صدر عن «مؤسّسة حسن صعب للدراسات والأبحاث» في الذكرى الثالثة والعشرين لرحيل الدكتور حسن صعب التي صادفت يوم الخميس بيان جاء فيه: «إن حسن صعب عرف بالرويّة والحكمة والاتّزان والتمسّك بالمنطق والبحوث الجامعة بين التنظير والبراغماتية وهو عالم بشهادات ومن دون شهادات معظم نزعاته ومواهبه إنمائية: إنماء الإنسان اللبناني والعربي وكل إنسان وإنماء موارد هذا الإنسان بنهضة موازية في عملية دمج مبرمجة ومدروسة.
وجاء في رسالة وجهتها أرملته الدكتورة نعمت غندور من مقرّ إقامتها في الولايات المتحدة الأميركية عن شخصية الدكتور صعب الذي ترك بصمات بارزة في مسار العمل الإنمائي في لبنان بمختلف أوجهه: كان لبنانياً صميماً يحدّد لبنان بأنه الوجه الحضاري الذي يطلّ به العرب على العالم. وأكّدت أن إحياء «مكتبة حسن صعب» هو إعادة بناء وإحياء لدور لبنان الطليعي على المستويات الاقتصادية والإعمارية والإنمائية والثقافية وأنّ المكتبة تعتبر المرفق الثقافي الهام ويتشكّل عملها الأساسي على تجميع التراث الفكري اللبناني وتعزيز الحيوية الثقافية كما تعتبر مركزاً متخصّصاً بشؤون الكتاب والمكتبات في لبنان والعالم العربي.
وأضافت: «أختصر نظرتي إلى حسن صعب الإنسان بأنه كان عقلاً نيّراً وإرادة صلبة العقل عنده هو عقل الفيلسوف المنفتح على مختلف العلوم والثقافات والتجارب الإنسانية الحالم بمستقبل أفضل لأمّته وللإنسانية. وهو العقل الذي جعل منه في آن المفكر الإسلامي والدبلوماسي وأستاذ علم السياسة ورائد الإنماء وسوى ذلك. هو العقل الذي ينهل من تراثه العربي والإسلامي ويتكيّف مع الإنجازات العلمية والتكنولوجية الأخيرة. وإذا كانت أعماله في تأسيس الجمعية اللبنانية للعلوم السياسية ثم ندّوة الدراسات الإنمائية معروفة فلا بدّ من الإشارة إلى «هيئة التعبئة الوطنية» التي أسّسها عام 1967 بعد هزيمة حزيران وحشد فيها الكثير من الطاقات الكبيرة من علماء ومثقفين ونقابيين ورؤساء بعض الجامعات وشكّلت مبادرة لرفض الهزيمة الحضارية أمام العدو «الإسرائيلي».
إنجاز لبناني تاريخي لحسن صعب لعلّه الإنجاز الأكبر كما يقول الرئيس سليم الحص وهو إدخال لبنان في المنطقة العربية للتربية والثقافة والعلوم «ألكسو» بعد غياب لبنانيّ استمر عشرين عاماً وكان يوم الثاني والعشرون من تموز 1990 ينوي السفر إلى تونس للمشاركة في اجتماع المجلس التنفيذي وليزفّ بشرى قرار مجلس الوزراء بالمصادقة على انضمام لبنان إلى «ألكسو» عندما فاجأته النوبة القلبية الأخيرة».
وتابعت: «أولم يكتب في مذكّرات اليوم الأخير وكانت الأزمة القلبية قد داهمته: «خلقنا لنحيا الحياة وحدها تستحق أن نكونها. وأنا أريد أن أكون. أريد أن أحيا. أريد أن أتحرّك. أريد أن أخلق. أريد أن أذهب إلى تونس لأحارب من أحارب في «ألكسو» المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. ولأسالم من أسالم. هكذا كان وجودي في هذه المنظمة بعد أن أقحمت لبنان فيها عام 1985 بعد مقاطعة خمسة عشر عاماً. لماذا فعلت ذلك؟ لأن لبنان عربي بل رائد في منظمة الثقافة العربية».
وقام بتحقيق مشروع قانونيّ موحد للانتخابات شاركت في وضعه الأحزاب اللبنانية بعد اجتماعات متواصلة استمرت بضعة أشهر «في ندوة الدراسات الإنمائية».
وأثنت في رسالتها على ما جاء في كلمة رئيس الجامعة اللبنانية الدكتورعدنان السيد حسين حين قال: «إن حسن صعب رجل حوار من الطراز الأول لا يؤمن بالقطيعة. تتلمذنا على يده في علم السياسة وعلى فكره وما زلت أذكر تعريف علم السياسة بمفهومه ولعلّه الأهم «علم السياسة هو علم مجمل المعارف الإنسانية» والقائد السياسي قبل ان يمارس السياسة هو صاحب الفضيلة... لم يقف عند حدود التعبير المستهلك لدى الناس بل تطرّق إلى إرادة الإنسان من التغيير ولعلّ أهمّ كتبه أخيرها وهو «الإسلام والإنسان» الذي ندعو إلى قراءته بتمعّن وتعمّق...».
وختمت قائلة: «اليوم أكثر من السنوات الماضية نزداد إيماناً بأنّ الإنماء هو خلاص مجتمعنا واستعادة لقيمه وديناميكيته ورسالته وبأنّ ما كرّره حسن صعب بتفانٍ وعنادٍ ومثابرة أسطورية نتسلّمه أمانة نعاهد أنفسنا على متابعتها بينما السياسة مصالح والاقتصاد قهر والتربية تكرار والمواطن يتوق إلى بناء السلام الذي حلم به على قياس آماله التي تتخطّى عجز واقعه. ونتوق ألا يبقى الإنماء نجمة الصبح البعيدة لا يرصدها إلا من يتوق إليها بل أن يصبح شمس كل صباح تنير وطناً يتقدّم وإنساناً ينمو ومجتمعاً يتطوّر».
0 comments:
إرسال تعليق