كتب نزار حنا الديراني ـ
عقدت لجنة متابعة توصيات مؤتمر العلامة الآباتي جبرائيل القرداحي للدراسات السريانية ندوتها الخامسة بتاريخ 4/9/2019 على مسرح قاعة دير أنطش مار يوحنا مرقس – جبيل تحت عنوان
( اثر اللغة السريانية في اللغة اللبنانية والسورية المحكية )
شارك فيها :
- الأستاذة ليلى لطي / أثر اللغة السريانية في اللغة اللبنانية المحكية
- الأستاذ حبيب يونس / أين نلحظ التأثير السرياني في لبنان
- الأستاذة د. هزار أبرم / أثر اللغة السريانية في المحكية السورية / الجزيرة السورية أنموذجا
أدار الندوة الأستاذ د. عماد فغالي الذي قال في افتتاحيته للندوة :
( عندما يقال لغة سريانية يروح الفكر تواً الى محكية في الكنيسة لا نفهمها بل نتذمر من تلاوات فيها ، غريبة عن متناولنا وقدرتنا الفهمية . .. يكفينا فخرا أنها لغتنا الطقسية ، لغة تكلمها الناس يوما ، وإن غفلوا عنها في تطوراتهم ، هي شاهد على جماعة متجذرة في تاريخها ، فاعلة في حضارتها . ناس هذه اللغة أحياء ، دليل على قيمة إنسانية لا تموت ...)
ومن ثم رحب الاب سيمون عبود رئيس دير انطش بالحضور مبينا مدى أهمية اللغة السريانية ونضوجها وانتشارها وخلودها بسبب ما قدمته للبشرية وما أعطته للأجيال ...
ومن ثم تحدث الاستاذ كابي الخوري بأسم اللجنة المنظمة بالمحكية اللبنانية الذي قال عنها :
( ... تحمل بين طياتها نكهة ارامية سريانية ، تلك اللغة التي عمرها أكثر من 3000 سنة... وبالرغم من كونها تعيش في لبنان في غيبوبة ولكنها لا بد لها أن تستفيق يوما من سباتها لتكون لغة العائلة في البيت ولغة التدريس ... فمن أجل ذلك بدأنا مؤتمرنا ( مؤتمر جبرائيل القراحي للدراسات السريانية) في الجامعة اللبنانية الدولية – فرع جبل لبنان بالاشتراك مع اتحاد الأدباء والكتاب السريان في العراق وانبثقت عن المؤتمر لجنة متابعة قامت بعدة زيارات وعقدت عدة ندوات من بينها ندوتنا هذه.)
بعد ذلك أفتتحت الندوة بمحاضرة للباحثة ليلى لطي بعد أن أفاض مدير الجلسة عن سيرتها لتقول :
(دخلت العربية الى لبنان بعد القرن 13 من دون أن يترك أبناءها الأبجدية الفينيقية-الآرامية التي تطورت وصارت سريانية (آرامية الرها) ... إلا أن اللبنانيين ظلوا يكتبون لغتهم العربية التي تعلموها بعد القرن 16 بالحرف السرياني حتى القرن 18 من أجل تعاملهم التجاري مع العرب والمسلمين وخاصة في ميناء بيروت ... وظل الموارنة يستخدمونها حتى القرن 19 وخاصة بشمال لبنان وتحديدا حتى الحرب العالمية الاولى حيث كانت المدارس تعلّم بالسرياني. وحين ترك الموارنة اللغة السريانية تدريجيا إلا أنهم لم يتركو الكتابة السريانية ... لذا يصح لنا بالقول أن اللبنانية هي لغة وليست لهجة كونها تمتلك أبجدية (الأبجدية السريانية) وقواعد وصيغ كلامية وكانت تكتب بشكل دائم بالأحرف السريانية وكما ذهب الى ذلك الفيلسوف والشاعر الكبير سعيد عقل ... وإذا اعتبرناها لهجة علينا أن نقول أنها لهجة سريانية محكية أساسها السريانية الفصحى Kthobonoyo .
والموارنة لم يتخلوا عن الهوية السريانية لغوياً بل عملوا نقلة نوعية لم يسبقهم بها أحد ، إذ حملوا اللغة السريانية مثل ماهي كلفظ وقواعد وأبجدية ولبسوها الثوب العربي ، فعملوا مزيج فريد من نوعه لغوياً يعني سرياني معرّب وعربي مسَريَن ...)
بعد هذه المقدمة قدمت الباحثة العديد من الشواهد التي تبين كون اللغة المحكية اللبنانية ذات جذور سريانية على صعيد القواعد والاماكن واسماء العلم ومعجم كلمات ....
بعدها أضاء السيد مدير الجلسة الضوء على سيرة الباحث حبيب يونس الذي بدوره سلط الضوء على تساؤله (أين نلحظ التأثير السرياني في لبنان ) قائلا:
( ... أن التأثير الأبرز يكمن في الطقس والليتورجيا اللذين تتبعهما الكنيسة المارونية الأنطاكية، وهي بنت الكنيسة السريانية.
ولفت إلى أن هذا لا يعني أن الموارنة هم سريان، بل هم شعب متنوع الأعراق والأصول، من ضمنها الأرامي السرياني، اختار المذهب الماروني عقيدة إيمانية.
كما أشار الأستاذ حبيب يونس إلى أن الموارنة لم يخلفوا كتابات باللغة السريانية إلا الكتابات الطقسية، وإلى أن أول كتاب صدر عنهم كان كتاب "الهدى"، باللغة العربية ترجمة عن السريانية.
ومر الباحث سريعًا على كلمات سريانية تستعمل في اللغة اللبنانية، وكذلك على بعض تراكيب الجمل والقواعد، وتوقف عند تأثر الأوزان الشعرية الزجلية ببعض الأوزان الشعرية السريانية.
لكنه لفت إلى اللغة الأم في هذا الشرق التي اصطلح على تسميتها السامية، ففضل الباحث اعتماد اللغة الشرق متوسطية التي تفرعت منها اللغات العربية والآرامية والكنعانية والفينيقية وغيرها.)
واختتمت الباحثة د. هزار ابرم القادمة من جامعة حلب بعد ان عرفها وقدمها مدير الجلسة للحضور لتسلط الضوء على أثر اللغة السريانية في المحكية السورية في منطقة الجزيرة لتقول :
( ... في عهود لاحقة تعرضت المنطقة للعديد من الويلات والمحن والاضطهادات حيث عانى فيها السريان المذابح المروعة وكانت آخرها التي ارتكبها الأتراك بحقهم، إثر اتفاقية سايكس بيكو ”1916” التي زادت من وتيرة تهجير السريان والأرمن بأعداد ضخمة من مناطقهم في الجزيرة العليا ... وحين جاء الحكم العثماني وبسط سيطرته على الجزيرة السورية ومصر، وفي ذلك الوقت قُسمت الجزيرة الكبرى إلى ثلاثة أقسام فأصبح القسم الشمالي في حوزة الأتراك، والقسم الجنوبي ألحق بدولة العراق، أما القسم الأوسط فقد أصبح جزءاً من سورية وعُرف بالجزيرة السورية، التي سنقف عليها بمزيد من التفصيل، ولاسيما فيما يتعلق بأثر اللغة السريانية في اللهجات المحكية فيها.
أما عن واقع السريان في المنطقة ولغتهم، فقد تكلم السكان بالسريانية بقسميها الشرقي والغربي، فتحدث البعض من سكان القامشلي بالسريانية الشرقية فضلاً عن اللهجات المحكية الأخرى مثل ( اللهجة المديادية نسبة إلى قرية مدياد ويسمون المُعزّين)، وكذلك ( اللهجة الأسخية نسبة إلى قرية أزخ التي تتبع الأبرشية في الموصل).
والبعض الآخر حافظ على لغتهم السريانية الغربية الرهاوية الفصحى وتمسكوا بها وتكلموا بها في مجالسهم العلمية والثقافية وفي حياتهم اليومية، في البيت، وفي الشارع .... فتحدثوا بلهجة سريانية عامية تدعى السورَيت وهي لغة ( لهجة) آرامية تعود أصول المتحدثين بها إلى منطقة طور عبدين في جنوب شرق تركيا، والتي كان المسيحيون السريان يسكنوها عبر التاريخ. وقد باتت السورَيت معروفة في الأوساط الأكاديمية باسم "طورويو" أيضاً. الذي استخدمها علماء اللغة في الغرب بشكل متزايد، ولكن المتحدثين بهذه اللغة لم يقبلوا هذا المصطلح الأكاديمي، فعادةً ما يسمون لغتهم بـ"السورَيت". واليوم يستخدم الكثير من المتحدثين بهذه اللغة في أوروبا لفظة Suryoyoللدلالة على لغتهم.
وتجدر الإشارة إلى أنه حالياً في القامشلي وحدها على سبيل المثال هناك حوالي (200) عائلة في أحد الأحياء تتحدث اللهجة الطورانية.
ونظراً لعدم وجود تمايزٍ كبير بين اللهجات المحكية في الجزيرة السورية فرأينا أن نقف على بعض الأمثلة المحكية بشكل عام .... )
بعدها فتح باب الأسئلة والحوار ...
0 comments:
إرسال تعليق