فلسفة السعادة في لوحة الفنان شوقي دلال

  


*بقلم الدكتورة بهية احمد الطشم

 لعلّنا لا نعدو الواقع اذا ما قلنا بأن السّعادة هي اللوحة  الاكثر اغراءاً على مسرح الحياة, والتي تؤطّر شغفنا لالتماسها: فكيف اذا تجلّت السعادة متجسّدة بلوحة فنية سيميائية راقية رسمتها ريشة فنان مبدع  بجمال فائق, حيث لا اجمل من اجمل مشهد يرسم اختراق القمر لكبد السماء في وسط اللوحة , واشعاع الالوان في النوافذ المشرّعة للأمل العاجل لكي نكون على قيد الفرح بجدارة.

 تستشرف ألوان اللوحة الزاهية معاني السعادة في الزمن الاصعب من عُمر ارهاصات الحياة الانسانية على هذا الكوكب , وتلامس الفكرة الاستثنائية التي تشغل حاستنا السادسة ونتوق عبرها لأعظم اطمئنان في وجودنا.

( هنا...هناك.. وهنالك..)  على امتداد مساحة ابداع الايقونة...لوحات متماهية متداخلة في لوحة مركبة من المشاهد السعادوية المتباينة والمزدانة بمعاني الفرح البريء من كل اشكال الشقاء ,ذلك أن الحُب لملكة وجودنا ( السعادة) لصيق بطبيعتنا الانسانية.

وهنا مكمن الفن الراقي في التعبير الارقى عن الهاجس الاكبر للنفس الانسانية لامتلاك الشعور السعادوي,فكانت ريشة المبدع شوقي دلال بمثابة العبقرية الرفيعة في اغداق الروح لمظاهر الحياة بأهم معنى وجودي لها.

يحمل لدُن اللوحة وجوه الناس المستبشرة  بالأمل كأنها المرايا تعكس بشعاعها الساطع دواعي السّعادة عبر العيون المتأملة في عين السعادة ومعناها  ويلازمها عصفور يغرّد سعادته مخترقاً جدار العقبات,وكذلك تطغى هيئة امرأة صنديدة على معالم اللوحة ابّان انجاز عملها بفرح عارم ونشاط بالغ .

وبالاجمال, وبمقتضى فلسفة الجمال فقد عكست خطوط وألوان هذه الايقونة دلالات السعادة التي لا ننفك من ان نكون في قلب الجاذبية اليها,وكأنها جبل من المغناطيس مُعلنة بذلك موت الجلاّد الاكبر للنفس ألا وهو اليأس .

وفي الخلاصة, يتراءى للمتذوق حكمة سعادوية باهرة:

مهما تعاظم اليأس بألوانه واشكاله المختلفة , فهو لا يُخفي الأمل الذي يطّهر القلوب الانسانية من دَنس الشقاء ,اذ لا شيء حَري بالوجود اكثر من السعادة واسبابها الجميلة في الميادين الجّمة لحياتنا

* د. بهية الطشم: كاتبة واستاذة الفلسفة في الجامعة اللبنانية

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق