حوار صحفي في كتاب يطرح فصل الدين عن الدولة: البروفسور فيليب سالم و سرطان الطائفية لجان دايه

البروفسور فيليب سالم - سرطان الطائفية" كتاب جديد أعده الكاتب و المفكر جان دايه . يتضمن الكتاب حواراً مطولاً إستغرق ثلاث سنوات بشكل متقطع أجراه المؤلف مع سالم في بيروت و بمنزله في بطرام - الكورة. وقد صدر الكتاب قبل أيام عن دار فجر النهضة (160 صفحة من القطع الوسط)
مقدمة الكتاب كتبها الصحافي و المفكر نصري الصايغ , أشار فيها , أن دايه طرح على سالم أسئلة حول سرطان الطائفية و حول الحلول . و أنه كتاب يضع البروفسور سالم امام  إمتحان الأجوبة الصعبة حول أسئلة صعبة
هنا مقدمة نصري الصايغ بعنوان : لبنان اللبنانيين متى ينوجد؟
لبنان اللبنانيين متى ينوجد ؟
كتاب هذا، يختلف عن سواه. انه حوار مفتوح على القضايا المضنية في بلد متهالك. اسئلة يطرحها الاستاذ جان دايه على الدكتور فيليب سالم. اسئلة في السياسة والثقافة، وليست اسئلة في العلم، أو في علاجات الأمراض، ومنها السرطان. اسئلة، حول سرطان الطائفية وحول الحلول وصعوبة انجازها. ولبنان، بلد صعب جداً، يكاد يكون علاجه من المستحيلات. فهو لا يتقدم في السياسة، وهو بلد أدمن على التراجع، وهو كيان صلب وصامد في وجه أي تغيير أو اصلاح أو تحسين أو تجميل. بلغ لبنان درجة تيئيس المتفائلين وتعجيز المؤمنين، بوطن ديمقراطي حر، تسود فيه المواطنة، ويفصل فيه الدين عن الدولة و....
كتاب تطالعه، فتجده يحاورك ويحملك مسؤولية الاسئلة ويضعك امام امتحان الاجوبة. وستبدو الاسئلة صعبة جداً والاجوبة أصعب اكثر. فلبنان، الذي يشغل بال الدكتور سالم، هو لبنان الانسان، لبنان الحرية، لبنان المواطنة، لبنان الثقافة، لبنان الابداع، لبنان العلم، لبنان الانتاج، لبنان المعاني من الطائفية والتبعية والزبائنية... ولنا أن نسألة مع جان دايه: أين الطريق إلى هذا اللبنان؟
أول ما يلفت في الكتاب مقدمة جان دايه التي رصدت رجالات العلم والطب في عصر النهضة وما بعده، والتي انخرطت في العمل الانشائي والسياسي. خريطة وافية لعلماء جديرين بالريادة.
في لبنان، لا مفر من الطائفية. هي علة وجود لبنان وسبب علله كافة. هي سابقة على الكيان وعلى الدولة. فلبنان، ليس دولة طائفية، بل هو دولة للطائفية، اي ان الكيان بذاته، كان هدية للطائفيين، الذين ورثوها عن المذابح التي اندلعت في جبل لبنان، منذ حكم الأمير بشير الشهابي. لعل لهذه الاسباب، الطائفية سرطان، كأن لا شفاء منها، أو، كأن شفاءها يحتاج إلى أزمنة.
كم تبدو رغبة الدكتور فيليب سالم صعبة. تفاؤله حذر، لكن ايمانه بفصل الدين عن الدولة، هو الأساس الذي يبنى عليه الاجتماع السياسي، وتنشأ الدول ويعبر عنه في النظام السياسي والممارسة. بدا للقادم من الطب أن مريضه يتعافى، بشرط تطبيق مبدأ الفصل التام بين الدين والدولة، محتفظاً للدين بقيمة كبرى، بمستوى الحضارة البشرية. فالدين ليس شأناً عابراً، بل هو أساس لايمان لدى الشعوب كافة. الاستثناءات قليلة، ولا تبنى قاعدة على الاستثناء.
لبنان فيليب سالم مريض ولكنه يمتلك مقومات كثيرة، أهمها الحرية. لديه فائض من الحرية. حدودها، ليس القانون، إنما مصلحة الطوائف وزعمائها. واذا كان لا بد من بداية، فالمعركة تبدأ بالتربية. من دون التربية المدنية، تنشأ الاجيال اللبنانية على انتماءاتها الموروثة. التربية، عند الدكتور فيليب سالم، تجدد العقل وتحرره من قيود موروثة وتدربه على التفكير الحر، وتلزمه بأن يكون أولاً إنساناً، بكل ما في هذا الانتماء للانسانية، من رقي وسلامة مجتمع ورفعة قيم وجدوى سياسية. من دون الالتزام بقيم انسانية، كالحرية والعدالة والمساواة، لا جدوى. فاما أن يكون دينك السياسي، شرعة حقوق الانسان، واما تنقاد بغرائزك الطائفية والمذهبية والعنصرية، وتحوِّل حياتك الاجتماعية إلى جحيم من التناحر والتنابذ والانقسام والكراهية. لا تبنى سياسة من دون قواعد مبدئية، من دون التأكيد على منظومة قيم عليا اجتماعية، وإلا فالسرطان يستشري. وهذه هي حالة لبنان اليوم.
عناد الدكتور سالم نموذجي. بيده مفتاح العلاج، ومنه تبدأ المعافاة. يكرر ثم يكرر، لا خلاص إلا بفصل الدين عن الدولة، فيتم تحرير الدين من مشكلات السياسة والدولة، ويتم تحرير الدولة من افات تدخل الدين ورجالاته وزعاماته القابضة على النفوس وملغية النصوص. ويبرهن الدكتور سالم على حجم الافات المتعاقبة من استعمال الدين كأداة سياسية.
اذا كان الايمان مبنياً على التسليم، كما يقول، فان السياسة مبنية على المصالح، وارقاها، مصالح الناس، من دون تمييز ديني أو طائفي أو مذهبي. لقد بلغ تدخل الدين والطائفية في الدولة، جعلت من الدين ضحية من ضحايا انفلات الغرائز الدينية. عانى لبنان في حروبه الداخلية، هذه الويلات. صار الدين حزباً. الاحزاب المسيحية جنت على لبنان. الاحزاب الوطنية في الاحضان الاسلامية، جنت على لبنان، واليوم، بلغ التطرف الديني مداه من العنف، بحيث صار الاسلام ضحية المسلمين، كـ «داعش» و«النصرة»، وباتت اليوميات اللبنانية السياسية، مداراة للحساسيات الطائفية، خوفاً من الانزلاق إلى الشارع. وعندما يصير الأمن، هو الشغل الشاغل والمقلق للدولة، يصار إلى معالجة المشكلات بالحلول الوسطى، ولو كانت مخالفة للدستور وناقضة للقوانين. فماذا يكون «هذا العيش المشترك» قاعدة لبنانية، فيما هو خطر دائم تلزم معالجته بمراهم وعقاقير غير وطنية.
لا يعوِّل الدكتور سالم على السياسيين أبداً. يقول: «سياسيو اليوم يستحيل عليهم الاصلاح. لانهم مرتزقة يعيشون على حساب الدولة... ورجال الدين مشتركون معهم في هذه الجريمة». اذا، من اين يأتي الحل. والحكم ممثل من هذه الطبقة السياسية المزمنة والتي لا تحتاج إلى دليل لاعلان فسادها؟
على من يقع اللوم؟ على قوى الداخل أم قوى الخارج؟ يقول الدكتور سالم، انتهى زمن لوم الآخرين، لوم السوري ولوم الفلسطيني لا يجدي. هذا ماضٍ مضى. «حان وقت تحمل المسؤولية». أما ان يكون مستقبلنا من صنعنا واما نجتر ازماتنا بلا أفق.
اي حل أذن؟ مبدأ فصل الدين عن الدولة من يطبقه؟ مبدأ تطبيق النظام الديموقراطي من ينفذه؟ مبدأ الاصلاح من يقوى عليه؟ الجواب: الرحلة طويلة وتبدأ من المدرسة والجامعة. هذا على صعيد الثقافة والتربية وتدريب العقل على ما هو ابعد من الخصوصية اللبنانية المريضة. التربية أساس، انما من يحمل المشروع؟ الدكتور سالم يرى في المجتمع المدني خشبة خلاص. لكن تجربة هذا المجتمع غير مقنعة وينقصها الكثير: مجتمع مدني بلا قيادة مسؤولة وفاعلة ومسموعة، هو مجتمع موسمي. هذا اساس للنجاح مع الاصرار على سلمية الاحتجاج والعمل الميداني، ولا قدرة لأي فريق مدني ان يحقق الانجاز الوطني، من دون بناء تنظيم قوي يضم كافة اطراف المجتمع المدني، ويكون هذا التنظيم خالياً من الصراعات والنزاعات والفردية، والأهم هو الديمومة والحضور الفاعل، فلا يكون المجتمع المدني طفرة موسمية لا اكثر.
يكرر الدكتور سالم متلازمة المدرسة - الجامعة. من هناك نبدأ. التربية المدنية في لبنان قاصرة على تعريف التلميذ واجبات محددة في نظام متهالك. في المدرسة واجب تعليم التلميذ قيم الوطن والمواطنية. واجب تحذيره من الطائفية والمذهبية المدمرة. على المدرسة واجب تخريج مواطنين. يلزم طرد الطائفية واقتلاعها منذ نعومة الأظافر. التعليم الديني كما هو ممارس يخرج طائفيين ومذهبيين. اول ما يجب التأكيد عليه، لا دين للدولة ولا دخل للدين في السياسة.
النخب غائبة، أو مغيبة لنفسها. التربية بلا دور للنخب فيها، تصير اداة لنقل المعرفة من الاستاذ إلى الطالب من دون مناقشة. النخب لا تملي بل تناقش وتحاور وتجرب وتتعلم اكثر مما تعلم. لا تشعر النخب راهنا بدورها في التغيير، «لذلك لم تتمكن النخبة في العالم العربي من تغيير المجتمع العربي، لأن النخبة بحد ذاتها غير قابلة للتغيير، وبقيت على تقليديتها في التعاطي مع الآخرين». وهذا الوضع يفسر لماذا يظل العلم سجيناً. سبحانه هو المكتفي بذاته. يصير العلم في هذه الحالة طلاءً خارجياً وزينة اجتماعية واكاديمية لا اكثر. اين الاسئلة؟ اين مناخ الحوار؟ اين محاور الاختلاف ومنصات الالتقاء؟ اين تدريب العقل على الجرأة والنقد والتحدي والتطلع إلى التاريخ الماضي بعين نقدية إلى الحاضر بعين المساءلة والرفض، وإلى المستقبل بالانفتاح على الحلول، وضرورة نقل وجهات النظر المختلفة إلى ورشة حقيقية للمعرفة الفاعلة؟
يشدد الدكتور سالم على زواج العلم بنزعة التحرر من الجهل والعادة. الحرية فعل تحدِّ للواقع وفعل بناء للمستقبل، فبناء الوطن يقوم على التربية الملتزمة بمبادئ الحرية والحق والجمال والمعرفة، أن تربية لا تساهم في صنع انسان جديد، هي برنامج مدرسي لا نفع منه.
يبدو الدكتور سالم انه ذو نزعة براغماتية، فهو يميز بين العلمانية وفصل الدين عن الدولة. «العلمانية شيء اكبر من فصل الدين عن الدولة، وفصل الدين عن الدولة هو قسم من فلسفة العلمانية... العلمانية تنطوي على شيء من تخفيض قيمة الدين... الدين أمر مهم ونحتاجه كي لا ندمر ما بقي من اخلاقياتنا».
وهو ليس ضدان تكون بعض المدارس والجامعات تابعة لطوائف، بشرط ألا يفرضوا الدين أو المذهب على التربية والعقل. العلوم الدينية تظل خياراً لمن يرغب. لا اكراه في الدين. كن ما تشاء واتركني على ما انه عليه. «فالجامعة التي لا تضمن حرية المعتقد والرأي، ليست جامعة... انا اريد الفصل بين الدين والدولة ولكني اصر على احترام الاديان».
لماذا لم تفز العلمانية ولم لم يطبق فصل الدين عن الدولة؟ جواب الدكتور سالم حاسم: «خذ معظم العلمانيين، ان لم يكن كلهم، هناك انفصام لديهم بين الكلمة والفعل، لا التزام بالكلمة حتى لدى المفكرين والكتّاب». المشكلة ليست في المبدأ، بل في من يعتنقه ولا يلتزم به حياتياً وتربوياً وسياسياً. يؤمن بشيء ويمارس نقيضه. فيما التربية الدينية، تؤمن وتفعل، وللاسف، احياناً تشذ عن قواعد الحياة، وتذهب إلى عبادة النص فتقرأه بحرفيته، وخارجاً عن ظروفه وبيئته وتاريخه. «فالذي اوصلنا إلى داعش، هي المدارس الدينية التي تحض على الطائفية، وكان من نتائجها قتل من يخالف رأي خريجي تلك المدارس... اذن، لا بد من فصل الدين عن التربية... لا يمكنك وضع التربية تحت رحمة الدين».
ولنعترف بأن التربية ليست كل شيء. مشروع فصل الدين عن الدولة، بحاجة إلى قيادة سياسية وامور اخرى كثيرة. لذلك يقتضي انتهاج مسار ديناميكي متحوِّل. لا بد أولاً من فصل الدين عن السياسة. النتيجة، ستكون في تحرير المواطن من التبعية السياسية لزعيمه الطائفي. والنتيجة الأهم، هو في تكوين ادارة نظيفة تحترم القوانين وتعمل بموجبها، من دون شعور بالخوف من أحد. الكفاءة أولاً، لا يمكن ان تطبق من دون تحرير السياسة والادارة من الطائفية والمذهبية. وهكذا يكون الشعار العملي، تعالوا نبني دولة على اساس الفصل، أولاً، بين الدين والسياسة.
يبقى هذا التفكير بحاجة إلى من يعمل به. الطبقة السياسية في لبنان اقوى من الدين والله والناس. فهي قوة قابضة، وقبضتها ممسكة بمصائر الناس، عبر ربطهم بها بواسطة نهج الزبائنية.
فهل يكون لبنان مصاباً بسرطان يتفشى، غير قابل للعلاج في المدى المنظور، أو هو مستعص حتى الآن، لفشل بنيوي أو لعجز في تشخيص المرض بأسبابه، وتلكؤ المعالجة، واستقالة النخب عن دورها في خوض معركة الحياة؟
والدكتور فيليب محاور ومحاضر وعالم، ويؤمن بالتعدد، والاختلاف في الرأي محبذ. لا يقبل الموافقة بلا قناعة. الفكر الحر، يؤمن بحرية الفكر. بديهية علمية وسياسية. قمع الفكر ديكتاتورية يقود إلى انفجار وخيم العواقب. الديمقراطية، اساسها، تأمين حرية التفكير وحرية الاختيار واحترام حرية الرأي، عندما يكون مختلفاً. «ديمقراطياتنا» العربية معدومة، والديموقراطية في لبنان معطوبة، واعطابها مزمنة، بسبب ارتهانها للطائفية، بداية ونهاية.
انطلاقاً من ايمان الدكتور سالم بحرية الرأي والحق في الاختلاف، أجد فسحة لنقاش السياسة الخارجية التي يختلف عليها اللبنانيون. هو يميز بين لبنانية اللبنانيين. فليس كل الاطراف «اللبنانية» هي لبنانية. وهذا صحيح، ولكن اسبابها لا تعود إلى «خيانات» للبنان. فلبنان الكيان، مولف من كيانات طائفية راسخة. وهذه الكيانات الطائفية ليست مستقلة عن امتداداتها في المنطقة. المسيحيون، يكفيهم لبنان بحدوده وجغرافيته، ولكن الطوائف الاخرى عابرة للحدود من الأساس التكويني للبنان. منذ العام 1920، عام تأسيس الكيان والدولة، واللبنانيون لا يكتفون بلبنان. ومثل هذا، ليس عمالة، بل هو قناعة ناتجة عن انتماء مذهبي، اقوى بكثير من الانتماء الوطني. وعليه اختلف اللبنانيون، ولجأوا إلى العنف مراراً، لحسم خلافاتهم التي تدور حول المحاور الدولية والاقليمية وما له علاقة بفلسطين.
اختلف اللبنانيون عندما اختار الحكم اللبناني في العام 1956، ان يدخل في مشروع ايزنهاور. المسلمون، عروبيون اساساً، رفضوا هذا الحلف ورأوا ان الناصرية أقرب اليهم من أميركا. انفجر لبنان. بعد اعوام، فتح لبنانيون الابواب لمنظمات الكفاح الفلسطيني، ايماناً منهم بواجب قومي، يتخطى حدود سايكس - بيكو. لقد استضاف هؤلاء القضية وسلاحها وانخرطوا فيها وكانوا على وشك تغيير اسس الكيان الذي تم التوافق علي حياديته بين شرق وغرب. بين لا للوحدة ولا للحماية.
لبنان مؤلف من جماعات لبنانية مكتفية بلبنان بحدوده، ومن جماعات تتخطى ولاءاتهم الحدود. فالشيعي اليوم اقرب إلى الشيعي الايراني منه إلى السني اللبناني، والسني اقرب إلى السني السعودي منه إلى الشيعي اللبناني. لبنان، ليس واحداً، من الاساس. ومع ذلك، هي متمسكة بالكيان، ومتنازعة على انتماءاته الخارجية.
هناك فريق لبناني يرى إلى فلسطين واجباً وجودياً. السنة كانوا كذلك قبل انزياحهم إلى السعودية. الشيعة صاروا كذلك بعد ثورة الخميني التي رفعت شعار القدس. 
هذا هو لبنان. مشكلته انه لا يتمتع بجاذبية الولاء والانتماء اليه وحده. انتماءات اللبنانيين هي باتساع خريطة انتشار الطوائف والمذاهب في الاقليم. ولا يبدو ان في الافق حلاً لذلك. فاسرائيل ستبقى عدواً لفريق من الواجب مقاومته ومحاربته، فيما يرى فريق اخر الاكتفاء بالدعم اللفظي، من دون ان ننسى ان الاسرائيلي دخل لبنان متحالفاً مع فريق لبناني اصيل في لبنانيته.
هل من علاج لهذه الحالة؟ هل المطلوب ان يستقل لبنان عن قضايا محيطه وكيف؟ هل يمكن اعلاء اللبنانية على الانتماء الطائفية والمذهبية؟ اذا كان صعباً فصل الدين عن الدولة في لبنان، فانه من الاصعب، فصل لبنان عن القضايا الاقليمية ومنها قضية فلسطين، ومن الاصعب ان يحصل استقلال عن الدول الاقليمية المتنازعة. فلبنان منقسم دائماً، بين اميركا وعبد الناصر، بين السورية واللبنانية، بين الممانعة والمسالمة، بين السعودية وايران، بين وبين إلى آخر النزاعات.
لبنان، بلد صعب، هذا هو قدر اللبنانيين، ولكن، ليس حتماً أن يظل كذلك.
من هذا المنظور، اختلف بالرأي مع الدكتور فيليب سالم، فاسرائيل مشكلة لبنانية، كما هي مشكلة عربية، وكما هي قضية لا مفر منها. لبنان ليس جزيرة وسكانه ليسوا سياحاً ابداً. انهم منخرطون، من خلال ثقافاتهم وانتماءاتهم بهذا الصراع، شاء فريق ذلك أم لم يشأ. هذه وقائع وليست مسائل سياسية. انها جزء من تاريخ لبنان وتكونيه.
كتاب الدكتور فيليب سالم، مثير للنقاش، ومثير للتساؤل. ولعل القارئ يجد متعة في معرفة مشكلات لبنان من رجل علم، وليس من رجل سياسة. من دون ان يعني ذلك، انه غير سياسي، بل ان سياسته ابداع فكره وثقافته وتربته.
يبقى، ان في الكتاب لذة اكتشاف العلاقات الشخصية والسياسية والانسانية، مع رجالات لبنان الذين عاصرهم من انطون سعاده إلى شارل مالك وغسان تويني وآخرين.

نصري الصايغ

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق