عمان – إبراهيم سلفيتي ـ
انعقدت في العاصمة الأردنية عمّان – أمسية ثقافية تكريمية في (بيت الثقافة والفنون- جبل الحسين)، وذلك، احتفاءً بالشاعر الفلسطيني الكبير (عز الدين المناصرة) – 73 سنة، ومنجزه الإبداعي الشعري والنقدي: (12) ديواناً شعرياً و(25) كتاباً نقدياً وثقافياً، آخرها صدور الطبعة الثالثة من كتابه الشعري: (توقيعات عز الدين المناصرة)، الصادر عن دار الصايل بعمان، الذي يشتمل على مختارات من توقيعاته منذ (1962-2019). وقد شارك في حفل التكريم ثلاثة محاضرين أكاديميين أردنيين، هم:
(الدكتور عماد الضمور – جامعة البلقاء)- و(الدكتور حسين البطوش – الجامعة الإسلامية الدولية)، و (الدكتور علي غبن – الأونروا)، حيث أطلق على الشاعر المناصرة صفة (الجامع المشترك) بين فلسطين والأردن. أما الأكاديميون الثلاثة، فقد شرحوا عدة خصائص في شعر المناصرة وشخصيته، (الشاعر، الناقد، البروفيسور، المناضل)، وغيرها. ونلخص فيما يلي ما أجمع عليه النقاد الثلاثة:
أولا: قدرته المبكرة منذ النصف الثاني من الستينات على توظيف المورث العربي، في شعره، ببراعة، مثل: (قناع امرئ القيس، 1967) – (شخصية زرقاء اليمامة، ديسمبر 1966)، التي قلدها الشاعر المصري (أمل دنقل) بعد ذلك بعامين (مارس 1968) – كذلك شخصية (أبو محجن الثقفي) – و (جفرا الفلسطينية، 1976) – و (حيزية الجزائرية 1986)، التي نقلها المناصرة من محليتها إلى عالميتها، كما أشار الباحثون.
ثانياً: يقول الدكتور (فيصل دراج): (سألت محمود درويش: من هو أفضل شاعر فلسطيني، فقال بلا تردد: هو إبراهيم طوقان: كان شاعرا لا يتكلف في شعره، وكانت موهبته تفيض على ما كتب. وحين وصل درويش إلى (الجيل المعاصر له)، قال: (أفضل شاعر، هو عز الدين المناصرة، فهو شاعر متميز لا يعرف قيمته الشعرية). ويضيف فيصل دراج: (وأنا أعلم أن عز الدين المناصرة، إنسان جميل، وشاعر موهوب) – (مجلة الفيصل، أطياف ناقصة، 28/1/2018).
ثالثا: ابتدع الشاعر المناصرة (فن التوقيعة الشعري)، وأطلق عليه لقب (النوع الشعري الخامس) بعد الشعر العمودي، وشعر الموشحات، وقصيدة النثر، والشعر الحر التفعيلي، وذلك منذ عام (1964), وألحق به، فن (الهايكو العربي)، في العام نفسه 1964. يقول (الهايكست المغربي الشاب (سامح درويش)) مايلي:
(المؤسس الأصلي الفعلي لقصيدة (الهايكو العربي، والتوقيعة الشعرية) هو الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة، منذ 1964 في قصيدتيه: (توقيعات)، و (هايكو – تانكا) – هو ما يزال يواصل كتابة الهايكو حتى اليوم تحت مسمى (التوقيعات)، وهو يرى أن الهايكو العربي هو فرع من فروع (شعر التوقيعة) – (جريدة الغد الأردنية، 2/12/2018). وقد قرأ المناصرة توقيعاته في ندوات (الجمعية الأدبية المصرية) في القاهرة، منذ نوفمبر 1964 – وقرأها لاحقا في (مهرجان المربد الشعري الأول) في (البصرة، العراق، 1971). وألحق المناصرة هذه الفنون الشعرية، بابتداعه عام 1969 (قصيدة الهوامش) البصرية.
رابعاً: تميز عن زملائه (شعراء المقاومة) في الستينات، بابتداعه (الشعر الرعوي الكنعاني المقاوم)، بالحفر عن جذور الحضارة الفلسطينية، وأضاف (عنصر الكنعنة) إلى عناصر الهوية الفلسطينية، حيث كان هذا العنصر مقموعاً.
خامسا: هو الشاعر الفلسطيني الوحيد، الذي حمل السلاح في المرحلة اللبنانية للثورة الفلسطينية، ضد (إسرائيل والمتأسرلين)، وخاض غمار ثلاث معارك عسكرية دفاعاً عن المخيمات الفلسطينية، والجنوب اللبناني، هي (معركة كفر شوبا، 1976) – (معركة المطاحن، 1976) – (ومعركة المتحف، 1982). وعاش حصار بيروت 1982. وكان قد انتمى لمنظمة التحرير الفلسطينية منذ العام الأول لتأسيسها (1964) في القدس، حيث كان عضوا في (الاتحاد العام لطلبة فلسطين- فرع القاهرة). وكان عضوا عام 1966 في (المؤتمر التأسيسي لاتحاد كتاب فلسطين) في قطاع غزة، بترشيح من الشاعر (أبو سلمى)، والروائي (غسان كنفاني). وتلقى دورة عسكرية في جامعة القاهرة، صيف 1967، ودورة عسكرية أخرى في بيروت (دورة الكرامة، 1976).
سادسا: يُعد الشاعر المناصرة من أبرز النقاد العرب، خصوصاً في مجال (النقد المقارن)، و (النقد الثقافي المقارن)، وله كتب عديدة تعتبر من أهم المراجع العربية، وقد تميز أكاديمياً بالإبداع النقدي، والتميز في التدريس، حيث لعب دوراً مركزياً في تأسيس الرابطة العربية للأدب المقارن. وعمل في التعليم الجامعي في (خمس جامعات عربية) طيلة (34 عاما)، هي:
(جامعة قسنطينه – جامعة تلمسان) في الجزائر، وأسس قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة القدس المفتوحة (1991- 1994) وعمل عميداً لكيلة العلوم التربوية في الأونروا بعمان، عام 1995. أخيراً، عمل أستاذاً في (جامعة فيلادلفيا الأردنية، 1995 -2017)، لكنه أحيل إلى التقاعد الإجباري في (1/9/2017)، بذريعة تجاوزه سن السبعين. ويقول الروائي الطاهر وطار حرفيا: (عز الدين المناصرة ... لا يقل أهمية عن زميله وصديقه محمود درويش في (الشعر) ... ولا يقل أهمية عن مواطنه إدوارد سعيد في (النقد الثقافي المقارن). وحصل (المناصرة) على رتبة بروفيسور عام 2005 في جامعة فيلادلفيا، بعد أن حصل على درجة الدكتوراه في (الأدب المقارن) في (جامعة صوفيا)، عام 1981 التي تخرج فيها الناقدان البلغاريان (تودوروف وكريستيفا) قبل هجرتهما إلى باريس. ويقول الدكتور محمد أزلماط (المغرب) حرفيا: (تجلى النقد الثقافي المقارن)، كتصور منهجي في البلدان العربية مع الناقد الشاعر البروفيسور عز الدين المناصرة، الذي استخدم مصطلح (المثاقفة) منذ عام (1984) موازياً لمصطلح النقد الثقافي.
سابعاً: وصفه عدد من النقاد بأنه (شاعر عالمي)، ومنهم: (الدكتور غسان غنيم – جامعة دمشق) والباحثة الإيرانية (مريم السادات مير قادري) – والفرنسي (كلود روكيه)، الذي قال في حفل تكريم المناصرة في مدينة (بوردو الفرنسية، 29/5/1997): (الشاعر المناصرة، بعد أن قرأت له كتابه الشعري المترجم إلى الفرنسية (رذاذ اللغة) – أعلن أنه لا يقل أهمية عن شعراء فرنسا العظام في النصف الثاني من القرن العشرين).
ثامنا: وكان (الدكتور عماد الضمور)، قد أشار إلى خاصية مهمة في شعر المناصرة، تميز بها عن أقرانه هي (تفصيح العاميات) في شعره. كذلك طريقته الخاصة في إنشاد الشعر، التي يسميها (الطريقة الاحتفالية)، والتي بدأها منذ عام 1981 في بيروت.
- ثم اختتمت: (الدكتورة هناء البواب)، مديرة بيت الثقافة والفنون في العاصمة الأردنية عمان – حفل التكريم، بتسليم الشاعر المناصرة أمام حضور حاشد، (درع التكريم).
0 comments:
إرسال تعليق