بمشاع إنسانوي ليلجم التوحّش، صادم، فرح باﻷقليّة الكريمة في الحياة، يراود انوجاده بالسنديان وبشرر اللهب كمن يتبع خطاه على دروب الجلجلة مع الحلاّج ولوركا حتى إذا ما استوت مواجهة أنطقها إمكان اﻷلوان ومكنة الصائغ.

والشاعر شوقي مسلماني له أن يخرج من عمره، لسوف نقف عند جنونه، لسوف يأتي بالخرافة من أزل، ويقول خدّ وردة على جناح طير. وهو الجهات، يجيئها وبيده هذا الوقوع، واﻹشكال لا يكون فيه إنما تائه بسرمد التيه، عكّازاه الليل والنهار. كلّما حفر في الصورة ترسو عند شرايينه أوردة العشق والشفق. يقلّب عين اليقين كأنّها مجرّد صفحة، وبكل جارحة فيه يرى هذه المحارق، يعيشها من رأس المكان اﻷوّل، وحفظ كلّ الأسماء، وعنها هو متألّم، ولها متأمّل، ويسبق إلى أصل الحكاية. 

هنا مقاطع من المجموعة: 

محاولات \ كلّها باءتْ بالفشل \ للجمِ هذا التردّي.   

**  

الكلُّ \ خطأُ الكلّ. 

**  

المسألةُ متراكمة \ سلوكٌ لا أعتقد أنّه صنيع رقّة \ هو صنيع آلات وخْز.  

**  

كلُّ جهة \ ليست أقلّ قسوة.  

** 

مجنون في الوسط \ مِنَ حيّزٍ مأهول كلّه بالرمل. 

**  

تحدّثني \ عن جرحٍ في يدك \ أنا طريح الفراش \ بسبب من جرح قاتل \ في قلبي؟. 

**  

ذاتها الخَرافة \ ما أكثر العقل فيها \ ذاته العقل \ ما أكثر الخرافة فيه  \ العلماءُ الطبيعيّون \ عملُهم أن يشيروا بالنصح \ لا يحرِّك ساكناً مثل الذي ينظر بألم. 

** 

السؤال إذا "المحرقة" \ تعني أنْ يحرقوا شعباً آخر؟. 

** 

حتى \ في الأعماق السحيقة \ حيث العتمة الموحشة \ أنامل رقيقة وعيون طفلة \ وضوءٌ آخر \ ينبض. 

** 

قومٌ \ من الأقوام \ يفرحهم النهيق \ ويحزنُهم تغريدُ الكنار. 

** 

عمّا تبحث فيما تقول \ عمّا تبحث فيما تقلق وتأرق \ فيما ترقد وتتأمّل \ عمّا تبحث وأنتَ تستعجل \ فيما ترسم وفيما تكتب \ عمّا تبحث؟.   

** 

عمّا تبحث \ عندما تدمع حزناً أو فرحاً \ عندما تشير إلى جهة \ عندما تكاد تختنق \ عندما بأعلى صوتك تضحك \ عمّا تبحث؟.  

** 

جهة \ عملها دفن موتى \ جهة  \ لا تفضّ التباساً \ جهة \ لا أحد له علاقة بها \ ولا هي لها علاقة بأحد \ جهة \ لم تولَد بعد \ جهة \ محمّلة بأكياس الفراغ \ الحصَاد يسجّل رقماً قياسيّاً \ الأكياسُ تكاد تتمزّق \ جهة فوق وحركة تحت \ جهة تمرّ \ وقلّما يلاحظ أحد \ ومع ذلك يركبها شيطان \ كلّما وقعتْ عيناها عليه \ وجهة خرجتْ \ ولم تعد.

** 

في النفق \ ليلٌ طويل ينام. 


CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق