بقلم الدكتورة: بهية احمد الطشم
تعترينا دهشة جميلة للوهلة الأولى عند القاء نظرةٍ خاطفة على اللوحة المزدانة بالغرابة ,والتي تعانق ألق البهاء في آن ,اذ تطلّ علينا في لدُن اللوحة امرأة جميلة على ظهر حمار ابّان رحلتها في أحضان الطبيعة وهي تسير بتمام الثقة الى قصر طموحها.
تحتضن أميرة الطبيعة قطاً صغيراً بين يديها كمؤنسٍ ورفيق, سائرةً بين الطلول مقتفيةً بآثار الربيع في الحقول البعيدة ومتأملة تموجات اخضرار السهول حولها.
ترمق بعينيها الساحرتين كل ما هو تحت الشمس بعدما غازلت الأحزان أجفانها لأمد طويل في زمن عمرها...لعلّها تكتب بخيوط الشمس الذهبية وهج شعاع أملها على وجه الايام.
لقد فقهت كنه الازهار المرصّعة بأحلامها وطارت مع الفراشات المدفوعة بقوة سحرية وتأثرت اعظم التأثير بالاسطقسات الاربعة للوجود ( الماء, الهواء, التربة والنار).
وكأنّ اميرة الطبيعة التي تجول في موطن حياتها تُوقِظ الربيع في كل خطوة من خطواتها ليكون الجمال نصيب تأمل بصرها وبصيرتها, اذ تذكّرنا بمسيرتها الى الامام بعبارةٍ ذهبية لجبران خليل جبران في دمعة وابتسامة :" سِر الى الامام ولا تقف البتّة,فالأمام هو الكمال , سِر ولا تخشى اشواك السبيل."
ولا عجب حينئذٍ أن يستحضر تأملنا الباطني بجدير الاعجاب وفي اطار نظرة فنية استقرائية مُقارِنة لأجمل لوحات الطبيعة على الاطلاق والتي رسمتها ريشة الفنان الانكليزي الرومانسي مالورد ويليام تيرنر سيّما لوحة غروب الشمس التي ابدع فيها أعظم الابداع... ففي الاطار عينه وبصدد الايقونة التي رسمها الفنان الفذّ شوقي دلال يتراءى لنا وهج الشمس يعانق بقوة كل ارجاء اللوحة ليعمّ شعاعها منعكساً على مرآة النفس المتأملة .فالجمال فتنة للناظرين يسير بهم الى مرتع المتعة , لأن كل جميل هو ممتع بالضرورة باعتبار ايمانويل كانط Emanuel kant احد اهم أعلام الفلسفة الحديثة.
اذاً , فأميرة اللوحة محفوفة بأجنحة غير منظورة تجول على ضفة نهر الجمال وتنشد انغاماً تملأ جوارحها ... كيفما نظرت ترى اسرار الحياة محاطة بالهالات التي يحدثها النورس على أديم المياه.
وفي الخلاصة...تتجلى للمتأمل حكمة سرمدية ألا وهي: ارادة الفوز بأكاليل الغار رغم أشواك السبيل.
*د. بهية الطشم كاتبة وباحثة وأستاذة الفلسفة في الجامعة اللبنانية
0 comments:
إرسال تعليق