الشاعر شوقي مسلماني بعيداً من الأقفاص


ـ كتب سليمان الفهد. 

شوقي مسلماني، شاعر لبناني يعيش في أستراليا منذ عام 1977 . مولود سنة 1957 ـ كونين ـ جنوب لبنان. له العديد من المجموعات الشعريّة منها: "أوراق العزلة"، "حيث الذئب"، "من نزع وجه الوردة؟"، "محور مائل"، "لكلّ مسافة سكّان أصليّون"، و"قبل الموجة التالية". رئس تحرير مجلات: "الرابطة"، "الدبّور" و"أميرة". نشر وينشر في صحف منها "السفير"، "النهار"، "الأخبار" البيروتيّة، إيلاف الباريسيّة، القدس العربي اللندنيّة والعديد من الصحف اللبنانيّة والعربيّة الأستراليّة والمواقع الألكترونيّة. 

وفي لقاء أخير معه، وعند سؤاله عن تجربته والشعر قال: "كنت طفلاً إبن عشر سنوات حين توفيت إبنة عمّي بحادث سيّارة، وكان عمرها سبع سنوات، وبعد  أيّام سألني عمّي جريحاً أن أكتب شعراً في ابنته الراحلة نجاح، وهو سؤال غريب أن يُطلب من فتى، ويومها شخصيّاً لم أجد الطلب غريباً، فقط قمت إلى خلوة وكتبت قصيدة عموديّة من سبعة أبيات. 

انطلق عمّي بسيّارته من كونين الجنوبيّة اللبنانيّة الحدوديّة مع فلسطين المحتلّة إلى صور التي تبعد حوالي 40 كلم، ثمّ رجع بقطعة رخاميّة،  وعليها منقوش أوّل بيتين من القصيدة وجعلها شاهدة على قبر ابنته.  

كلّ ما أذكره قبل هذه الحادثة إنّي كنت أحب الشعر الشعبي وخصوصاً العتابا، ولم تكن لي تجربة مع الفصحى وإن كنت فيها أحفظ قصائد. ويوماً لم أقدّم نفسي شاعراً، رغم كثير القصائد العاميّة التي نظمتها، وبعضها تحاكي أغاني فيروز التي كنت أحفظ العديد من أغانيها وأغنيّها مع أترابي. وظلّت حالي هكذا حتى سنة 1975 وانقلاب عزيز الأحدب، حين كتبت فيه قصيدة عموديّة أدعو فيها إلى إيقاف الحرب الأهليّة اللبنانيّة وقد ألمح إليها التلفزيون اللبناني الرسمي في حينه.  

وإلى أواخر الثمانينات حين اتّصلت في أستراليا بالصديق الشاعر جاد الحاج فأهداني مجموعة شعريّة نثريّة له بعنوان "واحد من هؤلاء"، ثمّ بالصديق الشاعر وديع سعادة وأهداني مجموعة شعريّة نثريّة له بإسم "ليس للمساء إخوة"، ثمّ كنت أقرأ نصوصاً للصديق والأديب والصحافي أنيس غانم بعنوان "حقيبة مهاجر". واستقرّ بي المقام بكتابة الشعر المنثور. وأصدرت مجموعات لاقت استحساناً من النقّاد والأصدقاء منهم الشعراء اسكندر حبش، محمّد علي شمس الدين، عناية جابر، اسماعيل فقيه وكثُر لهم شأن في عالم الشعر والكتابة". 

أمّا عن نظرته إلى واقع قصيدة النثر وكلّ من القصيدة العموديّة وقصيدة التفعيلة والعاميّة فقال إن الشعر بالنسبة له هو الشعر بأي شكل أتى، بشكل العاميّة أم بشكل الفصحى أم بشكل قصيدة التفعيلة أم بشكل قصيدة النثر، المهم "أن تكون اللغة لها إيقاع الروح في حالاتها الكثيرة، ولكن على المستوى الشخصي استقرّ الهوى على الشعر النثري ظنّاً إنّ الشاعر هكذا يحلّق بعيداً عن الأقفاص والقوالب الجاهزة". وهنا أوراق من مجموعة "لكلّ مسافة سكّان أصليّون" عن دار الغاوون:  

1 ـ طبعُها سمّ  \ عقاربُ الساعة. 2 ـ ميناء لبحّارة \ تفحّمهم الشمس \\ الميناء يسأل عن بحّارة \ البحّارة يسألون عن ميناء. 3 ـ ملقى من عليائك \ على خردة ظلّك؟ \\ يا رئيس الطيور \ قلْ أيّ شيء في الملح الواسع \ إلاّ هذه الرعشة الأخيرة \ في جناحيك \\ إلاّ هذا الذهول \ في عينيك. 4 ـ قلبي الغاضب \ يهرب بعقلي \ نحو الزاوية المعتمة. 5 ـ رملٌ \ يطعن برمل. 6 ـ ضدٌّ يقتلك لأنّك ضدّه \ ضدٌّ يقتلك لأنّك على يساره \ ضدٌّ يقتلك لأنّ كلبه لم يستطع أن يعضّك \ ضدٌّ يقتلك لأنّ ملّته طلبتْ \ ضدٌّ يقتلك لأنّك شجرة \ ضدٌّ يقتلك لأنّك تريد أن تعمل \ ضدٌّ يريد أن يقتلك لأنّ لباسك غير لباسه \ ضدٌّ يقتلك لأنّك تسير على قدمين \ ضدٌّ يقتلك لأنّه يظنّ أنّك حين تكون تزرع \ أو حين تكون تصنع \ تكون لا تزرع ولا تصنع \ وضدٌّ يقتلك لأنّ شكل رأسك \ ليس هو الشكل المطلوب \ أو لأنّه ربّما \ يشعر بالملل.  


CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق