كتب د. رافد علاء الخزاعي
منذ اكتشف علاج الميتفورمين عام 1920 واستخلاصه من نبات مدرة مخزنية (الاسم العلمي:Galega officinalis) وهي فصيلة البقوليات تستخدم في الطب الشعبي كدواء خافظ للسكري النوع الثاني ومنظم له الا انه بقي حبيس الرفوف لمصادتفه اكتشاف الانسولين من قبل العالم منقذ البشرية الطبيب فردريرك بانتنيغ 1921لافي جامعة تورنيتو في كندا واستخلاصه من البنكرياس البقري واكتشاف ادوية جديدةاخرى ولكنه عاد للواجه من جديد كعلاج واعد لامراض السكر وخصوصا المرافق للسمنة وفي عام 1957، نشر الطبيب الفرنسي جان ستيرن أول تجربة سريرية حول الميتفورمين كعلاج لداء السكري. عُرض الميتفورمين في المملكة المتحدة عام 1958، وفي كندا عام 1972، وفي الولايات المتحدة عام 1995 حيث حاز على موفقة منظمة الدواء الامريكية لياخذ بعدا اوسع في التجارب السريرية. يعتقد اليوم أن الميتفورمين هو خافض سكر الدم الأكثر وصفًا في العالم وهو العلاج او الخط الاوللعلاج للسكر المكتشف حديثا او السكر البسيط من النوع الثاني كما توصي الجمعية الامريكية لامراض السكري.
ولكن من خلال الدراسات الطبية اعتبر الميتفورمين علاج لحالات اخرى ولكن يتزايد استخدامه في متلازمة تكيّس المبايض، مرض الكبد الدهنية غير الكحولية،والبلوغ المبكر، وهذه الثلاثة أمراض تتميزبوجود مقاومة الإنسولين في مسبباتها.
يعتقد خبراء أن دواء ميتفورمين المستخدم لعلاج مرض السكري قادر على معالجة الشيخوخة وأمراضها وإطالة العمر. لكن هذا الاعتقاد يحتاج إلى إثبات.
ولكن الجديد في استخدامات الميتفورمين هو أعطاء ادارة الغذاء والدواء الأميركية الضوء الاخضر لإجراء دراسات تطبيقية على أشخاص متقدمين في السن باستخدام عقار ميتفورمين (Metformin) زهيد الثمن والمتوافر في كل مكان لتقليل مكابدات ومضاعفات الشيخوخة وتصلب الشرايين.
ويأمل مطورو هذا العقار أن يتمكن في أحد الايام من القضاء على أمراض أخرى مثل الخرف أو ألزهايمر، وفي أن تؤكد الدراسات التطبيقية إمكان إبطاء عملية الشيخوخة لدى الانسان، بحيث يشعر من هو في السبعين بانه يتمتع بصحة من هو في الخمسين.
وحول هذه التجربة الرائدة قال خبير الشيخوخة البروفسور غوردن لتغو، من معهد باك لبحوث الشيخوخة في كاليفورنيا وأحد المستشارين في هذه الدراسة: "لو استهدفنا عملية الشيخوخة يمكننا اولًا ابطاء التقدم في السن، ثم ابطاء نمو جميع الامراض المرتبطة بالشيخوخة، وهذه ثورة في عالم الطب".
وأضاف الخبير: "اجريت بحوث على الشيخوخة على مدى 25 عامًا، وكانت فكرة إشراك أشخاص في بحوث تطبيقية لتجريب دواء ضد الشيخوخة امرًا غير مطروح على الاطلاق، لكن لدينا اسباب تدفعنا إلى الاعتقاد بأن الامر ممكن الآن".
وكان باحثون اثبتوا أن ميتفورمين المستخدم لمعالجة السكري يطيل حياة الحيوانات، وهم يريدون اثبات الشيء نفسه في الانسان. ولاحظ خبراء في جامعة كارديف في العام الماضي أن مرضى السكري الذين يتناولون ميتفورمين يعيشون سنوات أطول مقارنة بغيرهم.
وعندما جرب باحثون بلجيكيون ميتفورمين على ديدان لاحظوا أنها شاخت بشكل أبطأ، وظلت محافظة على صحتها فترة أطول.
ومن خلال مراجعات دراسات عديد لاستخدام الميتفورمين فقد أظهرت دراسات أخرى ايضًا أن هذا الدواء يقلل من احتمال الاصابة بأمراض القلب والشرايين، وحتى السرطان. ويأمل الباحثون اليوم أن يؤخر ميتفورمين إصابة الانسان بأسوأ امراض الشيخوخة... ألزهايمر أو الخرف.
وقال نير بارزلائي، من الاتحاد الأميركي لبحوث الشيخوخة الذي يمول الدراسة: "نحن واثقون من امكان تطوير أدوية ضد الشيخوخة، ونعتقد أن هذا الامر سيكون نافعًا للانسان بشكل عام، لكن أيضًا للمجتمع الذي ينفق على المسنين أموالًا طائلة".
أضاف: "لو ثبت أن ميتفورمين يبطئ بالفعل عملية الشيخوخة، فيمكن وصفه في حالات لا علاقة لها بالتقدم في السن ولا بالسكري". ويذكر أن عقار ميتفورمين واسع الاستخدام كعلاج لمرض السكري، ولا يكلف غير 10 بنسات يوميًا، وهو مستخدم منذ ستين عامًا من دون نتائج سيئة تذكر، وآثاره الجانبية ضئيلة جدًا.
وان هذا المشروع او التجربة التي سيشارك فيها ثلاثة الف متطوع وتحمل هذه التجربة اسم "تيم"TAME) )، وستبدأ في الولايات المتحدة في الشتاء المقبل بمشاركة 3 الاف شخص، تتراوح اعمارهم بين 70 و 80 عامًا، من المحتمل أن يصابوا بالسرطان أو بأمراض القلب او الخرف، او هم مصابون بأحد هذه الأمراض.
ومن المتوقع أن تستمر التجارب سبع سنوات، وأن تركز على عملية الشيخوخة لا على معالجة أمراض بعينها، بحسب قول الخبير البروفسور ستوارت جي اولشانسكي.
يعتقد مكتب الاحصاءات القومية في الولايات المتحدة أن واحدًا من كل ثلاثة اطفال ولدوا في عام 2013 سيعيش حتى سن المائة. أما في بريطانيا، فيبلغ مرتقب العمر بالنسبة للرجال 78,8 عامًا و82.7 عامًا للنساء.
وفي السياق ذاته وعلى نفس المنوال سلّط باحثون في كلية طب وايل كورنيل في قطر الضوء على خصائص عقار الميتفورمين، أحد أكثر العقاقير استخداماً لمرضى السكري والذي لم يصل الباحثون إلى فهم طبيعة خصائصه بشكل جيد منذ أكثر من 50 عاماً.
يتصدر هذا العقار خيارات الأطباء منذ فترة طويلة عند وصف الأدوية لمرضى السكري من النوع الثاني من أجل إطالة عمر المرضى الذين يعانون من مرض السكري المرتبط بتلف الأوعية الدموية الدقيقة الذي يصيب شرايين القلب التاجية.
فثمة اعتقاد سائد بأن فائدة عقار الميتفورمين تتمثّل في قدرته على تثبيط استحداث الكبد للسكر من مصادر غير كربوهيدراتية، ما يؤدي إلى انخفاض نسبة السكر في الدم وبالتالي الحد من تلف الأوعية الدموية.
بيد أن البحوث المتأنية التي أجريت لتحليل تأثيرات العقار والتي اختلفت عن البحوث السابقة في وضعها لبروتوكولات تنصب على تركيزات أكثر واقعية من العقار ميتفورمين، أوضحت أن الميتفورمين يتفاعل مع بروتين يسمى «sirtuin 1» الذي يلعب دوراً في تقدم العمر، ويعرف باسم الجينة «SIRT1» وهو البروتين الذي يربط العلماء بينه وبين الحماية من الأمراض الأيضيَّة المتصلة بالشيخوخة السابقة لأوانها في غير الثدييات.
عمل الدكتور نانا براجازام أروناشالام - زميل ما بعد الدكتوراه والمؤلف الرئيس للدراسة، مع الدكتور كريس تريجل – أستاذ علم الصيدلة في كلية طب وايل كورنيل في قطر، والدكتورة هونج دينج - أستاذ بحوث الصيدلة المساعد - في إعداد هذه الدراسة التي نُشرت في النسخة الرقمية من الدورية البريطانية المرموقة «British Journal of Pharmacology»
وفي هذا الصدد، قال الدكتور تريجل، كبير الباحثين الذي يقود مشروعاً يموّله برنامج الأولويات الوطنية للبحث العلمي المنبثق عن مؤسسة قطر بهدف استقصاء تأثير داء السكري في جهاز الأوعية الدموية: "إن أكثر أسباب الوفيات شيوعاً بين مرضى السكري هو تلف الأوعية الدموية والأوعية الدموية الدقيقة، وهو عبارة عن إصابة الأوعية الدموية بهرم متقدم، وهنا تكمن الأهمية اللافتة للعقار ميتفورمين، ويُعد العقار ميتفورمين من الأدوية المثيرة للاهتمام منذ أن طُرِح بالمملكة المتحدة عام 1958 لعلاج النوع الثاني من داء السكري. وبالمقارنة بالعقاقير المشابهة، يخلو العقار ميتفورمين من الآثار الجانبية اللافتة، وخلافاً لغالبية العقاقير الدوائية الفموية الخافضة لسكر الدم، لا ينطوي على خطر الإصابة بهبوط السكر في الدم «هيبوجليكيميا»، وهي الحالة التي تفاقم خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. يُضاف إلى ذلك أن تناول العقار ميتفورمين يقترن بفقدان الوزن لا زيادة الوزن، وهذه مزيّة لافتة لاسيما أن العديد من مرضى النوع الثاني من داء السكري من المصابين بالسّمنة أو البدانة. لقد أدركنا قبل أعوام أن الاعتقاد السائد الذي تأخذ به الأوساط الدوائية عن آلية عمل العقار ميتفورمين لا يتفق مع ما يُعرف في علم العقاقير باسم السِّمات الحراكية الدوائية للعقار، أي طريقة تفاعل العقار مع جسم الإنسان. وأثبتت دراستنا أن من سمات العقار ميتفورمين توفير الحماية المباشرة للأوعية الدموية".
لقد أثبتت التجارب التي أجراها فريق الباحثين على خلايا فئران مُستنبَتة في المختبر أن العقار ميتفورمين له تأثير مباشر على وظائف الأوعية الدموية. تابع تريجل: "لو أردنا التعبير عن الأمر ببساطة، نقول إن العديد من البحوث المنشورة استعانت بنطاق تركيزات من العقار ميتفورمين لا يمكن تحقيقها في خلايا بجرعات علاجية، ولا تعكس في الوقت نفسه قدرة العقار على النفاذ إلى ما بين الخلايا. لذا وضعنا بروتوكولات تنصبّ على تركيزات أكثر واقعية من العقار ميتفورمين. ومن اللافت للنظر حقاً أن العقار ميتفورمين يستلزم البروتين «sirtuin 1» وهو البروتين الذي يربط العلماء بينه وبين الحماية من الأمراض الأيضيَّة المتصلة بالشيخوخة السابقة لأوانها".
يُذكر أن الدكتورة هونغ دينج استفاضت في نتائج الدراسة التي نُشرت مؤخراً، ما جعل الجمعية البريطانية للعلوم الدوائية «BPS» تدعوها لإعداد ملصق بحثي للتحدُّث عنه خلال اجتماعها الذي عقد في لندن بين 17 و19 ديسمبر الماضي أمام حوالي 500 من أعضائها.
اختتم الدكتور تريجل: "لا تقتصر أهمية دراستنا على إثراء معرفتنا بدور العقار ميتفورمين في الحدّ من خطر أمراض القلب والأوعية الدموية بين مرضى النوع الثاني من داء السكري فحسب، بل تمهد الطريق لأنماط علاجية محاكية لآلية عمل العقار المذكور مع البروتين sirtuin -1
على الرغم من بعض الاعراض الجانبية للميتفورمين للجهاز الهظمي من اسهال ومغص لكنه في كل الاحوال مفيد بعد هذا الكم من التجارب والابحاث وكما يقول المثل اللي يريد الورد عليه ان يتقبل بوخز الاشواك المحيطة به من اجل عمرا طويلا وصحة مستدامة.
الدكتور الاستشاري
0 comments:
إرسال تعليق