بقلم الأديبة والباحثة واستاذة الفلسفة في الجامعة اللبنانية الدكتورة: *بهية احمد الطشم
تسود معالم الشوق سيادةً كاملة على ملامح صانعة مائدة المحبة,ففي حنايا اللوحة حقيقة نافية للرّيب ترسم أحرفاً من نار على أديم الماء...ويتجلى الجمال بأبهى صورة بخليط الالوان المزدانة بالسحر الاستثنائي والمترنمة على تموجات المشاعر واهتزازات القلوب.
ولعلّنا لا نجازف بالقول أننا غرقى في كرَىَ الألق للوحة الفنان المبدع شوقي دلال.
بدايةً تلفت تأمّلنا ملكة الايقونة بعينيها الحالمتين لالتماس مدينة احلامها الوردية بعدما لذَعها لهيب الشوق بمجاعة روحية لتكون قريبةً من مطلع شمس محبتها.
لقد ثقلت وطأة الانتظار على رأس المرأة الجميلة وبدت ازالة القيود الشائكة بمحاذاة المائدة مُناطة بانتظارها للحظة ارتشاف كأس سرور في موعد مع حبيب نفسها.
مَدّت سُفرة عليها كل ما طاب من الالوان والمشاعر الخلّاقة في انتظار حبيب حياتها في موعدٍ خيالي وواقعي في آن مع السعادة ومرسلةً بذلك أشعتها الى كبد الظلمة وعين المتاعب.
ولعلّ غاية البروز للفانوس السّحري في لدُن اللوحة تتبلور في انقشاع الغيوم عن وجه القمر في ليل الظروف الحالكة,اذ ترفع امرأة اللوحة أجنحتها نحو العلاء لتذيع مجد الحُب على ألسُن الايام ثم تهمس في أُذن الفانوس السحري أمنيتها بلقاء حبيب نفسها كي يضحك الزمان في مآتي الغد وتلثم الابتسامة ثغرها المُنادي للفرح مراراً وتكراراً.
تأكل نجمة اللوحة ( المرأة المُرهفة)من شوقها طعاماً وترشف من انتظارها شراباً ,وتصافح الزمان وتِعدُ نفسها بخبز الحياة رغم المجاعة التي تتغذّى من قِواها,أّمّا الدخان المتلاشي ,فيحاكي دقائق الزمان الهاربة على أملٍ بجلاء غيوم الانتظار الداكنة.
وفي الخلاصة, تتراءى للمتأمل حكمة باهرة ألا وهي: أن الاشواق ثمار المحبة ومهما بلغ مبلغ الألم فهو لا يحجب الأمل في رحلة الحياة سيّما عندما يحرس ماردُ جبّار أحلام امرأةٍ جميلة ...لعلّها ترشف من كأس الانتظار رحيقاً طافحاً بالمحبة.
0 comments:
إرسال تعليق