كتاب أوّل..... للكاتب الصحفي صباح عبد الرحمن

كتب الأب يوسف جزراوي/ سيدني
صدر حديثًا عن دار  ميزوبوتاميا للطباعة والنشر والتوزيع، العراق – بغداد  رواية للكاتب الصحفي صباح عبد الرحمن. تقع الرواية في 373 ، قياس 24- 17 الحجم الكبير. عدد النسخ 1000 نسخة.
تقديم: الكاتب السعودي حسن السبع والكاتب العراقي الأب يوسف جزراوي.
صباح عبد الرحمن/ أبو سنابل هو كاتب يحتفظ ببقايا إنسان ركض كثيرًا خدمةً للثقافة في بلده، مشاريعه اندثرت، أما عدسة كاميرته على ارصفة النسيان تناثرت.
يلفه الحنين بعباءته السوداء مُلقيًا به إلى الأيام الخوالي، وباحاسيس غريبة يتصفح الأمس ويصافحه. عصيّ الدمع، بيد أن دموعه الصامتة تفيض من مآقيه في لحظة خلوة، مع هذا أستشعر أن  له في القلب دمعة تأبى أن تسيل، فاحلامه  في الوطن كانت كسدٍ بُني على الرمل، وفي الغربة ابتدأ تاريخًا من جديد، عن الاضواء مبتعدًا لا يريد.
وِلدَ وأشتدَّ عُوده في زمانٍ كان الكتاب فيه خير جليسٍ للمرء وأفضل وسيلة تثقيف للأجيال لا تضاهيها أُخرى، ورغم إنه يحيا اليوم في زمنٍ باتت فيه الآلة الحاسبة( الكومبيوتر) ووسائل التكنولوجيا والانترنيت خير رفقاء للإنسان، غير أنّه لا يزال مؤمنًا بإنَّ الكتابة العربية الجادة والصادقة لا تزال لها سوق وأنصار، لأن للكتب عبرَ التاريخ سلطانها، ولصفحاتها فوائد.
كان أبو أثير قد أبى نشر الرواية باللغة بالانكليزية عندما عثر على من يتبنى ترجمتها وتسويقها، رغبة منه بأنْ ترى طبعتها الأوّلى النور بلغةٍ عربية يتداولها قُرّاء لغة الضاد، فجاء الاتفاق مع دار ميزوبوتاميا للطباعة والنشر، فزينت رفوف المكتبات في  شارع المتنبي ببغداد في 13/10/2015.
إنَّ ذلك الرّجل الحصيف يعول كثيرًا على روايته المذكورة، لأنه نقل للقارئ معاصرته لمراحلٍ معينة من زمنٍ أدركه، كان تحت أضوائه ومطرقته، تحدث فيها عن حقبة زمنية طوت أوراقها وجمعت أغراضها ودخلت في خزانة الماضي بكلّ ما لها وما عليها، لتستكملها حقبة  أسوأ  من سابقتها، فيها العراق يبحر بسفينة بلا شراع، يقودها ألف ربان!  "تراتيل غير مغناة" هي رواية ممتعة في فكرتها، آخاذة في اسلوبها، متنوعة في مضامينها. لكنها لا تخلو  من بعض السرد والإطالة في ذكر الاحداث، وقد يصعب على القارئ مطالعتها لصغر حجم الخط. قد يبدو عنوان الراوية لا يمت بصلةٍ إلى فحواها، وأودّ ان اصارحكم القول هنا، بإنّني كنتُ قد أسديت الرأي للمولّف بتغيير التسمية إلى ( تراتيل غير مُرتلة)، لأن التراتيل تُرنم- تُرتل ولا تُغنى. لكن الرّجل تمسك بالتسمية التي اختارها.
وإليكم كلمتي التي جاءت في الغلاف الثاني من الكتاب:
بين لغة الورود ورشقات الرصاص، كانت عيون المؤلف شاخصة إلى قصّةِ حُبٍّ دارت رحاها إبّان حرب طاحنة. قصّةٌ كانت أحداثها تغلي على صفيحٍ ساخن، في زمنٍ سياسي اصابه القحط الإنساني؛ حيث تحول طائر الحبّ إلى نسرٍ جارح ومن ثَمّ غدا رمادًا تحت أنقاض الليل، في ظلِّ أجواءٍ غابت عنها الشمس وتوارئ القمر، حتّى نجوم الليل باتت سوداء كالفحمِ. في عتمةِ تلك الأحداث الحالكة وقساوة تفاصيلها المرّة، بدء المؤلف يرثي شُخوص روايته، ليدوّنَ في سجلاتِ الذاكرةِ مشاهد حمائم السلام وهي تنزف من جراءِ مشانقَ ذهنية غذتها نزعات دفينة. فلا ملامة عليه حين تمتم سرًا وبلوعةِ قلب: متى تلتئم جِراح الوطن؟ ومتى يستكين الوجدان؟ ومتى تختفي شهوة العنف وتزول لعنة الحروب ولغة الإقتتال، ليصل إنساننا العراقي إلى مرسى حياتي يطمئن إليه؟. لكنه لم يكتفِ بهذا الحد!، بل مضى للقولِ جهارًا نهارًا عبرَ تراتيله غير المغناة بأنَّ هناكَ وميضًا للنورِ ودربًا للرجاءِ ومتسعًا للأملِ. " تراتيل غير مغناة"، هي رواية مشوقة لمؤلفها صباح عبد الرحمن، تدعونا إلى وقفةِ صمتٍ طويلة، تتيح لنا رؤية فظاعة ما حدث، لنكفَّ عن رجمِ أحدنا الآخر بحجارةِ الإنتماءات وسياط الإختلافات. آملاً أن يكونَ في الحبِّ الدواء، لأن الحبّ لا يعرف ألا الحبّ، وفي الحبِّ يتساوى الجميع: القبيح والجميل، الصغير والكبير.. إنّه الحبّ الذي يقرب المسافات ويوحد المُحبين، بل الناس أجمعين تحت مظلتهِ، مهما تعددت الإختلافات واتسعت الفوارق وارتفعت الحواجز. عسى أنْ يعيَ القارئُ الكريم الدروس والعبّر التي توخاها الكتاب، وعسى أن يغدوَ الحبُّ دستورًا لحياتنا، ويتولّى السلام أمر اطلالتنا على إنساننا العراقي في كلّ زمان، سيّما وأنَّ الجميعَ عراقيون ينتمون إلى وطنٍ واحد وأرضٍ طيبة، ولدوا عليها ويدفنون في باطنها، خصوصًا وأنَّ عراقنَا مهد الحضارات وملتقى الديانات وبوتقة الثقافات.
الف مبروك وإلى المزيد من النتاجات الأدبية.
الأب يوسف جزراوي
رئيس رابطة البيّاتي للشعر والثقافة والادب/ استراليا

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق