الشّاعر السوري القس جوزيف إيليّا |
الشّاعر السُّوري فوّاز عابدون |
بقلم: صبري يوسف
هذه المحاورةُ الشِّعريّةُ فيها غوصٌ عميقٌ في فضاءاتِ أوراقِنا المضمّخةِ بمذاقِ الشِّعرِ، تحملُ هذهِ الأوراقُ عبقَ السِّنينَ، وأنقى ما في بوحِ الحنينِ. حلَّقْتُ عالياً معَ تجلِّياتِ البوحِ، كم كانَ البوحُ متناغماً، ومتدفِّقاً مثلَ شلَّالٍ مِنَ الفرحِ، وكأنَّ هذهِ المحاورةَ الشِّعريّةَ انبثقَتْ من شاعرٍ واحدٍ ومن خيالِ شاعرٍ واحدٍ لِمَا فيها مِنْ تناغمٍ وتفاعلٍ في انبعاثاتِهما، فقدْ تمكَّنَ الشَّاعرانِ مِنَ الإمساكِ بتدفُّقاتِ الانبعاثِ.
مساجلةٌ شعريّةٌ بديعةٌ للغايةِ، أشبهَ ما تكونُ حالةَ تدفُّقٍ حلميّةٍ، حالةَ تجلٍّ في ذروةِ العطاءِ. ما هذا التَّناغمُ الشِّعريُّ والبهاءُ الفنّيُّ؟ صورٌ مزدانةٌ بالجمالِ والألقِ ودندناتِ الرُّوحِ على إيقاعِ الحنينِ إلى ذكرياتِ الماضي البعيدِ وإلى حبورِ الشِّعرِ في أوجِ انبعاثِهِ. تولدُ القصيدةُ من لبِّ الحياةِ، من هسيسِ كائنٍ صغيرٍ أو مِنْ طنينِ نحلةٍ أو رهافةِ فراشةٍ تعانقُ بتلاتِ زهرةٍ، فيهفو الشَّاعرُ إلى أنْ يُحلِّقَ في رحابِ خيالِهِ مِنْ أبسطِ محرِّضاتِ الخيالِ.
الشَّاعرُ القس جوزيف إيليّا ينبشُ أبهجَ القصائدِ مِنْ طينِ الحياةِ، ويلتقطُ رؤاهُ مِنْ دقَّاتِ القلبِ، لأنّهُ يصوغُ شعرَهُ مِنْ مرامي هذهِ الدَّقاتِ الرَّهيفةِ، فتولدُ القصيدةُ معبَّقةً بشهقةِ الحياةِ بكلِّ تجلِّياتِها، والشَّاعرُ فوَّاز عابدون معجونٌ في طينِ الحياةِ، ومبلَّلٌ في رذاذاتِ المطرِ، لهذا نراهُ يتهاطلُ مثلَ المطرِ الهتونِ فوقَ خميلةِ الشِّعرِ. تنبعُ القصيدةُ عندَهُ مِنْ سطوعِ القمرِ، مِنْ حبورِ غيمةٍ مِنْ بسمةِ الأطفالِ مِنْ عناقِ السَّنابلِ لانبلاجِ الصَّباحِ.
يتناغمُ خيالُ الشَّاعرِ جوزيف إيليّا معَ أبجدياتِ الماضي، غائصاً في لجينِ الحاضرِ وعابراً بكلِّ ابتهالٍ في آفاقِ الصَّباحاتِ القادمةِ، فيتجلّى الشَّاعرُ فوَّاز عابدون في غوصِهِ في مرامي الذّاكرةِ وينبشُ خفايا وأبهى منعطفاتِها، مستوحياً أبهى حبورِ الشِّعرِ مِنْ رحيقِ الماضي وأريجِ الحاضرِ، فتولدُ تدفُّقاتُهُ معتّقةً بالأصالةِ ومبلَّلةً بهبوبِ النّسيمِ النَّديِّ على إيقاعِ انبثاقِ الشَّفقِ الصّباحيِّ.
قصيدةٌ سِجاليّةٌ متفرِّدةٌ في انبلاجِها وتناغمِها بينَ شاعرَينِ متهاطلَينِ مثلَ هطولِ الفرحِ في صباحِ العيدِ، إنّهُ عيدُ الشِّعرِ، عيدُ القصيدةِ عيدُ الشُّعراءِ عيدُ الكلمةِ المجنّحةِ نحوَ هاماتِ الجبالِ الشَّامخةِ شموخَ الرُّوحِ في أقصى حالاتِ التّجلِّي. تمنحُني الكلمةُ الممراحةُ فرحاً وألقاً، كأنِّي أحدُ المشاركينَ في بوحِ هذا الشِّعرِ، لكنِّي أحدُ المشاركينَ في عناقِ الشِّعرِ واحتضانِ جموحِ الفكرِ الخلّاقِ. الشَّاعرُ جوزيف إيليَّا يمتلكُ رؤيةً خلّاقةً وتطلُّعاتٍ باسقةً في هدهدةِ الكلمةِ، ولا يفوتُهُ حالةٌ انسانيّةٌ، ولا أيَّةُ مناسبةٍ، أو منعطفٌ مِنْ منعطفاتِ الحياةِ، إلّا ولهُ فيها شهقةُ انبعاثٍ، وفي فضاءاتِ السِّجالاتِ الشِّعريّةِ لهُ تهاطلاتُهُ وبوحُهُ الرَّقراقُ، ويحالِفُهُ الانبعاثُ لأنَّهُ يتلقَّى جموحاً رهيفاً ممَّا يساجِلُهُ، فتأتي القصيدةُ في ذروةِ انبهارِها مِنْ كلا الشَّاعرينِ، حتَّى أنَّهُ يَصعبُ على القارئِ أنْ يميِّزَ مَنِ القائلُ هذا المقطعَ، أو المقطعَ الآخرَ لولا أنَّهُ يقرأُ اسمَ الشَّاعرِ، وكلُّ هذا التَّناغم في وهجِ الانبعاثِ والإنسيابيّةِ يجعلُنا نقولُ: إنَّ هذا التَّواصلَ والتّعانقَ هو إبداعٌ فريدٌ مِنْ نوعِهِ، وكمْ يراودُني أنْ نعمِّقَ هذهِ التّعانقاتِ فيما بينَ الأحبّةِ والبشرِ على كافّةِ الأصعدةِ، كي تغدو الحياةُ أكثرَ إشراقةً وتناغماً وعطاءً وبهجةً. الكتابةُ معراجُ طريقِنا إلى قمَّةِ القممِ، إنّها الحياةُ بعينِها، والشِّعرُ أصفى ما ينبعُ مِنْ رحيقِ الكتابةِ، إنَّهُ بلسمُ الرُّوحِ يشفي الجراحَ مِنْ اكتظاظِ ما نراهُ فوقَ جلدِ الحياةِ. تعالوا نكتبُ شعراً فرحاً حبَّاً ونترجمُ أبهى ما في قلوبِنا مِنْ عمقٍ إنسانيٍّ كي نرسمَ البسمةَ على وجوهِ الأحبَّةِ كما رسمَها الشَّاعرُ المبدعُ والقس الفاضل جوزيف إيليا والشَّاعرُ البديعُ فوَّاز عابدون. فرَحٌ في مهجةِ القلبِ وفي سماءِ الرُّوحِ ينمو.
ينغمسُ الشّاعرُ القس جوزيف إيليّا معَ آهاتِ وهمومِ وهواجسِ الآخرينَ، فحالما سمعَ صديقَهُ الشّاعر المهندس فوّاز عابدون يتحدّثُ لهُ عَنْ أوارقٍ قديمةٍ عثرَ عليها في أرشيفهِ المتناثرِ بينَ طيّاتِ الزَّمنِ، وجدَ فيها مادَّةً خصبةً لمحاروةٍ شعريّةٍ مدهشةٍ، فقالَ لهُ "هاتِ أوراقَكَ" وافرشْها فوقَ مروجِ الشِّعرِ، لعلَّنا نستوحي منها أجملَ الأشعارِ، فلم يتلكَّأ الشَّاعرُ فوَّاز عابدون فوجدَها هو الآخرُ فرصةً لمناجاةِ ما جاءَ في قصائدِ الزَّمنِ الغابرِ، وراحَ يقرأ ما خطَّهُ قلمُهُ يوماً، ممَّا حرّضَ قريحةَ الشَّاعرِ جوزيف إيليّا، فحلَّقَ عالياً في فضاءِ البوحِ ..
وسرعانَ ما أجابَهُ عابدون ببهجةٍ غامرةٍ، كأنَّهُ عثرَ على كنزٍ ثمينٍ، كانَ مخبَّئاً في مرافئِ العمرِ، مركِّزاً على صونِ الكلمةِ للعهدِ، مهما طالَ بها الزَّمنُ، لما فيها من أريجٍ معبَّقٍ بأرقى الذّكرياتِ. أجل! الأوراقُ تحضنُ هدهداتِ العمرِ، وتضيءُ الطّريقَ في عتمِ اللَّيلِ، وتزيلُ تراكماتِ الغبارِ المتفاقمِ فوقَ مروجِ الحياةِ.
ويجيبُهُ القسُّ المُرهَفُ في شاعريتّهِ المتوهِّجةِ مثلَ ضياءِ الشُّموعِ، إنَّ الأوراقَ مكمنُ الأسرارِ، ومعبرُ الجمالِ، تموجُ بأناشيدِ النّقاءِ، وأبهى حالاتِ الابتهالِ، تموجُ بأصفى جموحِ الفكرِ، فيها تجلَّتْ منارةُ الأممِ، وهي منبعُ الجمالِ والوفاءِ، ومنها تنبثقُ أرقى الأغاني وتجودُ بأعذبِ الألحانِ، وهي خميرةُ الانبعاثِ على مرِّ الأزمانِ، تهدهدُ أرواحَنا بإشراقةِ الألقِ وتزرعُ فوقَ مآقينا مهجةَ الاشتياقِ! هاتِ أوراقَكَ وأنثرْها فوقَ منارةِ العبورِ!
فيحلِّقُ عابدون في رحابِ الماضي بكلِّ ذكرياتِهِ الممهورةِ بالألقِ، ويشعرُ أنَّ الكتابةَ رحلةُ بقاءٍ موشومةٌ فوقَ خصوبةِ الزَّمنِ، فيها تكمنُ ديمومةُ العطاءِ، إنّها ذكرى طافحةٌ بأرقى الأماسي، ومكتنزةٌ بمذاقِ الشِّعرِ، وشهوةِ البقاءِ فوقَ خميلةِ العمرِ، مراراً غُصْنا في مهجةِ الشِّعرِ، نقتفي شهقةَ الانبعاثِ، مكلَّلةً بأبهى ما يسطعُ في مآقي الأفقِ، مستعيداً أجملَ الأيامِ، كأنَّهُ في مواسم ِالحصادِ يلملمُ دُرَرَ الحياةِ مِنْ ضياءِ البدرِ، ومِنْ هِلالاتِ الغسَقِ، الشِّعرُ يناغي ذكرياتِنا الغافيةَ في خضمِّ اللَّيالي المعبّقةِ بأزهى الأحلامِ، راغباً أنْ يستنهضَها مِنْ نومِها العميقِ، ويرسمَ فوقَ حبورِ الحرفِ بهجةَ الانطلاقِ!
تنسابُ تدفُّقاتُ الشِّعرِ عبرَ هذا السِّجالِ البديعِ، مثلَ هبوبِ نُسيماتِ الرَّبيعِ، في صباحٍ معبَّقٍ بأريجِ القَرنْفُلِ، فيتدفَّقُ الشَّاعرُ جوزيف إيليَّا كأنَّهُ في أقصى حالاتِ الابتهالِ، قائلاً ستبقى الكتابةُ وأوراقُكَ ساطعةً ولا يهزمُها غبارُ هذا الزَّمانِ ولا الأزمنةِ القادمةِ، لأنَّ الكتابةَ رسالةُ عشقٍ لكلِّ الأجيالِ، تصونُ العهدَ على امتدادِ العمرِ، تقدِّمُ وهجَ الحرِّيّةِ غيرَ آبهةٍ من شفيرِ العابثينَ، لأنَّها مرتكزةٌ على صلابةِ الصّوانِ. تسمو القصيدةُ عالياً فوقَ ما يصادفُها مِنْ عجاجِ وشوائبِ هذا الزَّمانِ، تُحصِّنُ فضاءَها بعمقِ مداركِها فتجنِّبُها مِنَ الانزلاقِ في دهاليزِ الغرقِ، ثمَّ يحلِّقُ الشّاعرُ في آفاقِ التّجلّي يَشيدُ أبراجَ السُّموِّ بتضافرِ جهودِ الأجيالِ، عبرَ إشراقِ الحرفِ، ولا تلوي ذراعَ القصيدةِ رياحٌ عاصفةٌ، مؤكِّداً على انتقاءِ أرقى ما جاءَ في الأوراقِ من رصانةِ الحرفِ.
ويجيبُهُ الشَّاعرُ فوَّاز عابدون، تفضّلْ واخترْ ما تشاءُ مِنْ رحابِ الأوراقِ، وحلِّقْ في سماءِ الحرفِ، ممَّا يساهمُ في جموحِ الألقِ، وهدهدْ ما تبقّى لمَن لديهِ إمعانٌ في شهقةِ الشَّفقِ، كي ينتقي هو الآخرُ ما يراهُ باذخاً في جموحِ تماهياتِ الغسقِ. مركِّزاً على ما باحَتْ بِهِ رصانةُ الأوراقِ، هامِسَاً لصديقِهِ، خذْني إلى أقصى الأقاصي، وحلِّقْ بي في أسمى آفاقِ الألقِ، فها قدْ غُصْتُ عميقاً في لجينِ الأوراقِ، ووشَّحْتُهُ فوقَ وجنتي، فلا تتوانَ أنْ تتوغَّلَ في مروجِ حرفي، وتجَلَّ بكلِّ شموخٍ في أصفى مرامي البوحِ، وغُصْ في أعماقِ ما جاءَ في كنوزِ الأوراقِ كي تحيي ما توارى منها، كم كنْتَ شفيفاً رهيفاً محرِّضاً على البوحِ، وعميقاً في غوصِكَ في منارةِ الحرفِ، قرأْتَني مثلَ عصافيرِ الخميلةِ وهي تشدو على مقربةٍ من دنياي، تريدُ أنْ أنهضَ من سُباتي كي أَنشدَ معها أنشودةَ فرحٍ من نكهةِ الألقِ، فما وجدْتُ نفسي إلّا وأنا في ذروةِ شغفي، أُهدهدُ كلَّ ما جادَتْ بِهِ قريحتي وما دغدَغَتْ وأيقظَتْ مكامنَ الشَّوقِ إلى كلِّ ما تناثرَ في حبورِ الورقِ!
واختتمَ الشّاعرُ المدهشُ القس جوزيف إيليّا مثلما بدأَ محاورتَهِ الشِّعريّةَ، مركِّزاً على العودةِ إلى مهاميزِ الحرفِ والأوراقِ، فهي كنزٌ من كنوزِ العمرِ، ويطلبُ مِنْ صديقِهِ أنْ لا يتوقّفَ عَنِ الكتابةِ، لأنَّ الكتابةَ هي حياتُنا المشتهاةُ وعبرَها نتعانقُ معَ الوجودِ وتصبحُ الحياةُ أكثرَ جمالاً وبهاءً، وتصونُنا مِنَ الشُّرورِ المُحْدِقةِ بنا، فلا نمتلكُ سوى أقلامِنا وأوراقِنا نرسمُ عبرَها آفاقَ رؤانا فوقَ وجنةِ الحياةِ وانبعاثِ هِلالاتِ الخلودِ!
ستوكهولم: 26. 4. 2023
صبري يوسف
أديب وتشكيلي سوري مقيم في ستوكهولم
وفيما يلي المحاروة الشِّعريّة ما بين الشّاعر القس جوزيف إيليّا والشَّاعر المهندس فوّاز عابدون
هاتِ أوراقَكَ
في حديثٍ لي معه أشارَ صديقي الشّاعر الأستاذ المهندس فواز عبدون إلى أنّهُ قدْ عثرَ على أوراقٍ قديمةٍ له فيها الكثير ممّا كانَ قد نسيه مِنَ الكتاباتِ فكتبتُ له قائلًا :
هاتِ أوراقَكَ واقرأْ ما بها
أجملُ الأقوالِ قولُ الورقِ
فيهِ ما تعجزُ عنهُ شفَةٌ
هاتفًا بالقلبِ : هيّا انطلِقِ
فأجابني قائلًا :
إنّها حُزْمةُ أوراقي الّتي
طالعتْني بالسّنا كالفَلَقِ
لمْ تزلْ تحفظُ عهدًا قد مضى
إنَّ للأوراقِ ما للعبَقِ
فقلتُ :
إنّها الأوراقُ جمِّلْ وجهَها
كاتبًا فيها لمزمورٍ نقِيْ
كمْ بما ضمّتْ بنَتْ أزمنةً
وبهِ قومٌ نجَوا مِنْ نفَقِ
وحوتْ أسطرُها فكْرًا بهِ
أممٌ عاشتْ ولمْ تختنقِ
هاتِها لوِّنْ عليها صوَرًا
أعينٌ منها جَمالًا تستقي
واكتبِ الألحانَ والشِّعرَ بها
وانتظِرْ ميلادَ آتٍ مشرِقِ
فقال :
هذه الأوراقُ إذْ ألفيتُها
قد أعادتْني لذاكَ الألَقِ
إنّها ذكرى لأمسٍ لمْ أزلْ
فيهِ أحيا عنهُ لمْ أفترقِ
إنّهم صَحبي وكم كانت لنا
أمسياتٌ من قريضٍ أَنِقِ
كان لي فيها سِجالٌ مُمتِعٌ
مِنْ رياضِ الشِّعرِ أجني زَنْبَقي
كم تنادَمْنا بشِعرٍ باذِخٍ
في العشيّاتِ بوقتِ الغَسَقِ
ذكرياتٌ قد غَفَتْ في ليلِنا
فلْتقُمْ مِنْ نومِها ولْتُطْلَقِ
فقلتُ :
لن تُلاشى وستبقى طالما
بلهيبِ القُبْحِ لمْ تحترقِ
تخبرُ الأجيالَ عن أجيالِنا
كيف شادت ما هوى من طُرُقِ
وإلى المرجوِّ سارت في خطًى
حُرّةٍ ما لُوِّثتْ من نزَقِ
تعبتْ لكنْ أبتْ كسْرتَها
وأبتْ أنْ تُكتسى بالخِرَقِ
وسمتْ أرواحُها ما دُنِّستْ
وحَماها وعيُها من غرَقِ
ويرى مَنْ بَعدُنا يأتي دنًى
صرْحَها شِدْنا ببذلِ العرَقِ
لمْ نلِنْ رغم مآسٍ ريحُها
عصفتْ عصفًا بنا لمْ تُشفِقِ
هاتِها الأوراقَ صيِّرْها هنا
دفترًا ممّا سيحوي ننتقي
فقال :
خُذْ مِنَ الأوراقِ ما قدْ يُنتقى
واتْرُكِ الباقيْ رهينَ الحَدَقِ
إنَّ فيها بوْحَ ما أحْسَسْتُهُ
في سُطورٍ إنّما لَمْ أَنْطِقِ
قالتِ الأوراقُ: إنّي ها هُنا
فاصْطحِبْني للمدى للأفُقِ
كلُّ ما أحسَسْتُهُ سطّرتُهُ
فوقَ وجهي في سطوري حَدِّقِ
وانْشُرِ المكنونَ فيها فلْتَعِشْ
أو تَمُتْ حزْنًا إذا لَمْ تُعْتَقِ
طالَعَتْني مِثْلَ عُصفورٍ شَدا
عِندَ شُبّاكي ونادى : أفِقِ
فالتَزَمْتُ الأمْرَ إذْ لَمْلَمْتُها
طائعًا أجْمَعُ مِنْها ما بَقِيْ
فقلتُ :
عُدْ لأوراقِكَ واكتبْ فبِها
معْ حياةٍ نشتهيها نلتقي
وبها نرسمُ رسْمًا خُلْدَنا
فلْتُصَنْ مِنْ كلِّ شرٍّ مُحدِقِ
القس جوزيف إيليا
٢٦ / ٤ / ٢٠٢٣
فواز عابدون
0 comments:
إرسال تعليق