CONVERSATION
تكريم الأديب فتحي فوراني في عسفيا
كتب: شاكر فريد حسن
أقيم في قاعة المركز الجماهيري في عسفيا، احتفال تكريمي للأديب فتحي فوراني، رئيس الاتحاد القطري للأدباء الفلسطينيين- الكرمل، حضره جمع من المثقفين والأدباء والشعراء والأصدقاء والمعارف، ونظمته دار " الحديث " للاعلام والنشر، برعاية رئيس مجلس عسفيا السيد بهيج منصور.
تولى عرافة الاحتفال الشاعرة رانية ارشيد والكاتب فهيم أبو ركن.
استهل الاحتفال رئيس مجلس عسفيا المحلي السيد بهيج منصور، فقدم كلمة ترحيبية، بعده قدمت د. رباب سرحان مداخلة أدبية، ثم ألقى الشاعر زياد شاهين قصيدة بالمناسبة، بعد ذلك قدمت د. راوية بربارة مداخلة جميلة بنكهة الشعر.
وأتحف الزجال توفيق حلبي الجمهور بفقرات زجلية مميزة.
وقدم الأستاذ فيكتور روحانا كلمة حب ووفاء لمعلمه المربي فتحي فوراني.
ثم تسلم المحتفى به وسام الحديث .
وفي الختام تحدث عريس الاحتفال الأستاذ فتحي فوراني، فقدم كلمة أدبية مميزة حازت على اعجاب الحاضرين.
CONVERSATION
صباحكم أجمل/ على قمة جبل جرزيم: البوح الثامن
بقلم وعدسة: زياد جيوسي ـ
ما أن خرجت من ياصيد ومن متحف الأستاذ الحاج عوني ظاهر برفقة مضيفيني ومرافقيني د. لينا الشخشير صاحبة الابتسامة التي لا تغيب والتي نسقت كل برنامج جولاتي في نابلس، والشاعر الشاب الجميل مفلح أسعد بلطفه وحكاياته الجميلة عبر الطرق المشبعة بالجمال وحقول الزيتون عائدين إلى المدينة، وبدأنا بصعود قمة جبل جرزيم للقاء السيد اسحق السامري سكرتير الطائفة السامرية، حتى بدأت دقات قلبي تتصاعد كلما ارتفعنا باتجاه القمة والحي السامري والمعروف بقرية لوزة، فهذه المرة الأولى التي سأصعد بها إلى قمة هذا الجبل الحافل بالحكايات والروايات لبعض من ملامح تاريخ نابلس وحكاياتها، ورغم أني التقيت في رام الله سابقا بأكثر من كاهن سامري واستمعت إليهم لكثير من الحكايات، إلا أن الاستماع للقصة مسألة تختلف تماما عن الوقوف على أعلى جبل جرزيم والمشاهدة وجها لوجه مع أثار مشبعة بعبق التاريخ وحكاياته.
وصلنا الحي السامري، وعبرنا البوابة إلى حي أنيق وجميل، مشجر ونظيف، متجهين إلى بيت السيد اسحق السامري الذي التقانا بكل ترحاب، ومع فناجين القهوة التي دارت علينا، بدأ يحدثنا عن الطائفة السامرية عبر التاريخ والمكان، ومن ضمن ما قاله أنّ اليهود يعتبرون أنّ السامريين كفار، وبينهم وبين اليهود الآخرين الآلاف من الخلافات، وتحدث عن تاريخ السامريين من عهد سيدنا موسى عليه السلام، وأشار أنّ كلمة سامري تعني الحارس أو المحافظ باللغات القديمة، وهم حراس التوراة الحقيقية، وديانة موسى التي أرسل بها منذ 3650 عاماً، والسامريون قوم وليس اسم عائلة كما يظن البعض، ومن أهم نقاط الخلاف أن اليهود يعتبرون القدس مكان الهيكل، بينما السامريون يرون ويؤكدون أن الهيكل بني على جبل جرزيم، ومدينة نابلس هي مركز ديانة سيدنا إبراهيم التوحيدية تحديدا، ومن لا يعترف بهذا فهو خارج عن الديانة العبرية، التي يسمونها عبرانية نسبة لسيدنا إبراهيم العبراني لأنه عبر نهر الأردن إلى فلسطين حتى أسوار مدينة القدس حيث أشركهم ملكها اليبوسي يومها بشراب العنب المعتق في عيد الحصاد، وبالتالي يرون أن اليهودية صفة لأناس وليس ديانة، ويقرون أنّ إسرائيل هو سيدنا يعقوب وأنهم هم السلالة الحقيقية لبني إسرائيل.
خرجنا من بيت اسحق وتجولنا في الحي الجميل المكتنز بنباتات الزينة والأشجار، وقال لي أن جبل جرزيم مكان مقدس ليس مرغوبا السكن فيه، وأنهم كانوا يسكنون في الوقف السامري في نابلس التراثية، وأنهم رحلوا إلى هنا لضيق السكن بعد أن تم منحهم المكان وحصلوا على تسجيله بإسم الطائفة السومرية رسميا كهبة من الملك عبدالله الأول مؤسس المملكة الأردنية الهاشمية، ولكن مصالحهم التجارية وأماكن العمل ما زالت في نابلس المدينة.
سرنا جميعاً متجهين إلى قمة جبل جرزيم، حيث مررنا ببيوت تراثية هجرها أهلها وآلت أجزاء منها للسقط والهدم، ربما كان السبب أن أجبر سكانها على الرحيل بسبب استيلاء الاحتلال على المنطقة وبناء مستوطنات تحيط بجبل جرزيم، هذا الجبل المواجه لجبل عيبال، وترتفع قمته إلى 886م والذي كان ضمن مناطق (ج) حسب تقسيمات اتفاقية أوسلو، وهي مناطق حسب الاتفاق تخضع لسلطات الاحتلال بالكامل، وفي عام 2012 قام الاحتلال بالاستيلاء على أعلى الجبل وضمه إلى سلطة الحدائق الإسرائيلية التي حولته لموقع سياحي يتم الدخول إليه ببطاقات مدفوعة الثمن، وسيجته بالكامل ووضعت عليه حراس مسلحين ورفعت عليه العلم الإسرائيلي، في محاولات حثيثة للاحتلال لتهويد أراضي فلسطين، خاصة المقدسة منها، والاستيلاء عليها بصورة مبررة على أنها أماكن مقدسة تعني اليهود، لهدف شطب التراث الكنعاني، والعربي، والإسلامي، والمسيحي، والسامري أيضا، وتحويل المكان إلى موقع سياحي له مساس كبير بقدسية المكان لدى السامريين من جهة، والمسلمين الذين كانوا يزورون مقام الشيخ غانم من جهة أخرى، فسرنا بالسيارة حتى وصلنا بوابة ضخمة عليها تمنع الدخول إلى المكان إلا بموافقتهم، وبعد نقاش وإصرار من الأستاذ اسحق فتحت البوابة وأعطونا ربع ساعة فقط للتجوال والتصوير، فيما هم يقفون في حالة الاستعداد وأيدهم على أسلحتهم، حتى شعرت أني أتجول داخل ثكنة عسكرية وليس مكان حج للطائفة السامرية ومكان مقدس لديانتهم، اضافة لمقام إسلامي، وبقايا كنيسة بيزنطية، وآثار ضاربة بالعمق الكنعاني، تروي حكايات تعود لتاريخ العهد الكنعاني وتراث يعود لما قبل وجود سيدنا إبراهيم .
بدأت التجوال السريع موثقا كل ما أراه بعدستي وذاكرتي، بعد أن وقفت وقفة تأمل استطلع فيها جبل عيبال المواجه، وهو أعلى جبال نابلس ويصل ارتفاعه إلى 950 م، وهو من وجهة نظر اليهود جبل له قدسية، وكالعادة في أسلوبهم المعهود في لجوئهم لتزوير التاريخ بهدف تأكيد أسطورة كاذبة، فأبناء كنعان هم من بنوا نابلس القديمة "شكيم" كما أشرت في المقالات السابقة، وفي نفس الوقت لإقناع الناس أن السامريين الذين يقدسون جبل جرزيم ويرون أن الهيكل المقدس من وجهة نظرهم بني هناك هم على خطأ، وهم اليهود على حق، وأول ما رأيته من على قمة الجبل تلك الآثار التي تعود إلى الفترة الرومانية والتي تعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد، وواضح أنها كانت منطقة سكنية، وحسب تقديرات المختصين بالآثار كان بالقرب منها (معبد زيوس الروماني) الذي تم بناؤه على تل الراس في القرن الثاني للميلاد، وكنيسة بيزنطية ومدرج كبير، إضافة للأسوار والبوابات ومباني كانت مخصصة للسكن، فجبل جرزيم كان مأهولاً بالسكان عبر العصور المختلفة، ومنها فترة اليونان (العصر الهلينستي) والتي تلت وفاة الاسكندر الكبير، وأيضا فترة الرومان وآثارهم واضحة في المواقع التي رأيتها وطالعت بقاياها، إضافة للفترة البيزنطية الواضحة من آثار الكنيسة، مرورا بالفترة الإسلامية وحضارتها.
وهناك اعتقاد أيضا أنّ هذه الآثار ربما تمثل المدينة السومرية التي تم هدمها وتدميرها في عام 128 ق.م على يد جون هيركانوس والذي دمر الهيكل السومري مرتين، فالسامريون تعرضوا عبر تاريخهم للاضطهاد والطرد والمذابح، ومثال لذلك أنه خلال فترة الامبراطور فلافيوس زينون " 474 -491م وفي عام 484م جرى بناء كنيسة مريم العذراء ذات الأضلاع الثمانية على القمة الرئيسة لجبل جرزيم، والتي هي أقدس أمكنتهم، وتحولت الكنيسة إلى حصن عسكري أيضا، فثار السامريون بسبب ذلك وتعرضوا للذبح والاضطهاد وتم اخماد ثورتهم، وهذه الكنيسة هدمت مرتين بعد ثورات السومريين، وأعيد بناؤها واستمرت حتى القرن الثامن الميلادي ومن ثم هجرت، وكذلك الحصن انهار بعدها.
بعد ذلك مررت بمذبح النبي اسحق، وهو عبارة عن صخرة تحدد موقع ما يعتبره السامريون على أنه المكان الذي أراد سيدنا إبراهيم أنْ يضحي بولده أسحق تصديقا للرؤية، فالسامريون وهم فلسطينيون عبر التاريخ يمثلون طائفة دينية صغيرة، ولعلها من أصغر الطوائف في فلسطين، لها شرائعها وأعيادها الخاصة بها وطقوسها الدينية من صلاة ووضوء وحج وزكاة، ويؤمنون أنّ الآثار الموجودة على جبل جرزيم تمثل بقايا الهيكل الأول الذي بناه يوشع بن نون حين غزا مدينة أريحا وبعض قليل من فلسطين، ويؤمنون ضمن حسابات فلكية تخصهم أنّ جبل جرزيم هو مركز العالم، وأنّ سيدنا إبراهيم كان هناك وليس في مكة المكرمة، وأنّ سيدنا موسى أمرهم ووجههم لجبل جرزيم لتقديسه وتحويله إلى قبلة للصلاة والحج، وأن هذا وارد في الوصايا العشر التي وردت في التوراة السامرية ويؤكدون أنها أقدم نص توراتي مثبت في العالم، وحسب معتقدهم هي التي علمها الله سبحانه وتعالى لسيدنا موسى عليه السلام، ولذا يسمون المساحة الصخرية على جبل جرزيم (تلة العالم).
ومن مذبح اسحق مررت على معصرة عنب، وهذه المعاصر اشتهرت في فلسطين عامة، وهي أيضا كانت بشكل عام قرب حقول العنب أو بجوار الأديرة البيزنطية، ولكن مما شاهدته أنّ بقايا الدير البيزنطي ما زالت قائمة خلف المعصرة ومن حولها، ومن بعده شاهدت المساحة الصخرية الكبيرة التي يسمونها (تلة العالم)، وهذا مرتبط بالإيمان السومري وفي شرائع ديانتهم، لننهي الجولة بمشاهدة (مقام الشيخ غانم) الذي بني في عهد القائد صلاح الدين الأيوبي، كما أشار لهذا الأستاذ اسحق السامري اضافو للمصادر التاريخية التي تؤكد ذلك، ومن المعروف أنّ القائد صلاح الدين الأيوبي شجع بناء المقامات لاستثارة الحس الديني لدى الشعوب العربية، لمقاومة الصليبيين الأوروبيين وتحرير فلسطين والقدس من رجس استعمارهم، والمقام عبارة عن مبني يقع على الزاوية الشرقية لبقايا الحصن الذي أحاطته كنيسة سيدتنا مريم العذراء.
هناك روايات متعددة حول مقام الشيخ غانم، فقد ذكره الشيخ مصطفى أسعد اللقيمي وقال: "من المحتمل أنْ يكون صاحب القبر هو غانم بن عيسى بن موسى بن الشيخ غانم المتوفي سنة 770 هـ، وأن المدفون بالقرب منه هو ( قبر ولده الشيخ عبد السلام) ولعله والد العز بن عبد السلام بن غانم المقدسي سلطان العلماء"، وفي روايات أخرى أنّ هذه البقعة والقائمة على طرف ما تبقى من آثار كنيسة بيزنطية وحصن، أقام فيها الشيخ غانم بن علي الأنصاري والمولود في قرية بورين القريبة، وبنى زاوية ليتعبد فيها، وأنّ القبر لأحد مريدي الشيخ الذي سكن القدس فيما بعد، بينما تنسبه مصادر أخرى إلى الشيخ عثمان الأنصاري، والمقام مرتفع ومبني من طابقين وهو بحالة سليمة ولكن الاحتلال أغلقه ومنع زيارته والدخول إليه، واعتدى على القبور التي حوله وأخفى أثرها.
فقمت بمشاهدته من الخارج، والتقطت عدستي له الصور، وهذه الآثار تم اكتشافها خلال حفريات في عهد الاحتلال البريطاني عام 1940م، وفيما بعد وتحديدا عام 1992م بدأت أعمال الحفريات من خلال دائرة الآثار الإسرائيلية لحكومة الاحتلال، وفي المرحلتين تم الكشف عن بقايا الكنيسة والمعبد السامري والبيوتات السكنية وصهريج ماء ضخم يعود للفترة اليونانية، ومن ثم تم الاستيلاء على المنطقة بالكامل من قبل الاحتلال الصهيوني بعدما تبين احتوائها على الكثير من الآثار.
حدثني الأستاذ اسحق السامري الكثير حول ديانة الطائفة، ومواقع سكنها التي كانت تمتد في اليمن وبلاد الشام، وأنّ سيدنا داوود عليه السلام اجتمع بهم في نابلس وأبلغهم عن نيته نقل الهيكل من جرزيم إلى القدس، ولكن الملاك أتى له بالحلم وقال له: "أنا الرب المعبود وهذا مكاني المعهود"، فغير رأيه وبقي الهيكل في جرزيم ولم ينقل أو يبنى بالقدس أبدا كما يدعي اليهود، وحدثني أنهم يعلِّمون أطفالهم بمدرسة خاصة الديانة السامرية واللغة العبرية القديمة، ومن ثم يكملون دراستهم في مدارس نابلس الحكومية، وأشار أنهم لا ينخرطون بالعمل السياسي، وأنه كان لهم مقعد بالمجلس التشريعي في عهد الشهيد ياسر عرفات، ولكن تم إلغاء هذا المقعد بالفترة اللاحقة، وأنهم يحملون الجنسية الفلسطينية والأردنية والإسرائيلية أيضا من أجل التواصل مع باقي أفراد الطائفة في منطقة "حولون" بين تل أبيب ويافا، وهم عبر التاريخ عاشوا بكل محبة وتآخي وتعايشوا مع الفلسطينيين من أبناء مدينة نابلس كأبناء وطن واحد، بغض النظر عن الديانات والمعتقدات، ويتحدثون اللهجة النابلسية المميزة كونهم جماعة من أهل نابلس، والمجال فعليا لا يتسع للحديث عن كل ما حدثني به الأستاذ اسحق، فاهتمامي مركز على الأماكن التراثية والأثرية والتاريخية، وهناك مصادر كثيرة لمن أراد التعرف على الديانة السومرية.
في نهاية المطاف عدنا إلى الحي السامري، ولكن بكل أسف لم نتمكن من زيارة المتحف السامري لتأخر الوقت، وهو يحتوي على مخطوطات ووثائق ومستندات وآثار من عملات قديمة وزجاج وفخار أثري يروي بعض من تاريخ المنطقة، فودعنا بكل الشكر الأستاذ اسحق، وغادرنا الحي مارين بسفح الجبل عن مسجد ياسر عرفات، ومن ثم واصلنا طريقنا إلى محطة النقل العام لأتمكن من العودة إلى بلدتي جيوس، فقد شغلتني الرحلة المزدحمة بالمشاهدات وتأخر عليّ الوقت، فوقفت مودعا مضيفيني ومرافقيني د. لينا الشخشير والشاعر مفلح أسعد، استعداداً لزيارة أخرى ستبدأ بزيارة إلى مكتبة نابلس العامة تلك المكتبة التي تشكل أحد أهم الصروح الثقافية، ومن ثم استكمال بعض من برنامجي الطويل لمدينة نابلس.
في رام الله أجلس بهذا الصباح متمتعا بصوت المطر وعزف الريح في الخارج في بيت شقيقي جهاد الذي وصلته من الربى الكرمية، أحتسي قهوتي وأتذكر جولاتي في نابلس متمتعا بشدو فيروز: "أنت معي.. سراجنا مضاء، ليلتنا ملاح وكوخنا يموج، أنت معي.. فلتمطر السماء ولتعصف الرياح ولتهطل الثلوج"، فأهمس: صباحك أجمل يا وطنا يسكنني في حلي وترحالي، صباحك أجمل يا نابلس.
CONVERSATION
صدورُ عدد جديد من مجلة الشُّعاع
*- كلمة العدد - بقلم المحرر المسؤول الأستاذ نيقولا مسعد
*- لقاء مع الشاعرة والأديبة ميساء الصح - أجراه الشاعر والإعلامي حاتم جوعيه - سكرتير تحرير مجلة الشعاع .
*- مقال في اللغة العربية - بقلم : الأستاذ يوسف مسعد
*– مقال طبي بعنوان : إلتهاب الجهاز التنفسي - حقائق وحلول .
*- مقال بعنوان : تلابس القصائد الشعرية - بقلم : الدكتور مصطفى الجوزو - من لبان .
*- محمد عبد الوهاب..مجدد الموسيقى والغناء في القرن العشرين - بقلم : إلياس سحاب ( ناقد فني من لبنان )
*- لقاء مع الفنانة المصرية الكبيرة إلهام شاهين – حوار نيرمين زكي . *- لقاء مع الفنانة اللبنانية أليسا .
*- مقال بعنوان : الغيرة بين الاشقاء - بقلم : كارين اليان .
*- حوار مع النجم السوري باسل الخياط .
*- مقال بعنوان : كل ما تحتاجينه لتنمية قدرات طفلك الفكرية – بقلم كارين اليان ..
بالإضافة إلى مقالات ومواد عديدة ومتنوعة علمية وثقافية وإجتماعية .
والجدير بالذكر أن مجلة الشعاع التي تصدر في يافة الناصرة هي المجلة المحلية الوحيدة التي تصدر بشكل متواصل وتتناول المواضيع والأمور البنَّاءة، وأهمّها المواضيع الفنيَّة والأدبيَّة، وهي مجلة غير تجاريَّة وتهمُّ وتعني جميع شرائح المجتمع .
( خبر فني : من : حاتم جوعيه - المغار - الجليل - فلسطين )
CONVERSATION
كتابان جديدان للأنثروبولوجي والأكاديمي البحريني الدكتور عبدالله عبدالرحمن يتيم
ضمن إصدارتها الجديدة نشرت دار نشر نينوى مؤلفين جديدين للأنثروبولوجي والأكاديمي البحريني، الدكتور عبدالله عبدالرحمن يتيم، الأول بعنوان «الخليج العربي: دراسات أنثروبولوجية»، أما الثاني فكان بعنوان «الأنثروبولوجيا الفرنسية: تاريخ المدرسة وآفاقها»، وقد تم تديشن المؤلفين في معرض الآيام للكتاب في العاصمة البحرينية، المنامة فى أوائل هذا الشهر. وقد لاقى الكتابين أهتمام كبير من قبل النقاد والصحافة البحرينية، ونظرا لأهمية كتاب «الأنثروبولوجيا الفرنسية» سواء لجهة جدة البحث في تاريخ الفكر الأنثروبولوجي الفرنسي على الصعيد العربي، من جهة، وتقاطع موضوع الكتاب من إسهامات غربية أخري لا تزال تواصل البحث والكتابة النقدية في تاريخ الفكري الأنثروبولوجي الأوروبي الغربي، بصفة عامة، ورغبة في تعميم الفائدة يسر «الشرق الأوسط»، نشر هذا المقطع المهم من الكتاب
الأنثروبولوجيا الفرنسية
لا تزال تستوقف الأنثروبولوجيا الفرنسية الدارسين لتاريخ الفكر الأنثروبولوجي، خاصة لجهة تميُّز نظريات ومناهج هذه المدرسة العريقة، بل حتى شخصيتها الفكرية العامة عن بقية المدارس الأنثروبولوجية. ولعل من العلامات البارزة لتميُّز هذه المدرسة، هو الدور الذي لعبه عدد من الأنثروبولوجيين الفرنسيين منذ النصف الثاني من القرن العشرين، مثل: كلود ليفي ستروس، بيير بورديو، لويس دومون، موريس غوديليه، وميشيل ليريس، في الفكر والنظرية الأنثروبولوجية؛ خاصة إذا ما تمت مقارنة هذا الدور بالدور الذي لعبه السوسيولوجيون والمؤرخون الفرنسيون، مثل: إميل دوركايم، مارسيل موس، فرناند بروديل، ومارك بلوخ، عبر تجاربهم في مدرسة «الحوليات» عامة، و«الحوليات الاجتماعية» و«الحوليات التاريخية» خاصة، في تطور العلوم الاجتماعية والإنسانية في العالم الأنكلوساكسوني.
والحال، فأنه إذا كان دوركايم وبروديل وبلوخ قد تمكنوا من لعب دورهم في تاريخ تلك العلوم من خلال «مدرسة الحوليات» واحتلالهم المشهد الفكري منذ النصف الأول من القرن العشرين، فإن معالم هذا المشهد قد أخذت تتغير في النصف الثاني من القرن القرن العشرين، ذلك من جراء تأثير أعلام أنثروبولوجية فرنسية بارزة، مثل: ليفي ستروس، بورديو، دومون، غوديليه، ليريس، وآخرين. لقد أتى هؤلاء بمفاهيم ونظريات أنثروبولوجية مختلفة عن تلك البريطانية والأمريكية السائدة آنذاك، بل أتوا بأعمال إثنوغرافية لافته جعل منها علامات فارقة في تاريــــخ الفكر الأنثروبولوجي.
وعلى الرغم من ذلك الإسهام، والنفوذ المتعاظم للمدرسة الفرنسية، إلا أن نصيبها من البحث والدراسة ظل قليلاً في نطاق الدراسات المنشورة عنها باللغات الأوروبية، أما في نطاق اللغة العربية فيكاد يكون الأمر نادراً، إنْ لم يكن معدوماً. وعليه فإن هذه الدراسة تطمح لسد بعض من أوجه هذا النقص، من خلال تسليط الضوء على تاريخ هذه المدرسة ومحطاتها الرئيسة وأعلامها البارزة، بهدف الوقوف على المعالم البارزة للشخصية العامة للأنثروبولوجيا الفرنسية.
من الفلسفة إلى الإثنوغرافيا
تنتمي الأنثروبولوجيا الفرنسية المعاصرة إلى بدايات القرن العشرين، حيث أخذت شخصيتها في التبلور مما جعل منها مدرسة في الأنثروبولوجيا تختلف عن نظيرتيها: المدرسة البريطانية والمدرسة الأمريكية. وتستمد هذه الشخصية تجربتها وتميزها من تقليدين أساسيين: من الناحية الأولى، امتازت هذه المدرسة باستمرار استنادها على تقاليد «النظريات الكبرى»، ومن الناحية الثانية على الدراسة التفصيلية والصارمة للحقائق والمعلومات. وقد شهد تاريخ المدرسة الفرنسية استقطابات حادة بين كلا الاتجاهين في مراحل معينة من تطورها، وفي مراحل أخرى ساد التكامل والتعاون بين الاتجاهين. وتعكس التجارب والأعمال الأنثروبولوجية الفرنسية خلال ما يزيد عن القرن مسار كلا الاتجاهين وتأثيراتهما في الخلاصات النظرية التي نتجت عنها والتي أخذت تترك تأثيراتها على الأكاديميات والمعاهد الفرنسية وغيرها في القارتين الأوروبية والأمريكية.
أما على المستوى العام، فالمدرسة الفرنسية تمتاز على المستوى الأنثروبولوجي بتشابك وانشغال الأكاديميين والباحثين فيها بالقضايا الفكرية والفلسفية التي تشغل الحياة الفكرية والفلسفية العامة في فرنسا والتي تقع بطبيعتها خارج أسوار الأكاديميات المعروفة، وهي في هذه الخصيصة لا تختلف عن بقية العلوم الاجتماعية والإنسانية في فرنسا. وهكذا لعب تماهي الحياة الأكاديمية مع الحياة الفكرية والثقافية العامة دوراً في لعب عدد من الأنثروبولوجيين الفرنسيين أدواراً مهمة في الحياة الفكرية والثقافية العامة. وقد ابتدأ هذا التقليد عند «إميل دوركايم» و«مارسيل موس»، وتَواصَل بعد ذلك مع «كلود ليفي ستروس»، مروراً بأسماء كثيرة، حتى شهدنا ذلك لدى «موريس غوديليه» و«بيير بورديو» في العقد الأخير من القرن العشرين.
لقد كان للشخصية الثقافية الفرنسية أثرٌ في تشكُّل معالم الأنثروبولوجيا الفرنسية، ذلك أن فرنسا تمتلك ثقافة فكرية عامة وفرت هامشاً كبيراً للمتعلمين من العامة للانشغال بالقضايا الفكرية والفلسفية، وهي من المميزات التي جعلت التجربة الفرنسية تختلف عن مثيلاتها في بريطانيا وأمريكا الشمالية. لذا فليس بمستغربٍ أن تحتل شخصية مثل ليفي ستروس تلك المكانة الهامة في الحياة الفكرية العامة، وذلك ليس بصفته أنثروبولوجياًّ أو أكاديمياًّ مرموقاً، بل بصفته كاتباً يمتلك نصوصاً نثرية تمتاز بالجمال والرقة الأدبية والعمق الفلسفي. وهكذا أصبحت الأنثروبولوجيا الفرنسية، من خلال انشغالها بالحياة الثقافية والفكرية العامة، أكثر ارتباطاً بالعلوم الإنسانية الأخرى وبالفلسفة والأدب، إلى درجة أنه كان لكل التطورات الكبرى في المجالات الأنثروبولوجية الفرنسية انعكاساتها وتفاعلاتها خارج النطاق الضيق للعلم ذاته. ولعل قراءة سريعة للسِّيرَ الذاتية لأبرز الأنثروبولوجيين الفرنسيين تكشف لنا مدى انشغالهم بالقضايا الفكرية والاجتماعية التي كانت محل شد وجذب في الحياة الثقافية والسياسية العامة في فرنسا، فهكذا كان شأن دوركايم وليفي ستروس وبورديو وغوديليه مثلاً. ومن نماذج تلك الانشغالات السجال المعروف الذي دار بين الفيلسوف الفرنسي «جان بول سارتر»، قطب الوجودية آنذاك، وليفي ستروس البنيوي من جهة أخرى. كان هجوم «سارتر» على بنيوية ليفي ستروس يتمحور حول نقده للطابع الحتمي الذي أراده لها ليفي ستروس، وهو ما يتعارض برأي سارتر مع الإرادة الحرة والمسؤولية الأخلاقية للفرد. وقد حمل «العقل البري» ردود ليفي ستروس العنيفة على سارتر والوجودية كفلسفة، مدافعاً في الوقت نفسه عن رؤيته الأنثروبولوجية والفلسفية. وفي رده على سارتر، بلغ الأمر بليفي ستروس أنْ صوَّر الفلسفة باعتبارها أمراً لا طائل من ورائه مقابل «الأنثروبولوجيا الإنسانوية» التي كان يسعى لتشيدها، بل وصل الأمر به أنْ رفض الطريقة التي كانت الفلسفة الفرنسية تنظر بموجبها إلى مفهوم «الموضوع»، وهو برأيه أمرٌ لم يأخذها بعيداً عن «الكوجيتو» الديكارتي. كما تصدى بقوة لرؤية سارتر السياسية حيث وجد أنها ليست أكثر من تطورية مُحدثة تنحو إلى تكريس تفوق الإنسان الغربي من خلال الرغبة في إدماج شعوب العالم الثالث في الفلك الغربي، وذلك عبر نشر القيم الغربية بينهم بغية «انتشالهم من حالة التخلف التي يعانون منها»!! وبرأي ليفي ستروس فإن ذلك يُعد تعبيراً عن تكريس مركزية الذات الأوروبية التي تسعى بطبيعتها إلى التقليل من قيمة الثقافات الأخرى، بل وتحرمهم حتى من حق الاختلاف.
وعلى الرغم من كل تلك الإنجازات الفكرية، إلا أن العلاقة بين الأنثروبولوجيا والإثنوغرافيا، أي بين المجالين النظري والعملي، ظلت أسيرة حالة من الالتباس. وفيما يلي سنعرض لتلك الحالة من خلال منظورين مختلفين، وربما متعارضين؛ حيث إننا نرى أن في طبيعة تلك العلاقة ما يمكن أن يكشف لنا عن ملامح مهمة في شخصية الأنثروبولوجيا الفرنسية.
الحاجة للسرد الإثنوغرافي
المنظور الأول يستدعي أهمية أنْ يتوقف الدَّارس لتاريخ الأنثروبولوجيا الفرنسية أمام سمة عامة ميَّزتها على الصعيد المنهجي عن مثيلاتها في العالم الأنجلو ساكسوني، فبعض الدارسين لتاريخ الأنثروبولوجيا، مثل «روبرت باركن»، يرون أن الأخيرة قد امتازت بتكامل واندماج حقيقي بين الانشغال النظري والعملي على المستوى الأنثروبولوجي، فالإسهامات النظرية هناك كان مصدرها شخصيات أنثروبولوجية عُرِف عنها قيامها بأعمال حقلية إثنوغرافية في مجتمعات وثقافات معينة نتجت عنها نظرياتهم وإسهاماتهم الفكرية التي أصبحت معروفة بعد ذلك. ولعل المثال الأبرز على الصعيد العام وليس الحصري «مالينوفسكي» في بريطانيا و«بواز» في أمريكا. وعليه أصبح ما يميز كلاً من الأنثروبولوجيا البريطانية والأمريكية، هو تكامل واندماج الجانب النظري الأنثروبولوجي بالشق العملي الإثنوغرافي، أما الأنثروبولوجيا الفرنسية فقد امتازت منذ سنواتها الأولى وحتى عقود قريبة جدًّا بانفصال الشق النظري عن العملي، فالأنثروبولوجيون أصبحوا موزعين بين صنفين: الصنف الأول نظري يتسم بضعف تجاربه الحقلية الإثنوغرافية ولنا في موس وليفي ستروس مثال على ذلك، حيث اتسمت تجاربها الحقلية بمحدوديتها، فعلى سبيل المثال لم يمتد العمل الحقلي لموس في المغرب أكثر من ثلاثة أسابيع خلال عام ١٩٥٩م؛ أما ليفي ستروس فقد عُرِف عنه عدم قيامه بأي عمل حقلي على النمط المالينوفسكي، إذ إنه حتى خلال عمله بجامعة سان باولو (١٩٣٥-١٩٣٨م)، اقتصرت أعماله الحقلية على القيام بزيارات قصيرة اتسمت بكونها رحلات استكشافية للمناطق الداخلية النائية من البرازيل، المعروفة بالآمازون.حيث ستشكل الملاحظات الإثنوغرافية التي جمعها مادة لتحليلاته اللاحقة لموضوع «الأسطورة». وقد امتازت تجاربه الإثنوغرافية تلك بطابعها الاستكشافي وبعدم ملامستها العميقة، عبر العمل الحقلي الإثنوغرافي، للحياة اليومية لتلك المجتمعات.كما بلغ الحال بليفي ستروس أن أعرب بنفسه مراراً عن عدم حُبهِ للعمل الحقلي، وهو مما يعتقد الباحثون كونه سبباً في عدم مواصلته بعد ذلك لمسيرته المهنية كأنثروبولوجي مُحترف.
والحال، فقد غلبت إذاً على هذا الصنف من التجارب براعة أصحابها في توظيف تلك التجارب الإثنوغرافية في أفكارهم ونظرياتهم الأنثروبولوجية وغيرها، ونشمل معها في هذا المقام تجربة بيير بورديو في الجزائر. أما الصنف الثاني، فقد حاول أن يمتاز بتمكنه من تجارب العمل الحقلي الإثنوغرافي، ولكن بمحدودية توظيف تلك التجارب في الأطر النظرية العامة، لذا لم تأت تجارب هؤلاء وأعمالهم الحقلية بالثمار المتوقعة، فتجارب «مارسيل غرويل» والفريق المصاحب له في «بعثة دكار-جيبوتي» في مجال الإسهام النظري الأنثروبولوجي ظلت محدودة قياساً بتجربة كل من «أرنولد فان جنب» و«روبرت هيرتز»، هذا على الرغم من أن هذين الأخيرين قد أنجزا أعمالاً إثنوغرافية في مجتمعات وثقافات أوروبية. وبالرغم من محاولات أصحاب تلك التجارب الحقلية تكريس أثر أعمالهم الإثنوغرافية ومناهج العمل الحقلي في إنتاج المعارف النظرية والإثنولوجية منها أو الأنثروبولوجية، إلا أن تجاربهم تلك لم يُكتَب لها النجاح المفترض. ويعزو بعض الدارسين تلك الحالة إلى الموقف السلبي الذي اتخذه دوركايم ومدرسته لاحقاً من الفلولكور وأعمالهم الحقلية في أوروبا، خاصة خصوماته المعروفة مع فان جنب، ومحاولة الأخير دحض أنثروبولوجيا المقاعد الوثيرة التي كانت سائدة بين أتباع المدرسة الدوركايمية، وذلك من خلال إصراره على مواصلة أعماله الحقلية الإثنوغرافية في مجتمعات محلية أوروبية متفرقة.
وكان من بين العوامل التي عززت من ضعف تجربة العمل الحقلي خلال تلك الفترة الزمنية من تاريخ المدرسة الفرنسية، تأثير تجارب الهيمنة الكولونيالية الفرنسية التي أتاحت الفرصة أمام تلك الأدارة الكولونيالية لقيام مجموعة من الإثنوغرافيين، من المحترفين والهواة منهم مثل: إداريي المستعمرات والمبشرين والضباط العسكريين وغيرهم، بإنجاز أعمال حقلية اتسمت بالهزالة مقارنة بأقرانهم آنذاك في بريطانيا وأمريكا وألمانيا وهولندا على سبيل المثال.
كما برزت عوامل أخرى في مسيرة الأنثروبولوجيا الفرنسية كان لها الدور بالبارز في مضاعفة إشكالية الانفصال بين الجانب النظري والعملي وتأثيراتهما على إنتاج المعرفة النظرية الأنثروبولوجية، فقد كان لغياب التخوم والاحتراف الأكاديمي في ميادين العلوم الاجتماعية والإنسانية الأثر السلبي في عدم وجود الحدود الفاصلة والواضحة المعالم بين علم الاجتماع والأنثروبولوجيا والإثنولوجيا، وهو ما تسبب في عدم معرفة من هم أولئك الأنثروبولوجيون بين كبار شخصيات تلك العلوم، فكان أحد الدارسين لتاريخ الأنثروبولوجيا الفرنسية يتساءل: هل يمكن اعتبار دوركايم فيلسوفاً أم عالم اجتماع؟ وهل موس وبورديو عالما اجتماع أم أنثروبولوجيان؟ وماذا عن «ميشيل فوكو»: هل هو مؤرخ أم عالم اجتماع؟ ومن تأثيرات تلك الخاصية، كما يرى أحد الدارسين أيضا، أن هناك قدراً من اللالتزام والتقيد الشخصي من قبل صاحب النظرية بالخط الفكري الذي دشَّنه وهو ما سيطبع مستقبل مسيرته الفكرية والمهنية؛ وهي تجربة تختلف عن مثيلتيها في بريطانيا وأمريكا، حيث استحالة أنْ نجد تجارب في فرنسا لشخصيات شبيهة بتجربة «وليم ريفيرز» في بريطانيا و«مارشال سالينز» في أمريكا. وبالرغم من ذلك، هناك استثناءات في المدرسة الفرنسية، نذكر منهم: «لويس دومون» و«موريس غوديليه». وحيث امتازت تجارب هذين بالتفوق بل بالتميز على الصعيدين النظري والعملي، فقد أسهمت أعمالهما الإثنوغرافية والأنثروبولوجية في إحداث تحولات كبيرة ليس على مستوى المدرسة الفرنسية فحسب، وإنما على النطاق العالمي كذلك.
والحال، فإن الأنثروبولوجيا الفرنسية وإنْ أبدت خلال تلك العقود اهتماماً عميقاً بالإثنوغرافيا، فإن هذا الاهتمام ظل معزولاً عن الانشغالات النظرية التي كانت هي الأخرى عميقة الطابع، فالتحليل الإثنوغرافي ظل منفصلاً عن مثيله الأنثروبولوجي، فقد ظل الانشغال بتحليل المادة الإثنوغرافية في معزل عن أي جهد أو منهج مقارن، بل عن أي جهد على مستوى التأويل الأنثروبولوجي النظري. وهو الأمر الذي جعل من الإثنوغرافيا الفرنسية تتصف بالطبيعة الإمبريقية الصارمة، ولكنها في الوقت نفسه بعيدة كل البعد عن أي استنتاجات أو آفاق نظرية. وحتى نستكمل هذا المشهد التحليلي لتلك الالتباسات في تاريخ المدرسة، علينا مقارنته في ضوء المنظور الآخر، حيث سنتمكن من الوقوف على العلاقة الملتبسة بين الانشغال النظري والعملي، أي بين الأنثروبولوجيا والإثنوغرافيا.
CONVERSATION
نعم هكذا نكّرم كبارنا.... موسى زغيب انه شلح من ارز لبنان
البرلمان الاوسترالي في الولاية يكرم عملاق الزجل اللبناني الشاعر موسى زغيب والاعلامي بادرو الحجة يقدم له شهادة التقدير باسم النائب الاوسترالي في ولاية نيو ثاوث ويلز ووزير الظل الاستاذ جهاد ديب وبرعاية نقابة الزجل في لبنان وحضور حشد من الشعراء والأدباء والإعلاميين ووجوه اجتماعية في المعهد الانطوني في بعبدا.
البداية كانت مع النشيد الوطني اللبناني والاوسترالي.
قدمت الاحتفال الدكتورة كلوديا ابي نادر وتكلم نقيب الشعراء جورج ابو انطون وأهدى زميله المكرم كلمة ارتجالية وكلمة النائب ديب القاها بادرو الحجة وختمها بشعر موسى زغيب وكرمه بشهادة التقدير الاوسترالية وفي الختام ألقى الشاعر المكرم كلمة شعرية مؤثرة شاركاً الجميع.
يذكر بأن خمسة من عمالقة الزمن الجميل تم تكريمهم مؤخراً من قبل البرلمان الاوستراليnsw في وطن الارز والجمال لبنان
يمكنكم مشاهدته على هذا الرابط: https://www.facebook.com/260936020760774/posts/1023907711130264/
CONVERSATION
محاضرة للدكتور احمد اغبارية في المكتبة العامة ابن زيدون حول مكانة الدين والنبوة في فلسفة الفارابي
أم الفحم- من شاكر فريد حسن
في اطار سلسلة المحاضرات الثقافية الفكرية التي يقدمها الأستاذ د. احمد اغبارية، بالمكتبة العامة ابن زيدون في أم الفحم، ألقى محاضرة حول " مكانة الدين والنبوة في فلسفة الفارابي "، حضرها عدد من المثقفين والمهتمين وأعضاء نادي القراء بالمكتبة.
وقد أضاء د. اغبارية في محاضرته على العناوين العريضة التي اهتم بها الفارابي وهي الفلسفة، المنطق، الموسيقي، وأسهب في الشرح لنظرية الفيض وكيفية انبثاق الكون، وهي خلاف محوري ومركزي بين الفلاسفة والمفكرين والمتكلمين، مشيرًا الى ان الفارابي جمع بين علم الفلك والميتافيزيقيا الافلاطونية.
هذا ونالت المحاضرة على اعجاب واستحسان الحضور الذي طالب بالمزيد من هذه المحاضرات المهمة الهادفة والجادة لزيادة ونشر المعرفة.
وبدورها اجزلت مديرة المكتبة السيدة بديعة خليفة أبو زينة الشكر للمحاضر د. احمد اعبارية على تعاونه وتقديم هذه المحاضرات بشكل تطوعي.
CONVERSATION
لوحة الرسام اللبناني شوقي دلال على غلاف رواية سورية مصرية مُشتركة
نظراً لمسيرته الفنية الغنية على مدى 35 عام عبر مشروعه الفني بعنوان "أبجدية إينانا" تم إختيار لوحة الرسام التشكيلي اللبناني بوضعها على غلاف رواية مشتركة بين الكاتبة السورية جهينة العوام والكاتب المصري محمود عبد الغني بعنوان” واو الدهشة ” الصادرة عن دار فواصل للنشر في بيروت، وهي تجربة جديدة تقوم بها كاتبة سورية مع كاتب مصري وقد إلتقيا من خلال معرفتهما لبطل الرواية رجا العارف النحات والرسام .
ومعروف عن العارف انه رصد أموراً وأحداثاً كثيرة بدأت بأحداث الثورة السورية الكبرى وصولاً الى خروج الإحتلال الفرنسي الذي «منح» الاستقلال في لبنان وسوريا. ويعتبره عديدون انه الفنان ” المغرّد خارج السرب.
وروايته للأحداث جعلت الكاتبان يضعان كل ثقلهما للكشف عن هذا اللغز الذي يُدعى رجا العارف ووالده سعد القنَّاص الذي طارد مع مجموعة من المقاومين فلول الجيش الفرنسي.
وقد التقط الروائيان كماً من المشاهد التي انفرد ذهن كل منهما بقسم منها قبل أن يعيدا خلطها لتكون اللعبة الروائية التي تارةً تحاكي لغة الصداقة والقربى والجيرة، وطوراً تكتسب قالب الباحث عن الدهشة واللاهث وراء ظهور الحقيقة، وفك اللغز في نهاية مطاف مشوار الفرادة…
الصورة؛ لوحة الرسام شوقي دلال على غلاف الكتاب السوري المصري
CONVERSATION
صباحكم أجمل/ ولنا لقاء آخر ايدون
بقلم وعدسة: زياد جيوسي
الحلقة الرابعة
رغم طول الجولة وحرارة الجو لم نكن نشعر بالتعب أثناء تجوالنا، وكنت أريد أن أكسب الوقت برؤية أكبر مساحة من ايدون قبل أن أغادرها عائدا إلى عمّان، والجميل أن مضيفيني والمرشدين كانوا أيضا يشعرون بالحيوية والنشاط، فاتجهنا من منازل الحاج محمود علي الخصاونة التي تحدثت عنها في الحلقة السابقة باتجاه مبنى الغربالة، وهو مبنى صغير مبني من الحجارة كان في الأصل نقطة للانتداب البريطاني أثناء احتلاله للأردن بعد الحرب العالمية الأولى واتفاقية سايكس بيكو حتى انتهاء الاحتلال، واستخدم مدرسة لفترة ثم مكان لغربلة الحبوب والقمح ومن هنا استمد الاسم، وأثناء زيارتي كان مستودع للبلدية، لكن بعدها جرت المطالبة من الأستاذة والشاعرة منى عثامنة والمهتمين بالشأن الثقافي بأن يكون مركزا ثقافيا وأعتقد أنه قد جرت الموافقة المبدئية على ذلك.
واصلت ومضيفيني الرائعين العم أبو خالد "أحمد أبو دلو" والمربيات الفاضلات منى عثامنة وهند أبو دلو والأستاذ الشاب عبد الرحمن العثامنة والفنانة التشكيلية ربا أبو دلو جولتنا، فاتجهنا نحو بيت السيد محمود عبد الله العثامنة عليه رحمة الله وهو جد مرافقنا الشاب الأستاذ عبد الرحمن العثامنة، حيث يوجد بيت من البيوت التراثية بجوار المنزل الحديث ما زال محافظا عليه، وبوابته خشبية من ذوات المفاتيح الكبيرة التي أذكر أنها كانت تستخدم بطفولتي للأبواب وخاصة الخارجية، وقام عبد الرحمن بفتح الباب ودخلنا إلى داخل البيت الذي يستخدم الآن مخزنا للحبوب، وهو بحالة جيدة ومبنيٌّ على نظام العقود المتوازية وسقفه الأصليّ من الطين فوق أعواد القصب معتمدا على الدوامر المعدنية مما حفظه من الخراب، لكن جرى إضافة الاسمنت إلى السقف مما ساعد باستدامته والمحافظة عليه، وبوابته رغم أنها على شكل مستطيل فوقه قطعة حجرية كبيرة على عرض الباب ومرتكزة على جوانبه الحجرية، إلا أنه من الداخل مبني على نظام الأقواس الحجرية، وفي الخارج كانت هناك حديقة جميلة مزينة بنباتات وورود يانعة إضافة لأشجار رمّان وتين، وكالعادة كانت المربّية هند تسارع للتّينة وتقطف حبّات شهيّة منها تطعمنا اياها، لكن على جانب هذا البيت التراثي كان هناك بيت آخر هدم مع الزمن ولم يتبقى منه إلا بقايا جدران وعقد واحد من عقوده المتوازية يقف كلوحة حزينة تروي حكايات الأجداد.
الجميل الذي فاجئني حين فتح لنا الشاب الهادئ عبد الرحمن بوابة مخزن يقع تحت البيت الحديث، ويستخدم مخزنا للحبوب أيضا، لنجد فيه مجموعة من الأدوات التراثية مثل الغربال والكربال والمنخل وخزانة عرضية بارتفاع محدود من الصناعات الخشبية التراثية اليدوية، إضافة لبابور جاز وميزان تقليدي والأوزان المرافقة له ومكانس قش من الصناعات اليدوية التراثية، وأدوات زراعية متعددة، فشكرت عبد الرحمن على هذه الزيارة وغادرنا لنختم الجولة بزيارة لبيت عبد النعيم أبو دلو رحمه الله والد العم أبو خالد أحمد وإخوته محمد ومحمود، وفي الطريق كان أبو خالد يحدثني كيف أنه كان في وسط البلدة بركة رومانية تتجمع بها المياه في فصل الشتاء وتحضر إليها الطيور فيكون المجال متسعا للصيد، وفي محيطها تنبت النباتات مثل الميرمية والشيح والبابونج وغيرها من نباتات مفيدة وكانت تعرف باسم بركة "العريف"، لكنها بكل أسف أزيلت وذهب أثر مهم يروي بعض من تاريخ ايدون كما ذهبت الآثار الرومانية الأخرى، حين بنيت مكانها عمارات سكنية أكلت مساحات الزراعة في ايدون أيضا، كما حدثني عن عادات أهل ايدون فقال: "في الأعراس والأفراح كانت الاحتفالات تتم بمشاركة الجميع ويسود الفرح البلدة كلها، وكان يتم تقديم وجبة غداء حيث تذبح الذبائح وتقدم المناسف عادة، وكان مبدأ (العونة) هو السائد فيشارك بالترحيب وتقديم الغداء للضيوف والحضور الأهل والأقارب والأصدقاء، وكان (النقوط) عادة سائدة تساهم بتخفيف العبء عن العرسان وأهل العريس، وكانت تقام الأفراح التقليدية التراثية والدبكة وزفة العريس بعد الاستحمام، فكانت العادات والأعراس لها بهجتها وليس مثل أعراس الصالات والفنادق، فالكل كان يشارك كما عائلة واحدة، وكذلك في حالات الترح حيث يشارك الجميع بالصلاة والجنازة وبيت العزاء وإكرام أهل الفقيد أو الفقيدة بتقديم وجبات الأكل والعزائم، بينما نجد الآن التغيرات الاجتماعية وتكلف أصحاب العلاقة بهذه الواجبات والتكاليف".
وصلنا البيت وهو عبارة عن أربعة بيوتات متجاورة لكل فرد من الأسرة بيت يضمه وأسرته، وكان واضح أن البيت بني في مرحلة متقدمة، فحجارته ما زالت محافظة على نظافتها وجمالها، والأسقف عبارة عن الخرسانة وقضبان الحديد، والنوافذ مزودة بحديد الحماية والأبواب معدنية، ولكن الجدران كانت سميكة تحفظ البرودة صيفا والدفء شتاءًا، وفي الجدران الفاصلة بين البيوت فراغات للاستخدام مثل (مصفت) لفرشات النوم والأغطية، وأخرى عبارة عن خزائن للحفظ ومكان لوضع مصابيح الإنارة قبل وصول الكهرباء للبلدة، وأمام البيوتات مساحة متصلة مبلطة وبقايا معرشات عنب تظللها كانت تستخدم للجلوس والسهرات الأسرية، وأمامها مساحة كانت مزروعة من الأرض وما زالت بعض البيوتات التراثية تحيطها، كما دخلنا للبيت المجاور الذي بناه أبو خالد وسكنه قبل أن يعمر بيت حديث في المناطق الحديثة من ايدون، وشاهدنا بئر الماء والحديقة ولكن بكل أسف كانت المغارة مدفونة فلم نتمكن من مشاهدتها.
كنا نتجول وكنت أشاهد الفرح على وجوه هند وربا وهن يستعدن ذكريات الطفولة الحلوة والبسيطة، فهنا ولدن ونشأن فبقيت الذكريات التي لمست انثيالها من ذاكرتهن والمرح حتى خيل إليَّ أنهن عدن طفلتين في تلك اللحظات، قبل أن نختم الجولة (الإيدونية) متجهين إلى بيت أبو خالد لتناول الغداء المتأخر مع طول الجولة من الصباح.
كما عادات أهل ايدون في إكرام الضيف كانت المائدة عامرة بأطايب الطعام رغم أني تمنيت عليهم أن يكون الطعام خفيفا كي أتمكن من سياقة السيارة عائد إلى عمّان برفقة الفنانة ربا وزوجتي ختام وحفيدي المشاكس الصغير محمد بعد التعب والتجوال الطويل، ولكن العم أبو خالد وزوجته الرائعة المربية آمال شرار وابنتهم الرائعة هيا كانوا يعتبرون أنهم مقصرين لأنهم استجابوا لرغبتي ولم تطبخ المناسف والتي تعتبر رمزاً من رموز إكرام الضيف واكتفوا بهذه التشكيلة الرائعة، وحقيقة أكلت بشهية فالطعام كان طيبا ومشكلا ويدل على نفوس طيبة، فنحن نردد دوما أن الطعام يمثل نفوس من طبخوه.
بعد الغداء ومع القهوة كان أبو خالد والسيدة منى عثامنة يواصلون قص الحكايات عن ايدون ومنها حكاية الحاج محمد المساد العمري وهو رجل بسيط مؤمن، كان الناس يأتونه حين تأخر المطر فيذهب بهم إلى منطقة مرتفعة بني فيها لاحقا مشفى ايدون، وهناك كان يصلي بهم صلاة الاستسقاء وهي من السنن النبوية في الإسلام، وبعد الصلاة لا يتوقف عن الدعاء حتى يهطل المطر مدرارا وغيثا عميما ويعود الناس وقد أصابهم البلل، وحدثني أيضا أنه كانت العادة عندما يلمح المزارعون البرق من منطقة شمال البلدة وكانوا يدعونها مسمار أبو غصاب "الحاج مفلح الخليفة أبو دلو" لوجود مسمار معدني كبير على بوابة إحدى القلاع الكبيرة في المكان الواقع بمنطقة رباع الشومر القريبة من أراضي إربد وزبدة وناطفة، حينها يعلمون أن المطر سيتبع البرق الذي تمت رؤيته من هناك فيستبشرون خيرا.
ايدون هذه الواحة الجميلة والحورية الممتشقة القوام والمتميزة بالجمال تتكون من العديد من الأحياء والحارات، وهي من أكبر مساحات محافظة إربد وهي تتبع إداريا لواء ابن عبيد، وتتميز بامتدادها من الجبال في الأحياء الغربية نزولا إلى السفوح وصولا إلى المنطقة الشرقية السهلية والتي كانت بيادر للقمح وسلة الغذاء، ومن الجدير الإشارة إلى أن ايدون عرفت علماء أجلاء في تاريخها مثل الشيخ محمد بن يحي الشيخ نجم الدين الايدوني الشافعي وهو من علماء القرن العاشر الهجري وكان خطيبا في مساجد دمشق حتى وفاته عام 985ه، وأيضا المقرئ أحمد بن يحيي محي الدين الإيدوني الشافعي من علماء الفقه والتفسير وكان إماما بالمسجد الأموي بدمشق حتى وفاته عام 978ه، والشيخ أحمد بن أحمد بن محمد بن تقي الدين الإيدوني الشافعي والشيخ محمد بن موسى بن عيسى الايدوني، ومن الجدير الإشارة إلى أنّ أول مدرسة للذكور تأسست عام 1921م بينما أول مدرسة للبنات تأسست عام 1950 وكان المفترض أن نقوم بزيارة بعض المدارس لولا أن موعد الزيارة كان خلال العطلة الصيفية، ولاحقا تواصلت معي مدرسات ومديرة مدرسة ودعوني لزيارة مدارسهن في ايدون، ووعدت أن يتم ذلك حين يتم التنسيق مع الناشطة منى عثامنة إن ترتبت زيارة أخرى لايدون لأني لا أعرف الاستقرار طويلا في مكان.
ودعنا العم أبو خالد وشكرته والفريق المرافق على جهودهم وعلى حسن الاستقبال وكرم الاستضافة، كما شكرت المربية والناشطة الثقافية والمجتمعية منى العثامنة على تفرغها للجولة والمعلومات التي قدمتها، وغادرنا زوجتي وحفيدي والفنانة التشكيليّة ربا أبو دلو إلى عمان، لكن تحت إلحاح رفيقة الجولة المربية هند أبو دلو زوجة د.عصام أحمد زومط ذهبنا لبيتها الحديث الجميل في شرقي ايدون، واحتسينا على الشرفة وأمام الحديقة الجميلة القهوة وعصير المانجا الطازج، وتجولت برفقة عدستي الحديقة واعدا إياها بتلبية دعوتها لزيارة بيت راس التي تعمل بها مديرة مدرسة في وقت لاحق حين ترتيب البرنامج خلال زيارة من زياراتي القادمة بمشيئة الله للأردن الجميل..
ما أجمله من صباح مع انهمار مطر الخير والغيث العميم، وفنجان قهوتي احتسيها على شرفة وكني في جيّوس قريتي الهادئة والدافئة، متأملا الغيث على حديقتي وشدو فيروز تشدو: "راجعين يا هوى على دار الهوى على نار الهوى راجعين، منودع زمان ونروح لزمان ينسانا على أرض النسيان، نقول رايحين ونكون راجعين، على دار الحب ومش عارفين".
فأهمس وأنا استعيد ذكرى زيارتي لايدون: وداعا.. ولكن لا بد أنّ لنا لقاء آخر ايدون..
صباحك أجمل يا وطني..
"جيوس 30/11/2018"
CONVERSATION
ندوة عن جذور السريانية في المحكية اللبنانية والسورية
كتب نزار حنا الديراني ـ
عقدت لجنة متابعة توصيات مؤتمر العلامة جبرائيل قرداحي للدراسات السريانية ندوتها الثانية على مسرح دير مار روكز الكائن في منطقة الدكوانة - بيروت تحت عنوان ( جذور السريانية في المحكية اللبنانية والسورية ) شارك فيها :
- الأستاذة د. هزار أبرم ( جامعة حلب ) / لهجة حلب في المصادر السريانية
- الأستاذ حبيب يونس / حضور السريانية في اللغة اللبنانية
- الأستاذ د. أمين أسكندر / دراسة لغوية للمحكية اللبنانية كلهجة سريانية
قبل البدء رحب رئيس الدير الأب أنطوان عوكر بالحضور وبين في كلمته المرتجلة ضرورة تعلم السريانية للأرتشاف من منابع تراثها الغني بالأفكار اللاهوتية بدلا من الأعتماد على الفلسفة الغربية وحدها لأن آبائنا أعطوا الكثير في هذا الحقل وليس من المنطق أن نعتمد على الآخرين لترجمة ودراسة تراثنا لذا أخذنا على عاتق ديرنا هذا القيام بمهمة دراسة ونشر تراثنا وقد أصدرنا عدة كتب في هذا الموضوع...
بعد ذلك أدرات الأعلامية ( رئيسة جمعية التواصل والحوار الانساني) أيمان عبد الملك الندوة فإستهلت حديثها بالقول :
( الدياناتُ السماويةُ في بلادِنا ساهَمَت بشكلٍ كبيٍرٍ ومباشرٍ في نقلِ الشعوب نقلاتٍ حضاريةٍ كبيرة ، ومِن المؤكَدِ أن سبَبَ تَعَدُدِها كان نتيجة ضرورية وحتمية لتطورِ المجتمعات. لقد ساهم السريان بالحضارة العربية الإسلامية مساهمة فعّالة في نقل الفكر الأغريقي الى اللغة العربية وبخاصة الفكر الفلسفي والعلوم الأخرى، وقد اشتهر العديد منهم في هذا المجال وهوغني عن التعريف. وقد نُقِل هذا الفكر بواسطة العرب الى أوروبا في العصور الوسطى وأدى الى تطوير أوروبا في هذا المجال.) .
كما أشارت ( تُعتَبَرُ مملكةُ الرُها أَول مملكة مسيحية في العالم،وقد اعتُبِرَت اللغَةُ السريانيةُ لُغَتُها الرسمية ولا يزالُ الباحثون حتى اليوم يَعتَبِرون أن الرُها هي مَهدُ اللغة ، فمن لهجة الرُها السريانية نقلت البشرى إلى أرجاء المعمورة... وبقيت آثارها في تواصلنا الاجتماعي الى يومنا .... )
ومن ثم قدمت المحاضرين بالتعريف عن سيرتهم الذاتية بدءً :
- بالأستاذة هزار أبرم - استاذة اللغة السريانية في جامعة حلب / قسم الدراسات الشرقية ، حيث سلطت الضوء في محاضرتها الموسومة ( لهجة حلب في المصادر السريانية ) إلى آثار السريانية في مدينة حلب السورية من حيث أسماء الأماكن واللغة ، في البداية بينت الباحثة أهمية اللغة في حياة الشعوب ( قيل اللغة مرآة الأمة كونها تمثل أفكارها وتُعرب عن أهوائها، وهي جامعة لشتات أفرادها، فإذا فقدت أي أمة لسانها تبدلت عاداتها، وتضعضعت قواعدها فمالت للذبول والهرم . فالآراميون أمةُ عريقةٌ في القدم، كان موطنها الأول هو البلاد المسماة في العهد القديم بآرام وهي قسمان:آرام النهرين، وآرام الشام، ولما كانت مدينة الرها المهد الأول للغة السريانية ومركز الاشعاع الحضاري والثقافي والديني لكل السريان . انتشرت هذه اللغة إلى ما وراء موطن نشأتها الأصلي بكثير في اقليم واسع غرب آسيا ، فإن مدينة حلب كانت المهد الثاني للرهاوين ولغتهم وحضارتهم التي حملتها القافلة الأخيرة من المهاجرين السريان إلى حلب سنة 1924، إذ استوعبت حلب وسكانها تلك الثقافة الواردة التي تركت أثرها في جميع نواحي الحياة فيها.)
ومن ثم تطرقت الى تأثيرها كلغة على اللسان العربي الحلبي قائلة : (... تمثل هذا التأثيربمظاهر متعددة، وكذلك أثرت في جغرافية المنطقة التي سميت بأسماء سريانية، وفي نواحي الحياة الأجتماعية عامة أيضاً، لذا هَدَفَ البحث إلى تسليط الضوء على أثر اللغة السريانية في لهجة حلب، وذلك في عدد من المظاهرنذكر منها:
1) غياب ظاهرة الاعراب في أواخر الكلمات.
2) غياب ظاهرة التثنية ما خلا بعض الكلمات.
3) ورود الفعل بصيغة الجمع مع الفاعل الجمع على عكس العربية الفصحى.
4) الابتداء بالساكن وهذا غير جائز في العربية الفصحى .
ومن ثم ختمت بحثها بدراسة لغوية مقارنة لبعض الألفاظ من أفعال وأسماء محاولة تلمس الأصل السرياني للمفردات التي ساقتها المعاجم العربية .
- بعد ذلك تناول الآستاذ حبيب يونس وهو صحفي وشاعر وباحث عمل على مدى عشرات السنين على دراسة أثر السريانية في المحكية اللبنانية من خلال الحلقات التلفزيونية التي كان يقدمها عن طوائف لبنان والتي أعتبرها كلغة مستقلة عن العربية كونها تتمع بكل مميزات اللغة من خلال تعريفه لمفهوم اللغة معتمدا على تعاريف اشهر الباحثين من بينهم ( إبن منظور، إبن جني ، إبن خلدون ، ناعوم تشومسكي ،... ، سعيد عقل ) وأزاد الباحث حبيب يونس في حديثه بأن الفينيقيين الكنعانيين وهم سكان المنطقة الممتدة من فلسطين الى لبنان مروراً بسوريا. وبالتحديد بمنطقتين (راس شمرا، وجبيل ) بحسب ما تقول الإكتشافات الأركيولوجيي ... وكان هذا الشعب يتكلم بلغته في المنطفة ولحد القرن السابع عشر والثامن عشر ...وحتى عندما كانوا يستخدمون اللغة العربية كانوا يدونوها بالحرف السرياني ومن ثم بين الباحث تاثير السريانية على المحكية اللبنانية من خلال :
1- كلمات مستعملة في الحديث اليومي وهي من الأصول السريانية مثل (قاووش، قرواني، يطأ، شوب (الحر)، شرش (جذر) وشكارا... ) والأفعال (دقر (صدم)، سكَّر (غلق الباب)، دنّق (نظر)، فقع (انفجر)، دلف ....)
2- تراكيب جملية مأخوذة من الأصول السريانية وهي تبدأ بالحرف الساكن على عكس العربية من بينها (كْبير، زْغير، طوال، قصار، كْتاب، بْريق، ...)
3- أسماء مدن وقرى لبنانيية وهي من الجذور السريانية فكثير منها تبتدأ بكلمة (كْفر ) وهي بالسريانية تعني قرية أو منطقة فضلا عن أسماء فرى أخرى من بينها (شاتين ، بكفيا ، رشميا ، ...)
4- أوزان الزجل اللبناني التي هي سريانية.
- ومن ثم بين الاستاذ د. أمين أسكندر وهو مهندس يعمل منذ فترة طويلة في جمع التراث السرياني المعماري وهو رئيس جمعية (طورلبنان ) التي تعمل جاهدة على تعليم ونشر التراث السرياني . حيث بين في محاضرته على جذور السريانية في أسماء الآماكن والقرى التي تحمل بين طياتها التسمية السريانية وقدم عدة نماذج من أسماء هذه القرى من بينها ( بكقيا ، رشعينا ، عين طورا ، رشميا ، ....) وأسماء العوائل اللبنانية من بينها ( شليطا ، سابا ، مرتا ، مارون ... ) ومن ثم قدم الباحث العديد من المفردات والأفعال والجمل والحكم والتي لا زالت متداولة في يومنا وأجرى عليها تحليلاً لأصولها اللغوية مؤكدا على سريانية ما يقارب 90% من مفرداتها.
بعد ذلك أغنى نقاش الحضور الندوة بالملاحظات والمطالبة بضرورة تعليمها في المدارس كونها لغة حضارة وعلوم وكونها لغة الشعب اللبناني بأجمعه ولم تكن محصورة بفئة دون غيرها لنشأتها قبل نشوء الاديان السماوية ( اليهودية ، المسيحية ، الاسلام ) وختمت الندوة بكلمة شكر قدمها د. كابي مدير الجامعة اللبنانية الدولية – فرع جبل لبنان الى الحضور والمشاركين والقائمين على الدير لحسن الضيافة .
CONVERSATION
أمسية شعرية في المغار بمشاركة الشاعرة ابتسام أبو واصل محاميد ونخبة من الشعراء المحليين
كتب: شاكر فريد حسن ـ
شاركت الشاعرة ابتسام أبو واصل محاميد، ابنة معاوية، في الأمسية الشعرية بالمغار تحت عنوان " همسات دافئة "، وذلك بدعوة من المركز الجماهيري، مع نخبة من الشعراء المحليين من المثلث والجليل والكرمل والجولان، وهم: محمد أبو صالح، عمر نعامنة، ابتسام احمد، آمال أبو فارس، عامر الجنداوي، أم فراس دهامشة، جوهرة سامر، عادل كيوان، هاشم دعس، وكميل qعرايدة.
تولى عرافة الامسية كل من سليمان سلامة، وآمال قزل، وكمال شيتي. وافتتحت بوقفة حداد على روح الشاعر المرحوم مفيد قويقس، الذي كان من المفروض أن يشارك في الأمسية ولكن يد القدر اختطفته، وقامت ابنته بقراءة احدى قصائده.
هذا وقدم الشعراء قراءات من أشعارهم وقصائدهم، في حين قرأت ابتسام أبو واصل محاميد قصيدتها في رثاء الشاعر مفيد قويقس، التي تقول فيها:
أفلَ المفيد وكان نجماً يلمعُ
أي المصائبِ يا إلهي نسمعُ ؟
يركا تإِنُّ مع الفِراق بلوعةٍ
والشوق نارٌ والمصيبةُ أفظعُ
ففجيعةُ الموتِ التي أزَرت بنا
والقلبُ يندب دهرَه والأَضلعُ
فلقد مضى للربِّ دون وداعِنَا
والروحُ من ألمِ النَّوى تتلوعُ
أ مفيدُ فارقتَ الأحبةَ باكراً
وتركتنا وقلوبُنا تتوجعُ !!!
من مانعٍ قلبي الحزينِ بنعيِّه
ذابَ الجَوى والعينُ حزناً تدمعُ
غيمٌ كئيبٌ والفضا متوشحٌ
بسوادِ ليلٍ بالحوادثِ مفزعُ
تَهمِي على وقعِ الرحيلِ لواعِجٌ
والحَيُّ يَرثي ناحِباً يَتصدَعُ
ويراعُك المحزُون يَبكي لَوعةً
والحَبرُ قد زَهد اليراعَ يُودِعُ
ورحلتَ عنَّا يا مفيدُ مُفارِقاً
وتَركتَ أَفئِدةً عليكَ تُقَطَعُ
فالشِّعرُ في يومِ الرِّثاءِ مُحَبَبٌ
فالحَرفُ أَنكى في النُّفوسِ وأَنجَعُ
ما زالَ حَيَّاً بينَنَا في ذِكرِه
وبِشِعرِه أرواحُنا تتَمتَعُ
يا صَاحِبَ القلبَ النَّبيلِ هَجَرتَنا
فَارقُد مُفيدُ ففي الجِنَانِ المَرتَعُ
CONVERSATION
هواجس العنقاء والبعث من الرماد في رواية الكاتبة : مروى فتحي جرار
صدرت رواية "العنقاء" للكاتبة الفلسطينية مروى فتحي جرار بداية هذا العام 2019، عن مكتبة كل شيء الحيفاويّة، وتقع الرّوايّة في 332 صفحة من القطع المتوسط.
استخدمت الكاتبة أسطورة العنقاء رمز لبطلة الرواية " لوليانة" التي تلقي بنفسها للموت مرات ومرات، وعندما تحيا من الرماد يعلق بروحها ما دنّس الرماد من أوحال السقوط، تعود للحياة وفي روحها شروخات لا تلتأم بل تزداد تصدعاً بكل جديد.
وجع مخاض العنقاء لا ينتهي بالولادة، فالأنثى التي تاهت في تكوينها لم تولد بعد وإن ولدت آلآف المرات ، الأنثى احترقت وتطايرت كالدخان في فضاء شديد السواد ، تلك الأنثى التي تحاول الأسطورة أن تجلبها من الرماد لا تكون ولن تكون أبداً دخان روحها لن يتشكل من جديد وإن تشكل جسدها من الرماد .
ومع ذلك بقيت مهووسة بإشباع رغبتها في الحياة وبقيت تمارس لعبة العنقاء، كما يفعل تجار الاوطان.
قُتلت الروح في أول مقايضة على الجسد، بقي الجسد وماتت الروح.
لتعيش العنقاء رحلة شهوانية في دائرة مغلقة بلهاء، يمرون على جسدها كما يمر الاستيطان على الوطن.
العنقاء " لوليانة" ضحية منّ؟ هل هي ضحية الرجال الذين يحيلونها رمادا؟ أم ضحية نفسها لأنها لم تُسلم بموت روحها حين تزوجت زواجا سريا مشروطا سريعا، باعت جسدها بخمسة آلآف دينار والمسمى زواج مسيار، ومنذ ذلك الحين وهي تتاجر بجسد فقد روح الأنوثة يحاول تعويض الأنوثة التي تطايرت مع دخان روحها، بعشق عبثي تراه حقها لأنها انثى، وتصبح حطام إمرأة كما قال لها أحد رجالها: دكتور وليد، لتعترف في النهاية لا أحد لم يخذلها مثلها، أم هي ضحية وطن تراه للصفوة - كما قال لها د. وليد- بعد أن طردت من أرض فيها رائحة أصلها، هي ليست في وطنها هي تسكن أرض تصلب أبناءها ولا تعرف رائحة دماء الشهداء " صفحة 132"
لوليانة تعمل مديرة جمعية دولية ممولة أجنبيا، بمهام تبقى غالبا حبرا على ورق ، تؤدي دور " الكومبرس" الذّي يغنّي حسب عزف المموّل، تتقاضي راتبا يتراوح بين ثلاثة آلاف الى سبعة آلاف دولار، باعت مبادءها كما باعت شرفها، صنعت مع فئة من الشباب من قبلوا الانضمام لتلك الجمعيات ثقافة الاستهلاك والهبوط والتّطبيع، فلم يعد الغزة العسكري الأسلوب الأفضل للدولّ الاستعماريّة" القوة ليست أفضل الحلول".
طريقة الغزو الجديدة: المؤسسات بدل الجيوش، تمويل المشاريع بأهداف ظاهرها الرقي والتطور وهي تخدم الاحتلال حقيقة.
نشا من تلك الجمعيات والمؤسسات فئة من الشباب الضائع ومنهم لوليانة ،حيث تكون ردود أفعالهم قاتلة وعكسية ينتحر رمياً بالمباديء، أو يشنق نفسه بالحبل السري للسعادة، عنفوانه يرتطم بالجدار، وأحلامه تغدوا اوهاما، لأن التغيرات شعاراتها شاهقة ، لكن آثارها تعمّق الفجوة في الروح.
أما الحبيب الأول "لؤي" فينجوا بنفسه بالهجرة خارج الوطن بعد أن تحولت القضية الفلسطينية برمّتها الى ساعة عالميّة من الندوات والمؤتمرات والأبحاث داخل الهويّة اليهوديّة.
هجرته طعنة أصابت لوليانه كان يريد أن يفهمها أن نظريّة المؤامرة ليست مرضا نفسيا إنما هي وعي بالقضية وعناصرها التي تؤثر على حياة الناس بشكل مباشر، في وطن القاضي فيه الجلاد، ويعيش أزمة مصطلحات.
اعطاها ايقونة التمرد وادار ظهره، ولم يعد لحياتها طعم والأقدام تتراقص على الرؤوس. لؤي عشق فيها الأنثى الانموذج، وعندما انهارت انهار العشق.
لوليانة بين العنقاء وكيلوبترا ، تتصنع الأرستقراطية والبرجوازية لتمد نفسها بالثقة ، بعيداً عن ازقة المخيم. "صفحة 114"هذه اشارة لشعور مترس في ضمائر فئة من اهل المخيمات .
ترى أن المجتمع حزبي ذكوري متشقق متشابك معقد، استحالة أن ترى فيه بيئة صحيّة خالية من التلوّث أو الضوضاء، تتعجّب لنساء يرفضن رهن حياتهن مع عاشق يعرف قيمة انثاه، ويضع على عاتقه مهمة حمايتها واسعادها مقبل ضمانات أخرى صفحة" 116".
لوليانة "العنقاء " بطلة الرواية تلعب دور البطولة السلبية، تقيم علاقات تعويض مع كل رجل يصادفها، في العمل والقهوة وعلى الجوال - رغم انها متزوجة- لا تعوضها شيئا تنحدر في آخر الرواية بنهاية مقززة للقاريء، تنسف الكاتبة نظرية الاسطورة هي جميلة وقوية لكنها لا تتجاوز عقدة انوثتها التي خسرتها تموت وتحيا من جديد فاقدة لها في خسارة لا تعوّض.
تتداخل القصص وتتفرع في الرواية تتشابك خيوطها، لكنها لا تضيع باسلوب سردي لغته قوية يغلب علي ملامح الشخصيات في الرواية السوداوية والتشاؤم، اتاحت الكاتبة للشخصيات حرية الحركة والتعبير عن نفسها بنفسها، كل فقرة من الرواية تشكل صورة من البلاغة يُظهر تمكن الكاتبة من ادواتها.
إسراء عبوشي / فلسطين
CONVERSATION
إبراهيم مالك وذكرياتُ الشيخ مطيع
كتبت آمال عوّاد رضوان ـ
أمسيةٌ أدبيّةٌ للأديب إبراهيم مالك تناولتْ الجزءَ الأوّلَ مِن كتابِهِ النّثريّ شِبه الرّوائيّ، والمعنون بـ "لن يتغيّر ما نحن فيه ما لم نغيّر ما بأنفسنا"، وذلك بتاريخ 10-1-2019 ووسط حضور من الأدباء والشّعراء وذوّاقي الأدب، في قاعة كنيسة يوحنا المعمدان الأرثوذكسيّة في حيفا، بمبادرة نادي حيفا الثقافيّ، وبرعاية المجلس المليّ الأرثوذكسيّ الوطنيّ في حيفا، وقد تخلّلَ الأمسيةَ معرضٌ فنّيٌّ للوحاتِ الفنّانِ التّشكيليّ محمود جمل الشّعباويّ، وتولّتْ عرافةَ الأمسية الشّاعرة سلمى جبران، بعدَ أن رحّبَ بالحضور والمُتحدّثينَ والمُحتفى به المحامي فؤاد نقارة رئيس ومؤسس منتدى حيفا الثقافي، وقدّمَ الشّاعر أنور خير قصيدة "لمسة وفاء"، رثاءً في طيّب الذّكر المرحوم الشاعر مفيد قويقس، ثمّ قدّم الأديب د. محمد هيبي قراءةً نقديّةً مُستفيضةً حول الكتاب، وفي نهاية اللقاء تحدّثَ الأديبُ إبراهيم مالك عن سيرورةِ مشروعِهِ الأدبيّ الّذي استقاهُ من مشاربِ ثقافات مختلفة، وتحدّثَ عن رُؤاهُ للأدبِ وللثقافةِ والقِيَم الإنسانيّة، وشكرَ الحضورَ والمُنظّمينَ والمُتحدّثين، وتمّ التقاط الصّور التّذكاريّة!
مداخلة سلمى جبران: أحيّيكم جمهورَنا الوفيّ، وأتمنّى للجميع مساءً مليئًا بالخير والصِّدْق والنّور والحرّيّة وجمال الرّوح. معنا معرضٌ من أعمال محمود جمل، فنّان مِن شَعَب، درسَ في كلّيّةِ الجليل الأعلى كمرشدٍ مؤهَّلٍ للفنون، ويدرسُ للّقبِ الأوّل للفنون في كلِّية أورانيم، وعضو في جمعيّة نجم الدوليّة. فنّان له لوحاتٌ عديدة، تَمِيلُ إلى كلّ المَدارس الفنّيّة، شارك في العديدِ من المعارض خارجَ البلاد، وكُرِّمَ في أكثرَ مِن مؤسسةٍ فنّيّةٍ دوليّة ومحليّة، وهو مُؤسّسٌ لمركزٍ صغيرٍ للفنون في شَعَب، ويطمحُ في الوصول الى العالميّة.
نحتفي اليومَ بالكاتب إبراهيم مالك الّذي محا جغرافيةَ الأوطان قائلًا: يا وطنَ إنسانيَّتي، ما أبدَعكَ وأروعَكَ، حين تُعَلّمُني، فتُسعدُني وأظَلُّ طِفْلًا شائخًا...
والإصدار الّذي نتناولُهُ اليوم: (الملقَّب مطيع وولدُهُ ازدادا قناعةً: لن يتغيَّرَ ما نحنُ فيهِ ما لمْ نُغيِّرْ ما بأنفُسِنا)، عنوانٌ طويلٌ جاءَ مُحاكيًا للآية القرآنيّة الكريمة: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حتّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ سورة الأنفال: 53. وكذلك: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حتّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ....﴾ سورة الرعد: 11.
قرأتُ الكتابَ، وضِعْتُ بين الأزمنةِ والأمكنةِ، وبينَ القصصِ الشّعبيّةِ والأساطيرِ العالميّة، ولذلك نتركُ الحديثَ عَنْهُ لأديبٍ أصيلٍ، كتبَ مجموعةً كبيرةً مِن المقالاتِ الأدبيّةِ والنّقديّةِ، دارسًا الأدبَ المَحلّيَّ والعربيّ، وآخِرُها "غسّان المُرْعِب، صباح الخير"، فكانَ عميقًا وأصداؤهُ مُدوِّية، وأصدر دراسة بعنوان: "الحرّيّة والإبداع والرَّقابة- أَثَرُ الرَّقابةِ على الرّوايةِ السّوريّةِ الحديثة"، وأشهرْنا الكتابَ هنا في نادي حيفا الثقافي.
مداخلة د. محمد هيبي تحت عنوان: إبراهيم مالك والخوف من ضياع الذّاكرة!
الكاتب إبراهيم مالك، رغمَ أنّ له بعضَ المجموعاتِ النّثريّة، إلّا أنّه عُرف أكثر، كشاعرٍ صدرَ له حتّى الآن أكثر من عشر مجموعات، الأخيرة منها، "أيّتها، أيّها، أيّة ويا"، وقد اختارَ لها عنوانًا يبدو غريبًا، إلّا أنّنا نفهمُ وجهَ الغرابةِ حينَ نتصفّحُ المجموعة، ونرى أنّه اختارَ قصائدَها مِن مجموعاتِهِ العشر، ومعظمُها قصائدُ يبدأ عنوانُها بهذهِ المفردات، وحينَ نتتبّعُ إنتاجَهُ الشّعريّ، نُدركُ أنّه شاعرٌ رومانسيٌّ يَكتبُ قصيدةَ النّثر، ويعتمدُ فيها الموسيقى الدّاخليّةَ النّابعةَ مِن ذاتِهِ، ومِن إحساسِهِ باللّغةِ وبعناصرِ الطّبيعةِ الّتي يتواصلُ معها، ومِن هنا تتداعى مفرداتُهُ وعباراتُهُ الشّعريّة.
إبراهيم مالك مغرم بالطّبيعة والأساطير، ويرى فيهما أصلَ الإنسانِ ومَصدرَ فِكرِهِ وسعادتِه، وهو واسعُ الثّقافة، فحينَ يقولُ عن الأسطورةِ "هي الوليدُ البكرُ للعقلِ الإنسانيّ"، أتخيّلُهُ يقرأ ذلك الكتابَ الرّائعَ، "مغامرة العقل الأولى"، للكاتب السّوريّ فراس السّوّاح، الرّائد والمتميّز في دراساتِهِ حول الأسطورة الّتي يرى فيها التّجربةَ العقليّة الأولى للإنسان، وهو مُغرمٌ بالسّرد كذلك، ففي معظمِ قصائدِهِ يعتمدُ الأسلوبَ القصصيّ، ويسردُ القصيدةَ كحادثةٍ عاشَها، أو يُخاطبُ فيها شخصيّةً إنسانيّةً كالمرأة عامّة، أو "فاطمة" الّتي يَرِدُ اسمُها كثيرًا في قصائدِهِ وبدلالاتٍ مختلفة، أو يُخاطبُ مفهومًا مُطلقًا كالحرّيّة، أو عنصرًا مِن عناصرِ الطّبيعةِ، يُشخْصِنُهُ ويُؤنْسِنُهُ ويجعلُهُ قادرًا على الفعل.
الكتابة فِعلُ تَحرُّرٍ وخلاصٍ، ولكن يظهرُ أنّ الشّعرَ عندَنا، أصبحَ عاجزًا عن القيامِ بهذه المُهمّة، وأنّ قَدَرَ شعرائِنا في الآونةِ الأخيرةِ، أن لا يجدوا كفايتَهم وخلاصَهم في الشّعر، فيتحوّلوا إلى النّثر، وإلى السّردِ بشكلٍ خاصّ. وهذا ما حدثَ أيضًا للمُحتفى به، خاصّةً في إصدارِهِ الأخيرِ الّذي وسَمَهُ بأنّهُ جزءٌ أوّلٌ مِن عملٍ نثريّ شبهِ روائيّ، واختارَ لهُ عنوانًا طويلًا جدًّا هو: "الملقّب مطيع وولده، ازدادا قناعة، لن يتغيّر ما نحنُ فيهِ ما لم نُغيّر ما بأنفسنا!".
لقد أحسنَ الكاتبُ صُنعًا بالوَسم المذكور، إذ إنّ ما بين أيدينا ليس عملًا روائيًّا فنّيّا، ولا هو عملٌ متكاملٌ من حيث المضمون، وإنّما هو عملٌ سرديّ قصير، لسلسلةٍ من الذّكريات الّتي يبدو من طريقةِ سرْدِها ولغتِهِ، أنّ الكاتبَ "انهرق" على تدوينِها وحِفظِها، خوفًا مِن الآتي، فهو يرى الموتَ يقتربُ، وكما يظهرُ، يرى أنّ انتصارَهُ على الموتِ والزّمنِ لا يكونُ إلّا بإنجاز هذا العمل، وذلك رغمَ أنّه لا يخافُ الموتَ، لا بل يراهُ ضرورةً حياتيّة.
يقولُ في مقدّمةِ كتابهِ، "الشّعرُ والفنّ كما أفهمُهما": "بدأ هاجسُ الموتِ يُصبحُ جزءًا مِن أحاسيسي الدّائمة، والموتُ كما أفهمُهُ ليسَ قدَرًا مفروضًا، بل حاجةُ حياة، ورغمَ ما فيهِ مِن مآسٍ، هو حياةٌ للآخرين، فالموتُ، أشعرُ لحظتَها أنّهُ جميلٌ في مُحصّلتِهِ، لأنّهُ يعني الولادةَ ويعني تجدّدَ الحياة" (ص6).
هذه العباراتُ تَشي بفكرِ الكاتبِ ورومانسيّتِهِ، حتّى في حديثِهِ عن الموتِ، وبالإضافةِ إلى ما يُحيلُ إليه العنوانُ، تَشهدُ أنّ هدفَ الكتابِ، على المستوى الفرديِّ والشّخصيّ، هو حفظُ الذّاكرةِ وخلاصُ الكاتبِ مِن حمولةٍ تُرهقُهُ، وعلى المستوى الجمْعيِّ العامّ، هو الخلاصُ مِن حالةِ الجمودِ الّتي يتحجّرُ فيها مجتمعُنا منذ قرون.
ذكرياتُ إبراهيم مالك ترتبطُ فيما بينَها، بواسطةِ شخصيّةِ الشّيخ مطيع وولده سعيد الّذي أراه يُمثّلُ الكاتبَ نفسَه، فكلاهما، الكاتب وسعيد، وُلِدا في "سمخ" في العام نفسه، ومطيع وابنُهُ سعيد كساردَيْن، يُمثّلُ كلٌّ منهما جيلًا عاشَ نكبتَهُ ومَنافيهِ، فالأوّلُ يسردُ ذكرياتِهِ لأولادِهِ، كما سمعَها منذ طفولتِهِ مِن والدِهِ، وكما عاشَها فيما بعد، ويُشاركُهُ ويَدعمُهُ ابنُهُ سعيد في سرْدِ ما سمعَهُ مِنَ الآخرين، وما عاشَهُ بعدَ ولادتِهِ وتشرُّدِهِ مِن "سمخ"، وهذا يُؤكّدُ أنّ الشّيخَ مُطيع يخشى على ذاكرتِهِ أن يأكلَها الضّبع، ويُريدُ أن يطمئنّ قبلَ موتِهِ، على حفظِها في ذاكرةِ أولادِهِ الّذين يُصغونَ إليه ويسمعونَهُ، ويَنقلونَ عنهُ ويُكمِلونَ مِشوارَه، لتصبحَ الذّاكرةُ الفرديّةُ قبلَ موتِهِ، ذاكرةً جمعيّةً تتناقلُها الأجيال. يقول: "كانت ذاكِرَتُهُ تنتعش وتعود، فيَجِدُ نفسَهُ أشبَهَ بذاك الطّفلِ الّذي كان يومًا، وقد راحَ يُصغي لِما حَدَّثَهُ أبوهُ ذاتَ زمن" (ص4).
كذلك، والدُ الشّيخ مطيع يَستعينُ بغيرِهِ، لنقلِ ذكرياتِ شخصيّاتٍ لا نعرفُ عنها إلّا القليل، وبأسلوبٍ لا يكفي لبناءِ شخصيّةٍ روائيّة، حيث يبدو حفظُ الذّاكرة هو الأهمّ، فهو هاجسُ الكاتب إذ يقول: "صَمَتَ الأبُ قليلًا، تأمَّلَ أولادهُ، رآهُم صامِتين مُصغِين، فتابعَ حديثَهُ مؤكِّدًا ما يَرْويهِ آخرون" (ص6).
الاعترافُ أنّ العملَ "شبه روائيّ"، رغمَ كوْن المصطلحَ فضفاضًا أو مطّاطيًّا، يُخفّف عن الكاتبِ مُحاسبة النّقد له كروائيّ، ولكنّه لا يُجرّده مِن مسؤوليّتِهِ الكاملةِ عن عملِهِ مَهما كانَ شكلُهُ، فهناكَ الكثيرُ ممّا يُمكن أن يُقالَ، حوْلَ ضعفِ السّردِ والحبكةِ الّتي تكادُ تكونُ غير موجودة، والشّخصيّات الّتي تفتقرُ لأيّ مَلمَحٍ روائيّ فنّي، كما أنّ سرْدَ الذّكرياتِ يَنقطعُ، لا لسبب موضوعيّ، إلّا لكوْنِها جزءًا أوّل سيتبعُهُ جزءٌ آخر، ولذلك يبدو بشكلٍ واضح أنّ الكاتبَ تقوقعَ في الحكايةِ، وأهملَ الشّكلَ الفنّيَّ الّذي كانَ من الأوْلى بهِ أن يبحثَ عنهُ ليُقدّمَها به. هذا بالإضافةِ إلى أنّ العملَ قصيرٌ جدًّا، كان باستطاعةِ الكاتب أن يتروّى قليلًا، ويُصدر ذكرياتِهِ كلّها في عملٍ واحدٍ مُتكامِل. كما أنّ في اللّغةِ وتركيب العبارات أخطاءٌ لا تليقُ به، وكنّا نتوقّعُ منه لغةً شاعريّةً تليقُ بهِ كشاعرٍ معروف، ولا مبرّرَ كذلك لترتيب الجُملِ وتقطيعِ الأسطر بشكلٍ يَمغطُ النّصّ، ولذلكَ أنصحُ بمراجعةِ هذا الجزءِ جيّدًا، وبنشرِهِ مرّةً أخرى مع الجزء التالي في عملٍ واحدٍ مُتكاملٍ ومُنسّقٍ جيّدًا.
الشّيخ مُطيع هو شخصيّةٌ رسَمَها الكاتبُ لنقلِ ذكرياتِ أجيالٍ تواصلت، أو تماهتْ مع ذكرياتِهِ شكلًا ومضمونًا وزمنًا، وهي تغطّي فترةً زمنيّةً لا تَكفيها شخصيّةٌ واحدة، وقد رسم شخصيّاتِ أولادِهِ، وبشكلٍ خاصّ ابنه سعيد، ليساعدَهُ على السّرد، وليَضمنَ امتدادَهُ فيمن سوفَ يَحملُ الذّاكرةَ لاحقا.
وعودة لا بدّ منها إلى العنوان، فالعنوانُ عادةً له وظائفُ ودلالاتٌ كثيرة، منها أنّه نصٌّ مُوازٍ يُشكّلُ نواةَ النّصّ ومرآتَهُ، أو خلاصتَه، وهذا ما يُحيلُ إليه عنوانَ الكتاب الّذي بين أيدينا، فهو يختصرُ الرّسالةَ الّتي يَحملها النّصّ. "الملقب مطيع وولده، ازدادا قناعة، لن يتغيّر ما نحن فيه ما لم نغيّر ما بأنفسنا!".
في هذا العنوان، تناصّ واضح مع القرآن الكريم، إذ يُحيلُ إلى الآيةِ الكريمة: "إنّ الله لا يُغيّر ما بقوْمٍ حتّى يُغيّروا ما بأنفسهم" (الرعد11). وهذا يؤكّدُ علاقةَ حاضرِنا بماضينا، وأهمّيّةَ ما يدعو إليه الكاتبُ مِن تغيير، ويُطرحُ السّؤال: لماذا أعادَنا إبراهيم مالك، وبشكلٍ لافتٍ، إلى هذا النّوع مِن العناوين الطّويلةِ الّتي تميّزتْ بها الأعمالُ الأدبيّة القديمة؟ هل هو استلهامُ القديم لإسقاطِهِ على الحديث؟ أو استلهامُ الماضي لإسقاطِهِ على الحاضر؟ أو استحضارُ الماضي للبكاءِ عليه؟ أو لمساءلتِهِ: لماذا تحجّرَ فينا وتحجّرْنا فيهِ، وقد تُرِكَ المستقبلُ جامدًا خائفًا، يحتمي بالماضي الّذي لم نتابعْ مسيرتَنا فيهِ إلى الحاضرِ والمستقبل، كما يقتضي التّطوّرُ الطّبيعيّ للإنسان؟ أم أنّ الدّافعَ هو كلّ ما تقدّمَ، وذلك للتّعبيرِ عن ضياعِنا في الحاضرِ المتقوقع في الماضي الّذي لم نستفِدْ منهُ شيئًا، والّذي لا تُشكّلُ العودةُ إليهِ إلّا تعبيرًا عن عجْزِنا وضياعِنا، وإظهار مدى الخراب الّذي يُميّزُ حاضرَنا ويُهدّد مُستقبلَنا؟
ولهذا خلُصَ الكاتبُ بتجربتِهِ إلى أنّنا "لن يتغيّر ما نحن فيه ما لم نغيّر ما بأنفسنا!"، وأرجو أن يكونَ توظيفُ الكاتب لهذهِ العبارةِ بدلَ الآيةِ الكريمة، وعدم تعامله معها بدقّة حين ذكرَها في النصّ (ص68)، ليس انتقاصًا منها أو جهلًا بها، وإنّما ليُبيّنَ لنا أنّ ماضينا غنيٌّ بتراثٍ أهملناهُ ولم نتعلّمْ منه، وكانَ الأجدرُ بنا أن نأخذَ منه لحاضرنا ومستقبلِنا، فها نحن بعدَ خمسة عشر قرنًا نصلُ للنّتيجةِ نفسِها الّتي كان يجبُ أن ننطلقَ منها، منذ أدركتْنا وأدركناها أوّلَ مرّة، لنتطوّرَ بشكلٍ طبيعيّ، ولو فعلنا ذلك، لما تأخّرنا عن رَكْبِ الحضارةِ الّذي نحتاجُ اليومَ إلى قرونٍ حتّى نلحقَ به، ولن يحدثَ ذلك ما لم نغيّر ما بأنفسِنا.
وأعتقدُ أنّ الدّافعَ نفسَه يكمنُ وراءَ اختيار اسم "الشيخ مطيع"، فمبنى العبارةِ هنا يقومُ إمّا على التّماهي أو على التّناقض، فإمّا أنّه بهذا التّركيب يُماهي بين المشيخة والطاعة، بمعنى أنّهما في المفهوم الدّينيّ شيءٌ واحد، إذ لن يكون شيخًا إن لم يكن مطيعًا، وإمّا أن تتعارضَ مشيختُهُ مع الطّاعة، بالمفهوم السّياسيّ والاجتماعيّ للسّلطة، من حيث يجبُ أن يكونَ هو الآمر النّاهي الّذي يجبُ أنْ يُطاع. وهنا يُلفتُ الكاتبُ انتباهَنا مِن خلال المُفارقة، إلى حقيقةِ خضوعِنا للقديم وتقوقُعِنا فيه بشكلٍ يَنفي التقدّمَ، ويتركنا نُراوحُ في المكان الّذي لا نرسمُهُ، بل يُرسَمُ لنا.
مِن خلال الشيخ مطيع وذكرياتِهِ، يحملنا الكاتبُ في مضمونِ كتابِهِ، إلى وطن عربيّ أصبحَ منذ أن غزاهُ أوّلُ استعمارٍ وإلى يومِنا هذا، مسرحًا لعمليّاتٍ كثيرة من التّشريدِ والتّهجيج والنّزوح واللّجوء والمنفى، هربًا من ظلم سُلطةِ الاستعمار، وكثيرًا ما كانتْ عمليّاتُ النّزوحِ، كالهارب من الرّمضاءِ إلى النّار، فالاستعمارُ الفرنسيُّ الّذي يَحكمُ الجزائر، والّذي هربَ منه جدُّ الكاتب، هو نفسُهُ الّذي يَحكمُ سوريا الّتي لجأ إليها.
تُطلِعُنا الذّكرياتُ على أنّ الكاتبَ ينحدرُ من جدٍّ عربيٍّ عاشَ في الأندلس، ورُحِّل عنها قبل 600 عام، وفي طريقهِ تزوّجَ مِن امرأةٍ شاويّةٍ أمازيغيّة، ثمّ استوطنَ شرقَ الجزائر، وعليه فالكاتبُ ليس فلسطينيَّ الجذور، وإنّما هو من أصولٍ مغاربيّةٍ تجري في عروقِهِ دماءٌ عربيّةٌ وأمازيغيّة، ولكن، وَحّدَهُ مع الفلسطينيّين إلى جانب الانتماء القوميّ واللّغة والتّراث، قدرُهم الّذي تماهى مع قدَرِهِ من حيثُ القهر والتّشريد.
زمن "الكولون" أو الاستعمار الفرنسي ّوموبقاته ومجازره الّتي ارتكبها بحقّ الشّعوب العربيّةِ المقهورة في المغرب العربيّ، وخاصّةً في الجزائر بلد المليون شهيد، نزحتْ عائلةُ الكاتب من الجزائر، ليصبح التشرّدُ والنّزوحُ والمَنفى قدرًا لها، ولتصبحَ حياتُها سلسلةً طويلة من المنافي. فمن الأندلس إلى الجزائر إلى تونس، ثمّ إلى الإسكندريّة وحيفا، لتضعَ رحالَها في سوريا قرب دمشق، وما هي إلّا سنوات حتّى نزحت العائلة من سوريا إلى قرية "سمخ" في فلسطين، وهناك في عام 1942 وُلِد "سعيد" ابن الشيخ مطيع، وكذلك وُلد الكاتب الّذي ورث التشرّد والنزوح عن أبيه وأجداده، وجاء دورُهُ ليتشرّدَ من "سمخ" عام 1948، إلى أن لجأ عام 1949 إلى كفر ياسيف الّتي يعيش فيها حتّى الآن، لتصبحَ وطنَهُ ومنفاهُ الأخير.
ومن هنا، لكلِّ واحدٍ منّا أن يتخيّلَ هذهِ السّلسلةِ الطويلةِ مِن المنافي، وهذا الكمّ الهائل من ذكرياتٍ مؤلمةٍ شحنتِ الكاتبَ وأرّقتْهُ، وأكثر من ذلك، فهي تنطوي أحيانًا، على مفارقاتٍ أشدّ ألمًا وأقسى حزنًا. مثلًا، أثناء عمل الشيخ مطيع في حيفا، بلغتهُ رسالة أنّ ابنيْ عمّه وصلا أمّ الرّشراش الّتي صارت إيلات فيما بعد، والمفارقة، أنّهما كانا في طريقِهما إلى الهند الصّينيّة، جنودًا في خدمة الاستعمار الفرنسيّ الّذي شرّدَ أقرباءَهم، "مطيع" وأهله.
في الصّفحةِ الأولى من النّصّ، يُلخّصُ لنا الكاتبُ مَسارَهُ المحزنَ مِن بداياتِهِ، وكأنّهُ يُلخّصُ بهِ المأساةَ الإنسانيّةَ مِن بدء الخليقة، "كأنّ شيئًا في هذه الحياة لا يتغيّرُ ولا يتبدّل، وإن تغيّر فليس لصالح الجميع، وإنّما لصالح البعض المصابين بانفلاتِ جشع بطن وجيب، وبشهواتِ جسدٍ وعقليّاتِ عنف، قهر وسيادة" (ص3). وهذا يُحيلنا مرّةً أخرى إلى العنوان الّذي يختزلُ المَسارَ في خلاصةٍ هي عصارةُ فِكرٍ يؤمِنُ بهِ الكاتب.
وعن هذه الفترة ما قبلَ النّكبةِ وما تلاها، يسوقَ لنا "سعيد" الكثيرَ مِن الذّكرياتِ المؤلمة، لِما حدثَ في القرى العربيّةِ الّتي هُدِمتْ وشُرّدَ أهلُها، أو تلك الّتي لم تُهدمْ، واستقبلت الكثيرين ممّن شُرِّدوا، رغمَ ما وقعَ عليها من ظلم، وحملتْ لنا كذلك، كيفَ تعامَلَ الغاصبُ مع المغتصَب، وكيف وقفَ المغتصَبُ أحيانًا، في صفّ الغاصبِ، أي ما حدثَ في الجزائر يتكرّرُ في فلسطين، وكأنّ التّاريخَ يُعيد نفسَه.
في هذا العمل القصير تنعكسُ ثقافةُ الكاتب الواسعة، وقد استقى الكاتبُ ثقافتَهُ مِن الأسطورة، ومن المسيحيّةِ والإسلام، ومن الوجوديّةِ والشّيوعيّة، ومِن الثقافاتِ الإنسانيّةِ كلّها. ففيه نقرأ أسطورةَ جلجامش وأنكيدو وبحثهما عن الحرّيّة، ونلتقي بأفلاطون وأبناء الإله اليونانيّ "بوسيدون" في أسطورة "القرية الضائعة". ونقرأ الإنجيل في: "مَن مِنكم بلا خطيئةٍ فليَرْمِها بحجر". ونقرأ القرآنَ في الآية الّتي يتناصُّ معها العنوانُ وغيرها، ونلتقي كذلك بالباحثين عن الحرّيّةِ وتجاربهم، مثل عبد الرحمن الكواكبي في "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد"، وغاندي وفلسفته في الحياة والمقاومة، ودستويفسكي والإخوة الأعداء. وغيرهم الكثير.
وخلاصة القول، حرّيّة الإنسان هي هاجس الكاتب وكتابه، والفوز بها لن يحدثَ ما لم يكنِ الإنسانُ قادرًا على الحبّ والإبداع، عاشقًا للخير والجمال، ولن يتأتّى له ذلك، ما لم يكن قادرًا على تغيير نفسِه وتطهيرِها من أدران الشرّ والخطيئة، خاصّةً مِن العنف والجشع، وهذا ما تُعانيه اليوم الإنسانيّةُ عامّة، وما نُعانيهِ نحن في مجتمعِنا العربيّ بشكلٍ خاصّ.
وبالرّغم من كلّ المَظاهر الّتي تدعو لليأس، فالكاتبُ لا ييأس، ويبدو ذلك جليًّا مِن إصغاء أولاد الشيخ مطيع، واهتمامِهم بذاكرتِهِ وحفاظِهم عليها، ومن إصرارِهِ هو الكاتب، على أن يكون معنا هذا المساء ويُحدّثنا عن ذكرياته. إبراهيم مالك كاتبٌ وشاعرٌ متفائل، يؤمنُ بضرورةِ التغيير، ويرفضُ أن يفقدَ الأملَ بأنّ التّغييرَ لا بدّ سيأتي.
CONVERSATION
صباحكم أجمل/ قدس.. يا حبيبتي
بقلم وعدسة: زياد جيوسي ـ
"الحلقة الأولى"
القدس أخيراً.. هكذا صرخت بألم حين تمكنت من الدخول للقدس بعد غياب إجباري استمر48 عاماً، فقد أتيح لي الدخول للقدس في شهر رمضان بحكم السن لأول مرة بعد هذا الغياب الطويل، وحين وقفت على الحاجز الذي سموه معبر قلنديا للدخول، كنت أشعر بالألم يعتصرني، وتذكرت أحمد شوقي حين نفي من وطنه فصرخ:
"أحرام على بلابله الدوح ... حلال للطير من كل جنس"
وبعد أن عبرنا أنا وصديقي ناجح عبد الكريم"أبو العبد" هذا المعبر عبر سلسلة مقرفة من الإجراءات والتفتيش، وهو بوابة في الجدار البشع الذي يتلوى كأفعى سامة وبشعة، والذي اقتطع القدس وضواحيها من أراضي الضفة الغربية، شعرت بألم يعتصرني، فركبنا الحافلة الصغيرة، وطلبت من صديقي الذي يعرف القدس جيداً أن يعلمني عن أسماء الأحياء التي نعبرها، فقد عاش طفولته في مدرسة الأيتام في القدس بعد استشهاد والده في حرب 1967، وعمل بها بعد ذلك فترة زمنية. فركبنا الحافلة الصغيرة متجهين إلى قلب المدينة، وما أن أطللنا على حي الشيخ جراح قال صديقي: هذا حي الشيخ جراح.. حتى سالت دمعة حرّى من عينيّ، ففي هذا الحي تقع مدرسة خليل السكاكيني التي درست بها فترة في الصف الثاني الابتدائي في العام 1962 قادماً من عمّان، ومن ثم عائد إليها، وفيها تعرفت إلى فلسطينيتي، وتعلمت بها، إضافة إلى أهم مسألتين رسمتا خط حياتي؛ مقاومة الاحتلال حيث كان الطلبة يتسللون لقذف قوافل التموين للجيش الإسرائيلي بالحجارة، والتي كانت تمر تحت حراسة الجيش الأردني وبرفقة الصليب الأحمر في تلك الفترة، بين هداسا المحتلة والمنعزلة عن القدس الغربية المحتلة في العام 1948 والقدس الشرقية مرة في الأسبوع حسبما أذكر، والتي تبين أنها كانت تنقل السلاح والجنود إضافة إلى التموين، والمسألة الثانية أن تلك الفترة، والتي شهدت أوج الثورة الجزائرية، ربطتني بقوميتي العربية، حيث كنا نتبرع بالفلسات القليلة التي نحصل عليها كمصروف أيام الدراسة لصالح الثورة الجزائرية، ونقف بعد تحية العلم كل يوم لننشد للجزائر:
"وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر.. فاشهدوا.. فاشهدوا.. فاشهدوا"
حي الشيخ جراح جرت تسميته بهذا الاسم نسبة لطبيب صلاح الدين الأيوبي الأمير حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجراحي، وهذا الحي، والذي كان يعتبر من أرقى أحياء القدس الشرقية ومركزاً أدبياً وثقافياً، تعرض ولا يزال يتعرض لهجمات استيطانية شرسة، وطرد السكان منه ضمن مخطط تهويد القدس. هذا الحي كنت أمر منه يومياً ذاهباً إلى مدرستي وعائداً منها سيراً على الأقدام من أعالي واد الجوز الذي كنا نكتري بيتاً فيه، لذا ارتبط هذا الحي بشكل وجداني في ذاكرة طفولتي.
واصلت الحافلة السير بنا حتى وصلنا إلى محطة الحافلات، ومن هناك اتجهنا نحو باب العمود أو كما يسمى بوابة دمشق وهو أحد أبواب القدس التاريخية، وكنت أسير صامتاً مذهولاً وعدستي لا تتوقف عن التقاط الصور حتى وصلنا باب العمود، فوقفت على أعلى الدرج أتنشق الهواء بقوة، ورغم المسافة التي سرناها، والجو الحار، والصيام له أثره على النشاط، إلا أني لم أكن أشعر بالتعب، فكل همي أن أعانق كل حجر في القدس وذاكرة التاريخ، فنـزلت الدرج مع صديقي ورهبة التاريخ تسيطر على روحي، حتى عبرنا باب العمود، وهو ذو مدخل متعرج، وسمي هو بوابة دمشق لأن قوافل التجارة لدمشق كانت تخرج منه، وسمي باب العمود لأنه في الفترة التي سبقت الفتح الإسلامي وحتى ما بعد الفتح كان هناك عمود في البوابة القديمة منذ عهد هيرودتس، وبني هذا الباب في عهد الخليفة العثماني سليمان القانوني، والذي أخذت القدس منه اهتماماً كبيراً، والبوابة القديمة اكتشفت خلال التنقيبات الأثرية في فترة الحكم الأردني بين 63 و1966 تحت باب العمود الحالي، وقد بنيت في فترة هيرودتس في منتصف القرن الأول الميلادي.
ما أن عبرنا باب العمود حتى كنا نجول في أسواق القدس القديمة، وكم كنت أشعر بالألم يجتاحني وأنا أرى حثالات المستوطنين تجول القدس بكل وقاحة، وجنود الاحتلال يحتلون الزوايا والأزقة بسلاحهم البشع، وهم يحتسون الماء والمشروبات الأخرى باستفزاز واضح للصائمين والمتجهين للصلاة، كما آلمني منظر تلك الأبنية التي جرى احتلالها وطرد سكانها ورفع العلم الصهيوني عليها، فعبرنا من سوق القطانين نسبة لباعة القطن في الماضي، وباب القطانين عبارة عن بوابة ضخمة تعلوها قبة لا تزال محتفظة بزينتها وزخارفها، التي تميزها الكثير من الوحدات الزخرفية المثلثة التي تسمى "المقرنصات"، كما يتميز بحجارته الملونة بثلاثة ألوان مختلفة هي الأحمر والأبيض والأسود، مدخله مستطيل بارتفاع 4م، جدده الأمير تنكز الناصري أيام السلطان المملوكي محمد بن قلاوون عام 737هـ/1336م، وتم ترميمه لآخر مرة على يد المجلس الإسلامي الأعلى عام 1929، والاسم أصبح لأحد أبواب المسجد الأقصى، وهذا السوق الذي يعود للعهد الفاطمي، حيث نجد ذلك واضحاً بنمط البناء الفاطمي والحمامات التي تعود للعصر المملوكي، ويتميز هذا السوق ببيع احتياجات المصلين والزوار للأقصى، فنجد سجادات الصلاة، والكوفيات، والمواد العطرية، والسُّبحات، وألبسة الصلاة للنساء، وغيرها من احتياجات متواجدة بكثرة في هذا السوق، فعبرناه متجهين للأقصى لتحقيق حلم الزيارة والصلاة في الأقصى.
ما أن دخلنا بوابة القطانين، وهي تعتبر من أكبر أبواب الأقصى وأجملها ومغطاة بقبة منقوشة من الحجر في غاية الجمال، حتى كان مسجد قبة الصخرة في مواجهتنا بكل جماله وقبته الذهبية، فشعرت بدقات قلبي تخفق بقوة وشعور كبير بالخشوع في حضرة الخالق يغمرني، فهمست: يا لعبق التاريخ يا قدس، يا لتاريخ يبوس وكنعان وحضارة العرب والإسلام، فمسجد قبة الصخرة يروي حكاية من حكايات القدس والحضارة العربية الإسلامية، والمسجد قيمة جمالية عالية خضعت للتجديد منذ بنائها، ولكن حافظت على شكلها ونسق البناء الأصلي، ولجمال قبة الصخرة تصدرت دوماً الصور والأخبار بحيث أن البعض أصبح يخلط بينها وبين المسجد الأقصى، علماً أن قبة الصخرة هي مسجد بني بأمر من الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وتم الانتهاء من بنائها الذي استمر ست سنوات في العام 72 للهجرة، وبنيت في متوسط ساحات المسجد الأقصى، وأشرف على البناء المهندسان يزيد بن سلام من القدس ورجاء بن حيوة من بيسان، ولولا وجود الصخرة التي عرج منها سيدنا محمد "عليه الصلاة والسلام"، في ذلك الموقع لما بني المسجد، ومنذ بناء الأقصى وكل من حكم المنطقة من المسلمين أولى اهتماماً خاصاً برعاية قبة الصخرة وترميمها والحفاظ على جماليتها، وقد عانت كما القدس والأقصى من فترة الصليبيين كما الآن في فترة الاحتلال الصهيوني، ويجب أن ننتبه أن القدسية هي للمسجد الأقصى، وكل ما في ساحاته تابع له وليس العكس.
صعدنا الدرج المؤدي إلى ساحة مسجد قبة الصخرة، فالمسجد يرتفع عن ساحات الأقصى بحوالي أربعة أمتار، وتذكرت أنني في زيارتي الأولى حين كنت طفلاً في السابعة برفقة والدتي رحمها الله لم ندخل مسجد قبة الصخرة لأنه كان تحت الترميم، فدخلنا المسجد وصليت ركعتين تحية المسجد، ثم بدأت التجوال في المسجد مبهوراً بالجمال والإبداع الهندسي، فالمسجد صمم على شكل ثُماني الأضلاع من الخارج، إضافة إلى ثمانية أضلاع من الداخل ودائرة في الوسط تمثل القبة الذهبية التي تعلو الصخرة المشرفة، وتقوم على أربعة دعامات حجرية ضخمة و22 عموداً مكسوة بالرخام الجميل المتعرق، ورقبة القبة مزينة بالفسيفساء، وفيها 16 نافدة للتهوية والإنارة، وما بين التثمينة الداخلية والخارجية للمسجد يوجد رواق هو مكان الصلاة في المسجد، وما بين دعامات التثمينة الداخلية توجد أعمدة رخامية تعلوها الأقواس شبه الدائرية وجميعها مزينة بالفسيفساء وأجزاء منها مطلية بالذهب كما القبة النحاسية المطلية بالذهب والتي تعلو المسجد، وفي الحلقة الثانية سأكمل الحديث عن قبة الصخرة وأجزاء ومصليات وبوابات الأقصى.
في رام الله اجلس مع نسمات الصباح مستعيدا ذكرى رحلتي الأولى للأقصى تحت الاحتلال، احتسي قهوة الصباح واستمع لشدو فيروز: "لأجلك يا مدينة الصلاة اصلي لاجلك يا بهية المساكن يا زهرة المدائن يا قدس يا قدس يا قدس يا مدينة الصلاة أصلي عيوننا إليك ترحل كل يوم ترحل كل يوم تدور في أروقة المعابد تعانق الكنائس القديمة و تمسح الحزن عن المساجد".
فسلام عليكِ يا قدس.. سلام عليكِ ولا بد من فجر حرية..
CONVERSATION
الاشتراك في:
الرسائل
(
Atom
)
إقرأ أيضاً
-
مقال بقلم الآنسة خلود وسام أبو لطيف، مهندس أبحاث وتطوير أعمال لدى شركة ميتسوبيشي للمواد في فرنسا، أعدّته باللغة الفرنسية وقام بترجمته إلى ا...
-
نشرت صحف إسبانية وبرازيلية "صورا غير مسبوقة لشقيقة الملك المغربي محمد السادس الأميرة سلمى، المعروفة لدى المغاربة بلقب ''ل...
-
ريما كركي "من أكثر مذيعات الطقس إثارة في العالم"!! اختيار وإعداد عادل محمد 9 أكتوبر 2019 على الرغم من أن الإعلامية...
-
آمال عواد رضوان وسط حضور كبير من المثقفين والمعنيين بالأدب، وتحت شعار - كنعان حاضرة في الجليل - أقام نادي الكنعانيات للإبداع أمسية ثقافي...
-
أقيمَ في ساحة المدرسةِ الشاملة في قرية " الفريديس " - قضاء حيفا – مساء يوم السبت ( 19 / 10 / 2024 ) عرسٌ وحفلُ زفاف...
-
أقامت جمعيةُ زهور ونبض الخير وموقع لوسيل سبورت وجمعية قشقوش للخدمات الإجتماعيّة بإدرارة السيد بهاء قشقوش مساء يوم الاحد ( ...
-
آمال عوّاد رضوان تحت رعاية جمعيّة حرّيتهم وجمعية تطوير وتنمية الموسيقى العربية، أقام منتدى عكاظ الأدبي، ونادي الكنعانيات للإبداع، وموسّس...
-
في عنوان المجموعة الشعرية "ويقول لها" بوح وإقرار، وفيما يشبه الاعترافات تتوالى قصائد الشَّاعر الدكتور عاطف الدرابسة، وفي أولى القص...
-
د. محمد الداهي أكاديمي مغربي كان في عداد طلبة الفصل الثالث للسنة الجامعية الحالية (2023-2024) طلبةٌ فيتناميون. وبما أنهم كانوا يجدون مصاعب ف...
-
بقلم / بهاء الصالحي ................................ جاءت رواية الشتات لمجدي جعفر وهو روائي يمتلك أدواته وصاحب خبرة ولكن أن يأتي ذلك العمل...
0 comments:
إرسال تعليق