بقلم د. أحمد نور
منذ ما قبل الربيع العربي، برز كتاب " قيود تتمزق " لمؤلفه شادي خليل أبو عيسى، وورد فيه جملة من المعطيات والعبارات التي تتحدث عن الحريات والتحرر الفكري بصورة ثاقبة تعطي دفعاً إلى تقدم الشعوب.
يُعرّف الكتاب، بأنه يتطرق إلى مشكلة المواطن مع وطنه هي مشكلته مع نفسه، مشكلة يقتضي حلّها عبر كَسر الصمت وتمزيق القيود وصولاً إلى العدل والحرية. الفساد، الظلم، الاستبداد، الطغيان، البطالة. جميعها تُشكِّل دافعاً للخروج من دائرة الخوف المُظلم. يهدف هذا الكتاب إلى فتح نافذة في حائط التخبط الفكري والانغلاق الثقافي للتقدم والتطور ضمن أسس سليمة وطنية تحافظ على التاريخ والحضارة.
وعند مراجعة هذا الكتاب الممتع بأسلوبه وشكله ومضمونه، لا بد لنا من التطرق إلى ما كُتِب عنه من مقالات وأبحاث متعددة، ونذكر هنا ما قال به الشاعر والفيلسوف روبير غانم: " إن لقلمه وكتابته حفيف المسك على المسك تنتشر رائحة البخور في الأمداد والأجواء، ليضاف كتاب رابع إلى أشقائه الثلاثة وليحقق شادي خطوة نوعية في عالم الإبداع، لا رقماً جديداً يصنف في مجلد ترهات الأرقام... لقد جعلنا شادي نضحك أيضا بل نسخر من حملة الجواهر التي حولوها الى مباخر ومقابر، في وطن لولا روحه النورانية السماوية التي تسامح لعدنا الى السكن في الكهوف والمغاور. هذا الشادي من العمر في مقتبله ولكنه من الخبرة التجربة والتفوق، تواصل الى مترفات النضح."
وعبر صفحاته، نجد عدّة لوحات كاريكاتورية مُعبّرة بريشة مجموعة من الرسامين من مختلف الأقطار، مما يجعله فريداً من نوعه في العالم العربي والعالم أيضاً في مضامينه التي تسبح في دنيا التعبير عن الظلم والقهر والفساد وصولاً إلى الحرية المنشودة.
وإذا دخلنا إلى تاريخ مؤلف الكتاب، لوجدنا أنه ينطلق من عالم الحقوق ومهنة المحاماة إلى جانب ممارسته المتعددة في دنيا الصحافة ومهنة المتاعب، التي عبرها تفجرت المواهب المتكاثرة له ليشكل مدرسة متقدمة في الكتابة الناقدة والهادفة واللامعة. فكان قلم المحامي أبو عيسى يتحرك ويحرك مشاعرنا وأحلامنا ببساطة ودقة، فنعيش تجربة جديدة قل نظيرها في عالم التكنولوجيا والانشغال في شبكات التواصل الاجتماعي.
وبالعودة إلى الأدب النقدي، نجد مسار من كبار المؤلفين سواء عربياً أو غربياً، فنذكر على سبيل المثال، الأصمعي (صاحب كتابي الأمثال والشاء) ويونس بن حبيب (صاحب كتاب النوادر) ومحمد بن سلام الجمحي (صاحب كتاب طبقات فحول الشعراء) وابن قتيبة (صاحب كتاب الشعر والشعراء) والجاحظ (صاحب كتابي البيان، الحيوان) والحسن بن بشر الآمدي (صاحب كتاب الموازنة بين أبي تمام والبحتري) وعلي بن عبد العزيز الجرجاني (صاحب كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه) وقدامة بن جعفر (صاحب كتاب نقد الشعر) وابن رشيق القيرواني (صاحب كتاب العمدة في محاسن الشعر) وعبد القاهر الجرجاني (صاحب كتاب دلائل الاعجاز وأسرار البلاغة) وابن سناء الملك (صاحب كتاب دار الطراز) وأسامة بن منقذ (صاحب كتاب البديع في نقد الشعر) وابن الأثير (صاحب كتاب المثل السائر) وابن المقفع (صاحب كتاب كليلة ودمنة) وعباس محمود العقاد (صاحب كتابي جحا الضاحك المضحك، الديوان في الأدب والنقد) وإبراهيم عبد القادر المازني (صاحب كتاب الديوان) وطه حسن (صاحب كتابي فصول في الأدب والنقد، خصام ونقد)، وموليير (صاحب كتاب مريض الوهم) وبودلير (صاحب كتابي الصالونات، أزهار الشر) وروسو (صاحب كتابي العقد الاجتماعي، إميل أو التربية).
عبر هذه النبذة السريعة عن مرحلة الأدباء والنقد، يبرز كتاب " قيود تتمزق " ليشكّل صفحة جديدة من الأدب النقدي أو الساخر الذي يسلّط الضوء على أمور هامة في حياة المواطن، فيُظهرها في لباس فكاهي ساحر مبسط وعميق، يعطي الأمل بمستقبل مشرق بالفكر والجهد والعمل والتضحية.
0 comments:
إرسال تعليق