كتب الدكتور رافد علاء الخزاعي
في خلال هذا الأسبوع صادفتني ثلاث نساء في عيادتي يشكون من سرطان عنق الرحم ومضاعفات ما بعد استئصال الرحم احداهن مريضة اكتشف عندها الورم مبكرا وهي والدة لزميل صيدلي وتم ازالته جراحيا وتعبه علاج بالأدوية المضادة للسرطان والشائع ما نطلق عليه بالعلاج الكيمائي والاصح ان نسميه العلاج الدوائي المعزز لاستئصال الورم وذلك لان اسم الكيمائي مرتبط بالأسلحة الكيماوية التي زرعت الرعب في نفوس الناس ابان الحروب التي مر بها العراق وجعلت الكثير من الناس والنساء خصوصا خائفات مرتعبات من خوض هذه التجربة وقد اجتازتها مريضتنا تلك برباطة جأش وتصميم واعي من اجل الشفاء التام واتبعته أيضا بالعلاج الاشعاعي المركز وهو اقل أنواع الطرق الشعاعية تأثيرا ولكن من خلال الفحوصات كانت مصابة بضمور الكليتين مع عجز كلوي متأرجح مع العلاج التعويضي الدوائي والغذائي وأيضا كانت مصابة باكتئاب مزمن وضيق في النخاع الشوكي جعلها حبيسة الكرسي ولكن مع الإرادة وتعزيز الثقة بنفسها استمرت على العلاج وغادرت الكرسي للمسافات القريبة.
والمريضة الثانية كانت تشكو من الالام اسفل الظهر المزمن مع التهاب في المجاري البولية متكرر والام اسفل البطن جعلتني أرسلها الى اجراء فحص البكر عن عنق الرحم وهو متاح مجاننا في كل مراكز فحص المرأة في العراق وبعد اخذ النتيجة شجعتها على اجراء عملية استئصال الرحم مع الغدد اللمفاوية وبطانة اللمفاوية القريبة وبعد ارسالها الى الزرع النسيجي تبين ان الورم مازال في العش وان اكتشافه المبكر ساهم والعملية الجراحية السريعة ساهمت في ابعاد المريضة عن العلاجات المعززة مثل العلاج الدوائي او الشعاعي وتبقى المريضة تحت طائلة الفحص الدوري للاطمئنان على صحتها.
المريضة ثالثة قصة محزنة وهي زارني ابنها الأستاذ الجامعي وحامل شهادة الدكتوراه في الهندسة حاملا أوراق فحوصاتها طالبا استشارتي واعطاني تقرير الرنين المغناطيسي ولكني قللت له أعطني الرقائق الشعاعية لاصطدم انه هنالك عش للورم في الفقرة القطنية الثالثة والرابعة فقلت له اين تقرير الفحص واصبت بالصدمة لان التقرير كان مهملا لهذه العلامات الشعاعية وبعد اخذ التاريخ المرضي تبين ان المرض منتشر ومعشعش في الكبد والرئة وان سبب التأخير هو رفض المريضة لأخذ العلاج الدوائي المعزز والاشعاعي رغم تنبيهات زميلتنا الطبيبة الجراحة المقتدرة لهم ولكنها كانت مهملة في التأكيد الشرطي والضروري لأقناع عائلتها بإكمال العلاج هذا جعلني امام مسؤولية أخلاقية من جل بث الوعي الصحي عبر هذه المقالة المبسطة عسى ان تشعل شمعة في ظلمة العراق من اجل انقاذ نساء اخريات من هذا المرض.
ان عنق الرحم هو الجزء السفلي من الرحم، وهو الجزء الذي يربط بين المهبل والرحم.
هو سرطان ينتج عن تغيرات غير طبيعة في خلايا عنق الرحم، حيث تنمو وتتضاعف هذه الخلايا بشكل غير طبيعي. عادة ما يستغرق هذا النوع من السرطان سنوات عدة ليتطور. ولكن هناك دلالات لبداية سرطان عنق الرحم تطرأ على خلايا الرحم، وهي عبارة عن خلل نسيجي يسمى( Cervical Intraepithelial Neoplasia) سرطان عنق الرحم (cervical cancer) وهو سرطان الرحم الخبيث الذي يصيب عنق الرحم، ويحتل المرتبة الثانية في السرطانات من حيث الانتشار بين النساء، السبب الرئيسي للإصابة بهذا السرطان هو الاصابة بالفيروس الحلمي البشري (HPV). هذا المرض لا يسبب الام وانما يتصاحب بنزف بسيط. ولكن عندما يكون السرطان كبير ويتطور إلى مرحلة الورم فقد يتسبب بخروج سائل وردي اللون له رائحة. في المراحل الأولى من ظهور المرض قد يكون استئصال المكان المصاب عن طريق الليزر كافيا، عند اكتشاف هذا الخلل في وقت مبكر يمكن علاجه، ولكن في حال لم يتم اكتشافه مبكراً قد يتحول هذا الخلل إلى سرطان ولكن في المراحل المتقدمة قد يجب ازالة الرحم بشكل كامل وفي بعض الأحيان يستدعي الوضع إلى ازالة بعض الاعضاء المحيطة. وللكشف المبكر عن المرض يجب اللجوء بشكل دوري إلى اجراء فحص طبي عن احتمال الاصابة. وان اخذ لقاح ضد هذا المرض يقي من احتمال الاصابة بأربع أنواع من فيروس الحلمي البشري ال HVP وبهذا يقلل اللقاح إلى درجة ما من خطر الاصابة بهذا المرض.
ان سرطان عنق الرحم هو ثان أكثر سرطان يصيب النساء عالميا، عالمياً يعد سرطان الثدي ثاني أكثر السرطانات شيوعاً عند النساء والسبب الثالث لوفيات النساء من السرطان.
خلال سنة 2008 تم تشخيص 530 ألف حالة جديدة وتوفت 275 ألف امرأة بسبب الإصابة بسرطان عنق الرحم. دون اتخاذ إجراءات سريعة فعالة فيتوقع أن نسبة الوفيات ستزيد بمعدل 25% خلال العشر سنوات المقبلة.
في العراق سرطان عنق الرحم هو ثاني أكثر السرطانات شيوعاً، والسبب السابع لوفيات النساء بصورة عامة. أغلبية الحالات لا يتم تشخيصها إلا في مراحل متقدمة من المرض عندما يكون العلاج صعباً. في عام 2002 اصيب حوالي 500.000 امرأة بهذا المرض وماتت حوالي 273.000 امرأة بسببه، وبحسب الاحصائية العالمية للأمراض المسببة لوفاة النساء وبشكل خاص الأمراض التي تصيب الانسجة، احتل هذا المرض المرتبة الأولى كمسبب بنسبة 60% للوفيات المصابات بأمراض الانسجة.
احتمالية الاصابة بالمرض : ان احتمالية الاصابة بالمرض تختلف من مكان لأخر ومن دولة لأخرى فعلى سبيل المثال في فلندا تصل نسبة الإصابة بالمرض إلى 3.6 من كل 100.00 اما في كولومبيا فتصاب تقريبا 45 امرأة من كل 100.000 بهذا المرض سنويا، وفي ألمانيا فالنسبة تتراجع إلى 12 امرأة من كل 100.000 تصاب بهذا المرض سنويا حسب احصائية في عام 2002. كما اظهرت نفس الاحصائية ان هذه النسبة تزداد من 50 إلى 100 ضعف عند النساء اللائي لديهن استعداد وراثي، قديما كان هذا السرطان من أعلى نسب السرطانات المسببة عن طريق العوامل الوراثية. ولكن عن طريق الفحوص الدورية أمكن من تخفيض احتمال الاصابة بنسبة 25% في أوروبا.
يظهر هذا المرض على الأغلب بين عمر 45 و 55 عام، ولكن مرحلة الاصابة الفيروسية المسببة لهذا السرطان تكون قد بدأت على الأغلب بعمر بين عمر 20 حتى 30 عام. العمر الوسطي لاكتشاف المرض سريريا هو 52 عام.
كما يمكن لهذا المرض الظهور خلال فترة الحمل. وتتراوح هذه النسبة حوالي 1.2 امرأة من كل 10.000.
ان عوامل الاختطار للإصابة بسرطان عنق الرحم هي
غالبية سرطانات عنق الرحم سببها الإصابة بفيروس الورم الحلمي البشري (HPV)، والذي ينتقل عبر الجماع كما هو شائع. هناك العديد من أنواع فيروس الورم الحلمي البشري. بالإضافة إلى فيروس الورم الحلمي البشري الاصابة الأولى بهذا الفيروس تكون على الأغلب في عمر الشباب عن طريق العدوى وعلى الأغلب بسبب العلاقات الجنسية. في الغالب يبقى الفيروس لسنوات عديدة غير فعال أو بمعنى اخر يتعايش بشكل سلمي. وبحسب الإحصائيات فان احتمالية الاصابة بهذا المرض ترتفع بعد الممارسة الأولى للجنس وكما ذكرنا سابقا ان تعدد الشركاء في العملية الجنسية واهمال النظافة العامة هي من الأسباب القوية لانتقال الفيروس HPV. كما أنه من الممكن ان تطرأ الاصابة بهذا الفيروس بدون الممارسات الجنسية ولكن بصورة اقل. على سبيل المثال عند الولادة يمكن ان تنتقل إلى الرضيعة. نظريا يمكن ان ينتقل هذا المرض عن طريق الملامسة عن طريق اليد واستخدام الحمامات العامة وما شابه ولكن كل هذه الفرضيات هي في طور الدراسة ولم يمكن حتى الآن اثباتها بشكل قطعي.
و عندما يجد الفيروس نفسه في المكان المناسب والمناخ الملائم بين الخلايا القاعدية لغشاء الرحم فانه يعمل على تسخير الخلايا وكل مدخراتها البروتينية لمضاعفة حمضه النووي وإنتاج فيروسات جديدة والتي بدورها تهاجم خلايا أخرى سليمة، وذلك لأن الفيروسات لا تستطيع التكاثر وزيادة اعدادها بدون معيل وفي هذه الحال تلعب خلايا الرحم أو عنق الرحم دور المعيل هناك عوامل أخرى يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم وتشمل:
التدخين
الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب (الفيروس الذي يسبب مرض الإيدز) أو حالة أخرى تجعل من الصعب على جسمك محاربة المشاكل الصحية.
استخدام حبوب منع الحمل لفترة طويلة (خمس سنوات أو أكثر).
إنجاب ثلاثة أطفال أو أكثر
كيف يمكن اكتشاف سرطان عنق الرحم في وقت مبكر؟
يتم الكشف عن سرطان عنق الرحم من خلال التغيرات غير الطبيعية في خلايا عنق الرحم، وذلك بواسطة فحص مخبري يعرف باسم اختبار عنق الرحم أو "المسحة المهبلية". ساعد اختبار بابا نيكولا على إنقاص نسبة الوفيات من سرطان عنق الرحم، حيث يؤخذ سائل من المهبل أو خلايا من عنق الرحم ويتم فحصها بواسطة المجهر، وميزة هذه الطريقة هي اكتشاف سرطان الرحم قبل ظهوره بحوالي 5 – 10 سنوات.
يعتبر فحص عنق الرحم جزء هام من الرعاية الصحية الروتينية لكل امرأة متزوجة.
ينبغي على كل امرأة متزوجة أن تخضع لفحص عنق الرحم مرة كل ٣ سنوات على الأقل، ابتداء من السنة الثالثة بعد الزواج.
في حال أظهر الفحص تغيرات غير طبيعية في الخلايا، عادة ما يتم اجراء المزيد من الفحوصات الطبية للتأكد من الحالة.
ما هو اختبار عنق الرحم أو "المسحة المهبلية"؟
يتم اجراء اختبار عنق الرحم أو "المسحة المهبلية" لفحص خلايا عنق الرحم والمهبل. وقد تم اختراع هذا الفحص من قبل العالم اليوناني بابا نيكولا. لذلك تسمى المسحة المهبلية Pap smear أي فحص باب اختصاراً لإسم بابانيكولو. عند اجراء المسحة المهبلية، يتم اكتشاف التغيرات غير الطبيعية في خلايا عنق الرحم والتي قد تتحول إلى خلايا سرطانية إذ لم يتم معالجتها مبكراً. ولذلك تعتبر المسحة المهبلية من أهم الإجراءات الوقائية لصحة المرأة.
ويتم عمل اختبار المسحة المهبلية في العيادة من قبل طبيب الأسرة أو طبيب أمراض النساء والولادة. إذ يقوم الطبيب بإدخال أداة تسمى speculum وهي موسعة للمهبل لتمكين الطبيب من رؤية عنق الرحم. ومن ثم يقوم بأخذ عينة من خلايا عنق الرحم. يعتبر هذا الإجراء الروتيني غير مؤلم، ولكنه يتطلب التعاون من المرأة كي يتم الفحص بالدقة المطلوبة. بعدها يتم ارسال العينة إلى المختبر حيث تفحص باستخدام المجهر. وعادة ما تظهر النتيجة بعد اسبوعين من عمل الفحص. ويجب على المرأة مراجعة الطبيب أو الممرضة لمعرفة النتيجة.
الأعراض
لا توجد أعراض واضحة للعدوى بفيروس الورم الحلمي البشري في وقت مبكر (المصابات بالنوعين 16 و 18) اللذين يسببان سرطان عنق الرحم. كلما تقدمت مراحل الإصابة بسرطان عنق الرحم، تبدأ الأعراض في الظهور، وهي تشمل:
ألم في الحوض. آلام الحوض المتواصلة والتي لا علاقة لها بشروط أخرى، كالحيض، أو أي مجهود بدني، يمكن أن تكون من أعراض سرطان عنق الرحم.
إفرازات مهبلية متواصلة، والتي قد تكون شاحبه ومائية ولونها قد يكون وردي أو بني، دموية، أو ذات رائحة كريهة.
ألم أثناء الجماع. بعض النساء المصابات بسرطان عنق الرحم قد يواجهن الألم أثناء الجماع المهبلي.
نزيف مهبلي غير طبيعي هو من أعراض سرطان عنق الرحم الأكثر شيوعاً. يتوجب على المرأة أن تكون على بينة من النزيف بعد الجماع (نزيف بعد ممارسة الجنس)، والنزيف بعد الغسل المهبلي، دم الحيض الذي ينزل بغزارة غير معتادة، البقع الدموية ما بين دورات الحيض، أو حيضة إضافية أثناء الدورة الشهرية. ويجب إبلاغ الطبيب على الفور عن أي نزف مهبلي غير طبيعي.
ان الحماية من سرطان عنق الرحم هو باتخاذ إجراءات وقائية مبكرة وكما اوصت الاكاديمية الامريكية لطب الأطفال بأدراج لقاح المضاد للفايروس الحلمي البشري ضمن عمر 11-12 سنة وكذلك للإناث الذين لم يشملهن هذا البرنامج من سن 13-26 سنة اللواتي لم يأخذن هذا اللقاح من الضروري جدا من اخذه وهنالك توصيات اكاديمية من الباحثين ان يكون اللقاح بسن مبكرة للإناث من عمر 9-10 سنوات وهذا يعزز إمكانية حماية الاناث بنسبة تتراوح من 95-100%بالنسبة لسرطان عنق الرحم ونسبة 99%من داء اللؤلؤة (الفالول المهبلي الجنسي) وتقليل نسبة الإصابة سرطان عنق الرحم 70% عبر نساء العالم.
وكذلك يوصي الباحثون بإعطاء اللقاح المضاد للفايروس الحلمي البشري الرباعي للصبيان البالغين من عمر 11-12 سنة بثلاث جرعات وهي طريقة غير مباشرة لحماية ازواجهم المستقبليات من الإصابة بسرطان عنق الرحم وتساهم مساهمة فعالة في حماية النساء من انتشار هذا المرض ان فعالية اللقاح تعتمد على الاعتقادات الشائعة المحلية والنظم الصحية لتأكيد أهمية هذا اللقاح عبر التثقيف الإعلامي والتوجيهي لواضعي الخطط الصحية كما يساهم التوثيق الطبي لتسجيل الأماكن الموبوءة بهذا الرمض واتخاذ الاحتياطات اللازمة لتقليل استفحاله
تتضمن الاستراتيجية لكون العراق خال من سرطان عنق الرحم عبر تعزيز اللقاح ضد الفايروس الحلمي الرباعي البشري وتعزيز مراكز الفحص الدوري للكشف عن سرطان عنق الرحم وتعزيزها بالكوادر الصحية المدربة والخادمة لهذا البرنامج ونشر الوعي الصحي عبر المدارس الإعدادية والكليات والوصل للنساء المهمشات من اجل الكشف المبكر عنه وتقليل المعاناة والمكابدات وتحت شعار (افحصي الف مرة ولا تخسري عمرك بالمرة)
0 comments:
إرسال تعليق