ما زال القطار يسير " مجموعة قصصية " للقاص الفلسطيني عبد السلام عابد، منشورات كل شيء في حيفا، تقع المجموعة في 132 صفحة من القطع المتوسط.
بأسلوب سردي أخاذ، ولغة سلسة ، وبناء قصصي متماسك، وبحنين قاهر يفرض نفسه ، يقدم الكاتب قصص من الواقع الفلسطيني خلال الإنتفاضتين الأولى والثانية.
يشعر القاريء أن الكاتب قام بتوثيق مجموعة من القصص الحقيقية وكأنها حدثت بالفعل ، ركز على المقاومة والحياة الإجتماعية التي تتجسد صورها في كل بيت في تلك المرحلة من مراحل النضال الفلسطيني المشرّف، تُظهر التضامن والتكافل الشعبي في مرحلة تستحق أن توثق فيها ثوابت النضال، حيث يقول على لسان الحاج معروف: المهم ان يسير القطار على السكّة ، صفحة 82 .
توالي الليل والنهار في" ليلة شتوية"،"صباح آخر "و"مساء آخر" و"في هدأة اللّيل"و" البستان صباحا" ، تسرد قصة الحياة اليومية التي يفرضها الإحتلال من مطاردة واقتحام وحواجز وهدم منازل يجمع تلك القصص صمود وأمل لا يموت، حيث يقول أبو حسّان في قصة "في هدأة الليل": المُهمّ أن يكون ابني بخير.. أما البيت فيمكننا بناؤه من جديد ، صفحة 117.
يصوغ الكاتب في قصصه آلام الغربة، والحنين للوطن، القاسم المشترك الذي يجمع المغتربين في تلك القصص لجوؤهم للكتاب ليكون ونيس لهم في أيام الغربة العصيبة ، وسواء أكانت الغربة طلباً للعلم أو العمل، هاجس العودة للجذور الضاربة في جوف الأرض لا يفارقهم، صفحة 75.
الغربة تُعلّم الدروس، قد يولد الإنسان من جديد في لحظة معرفة ، يتحقق فيها ما يخشاه ،ليجد كل ما تعلمه هُراء، درس من دروس الحياة يكسر حاجز الخوف الذي يحجب عنه الرؤيا ويغيّر المفاهيم، قصة " سالم يدق على الجدار" صفحة 21.
وكذلك الغربة أقحمت الفلسطيني فجأة في خضم حرب لم يكن طرفاَ فيها، (حرب الخليج)، وسواء عاد أم لم يعد يبقى الموت يلاحقه في الطرقات .
صورة المرأة في المجموعة اللمسة الحانية الدافئة في الليالي الشتوية الباردة ، هي التي تموت حاضنة ابنها وتدفن بأرض لم تطأها قدماها من قبل، وهي أم الشهيد وزوجة الأسير و المطارد ، هي لبنة صلبة في أساس البيت الفلسطيني، تعلق صورة زوجها الشهيد على الحائط محاطة بالكوفية وألوان العلم، وتواصل تربية أبنائها والعناية بعمها وزوجة عمها، وتتحمل إبعاد ابنها، هي رفيقة مشوار الحياة الطويل الصوت الهاديء الذي لا يغيب.
يشار الى أن الأديب عبد السلام عابد مدير مكتب وزارة الثقافة الفلسطينية في محافظة طوباس.
إسراء عبوشي / فلسطين
0 comments:
إرسال تعليق