العلامة والناقد الكبير الأستاذ الدكتور أحمد يوسف علي يحتفي بالتجربة الشعرية للشاعر رضا عطية
رعم برودة يناير احنشد العشرات بمسرح ثقافة ديرب نجم بإقليم شرق الدلتا الثقافي للاستماع إلى العلامة والنقادة الكبير الأستاذ الدكنور أحمد يوسف علي الذي حضر خصيصا للإحتفاء بتلميذه النابه الشاعر رضا عطية وبتجربته الشعرية المائزة والمتميزة، وأدار اللقاء الشاعر والمترجم الكبير السيد النمّاس، وأشار في تقديمه إلى بعض كتب الدكتور أحمد يوسف علي أستاذ الدراسات النقدية والبلاغية بكلية الآداب – جامعة الزقازيق، والتي شرفت به جائزة الدولة التقديرية عن مجموعة مؤلفاته التي تجاوزت السبعين كتابا، ومنها : " قراءة النص " دراسة في التراث النقدي والبلاغي، نقد الشاعر في مدرسة الديوان، مفهوم الشعر عند الشعراء من بشار إلى أبي العلاء، الاستعارة المرفوضة في التراث النقدي والبلاغي، ابن الرومي الصوت والصدى في النقد القديم، البلاغة العربية – قراءة القراءة، أم كلثوم – الشعر والغناء – دائرة اللغة العربية – أبو طبي، وميض الفكر : دراسات في التراث وطه حسين وشوقي ضيف، نقد الشاعر في مدرسة الديوان، المبرّد وتأسيس الثقافة العربية، نظرية الشعر، قراءة النص – دراسة في الموروث النقدي، الاستعارة المرفوضة : دراسة في الموروث النقدي والبلاغي، تجربة قراءة الشعر .. نحو محاولة للفهم، وأشار الشاعر والمترجم السيد النماس إلى دعوة الدكتور أحمد يوسف إلى ضرورة القراءة، فهو المفكر المهموم بقضايا واشكاليات الفكر وثمن دعوته المخلصة والأمينة إلى أهمية التنوير في مصرنا المحروسة، فينقل عن الدكتور أحمد يوسف :
" مضى على التنوير في بلادنا ما يقرب من قرنين من الزمان .. وما زلنا نراوح في مكاننا. لم نحسم موقفنا من العلم ولا من العقل ولا من الوجدان ولا من الدين ولا من تطوير المجتمع ولا من تراثنا الممتد عبر القرون إن كان عربيا وعبر الآف السنين إن كان مصريا، ولا من كيفية قراءة هذا التراث ولا من أدب الحوار ولا من احترام ذوي البصائر والمواهب الكبرى. فليس النقد مسبّة ولا منقصة، بل هو أداة علمية للإثراء وتراكم المعرفة التي ينتج عنها التطور المادي المنشود، ولكنه عندنا باب من أبواب القدح واشتعال النيران وجعل الأرض العمار يبابا خرابا. لم نعرفه وسيلة للاختلاف في البناء والاتفاق في المنشود وزاد الطين بلة أن فريقا منا صوته عال وباطنه أجوف وجد ضالته في مبدأ لا قداسة لأحد ولا أحد فوق النقد ولكن من ينقد من، وكيف ينقد؟ وما الغاية من النقد؟ "
ويشير مقدم الندوة الشاعر والمترجم الكبير سيد النمّاس إلى كتاب تجربة كتابة الشعر لناقدنا العلامة الكبير الدكتور أحمد يوسف :
" الشعر لغة التأويل الهاربة من حدود القارئ ومن حدود الأطر المرجعية في كل عصر، لذلك نجد قراءات لا حدود لها ولا نهاية عبر العصور لمقروء واحد بين أهم وجوهه التخفي وراء الأقنعة، وأساس التفاضل بين قراءة وقراءة ليس ما يقدمه من قول نهائي، فلا قول نهائي ولكنه القول الناتج عن الاهتداء بمفاهيم واضحة وأسس معلنة ونتائج منطقية "
وعن تجربة رضا عطية التي نضجت واستوت عبر ربع قرن من الإبداع، يقول ناقدنا الكبير :
" علاقتي بشعر رضا عطية ليست وليدة هذه الليلة، كتبت مقالا موسعا في ديوانه " ندى ونوارة المستحيل " بمجلة الثقافة الجديدة، وكتبت أيضا عن ديوانه " فصول من المقاومة والاستسلام " ، وقرأت ديوانه " وانطوى في حجرها المدى " وسنحاول أن نقدم نظرة بانورامية عن شعر رضا عطية، وقراءتي لثلاثة دواوين له تسمح لي بإلقاء نظرة كلية، وأهم سمات شعر رضا عطية :
1 – الرؤية : كيف ينظر إلى الواقع الاجتماعي : الحرية، الوطن، العدالة الاجتماعية، القضايا الشخصية الذاتية.
قصيدة " ندى " ذا قيمة عالية، وتعبر عن الإحساس بالفقد، الرؤية أهم ما تشغلني عند رضا عطية، رؤيته لقضايا النضال والمقاومة والذين يبحثون عن حرية الإنسان والوطن.
2 – حرية التعبير داخل الوطن المصري.
3 - قضايا الفقر والعدالة الاجتماعية.
4- الاعتراب الاجتماعي.
ولكن هل تطورت رؤية الشعر عند رضا عطية من العام 2002م إلى العام 2024م.
في الحقيقة الذي تطور هو طريقة التناول، أما القضايا فمازالت قائمة، ترجم هذه القضايا شعرا بأساليب مختلفة.
= من ناحية الشكل :
يغلب على رضا الحس التراثي، ميراث القصيدة العربية القديمة ذات الشكل العروضي المعروف، وهذه القصيدة هي في حقيقة الأمر هي أم القصائد، فهي المؤسسة لكل ما جاء عليها من أشكال شعرية.
القصائد الأخرى ذات الشكل الآخر هي القصائد التي تمثل صدى لدي الواقع الذي نعيشه، القصيدة التي ليس لها شكل عمودي عند رضا، وإذا حاولنا ردها إلى الشكل العمودي، يمكننا فعل ذلك بسهولة، لكن الشاعر أراد أن يكسبها بُعدا إيقاعيا أسرع، كما في قصيدة ( صهوة الجوع ) ذات الجمل الشعرية الطويلة نسبيا.
= الجانب النقدي في المسألة الاجتماعية :
يغلب على رضا في شعره الحس الرومانسي، الحس الذي يحاول أن يستشعر نبض الثورة في الواقع الاجتماعي, والجانب الرومانسي موقف جمالي، شأنه شأن الغنائي، صوت الشاعر هو القائم الوحيد في القصيدة، ينصت إلى صوته وذاته، غلب على شعره الحس الرومانسي، فهو لا يكتب شعرا دراميا تتعدد فيه الأصوات، ولا ملحميا حيث يقفز فوق الواقع وينشا عالم من الأساطير.
أمتنا تمر بحالة من الضعف والانكسار، فيستدعي الشاعر من التراث عنترة مثلا، المدافع عن القبيلة ( الأمة )، يستدعي البطل الذي يقاوم بالسيف والرمح والجواد، نستدعيه كبطل أسطوري خارق ( وهذا هو الجانب الملحمي )
......................................................
وحول ديوان ( وانطوى في حجرها المدى ) قدم الناقد الدكتور نادر عبدالخالق دراسة معمقة عنونها ( النص والوعى ..قراءة فى ديوان رضا عطية .. انطوى فى حجرها المدى ) .. وقال :
" يمتلك النص الأدبى روحا وثابة، وعاطفة متشابكة، وقدرة كبيرة فى استلهام الوقائع والأحداث، وتلك وظيفة من وظائفه الاجتماعية المعروفة، ولابد له من إدراك كامل ووعى بطريقة التعبير، ومعالجة الأفكار والقضايا، وهنا تبرز شخصية الشاعر والأديب عامة، فى الموائمة بين الذاتية، وبين الانفعال الكلى المترابط الذى يشمل دلالات الواقع والحياة .
والوعى بصفته عملية عقلية إدراكية قائمة بذاتها، لاتنفصل عن طبيعة النص الأدبى، ولايمكن أن يسير النص فى تجربته، خاليا من دلالات التفكير التى تنتمى للوعى، رغم سيطرة العاطفة على عناصره، وارتباطه وجدانيا بروح التعبير وجمالياته، بداية من الفكرة وصولا لاختيار المفردات، وانتظام الشعور كقاسم مشترك بين الموضوع وعملية بناء النص .
وتقاس أهمية النص بمدى تلاحمه اجتماعيا مع البيئة، مع ضرورة المحافظة على طبيعته الإبداعية، وعدم خروجه من حيز الجمال إلى كونه تقريرا اجتماعيا، أو إحصاء عاما، وهنا تبدو استقلالية التعبير واستيعابه عناصر الوجود، وتوظيف المدركات الحسية والمعنوية، التى يعتمد عليها التعبير الشعورى .
ولأن عملية بناء النص ذاتها حالة من الوعى والإدراك، فإن الملكة التعبيرية والفكرية تشكلان أداة التواصل بين الواقع الاجتماعى والانفعال الأدبى، وعندئذ يمكن للنص ان يشكل ذاكرة الحياة، ووعى الشاعر، وإدراك الممكن مما يستطيعه العقل الإبداعى .
وعلى الشاعر والأديب أن يتجاوز ذاته قليلا، حتى يمكنه قراءة الوجود من حوله، واقتناص الفكرة، وتمثيل التجربة تمثيلا ذهنيا وشعوريا وجماليا، دون إغفال التاريخ ومواصلة سنن التعبير كما هو متفق عليه .
وفى ديوان الشاعر رضا عطية " انطوى فى حجرها المدى "، تبدو دلالات الوعى من خلال اختيار وانتخاب الموضوعات والأفكار، وبناء الجمل وتنوع المفردات، وصياغة العناوين التى تشير فى دلالة واضحة إلى التحام الشاعر بواقعه وبيئته التى لاتفارقه أينما كتب ونظم الشعر، عبر مسرته التى بدأت منذ عقود طويلة .
والديوان يحتوى على عشرين قصيدة وردت فى صياغة الشكل العمودى التقليدى إلا القليل منها، مما يؤكد انتماء الشاعر إلى جماعة المحافظين على عمود الشعر، وعلى عملية بناء القصيدة، وقد يعد ذلك تراجعا فى دلالات البناء إلا أن قدرة الشاعر فى النظم وتنوع الموسيقى والشكل البنائى للنص جعل التجربة تسير وفق ما يصبو إليه الشاعر فى تجربته انطوى فى حجرها المدى" .
وفى بقية القصائد التى وردت فى الشكل المختلف فى صياغة التفعيلة، وفى صياغة السطر التعبيرى المتنوع موسيقيا ولغويا، اعتمد الشاعر على الرمز وعلى الاستعارة التصويرية، ذات الأفق التعبيرى القريب من واقع الشاعر، ومن بيئته وتفرده فى عملية انتخاب الفكرة وصياغتها شعرا رقيقا ينتمى إلى مدرسته التى ينطلق منها .
مما يجعل عملية الوعى بالفكرة والنص والصياغة هى محور الأداء لدى الشاعر، وهو ما يسير عليه منذ ديوانه الأول ندى ونوارة المستحيل، كما يلاحظ ان الطبيعة الإنسانية للنص هى الصورة المشرقة التى ينطلق منها شاعرنا رضا عطية، فنجد اهتماه بسرد وقائع الحياة من حوله هى شغله الشاغل، ولعل اهتمامه بالزوجة والأم والصديق والأحداث العامة فى البلاد يؤكد تلك النزعة الإنسانية فى تجربته .
أضف إلى ذلك قدرته فى نقل أوجاع الحياة، وصياغتها كلمات شعرية عذبة، يمكن حصرها والوقوف عليها فى معظم أعماله، وكأن الهم النفسى والوجدانى فى الحياة هو ديدن الشاعر، ومحورا ينطلق منه .
ويمكن مناقشة فكرة مصطلح الوعى وعلاقته بالنص فى تجربة الشاعر رضا عطية من خلال عمليات البناء نفسها، حيث يقوم النص على عناصره دون خلل أو تصريح يخرج القصيدة عن طبيعتها الإبداعية، أو يلحق بالنص فتورا وخروجا عن قداسته الشعرية المعروفة .
ولايمكن ان نغفل أن الوعى قرين الذاتية، والذاتية تبدو خطرا قد يهدد طبيعة النص، لأن من السهل أن نكتب ذواتنا، وان نرسم الخطوط البيانية لحياتنا، لكن الإبداع يتطلب أفاقا أرحب وتعبيرا أشمل وإدراكا للطبيعة الشعورية التى تمثل عصب التجربة .
وهنا وفى نصوص الديوان نلاحظ أن الوعى والذاتية صفتان ملازمتان لطبيعة النص، عند الشاعر، دون أن يغفل عناصر البناء، ودون أن يسير خلف النظم المباشر، فنجد النص وحدة تعبيرية ولغوية وموسيقية قائمة بذاتها، وهنا تتضح قدرة الشاعر فى استيعاب البئة من حوله، والقدرة فى توجيه النص، بعيدا عن التحليق فى فنتازيا غريبة، أو هياما فى نفس مؤرقة، تصدح بما لا يتفق وطبيعتها .
واتجاهات النص فى الديوان تدور حول الوفاء والمدح والرثاء، والوطن وهمومه، والوصف واستلهام الأحداث المعاصرة، التى تعكس مدى وعى الشاعر بتطورات الحياة من حوله، ولعل قصيدة " توضأت من دمى"، تشير إلى انشغال الشاعر بالهم الوطنى .
وقصائد انطوى فى حجرها المدى" وخمس دقائق" وتأملات"، نلاحظ الاعتماد على عنصرى الزمن والتصوير، فى ضوء الرمز التعبيرى وفى دلالات بيانية قائمة على التكثيف واستعارة دقائق الأمور، والتحليق فى سماوات تعبيرية، وتقديم الوجه الشعرى للنص والديوان، لتعكس فى النهاية أركان التجربة فى الديوان وفى مسيرة الشاعر رضا عطية . "
................................................
وحول التجربة الشعرية للشاعر رضا عطية قدم الأديب والناقد محمود الديداموني رؤيته النقدية الماتعة، فجاء فيها :
" الشاعر رضا عطية صاحب تجربة مهمة فى مجال الشعر الفصيح حيث قدم للمكتبة العربية أربعة مجموعات شعرية بدأها ب ( إشراقة – ندى ونوارة المستحيل – فصول من المقاومة والاستسلام ، وانتهاء بمجموعته الشعرية انطوى فى حجرها المدى ) ، والمتابع لتجربة رضا عطية سيجد ضالته من جمال القصيدة سبكا وخيالا ومتعة ، تميل قصيدته إلى الرصانة والتكثيف ، صوره بديعة ، وما الشعر إلا القدرة على التوير وتقديم الصورة، فتراه ينزف ذاته ويعبر عنها تعبيرا خاصا جدا وهو فى حقيقة الأمر يعبر عن الإنسان والإنسانية جميعا، وتلك معادلة صعبة لا يستطيع كثير من الشعراء فعلها ، فتجد عالما من البراءة وفى نفس الوقت ترى عقده للمحاكمات التى تنتصر للبعد الإجتماعى ، إنه يقدم تجربة خاصة على مدى عقود ثلاثة ، يتفجر فيها الشعر كما لو كان نهرا فياضا يتدفق ليملأ وجدان المتلقي ويضيف لقصيدتنا العربية مساحات جديدة للمتعة والتأويل.
..........................................................
واستثمر مقدم الندوة بذكاء نادر وجود العلامة والناقد الكبير الدكتور أحمد يوسف، لافتا أنظار الجيل الأوسط والجيل الأصغر من الحضور إلى ضرورة إلإنصات إلى ما يقوله صاحب التجربة البحثية والفكرية الطويلة والعريضة والعميقة، والتأمل العميق فيما يقوله، ويستخلصوا العبر الواجبة والدروس المستفادة :
" حين بدأت حياتي العملية في جامعة القاهرة أيقنت أن الطريق طويل وشاق ولكنه طريف وممتع، ومن هنا استرحت إلى اقتران المشقة بالراحة والمغامرة بالمسرة، والقراءة بالكشف والكتابة بالتنوير ولم أشعر في يوم ما أني احترفت العمل بالكتابة بل ما زلت الطالب المبتدئ الذي يجذبه الجديد وتسره الفكرة وتشغله هموم الناس وقد تبلور كل ذلك في كتبي المنشورة وفي أبحاثي وفي مقالاتي العديدة وأحسب أنني قدمت مشروعا علميا في البحث النقدي والبلاغي يقوم على مراجعة المعلوم المتواتر في الفكر العربي ووضعه في سياقاته التاريخية والاجتماعية الصحيحة ووصله بقضايا اومستجدات البحث العلمي المعاصر "
وسنتوقف بإيجاز في السطور المقبلة على أهم القضايا التي أثيرت، ورأي الدكتور أحمد يوسف علي فيها :
= آفة المثقفين في مصر والوطن العربي والمتصدرون للعمل الثقافي أنهم يُحسنون الظن بأنفسهم.
يقول : مازلت أقرأ وأكتب حاليا كأني لم أقرأ أو أكتب من قبل، وأعيد النظر كلما قرأت جديدا.
سئل بشار بن برد المتمرد الأول في الشعر الحداثي، زعيم المحدثين في العصر العباسي، وهو صاحب المقولة الشهيرة ( إبليس أفضل من أبيكم آدم / فتفكروا .... ) ويستمع إليه ويرد عليه، سألوه : لم فقت أهل عصرك؟
قال : ووالله ما ملك قيادي قط الإعجاب بشيء ما آت.
الإنسان الذي يتملكه الكتابة والفكر يجب عليه أن يستحضر دائما هذه المقولة، كل كتاب أُنجز أصبح ماضيا، ينبغي أن ننظر إلى ما بعد هذا الكتاب، المابعد يجعلك تسعى وتبحث عن الجديد.
..........................................
نستدعي الماضي على ضوء تجربتنا وما انتهى إليه العلم.
لم يغب عني الحاضر وأنا أفكر في التراث العربي، لا نستدعي الماضي حبا في الماضي، نستدعي الماضي على ضوء تجربتنا وفي ضوء ما انتهى إليه العلم.
استعدت التراث في المناطق التي رأيتها شائكة، كتبت عن الشعراء وفهم الشعر من بشار إلى أبي العلاء، حوالي ( 400 ) سنة أردت قراءة شيء واحد، هل استطاع الشعراء أن يقدموا لنا مفهوما للشعر؟ النقاد قالوا ذلك، وهذا عملهم، وليس من عمل الشاعر أن يقدم مفهوما للشعر مثل النقاد.
من شاعر الحداثة بشار إلى شاعر الفلسفة المعري، انتهيت إلى مناقشة هذه الرؤية.
.......................................................
كان العقاد والمازني عيالا على شكري.
هل جماعة الديوان حينما أتوا إلينا برؤيتهم الجديدة .. هل كانوا منقطعوا الصلة بالتراث؟
استمدوا من النقد الرومانسي الإنجليزي أفكارهم ورؤاهم بجانب ثقافتهم الشعرية العربية، والمؤسس الأول لهذه المدرسة وأول من وضع الأسس الأولى لها هو عبدالرحمن شكري وقال بأن الشعر وجدان، وكان العقاد والمازني عيالا عليه، وقد صححت هذا الخطأ التاريخي الخطير، وأثبت كل هذا بالأسانيد والأدلة، وشكري من جيل طه حسين وقدم للفكر العربي الكثير.
.............................................................
أمير الشعراء لم يكتب كلمة واحدة في الأندلس!!
لشوقي قصائد أندلسية، لكن تبين أنه لم يكتب كلمة واحدة في الأندلس، فلم يقم بوصف آثار الأندلس ولا وصف الآثار الباقية من حضارتنا في أسبانيا، لم ينفعل بهذه الآثار، عدنا إلى ديوان شوقي نفتش عن هذه الأندلسيات، لم نجد غير ست قصائد يبث فيها شكواه وغربته عن الوطن، ولم يتحدث مطلقا عن آثار الأندلس.
نُفي شوقي باختياره، خيروه الإنجليز بالمكان، وهو الشاعر والمثقف الكبير، فاختار أسبانيا، واختار برشلونة، وكان يظن أن عباس حلمي سيعيده مرة أخرى، وحمل كل الكتب التاريخية الخاصة بالأندلس، وظل في انتظار طلب عباس حلمي بعودته، والعرب الذين حكموا ( 600 ) سنة لم يدخلوا برشلونة أصلا، ولم يتركوا آثارا بها.
مهمة الناقد تصحيح ما هو خطأ، وتقديم رؤية جديدة وصحيحة والكشف عن قيم جديدة.
.....................................................
قصيدة النثر واقع شعري قائم لا يمكن إنكاره.
أي قصيدة في تاريخنا لها مفاهيم، التقليدية لها مفاهيم : بحر واحد وشطرين متماثلين وروي واحد والبيت فيه وحدة ومستقل في معناه كما عند امرؤ القيس وشوقي.
وهناك مفاهيم خاصة بقصيدة التفعيلة.
أما قصيدة النثر .. هناك قصيدة وهناك نثر وكلاهما متنافر، الذين كتبوا قصيدة النثر قطعوا صلتهم تماما بالمفاهيم التي تبنتها القصيدة.
كتبوا نثرا فيه رائحة الشعر، يجب أن نبحث عن مفاهيم مناسبة، فرق شاسع بين الشعر والقصيدة، فالشعر معنى كلي عام يلاحظ الجمال في الكون والطبيعة، أما القصيدة هو تحويل هذا الجمال إلى قصيدة، الموسيقى فيها شعر، التحت فيه شعر، ....
قصيدة العروض لها شكل، ويتحول المعنى الكلي إلى شكل، وفي التفعيلة يتحول إلى شكل، أما قصيدة النثر .. ما شكلها؟ شكلها متحول ومتغير ومرتبط بكل شاعر
...................................................
الصورة جوهر تفكيرنا والشعر جوهر الصورة.
قرأت في صدر شبابي كتاب ( ضرورة الفن ) يطرح مؤلفه أسئلة بسيطة جدا وعميقة جدا، يسأل مثلا : هل يستطيع الإنسان أن يعيش بدون رغيف الخبز؟
رغيف الخبز يسد الجوع ويقيم الأود، هل الفنون – كل الفنون – مثل رغيف الخبز؟ هل يمكن الاستغناء عنها أم لا؟ وأخذ يشرح لنا كيف لا نستطيع أن نستغني عن الفنون كما لا نستطيع أن نستغني عن رغيف الخبز، هل نستطيع أن نستغني عن الشعر؟
الإنسان الأول كانت لغته هي الصورة، والشعر هو التعبير بالصورة .. إذن الشعر لا يمكن أن يغيب عنا، حتى نحن في حياتنا اليومية نعبر بالصورة، الصورة جوهر تفكيرنا والشعر جوهر الصورة.
قال الجاجظ : الشعر صياغة وضرب من النسج وجنس من التصوير.
كيف أنشأ من اللغة شكلا؟
اللغة أداة يستخدمها كل الناس وعند الشاعر ضرب من النسج.
كيفية النظم ..
الشعر صورة، هذه الصورة تنتج من الصياغة، وللشعر علاقة بالفنون الأخرى مثل النثر والتصوير والموسيقى والعمارة والنحت.
.....................................................
النص لا يخضع للمفاهيم النظرية.
لكل نص منطقه الخاص، ما يصلح في قراءة شوقي لا يصلح في قراءة حافظ، النص يحدد مدخل النظر إليه .. كيف يكون النقد علميا؟ حينما يحدد النقد مفاهيمه التي سيبني عليه والنتائج المهمة التي نصل إليها بعيدا عن الهوى ..
.................................................................
0 comments:
إرسال تعليق