CONVERSATION
"برتقال يافا" قصة جديدة للأطفال من تأليف الشاعرة والكاتبة د. روز اليوسف شعبان
كتب: شاكر فريد حسن ـ
"برتقال يافا" هو عنوان القصة الثالثة للأطفال، للشاعرة والكاتبة الفلسطينية د. روز اليوسف شعبان، الصادرة حديثًا عن دار الهدى للنشر أ. عبد زحالقة في كفر قرع، بعد قصتيها السابقتين "أزهار البنفسج" و"مفتاح جدتي".
جاءت القصة في 34 صفحة، وورق صقيل، وغلاف سميك مقوى، وطباعة أنيقة فاخرة، وتحلي القصة رسومات الفنانة المبدعة مريم الرفاعي، وتنسيق الفنانة آلاء مرتيني.
وهذه القصة رمزية وتعليمية هادفة ذات مضمون وطني، تحمل هجيع الذكريات، وتسترجع عبر الأحلام الواقع الفيزيقي الجميل لمدينة يافا عروس فلسطين الغافية على البحر، الذي تنصهر فيه علاقات الزمان الضائع بالمكان المفقود، وتتأتى على أحداث ومشاهد من النوستالجيا والعشق الصوفي، تضفي على المكان جمالية خاصة، وتتحدث عن البرتقال اليافي بكل ما يمثله لكل يافي وفلسطيني بمثابة الهوية والتاريخ والأصالة والجذور الكنعانية.
إنها قصة مضمخة بالحب والحنين ومندوفة بالذكريات وسفن الحزن إلى يافا العريقة التي كانت واحة أفلتت من الجنة، وتعيش مع حجارة بيوتها العتيقة، بعد أن غاب قمرها وخبا نوار برتقالها، الذي كان يومًا تجارة لأهلها في الماضي السحيق، وستظل في الوجدان الفلسطيني وذهن المبدعين، أسطورة ورمزًا وهاجسًا لا يغيب.
القصة جميلة جدًا بموضوعها وأبعادها ومشاهدها وتوصيفاتها الخلاّبة، وأسلوبها السردي المشوق الماتع، صاغتها روز اليوسف شعبان بأسلوب منمق، ولغة عربية فصحى مفهومة سلسة وعذبة، مستخدمة التعابير الشاعرية والجمل المقتضبة المكثفة العميقة في معانيها وفحواها، وبعدها الوطني والجمالي والفني والادبي.
وباختصار شديد يمكننا القول، ان قصة "برتقال يافا" قصة جميلة وناجحة بكل المفاهيم والمقاييس الذوقية والفنية والأدبية والجمالية، وتستحق أن يقرأها الأطفال والفتيان لقيمتها وأهدافها الهامة، ولمفاهيمها وابعادها الوطنية والسياسية والإنسانية الرائعة، وكونها جاءت لتعمق الوعي الفلسطيني والارتباط بالمكان وصيانة التاريخ الوطني.
تجدر الإشارة إلى أن روز اليوسف شعبان من بلدة طرعان في الجليل، وتعمل في سلك التعليم، مدرّسة للغة العربية ومديرة المدرسة الابتدائية د. في بلدتها، حاصلة على اللقب الأول في اللغة العربية وتاريخ الشرق الأوسط من جامعة حيفا، واللقب الثاني في التربية، والدكتوراة في اللغة العربية من جامعة تل أبيب. تكتب الخاطرة والشعر وقصص الأطفال، وصدر لها ديوان شعر بعنوان "أحلام السنابل" في دار الوسط 2020.
نهنئ الصديقة الشاعرة والكاتبة د. روز اليوسف شعبان بصدور قصتها الجديدة "برتقال يافا"، ونتمنى لها النجاح والتقدم والمزيد من التألق والإصدارات الجديدة.
CONVERSATION
نابلس جبل النار تستقبل الاتّحاد العامّ للأدباء الفلسطينيّين – الكرمل 48
الاتّحاد وضمن نشاطاته الثقافيّة أطلق سلسلة من اللقاءات الثقافيّة ضمن مشروع التواصل الثقافيّ مع جملة من الفعاليّات الثقافيّة في الضفّة الغربيّة، ابتدأها برام الله، ثمّ الخليل، وأخيرا في 28 آب 2021، كان لقاء مميّزًا في جبل النار، نابلس.
حلّ وفد الاتّحاد ضيفًا على "منتدى المنارة للثقافة والإبداع" في مبنى صبّانة كنعان التراثيّة، وكانت في استقباله رئيسة المنتدى الأديبة د. لينا الشخشير وثلّة من الأعضاء، وشارك في اللقاء والاستقبال جمعيّة المركز الاجتماعي الخيريّة، وبيت الفكر الشبابي للثقافة، ومديرو وأعضاء المؤسّستين السادة؛ د. عدنان عودة، د. معاوية المصري، والشاعر عبد الناصر صالح، والناقد الدكتور عادل الأسطة، والشاعر الناقد الدكتور خليل قطناني، القاص منجد صالح، الشاعر الناقد فراس حج محمد، الشاعر نواف العامر، الشاعرة سماح عبد الهادي، الناقد رائد الحواري، الكاتب يوسف نصر الله، د. أسامة الأغبر، د. سرمد تايه، الكاتب أسامة المغربي، المسرحي أسامة ملحس، وآخرون.
افتتح اللقاء الكاتب مفلح أسعد حيث دعا للحديث أولا مدير المركز الثقافي للذاكرة والرواية الفلسطينية د. عدنان عودة الذي رحب بالحضور وأثنى على هذا اللقاء وطلب من الجميع التعاون مع المركز لجمع الروايات الشفهية الفلسطينية. بعده تولى عرافة اللقاء الكاتب مصطفى عبد الفتاح الذي افتتح اللقاء بقوله: جئنا إليكم لنثبت وحدة شعبنا ونمحو الأرقام (48 و67) ثم دعا لافتتاح اللقاء الأمين العام للاتحاد الكاتب والأسير السابق المحامي سعيد نفاع الذي تحدث عن الأدب الفلسطيني عامة، وتجذير التواصل بين أركان بيتنا الثقافي الفلسطيني، هذا التواصل الذي بتر في عام 48، لكنه قام كالطائر العربي العنقاء من بين الرماد وانطلق.
وأضاف الأمين العام أن لا رفعة ولا رقي لمجتمع أو شعب دون لبوس ثقافي ثوري تنوير ي، وهذا اللبوس هو الذي طغى على مشهدنا الثقافي الفلسطيني في كل أركان البيت رغم تباعدنا الجسدي القسري؛ لأننا أبناء قضية وطنية عميقة الجذور. ثم أسهب في وصف الحقائق التاريخية التي رافقت قرار التقسيم وأهمية بقائنا في الوطن وترميم الثقافة التي خرقت جدران العزل والأسلاك الشائكة. ثم تطرق إلى مشاكل التواصل الثقافي مثبتا أن التواصل العشوائي والصوري وعلى طريقة (حكّلي ت حكلك) رسميا وشخصيا تضر بالمشهد الثقافي. وشدد على تكرار اللقاءات كبديل عن كل أشكال التواصل المعطوبة. الأمين العام شكر المضيفين وشكر المحامي حسن عبادي الذي بادر لعقد مثل هذه اللقاءات. (استمع إلى كامل حديث المحامي سعيد نفاع في شريط فيديو في موقع منكم).
شارك في إلقاء القصائد كل من الشعراء: حسين حمود من دير الأسد، نزيه حسون من شفا عمرو، أمال قزل من المغار، محمد علوش من طولكرم، خالد اغبارية من أم الفحم، إياد حاج من كفر ياسيف، ناظم حسون من شفا عمرو، أسامة مصاروة من الطيبة، وعفاف خلف من نابلس.
وشارك في النقاش والحوار الكاتب فراس حج محمد، مثمنا هذه الخطوة المعززة لمفهوم "الكل الفلسطيني"، حيث تنتهي من المشهد الثقافي التقسمات التاريخية المؤسسة على أساس الهزائم الفلسطينية، كما تحدثت متسلقة الجبال الأخت ياسمين نجار، وأعربت عن أملها بتسلق جبل الجرمق، وأكدت ضرورة الاهتمام بالجيل الجديد والناشئة من الأدباء.
ضم الوفد من أدباء الداخل إضافة لمن شارك في الإلقاء، مع حفظ الألقاب كل من: حسن عبادي، حسين جبارة، اسمهان خلايلة، فهيم أبو ركن، يحيى طه، أحمد صح، تفاحة سابا، سليم أنقر، جهاد بلعوم، ميساء عواودة، نبيل طنوس، ياسين بكرية.
وفي نهاية اللقاء تحدثت رئيسة "منتدى المنارة" الأديبة لينا شخشير مرحبةً بالحضور، وشرحت أهداف المنتدى وثمنت عاليا هذه الزيارة وطلبت تكرارها والتعاون بين الجميع.
بعد الأمسية تناول أعضاء الاتحاد وجبة غداء تراثية، وقاموا بجولة في سوق نابلس لدعم المتاجر بشراء بعض منتوجاتهم وبضائعهم.
المحرّر فهيم أبو ركن
ملاحظة: في موقع منكم تجدون بالفيديو معظم الكلمات التي ألقيت في اللقاء.
CONVERSATION
“مطارحات في أروقة المعرفة” (مراجعات وبحوث في الفكر العربي المعاصر) للدكتور مصطفى الحلوة
ضمن منشورات منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي صدر كتاب “مطارحات في أروقة المعرفة” (مراجعات وبحوث في الفكر العربي المعاصر) للدكتور مصطفى الحلوة وهو كتاب موسوعي يقع في 700 صفحة من القطع الكبير.
يبدأ الكتاب بكلمة شكر من المؤلف جاء فيها: إقتداءً بالحديث النبوي الشريف: ” من لم يشكر الناس لا يشكر الله!”، أتوجَّهُ بجزيل الامتنان إلى الصديقة المهندسة والأديبة الشاعرة، ذات اليد الخضراء ميراي شحادة حدّاد، إذْ أخذت على عاتقها ، وعاتق “مُنتدى شاعر الكورة الخضراء عبد الله شحادة الثقافي” إصدار هذا المؤلَّف، مواكِبةً إيّاهُ، حتى خروجِهِ إلى عالم الضوء!
أهدى المؤلف كتابه إلى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده، وجاء في الإهداء:
أرفعُ هذا الكتاب صلاةً لروح الأديب المتمرِّد، شاعر الكورة الخضراء
عبد الله شحادة… أرفعُهُ صلاةً تتنزَّلُ عليه بَرْدًا وسلامًا !
أرفعُهُ صلاةً، ضَوْعُها نارنجُ مدينتي الفيحاء.. ترانيمُها قرعُ أجراسِ كنائسها وتراتيلُ المآذن!
أرفعُهُ صلاةً..”فاتحتُها” و”الله محبّتُها” تشقّانِ عنان السماء، وتُعلنان أن عبد الله ما دانَ إلاّ لله، وإرتحلَ عن هذه الفانية، كيومِ وَلَدَتْهُ أُمُّه!
قدم د. مصطفى الحلوة لكتابه بدراسة ألقى خلالها ضوءًا على محتوى الكتاب جاء فيها:
مفتتح…
إذا كُنّا قد تخيَّرنا “مُطارحات في أروقةِ المعرفة” عُنوانًا لمؤلَّفِنا، فما ذلك إلاّ تزكية للنزعة الجدلية، التي تتحكَّم بمفاصِلِهِ: مراجعاتٍ نقديةً (الباب الأول) وبحوثًا ودراساتٍ (الباب الثاني)، حيثُ اليدُ الطُولى والكلمةُ الفصلُ للعقلانية، في ما ننتهي إليه من خُلاصاتٍ وأحكام.
ويبقى السؤال، من وحي هذا العنوان: هل ثمة صوتٌ نُطارحُهُ ونُناظِرهُ، ونروحُ معه إلى حِجاجٍ، ويُلقي كل واحدٍ منّا الأسئلة على الآخر؟!
بلى! ثمة حوارُ حيٌّ بيننا وبين ما عمدنا إلى مُقاربتِهِ من مؤلفّاتٍ لكتَّابٍ وباحثين، وكذا الأمر مع أطروحات أخرى يحفلُ بها هذا الكتاب.
هو النهجُ الذي اعتمدناهُ في كتابنا “مُقابسات زُريقية بين شاعر الفيحاء سابا زريق وسابا الحفيد”(2016)، كما الذي ترسَّمنا خُطاه في موسوعتنا المعرفية “80 كتابًا في كتاب” (2018)، ومؤخَّرًا في مؤلَّفِنا، الذي صدر في سيدني/ أستراليا، بعنوان:” شربل بعيني بين الفُصحَى والعامية”(2020).
د. مصطفى الحلوة
ومما يُعزِّزُ من تبنِّينا هذا النهج، ونحنُ نأتمُّ بالعقل، مُشيرًا في صُبحنا والمساء (بالإذن من أبي العلاء المعرّي!) ذهابُنا في “مُطارحاتنا”، التي بلغت ستًا وأربعين، إلى أروقة المعرفة، فحططنا الرحال فيها، بما يعني ذلك من تأشيرٍ على رُواقِ أرسطو، مؤسِّس المدرسة المشَّائية (peripatos)، ومُلهم أتباعها، عبر العصور. وهي المدرسةُ التي انتمى إليها فلاسفةٌ عربٌ عِظام، كالكِندي والفارابي وإبن سينا وإبن باجة وإبن رشد، والتي تعتبر أن للمنهج العقلي حاكميته، وفق الشيخ الرئيس: بل إنّ العقل هو الطريق الوحيدُ للمعرفة الحقَّة.
هكذا، على طريقة المشَّائين وتقفِّي خطوهم، نمضي مع المؤلفات التي نُقاربها، وفي عدادِها “مطارحاتٌ في أروقة المعرفة”.. نروحُ معها: ذهابًا وجَيئةً، نُسائلها، وهي المُفصِحةُ، بل الأكثر إفصاحًا ، وإن كانت في حالةِ صمتٍ، أو يُشبَّهُ للبعض أنها في حالةِ خُرْس!
لقد كان لبعض النقّاد والجادّين المنصفين أن يقبضوا علينا، مُتلبِّسين بهذه الخاصِيّةِ، في تناولهم موسوعتنا، آنفة الذكر. فها هي الباحثة والأستاذة الجامعية غادة السمروط، تذهب إلى هذا الحُكم:”.. ففي النقد، لا يذهبُ الحلوة إلى الذوق، في مقاربةِ النصوص، هو يحملُ مشعل النقد العلمي، ويهتدي بالأسس والمقاييس، التي وضعها النقاد وجهابذةُ الباحثين المعاصرين(..) ولم يجنح قلم د. مصطفى الحلوة إلى الميل والعاطفة(…) فهو يعزفُ على الموضوعية وأوتار العقل المُنير!” ( من كلمة لها، في حفل إطلاق موسوعتنا، في مركز الصفدي الثقافي في 23/11/2017).
بيدَ أننا، كما أشرنا في تلك الموسوعة، لا نُبرئُ نفسنا من جنوحٍ، بعضَ مرَّاتٍ، إلى حالةٍ من التفاعُلِ حميميةٍ مع النصوص، التي تسلكُ سبيل الكتابة الإبداعية المبهرة! كأننا بهذه الحالة، وعلى غِرار أهل العرفان، نروحُ إلى مُجاهدةٍ، إذْ تتردَّدُ في مسامعنا مقولةُ أحدِ شيوخهم، أبي علي الدقَّاق النيسابوري، أستاذ القشيري:”مَن زيَّن ظاهرَه بالمجاهدة، حسَّنَ اللهُ سرائره بالمشاهدة!”
في المقلب الآخر، من هذه المقولة، كأننا بأهل العرفان يرون أن العقل “الكلاسيكي” قاصِرٌ عن إدراك ما تستطيعُهُ المجاهدة، في معاينتها، من أسرارٍ ومشاهدات نورانية!
من هنا لا بأس على مَن كان النقدُ صنعتَه، والكلمة ديدَنَه، أن يدلِفَ، بقدرٍ معلوم، إلى مجاهداتٍ، شريطةَ أن لا تعتريه نوباتُ شطْحٍ، ولا تحجبه غيبوبةٌ عن الزمن الحاضر، وأن لا تشوبَ مشاهداتِهِ تهويماتٌ، ما أنزلَ اللهُ بها من سلطان!
ولطالما كان يُراودنا هذا السؤال: كيف السبيلُ إلى تعاطي نصٍّ مُصعِّد في معارج الإبداع، استنفدَ فيه صاحبه قدرته الفكرية وسائر إحساساتِهِ، حتى حدود التلاشي؟ هل يُكتفى بالدخولِ على هذا النص، من زاوية عقليةٍ “محضة”، مُتغافلين عن نبض القلب ودفق المشاعر، أم ندخل عليه، بما تنجلي عنه ملكتنا العقلية وطاقتنا الروحية في آن، بما يُشكِّل إحاطةً مُتكاملةً به؟ ألا نجدُنا في مواجهة إحدى الثوابت، فحواها: “إن الشبيه لا يُدركُهُ إلاّ الشبيه؟!”.
يقينًا إن العقل النقدي، المضمَّخ بعبقٍ من نورانية، ينفحُ النص المُقارَبَ حياةً جديدة، فيستحيلُ الناقد كاتبًا آخر لهذا النص، بصيغةٍ قد لا تقلُّ إبداعًا عن إبداع النص / الأساس!
هكذا، لا بد من حالة عشقٍ، نعيشُها، كنُقَّادٍ، مع النصوص الإبداعية. وإذا كان العِشقُ نظير المحبة، في المفهوم الجبراني، فإسنادًا لمطالعتنا هذه، يُقرِّرُ جبران خليل جبران، في كتابه “النبي”، أن العمل المقرون بالمحبة “معناهُ أن تضع، في كل عمل من أعمالك، نسمةً من روحك!”. علمًا أن النسمات الروحانية، مضبوطةَ الإيقاع، لا تنتقصُ البتَّة من دور العقل، بل تروحِنُهُ! أَوَلَمْ يرِدْ في الأثر: “إستفتِ قلبَك!”، بما هي دعوةٌ للإنصات إلى نداءِ القلب، يُخاطبنا، ويُشيرُ علينا في تحديد بعض خياراتنا في مسار الحياة؟!
لقد كان للباحث السوسيولوجي العميد الراحل عبد الغني عماد- رحمه الله- أن “يلتقط” تلك المزاوجة لدينا بين البُعد العقلي والتفاعل الروحي في مقارباتنا، فذهب إلى القول:”.. هو يُخضعُ ما يقرأ، من مساحات النصوص وإبداعات الكتب، إلى رهافةِ الإحساس، وبالوقت نفسِهِ إلى تساؤلات العقل” (من حفل إطلاق موسوعتنا، مرجع سابق).
إذْ نأتي تفصيلاً إلى محتويات الكتاب، فقد ضمّ الباب الأول تسعًا وعشرين مراجعةً نقديةً ، لتسعة وعشرين كِتابًا، تعودُ لسبعة وعشرين مؤلِّفًا، وليغدُوَ هذا الباب بمنزلة الجزء الثالث لموسوعتنا ” 80 كتابًا في كتاب”، من منطلق “وحدة الحال” المعرفية بينهما، بما يرفع عدد مراجعاتنا إلى مائةٍ وتسع مراجعات!
ولقد كان لمراجعاتنا ، في هذا الباب، أن تترجَّح بين فنون الشعر والخواطر والكتابة الإبداعية والرواية والقصة والسيرة، عبورًا إلى الفلسفة وعلم الأديان وعلم الاجتماع وعلم التربية وعلم التاريخ، وهي فنونٌ على وثيق صلةٍ بما نجده في المراجعات، التي تصدَّت لها “الموسوعة”.
وأما عن الباب الثاني (بحوث ودراسات)، فقد إندرجت مقارباته السبع عشرة، تحت الفلسفة والأديان (ست مقاربات)، وتحت علم الاجتماع وعلم النفس والتنمية (سبع دراسات وبحوث)، وتحت الثقافة والتراث والأصالة والمعاصرة (أربعة بحوث).
بقدرِ ما رصدت موسوعتنا المعرفية الحراك الفكري والثقافي، الذي شهدته طرابلس- العاصمة الثانية للبنان- وهو حراكٌ مُندرجٌ في الحراكِ الفكري العربي العام- فقد جاءت مطارحاتنا في أروقة المعرفة لتستكمل بعضًا من مشهديات المدينة ونبضها، على هذا الصعيد، والتي كان يستضيفُها- عَبْرَ ندواتٍ وتواقيع كتب- “مركز الصفدي الثقافي”، و”مركز العزم الثقافي” (بيت الفن)، و”الرابطة الثقافية” و”مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية” وسواها من مُنتديات أدبية.
أما عن الدراسات والبحوث (الباب الثاني)، فهي في غالبيتها أوراق عمل ومداخلات، قدّمناها في مؤتمرات فلسفية، نظّمتها الجامعة اللبنانية (كلية الآداب ومعهد العلوم الاجتماعية)، و”الاتحاد الفلسفي العربي”، و”المركز الدولي لعلوم الإنسان- جبيل “، ومراكز ثقافية أخرى. وقد شارك في بعض المؤتمرات الفلسفية باحثون من دول عربية وأجنبية.
إن هذه المروحة الواسعة، من مراجعاتنا النقدية والبحوث والدراسات، المنضوية إلى ألوانٍ معرفية شتّى، تتوجّه إلى مختلف المشتغلين بالعلوم الإنسانية والاجتماعية، كما إلى غير المتخصصين المنهمِّين بالشأن الثقافي العام. ولا شك أن هذا التنوّع “الموضوعاتي”، ذي السِمة “الكشكولية”- كما نعتناه في الموسوعة- يُلبِّي خيارات مُتعدِّدة، لدى القرّاء/ المتلقِّين ، أصحاب النزوعات الفكرية والذائقات الفنية المتباينة.
إلى هذه السِمة الإيجابية، ثمة إيجابيةٌ أخرى، تتمثَّل في ذلك البُعد “الإمتدادي”، إذا صحّ القول، لأكثر المقاربات والبحوث والدراسات، ذلك أننا لم نرَ إلى أطروحاتنا بعين اللحظة الحاضرة فقط، بل بعين البصيرة المستشرفة أيضًا .
هكذا، على سبيل المثال لا الحصر، فإن بحثنا الفلسفي “جدلية الأخلاق والسلطة من منظور فلسفي/ مقاربة متحركة عبر كتاب الجمهورية”، الذي مضى عليه قرابة ربع قرن، لا زال يحتفظ براهنيتِهِ، بل كأننا كتبناهُ اليوم ولم يجفّ حبره بعدُ، ليعكس واقعنا السياسي والأخلاقي شديد التردِّي والخطورة.
إن هذا البُعد “الإمتدادي” لمقارباتنا يعود، بالدرجة الأولى، إلى التزامنا قضايا مجتمعنا وشجونه، كما هموم الإنسان مُطلقًا. وفي تثمينٍ لهذا الالتزام، وطنيًّا وإنسانيًا، يرى العميد عبد الغني عماد:”أنّ أبرزَ الفضائل، التي يمكن أن يتمتّع بها المثقف، الانحياز إلى قضايا المجتمع وعدم الإنفصال عنها، أو الشعور بالغربة تجاهها. إنه انحيازٌ واعٍ وموضوعي، بقدرِ ما هو إنحياز نقدي، وهذا ما تميّز به مصطفى الحلوة” (من حفل إطلاق موسوعتنا).
بيد أن الباحثة، في الفلسفة العيادية، د. كارولينا بعيني، تنزاح بأطروحاتنا إلى مصافٍ أكثر شموليةً، حين ترى أن مراجعاتنا تحمل أنفاسًا “يونيفرسالية”، تصعد بنا، لنحتلَّ مكانةً في روح التاريخ! ( من كلمة في حفل إطلاق موسوعتنا).
إلى هاتين السِمتين، ثمة خصيصةٌ، لا يستسيغها ذوو الصدور الضيقة معرفيًّا، فلا تتسع صدورهم لرحابة الفكر، فيأخذون علينا جنوحنا “المفرط” إلى الموسوعية،ومن تجلياتها الذهاب في مقارباتنا إلى تفاصيل التفاصيل، وإلى استطرادات، من ضمن السياق ومن خارجه، على طريقة أبي عثمان الجاحظ!
إننا نرى إلى هذه النظرة/ “التهمة” مدحًا في معرض الذمّ، ولا مجال للتوسّع فيها، حتى لا نُدانَ من فمنا!
في الوجه الآخر من المسألة، فإن من تتسع صدورهم لهذا النمط من الكتابة، يجدون لدينا ضالتهم. ولنا أن نُسجِّل هذه الشهادة، من قِبل باحثٍ وفقيهٍ في الألسنية، الأستاذ الجامعي بلال عبد الهادي، إذْ يقول، في هذا الصدد: “.. ومن يعرف د. مصطفى الحلوة يعرف تورّطه في الثقافة الموسوعية- والموسوعية تستهويني- وهو له، في كل عُرس ثقافي، قرص، يُشبهُ قرص المعمول بالجوز، الخارج للتوّ من فرن مواسم الأعياد”، ويُتابع قائلاً: “ومن دأبِ د. مصطفى، حين يقرأ كتابًا ما أن يُفلِّيَهُ، كما تُفلّى النملة! يقرأ الكلمات، وأزعمُ أنه يقرأ حتى البياض، وعلامات الترقيم!” (منشور في صفحتِهِ على الفايسبوك، بتاريخ 6 آب 2019).
وفي هذا المقام، يُعلِّل الشاعر المحامي شوقي ساسين جنوحنا إلى الموسوعية، فيعزوه إلى تخصُّصنا في الفلسفة: “منهجيّة مدّته بها الفلسفة، وأتاحت له أن يقرأ النص، وما بين يديه وما وراءه” (من حفل إطلاق موسوعوتنا، مرجع سابق).
في السياق عينه، تعمد الباحثة د. كارولينا بعيني أيضًا إلى تعليل هذه الظاهرة المستمكنة منا، فترى إلينا- معاذ الله!- “فيلسوفًا، كما الرعيل الأول من الفلاسفة، حيث الفيلسوف مهندس وسياسي وسوسيولوجي وأديب ولغوي وشاعر وعالم متبصِّر ومستنير!” (من كلمة في حفل إطلاق موسوعتنا، مرجع سابق).
ولم يتوانَ الباحث السوسيولوجي عاطف عطيّه عن دعم هذه الخاصّية، إذْ يرى إليها سمة حميدة، تستجيب للقارئ النهم إلى وسيع معرفة: “.. بل يقرأ (أي أننا نقرأ الكتاب موضوع المقاربة)، ويحفر في قراءتِهِ ، ويُعمل قلمه في الاستنتاج والتحليل والعرض، بما يُشبع نهم القارئ” ( من كلمتِهِ في حفل إطلاق موسوعتنا، مرجع سابق).
بما يخصُّ لغة هذا الكتاب، فإن القرّاء سوف “يكتشفون” أننا لم نحِد عما درجنا عليه، في جميع مؤلفاتنا، فقد توسّلنا لغة، تُشكِّل علامةً فارقةً، وذات “ماركة مسجَّلة” بإسمنا، إذا جاز القول. وهذا ما جعل أسلوبنا التعبيري موضع تثمينٍ وإعجاب- أستغفر الله!- ولسوانا أن يتولى عنّا هذه المهمة. فها هو الطبيب المثقف علي بزّي، من أركان الجالية اللبنانية في سيدني (أستراليا)، وأحد الناشطين في الحراك الثقافي، يصف لغتنا بأنها “لغة بسيطة حتى الاندهاش، وقوية حتى الذهول!”، وذلك بعد معاينتِهِ كتابنا “شربل بعيني بين الفُصحى والعامية”. كأننا به، عبر هذا الحُكم، يروح بنا إلى مدرسة إبن المقفع، في فن الترسُّل، حيث أُطلق على أسلوبه “السهل الممتنع!”.
ولقد توسَّعت الباحثة غادة السمروط، في تبيان الركائز التي تقوم عليها لغتنا، فخلصت إلى الآتي:” هي الكلمة عنده طيِّعة بصلابة، جلِيَّة بأحلامِ فجر، تتأبّطُ الموضوعية والوضوح. أنيقةٌ بحليِّها، تترصَّعُ حجارةً، صاغها الحلوة، من معدن فكره النيّر، تسيرُ ملكةً، لا لغوَ فيها ولا تأثيم، لا يعتريها وهنٌ ولا ذبول!”.
مسألةٌ لا بد من جلائها، فلا تبقى موضع تساؤل، لدى القُرَّاء، فحواها: لماذا نأتي بهذه الشهادات، حول كتابنا، من لدن باحثين وكتّاب، قالوا أكثر ما قالوه، يوم إطلاق موسوعتنا “80 كتابًا في كتاب”؟
لقد أقدمنا على هذه الخطوة لسببين، أولهما- كما أسلفنا- أن الباب الأول من “مطارحات في أروقة المعرفة”، والذي يستهلك ثلثي صفحات مؤلَّفِنا، هو الجزء الثالث لتلك الموسوعة، بل هو الأخ الشقيق لجزءيها. من هنا ، فإن ما يصدق عليهما، تقويمًا، يصدقُ على هذا الباب من مطارحاتنا، وليمتدّ الحكم، فيشمل أيضًا، الباب الثاني، ببحوثه والدراسات . وزيادةً في التعليل، فإننا لم نخرج من جلدِ نهجنا الفكري ولغتنا وأسلوبنا التعبيري، في كل ما كتبنا وما نكتب راهنًا وما سوف نكتبه، في الآتي من الأيام!
وعن السبب الآخر، فقد آثرنا عدم الجهر بمثل ما جهر به هؤلاء النقّاد والباحثون، ذلك أن “مادح نفسه كذّاب!”، كما يُشاع! من هُنا أوكلنا إليهم هذه المهمة- ليس مهمة “الكذب”-، بل الشهادة، من موقع الصُدقية، وتحمُّل مسؤولية ما يخلصون إليه من أحكام.
ولا أُخفي، قرّاءنا، أنني في حَرَجٍ جرّاء ما قد يكون مِن غُلُوٍّ ، في بعض ما قيل! ولقد حرِصتُ، من موقع المسؤولية، التي حمّلني إياها أصحابُ هذه الشهادات، فجهدتُ في أن أتلافى بعض ما جنحتُ إليه، في موسوعتي، من “تساهل”، مع قِلَّةٍ من الكُتّاب الأغرار، من منطلق عدم إحباطهم، فيقلعوا عن الكتابة ، حالَ قسوتُ عليهم، وقد أشرتُ إلى ذلك جهرةً.
ومهما يكن من أمر، فإننا كُنّا ولما نَزَلْ، نُصدِرُ أحكامنا، في جميع مراجعاتنا، “بـِإسم الشعب المعرفي!”. ولا ندّعي عصمةً فيما نذهب إليه، إذْ سيبقى ثمة من يُظلَم، وبالمقابل ثمة من نُبالغ في إنصافه، ويأخذ حقّه “طابشًا!”.
وكما أشرنا، في موسوعتنا، فإن كل ما نخلص إليه قابلٌ للمراجعة والطعن والنقض، من منطلق محدودية تشكيلنا المعرفي:
فقُل لمن يدّعي في العلم معرفةً علمتَ شيئًا، وغابت عنك أشياءُ!
وإذا كان الشيء بالشيء يُذكر، فإننا، لدى منحنا “جائزة شربل بعيني للعام 2020، من قبل معهد الأبجدية- جبيل” وإعلامِنا بأن ثلاثة عشر باحثًا وشاعرًا سوف يتناوبون على تقريظي وتقريظ الكتاب، في حفلٍ عام، يُقام في سيدني، بتاريخ 10/12/2020، بعثتُ إلى القيّمين على الحفل بكلمةٍ كي تُلقى فيه، ومما جاء فيها:”.. فما أنا، والله، سوى درويشٍ سالكٍ طريقَ المعرفة، أحمِلُ مصباح ديوجين، في رابعة النهار. أجوبُ به من مكان إلى آخر، أتقصّى الحقيقة العارية، لا أرتجي جزاءًا ولا شكورًا”.
لهؤلاء الذين قرّظوني في سيدني، ولأولئك الباحثين الذين أثبتُّ شهاداتِهم، في هذا المُفتتح، أردِّدُ على مسامعهم تلك الكلمات!
ما آملُهُ لهذا الكتاب ” مطالعات في أروقة المعرفة” أن يُشكِّل مرجِعًا، يؤوب إليه الطلبة الجامعيون وسائر المهتمين بالفكر، فيفيدوا منه مُعطياتٍ، نزعمُ أنها ذاتُ فائدة. ناهيك عن التدرّب على منهجيَّة البحث العلمي الرصين، وفي ذلك فائدة أخرى.
.. وبمثلِ ما ختمت به مقدمة موسوعتي ” 80 كتابًا في كتاب”، أذهبُ إلى القول: “.. في المأثور الديني الإسلامي، للمجتهد أجرٌ إذا أخطأ،وأجرانِ إذا أصاب! عسى أن نكون قد أصبنا، في ما رُمنا فعله، ونحظى بشرف الأجرين، فنكون بذلك من الفائزين الغانمين!”.
مصطفى الحلوة
CONVERSATION
الطريق إلى شارع يافا تصل عمان
تقرير: حسن عبّادي/ حيفا
عقدت رابطة الكتاب الأردنيين مساء الثلاثاء 24.08.2021 في العاصمة الأردنية عمّان عبر تطبيق زوم الندوة الثالثة عشرة لمبادرة "أسرى يكتبون"، وخصصت لمناقشة رواية "الطريق إلى شارع يافا" للأسير عمار الزبن، وأدار الأمسية القاص محمد مشّة، وقدّم لمحة عن الأسير وقصّة اعتقاله وأسره وعائلته.
افتتحت باب المشاركات مي الزبن (أخت الأسير) التي قرأت كلمته، شاكرة القيّمين على هذا النشاط وتناولت أهميّة الكتابة داخل السجن بالنسبة للأسير.
كانت المداخلة الأولى للأسير المحرّر والكاتب وليد الهودلي وجاء فيها "أنّ عمار الزبن كتب الرواية على أرض الواقع بالروح والدم مضحيًا ومعرّضًا حياته للموت، يمتشق القلم كما امتشق السلاح، لغة الرواية سينمائيّة، ذات دلالة لغويّة عالية"، تمثّل أدب الحريّة/ المقاومة/ روح الانتصار، تضخّ الوعي الأمني بين السطور، تمتاز بتناص ديني بعيدًا عن الوعظ والمباشرة وجاءت لتفنّد رواية المحتل.
تلتها مداخلة للكاتب والسناريست أحمد داوود من غزة الذي تحدّث بدوره عن الدراما في الرواية وعنصر التشويق وقال إنّها تليق بمسلسل وهو يعمل على ذلك.
وكانت مشاركة لبيسان الزبن (ابنة الأسير) التي أوصلت تحيّات عمار وشكره وتناولت طقوس قراءته وكتابته مقتبسة ما قاله لها في اللقاء الأخير: "أعيش حتى يموت سجّاني".
وكانت مداخلة للمحامي الحيفاوي حسن عبادي الذي تناول الرواية، أحداثها وأسلوبها، عناوين فصولها، لغتها الانسيابيّة السلسة، تصوير حياة المطارَد وما يرافقها، أنسنة المرأة الفلسطينيّة لتفنيد الرواية الصهيونيّة التي تحاول شيطنتها. تحدّث أيضًا عن علاقته بعمّار وانطباعاته من زيارته، ولهفته بسبب لقاء "حروف مضيئة في عتمة الزنازين" الذي نظّمه منتدى المنارة للثقافة والإبداع على شرف المناضلين الأسرى الذين أضاءوا بحروفهم زنازين الاحتلال البغيض.
بالإضافة إلى تلك المداخلات شارك في النقاش الكاتب زياد جيوسي، والناقد رائد الحوّاري، وأبناء الأسير مهنّد وبشائر الزبن وكان الختام مع قصيدة ألقتها الطفلة ليان عواد (ابنة أخت الأسير) مهداة لخالها.
CONVERSATION
مخيّم بلاطة يحتفي بإطلاق كتاب رسائل إلى قمر
احتفل مركز يافا الثقافي في مخيم بلاطة يوم السبت 21/8/2021 بإطلاق كتاب "رسائل إلى قمر" للكاتب الأسير حسام زهدي شاهين المحكوم بـ 27 عاماً، والكتاب مجموعة من النصوص المكتوبة داخل السجن، ويخاطب فيها قمر عماد الزهيري التي كانت طفلة عندما تم القبض على حسام في بيت والد قمر قبل سبعة عشر عاماً.
افتتحت الحفل عريفته الأستاذة عزة عز الدين، معرفة بالكتاب، وأبرز ما جاء فيه من محطات إبداعية وإنسانية، فعمدت إلى الاقتباس من الكتاب لتضيء على أفكار حسام وموضوعات كتابه، كما أبرزت الجانب الإنساني فيه، وخاصة فيما يتعلق بقمر وأخته نسيم وأمه آمنة.
ورحب الأستاذ تيسير نصر الله، رئيس مجلس إدارة مركز يافا، بالحضور بكلمة جاء فيها: "هذا الحفل الذي يحتضنه مخيم بلاطة يشكل قيمة وطنية وثقافية نعتز بها، كون هذا الكتاب المفعم بالإرادة والحياة أحد مؤلفات كاتب أسير هو الكاتب المناضل حسام زهدي شاهين، وبوجود بطلة الكتاب قمر الزهيري، واعتبر نصر الله أن هذه المناسبة هي جزء من حراك ثقافي يُعنى بأدب الحركة الأسيرة والأدب الفلسطيني المقاوم".
وتناول المحامي الحيفاوي حسن عبادي في مداخلته علاقته بحسام وزياراته المتكررة له، متحدثا عن بعض فصول الكتاب وأفكاره ومواقف حسام الإنسانية والثقافية والنضالية، لافتا النظر إلى ما يعانيه الكتاب الأسرى من إهمال، ومن مماطلة في نشر أعمالهم من المؤسسات الثقافية المحلية الرسمية وغير الرسمية؛ واصفاً عبّادي تلك المماطلات بـ "المواعيد العرقوبية".
أما الدكتور خليل قطناني، فتناول كتاب "رسائل إلى قمر" بقراءة نقديّة تفصيلية فتحدث عن التجنيس الأدبي للكتاب، ولغته وأسلوبه، ورسائل الكاتب البلاغيّة والوطنيّة.
في حين تحدثت الكاتبة أسماء ناصر أبو عيّاش عن أدب السجون الفلسطيني، وأهم من كتب في هذا الأدب، مشيرة إلى جهود الأديب الفلسطيني خليل بيدس.
وألقى كلمة الأسير حسام شاهين أخته نسيم، شكرت فيها كلّ من شارك، وكلّ من نظّم، وبذل جهدا من أجل إطلاق الكتاب، مشيرة إلى أن الكتاب يعد تجربة نافعة قد يستفيد منها كل شاب وشابة في الوطن العربي، وبدورها، وفي كلمة مقتضبة، شكرت قمر الكاتب حسام الذي أهداها كتاباً لن تنساه طوال عمرها، معبرة عن تمنياتها أن يكون لقاؤها به قريبا ليحتفلا معا بعيد ميلادها القادم، وقد تحرر من قيوده.
حضر الحفل الشاعر عبد الناصر صالح وألقى قصيدة شعرية كتبها في أيام اعتقاله قبل 40 عاماً، تعبر عن واقع النضال الفلسطيني والحرية والاستقلال، مشيدا بدور الحركة الأدبية في سجون الاحتلال ودورها في تعزيز الثقافة الوطنية، معرجا على علاقته بالمناضل زهدي شاهين حيث جمعهما المعتقل.
واختتم حفل الإطلاق بالاحتفال بعيد ميلاد قمر عماد الزهيري بطلة الكتاب، حيث صادف عيد ميلادها الجمعة 20/8/2021، ومن ثم توقيع نسخ من الكتاب، وقد شارك في التوقيع كل من نسيم شاهين أخت الكاتب وقمر الزهيري والمحامي حسن عبادي.
حضر الاحتفال جمع من الكتاب والمثقفين والأسرى المحررين، وقام تلفزيون فلسطين بتغطية الحدث إعلامياً.
CONVERSATION
صدور رواية "لم يكن مجرد هبة" الكاتبة وفاء عمران عن دار الفاروق
تقرير: فراس حج محمد/ نابلس
صدر مؤخراً عن دار الفاروق للثقافة والنشر في نابلس للكاتبة الفلسطينية وفاء عمران محامدة روايتها الثالثة "لم يكن مجرد هبو"، وهي رواية خيال علمي، موجهة للفتيات والفتيان، وتكونت الرواية من (22) فصلاً في (138) صفحة من القطع المتوسط.
تدور أحداث الرواية في عام 2500م حيث يتعرف القارئ على بطل الرواية وصديقه في عالم اختفت منه التكنولوجيا والمدن الحديثة والحيوانات البرية؛ ليبدأ رحلة القارئ مع الكتاب: لماذا؟ وكيف عاد الإنسان للحياة البدائية؟ وذلك من خلال اكتشاف بطل القصة لشخص غريب يعيش في كهف منذ 300 عام، ليخوض رحلة البحث عن ماهيته، ولماذا ظل مخفيا لسنوات عديدة في كهف مظلم، وخلال رحلة البحث الاستكشافية تحتوي القصة على كثير من المعلومات الني تسرد بطريقة مبسطة ودون الخوض في تفاصيل معقدة؛ مراعاة للفئة العمرية المستهدفة. وتحمل الرواية في طياتها رسائل تربوية وعلمية غير مباشرة.
وسبق للكتابة وفاء محامدة- التي تعمل مشرفة تربوية لمبحث التكنولوجيا في مديرية جنوب نابلس- أن صدر لها روايتان هما: "السفر الى الجنة " و"شيء من عالم مختلف"، ومجموعة قصصية بعنوان "آخر ما علق من يوم جيد بمزاج سيئ"، وتكتب من حين لآخر المقال الأدبي. ولها مجموعة من الكتب المخطوطة التي تنتظر الطباعة كذلك.
CONVERSATION
افتتاح المعرض السَّنوي لجمعيّة الفنون التَّشكيليّة والأعمال اليدويّة في هوسبي
صبري يوسف – ستوكهولم،
تتابعُ جمعيّة الفنون التَّشكيليّة والأعمال اليدويّة بإدارة الفنّانة التَّشكيليّة السُّويديّة "شيشتين ڤيكستروم"، وبدعمٍ من مدينة ستوكهولم، افتتاح معرضها السَّنوي الّذي تقدِّمُهُ في شهر آب (أغسطس) من كلِّ عام، حيث تمَّ يوم أمس السّبت 21. 8. 2021 في تمامِ السَّاعة الثّانية عشرة ظهراً، افتتاح معرض الجمعيّة السَّنوي في "هوسبي كونستاهال"/ غاليري هوسبي الفنّيّة، الواقعة في إحدى ضواحي ستوكهولم، وسط جمهور غفير من الفنّانين والفنّانات والمهتمِّين والمهتمّات بالفنِّ التَّشكيلي، وقد طافَ الزّوار في المعرض وشاهدوا الأعمال الفنّية بفرحٍ كبير، وتخلَّلَ الافتتاح نقاشات بين الفنّانين والفنّانات من جهة وبينهم وبين الجمهور من جهة أخرى، وشارَكَ في هذا الكرنفال الفنِّي واحدٌ وأربعونَ فنّاناً وفنّانةً تشكيليّة من عدَّةِ دولٍ من العالم. وشاركَ كلُّ فنّانٍ وفنّانةٍ بلوحتَين فنّيَّتين أو عملٍ فنّي إذا كان من الأعمال التّركيبيّة. يستمرُّ المعرض حتّى غاية 5 أيلول (سيبتمبر) القادم. وفيما يلي قائمة بأسماءِ الفنّانين والفنّانات المشاركين والمشاركات في المعرض.
1ـ حميدة شاستان Hamideh Shastan
2. إيڤلينا پيوتروسكا Ewelina Piotrowska
3. فرانسينا دالمولدر لارشون Francina Dalmulder Larsson
4. أبو زر جهاراييAbuzar Gharaee
5. پاول ديكاس Pawel Dykas
6. ألڤارو مونوس Alvaro Munos
7. سميّة ماضي Sumia Madi
8. يعقوب جوخدار Yakob Jokhadar
9. بيرغيتّا جونسون Birgitta Jonsson
10. رائد حطَّاب Raid Hattab
11. إينا پولس Ina Pauls
12. ميّا نيكڤيست Mia Nyqvist
13. جيرد نيلسون Gerd Nisslon
14. جيزيلا لوينبيري Gisela Löwenberg
15. روحي كوهانداني Rohi Kohandani
16. ميّادة جاسم Myada Jassim
17. فاتن أحمد Faten Ahmed
18. نضال سوّاس Nidal Sawas
19. إنغريد هاوس Ingrid Haus
20. انتصار ذنّون Intisar Thanoon
21, مارسيلين إيليا Marcelin Elia
22. صافيناز فرحات Safinaz Farhat
23. شاكر عطيّة Shakir Attiyah
24. شوكوت خان Showkot khan
25. صبري يوسف Sabri Yousef
26. مينا داستانيان Mina Dastanian
27. آنَّا سولّيڤي Anna Sollevi
28. كاترينا ثولاندر Katrina Thollander
29. شيل رونبيري Kjell Rönnberg
30. إنغريد ستراندين Ingrid Strandin
31. فيرناندا ميلغاريجو Fernanda Melgarejo
32. أوكي بينغتسون Åke Bengtsson
33. آنيت كلينكه Annett Klinke
34. هانيل كانكاينِن Hannele Kankainen
35. سيوان سايديان Seywan Saedian
36. بهجت فقّة Bahjat Fakka
37. نادر الخشالي Nadir Al khishali
38. جيرد نيلسون Gerd Nilsson
39. عبّاس العباّس Abbas Al Abbas
40. كيكو پينو Kiko Pino
41. د. عماد زبير Imad Zubair Dr.
صبري يوسف
أديب وتشكيلي سوري مقيم في ستوكهولم
رئيس تحرير مجلة السَّلام الدَّوليّة
CONVERSATION
الإصلاح الثقافية في عدد جديد كرسته لوداع الأديب والمناضل الراحل محمد نفاع
عرعرة- من شاكر فريد حسن
صدر العدد الجديد (عدد 5، المجلد العشرون، آب 2021)، من مجلة "الإصلاح" الشهرية، التي تصدر عن دار "الاماني" في عرعرة- المثلث، بحلة جديدة قشيبة.
وجاء العدد غنيًا بالموضوعات والمواد الأدبية المختلفة، وكرست حصة الأسد من صفحاته لوداع الأديب والقائد والمناضل الراحل محمد نفاع. ففي كلمة العدد "العروة الوثقى" يكتب رئيس التحرير مفيد صيداوي عن محمد نفاع الأديب والمناضل الذي استضافته الإصلاح وأعجب بها، ود. نبيه القاسم عن محمد نفاع الظاهرة والدلالة، وعمر سعدي عن أبي هشام الصديق الصدوق، ومصطفى عبد الفتاح عن محمد نفاع أقوى من الضباب، وآمال د. كريني في قصيدة "حين يموت الصخر".
ويشارك في العدد د.أ. حسيب شحادة الذي يتناول بعض الأفكار اللغوية عند محمود تيمور، والمربي حسني بيادسة عن حنا العريس مسألة فيها نظر، وأمين أسعد زيد الكيلاني في مخطوطات شن المفقودة، والأستاذ مسعود خليفة عن اللون الأصفر، وظافر القاسمي عن قرطبة دمشق الأندلس، في حين يكتب فراس حج محمد حول التعليم عن بعد، ويقدم رئيس التحرير تقريرًا عن مجلة البلبل للأطفال في مصر، ويلقي الكاتب شاكر فريد حسن نظرة في كتاب نرمين ممدوح سعيد "حروف ومرافئ"، وكامل اغبارية (أبو أيمن) من أجل توحيد الرواية الفلسطينية، وقاسم خليلية عن غزارة الأمطار والتقلبات الجوية.
ويحتوي العدد أيضًا على قصيدتين لهاشم ذياب (طيارة كرتون)، ولابن الخطاف (الزمان)، وقصة ليوسف جمّال بعنوان (بلدنا طفولة)، بالإضافة إلى رسالة يافا- تل أبيب الثقافية، والزوايا الثابتة "نافذة على الشعر العبري الحديث، ونافذة على الأدب العالمي، وجمال الكتب، وتقرير عن الإصلاح في خمسين عامًا، وغير ذلك من مقتطفات.
CONVERSATION
حَتْمًا ستمطرُ عَينَاهُ للأب يوسف جزراوي
إصدارات
حَتْمًا ستمطرُ عَينَاهُ
صدرتَ مجموعة نثرية للاديب والشاعر العراقي المغترب الاب يوسف جزراوي ( حتماً ستمطرُ عيناهُ) عَنْ اتحاد كتّاب وادباء العراق/ فرعميسان...
المجموعة تقع فِي اكثر مِن ٢٠٠ صفحة مِنْ الحجم الوسط...
قدّم للمجموعة الشاعر والناقد الكبير حامد عبد الحسين حميدي رئيس اتحاد كتّاب وادباء ميسان وكذلك الشاعر العراقي مالك صالحالموسوي.
وسبق للاب يوسف جزراوي ان اصدر هذا العام مجموعته الاولى تحت عنوان ( فِي البَدْءِ كَانَ العِراقُ).
وقد جاء فِي تقديم مجموعة (حتماً ستمطرُ عيناه)
حتمًا ، للخبز وطنٌ لا منفى
أُمّي
أقْسِمُ لكِ بالخُبزِ الماسخِ
الّذي أكلتهُ عَلَى مَوائدِ الغُربةِ
مَا بَرِحَ مذاقُ خُبزِ وطني
فِي فَمِي يُلاك!
فَكَيْفَ لِي أنْ اسْتَذَوَّق خُبزًا
لَيْسَ فِيهِ ملَح دُموع أُمُّي؟!!
بهذا النصّ يختزلُ الشاعر حالة انسانية كبرى ، لا يمكن المرور من أمامها دون فحص ما ورائها ، (الأبّ يوسف جزراوي ) يتنفّس عمقمعاناة لحالة طارئة يمرّ بها ، هو مُدركٌ خطورة المنفى في أبعاده المكانية والزمانية ، ومدى تأثيره على كلّ مَن يلجأ إليه اضطراراً ، لا لرغبة منهوإنما للضرورة أحكام ، وهنا تقع ضريبة الوطن أحياناً ، وللتغييرات السياسية السالبة ثمنٌ باهظ التكلفة على المواطنة الحقيقية .
فمفردة ( الخبز ) لها دلالتها الاتساقية التي تحمل شحنات ضاغطة ، فهنا يجري (الأبّ جزراوي) مقارنة بين حالتين تركت أثراً واضحاً فينفسيته ، فــ ( خبز المنفى ) يختلف عن ( خبز الوطن ) اختلافاً جذرياً ، هذا الشّعور الداخلي والخارجي العام لديه والذي يحاولُ الأبّ أنيظهره لنا ، يمثّل أسلوباً تحريضياً على عدم القدرة على العيش بعيداً عن الأرض التي وُلِد عليها وكبُر فيها فكان لها الأثر البالغ في تنميةمَداركه الحسيّة والمعنوية حتى الثقافية ، حيث نجده يجنحُ الى استخدام القسم بالفعل ( أقسمُ ) مخاطباً ( أمه ) الحاضنة الثانية بعدالحاضن الأول ألا وهو الوطن / الأرض ، ليوثقَ ذلك بأغلظ الأيمان معلناً عن صفاء سريرته البيضاء وطهارة ما يحمله .
فالشاعر يعقدُ علاقة ترابطية بين شيئينِ متلازمين ، لهما الإرساليات الآتية :
الأمّ ____________ الوطن
خبز المنفى _______ ماسخ ( لا طعم له )
خبز الوطن _______ مالح ( له طعم ونكهة خاصة ) .
وكأنه يعيدُ إلينا زمناً اقتطعه من ذاكرته المتّقدة حضورياً ، هو غير قادر على تقبّل هذه التغريبة التي نالت منه مأخذاً كبيراً ، لتحفر بين طيّاتخوالجه تصريحات ثابتة منها : ( موائد الغربة – خبز وطني – دموع أمي ) .
( الأبّ الجزراوي ) يميل الى اللغة الطيّعة البسيطة التي تنسجم والفهم العام والقريب جداً لمقبولية القارئ ، ليجعلَ من مجموعته هذه رسالةإنسانية كبيرة ، يتجاوز من خلالها حدود المكانية ، حيث أنّه أسس خارطة المغايرة للمتوقّع المقروء ، فخارطته الشعرية لا حدّ لها ، إذ / هيتمتد في كلّ انسان ٍ له مبادئه التي يفخر بها والتي هي تمثل ارتباطه الحقيقي مع الخالق عزّ وجلّ ، كونها ذات قيمة عليا ، وهذا ما ينشدهالشاعر ، فمجموعته جديرة بالقراءة والتدبّر .
حامد عبدالحسين حميدي
رئيس اتحاد أدباء ميسان
24 تموز 2021
——————
حتماً ستشرقُ نصوصه
الأب يوسف جزراوي، أديب وشاعر عراقي مبدع
رسم نصوصه بريشه التسامح ولونها بالمحبة والسلام.
فِي الديوانِ ( حتماً ستمطرُ عيناهُ) الذي كتبهُ الأب يوسف جزراوي نصوص ممتعة ومشرقة إنسانياً، لها نكهة الوعظ، باسلوب مشوق وبلغةالسهل الممتنع.
رسم خلال النّصوص لوحات عن الروحانيات، الحياة ، الاخر، بناء الذات، الأم، الطبيعة، الغُربةُ، الوطن، الموسيقى وموضوعاتمتعددة....الغرضُ منها شحن بطارية القارىء بالرجاء والمعنى ولتعزيز الروح الإنسانية لديه والتركيز على تأمل القيم الوجودية في حضارةالالف الثالث.
ولم يغب عنه مدّ جسور التواصل بين غربته ووطنه الأم العراق، الذي رضع من حضارته فكراً وأدباً وكهنوتاً وحقق فيه نشراً ومنه انتشاراً.
أتمنى للقراء قراءة مثمرة
كما اتمنى التوفيق للأديب المبدع الأب يوسف جزاوي
والى المزيد من النتاجاتِ الأدبية.
الشاعر مالك صالح الموسوي
عضو اتحاد الأدباء والكتّاب فِي ميسان
العراق
CONVERSATION
إصدار كتاب الْمُهَاهَاة وَالْمُلَالَاة في زغاريد الأفراح والأتراح من إعداد آمال عوّاد رضوان
رام الله - عبلين الجليليّة- الوسط اليوم
قدّمت الشاعرة آمال عوّاد رضوان شكرَها لنساء النّادي النّسائيّ الأرثوذكسيّ في بلدة عبلين الجليلية، في إصدارها الجديد "الْمُهَاهَاة وَالْمُلَالَاة في زغاريد الأفراح والأتراح"، والّذي صدر حديثًا عن دار الوسط للنشر، وقد تناولَ عدّةَ أبواب، يختصُّ كلٌّ منها في جانبٍ حياتيٍّ ومناسباتٍ عديدة مثل:
مهاهاة وزغاريد بمناسبة الصّلح والأفراح، للتّرحيب بالضيوف وإطعامهم، لخطبة العروس، للعروس الغريبة، لحناء العريس وتوديع العزوبية، لحناء العروس وتوديع العزوبية، للعروس السّمرا وللعروس البيضا، لتفاخر العروس بجمالها وحسَبها ونسَبها، لصمدة العروس والتّفاخر بخصالها، لتجلاية العروس، لطلعة العروس وتوديع أهلها، لتوصيات العروس بعريسها وأهله، للافتحار بأبو العريس، لوالد العريس المتوفي، لأمّ العريس وأم العروس، لزيانة العريس، لزفة العريس، لخصال العريس وحُسنه، لاستقبال العروسين في بيتهما، اتوصيات العريس بالعروس، للأم العاقر الوالدة، للطهور، للكنائس والجوامع ولرد الحسد، لرجال الدين، للنجاح ولبناء البيوت، زغاريد ساخرة ولاذعة، للحجاج، للأسرى والشّهداء، للغائب والعائد للبلاد، للفراق وبكائيات على الأم، على الزوجة، على الزوج، على الأخ والأخت والابن.
وقالت المحاضرة د. روزلاند دعيم في معرض تقديمها للكتاب الّذي احتوى على 192 صفحة من القطع فوق المتوسط:
" ولمّا كانَ الإنسانُ يبحثُ عن وسيلةٍ للتّعبيرِ عن مَشاعرِهِ مِن فرحٍ أو حزنٍ، فقد وجدَ في الغناءِ طريقةً وجدانيّةً، للتّعبيرِ عن مَواقفَ مُعيّنةٍ تتطلّبُ تجييشَ المشاعر، والتّعبيرَ عن الآمالِ والأماني الخفيّةِ للفردِ وللجماعة، فنشأتِ الأغاني الشّعبيّةُ وتطوّرتْ، لتُرافقَ المجتمعَ في مَراحلِ دورةِ حياةِ الإنسان، ودورةِ الحياةِ في الطّبيعة.
وقالت د. روزلاند دعيم:
إنّ هذا الإصدارَ الّذي حملَ لوحةً للفنّان عوّاد عوّاد، يعكس طقوسًا واحتفالاتٍ تُرافقُ دورةَ حياةِ الإنسانِ ودورةَ الحياةِ في الطّبيعةِ، ويعكسُ الحالةَ الفكريّةَ، والوجدانيّةَ والعقائديّةَ للمجتمعاتِ في حقبةٍ مُعيّنةٍ.
وأضافت د. دعيم:
تمتّعت الأستاذة الشاعرة آمال عوّاد رضوان بالصّبرِ والجَلدِ، لتَجمَعَ خلالَ أكثر مِن عقدٍ مِنَ الزّمان إرثًا ثقافيًّا حضاريًّا، يعكسُ مَشاهدَ فرَحٍ وسعادةٍ مِن حياةِ مُجتمعِنا المُرتبكةِ في كثيرِ مِنَ الأحيان، وقد أشركتْ مجموعةً مِنَ النّساءِ في النّادي النّسائيِّ الأرثوذكسيّ- عبلين، في تجميعِ وتَصنيفِ الموادِّ وفَرزِها، باستراتيجيّةٍ ينظرُ إليها البحثُ المُجتمعيّ، على أنّها استراتيجيّةُ تمكينٍ نَسَويٍّ مِنَ الدّرجةِ الأولى، فقد شاركتِ النّساءُ بالتّفكيرِ والتّصنيفِ والتّجميع، ممّا وضَعَ أمامَها تَحدّياتٍ بحثيّةً لإتمامِ الإصدارِ، وإخراجِهِ بالشّكلِ الّذي هو عليهِ اليوم.
ويُعتبرُ كتابُ "المهاهاة والملاهاة في زغاريدِ الأفراح" الإصدارَ الثّالث مِن مَشروعِ الكتبِ التّراثيّةِ في النّادي النّسائيِّ - عبلين، بعدَ أنْ صدَرَ:
"أمثالٌ تَرويها قِصصٌ وحكايا" (دار الوسط، 2015).
و"التّراث في أناشيدِ المواسم" (دار الوسط، 2018).
وكلاهُما مِن إعدادِ الأستاذة الشاعرة آمال عوّاد رضوان
CONVERSATION
ملتقى روّاد المكتبة ينظم حفل إشهار ونقاش "رواية نانا" للأديب خليل ناصيف
كتبت إسراء عبوشي ـ
نظم السبت يوم 14|8|2021م ملتقى روّاد المكتبة حفل إشهار ونقاش رواية نانا للأديب خليل ناصيف، بحضور الأديب ومجموعة من كتاب وأدباء وشعراء الوطن في مكتبة بلدية جنين، بعرافة الكاتبة: مروى حمران.
في بداية الحفل تحدث مدير المكتبة: الأستاذ كمال سمور عن دور المكتبة وأهميتها لدعم الحركة الثقافية والأدبية، ثم تحدثت مديرة ملتقى روّاد المكتبة الأديبة: إسراء عبوشي مرحبة بالأديب خليل ناصيف والحضور، وأكدت على أهمية هذه اللقاءات للارتقاء بالأدب، وقد نوهت أن باب الملتقى مفتوح لجميع كتاب الوطن بكل حيادية، وتحدث الأستاذ علي أبو بكر مدير منتدى عمرة الثقافي عن أهمية مد جسور التعاون في تنظيم الفعاليات بين جميع أطياف رواد العمل الثقافي ، وكيف أثمرت تلك الرؤى في بعض قرى المحافظة، وتحدث عن التعاون بين منتدى عمرة وملتقى روّاد المكتبة وعن تنوع الأنشطة التي سينظمانها معا وكون ذلك التعاون ظاهرة إيجابية لها أثر فاعل على الحركة الثقافية في محافظة جنين.
وقد قدم الأستاذ عمر عبد الرحمن نمر قراءة نقدية تحليلية في رواية نانا، موضحا أن الرواية قد تكون سيرة ذاتية أو غيرية، حيث قدم خليل ناصيف قصصاً مترابطة وكان السادر منحازاً و مشاركاً، غلبت البطولة النسائية على السرد، ومن حيث البناء الروائي فهو متين مترابط ، ظهرت تقنية جديدة هي تنوع المكان والزمان والشخصيات وهذا يدل على مدى صدق الرواية واكد على أسلوب الكاتب ب دمقرطة السرد، الكاتب يأخذ الحقيقة ويقدمها بصورة مجازية .
ثم قدمت الشاعرة منال ضراغمة السيرة الذاتية للكاتب خليل ناصيف من مدينة رام الله، منسق الاستجابة الإنسانية في وحدة إدارة الكوارث في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، صدر له وليمة للنصل البارد | نصوص وقصص، الغابة التي قفزت من الصورة | ديوان سرد، والرواية التي على طاولة النقاش نانا، ثم تحدث الكاتب الضيف خليل ناصيف ، مبيناً أن الشخصيات في الرواية من الواقع وقد أوحت له بفكرة الرواية، وأنه كاتب واقعي يؤكد على ضرورة زيارة الأماكن قبل الكتابة عنها، ورسالته في كل ما يكتب " الحرية" و آفاق كتاباته لا تحدها رواية ولن تكون على وتيرة واحدة، وابدى رغبته في ترجمة الرواية فهي بما طرحته تناسب الأدب الغربي.
وقدم الأديب مفيد جلغوم مداخلة اثنى على قدرة الكاتب في التنقل بين الأماكن بحيث كانت تشبه المشاهد السينائية وقدم بعض الملاحظات لبعض الصور البلاغية التي وردت في الرواية، موضحاً دور الأدب بتغيير المجتمع، أما الشاعر هشام أبو صلاح فوصف الرواية بحقل ألغام، بلغة راقية وتقنية عالية تحسب للكاتب ثم طرح تساؤلات على الكاتب من باب الوعي حول فكرة الرواية التي بنى عليها الكاتب أحداثياتها وسردياتها، والشاعر محمد الأخرس قال أن الأدب رسالة إيجابية ومعول بناء، وأضاف الرواية موجهة لفئة محددة على وعي وتبحث عن سلبيات المجتمع وأكد على ضرورة أن يعبر الأدب عن المجتمع دائما.
والإعلامية إيمان السيلاوي قالت في مداخلتها أن الرواية تصلح لتكون مسلسلاً درامياً.
ورئيسة جمعية بصمة خير ريما دلبح تحدثت عن الجرأة في الطرح، فالحياة والانفتاح طال ليس فقط الروايات بل جميع مناحي الحياة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي المسلسلات وأبدت إعجابها بطرح الرواية، وانها تطرقت لزيادة نسبة الوعي.
أما الكاتبة سامية حمارشة بينت علاقة الأدب بالواقع وكيفية تقبله للأفكار.
وتحدث صديق الكاتب الأستاذ خالد ضراغمة عن الفرق في تقييم الروايات حسب رؤية المجتمع ونمط حياته.
وخلال الحفل قدمت الأديبة حمدة مساعيد نبذة عن روايتها " تحرير" ونصاً بعنوان اقرأ ، وقدمت الشاعرة نادية فهمي قصيدة نثرية بعنوان " ولادة" وشاركت في النقاش حيث تحدثت عن بعض الشخصيات في الرواية وكيف تناولها الكاتب.
وفي نهاية الحفل كرمت السيدة اخلاص عبد الحميد من عكا الأديب خليل ناصيف بتقديم درع للأديب
CONVERSATION
لا تعجبْ... زعترنا أخضر.. قصائد تستذكر مجزرة تل الزعتر
صدر في حيفا بالتزامن مع الذكرى الخامسة والأربعين لمجزرة تل الزعتر كتاب قصائد "لا تعجبْ زعترنا أخضر"، أعده وحرره الأستاذ المحامي حسن عبّادي والكاتب فراس حج محمد، ويقع الكتاب في (114) صفحة من القطع المتوسط. أشرف عليه فنيا الفنان الفلسطيني ظافر شوربجي، صاحب دار مجد للتصميم والفنون، وكانت لوحة الغلاف للطبيب د. يوسف عراقي الذي كتب أيضا على الغلاف الأخير للكتاب كلمة قصيرة ختمها بقوله: "إنّ صدور الكتاب في حيفا يبعث برسالة قوية إلى شعبنا، وخاصة لمن تبقّى من أهالي تل الزعتر مفادها: إن شعباً يحفظ ذاكرته الجماعية لا بد من أن ينتصر".
جاء الكتاب بمقدمة كتبها أ. حسن عبادي، ومقال ثانٍ كتبه أ. فراس حج محمد، بيّن عبادي في مقدمته اهتمامه بمجزرة تل الزعتر، وتعرفه إلى الطبيب يوسف عراقي، وذاكرا خلال ذلك مجموعة من الكتب التي تناولت المجزرة وكان له علاقة مع مؤلفيها. أما في مقال حج محمد فبحث تمركز العقلية الصهيونية حول فكرة القتل الجماعي للتخلص من الفلسطيني وإنهاء وجوده الفعلي، محاولا الإجابة على سؤال: لماذا يجب علينا أن نقاوم بالأدب؟
اشتمل الكتاب على ثلاث عشرة قصيدة خصصها الشعراء للحديث عن تل الزعتر، وهؤلاء الشعراء هم: أحمد فؤاد نجم، وأمل دنقل، خليل الحافي، راشد حسين، سعدي يوسف، عبد الأمير معلة، كميل أبو حنيش، مأمون جرار، محمد الفيتوري، محمد ناصر، محمود درويش، مظفر النواب، منذر الحيدري. وتنوعت هذه القصائد في شكلها الفني ولغتها وطولها، فكان هناك القصيدة المكتوبة باللغة العامية والقصيدة الومضة القصيرة، كما كان هناك القصيدة المطولة، وكان هناك القصيدة الكلاسيكية وقصيدة الشعر الحر، واتسمت جميع القصائد بالوضوح في أفكارها، ومعانيها ودلالتها على المجزرة وأحداثها.
اتخذ المحرران اسم الكتاب "لا تعجبْ... زعترنا أخضر" من جملة شعرية وردت في قصيدة الشاعر محمد ناصر، وهو مقاتل فلسطيني بقي يقاتل في معركة تل الزعتر حتى النهاية، وقد أهدياه إلى "أرواح شهداء تل الزعتر الأبرار وإلى كل من تبقى من أهالي التل أينما تواجدوا".
كما وضح المحرران كيفية عملهما في الكتاب، وأنهما قد اعتمدا على عدة مصادر لجمع هذه القصائد التي وردت مرتبة أبتثيا حسب اسم الشاعر. وهو عمل يندرج في سياق الاهتمام بمجزرة تل الزعتر والتوثيق للأدبيات التي تحدثت عنها، بعد عملهما السابق العام الماضي "إيفا شتال حمد- أممية لم تغادر التل".
CONVERSATION
معرض للفن التّشكيلي في تينستا آليه مع غناء وموسيقى في الهواء الطلق
صور الفنّانين والفنّانات مع المشرفة على إعداد المعرض
صبري يوسف – ستوكهولم،
سيُقام معرضٌ فنّي في "تينستا آلين" برعاية مدينة ستوكهولم، ودار الثّقافة السُّويديّة، ومركز تينستا و"فاست بارتنر"، بإشراف معدّة المعرض السيّدة إزابيل إنبيري يوم الجمعة المصادف 13. 8. 2021، في الهواء الطّلق، ابتداءً من السّاعة الحادية عشرة حتّى الرّابعة عصراً. وسيشارك في المعرض عشرة فناّنين وفنّانات من عدّة دول من العالم، وسيتمُّ عرض لوحات تشكيليّة ومنحوتات وتصوير ضوئي وغرافيك بعدّة أساليب فنّية، وسيشترك كل فنّان وفنّانة ما بين 4 – 10 أعمال فنّيّة تعكس تجربة الفنّانين والفنَّانات الّذين جاؤوا من عدّة مشارب ثقافيّة وفنِّيّة متنوّعة. وسيتمُّ في حفل الافتتاح تقديم عروض غنائيّة وموسيقيّة حيّة على الأكورديون والكمان ونشاطات أخرى للأطفال. حيث يشارك في المعرض كلٌّ من الفنّانين والفنّانات التّالية:
أليرو ديلكادو من تشيلي Aliro Delgado
صبري يوسف من سوريا Sabri Yousef
بيرغيتا سفينكر من السويد Birgitta Svegner
سيسيليا روياس كاسترو من تشيلي Cecilia Rojas Castro
نسرين تاكيزادة من إيران Nasrin Taghizadeh
ماتس آديلمان من السويد Mats Adelman
ماري شيلمان من السويد Mari Källman
يعقوب جوخدار من سوريا Jakob Johkadar
ماركو هوفيلا من فنلدة/ السويد Markku Huovila
رولف كلوفيمو من السويد Rolf Clovemo
أفيش معرض "فن في آلين" في تينستا
صبري يوسف
أديب وتشكيلي سوري مقيم في ستوكهولم
رئيس تحرير مجلَّة السَّلام الدَّولية
CONVERSATION
حجر الفسيفساء في ضيافة عمان
تقرير: حسن عبّادي/ حيفا
عقدت رابطة الكتاب الأردنيين مساء الاثنين 09.08.2021 في العاصمة الأردنية عمّان عبر تطبيق زوم الندوة الثانية عشرة لمبادرة "أسرى يكتبون"، وخصصت لمناقشة كتاب "حجر الفسيفساء"- سيرة روائية- للأسيرة المحرّرة مي وليد الغصين، وأدارت الأمسية الروائية سهام أبو عواد التي تحدثت عن الكتاب وأدب السجون. وقد حضر الندوة العديد من الأدباء والكتاب والمهتمين بأدب الحركة الأسيرة.
افتتح باب المداخلات الأديب جهاد بلعوم (نائب الأمين العام للاتحاد العام للأدباء الفلسطينيّين - الكرمل 48)، وتناول أدب السجون وميزاته، وأشاد بالكتاب وصاحبته، لغة وأسلوبًا.
تلته كلمة الأسيرة المحرّرة مي الغصين، فشكرت فيها القيّمين على الندوة وكلّ من ساعدها في النشر، وتحدّثت عن الكتابة خلف القضبان، وتدوين يوميّاتها وكلّ ما مرّت به وزميلاتها في الزنازين والكرّاسات التي جمعتها ودوّنت فيها تجربتهن اليوميّة، وتحدّثت عن تجربتها في الأسر.
وتناولت الناقدة العراقية د. إيمان السلطاني في مداخلتها: "سيميائيّة العنونة"، وتحدثت عن أهميّة العنوان الرئيسي للكتاب والعناوين الفرعيّة لفصوله، ووفّقت الكاتبة باختيارها للعناوين التي جاءت متسقة مع النصوص.
وكانت المشاركة الختاميّة للمحامي الحيفاوي حسن عبادي الذي شكر بدوره ميسّرة الأمسية ورابطة الكتّاب الأردنيّين، راعية المشروع، وأشاد بمشاركة أعضاء الاتحاد العام للأدباء الفلسطينيّين - الكرمل 48 الفعّالة ومساندتهم للمشروع، كما أشار إلى أهميّة كتابة تجربة الأسرى لتكتمل الفسيفساء للحركة الأسيرة وتجربتها، وأشار إلى دور مكتبة بيتونيا وتنظيمها لدورة كتابة إبداعيّة لأسيرات محرّرات وكان نتاجها كتاب "ترانيم اليمامة" الذي صدر مؤخّرًا.
وبالإضافة إلى تلك المداخلات شارك في النقاش الناقد رائد الحوّاري، وأسمهان خلايلة، وفوز فرنسيس، وجمانة العتبة، وخالدية أبو جبل، والشاعر محمد خضير، والكاتب محمد مشة.
CONVERSATION
وفد مهرجان سبوت شوت فيلمز الدولي زار وزيرة الاعلام: المهرجان يعكس صورة لبنان الثقافة والفن
زار وفد من مهرجان سبوت شوت فيلمز الدولي وزيرة الإعلام في حكومة تصريف الأعمال الدكتورة منال عبد الصمد نجد.
وأوضح رئيس الوفد بلال خريس أن “المهرجان الذي يحمل طابعا ثقافيا وفنيا ودوليا ستكون نشخة عام 2021 بعنوان “من قلبي سلام لبيروت”، وستشارك فيه 120 دولة عربية وأجنبية بـ 2605 أفلام قصيرة”. وطلب من وزيرة الإعلام “أن تشمل المهرجان بدعمها الإعلامي”، ولفت إلى أن الحدث كان مقررا قبل انفجار 4 آب 2020”.
من جهتها، رحبت وزيرة الإعلام بالوفد، وأثنت على جهودهم لا سيما وأنها تطوعية. واعتبرت أن “المهرجان يعكس صورة لبنان الجميلة والمضيئة، لبنان الثقافة والفن”، مؤكدة ان لها شرف دعم الاعمال الفنية والثقافية.
وأكدت “أهمية استقطاب الشركات الأجنبية للعمل في لبنان حيث المناخات الثقافية مؤاتية للأعمال الفنية والإعلامية ذات المستوى الرفيع”.
ومن جهته اعتبر رئيس المهرجان أن هذا الحدث سيشكل حالة أيجابية للبنان ليس على الصعيد الثقافي فحسب، بل على صعيد استقطاب الانتاجات العربية والاجنبية لتعود الى لبنان وتنفذ اعمالها فيه، بالتالي ستساهم بتنشط الدورة الاقتصادية والفنية.
وقد ضم الوفد: المدير العام للمهرجان بلال خريس، نائب المدير العام رندلى قديح، المدير التنفيذي علي كلش، مدير العمليات التنفيذية هادي الحجار، مدير العلاقات العامة سعد حمدان، رئيس فريق الاعتماد نضال عبد الخالق، ومديرة الاعلام هناء حاج.
CONVERSATION
رحلة الغربة في حروف إمرأة تشرينية الولادة: دراسة نقدية وصفية تحليليلة لقصائد الدكتورة هدلا القصار
كتب الاديب كريم القاسم
مَـلـحـوظـة /
ـــــــــــــــــــــ
( من يعشق الادب يتحمل الاطناب والإطالة ، فدراسة نقدية بعنوان ( رحلة ) لابد ان تستغرق زمناً ضمن فضاءات متنوعة لاشباع المتلقي بالفائدة .... ونشرها على شكل اجزاء او حلقات قد تجعل ذاكرة المتلقي يعتريها شيء من النسيان ، لذا فقراءة المقال بضخة واحدة يجعل الافكار مترابطة ويعمم الفائدة اكثر ... احترامي وتقديري )
ــــ الغربة تعني البعد والنوى ، ومَن منا لايعيش غربة في ذاته ، او غربة بين سطوره وبين اروقة حروفه وثنايا نصوصه ، او غربة زمان ومكان ، فمرة غربة تخفيها السطور ومرة غربة تصرخ تحاول التحليق او العبور.
الغربة والاغتراب اجنحة قد حلَّقتْ في فضاءات كثير من شعراء العرب القدماء ، فما ان يتغير منزله أو يسمو في فكرهِ ويكثر حاسدوه حتى تتباين رؤاه تجاه محيطه الخارجي ليبدأ رحلة اغتراب تثقل وتخف حسب مدركات وقوة شخصية المتعاطي معها .
وقد اهتم بهذه الظاهرة الكثير من الفلاسفة قديما وحديثاً وعلماء النفس والتربويين ، حتى تشعبتْ فروعها وتنوعت نتائجها بتنوع أسبابها وتنوع وسائل التعامل معها .
تتنوع طرق ترجمة الذات والبوح باسرارها بتنوع الذائقة والاداة ، وقد يترجم الفنان والمبدع هذا الشعور بما يجيده من فنٍّ ، فقد رسم البارعون اجمل اللوحات العالمية تحت هذا العنوان ، ومنهم الرسام (إدوارد هوبر ) الذي ترجمت لوحاته شعور الغربة والاغتراب ، والفنان الصيني (واي منغ) الذي جسد بلوحاته لحظات الاغتراب في مراحل الطفولة في بلده . وهكذا الموسيقيون وغيرهم من الفنانين .
الكثير من االافراد يود ان يطرح مايعتريه من شجون وما يحمله من ذكريات على شكل نتاج ادبي بعنوان جنس ادبي معين وحسب مايجيده صاحبه من ابداع . فالبعض يترجم حاله على شكل قصائد ان كان شاعراً أو رواية وخواطر ان كان يجيد النثر والقصة والرواية والذي لايملك الموهبة نجده يستعين بكاتب ومؤلف ليضع ذكرياته بين دفتي كتاب .
واجمل مافي الشاعر هو تطويع هذا الشعور وابرازه بصور شعرية غاية في الروعة والابداع . وتتباين هذه الصور مع تباين الثقافات المتنوعة للشعراء ، حتى كتبَ في ذلك المتنبي وابن زريق وابو فراس الحمداني واحمد شوقي وشعراء المهجر وبدر شاكر السياب وغيرهم الكثير ، فنظموا بذلك اجمل القصائد واحلاها .
ومن خلال متابعتي لكتابات وقصائد الشاعرة اللبنانية الدكتورة (هدلا القصار) وجدت ان كتاباتها عبارة عن نزيف متدفق لذكريات لاتنفك عن ذاتها ، وابرز ملامحها هي الغربة ، وسابحر في هذا المحيط مستنداً بعلامات دلالية سأخضعها للوصف والتحليل في كثير من نصوصها ، وليس القصد هو سبر الغور الشخصي للشاعرة بقدر ما هو نتاج ومحطات نقدية لهذا اللون (الغربة) في الادب العربي المعاصر .
من هذه السطور المتقدمة ننطلق للمشاركة في محطات رحلة الاغتراب في نصوص الشاعرة الرائدة هدلا القصار .
ــ لعلي ساتحسس زاوية شخصية مؤلمة ، او ذاكرة كالبركان الذي لاتُخمَد ناره ، وهذا ليس من مبتكرات قلم ناقد ، إنما حقيقة أجدها متجسدة في كتابات الشاعرة رغم تغليفها بأغلفة رمزية زاهية اللفظ والتي تجيدها كاتبتنا أيَّما إجادة ، كونها قلم من ذوي المداد الرائع والرائق والمتميز، ولها نكهتها الخاصة والتي اجدها لاتكتب الا بوجود حافز ذاتي أوقَدْحٍ للمَلَكَة التأليفية.
ــ اجد هذه الرحلة تحتاج الى قراءة استكشافية لمراحل وعتبات تختفي تحت لسان صاحبة الشأن وهي من الصعوبة بمكان بحيث تجعل المحلل امام خيارات صعبة ، فالنتائج التي تأتي بفضاءات سلبية لايمكن ان تكون عنصر جذب للمتلقي ، لذا فالعناية والتأني والقراءة الخاضعة الى الضوابط والذوق والادب النقدي ستأتي بكل مايفيد لعكس عالم الغربة وما يحويه من جمال الصوره الادبية التي طرَّزَتها نصوص الشاعرة هدلا القصار .
ــ من خلال تفحصنا للنصوص وجدنا الشاعرة قد نثرت علامات دلالة لرحلة ( الغربة ) بين الكثير من قصائدها ، وهذه العلامات والدلائل لم تكن متواجدة في نصٍّ واحد بذاته ، انما هي إرهاصات شاعرة توزعت في نصوصها هنا وهناك ، فهي محطات ممتدة على طول طريق الرحلة ، وبأزمان واوقات مختلفة ، حاولنا الوصول اليها ، وفتح ابوابها ، لمشاركة القافلة في هذه الرحلة ، ولنثبت مفرداتها بما يفيد المتلقي كونها محطات جديرة بالدراسة والعرض ، لاكتنازها بخواطر صادقة ، وعنفوان ادبي ، ومفردات سلسلة رشيقة ، ورمزية دالة .
ــ الشاعرة تستعمل اسلوب الاستفهام في كثير من العتبات . ورغم تنوع المقاصد البلاغية في الاستفهام ، لكن القصد هنا تَمحوَرَ في بؤرة واحدة وهي البحث عن جواب يرضي ذاتها وليزيد قناعتها في التصديق ، وهي لاتخفي شعورها هذا ، فقد رافقتها الغربة في رحلة طويلة تبدأ من خطوات الطفولة وحتى خطوات الثبات الحالية المثقلة بالمسؤولية والكد والتعب ، والتي تتخللها ارهاصات متنوعة ومتشابكة بين عشق وطن ، وآهات ، وآلام قلب وجسد ، وغربة ذات ، والتي صوَرَتها بأنها رحلة مستمرة مازالت تستطلع الافق لرؤية علامات عالم جديد .
ــ استخدمت الشاعرة اسلوب الخطاب بضمير المتكلم في أكثر قصائدها ، وهذه ميزة معظم قصائدها في هذه الدراسة وهي دليل قوي على اثبات وجودها ساعة الخطاب .
ــ سنلازم هذه الرحلة الطويلة بطريقة السفر الموازي لنقل الحدث وصفاً وتحليلاً ، فالعالم الانثوي ميال الى الوصف والتوصيف والتحليل . وستكون توقفاتنا النقدية في محطات متنوعة (زمانية ومكانية ونفسية وعاطفية) .
(الـتـعـريـف الـشـخـصـي)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يبدو ان كاتبتنا تشرينية الولادة ، فلنسمع صرختها في احدى قصائدها الرائعة :
" تَخرجُ امرأَةُ تشرين عن نصوصِ الأسئلة
حين تجدُ الدِّفْءَ في كتاباتِها
كصهواتِ الغيمِ
تَصرخُ في عتمةِ البوحِ
تَحفرُ بين هسِيسِ أَصَابعِها
قبْرَ ميلادِها "
ــ كم جميل هذا المَجاز (تَحفرُ بين هسِيسِ أَصَابعِها قبْرَ ميلادِها ) و(الهسيس) هو الكلام الخفي الغير مفهوم ، حيث اجادت الشاعرة في وصف ما ستكتبه اناملها من قصيد ، فهي ستبدأ في البوح منذ يوم ولادتها التشريني والذي شَـبَّهته بالقبر ، ومن منا لايعيش في قبر ولادته الدنيوي ؟؟ .... وهنا اول محطة بوح ذاتية :
" إمرأةٌ
تَسْألُ
تُعاتِبُ
تُخاصِمُ أَحْزانَها "
ــ انها (تسأل وتعاتب وتخاصم) احزانها . هنا اسقطتْ الشاعرة هذه الالفاظ على مساحة البوح والتي تعكس حالة الصراع الذاتي الكبير فهي لاتكتفي بالسؤال فقط انما هناك عتاب وملامة وخصام وجدال ونزاع ، انها ثورة داخليه افرزتها غربة الجسد والروح ، وهذه المحطة التعريفية لمسيرة الغربة ، ستكون منارة كشف واستكشاف لما سيأتي من مشاعر اغتراب .
(بـدايـة الـحـكـايـة)
ــــــــــــــــــــــــــــــ
امامنا كلمات قد رُصِفَتْ بعناية ودراية ، رصفتها الشاعرة (هدلا القصار) لتفتح لنا صناديق الذاكرة بعد ان صورَتْ غربتها بـ (الموت) حسب ماجاء على لسان القاضي الشاخص في بعض نصوصها . وقد استعملت لفظة (القاضي) للدلالة على القدر ، وهذا التصوير البليغ الاشارة لرحلة الاغتراب الطويلة وبكل تصنيفاتها وتفرعاتها جعلتْ منها دائرة حديث بينها وبين القاضي ، هذه الدائرة ستلقي بضلالها على كل ما سيأتي من تحليل واقتناص للشواهد والدلالات ، والمقطع التالي الماثل امامنا لهو خير معين ، كونه يحمل مفاتيح المغاليق الكثيرة المتناثرة على اشطر قصائدها ، فهي قد اعترفتْ وهي تسرد حكاية الرحلة فتقول : (كنتٌ تائهة) ، وورود الفعل الماضي الناقص (كنتُ) دليل على ثبوت الذكرى في الماضي ، ثم الاعتراف بالهزيمة نتيجة فقدان الحبل السري بينها وبين رحم الوطن ، حتى وصل بها الحال ان تصبح جثة هامدة وسط ارض لاتنتمي اليها ، وهل بعد هذا الاغتراب من حال ؟؟
فلنقرأ اعترافاتها التى اخرجتها من صندوق ذاكرتها :
" كنتُ تائهةً !!
هَزمَني الشعورُ وانفرطَ حبلُ المكانِ الآمنِ "
القاضي يقول :
" لنرى بأي زاويةِ سندفنُ جثتَك ِالمغتربة! "
ــ الشعور بالغربة لابد ان يبدأ من لحظةٍ ما ، وراكبها ينتظر لحظة الرسو عند ميناء الوطن . الكاتبة تجد في نفسها قوة البوح منذ ولادتها ، وهذا الوصف فيه عمق كبير يهز وجدان القلم ، كونه يكتنز ألم مكتوم سينفجر ذات يوم على شكل قصائد رائعة ، وهذا مانجده شاخصاً في احدى قصائدها فتقول :
" امرأَةُ تشرينِ !
في التاسعةِ والعشرينِ من مِيلادِها
تُسرجُ جيادَها في الصحارى
تسبحُ برغبةِ قولِ الحقيقة
و كلَّما نشدَ البنفسجُ نشوتَه "
(الـحـنـيـن)
ـــــــــــــــــــ
قرارات العودة وقطع صلة الهجرة لاتأتي جزافاً ، بل ان اول وشيجة تهز كيان الفرد هي (الحنين) والحنين هو صوت ونداء المشتاق ، وهذا الصوت لايصدر جهراً بل أنيناً مصدره الفؤاد ، فاذا ظهرتْ زفرته فكأنما خَلعَتْ معها كل الشراسيف . ولشدة هذا الحنين جعَلتهُ الشاعرة عنوانا لإحدى قصائدها ( حنين الى لبنان) وجاءت بلفظة الحنين نكرة للتكثير والتفخيم . فهي لاتلبث ان تُشبِّه نفسها مرة اخرى بـ (الطير المهاجر) حين تهزّها الذكريات ، والاهتزاز هو الحركة المصاحبة للقوة ، وهو من اجود اللفظ المناسب لهكذا شجون وإرهاصات :
" تهزّني خواطرُ الذكريات
يجتاحُني شعورٌ كحنينِ الطيورِ لأوطانِها "
ــ وفي قصيدة أخرى تخبرنا صراحة بالحنين الى الوطن :
" أتاني الحنينُ والشوقُ لبيروتَ "
ــ ويبدو ان هنالك وطن شريك تصرّح به :
" وسااااعاتٍ لأقطعَ الشوقَ بينَ بيروتَ وغزةَ
يوماً.. لأصدّقَ أنني بين الأهلِ "
ــ في الاشطر التالية تبدأ الشاعرة بوصف هذا الحنين مستخدمة الفاظاً ومفردات تناسب هذا الفضاء الذكرياتي الكبير( غادرتُ ، اغترابي ، معاناة ، مخبأة ، شقاء ، أتلاشى ، هذياني ، جنون ، موحشة ) هذه المفردات كفيلة بانزياح كبير للوجدان ليفيض بالشجن الجارف قي اودية الحنين . فهي تتذكر لحظات مغادرتها سواحل لبنان ونجوم وكواكب سمائه المتلألئة وكيف تتفجر داخلها براكين المعاناة المخبأة داخل حدود إغترابها ، وقد وصفت اغترابها بـ (النهر) للدلالة على استمرارية جريان هذه اللآلام كما في قولها :
" منذ أنْ غادرْتُ ساحِلَكَ وكوكبَ أُمسياتِك
أَجلسُ كلَّ يومٍ أُذّرِرُ نهرَ اغترابي
داخلَ حدودِ ملعبي
لأُفجرَ معاناتي المخبأةَ
أتهيأُ للشقاءِ المتدرجِ
تنهالُ أظافرُ هذياني
أتلاشى لِلَحظاتٍ الجنونْ
وبريشةٍ موحشةٍ أُدَوِّنُ كلماتي "
(إعــتــراف)
ــــــــــــــــــــ
في قصيدة (النبتة البرية) تبدا الشاعرة بفتح مياسمها ، وتطلق اثيرها على شكل مقذوفات رمزية فتصف نفسها بـ (الطير المهاجر) وهذه العبارة دليل واف على ان كاتبة النص قد عاشت الغربة في دارين وعالمين مختلفين ، فالطير المهاجر لايحط رحاله الا في ربوع ديار اخرى بعد كَـدٍّ وتعبٍ ومشقة ، وهذه المشقة تأطرتْ بعبارة ( امتدتْ الأرضُ ) وكما نقرأ الاتي :
" كالطائرِ المهاجرِ لحِقتُ بأوراقِ الأشجارِ المتطايرِة
هربتْ مني كالرياحِ.... امتدتْ الأرضُ وهدأتْ "
(قــرار الــرحــلــة)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من خلال دراستي لمفردات نصوصها وجدتُ علامات قرار فيها نوع من الحيرة ، فالقرار ليس سهلاً وخاصة عندما يكون القرار وحيداً بلا معاون او ناصح او دليل ، فهل نتصور حال قافلة بلا دليل ؟؟؟ ، فهي تقول :
" أنا أفكرُ
أنا وحدي أفكرُ "
ــ نجد في المقطع التالي امامنا (لو) تصدرت بداية المقطع ، وهذا النسج لايمكن أن يأتي لمجرد اشباع رغبة تأليفية ، او رصف حروف وكلمات عابرة للتنزه في عالم القصيد ، فكل ماموجود يدل صريحاً بأن هذا الخاطر وهذا السبك هو خلجات وشجون رسمته (هدلا القصار) بصورة شعرية بديعة وهو دلالة وجدانية حقيقية وصراع ذات لايمكن التملص منه . وحرف (لو) يفيد ويستعمل في الامتناع أو في غير الإمكان .... لنقرأ الآتي :
" لو فكرتُ بالسفرِ ماذا أحتاجُ؟
أحتاجُ شهراً لتفتحَ بوابةُ غزةَ
أحتاج يوماً لأصدقَ نفسي
أحتاج يوماً لأحضِّرَ الشنطةَ
أحتاج يوماً لأشتريَ البهجةَ.
يوماً لأشحذَ البسمةَ
ويوماً لألملمَ الشوقَ
ويوماً لأصلَ المَعْبرَ "
ــ وبعد هذه الاحتياجات التي تصارعها ، نجد الشاعرة قد أدركت صعوبة هذه الرحلة واحتمالات الضياع ، فقالت :
" ويوماً لأقطعَ الصحراءَ
ويوماً لأتوهَ في أرضِ مصر "
(الـحـيـرةُ والـتـردد )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه المحطة من اهم محطات الصراع الذاتي ، لانها محطة فارقة ، لايفيد الندم بعدها ، فالقرار هو القرار ، لذا نجد الشاعرة يصيبها نوع من التردد ، فهل تكتفي بالارتحال والسفر والخلاص من الغربة عن طريق رسم الكلمات على القراطيس والورق ؟؟؟ وهل تكتفي بأمتطاء صهوة القلم لتسقيه بمداد الذاكرة وتقطع فيافي العمر للوصول الى ربوع الوطن بزمن لايتعدى لحظات تحرك الانامل على الورق لاغير ودون اجتياز حدود السرير او المنضدة ؟؟؟ او لتجعل هذا الوجد والشوق عبارة عن رسالة بريدية لاتتجاوز رحلتها زمن رحلة حقيبة ساعي البريد لاغير؟؟؟
وهل يُشبِع ذلك ظمأ الروح وجوع الجوارح والجسد ؟؟؟
هذه الحيرة والظنون سكبتها الشاعرة بصراحة صارخة في التالي :
" تُرى؟!!
لو استبدلتُ السفرَ بالورقِ؟؟؟
ماذا أحتاجُ؟
أحتاج شهراً لتصلَ رسالتي إلى الوطنِ "
(الــــحــلـــم )
ــــــــــــــــــــــ
كانت لحظة احتضان جسد الوطن هي كالحلم لدى (هدلا القصار) فالفضاء سحيق والبحر عميق واليابسة في عالم العدم ، حتى كاد اليأس يقتلها وخافت ان يسبق الموت ذلك الحلم :
" بعد أن أضعُ أحزاني بينَ السطورِ
لتبتسمَ في اللحنِ شكوى
وتصبحَ ككلماتِ الطيرِ
يَخُطُّها برفرفةِ ريشهِ
أُسرعُ .. وأُسرعُ...
قبلَ أنْ يسبقنيَ الموتُ
لا أدري مَنْ مِنَّا سيصمدُ أكثرْ
نحــنُ أمْ الحُلُـــمُ ؟ "
(الـتـهـيـوء لـلـرحـلـة)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يبدو ان هذه الغربة قد صَقلتْ شخصية الكاتبة لتجعل منها انسانة تضع لنفسها منهاجا خاصا بها ، وقوانيناً تحكم ذاتها لتبدأ في شد الرحال لمثل هذه الرحلة القاسية ، فاختارت لنفسها قانون تعبيد الطرق الوعرة كي تستطيع قافلتها قطع الفلوات باليسر والسهولة ، ولتسرح جيادها في ارض الله الواسعة ، وقد استعارت آلة التعبيد بما يناسب الشاعر فاختارت (مناجاة القرنفل ) فياله من اختيار موفق ، لتحصد به متاعب السنين .
إذاً هي زراعة ضمنية ، وتذليل العقبات امام الذات ، وهذا من اروع علاجات الازمة ، واكثر اطواق النجاة متانة للعبور الى شواطيء القوة والامان :
" تُسرجُ جيادَها في الصحارى
تسبحُ برغبةِ قولِ الحقيقة
و كلَّما نشدَ البنفسجُ نشوتَه
تمسِّدُ الطرقات بمناجاةِ القرنفلِ
كلما طوقُتها تعرجاتُ السنين "
(الـثـقـة بـالـنـفـس)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هذه الرحلة لابد لها من قيادة لزمام الدابة بثقة وثبات وسيطرة تامة على عِنان لجامها ، حتى وإن حفرت السنون معالمها على الجسد ، فالرحلة لاتتحمل الاخطاء ، ولاتسمح للاجساد والعقول المنهكة من المشاركة في القافلة ، فجاءت الكاتبة بأجمل سيلٍ من الكلمات ، وقد اعجبتي هذه الاستعارة الرائعة :
" سأسيطرُ على القصيدةِ
حتى لو وضعتِ السنونُ على رأسي قبعةَ الشيبِ "
( الـــذكــريـــات)
ــــــــــــــــــــــــــــ
والهجرة ليستْ بالقرار الهيّن والسهل ، فآلام الهجرة لايتحسسها الا من يكابدها ، بل ويبقى في دوامة وتجاذبات وارهاصات ، وتتمثل هذه التجاذبات في (المكان والزمان وكل الذكريات ) وهذا ما صورته الشاعرة ( هدلا ) في هذه الاشطر :
" سمعتُ لحـناً قـديمـاً من خلفِ التاريخِ يناديني
سمعتُ لحـناً جـديـداً يذكرُني بطفولةٍ تاهتْ
سمعتُ لحـناً بعيـداً يصرخُ ... اِرجعْي هنا !!
سمعتُ لحـناً من خيوطِ الـذاكـرةِ يتأرجحُ "
ــ وفي موضع آخر تصرخ الشاعرة بقوة وبصهيل يشق الفضاء ، فتقول :
" ضــاقَ الهمسُ فـي صـدري
هربْتُ مِنْ كَتِفِ الجدرانِ "
ــ وهل بعد هذا الكلام كلام ؟؟؟ لاأعتقد هناك وضوح أكثر من ذلك .
(الاعــلان عـن مـوعـد الـرحـلـة)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تتجسد الغربة في قصائد الشاعرة بعدة صور وثيمات غاية في الابداع . فهي شبَّهتْ انطلاق رحلتها بـ (الصراخ) الروحي ، والصراخ لايحدث الا طلباً للاستغاثة عند المرور في مراحل الخوف . واي خوف ؟؟؟
الخوف من المجهول عند انفصال الروح عن الوطن . والوطن كالجسد الاكبر الذي يحتظن بداخله ارواح الانسانية جمعاء . ولشدة امتزاج الغربة مع الذات نجدها تقول :
" إمرأة
تنطلقُ كصراخ الأرواح بلا وطن "
ــ مما تقدَّم يجعلنا امام سؤال : هل نتصور روحاً بلا جسد أو وطن ؟؟
لاشك انها صرخة مدوية رهيبة تحمل بين اوتارها قصة لرحلة عنيفة عميقة واعية .
الشاعرة (هدلا) تؤمن بأن (الكلام أولاً والقصيدة فيما بعد) فهي ترفض قوانين الشعر التي تمتزج بالكذب التصويري ــ كما تقول ــ والذي يأتي مقامه بالدرجة الثانية في معتقدها الوجداني ، وللكلام الصدارة في مزاجها وصرخة ذاتها ، فالكلام هو المفردة والعبارة المسؤولة التي ينطق بها اللسان قبل القلم ، فلنقرأ رؤيتها :
" الكلام أولاً ... والقصيدةُ فيما بعد
ما معنى الشِّعرُ يُكتبُ
وَهُو لا يقبلُ الكذبَ ولا يصدِّقُ الحقيقة ؟
كيف أطرقُ أبوابَ القصيدةِ
وطبيبُ الشِّعرِ يَضَعُ قانوناً للكتابةِ !؟
ويقول بالكذبِ تتجمَّلُ الكلماتْ ؟!
العاقلُ منا يفكِّرُ ويكتبُ
ليكسر صُورَ الحزنِ بالحقيقةِ
نفسي لا ترضى بمكانِها
ولا ترضى أن تكتبَ الشعرَ وحدَها
ماذا أفعل ؟ "
(بــوصــلــة الاتــجــاهــات)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرحلة تحتاج الى بوصلة وتحديد الاتجاه الصحيح ، وبدونها يكون الضياع والهلاك . بدأت الشاعرة رحلتها بسؤال ( ماذا افعل ؟ ) واي طريق سأسلك ؟؟ وامامها مفترقات كثيرة قد تنتهي بمحطات مجهولة ، فلابد من تحكيم العقل وهو ميزان العاقل ، لذلك نجدها قد اختارت سلوك طريق تريده هي ، وستطلق الكلمات التي تخدش الصمت بــ (أظافر الكلمات) لتحرك اسباب الاختيار ولتكون الحَكَم ، لان الغربة هي ذكريات متشرنقة بين الماضي والحاضر وبين ما سيأتي به المستقبل المجهول :
" ماذا أفعل؟
هنا رمتني العواصفُ والسنونُ
ولم تعنيني الصداقةُ وحدَها
ولم تتركْني للتفكيرِ وحدي
إذَن سأسلك الطريقَ الذي أريدُ
وأُطلقُ الكلماتِ تَحكُمُ بين الخيالِ والحقيقةِ
هنا كلماتٌ لها أظافرٌ تدخلُ صمتَ الأفكارِ
وهناكَ كأن الحياةَ ليستْ سِوى حبلٍ يَشدُّنا لِلْوراءِ والأمام "
( احــتــمــالات الازمــة)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه المحطة الاحتمالية ، هي قمة الابتعاد عن معالم الحقيقة واليقين ، ومادامت قد وصلتْ الى هذه المحطة ، فلابد ان تتنوع الخيارات ، لذا فهي صورتْ هذه الخيارات والاحتمالات المتنوعة باجمل صورها وباسلوبٍ سلسٍ واقعيّ . وفلسفة الاحتمالية لاتقود الى اليقين بتاتاً .
إذاً شاعرتنا في محطةِ تخبّط في القرار، وتَـيّـهٍ جارف ، وتَشَّوِش في رؤية العلامات الدالة . فقد جاءت الالفاظ ( احتمال ، قلق ، أتوه ، لاافطَم ، أقاطع ) لتدل على سمك الغشاوة وزوغان البصر ، فثقل الغربة لابد ان يفرز هذه المعطيات ، وهذا الثقل النفسي قد انعكس في خطابها وخاصة في الشطر الثاني من النص التالي عندما استخدمت لفظة (القلق) ، وهي تعترف بأن القلق ، هو عنوان الغرباء ، ولنقرأ هذه الاحتمالات :
" احتمال
أغمزُ نفسي بشهواتِ الانتظارِ
أو ... أرتبُ وصْفاتِ القلقِ كالغرباءِ "
" واحتماال
تنتهي صلاحياتُ جوازَ سفري
و أ تـــوه
احتمالٌ
أصلُ الحدودِ ... وأعودُ "
" واحتماااالٌ
يملأُ فمي أربعونَ ضرساً
ولا أُفطَمُ من حليبِ الوطن "
" واحتمالٌ
أقاطعُ نشراتِ الأخبارِ كلِّها
وألاحقُ تجذُّري في الأرضِ"
ــ في الاحتمالات الاتية أدركت الشاعرة إن ادراك الحقيقة وسط هذه الاحتمالات وعشوائية القرار والاضطراب المتفاقم لايمكن لقافلتها ان تحطّ الرحال بجنائن الحقيقة ، لان محطة الحقيقة واليقين هي عين الثبات والصواب ، وتناثر الالفاظ ( الخمسين ، استسلامي ، اغمض ، سنموت ونحيا ، عنكبوت ، نسرٍ عارٍ) بين متن النص ، هو خير دليل على هذا التشوش والاضطراب ، ولشدة ضغط الاحتمالات على الذات جَعلتْ حتى الحقيقة هي ضمن إحتمالاتها الاستسلامية ، وكما نقرأ في الاتي :
" واحتمااالٌ
أبقى كحقيقةٍ أزليةٍ غيرَ قابلةٍ للفناءِ"
" وفي الخمسين
احتمالٌ أنْ أغْمضَ إرادتي
وأُعلنَ استسلامي "
" ذات نـــــــومٍ!!
سنموتُ ونحيا كالعنكبوتِ فوقَ الذكرى
بإشاراتٍ تمضي من نافذةِ العين وتبكي
وذات ليـلــــةٍ !!
سألملم ريشَا لأصحو على نسرٍ عارٍ ."
ــ وكم اعجبني هذا المَجاز في هذا الشطر (سألملم ريشَا لأصحو على نسرٍ عارٍ) وهذا تصوير بالغ الروعة والابداع ، يصور حالة اليأس والخيبة والقنوط .
(الــهــذيــان وغـربــة وطــن)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ان غربة الاوطان هي من أشد حالات الاغتراب التي تعصف بالكيان الانساني . فبعد النمو والالفة والتعايش والاندماج النفسي والحضاري والاجتماعي والفلسفي في بقعةٍ ما ، نجد من الصعوبة ان تقلع النبتة لتغرسها في ارض اخرى وبمناخات اجتماعية ومادية وفلسفية مختلفة ، بحيث تجعل الكيان مُجبراً على التعايش والاندماج الالزامي ، وهذا ما يجعل النفس يعتريها العزوف في بعض الفضاءات الزمنية والمكانية .
ــ الشاعرة تصارعها افكار كثيرة جعلتها تعيش حالة تخاطب ذاتي اسمته (الهذيان) وهو الاختلاط والاضطراب المؤقت للوعي ، وما ان ينتهي هذا العصف حتى يرجع العقل البشري لجادته الاولى ، ولنقرأ شيء مقتطف من هذا الهذيان :
" أيّتُها الروحَ
أَطلِقِيني
وأَطلِقِي هذياني "
" وأنقلُ خُطواتي
من عاصفةٍ إلى أُخرى
لأَلمعُ فوقَ رقعةِ الأرض
حين ينتابني ألماً
أُسميهِ
الوطنَ في الجحود "
(مــخــاطــبــة الــوجــدان)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من غير الممكن ان يبقى الانسان بين كونين (أكون أو لاأكون) وهذا السؤال التعجبي تضعه هدلا القصار امام كيانها المغترب :
" فكيف أكونُ أو لا أكونْ ! ؟ "
ــ السؤال المتقدم لم يأتِ من فراغ ، بل من تداعيات كثيرة تجمعتْ في وجدانها ، فهي تبدأ بلفظة (هنا) وتقصد أرض الاغتراب ، فتقول :
" هنا لا السماءُ خيمتي
ولا الشوارعُ وطني
ولا الكواكبُ عائلتي
وليس الزمانُ مَأْمَنِي
ولا الشواطئُ مَرْفَأي
هذه الأرضُ ما زالتْ تجهلُ نيراني "
ــ وبعد فقدان الخيمة والعائلة والمأمن والمرفأ في عالم الغربة تأتي بالشطر الاخير (هذه الأرضُ ما زالتْ تجهلُ نيراني) والنيران لابد انها عاطفة جياشة تجيش بها ذاتها ، وسنرصد احداثياتها في الآتي من محطات الرحلة .
( الــعــاطــفــة)
ـــــــــــــــــــــــــــ
هنا محطة جديدة من محطات الغربة التي تعيشها الشاعرة ، فبعد المحطات السابقة ، نجد هنا محطة غربة نفسية عاطفية عاصفة نازفة ، وهذا ماوجدتُهُ في نزفها التالي عندما خاطَبتْ الرياح الاتية من شرق لبنان للبحث عنها ولترسل لها ابتسامة لعلها تريح حزنها كي لاتتجاوز (حدود سريرها) أو (تتجول كالمهاجرين في الوطن السري) . وهذا السبك فيه دلالة على إن موطن الاغتراب هو غرب لبنان مادامت تخاطب رياح الشرق :
" بين حروفِكِ الفينيقيةِ
اِبْحثي عن غيابي
ومع رياحِ الشرقِ أَرسلي لي ابتساماتِكِ
حتى لا أتجاوزَ حدودَ سريري
لا تتركيني أتجوَّلُ كالمهاجرينَ في الوطنِ السِّرِّي "
ــ والشاعرة تعيش حالة رعب وخوف من الاستسلام امام هذه العواصف ، فهي تناشد لبنان أن لا تتنصَلَ عنها :
" لا تتركيني أستسلمُ لضَياعِي "
(دفــع الــضــريــبــة)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خلال هذه الرحلة وجراحات الغربة ، وهذه المحطة العُمْرية الزمنية لابد للسنين ان تمرُّ بها ، والعمر يبدأ بالرحيل رويداً رويداً الى عالم مجهول ، وأشد العوالم قسوة هو عالم تقدم العمر ، وخاصة اذا لم تتحقق كل الاحلام بعد ، والشاعرة صريحة الى الحد الذي لاتعتبره سراً لاتصرح به كعادات الاناث من البشر ، فهيَّ قد جَهَّـزَتْ لرحلتها كل عناصر النجاح والامان وحملت معها كل الملفات السرية والعلنية :
" قبل أنْ تبدأَ علاماتُ الشيخوخةِ
وأعزفُ على أوتارِ غُربتي
أَرْقصُ على طبولِ أَحْلامي "
(إعـــتـــذار)
ـــــــــــــــــــ
ضمن زحف الزمان على مائدة العمر لابد من مراجعة الذات ومراجعة كل الحسابات مع كل خرائط العاطفة ، والشاعرة في احدى قصائدها قَدمتْ اعتذاراً لشرائح اجتماعية معينة ضمن لغز زماني موزَع حسب تنوع الطقس فابتدأتْ اعتذارها لـ (المحب القديم والجديد) في شهر كانون الثاني وهو موسم البرد :
" في كانونِ الثاني سنةٌ . . . .
قدمْتُ اعتذاري للمحبِّ القديمِ ... الجديدِ
كما قدمتُ اعتذاري للمنزلِ الذي تركتُهُ
وللجيرانِ الذين حَرَمْتُهُم مُراقَبتي "
ــ ثم تُقدم الشاعرة اعتذاراً آخر في شهرنيسان وهو شهر الربيع لـ (المجاملين ولمفردات ذاتية تخصها هي) :
" وفي شـهرِ نيسـانَ
قدمتُ اعتذاري للمعجبينِ... والمجاملين
وللشوارعَ التي فقدتْ بعضَ آثاري
لِحُوَّاراتِ البحرِ الخرساءِ،
ولن أنسى صخورَ إرادتي كالمدِّ والجَزْرِ
للمرأةِ المنسيةِ
وسخونةِ الطمأنينةِ
وقُصاصاتِ شعري
واللعبِ بِحَصَواتِ الأرضِ
ومن الدائنِ والسارقِ "
ــ ثم اعتذار آخر في موسم الحر في شهري حزيران وآب لـ ( لقلبها الذي يعاني من آلام عضوية ) مع شيء من علامات اليأس النفسي واغتراب الروح :
" في شهرِ حزيران
اعتذرتُ مِنْ دقاتِ قلبي السريعةِ
ومِنْ أوْردَتي المحقونةِ بالمهدئاتِ
والدموعِ الملونةِ بالغباءِ
ومِنْ زيارةِ قبري
ودعواتِ الأرواحِ
كما اعتذرتُ مِنَ الزهورِ التي اشتريتُها لنفسي
فـي شـهرِ آبٍ
اعتذرتُ مِنَ الأسئلةِ المُخَبَّأةِ
والخواطرِ المدفونةِ
ومِنَ الأمواجِ التي كَسَّرَتْها الصدماتُ
واليومَ أعتذرُ مِنْ كلماتي
التي تَوَّهَتْ قصيدتي "
ــ هذه الاعتذارات المقتطفة من احدى قصائدها انما تأتي لتجعلنا امام محطة نفسية ، قد عاشتها الشاعرة لتنقلها الى مرحلة جديدة ستختلف مفرداتها عمَّا سَبَق . فهي أرادتْ بها تطهير الذات ولتجعلها اكثر نقاءً ولمعاناً ، فأمامها مشوار طويل يحتاج الى رعاية وصبر وشروع.
(الاســتــدراك )
ــــــــــــــــــــــــــ
لابد للعواصف ان تهب في الصحارى والقفار ، فرحلة طويلة على ارض إرتدَتْ لباس الرمال لابد ان تكون عواصفها شديدة الاغبرار، وستنعدم فيها الرؤيا لبعض الوقت ، وقد تختفي علامات الطريق .
في هذه المحطة لاتلبثْ الشاعرة ان تستدرك حالها لتصوِّر سبب البعد حيث رمزتْ لها بـ (الرياح) وهي دلالة على قوة الدفع ، فالرياح هي القوة التي تحمل معها كل شيء وتعصف بكل شيء ، وهي عنوان قوة غير مُسَيطر عليها ، وهذه المعطيات لابد ان تجعل الفرد امام خيارين ، اما الانقلاع والاجتثاث من الجذور، وأما الثبات والرسوخ ، وفي الاحتمال الثاني يكون عنده صقل شخصية الفرد فيجعل منه جذرا عميقا ينحني مع الريح ولاينكسر وهكذا هي (النبتة البرية) .... ولنقرأ هذه الاشطر الصارخة :
" لكنّ الرياحَ أبعدتني
وَلَمْ أَعُدْ أرى وجوداً لوطني
حتـى أصبحتُ بريةَ النبتةِ "
(الـتـحـدي ومـخـاطـبـة الـمـوت)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يبدو ان الغربة قد بدأ دائها يتودد الى جوارح الشاعرة ليصيب منها مقتلا ، ومن خلال الحوار الاتي نجد هناك محطة عرضية قد تنهي الرحلة بغير المتوقع ، فقد وردت مفردات (الموت ، تحطيم ، إفساد ) وتكررت لفظة الموت في هذا المقطع أربع مرات ، وهذا التكرار وتلك المعاني هي علامات دالة على النزوع الى انعطافة غير صحية عنيفة ، مما حدا بها ان تبدأ بتحدي المرض والتخاطب الذاتي باستخدام علاجها السابق ، فهي قد تعودت على التعايش مع هكذا منعطفات ، حتى نجد استخدامها المتكرر لفعل الامر (كُف) وكأن الخطاب بدأ بقوة اللفظ لشدة وطئة المرض عليها ، واقتراب نبضات القلب من التوقف عن العزف ، ولعزوفها عن الامتثال لاعراضه المميته ، ترجمتْ حالها بما يأتي :
" كُف أيُّها الموتُ عن دوراتِ فلكي
كُف عن تحطيمِ زجاج ِرغباتي
ومداعبةِ خواطِري
أجّل الموتَ الذي يتبعُني "
" كُفَّ أيُّها الموتُ عن إفسادِ أسواري
وملاحقةِ آثاري
اذهبْ واحتملْ الموتَ بعيداً "
(الــســــــراب)
ــــــــــــــــــــــــ
لابد ان تتأزم الذات بعض الشيء عند توارد الخواطر المخيفة أو تتشوش الرؤيا أحياناً لتجعل الفرد يحس بنوع من هجرة الذات ، لذا نجد الشاعرة في قصيدتها (سؤال اليوم) ازدحمت مخيلتها بالاسئلة ، وكأنها بدأت تنظر الى السراب الخادع ، فكثرة السؤال إنما يوحي الى الحيرة في اتخاذ القرار ، لذا فقد تغيرتْ معاني الفاظها بعض الشيء وبدأ نهر النزف يحفر اخاديداً جديدة وباتجاهات اخرى . فمثلا تقول :
" كالمهرةِ العرجاءِ، أمارسُ اليومَ أسئلتي
قبلَ أنْ أسهرَ على دمعةِ غُربتي "
ــ هنا رسمت الصورة باحداثيات لغوية جديدة ( عرجاء ، أسهر ، دمعة ، غربتي ) كلها تدل على تقاطعات وجدانية لتحدد منطقة المسارات الجديدة ولإتخاذ القرار المحدد الثابت.
ـــ ولنستكشف الآن هذه المنطقة الوجدانية كي نضع علامات دالة للمسير ، ومن هذه العلامات :
• كثرة الأسئلة عن خواطر محددة لديها /
*******************************
1- البحث عن الكذب خلال مرحلة زمنية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
" أفتحُ بابَ مخيلتي
كان السؤالُ ؟ عن كذبةِ اليومِ
الأمسِ والغدِ "
2- النهج الايماني
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
" عن الملحدِ والمؤمنِ
ونهجِ الصلاةِ "
3- ارهاصات العالم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
" وضعفِ العالمِ
وفصولِهِ المبرمجةِ
ومعجزاتِ الصمتِ "
4- اليأس والاحباط
ـــــــــــــــــــــــــــــ
" وعن هويتي المحتضِرَة
عن المنفى
والبقاءِ المرممْ ؟ "
5- الموت وفضاءات منتهية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
" كـــان السؤالُ؟ عن تحولِ الأصدقاءِ
وعن ما وراءِ كوارثِ البشرِ
انهيارُ الأشياءِ .. واللعبُ بالسياسةِ
وغش الطفلِ في الامتحاناتِ
تبريرُ القتلِ
وفضحُ الخفايا
زجاجةُ السُمِّ المفتوحةِ
وانتشارُ الأقنعةُ المخبأةُ بالمودةِ
وفاتورةُ الموتِ ... التي تنتظرُ الجميع "
6- جمرة عشق مكنونة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
" كان السؤالُ؟ عن أسرارِ الفراشِ المتعددةِ المواعيدِ
وطوفانِ الحبِّ فوقَ بضعةِ ليراتٍ
ومرونةِ المحبينَ "
7- أتون الغربة والاغتراب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
" كما كــــان السؤالُ؟
لماذا أبكي على عالمٍ مسعورٍ؟
داخلَ مدينةٍ تكشفُ عَنْ ساقيها
وغدٍ سوفَ تكشفُ عن فخذيها
وربما ستكشفُ يوماً عن عورتِها
ولماذا أبحثُ عن وطني وأهربُ للبقاء!؟ "
8- الاحباط واليأس
ــــــــــــــــــــــــــــ
" فحينَ حاولتُ الإجابةَ على أسئلةِ اليومِ
توقفَ القلمُ عن طاعتي ... "
(الادراك)
ـــــــــــــــــــ
لاتلبث (هدلا القصار) في النهاية أن تنتبه لحالها ولمحاولة ترميم ماتهشم من جدار الذات نتيجة هذا النزف الجارف في اودية الاغتراب لتعترف بشطر جميل :
" ليصبحَ السؤالُ! كِذْبةً أرمِمُ فيها بقائي "
(الـــــصـــــــراع)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هنا تعترف شاعرتنا اعترافاً صريحاً بأنها تحاول البقاء على عناصر الذات القوية كي لا تُشَـل عن المسير ، فهي مازالت (مهرة عرجاء) ، وخاصة عندما أتت بلفظة (أرَمِمُ) وهي محطة ترضية خواطر ومحاولة اصلاح للخروج من هذا الاحباط المعنوي .
ــ وكعادة الشعراء ، فهم الاكثر توجساً وتحسساً عند اقتناص العقل لِـلَـقـطَةٍ مؤثرة من شريط الحياة المستمر في العرض ، فكيف اذا كانت الاقتناص هو فيلم كامل وباجزاء لاتنتهي ، عندها لابد ان تكون الشاعرة ذلك الطرف الذي تتفاعل معه رغم جراح الغربة ، لأن عدم معرفة نهاية الفيلم هو الاغتراب بعينه ، ويبدو ان شاعرتنا تراقب من نافذة كوخ غربتها مايجري في الوطن وماجاوره :
" مِنْ بحورِ الشِّعْرِ ...
أُطِلُّ على مفارقاتِ اليابسةِ
أتأملُ رموزَ السماءِ
وشرعيةَ القتلِ والفساد "
ــ ثم تستأذن الشاعرة ذاتها بعبارة واضحة جليَّة ، فهي تخاطبها :
" فهل يحقُّ لي أنْ أتكلمَ ؟ "
ــ هذا الاستئذان يوضح مقدار وحجم انشغال بالها وخاطرها بحيثيات الغربة وبواطن الاغتراب ، حتى لم يبقَ حَيَز غير مشغول او مسكون بخاطرةٍ او شجنٍ ، وقدَّمت تسائلها هذا لذاتها ، عَـلَّها تجد فسحة احتياط لوجدٍ جديد ؟
لذا فهي تطرح خيارات استفهاماتها المبطنة بالايحاء ، كي لاتجعل للذات فرصة للرفض :
" وهل يجبُ أنْ أدوِّنَ كلماتي بالحبرِ السِرِّي؟
هل أخافُ على قلمي أنْ تخدشَهُ العباراتُ؟
أمْ أصمتُ وأغشُّ داخلَ مُعجمٍ من العبواتِ؟
أأصمتُ وأتركُ حروفي مبللةً بالخوفِ؟ "
(الـــتــصــويــريــة)
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبعد الموافقة والاستعداد للخوض في هذه الارهاصات الجديدة المتزامنة مع غربتها بدأت ترسم صورها الشعرية لهذه الاحداث ، نقتطف منها الآتي :
" أأتكلمُ عن تضخُّم تضاريسُ الفكرِ؟
داخلَ مدينةٍ حاصَرَتها الظروفُ
وحجبتْ عنها نجومَ الأُفقِ "
" أأتكلمُ عَن سنةٍ فتلتْ عضلاتِها
داخلَ حروبِ لا تكفُّ نيرانُها "
" أأغمضُ عينايَ عن صيفٍ لا يشبهُ إخوانَهُ
وصهيلٌ لا يشبهُ صوتَ العربِ؟ "
" أأبكي على مدينةٍ لاحقتها أمراضُ ذنوبِها
وأصبحتْ كشبكةٍ دونَ حبالٍ؟
تُلاحقُ الصمتَ بالهزيمةِ "
(مــخــاطــبــة الــــذات)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن الملكة الشعرية للشاعرة تجبرها على تدوين هذا الشعور وهذا الالم الذي شَبَّهته لشدة الوجد والفراق بـ (الجنون) وقد استخدمت المَجاز الجميل لوصف عملية التذكر بـ ( أظافر هذياني) وهذه العبارة تدل على الذكريات التي لاتخلو من الجراح والخدوش ، ومع ذلك فهي ترسم ذكرياتها بـ (ريشة موحشة) وهذا وصف دقيق لما آلت اليها النفس في الغربة والعيش في عوالم الاغتراب :
" أتهيأُ للشقاءِ المتدرجِ
تنهالُ أظافرُ هذياني
أتلاشى لِلَحظاتٍ الجنونْ
وبريشةٍ موحشةٍ أُدَوِّنُ كلمات "
ــ يبدو ان هدلا القصار لم يهدأ لها بال او يسكن لها خاطر ، فما زالت لبنان عنوان قصائدها ، وبوابة عشقها ، وحتى حين تحاول الفرار من التفكير او الاختباء عنه في زاوية ما ، فمازال هو الباحث المستمر عنها ، ليحيلها الى نار من الذكريات ، وقد صَوَرَتْ هذه اللحظات باجمل وصف وحتى اعقبتها بعلامة تعجب لهذا البحث :
" يبحثُ عَنِّي تفكيري ! "
(الاعــــيــــــــــــاء)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم تصل الشاعرة الى مرحلة الاعياء ، والارهاق والتعب الشديد ، ففصول الفيلم غير واضحة المعالم كغربتها ، وقد بدأ الجسد يسير في طريق موحشة ، واصبحت كل السبل غير واضحة المعالم ، فختمتْ هذه المعاناة باعتراف آخر :
" وننامُ على طرحِ الســـؤالِ
ونصحو على اللاّ... جواب!
ونعيشُ بين أسلحةٍ تحملُ ألفَ حقدٍ... وعتاب "
ــ مَنْ لم يَعِش الغربة لايمكن له ان يتحسس مفرداتها او أن يتخيل لحظات الهجرة الذاتية التي تنتاب صاحبها بل ولايمكن ان يفهم مايجري مهما بلغت التوصيفات والشرح والاسهاب ، فالمفردات الزمنية للغربة لاتشابه مفردات الزمن الاعتيادي ، وحتى المكان تتغير زواياه واقطاره رغم ثبات حيزه ، فهي عالم يقود الى الثورة والجنون إن لم يستطع الفرد تدريب ذاته ، ويضع منهجاً مدروساً للتغلب عليها .
ــ الشاعرة (هدلا) قد قررتْ فيما سبق ان تكون نبتة برية ، عميقة الجذور صعبة الاقتلاع تبحث عن الماء وأن شفَّ ، وترصد كل مايؤدي الى ينابيع الحياة لتغوص جذورها في تخوم الارض ولتصبح اكثر ثباتا ورسوخاً رغم حالات الاحباط التي جعلت منها مهرة عرجاء بعد ان كانت مهرة جَموح . لكن من نبتتْ وأورقَتْ وثَبتتْ في بداية الازمة لابد لها من إكمال مشوارها لتزهر وتثمر رغم قساوة الظروف والمعطيات ، ولابد للجرح أن يندمل ، ولابد للكسر أن ينجبر ، وهي المهرة الجموح ، فبدأت بخطوة شجاعة جديدة وهي :
• اشراك الذات بذات أخرى /
*************************
ان لحظات الاغتراب كالاعصار تضرب كل جوارح الجسد وذرات الروح ويبقى عنصر الثقة شبه معدوم مع الكائنات الاخرى ، لذا لابد من معايشة الذات لكائنٍ ما ولو كان مستتراً ، او شخصية من عالم الخيال يُجسِّدها الحرف بابهى حلّة ، كي يشغل الخاطر ويمنع الذات من الانهيار ، وهذا السلوك من اهم عناصر العيش في مثل هذه الظروف والتي يوصي بها علماء النفس ، وهو نوع من الاسلحة المناعية التي تُدرَّس للجيوش المتطورة عندما يمر المقاتل في ظروف والأسر والإغتراب المفروضة لسببٍ ما .
ــ بدأت شاعرتنا بمخاطبة شخص وقلدتّه وسام (الصديق) إن كان شخصه المرسوم في القصيدة من عالم الحقيقة او من عالم اللاحقيقة ، فهو عنصر يخاطب الذات للوصول الى نوع من التوطن والأنس والسكن ، لذا اخذتْ تخاطبه بحرية مطلقة وبلا خوف أو وَجَل ، فالمخاطَب في اية قصيدة يُعتبَر عنصر أمان وثقة مادام محكوماً بقوانين حروفها ، لذلك جعلتْ قصيدتها تحمل اسم (ثرثرة) فلنتابع هذه المفردات :
" اذهبْ يا صديقي .. اذهبْ
أو تمهلْ ... "
ــ إن وجود لفظة (اذهب ، تَمهَّل) يدل على الحيرة والتردد ، وهنا سَبَكتْ الشاعرة قصيدتها بذكاء حين استعملت حوار التخاطب بالاسئلة ، فمثل هكذا حوار مباشر مع شخص لابد ان يبدأ بسؤال او أسئلة ، لذلك نجد الحوار التالي مع الصديق يحمل بصمة الحوار الاستفهامي :
" مَنْ مِنَّا ولِدَ قَبْلاَ ؟ "
" ماذا بالنسبةِ للقلمِ؟
هل نحن أفرغنا حِبْرَهُ؟ "
ــ وهذا التصوير يذكرني بقصة الرجل (روبنسن كروزو) الذي قذفه البحر الى جزيرة مجهولة بعد تحطم السفينة ، وخوفاً على ذاته ونفسه من الاغتراب والوحشة ، اخذ يخاطب نفسه ، وأسكَنَ معه (ببغاء) ليعيش حالة تخاطبية معها ، وهو من العلاجات الناجحة لمثل هذه الظروف .
(الاصــــــــــــرار)
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
كل الادوات التي رافقت (هدلا القصار) في رحلتها الطويلة ، استطاعت الشاعرة ان تنجح في استعمالها وتوظيفها بما يلائم ذاتها والظرف الذي تعيشه ، حتى اصبحت قادرة على الاصرار والتصميم للوصول الى بغيتها المنشودة الا وهي الوطن الأم ، وخاصة عندما باتت اكثر ثقة وقدرة على الثبات ، وهذا ما نلاحظه عندما وصفتْ ذاتها بـ (سيدة الجذور) :
" لا أريدُ أنْ أنتقمَ
منْ كلِّ الأوطانِ
ولن أتركَ وَطَني حراً دوني..
وأنا سيدةُ الجذورِ
فالوطنُ وحدَهُ
يستطيعُ أنْ يسرجَ خيولي
ويختارَ اللجامَ لمراكبي ؛
فلنْ أقبلَهُ
عاجزاً أو مخاناً
يُلقينِي بخواءٍ يمنحُني نهايةَ العالم
كبذرةٍ خاويةٍ "
" لئلاّ أضيعُ
في فوضى العالم
وأنا في سِباتٍ معَ الظلِّ
الملقيّ على شوارعِ الذاكرةِ
أو كعودِ قابلٍ للاشتعالِ ! "
ــ فهي تريده وطنا بعنوان الشباب ، تريده وطنا غير متهالك ، بل قادرعلى لملمة جراحها ، فهي عانت من اجله الكثير ، وإلا لافرق بينه وبين الاغتراب وبين بذرة خاوية ، وكي لايكون مصيرها مجرد حرف في عناوين الذاكرة او (عود قابل للاشتعال) ... فياله من مَجاز رائع ووصف دقيق يا (هدلا القصار) .
(الـــــــــنـــــهايـــــة)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لابد للرحلة من محطة ختام ولابد للفرس من نزع اللجام للحرية والراحة .
في النصوص التالية نجد الشاعرة هدلا القصار ، قد تهيأت فعلا لتخطي هذه العوالم الاغترابية وبجميع محطاتها ، فقد صقلتها مفردات الحياة في هذه الرحلة الطويلة ، وبات اتخاذ القرار من الاولويات المحتومة ، لاسيما وإن الذي بقى ماهو الا عبارة عن طرقات وعقبات قصيرة بسيطة متهالكة لاتقوى على الصمود امام إصرارها ، فقررت ان تتخطى كل مطارق العالم :
" سأتخطَّى مطارقَ العالمِ
كيْ أهيئُ نفسي لِمَا تبقىّ منَ الطُرقاتِ
المنهكةِ الأوصال "
(الـحُـداء عـلـى مـشـارف الـوطـن)
ــــــــــــــتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد بانت مشارف الوطن ، واستبشرّت القافلة ، وهاجت الشجون ، فكل الذي كان اصبح مجرد فضاءات محزونة في طي الذاكرة .استوقفتني هذه الاشطر القِصار الجميلة وكأن حادي القاقلة يحدي بها عند رؤية مشارف الوطن واشراقة ربوعه الخضراء ، للتعريف بأسم القافلة ونوعها والتعريف براكبيها ، فلنسمع حداء هدلا القصار :
" أنا منكُم
أنا مثلكُم
... إليكُم آآآتٍ "
" سمعتُ بكاءَ الطيورِ فجأةً!
نظرتُ إلى السماءَ ..
رأيتُ شرنقةَ النهارِ تلتفُّ حولَ الشمسِ
فصفقَّ الغروبُ بجناحيهِ حزناً "
ــ هذه الاشطر هي المحطة التي انتهت عندها خطوات القافلة وآثار الرحلة والغربة ، هذه الاشطر هي صرخة انتماء واصالة (انا منكم ، انا مثلكم ) ثم اتخاذ القرار الجريء (اليكم آآآت) واستخدمت لفظة (آتٍ) للمذكَّر بدل لفظة (آتية) للمؤنث استعارة لقوة الذات وثبات الجنان وتقمص شخصية القائد للقافلة ، فالذي مَـرَّ والذي جرى لايتحمله كيان أنثى ، وهذا من بديع السبك والاختيار، وكررت حرف ( آ ) عندما قالت (آآآتٍ) ثلاث مرات لقوة الدلالة وصدق النية الى العودة واحتضان ارض الوطن ، وهي محملة بخزانة اسرار ، ستفتحها ذات يوم وستفضّها ذات قصيدة ، وهذا ما دَلَّـتْ علية الاشطر التالية :
" علمتُ أنَّ رحلتي لليابسةِ قد انتـهتْ "
" رجعتُ للجدرانِ أتمرَّدُ
نظرتُ خلفَ النوافذِ أُودّعُ أسرارَ النهارِ
ووضعْتُ السرَّ في خزانةِ الأسرارِ المليئة.. "
ــ وعبارة (رحلتي لليابسةِ قد انتـهتْ) تدل على إن موطن الغربة كان محاطاً بعوالم البحار والمياه ، وهذه الاحاطة تجعل الغربة والاغتراب من بواكير الهواجس التي تلسع النفس وتخنق الروح وتشعل الخاطر وتذيب الوجد والوجدان .
(عــــــنـــــــــاق)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ــ من إجمل اللحظات التي يهتم الفنان في عكسها الى الواقع او تشخيص دقائقها هي لحظات (اللقاء) بعد الشوق والفراق ، لذلك يهتم الرسامون في تصويرها ويهتم المخرجون السينمائيون بأخراجها ويهتم الشعراء بسبكها ونسجها بأمتن نسج وامهر نَول ، وإلا لاتصوير ولا قصيدة ولاشاعر ، امامنا مقتطفات تصور هذه اللحظات ، فلنستمتع بقرائتها :
" أسرعـتْ خُطواتي
أسرعـتُ بعدَها
أسرعـتُ قبلها
توغلتُ عمقِ الغابةِ
راقصتْ قدماي العُشبَ
داعبَ لغزَ الجسدِ وتنحى
احتضنتُ الأرضَ كالزهرةِ
شعَّتْ السماءُ حولي كالنبتة. "
ــ نلاحظ عبارة (أسرعـتُ بعدَها) وعبارة (أسرعـتُ قبلها) هما من اجمل الصور الدقيقة ، فرسم الخطوات بهذا الشكل هو وصف رائع ودقيق يناسب مقام القول . ثم تُكمِل هذا الوصف :
" رميتُ آلامَ الحزنِ الآتي مِنَ الجدران!
انتفضَ جسدي كالرمالِ وانتصبْ
حاولتُ البحثَ عن أسمي كالزهرة
عانقتُ أشجارَ النخيلِ الواحدةَ تلوَ الأُخرى
وسألتُ؟
لَمْ أجدْ الرَّدَ
توجّهتُ للأخرى
قبلَ السؤالِ.... سألَتني مَنْ أنت؟
هَمسْتُ أشواكَ العشبِ أسألْ؟
خَشخَشَ العشبُ واستبقَ السؤالَ!!
مِنْ أين أتيتِ أيُّتُها النبتةُ؟! "
ــ جاءت الشاعرة بالالفاظ (رميتُ ، حاولتُ ، عانقتُ ،سألتُ ، توجهتُ ، همستُ ) كلها افعال قد فعلتها الشاعرة وهي تتضمن معاني تناسب (اللقاء) وتختمها بشطر اشبه بالواقع عندما سألها العشب بتعجب : مِنْ أين أتيتِ أيُّتُها النبتةُ؟!
وهذه دلالة لطول الفترة الزمنية وماتركته من آثار على اشراقة المُحَيّا .
ــ ثم لاتلبث الشاعر ان تجمع شتاتها لتتحول الى قطعة ممتزجة مع الروح والوطن ، فتقول :
" أيَّتُها الروحَ
إنّي جاهزةٌ الآن لعناقِكِ
لنْ أفْلتَ منْ أجنحتي المطرزةِ
بأحمرِ الدمِ
وأبيضِ الثلجِ
وأخضرِ الأرضِ
على أوراقِ الميلادِ "
ـــ نعم هنا اوراق الميلاد ، وهنا موطن الذاكرة ، وهنا مستودع الاسرار .
(أصــــالــــة الإنــــتـــمـــاء)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الانتماء هو شعور وجداني ذاتي لايمكن التنصل عنه مهما ابتعدتْ ذرات الجسد ، والشعراء والادباء العرب يتغنون في انتمائهم الى الأرض وتربة الوطن برمز (النخلة) لشموخها وعمق تجذرها ، وكم جميل عندما تصف شاعرتنا النخلة وتقول (وهي لِنفسِها وطنٌ) إن هذه الصور الشعرية هي التي تحتاجها القصيدة في مثل هذه المواقع لترتفع بعناوينها ومعطياتها ، وهذا ماجاء على لسان الشاعرة :
" أنا كشجرةِ النخيلِ تراها في كلِّ الأوطـانِ
وهي لِنفسِها وطنٌ "
ــ مما تقدم ..
نجد امامنا تأليفات تستحق العناية دراسة ونقداً ، وخاصة عندما تحيط بها مرايا صدق وعناوين دلالة حقيقية مرسومة ومسبوكة بدقة وعناية ، ومصهورة في بودقة الادب الرصين حاملة معها الفاظاً ومفرداتٍ ومعانٍ تعكس لمعاناً وبريقاً ذاتياً ، يجذب المتسوق في سوق العرض الادبي ، مما يجعلها اكثر تأثيراً في المتلقي ، وأكثر استجابة للذائقة الانسانية ، مادامت تحمل خاصية الجذب لا التنافر .
إن هذه السمات هي التي يجب ان يضعها المؤلف ــ ناظماً كان أم ناثراً ــ نصب عينيه ، كي يرتقي ويسمو في بناء جسد أدبي يخضع لمعايير النقد والتقويم والتقييم .
الدكتورة الشاعرة هدلا القصار .... وافر الاحترام والتقدير .
CONVERSATION
إقرأ أيضاً
-
مقال بقلم الآنسة خلود وسام أبو لطيف، مهندس أبحاث وتطوير أعمال لدى شركة ميتسوبيشي للمواد في فرنسا، أعدّته باللغة الفرنسية وقام بترجمته إلى ا...
-
نشرت صحف إسبانية وبرازيلية "صورا غير مسبوقة لشقيقة الملك المغربي محمد السادس الأميرة سلمى، المعروفة لدى المغاربة بلقب ''ل...
-
ريما كركي "من أكثر مذيعات الطقس إثارة في العالم"!! اختيار وإعداد عادل محمد 9 أكتوبر 2019 على الرغم من أن الإعلامية...
-
آمال عواد رضوان وسط حضور كبير من المثقفين والمعنيين بالأدب، وتحت شعار - كنعان حاضرة في الجليل - أقام نادي الكنعانيات للإبداع أمسية ثقافي...
-
أقيمَ في ساحة المدرسةِ الشاملة في قرية " الفريديس " - قضاء حيفا – مساء يوم السبت ( 19 / 10 / 2024 ) عرسٌ وحفلُ زفاف...
-
أقامت جمعيةُ زهور ونبض الخير وموقع لوسيل سبورت وجمعية قشقوش للخدمات الإجتماعيّة بإدرارة السيد بهاء قشقوش مساء يوم الاحد ( ...
-
آمال عوّاد رضوان تحت رعاية جمعيّة حرّيتهم وجمعية تطوير وتنمية الموسيقى العربية، أقام منتدى عكاظ الأدبي، ونادي الكنعانيات للإبداع، وموسّس...
-
في عنوان المجموعة الشعرية "ويقول لها" بوح وإقرار، وفيما يشبه الاعترافات تتوالى قصائد الشَّاعر الدكتور عاطف الدرابسة، وفي أولى القص...
-
د. محمد الداهي أكاديمي مغربي كان في عداد طلبة الفصل الثالث للسنة الجامعية الحالية (2023-2024) طلبةٌ فيتناميون. وبما أنهم كانوا يجدون مصاعب ف...
-
بقلم / بهاء الصالحي ................................ جاءت رواية الشتات لمجدي جعفر وهو روائي يمتلك أدواته وصاحب خبرة ولكن أن يأتي ذلك العمل...
0 comments:
إرسال تعليق