لاجيء سوري فقير ملزم بدفع 50 ألف دولار لأغنى دولة

قصته الحقيقية شبيهة جدا بسينمائية حدثت لعادل امام في فيلم "هاللو أمريكا" الذي انتجوه عام 2000 كأخر 3 أفلام من سلسة "بخيت وعديلة" حيث يسافر بخيت (عادل امام) في الفيلم الى نيويورك، وتصدمه فيها سيارة تقودها ابنة مرشح للرئاسة الأميركية، فيرفع قريبه دعوى قضائية نيابة عنه، ويكسب بخيت 5 ملايين دولار تعويضات، ثم يبدأ نتف الريش على الطريقة الأميركية: مبلغ ضخم يذهب لمحاميه وآخر لشركة تأمين، ومثله عمولات وضريبة، كما ولتغطية نفقات، حتى يعود بخيت فقيرا الى القاهرة كما كان.
الحالة نفسها يمر بها حاليا "بائع الأقلام في بيروت" اللاجيء السوري- الفلسطيني في لبنان، عبد الحليم العطار، لمن يتذكر خبره الذي أتت عليه "العربية.نت" أيضا، وانتشر بمعظم لغات العالم، مرفقا في أغسطس الماضي بصورة ابنته ريم غافية على كتفه، وهو يتجول بها في الشوارع، وبيده رزمة أقلام Big المعروفة بلونها الأزرق، يبيعها لمن يرغب من مشاة أو مارين بسياراتهم، يشترونها "احسانا" اليه، أكثر من حاجتهم اليها في عصر الأزرار.
تلك الصورة التي غيّرت حياته، من لاجيء ترك "مخيم اليرموك" حيث كان يقيم قرب دمشق، ليأتي الى بيروت قبل 3 أعوام بعد أن طلقته زوجته وتركت معه ابنيه الطفلين، التقطها له شخص غير معروف للآن، ونشرها في حسابه "التويتري" فانتشر خبرها سريعا وخطف الأضواء، وراقت له ولطفلته البالغ عمرها 4 سنوات، قلوب وضمائر من أبدوا رغبة بمساعدته ولو بالقليل.
وتنبه لنواياهم آيسلندي اسمه جيسّور سيمونارسون، يمتهن جمع التبرعات الشعبية لمن يراه يستحقها، عبر موقع أسسه باسم Indiegogo في الانترنت، ومقره في "أوسلو" عاصمة النرويج، فضمه اليه قبل شهرين "لجمع 5000 دولار فقط" على حد ما قرأت "العربية.نت" في الموقع الذي جعل الرياح تسير 40 مرة أفضل مما كانت تشتهيه سفينة "بائع الأقلام" البائس، فقد أطلق جيسّور على عصفور وأصاب سربا بكامله وأكثر.
ما جمعه جيسّور لعبد الحليم، بلغ الأسبوع الماضي 200 ألفا من الدولارات، جاءته تبرعات من كافة أنحاء العالم، أي دولار من هناك، وربما 5 من هناك، وأحيانا 10 من متكارم أكثر، على حد ما قاله هو نفسه لوسائل اعلام عدة، منها في النرويج وآيسلندا، كما وفي صحيفة "التايمز" البريطانية، الا أن لقمة الفقير عمرها قصير، فما أن جاءه ما يبني به حياته حتى أصبح نسخة عن بخيت.
وحوّل 15 ألف دولار الى شقيقاته في سوريا
عليه مثلا أن يدفع من التبرعات حصة كبيرة لأغنى دولة بأوروبا، والرابعة على مستوى العالم، وهي النرويج الوارد اسمها في لائحة top 10 Richest Countries in the World 2015 في مواقع التصفح، لأنها العنوان التجاري لموقع جامع التبرعات جيسّور، لذلك فهو ملزم بدفع 50 ألف دولار ضرائب متنوعة من مجمل التبرعات لمصلحة الضرائب فيها.
السبب أن التبرعات تمت عبر نظام Paypal للدفع، المعروف عالميا بتقاضيه رسوما، حيث يحول موقعه مال الشاري أو المتبرع انترنيتيا الى البائع أو متلقي التبرعات، ويدفع مما يربح ضريبة أيضا، وهو تقاضى 20 ألف دولار رسوما، مشاركة مع موقع جيسّور، الملزم معه بدفع 40 % منها الى مصلحة الضرائب النرويجية أيضا "الا اذا تنازلت عن حقها" مضيفا فيما قرأت "العربية.نت" مما نقلته "التايمز" انه يعمل على تجنب الدفع باتصالات يجريها مع السلطات "التي لم تتخذ قرارها بعد" كما قال.
ودفع عبد الحليم العطار 200 دولارا للداخلية اللبنانية ليحصل على اقامة شرعية في لبنان تسمح له بفتح حساب مصرفي، ليتم تحويل التبرعات اليه، والتي يبدو أنه تسلم منها 20 ألفا حتى الآن، لأنه ذكر بأنه "حوّل منها 15 ألف دولار الى أخواته الخمس المقيمات في سوريا" حيث كان يعمل في مصنع للشوكولا ويبيع أكياس النفايات بما لم يكن يكفيه لاعالة ابنته ريم وابنه عبد الله، وعمره 10 سنوات، فيما لجأت مطلقته مع عائلتها الى مصر.
ولا أحد يدري أي طريقة سيعثرون عليها بعد للحصول على ما تيسر من بقية ما لعبد الحليم من تبرعات، ذكر بأنه ينوي فتح محل بها في بيروت، لأنه بفاتورة من هنا، وأخرى من هناك في العاصمة اللبنانية، قد يجد "بائع الأقلام" نفسه كما وجدها بخيت المصري في نيويورك.

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق