ندوة عن جذور السريانية في المحكية اللبنانية والسورية


كتب نزار حنا الديراني ـ

عقدت لجنة متابعة توصيات مؤتمر العلامة جبرائيل قرداحي للدراسات السريانية ندوتها الثانية على مسرح دير مار روكز الكائن في منطقة الدكوانة - بيروت تحت عنوان ( جذور السريانية في المحكية اللبنانية والسورية ) شارك فيها  :
- الأستاذة د. هزار أبرم ( جامعة حلب ) / لهجة حلب في المصادر السريانية
- الأستاذ حبيب يونس / حضور السريانية في اللغة اللبنانية
- الأستاذ د. أمين أسكندر / دراسة لغوية للمحكية اللبنانية كلهجة سريانية
قبل البدء رحب رئيس الدير الأب أنطوان عوكر بالحضور وبين في كلمته المرتجلة ضرورة تعلم السريانية للأرتشاف من منابع تراثها الغني بالأفكار اللاهوتية بدلا من الأعتماد على الفلسفة الغربية وحدها لأن آبائنا أعطوا الكثير في هذا الحقل وليس من المنطق أن نعتمد على الآخرين لترجمة ودراسة تراثنا لذا أخذنا على عاتق ديرنا هذا القيام بمهمة دراسة ونشر تراثنا وقد أصدرنا عدة كتب في هذا الموضوع...
بعد ذلك أدرات الأعلامية ( رئيسة جمعية التواصل والحوار الانساني) أيمان عبد الملك الندوة فإستهلت حديثها بالقول :
( الدياناتُ السماويةُ في بلادِنا ساهَمَت بشكلٍ كبيٍرٍ ومباشرٍ في نقلِ الشعوب نقلاتٍ حضاريةٍ كبيرة ، ومِن المؤكَدِ أن سبَبَ تَعَدُدِها كان نتيجة ضرورية وحتمية لتطورِ المجتمعات.  لقد ساهم السريان بالحضارة العربية الإسلامية مساهمة فعّالة في نقل الفكر الأغريقي الى اللغة العربية وبخاصة الفكر الفلسفي والعلوم الأخرى، وقد اشتهر العديد منهم في هذا المجال وهوغني عن التعريف. وقد نُقِل هذا الفكر بواسطة العرب الى أوروبا في العصور الوسطى وأدى الى تطوير أوروبا في هذا المجال.) .  
كما أشارت ( تُعتَبَرُ مملكةُ الرُها أَول مملكة مسيحية في العالم،وقد اعتُبِرَت اللغَةُ السريانيةُ لُغَتُها الرسمية ولا يزالُ الباحثون حتى اليوم يَعتَبِرون أن الرُها هي مَهدُ اللغة ، فمن لهجة الرُها السريانية نقلت البشرى إلى أرجاء المعمورة... وبقيت آثارها في تواصلنا الاجتماعي الى يومنا .... )
ومن ثم قدمت المحاضرين بالتعريف عن سيرتهم الذاتية بدءً :
- بالأستاذة هزار أبرم - استاذة اللغة السريانية في جامعة حلب / قسم الدراسات الشرقية ، حيث سلطت الضوء في محاضرتها الموسومة ( لهجة حلب في المصادر السريانية ) إلى آثار السريانية في مدينة حلب السورية من حيث أسماء الأماكن واللغة ، في البداية بينت الباحثة أهمية اللغة في حياة الشعوب ( قيل اللغة مرآة الأمة كونها تمثل أفكارها وتُعرب عن أهوائها، وهي جامعة لشتات أفرادها، فإذا فقدت أي أمة لسانها تبدلت عاداتها، وتضعضعت قواعدها  فمالت للذبول والهرم . فالآراميون أمةُ عريقةٌ في القدم، كان موطنها الأول هو البلاد المسماة في العهد القديم بآرام وهي قسمان:آرام النهرين، وآرام الشام،  ولما كانت مدينة الرها المهد الأول للغة السريانية ومركز الاشعاع الحضاري والثقافي والديني لكل السريان . انتشرت هذه اللغة إلى ما وراء موطن نشأتها الأصلي بكثير في اقليم واسع غرب آسيا ، فإن مدينة حلب كانت المهد الثاني للرهاوين ولغتهم وحضارتهم التي حملتها القافلة الأخيرة من المهاجرين السريان إلى حلب سنة 1924، إذ استوعبت حلب وسكانها تلك الثقافة الواردة التي تركت أثرها في جميع نواحي الحياة فيها.)
ومن ثم تطرقت الى تأثيرها كلغة على اللسان العربي الحلبي قائلة : (... تمثل هذا التأثيربمظاهر متعددة، وكذلك أثرت في جغرافية المنطقة التي سميت بأسماء سريانية، وفي نواحي الحياة الأجتماعية عامة أيضاً، لذا هَدَفَ البحث إلى تسليط الضوء على أثر اللغة السريانية في لهجة حلب، وذلك في عدد من المظاهرنذكر منها:
1) غياب ظاهرة الاعراب في أواخر الكلمات.
2) غياب ظاهرة التثنية ما خلا بعض الكلمات.
3) ورود الفعل بصيغة الجمع مع الفاعل الجمع على عكس العربية الفصحى.
4) الابتداء بالساكن وهذا غير جائز في العربية الفصحى . 
ومن ثم ختمت بحثها بدراسة لغوية مقارنة لبعض الألفاظ من أفعال وأسماء محاولة تلمس الأصل السرياني للمفردات التي ساقتها المعاجم العربية .
- بعد ذلك تناول الآستاذ حبيب يونس وهو صحفي وشاعر وباحث عمل على مدى عشرات السنين على دراسة أثر السريانية في المحكية اللبنانية من خلال الحلقات التلفزيونية التي كان يقدمها عن طوائف لبنان والتي أعتبرها كلغة مستقلة عن العربية كونها تتمع بكل مميزات اللغة من خلال تعريفه لمفهوم اللغة معتمدا على تعاريف اشهر الباحثين من بينهم ( إبن منظور، إبن جني ، إبن خلدون ، ناعوم تشومسكي ،... ، سعيد عقل ) وأزاد الباحث حبيب يونس في حديثه بأن الفينيقيين الكنعانيين وهم سكان المنطقة الممتدة من فلسطين الى لبنان مروراً بسوريا. وبالتحديد بمنطقتين (راس شمرا، وجبيل ) بحسب ما تقول الإكتشافات الأركيولوجيي ... وكان هذا الشعب يتكلم بلغته في المنطفة ولحد القرن السابع عشر والثامن عشر ...وحتى عندما كانوا يستخدمون اللغة العربية كانوا يدونوها بالحرف السرياني ومن ثم بين الباحث تاثير السريانية على المحكية اللبنانية من خلال :
1- كلمات مستعملة في الحديث اليومي وهي من الأصول السريانية مثل (قاووش، قرواني، يطأ، شوب (الحر)، شرش (جذر) وشكارا... ) والأفعال (دقر (صدم)، سكَّر (غلق الباب)، دنّق (نظر)، فقع (انفجر)، دلف ....)  
2- تراكيب جملية مأخوذة من الأصول السريانية وهي تبدأ بالحرف الساكن على عكس العربية من بينها (كْبير، زْغير، طوال، قصار، كْتاب، بْريق، ...) 
3- أسماء مدن وقرى لبنانيية وهي من الجذور السريانية فكثير منها تبتدأ بكلمة (كْفر ) وهي بالسريانية تعني قرية أو منطقة فضلا عن أسماء فرى أخرى من بينها (شاتين ، بكفيا ، رشميا ، ...) 
4- أوزان الزجل اللبناني التي هي سريانية.
- ومن ثم بين الاستاذ د. أمين أسكندر وهو مهندس يعمل منذ فترة طويلة في جمع التراث السرياني المعماري وهو رئيس جمعية (طورلبنان ) التي تعمل جاهدة على تعليم ونشر التراث السرياني . حيث بين في محاضرته على جذور السريانية في أسماء الآماكن والقرى التي تحمل بين طياتها التسمية السريانية وقدم عدة نماذج من أسماء هذه القرى من بينها ( بكقيا ، رشعينا ، عين طورا ، رشميا ،  ....)  وأسماء العوائل اللبنانية من بينها ( شليطا ، سابا ، مرتا ، مارون ...  ) ومن ثم قدم الباحث العديد من المفردات والأفعال والجمل والحكم والتي لا زالت متداولة في يومنا وأجرى عليها تحليلاً لأصولها اللغوية مؤكدا على سريانية ما يقارب 90% من مفرداتها.
بعد ذلك أغنى نقاش الحضور الندوة بالملاحظات والمطالبة بضرورة تعليمها في المدارس كونها لغة حضارة وعلوم وكونها لغة الشعب اللبناني بأجمعه ولم تكن محصورة بفئة دون غيرها  لنشأتها قبل نشوء الاديان السماوية ( اليهودية ، المسيحية ، الاسلام ) وختمت الندوة بكلمة شكر قدمها د. كابي مدير الجامعة اللبنانية الدولية – فرع جبل لبنان الى الحضور والمشاركين والقائمين على الدير لحسن الضيافة .   

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق