في الخمسينات كنت اقول لوالدتي الراحلة بأن شرب النارجيلة (الگٍدو باللهجة البحرينية. وبالفارسية قليان) يضر بصحتها. لكنها كانت تصر بأن الدخان يمر في الماء ولا يضر. أظن بأن الكثيرون ممن يدخنون الشيشة يعتقدون أن الدخان الذي يمر في الماء لايضر!.
عادل محمد
5 نيسان 2020
تدخين الشيشة أو النارجيلة أو الأرجيلة من العادات السيئة للغاية، التي انتشرت بين شباب بلادنا في الوطن العربي انتشاراً كبيراً، وأصبحت موضة بين الشباب، وهي طريقة تدخين تعتمد على مرور الدخان الناتج عن التبغ المشتعل بالفحم ويمر عبر الماء ثم يستنشقه الشخص المدخن، وللأسف هذه العادة أصبحت لا تقتصر على الشباب فقط، ولكن الفتيات أيضاً دخلن على الخط، وأصبحن يدخنَّ أنواعاً من الأرجيلة المتنوعة، تحت مسميات مختلفة،
من الغريب أن هذه العادة تزداد شعبية وتجذب كل يوم ضحايا جدداً، وبعض المدخنين يعتقدون أنها أقل ضرراً من تدخين السجائر، وهي البديل الآمن للسيجارة، ويتخذونها وسيلة للترفيه أحياناً، وللتسلية أحياناً أخرى، وبدؤوا في اقتنائها داخل المنازل؛ لاستخدمها وقت اللزوم بدل السيجارة، لكن الخطورة من هذه العادة تفوق تصور هؤلاء المدخنين، فهي أشد وبالاً على الصحة من السيجارة، وفي السطور المقبلة سنعرض بعض نتائج الأبحاث في هذا الشأن، مع الأضرار والأمراض التي تسببها هذه العادة السيئة.
كان الاعتقاد السائد لفترة طويلة من الزمن أن مرور دخان الشيشة عبر الماء الموجود في أسفل الشيشة سيعمل على تنقية وتنظيف الدخان القادم للفم من المواد السامة والضارة، وبذلك يقل تأثير الضرر الناتج من استنشاق وتدخين النرجيلة، ومع كثرة الأبحاث الميدانية والدراسات المستمرة تم كشف خطأ هذا الاعتقاد ونسفه تماماً، حيث تبين أن الدخان القادم إلى الفم من خلال الماء يحتوي على 80% من المواد والعناصر والمركبات السامة والضارة للجسم، وذلك عندما تم تحليل عينة من الدخان الخارج من فم بعض مدخني النرجيلة، ووجدوا أنها ما زالت تحتوي على كميات كبيرة جداً من المواد المسرطنة والضارة والصلبة والمعادن الثقيلة والمواد المشعة والمواد الكيميائية، أي وجدوا حوالي ما لا يقل عن 4000 مادة مضرة وسامة، سبق أن وجودوا بعضها في دخان السجائر العادية.
وطبقاً لتقارير منظمة الصحة العالمية التي أجريت حول نتائج تأثير تدخين الشيشة في الصحة العامة، فقد أظهرت هذه التقارير أن تدخين الشيشة لفترة تقترب أو تزيد على 50 دقيقة في المرة الواحدة، تساوي تدخين حوالي 100 سيجارة، وكمية الدخان التي يستنشقها المدخن للشيشة تصل إلى 85 ألف مليلتر، مقارنة بكمية الدخان المنبعثة من تدخين سيجارة واحدة فقط، وتبلغ حوالي خمسمئة وخمسين مليلتراً، وفقاً لنتائج أحدث الدراسات في هذا الشأن، وضرر استنشاق دخان الشيشة يكون أكبر بكثير من السيجارة؛ لأن دخان التبغ يحتوي على هواء ملوث من التبغ نفسه، بالإضافة إلى دخان الوقود المستخدم لإشعال التبغ، وفي الأغلب ما يكون الفحم، وطبعاً سواء كان التدخين بصورة مباشرة أم غير مباشرة، وقالت المنظمة، إن تدخين النرجيلة ليس أقل ضرراً أو خطراً من السيجارة، بل على العكس، ولا كما كان يعتقد بعضهم أنها تعتبر بديلاً أقل ضرراً من التدخين، حيث إن الدخان الذي يستنشقه المدخن منها يحتوي على مواد ضارة جداً، ويصنفها المتخصصون على أنها مواد تسبب الإصابة بسرطان الرئة وأمراض كثيرة أخرى.
كما حذرت منظمة الصحة العالمية من تدخين نرجيلة التبغ المضاف إليها أنواع النكهات وبطعم ورائحة الفواكه، فهذه النوعية تضر الشخص المدخن أكثر؛ لأنها تعرضه إلى كميات أكبر من الدخان الملوث، وأثبتت بعض الدراسات أن تدخين النرجيلة يسبب الأمراض والمشاكل التي يسببها التدخين العادي للسجائر، بل أكثر من ذلك؛ لأنه أقوى في التأثير والكمية ويعرض المدخن لمخاطر صحية جسيمة، وتبين أن استخدام الشيشة بدأ في بلاد الهند وإمبراطورية فارس القديمة، وانتشر في الشرق الأوسط وبعض دول شمال إفريقيا، ثم بعد ذلك انتشر في كثير من الدول في العالم، مثل أوروبا وأيضاً البرازيل وأمريكا، وأقبل عليها الشباب من الجنسين، والتبغ المستخدم في الشيشة يكون أحد الأسباب في الإصابة بأكثر من 60% من الأمراض، ويبلغ عدد الوفيات سنوياً بسبب
دخان التبغ المباشر وغير المباشر حوالي 600 ألف حالة وفاة مبكرة.
وكشفت بعض الدراسات، أن كمية أول أكسيد الكربون تصل في أجسام المدخنين للنرجيلة إلى أكثر من ضعفين ونصف ضعف الكمية العادية والنسبة الطبيعية، فور الانتهاء من تدخين الشيشة، والإحساس الذي توفره الشيشة للمدخن يكون بسبب الإدمان والتخدير الذي تحدثه مادة أول أكسيد الكربون، ومعظم من يداومون على تدخين الشيشة بانتظام بدؤوا تعاطيها من سن صغيرة قد تصل إلى 20 عاماً أو أقل بقليل، وحوالي 20% من الشباب يدخنون النرجيلة بصفة يومية، والأغلبية العظمى من مدخني الشيشة يفضلون عمل ذلك السلوك في الكافيهات والمقاهي أكثر من المنازل.
عكف الكثير من الدراسات والأبحاث على بحث أضرار هذه العادة السيئة، خاصة بعد انتشارها في دول أوروبية كثيرة، ما دفع الكثير من الباحثين الأوروبيين في العمل لكشف أضرار تدخين النرجيلة، وآثارها على الصحة العامة، وكشفت دراسات حديثة أن تدخين الشيشة يعتبر أكثر خطورة من تدخين السجائر، وخاصة الشيشة التي تدخن في الشرق الأوسط؛ لأن التبغ هو الأساس في تكوينها، وهو يحتوي على مواد ومكونات غاية في الضرر، وفي الأغلب ما تسبب أمراض السرطان، ومن هذه المواد النيكوتين، وهو المكون الأساسي للتبغ ودوره هو تعويد المدخن على إدمان الشيشة، فهو يؤثر في الجهاز العصبي، ويجعله دائماً في حالة إثارة كلما أقبل المدخن على استنشاق هواء الشيشة.
كما أن هناك خطورة أيضاً من التدخين السلبي للنرجيلة، فوجود الشخص في مكان المدخنين للنرجيلة سبب كافٍ للإصابة بنفس الأضرار، رغم أنه لا يدخن، وتنصح الدراسات الإنسان بالابتعاد الكافي عن المدخنين وأماكن التدخين، حتى ينجو من أمراض التدخين، ويحافظ على جسمه صحيحاً، وكذلك ينصحون المدخنين بالابتعاد عن أطفالهم وأسرهم أثناء عملية التدخين؛ للحفاظ على سلامة وصحة باقي أفراد الأسرة.
المصادر: المواقع العربية واليوتيوب
0 comments:
إرسال تعليق