المصدر: "النهار"
سارة لطيف
بالنسبة لكثيرين من "الكبار" في بلادنا والغارقين في الفشل السياسي وقلة الابداع في ايجاد الحلول لمشاكل الناس، ثمة نظرة سلبية تجاه الشباب على أنهم "جيل واتسآب وفايسبوك ليس أكثر". وإن اعترف "الكبار" بمواهب الشباب فلا يكون الأمر محطة لدعمهم بقدر ما هو تشريع لباب الهجرة أمامهم.
وفي حين كان هناك من يحصي أيام الكوارث من دون التوصل الى حلول لها، كان عدد من الشبان صغيري السن يفيدون من الخبرات القليلة التي اكتسبوها ويبدعون ويرفعون العلم.
هم 5 شبان من مدرسة الجمهور، في عمر ال 16 سنة، مارك غاريوس، آلان أبو راشد، جوزف زاخر، رالف شلهوب ومكسيم حداد، صنعوا من الحاجة إختراعاً، ومن طلب العلم إبداعاً، ومن مدرستهم فخراً عالمياً، يحمل بصمةً لبنانيةً من جديد.
اختاروا أن يحضروا صف ال"روبوتيك" الذي لا يضم إلا 20 تلميذاً، كحد أقصى. ويخبر مارك غاريوس "النهار" كيف نشأت فكرة اختراع ال "Follow MeSuitcase " قائلاً: "عند دخولنا الصف، طلب منا أن نبحث عن موضوعٍ ما، ندرسه ونخترع وسيلة نفيد من خلالها الناس. فكرنا وبحثنا في كل الأمكنة، إلى أن سافرنا في رحلةٍ مدرسية إلى دبي، اختبرنا خلالها أبشع لحظات يمر بها كل مسافر. فقد انتظرنا لوقتٍ طويل في المطار، كما اننا تعبنا من حمل الحقائب طوال هذا الوقت، خصوصاً وأننا كنا نجول داخل مطار كبيرٍ جداً".
"Follow Me Suitcase"
الاختراع عبارة عن حقيبة ذكية مجهزة بمحرك ونظام تحديد المواقع (GPS) ،تقوم باتباع المسافر آلياً في جميع تحركاته، وذلك بهدف توفير الراحة للمسافر والحد من السرقات وتخفيف عناء السفر، خصوصاً على كل إنسانٍ يعاني إعاقةٍ ما أو حالة صحية تحول دون قدرته على حمل كل هذه الأوزان.
لم يلقَ هذا المشروع إعجاب الأساتذة فقط، بل لجان التحكيم في مباريات علوم عدة أيضاً في العام ٢٠١٥، منها في "الجامعة الأميركية في بيروت"، كما في "مباراة العلوم" التي تنظمها "الأونيسكو"، التي يصفها مديرها رضوان شعيب، بأنّها:"تفتح آفاقاً جديدةً للطلاب وتدفعهم إلى الظهور والمثابرة، كما أنّها تتمتّع بمصداقيةٍ عالية كوّنت من خلالها "الهيئة الوطنية للعلوم والبحوث" علاقة ثقةٍ مع المعارض الصناعية في مختلف دول العالم"، وهذا ما دفعه إلى متابعة هذا الإختراع، كما الطلاب، لتقديم إبداعاتهم في مسابقات عالمية.
"الذهبية" من #لبنان إلى ألمانيا
بالفعل، وصل هذا الإختراع ومبدعوه إلى معرض "نورنبيرغ" الصناعي السابع والستين في ألمانيا الذي عقد بين 29 تشرين الأول و1 تشرين الثاني 2015، وهو يعد من أهم المعارض الدولية في هذا المجال. وعلى الرغم من مشاركة 750 مشروعاً في هذا المعرض، الذي يستقبل أكثر من 50 ألف زائرٍ، وتترأسه أكثر من 20 لجنة تحكيم، فاز إختراع الطلاب اللبنانيين بالمرتبة الأولى، واستحقوا بجدارة الميدالية الذهبية. ولم يكتفوا بذلك، بل فازوا أيضاً بلقب "أفضل مخترعين للعام 2015". والوفد، الذي ترأسه مدير "مباراة العلوم" رضوان شعيب، ضمّ ايضاً صادق برق والطلاب، وعاد مساء الاثنين إلى لبنان، رافعاً الرأس وحاملاً معه فرحة النجاح والفخر وأمل الإستمرار والإستحقاق.
وعن المشاركة، يخبر شعيب "النهار" أنّه كان: " للفريق اللبناني حضورٌ مميز في هذا المعرض، وقد أظهروا وجه الإبداع اللبناني بشكلٍ ممتاز وبأنّهم يستحقّون الفوز بجدارة، وذلك بشهادة الحكام العالميين في المعرض. فهم فعلاً "بيبَيضوا الوجه".
محاولات لمنعهم باءت بالفشل
وعن الصعوبات التي واجهوها في المراحل المتتالية، يقول غاريوس، الذي كان مسؤولاً عن كل ما يتعلق بال Hardware وكيفية تركيب القطع: "لم نحصل بسرعة على الأدوات التي كنا في حاجة إليها، لكن ساعدنا المنسق في شؤون التكنولوجيا في شحنها إلى بيروت".
وعند وصولهم إلى ألمانيا، تفاجأ الطلاب بخبر وصول بعض الرسائل، عبر البريد الإلكتروني، من قبل "لبنانيين مجهولين"، إلى لجنة التحكيم، يزعمون أن الإختراع "منسوخٌ" وليس فكرتهم. لكن سرعان ما برهن الطلاب أمام اللجنة أن الإختراع هو فكرتهم ولا صحة لما ورد في الرسائل.
ليتنا ندرك
لم يتوقع الطلاب أن يتفوقوا على الباقين الآتين من فرنسا والولايات المتحدة واليابان والصين، "وتعد من أهم البلدان في إنتاج وإختراع الصناعات، كما أنها دول متطورة جداً"، إلا أن اللجنة لم تخترْ إلا الإختراع اللبناني والطلاب اللبنانيين، ليعودوا بنجمة ذهبية تعلق وساماً، ومن يعلم قد يصلون يوماً فعلاً إلى العالمية، خاصةً وأن اختراعهم سيطرح في مباريات تقام قريباً في الكويت وكوريا الجنوبية.
ليتنا ندرك أهمية ابداعات شبابنا ونستفيد منهم، قبل أن يفوت الأوان يوم يجبرون على مغادرة وطنهم، بحثاً عن موطنٍ لأحلامهم الكبيرة، التي لا يستحيل تحقيقها إلا في موطن الفكر الذي بات موطن "الكفر" لكل ما فيه من مآزق مزمنة يبدو انها لن تنتهي.
0 comments:
إرسال تعليق