إطلاق أول مؤشر أسهم مسيحي يضم 533 شركة أوروبية



لندن: «الشرق الأوسط»

بعد أن كانت المصرفية الإسلامية هي الرابح الأكبر في أعقاب الأزمة المالية العالمية، وما تبعها من انهيارات في المصرفية التقليدية، جاء الدور هذه المرة على ما يمكن تسميته بـ«المصرفية المسيحية»، وذلك في أعقاب تدشين أول مؤشر أسهم مسيحي.

فقد أُطلق أول من أمس، أول مؤشر أسهم مسيحي داخل أوروبا في استجابة لطلب متنام من جانب المستثمرين على ما يُطلق عليه اسم «أسهم أخلاقية» في أعقاب الأزمة المالية. ويحظى المؤشر الجديد بدعم من الفاتيكان الذي طالب أتباع الكنيسة الكاثوليكية باستثمار أموالهم في المؤشر الجديد.

ويتكون مؤشر «ستوكس يوروب كريستيان» من 533 شركة أوروبية تحصل على عوائد من مصادر موافق عليها «بحسب قيم ومبادئ الدين المسيحي»، بحسب ما نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية المتخصصة في الشؤون المالية.ومن بين الشركات التي انضمت إلى المؤشر «بي بي» للنفط ومصرف «إتش إس بي سي» و«نسله» و«فودافون» و«رويال ديوتش شل» و«غلاسكو سميث كلين». ولا يسمح بالاشتراك في هذا المؤشر سوى للشركات التي لا تحصل على دخلها من العمل في مجالات الإباحية والأسلحة والتبغ وتحديد النسل والقمار بأشكاله.

وأوضحت متحدثة باسم «ستوكس» أنه تم إطلاق ذلك المؤشر بناء على طلب من العملاء. وتنوي شركة واحدة علي الأقل إدارة صندوق يستخدم المؤشر كمعيار، إلا أنها رفضت الكشف عن أي تفاصيل.

وتقوم لجنة مستقلة، تقول «ستوكس» إنها تضم ممثلين من الفاتيكان، بمسح الأسهم المختارة من مؤشر «ستوكس يوروب 600». ويرأس هذه اللجنة (خدمات الاستثمار للإخوان المسيحيين) وهي هيئة أميركية متخصصة في الاستثمارات ذات الالتزام الاجتماعي طبقا للمبادئ الكاثوليكية. كما تضم اللجنة ممثلين عن «وكالة أنباء البعثات التبشيرية الدولية» وعدد من الأكاديميين والمستثمرين المحترفين.

ويقول هارتموت غراف، الرئيس التنفيذي داخل «ستوكس»: «يوجد طلب متزايد من جانب المستثمرين بوجود مؤشر شفاف يساعد الصناديق على شراء أسهم من شركات ملتزمة دينيا مع جني عوائد بصورة توافق القيم المسيحية».

وقامت بعض أكبر الصناديق الاستثمارية في العالم مثل «أفيفا إنفستورز» و«آيه إكس أيه إنفستمنت مانجرز» و«هندرسون غلوبال انفستورز»، بتأسيس صناديق أخلاقية خلال الأعوام الأخيرة بناء على طلب من جانب المستثمرين.

وتبحث الكنيسة الكاثوليكية وكنيسة إنجلترا بصورة متزايدة عن وسائل جديدة للاستثمار.

وتجدر الإشارة إلى ظهور هذا المؤشر في الوقت الذي عانت فيه الكنيسة الكاثوليكية من اتهامات متكررة فيما يتعلق بانتشار سوء سلوك وتصرفات القساوسة الكاثوليك، بالإضافة إلى اتهامات تتعلق بكبار المسؤولين في الكنيسة، بما فيهم البابا لفشله في التعامل مع المشكلات بطريقة مناسبة.

ولدى الصناديق الأخلاقية أهداف تشبه أهداف الصناديق المسيحية، على الرغم من أنها لا تحظر أسهم شركات تجني أموالا من تحديد النسل، وتميل إلى أن تكون أكثر تركيزا على تجنب الاستثمار في الشركات التي تدمر البيئة.

ويهدف المؤشر الجديد، الذي سيكون متاحا في نسخ تتضمن الأسعار وصافي العائد باليورو والدولار، إلى أن يكون مؤشرا للصناديق التي تدار بفاعلية، وأن يساعدها على حساب معدلات أدائها.

وأشار الدكتور نزرين شاه الخبير الاقتصادي وابن سلطان ولاية بيراك الماليزية في تصريحات صحافية, إلى أن إطلاق المؤشر المسيحي لن يهدد نمو المصرفية الإسلامية، ولكنه سيدعم المطالب المتزايدة لمزيد من الاستثمارات ذات الطبيعة الأخلاقية.

يذكر أن المصرفية الإسلامية تمكنت من تحقيق نجاح كبير لها خلال السنوات القليلة الماضية، وهو ما أفضى إلى تحول كثير من المصارف التقليدية في المنطقة، وحتى في الدول الغربية، لافتتاح نوافذ تعمل وفق الشريعة الإسلامية، ولعل ما زاد من نجاح الصيرفة الإسلامية، هو قدرتها على التغلب على تأثيرات الأزمة المالية العالمية، وخروجها منها بشكل مخالف لما أفرزته الأزمة على المصارف التقليدية.

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق