بلدة ارده الشمالية ودعت ابنها فادي ابراهيم الى مثواه الاخير

عانقهما ولم يكن يعلم انه الوداع الاخير.
الغربة ـ فريد بو فرنسيس

عندما عانق فادي طويلاً طفليه ماريتا (10 سنوات) وطوني (4 سنوات ونصف السنة) وزوجته حنان يونس، منذ مدة في مطار بيروت الدولي، لم يكن حينها يعلم انه سوف يكون العناق الاخير، وأنه لن يعود اليهم إلا جثة هامدة في نعش ابيض مقفل، تعذر عليهم القاء النظرة الاخيرة على من احبوه وكانوا ينتظروا عودته في كل مرة. فادي ابراهيم (45 عاما) ابن بلدة أرده الشمالية دفع فاتورة الاغتراب اللبناني غاليا، انه المغوار الذي لم ترهبه صعوبات ولا مخاطر فهو خاض اشرس المعارك مع الجيش اللبناني في أماكن متعددة، وكان فيها المقدام الشجاع طيلة فترة خدمته العسكرية، هو اليوم يعود جثة هامدة الى بلدته التي احب والى اهلله واقاربه، بعدما قضى في نيجيريا برصاص العصابات، ولم يتمكن فادي من الاستفادة من خبرته العسكرية، فاطفات الرصاصات التي اخترقت جسده الطاهر، اخر شمعات ربيعه، واغمضت عينيه، ورحل الى غير رجعة.
قرابة الحادية عشرة والنصف صباحا، استقبلت بلدة ارده في قضاء زغرتا، جثمان ولدها الشاب فادي ابراهيم، الذي عاد اليها جثة هامدة بعدما تعرض لحادث اعتداء في نيجيريا تسبب في مقتله. اجواء من الحزن والاسى خيمت على البلدة الوادعة، التي صدم اهلها بالخبر المفجع. فادي هو ضحية جديدة، يجسد مأساة عائلة لبنانية انضمت إلى قافلة ضحايا السعي وراء لقمة العيش في الخارج، وأنها مأساة الشباب اللبناني الذي يقهر في بلده ويسعى وراء فرص العمل التي لم تؤمن له في لبنان، فيجد الموت على أيدي العصابات بانتظاره.
على وقع اجراس الكنائس التي قرعت حزنا، وصل الموكب الذي اقل الجثمان الى البلدة، فانزل عند مدخلها وحمل على الاكف، وسار وسط الجموع المحتشدة، وسط نثر الارز والورود، وتحت الرايات السود التي رفعت على جانبي الطريق العام، ومظللا باليافطات الحزينة التي تحاكي عمر الشاب المغدور "الذي ذهب في ربيع عمره مسددا مرة جديدة فاتورة عن الاغتراب اللبناني الذي يسعى وراء لقمة عيشه من دون ان يدري ما يخبيء له القدر".
 واقيم عند الخامسة عصرا صلاة الجنازة على روحه الطاهرة، في كنيسة السيدة في البلدة، وتراس الصلاة راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، ولفيف من كهنة الابرشية، وبحضور حشد من الاهل والاصحاب والاصدقاء وابناء من البلدة والبلدات المجاورة.
والقى المطران جورج بو جوده كلمة في تابين الراحل قال فيها :"مرة جديدة يدفع المغترب اللبناني ضريبة سعية وراء لقمة العيش، هذه اللقمة التي لم تتوفر له في بلده الام فراح يلهث وراءها في دنيا الاغتراب من اجل كسب عيشه، وتامين حياة لائقة لعائلته".
اضاف المطران بو جوده :" فادي ضحية جديدة تضاف الى سجل الضحايا اللبنانيين الذين يسقطون في غربة اختاروها احيانا طوعاً واحيانا قسرا لتحسين ظروف معيشته".
ووجه بو جوده في كلمته اللوم الى المسؤولين السياسيين في لبنان الذين يتلهون بامورهم الخاصة، غير ابهين بهذا الشعب، فهم لا يهتمون لامره على الاطلاق، ولا يؤمنون له ادنى حقوقه من مقومات الحياة، من هنا يلجأ اللبناني الى الكفر بوطنه والهروب الى بلاد الاغتراب التي اصبحت تشكل له الملاذ الامن".
بعد القداس تقبل الاهل والاصحاب والاقرباء تعازي الحضور في قاعة كنيسة مار سركيس وباخوس في البلدة.

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق